خير بين الاستعباد والتحرر يامناوى

خير بين الاستعباد والتحرر يامناوى


03-29-2007, 05:00 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=3&msg=1175140842&rn=0


Post: #1
Title: خير بين الاستعباد والتحرر يامناوى
Author: Bulabek Biong
Date: 03-29-2007, 05:00 AM


الأخ مناوي بين خيار البقاء في القصر أو العودة للبندقية

سارة عيسي
[email protected]

نحن الآن نعاني من عقدة نفسية تُسمى بالأمن المركزي ، وهو نوع من الأمن قائمٌ في مدن بعينها ، ينتشر حسب نوع المدينة كماً وكيفاً ، وهو أيضاً معدوم في مدن أخرى ، لاحظت في الأيام الماضية ، ومن خلال متابعتي لما يُكتب في الصحف عن حملة حي المهندسين ، أن الخوف من ظاهرة التسلح اقتصرت على مدينة الخرطوم فقط ، أما وجود هذه الظاهرة في مدن مثل الجنينة والفاشر ونيالا وحتى في جوبا فهي أمر تم تجاهله تماماً من قبل وسائل الدولة الإعلامية ، أو حتى من قبل الذين يروجون لثقافة الأمن المركزي المنكفئ على العاصمة الخرطوم ، والسر في ذلك ليس مخفياً ، فهم لا يحمون الوطن أو المواطن كما يزعمون ، بل يحمون مصالحهم ، شركاتهم ، وجودهم الاجتماعي ، وكل ذلك موجود في الخرطوم .

غياب دولة المركز التي تتعامل بتوازن واحد مع كافة مكونات الأمة المختلفة هي السبب الأساسي لنشوب الحرب الأهلية ، القانون لم يُخلق لمصلحة ( أ ) من الناس ، الذين هم الأقوياء والنخب ، فيأتي ذلك على حساب الضعفاء والمظلومين ، وعندما يشعر المواطن بأن طريق العدالة الذي توفره أجهزة الدولة مغلق في وجهه ، فلا خيار لديه سوي أخذ القانون بيده وتطبيقه كيف يشاء ، حادثة المهندسين الأخيرة ، غير أنها قضت على اتفاقية نيفاشا ، إلا أنها وضعت جدل كان يدور في السر ثم أنتقل إلي العلن ، هناك عدم توازن في أجهزة الدولة الأمنية ، بالذات في القضايا التي يكون فيها طرف من الجنوب أو من غرب السودان في أغلب الأحيان ، لا يعني ذلك أن أهلنا في الشرق تعاملهم الإنقاذ بمحبة ولطف ، فهم قبل عامين دفعوا مزيداً من أرواح الشهداء على خلفية مطالبتهم بلقمة عيش شريفة من خلال العمل في الميناء ، هذه الحساسية الزائدة هي التي أدت إلي وقوع مجزرة المهندسين الثانية ، ليست في القاهرة كما حدث في السابق ، لكن هذه المرة في قلب أمدرمان ، عاصمة الخلافة المهدية ، فقد كتب الله على المهمشين أن يعيشوا العذاب بصوره المختلفة ، أينما رحلوا وكيف ارتحلوا .

عندما نشب النزاع في دارفور لم تتقاعس الحكومة عن نصرة المظلومين وكفى ، بل أصبحت طرفاً فيه وغذته بالأموال والسلاح ، فوقع الضرر على طائفة كبيرة من الناس ، لجأ هؤلاء المغبونين إلي أجهزة الدولة ، مثل الشرطة والنيابة والقضاء ، وقد شكوا مظلمتهم ، فهم قد تعرضوا للأذى بشكل يزيد عن الذي تعرض له ابن الموسيقار الرئاسي الذي خاضت الإنقاذ من أجله حرب حي المهندسين بأمدرمان ، أتعلمون ماذا كان نوع الرد الذي أعدته تلك الأجهزة لمواجهة مثل النوع من الشكاوي ؟؟ اعتقلت كل من بث شكواه بتهم ملفقة وقد أغلقت في وجههم سبل العدالة ، أصبح المجني عليه هو الجاني ، والقتيل في القبر بينما يمشي قاتله حراً طليقاً وقد عدَ كل ذلك نصراً أتاه من السماء .

