تنعي الجبهة السودانية للتغيير بكل مشاعر الحزن والأسى رحيل الباحث والكاتب الأستاذ المحامي طه إبراهيم جربوع، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد عمر مديد في مقارعة الديكتاتوريات والشموليات ودفع ثمن ذلك باهظا خصما على موارد رزقه وحريته واستقراره. دفع فقيد الكلمة حريته ثمنا لمواقفه تشريدا من مهنته التي أحبها، في عهد الديكتاتور جعفر النميري، اعتقالا وتشريدا لمواقفه الواضحة في مجال حقوق الإنسان والعمل النقابي ونقد الفكر الديني والإسلام السياسي وتصديه لكثير من قضايا الرأي العام دفاعا عن الحق وانتصارا للحقيقة. حارب الفقيد الدولة الدينية والاستبداد الديني منذ عام 1983، ونتيجة لذلك تم اتهامه بالردة. صدر لفقيد الوطن الكثير من الأعمال القانونية والمؤلفات منها: هذا أو التخلف، هل تصلح الشريعة لهذا الزمان، السودان إلى أين، بين إفراط نميري وتفريط الأحزاب، ماهية وطبيعة القيود الدستورية على الحقوق والحريات، الهوية السودانية وعلاقة الدين بالدولة، حق القوميات في حكم ذاتي داخل أممها، الحق في حرية الدين والعقيدة، الحق في حرية التعبير، مشروع قانون علاقة الدين بالدولة، مساهمة في حل أزمة العقل العربي المسلم، أصول بديلة للفقه وللفكر، افول شمس الفقه الأصولي السلفي، القوانين غير الدستورية في السودان. ونحن إذ ننعاه إنما ننعي فيه إلتزامه الصارم تجاه قضايا الحريات الخاصة والعامة والدفاع عن مبادئه التي آمن بها ودافع من أجلها، ولم يلن أو تنحني له هامة أو يجزع له يراع أو يهرق مداده زبدا جفاءُ، فكان بحق فارس الكلمة الصادقة والرأي السديد. إن رحيله بعد هذه الرحلة الطويلة والمشرفة في التصدي والدفاع عن حرية الضمير والكلمة واستقلال مهنة القانون وسمو مكانة الدستور يعتبر خسارة كبيرة للشعب السوداني، وللعاملين في الحقل القانوني عامة الذين ما زالوا يقارعون الطغيان والإستبداد من أجل أن يسود الدستور والقانون وقيم العدالة والمساواة والإنصاف في سودان الغد. إلا رحم الله فقيد الوطن الأستاذ المحامي طه إبراهيم جربوع، وألهم آله وأسرته وأصدقائه وقُراءه وقبيلة المحامين والقانونيين والكتاب والمثقفين الصبر الجميل، ولا نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون. صدق الله العظيم. الجبهة السودانية للتغيير 09/أبريل/2017