خاطر ..حكاية من حلتنا .. إلي الصديقين خالد أبو أحمد وأيمو.

خاطر ..حكاية من حلتنا .. إلي الصديقين خالد أبو أحمد وأيمو.


08-24-2010, 08:37 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1282678643&rn=0


Post: #1
Title: خاطر ..حكاية من حلتنا .. إلي الصديقين خالد أبو أحمد وأيمو.
Author: محمد قور حامد
Date: 08-24-2010, 08:37 PM


حدثتني جدتي أن رجلاً تشبه أسنانه الفول المدمس سيأتي مع أبي عند عودته من صيدالفيل في ذلك العام .
كان ذلك منتصف السبعينات وشهر يوليو الممطر يحيل التبون إلي بركةٍ غمرت مياؤها كل العتامير المجاوره .
فأفرخت (رهودها) أسراباً وجماعاتٍ من طائر (فريخ أم بِط ) هذا الكائن المائي الذي اعياني وشقيقي الشهيد سالماً الأمساك به .. إلا في ذلك العام الذي جرفت مياهه كل شيئ . وألقت رياحه العاتيه أشجاراً طالما ظننا ذات يوم إنها لن تخور ! ( فالصهبايه أم صفاره والعرديبايه الحامضه ) الشجرتان اللتان ظلتا معلماتاريخياً بارزاً حول رهد التبون الكبير ( أبوكلاقي) وكل مانسج حولهما من أساطير وأحاجٍ ؛ جعل من الممكن إختراق بعض النواميس والمسلمات.. فيقع( فريخ أم بط ) ضحيةً سهلةً تحت أقدام شقيقي سالماً .. الذي خاض له أعماق (أبو كلاقي )..
فيعفصه بقدمه الأيسر ويلوح لي به ، فأنتشي أنا في الضفةِ المقابلة بهذا النصر المبين.. لطالما أعى هذا الفريخ الأمساك به كل أولاد الحله حتي أولئك الذين قدموا إلي منزلنا في ذاك العام من منطقة ( كبسور ) الخلويه ..
في ذلك العام تحطمت أساطيرٌ كثيره .. فما ظلت تحكيه لنا ( حسنه ) علي الدوام ، من أن لعب ( ود أم مصقاع ) دائماً مايتسبب في تأخير هطول الأمطار .. وإن الناس دائماً مايفقدون محاصيل حيةً وإستراتيجية بسببنا نحن الصغار ، أو هكذا كانت ترانا( حسنه ) بطبعها الخلوي الجميل .. وأحاجيها التي دائماً مانأخذها مسلماتٍ لاتقبل الجدل ؛ كانت كل تلك الأساطير قد جرفتها مياه ذاك العام ، مثلما إقتلعت شجرتى (الصهب والعرديب) .
في تلك الليلة كنا نرقب نوراً يعلو ثم يخبو فيتضاءل رويداً رويدا ،، فالمسافات هنا أوسع من إرادة الأشقياء ومساء تلك الليلة إبرٌ من شتاء تكاد تفقأ عينى خاطر .. إنه ذات الرجل الذي حكت لي جدتي ، بأن رجلاً تشبه أسنانه الفول المدمس سيأتي مع أبي عند عودته من صيد الفيل ..
في ذاك العام إمتلأت حلتنا بعاج الفيل وسبيب الزراف وأنواعٌ مختلفه من اللحوم الجافه (شرموط) معبأةً في جوالات وأخري في (أسعان ) جمع( سعن ) ..

فها هو ذا أبي يعود من صيد الفيل بعد إذ قضي شهوراً في أدغال برام والردوم وأفريقيا الوسطي ..
ففي الوقت الذي تجتهد فيه والدتي بإلباس كل بنتٍ من الحي خرزاً من ثمار شجرة الفرعون التي تشبه خرزها حبة (التمر) فتتدلي وتداعب هذه القلائد صدورهن البضه حيث إبتدع ترزية السبعينيات موضة (الميدي كلوش قداد الحوش) حيث يجعل صدر الفتاه كاشفاً بعض الشيئ .. إلا إننا في كل الأحوال لاتتجاوز نظراتنا هذه القلائد الموشاه بسيور قد أمضت في( نسعها) والدتي شهوراً وأيام ..
ففي الوقت الذي تجتهد فيه والدتي هنا .. أجدني في حيرةٍ من أمر خاطر فهو الآخر يجتهد في تقديم وتوزيع الهدايا لأصدقاء والدي .. وبخاصه أولئك التجار الكبار .. فيعطي هذا سناً وآخر سبيباً وكثيرين فضلوا شرموط من لحم أبوعرف .. ولكنه خاطر أدخل لأحد التجار تحت عبائته التي أهداها له والدي في العام الماضي .. أدخل له شيئاً لاتكاد تستبين ملامحه ..
فعرفت فيما بعد أن ذاك الشيئ لم يكن سوي قرن خرتيت المحرم صيده قانوناً ..
قال لي خاطر بعد أن تفرق الجمع يحملون الهدايا .. قال : وهو عاكفاً علي قدميه حيث يمارس هوايته المفضله في فتل الحبال .. كان ماهراً ، حدثني من تحت أسنانه وشاربه المكتئب .. وهو معضٍ علي شرائحِ من( حنكوك) السعف فيسحبها من بين أسنانه برفق ليخلص السعف الحي من (الحنكوك ) الميت فيسيل ماءٌ أصفر مما يجعل أسنانه تشبه تماماً الفول المدمس مثلما تنبأت جدتي و( وهزيت ) في دستورها ذاك الرشاش .. قال : إن ذاك التاجر الذي خصاه أبي بقرن الخرتيت ، كان يوفر لهم البارود والزخيرة لبنادق الجكسون والمقنم وحتي الجمالي ودق أم زرطه ..