سوء الظن

سوء الظن


07-25-2010, 03:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1280068390&rn=0


Post: #1
Title: سوء الظن
Author: إسحاق بله الأمين
Date: 07-25-2010, 03:33 PM

لن أنسى ذلك اليوم من عام 1997، وقد كنت بالشاطيء الأزرق بمدينة اللاذقية.عدت مساء ذلك اليوم بعد جولة في أسواق المدينة. وأبصرت شخصا حل ضيفا على الشاطيء وقد اتخذ من "الشاليه" المجاور لسكننا مكانا لإقامته، جلس الجار في الشرفة يشاركه شخص آخر تناول مشروب. إنها النفس الأمارة بالسوء، فقلت في نفسي: ربما جلس هؤلاء يشربون خمرا. في الصباح، وبعد صلاة الفجر، نزلت إلى الشاطيء لكي استمتع بجمال الصباح في ذلك المكان الرائع، فوجدت جاري الذي ظننت به سوءا يسبقني إليه ، رجل ذو وجه مشرق صبوح ، ولحية سوداء كثة، تبدو عليه، سيماء التقوى وآثار المخافة . سلمت عليه، فرد علي بتحية أحسن منها. ثم أخذنا نتجاذب أطراف الحديث. عرفني بنفسه وعمله وأنه يملك معملا لتصنيع الشوكولاتة، وجاء إلى مدينة اللاذقية لتسويق بضاعته. ذهب إلى سيارته "الفان"، وأحضر كمية متنوعة من الشوكولاته وقدمها لي ، شكرته، وزودني بعنوانه ،وأخبرني بأنه يسكن في الشام أي مدينة دمشق، ودعاني لزيارته حال عودتي إليها ، وكان موعد لقائنا المسجد الأموي بعد صلاة الجمعة. عزمت على زيارة هذا الرجل الشهم الكريم الخلوق. بعد وصولي إلى مدينة دمشق، أعطيت العنوان لسائق تاكسي، فقال: وصلت يا أخي، إنني أعرف هذا الرجل، وأنه رجل خير، شهم كريم، وسأقوم بتوصيلك إلى منزله. وأحسبها كرامة للشيخ فاروق كاتبي، فكيف لك أن تجد في موقف عام للمواصلات يموج بآلاف السيارت ويعج بحركة السائقين والمسافرين سائقا يتعرف على الشخص الذي تريد وتقصد في مدينة كبيرة كدمشق؟!. ركبت معه وأوصلني إلى منزله، وطلبت منه أن ينتظرني ليرجعني مرة ثانية من حيث أتيت، فضحك وقال: لا أظن أن صديقك سيسمح لك بالرجوع، وأنه شخص كريم، على كل حال: اذهب إليه وسأنتظرك. استقبلني صديقي بحفاوة بالغة وقلت: جئتك زائرا تلبية لدعوتك وإيفاء بوعدي . فرحب بي وشكرني، فقلت: أن سائق التاكسي واقف ينتظرني ليرجعني ، ضحك وقال: لقد وصلت ولات ساعة رجعة الآن : فقلت : لدي ارتباطات أخرى وأشياء كثيرة تستوجب عودتي حالا ، إلا أنه أصر علي ولم تجد الأعذار التي سغتها لإقناعه، وذهب معي لسائق التاكسي، سلم عليه وشكره ثم أمره بالإنصراف . مكثت مع صديقي النادر اسبوعا كاملا تعرفت خلاله على رجل فريد وشيخ عظيم. عرفني بكبار علماء الشام أمثال الشيخ عبد الرحمن الخطيب والشيخ اللحفي، والشيخ أحمد الخطيب، وقدمني إلى شيخه الجليل عبد الرحمن الشاغوري، شيخ الطريقة الشاذلية في منطقة الشام، وقد أمضى الشيخ فاروق خمسة وعشرون عاما ملازما وخادما له ، فاستفاد من غزير علمه ونبيل صفاته، وكان دائما يردد : "أن من جالس جانس"، أي أنه تأثر بشيخه كثيرا وصار نسخة منه. كما تعرفت على شيخ المنشدين في سوريا وعلى كثير من الرجال الأخيار. وطفت معه على جميع الأماكن والمناطق الأثرية التي يقصدها السواح خاصة الإسلامية منها. إن الشيخ فاروق كاتبي علم في رأسه نار، يقصده الراغبون في الزواج ويشفع لهم، وقد تم على يديه أكثر من مائة زيجة، كما يقصده الرجال والنساء لمعالجة الخلافات الزوجية، وغالبا ما يحالفه التوفيق في حلها لما حباه الله به من حكمة وقبول لدى الآخرين.
يبدأ يوم الشيخ بصلاة الفجر في المسجد، والجلوس في حلقات الذكر التي تستمر إلى طلوع الشمس، ثم يتناول الجميع الإفطار و يتفرق القوم في شكل مجموعات والذهاب لإقامة مجالس الصلاة على الرسول في المنازل، والتي تستمر أحيانا إلى أذان الظهر .
رجل ظننت به سوءا ، فكان من عباد الله الصالحين، استضافني في بيته سبعة أيام وعرفني على كبار علماء الشام وطاف بي جميع الأماكن الإسلامية ، فزجرت نفسي الأمارة بالسوء ولمتها على سوء ظنها ، ومن تلك الواقعة لم يعد ظني بالناس إلا خيرا .
الرياض 22/7/2010

Post: #2
Title: Re: سوء الظن
Author: إسحاق بله الأمين
Date: 07-26-2010, 01:15 PM
Parent: #1

كثيرا ما نسيء الظن بأناس لو إتيحت لنا الفرصة كاملة للتعرف عليهم عن قرب لصدرت أحكامنا عنهم مغايرة ومخالفة لهوى النفس الأمارة بالسوء .

Post: #3
Title: Re: سوء الظن
Author: لطفي علي لطفي
Date: 07-27-2010, 10:46 PM
Parent: #2

سلام يا اسحق بله

فسوء الظن بالناس خطيئة تفوح و سوء الظن بالله خطيئة لا تغتفر, او العكس هو الصحيح, فلنكبل خواطرنا لان عيوبنا تفوق عيوب غيرنا فلا نراها او نبرر لها
فلقد قال الشاعر الصوفي

شغلي بعيوبي هو خير دروبي

و لقد قال المسيح عليه السلام

يا مراي لا تقل لاخيك ان في عينك قزي, اخلع العود من عينك فانك لن تري القزي في عين اخيك

تسلم

لطفي