نعم تنفست صحف الخرطوم الصعداء ، وبدت تباشير الفرحة على كتاب الأعمدة الرطبة كما يقول المبدع الأستاذ: هاشم صديق عندما وصفهم في أحد المرات ، ما حدث في المهندسين أيضاً يُعتبر نصراً من السماء ، يُضاف إلي انتصاراتهم السابقة ،فمنذ 1989 لم يتعرضوا لهزيمة واحدة ، لم يقل هؤلاء الأوصياء أن مغاوير الشرطة قد هاجموا – في نظر العرف الحربي – مستشفي يعجُ بالمعوقين ، مائة عربة مصفحة وثمانية دبابات ومدافع هاون لمواجهة من ؟؟ ، وكيف تسنى لجهاز الشرطة وهو جهاز مدني أن يمتلك كل هذه الأسلحة الفتاكة ؟؟ كل هذا السلاح قد اُستخدم في غزوة المهندسين ، وكثرة هذا السلاح وتنوعه عزاها البعض إلي خوف هؤلاء الجنود الأشاوس من خسارة المعركة ، والتي الطرف المقابل فيها أما مقعد أو جريح .

زاد الطين بلة ، المؤتمر الصحفي الذي عقده الأخ /مناوي ، قائد الفصيل المُوقع على الاتفاقية المقبورة ، الأخ مناوي لا يريد الكثير ، فقط تسلم جرحاه عن طريق طرف ثالث ، ووقف حملات الدهم والمطاردة والاعتقال التي نالت من معظم أعضاء حركته ، ضعف الطالب والمطلوب ، التوسلات لن تعيد الدم المسكوب ، ورائحة اتفاقية أبوجا المنهارة لن تعيد دفء الحياة للذين قُتلوا وطُمرت جثثهم بين الأنقاض ، وأهل الإنقاذ عندما قاموا بمثل هذه الفعلة لم يتوقفوا كثيراً أمام الشارات الحمراء لهذه الاتفاقية ، الحرص يجب أن يقابله حرصٌ في المقابل ، ونحن علينا بما نراه في الأرض وليس بما هو مكتوب على الورق ، لم يحدث في تاريخ الإنقاذ وهي تحارب كافة أبناء المجتمع السوداني أن أوصلت رسالة بهذا المستوى من البلاغة والشفافية ، قصة ابن الموسيقار الرئاسي الذي يُقال أن حراس منزل المهندسين قد تحرشوا به ليست إلا كذبة الغرض منها ذر الرماد في العيون ، حادثة التحرش المزعومة لن ترتقي إلي أهمية بقاء اتفاقية أبوجا على قيد الحياة .كنت أتوقع أن يقدم الأخ مناوي استقالته من هذه الحكومة ، أو على الأقل الاعتكاف لمدة من الزمن ليعرف مصير حركته بعد هذا الحادث ، فاتفاقية أبوجا من وجهة نظري هي حصان طروادة ، فإن عجزت حكومة الخرطوم في قتل قيادات الحركة واعتقالهم على هذا النحو المشين وهم في لبوس الحرب في صحاري دارفور وقفارها ، فكيف يرضى الأخ مناوي أن يُذبح هؤلاء النفر كالخراف أمام نظره وسمعه في قلب أمدرمان وهو يعمل مساعداً للرئيس الذي لا يستشير أحداً عندما يقرر الحرب ؟؟ ، قد أتضح جلياً أن الأخ مناوي لم يعمل حساباً لمثل هذه الظروف الطارئة وعلق كثيراً من الآمال على اتفاقية أبوجا ، فالتفاؤل مطلوب ولكن ليس على هذا النحو الذي يفرط في الحقوق ، ويبدو أن الأخ مناوي دخل في هذه التجربة وفقاً لوعود كاذبة ومن غير أن يستعين بمستشارين مخلصين ، فالإنسان عندما ينغمس في السلطة لا يرى الكثير من الحقائق ، لكن رب ضارة نافعة ، وأتمنى أن يكون الأخ مناوي آخر من يؤمن باتفاقية أبوجا ، هذه الاتفاقية قسّمت الرأي العام في دارفور إلي قسمين ، وجعلت أهل الإنقاذ يتحدثون عن أكثرية موقعة على الاتفاق وأقلية تنبذه ، الآن الكل سواسية ،لا يملك الأخ مناوي خياراً سوى خيار البندقية ، أفضل أن تموت في ميدان الوغى بكرامة من أن تُقتل غيلةً وغدراً في أزقة الخرطوم .

سارة عيسي