الانقاذ .. (الخيلاء الايدولوجي) ..وعتبات السقوط

الانقاذ .. (الخيلاء الايدولوجي) ..وعتبات السقوط


03-18-2007, 11:40 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=3&msg=1174214408&rn=0


Post: #1
Title: الانقاذ .. (الخيلاء الايدولوجي) ..وعتبات السقوط
Author: نزار عبد الماجد
Date: 03-18-2007, 11:40 AM

الانقاذ .. (الخيلاء الايدولوجي) ..وعتبات السقوط




قبل أن يعتلي (ثلة من العسكر) سدة الحكم في يونيو ،1989 كانت المشاكسة الفكرية تعصف باذهان الكيان الإسلاموي على مستوى النافذين فيه للحيلولة دون فشل هذا (الاعتلاء) ، من واقع مدروس وممنهج من كافة المنتسبين وقتها للحركة الإسلامية، بضرورات تبيح لهم الحصول على السلطة وفقا للظروف المتوفرة حينها لتحويل الجدلية الفكرية لهذه الضرورة لانماط متعددة من خلال هذا (الخيلاء الايدولوجي) _خاصتهم _ المنزوع منه التراكم الطبيعي لصيرورة الاخلاق . وذلك بحشر دولة باكملها .. بكل مقومتها رغم أنف من فيها في مستودع الافكار المنتجة لايدولوجية الحركة الإسلامية، وفقاً لما يمكن للبعد النظري المستوطن دعائم تأسيس الحركة الإسلامية، والمنغمس في تشكيل ذات روحية تتراص بدقة متناهية جوار آليات متعددة لتحقيق غاية أسترخصت من أجلها المسميات والقيم والمبادئ ،وسلوك دين قويم صار في اخر المطاف متقاذف في اروقة دهاليز الترغيب والترهيب والإستثارة والإتجار ومن ثم تحول لعباءة تحكم الالتصاق بجسد عارٍ ..في غير ما حشمة.

الطريق الطويل للحظو بالدولة ومن ثم القوة لقهر المعطيات العديدة لمجتمع سوداني متعدد إثنياً وثقافياً ومتشكل في ظروف متعاكسة، إنعكاس الحالة ووصفها، وطبيعة تشكلها. ومتجاذب بين التأفف (الحضري) ،والتململ (الريفي) ،و(المهمش) المذعور من إنفلات فرص التحول إلى احد النمطين السابقين ،وسط الحظوة الاجتماعية المؤسسة على ما هو قبلي وعشائري، وديني متصوف وأخر منغلق طائفياً وأخر متطرف . الشئ الذي قاد لاشكاليات فيما تأسس لاحقاً من مؤسسات سياسية، لا تجيد الهرب مطلقاً من جملة هذا الوصف الاجتماعي كثير التقييد قليل الفائدة.

أسهمت حالة التدين القصوى في اجتذاب لأفكار عديدة للبحث عن ادوار صعبة المنال ، وفقاً لشكل النخب المتشكل على اساس الوصف الاجتماعي للمجتمع والدولة وهو الشئ الذي جعل السيطرة على دولة شاسعة ممتدة كالسودان أمراً سهلاً على الاتراك والانجليز، من خلال تفهمهم لهذا التنميط الاجتماعي (الشاذ) والمعتمد على منظور (إذا لم تكن الأول فلا تكن الأخير) .

مباشرة وبتفاصيل مملة تمر على الجميع يومياً مكنت الدولة (بقوتها) من هم بالسلطة الأن في فرض سيطرة مطلقة على كافة أوجه المجتمع ، بتوفر وسائل وأساليب (القوة القهرية) المملوكة للدولة، والمسخرة لمزاجية من يحكم في كل الاوقات . فكان اهتبال المزيد من الفرص لمزيد من حشر الدولة في المشروع (الإسلاموي) بكل ما تعرف به الدولة .. الأرض والشعب والموارد . لذا كان من المفهوم لدى المحللين والمراقبين نجاح اسلوب الرد ب(القوة المستمرة) الذي أتبعه د. جون قرنق وفقاً للمعطيات والمتطلبات التاريخية للاقليم الذي ينتمي إليه ،ومحاولة استنساخ نماذج لذلك في اقليم دارفور وشرق السودان الشئ الذي فرض على (المؤتمر الوطني) أخر واجهات الحركة الإسلامية للتنازل هنا وهناك مرغما وفقاً لتدخلات (القوة المقابلة) في أس التنازع إضافةً لتهتك عباءة الدين تلك الملتصقة بذاك الجسد العاري ، وبروز أوجه الصراع التاريخي للمجتمع السوداني داخل الحركة الإسلامية نفسها (القبلي والعشائري)، ولكن ممزوجاً هذه المرة بكنز (الموارد المستباحة) والمحروس جيداً بغول الطمع.

هذه الشبكة من تقاطعات المصالح المؤسسة على نظرية (إن لم تكن الأول ..فلا تكن الأخير) ماأنفكت في مجهر المصالح الخارجية الاقليمية والعالمية، تاسيساً على متطلبات السياسة الدولية المرتكزة أيضاً على (الخيلاء الايدولوجي) ، بطرائق أشد حنكة وقسوة لامتلاك (القوة القهرية المطلقة)، وخياطة ثوب الطاعة والارتهان لمنظور (القوة الامريكية المنفلتة)، نسبةً لغياب التكافؤ في زحمة المطامع والحوجة لما تبقى من المنظومة الاشتراكية،والتربص الصيني المحرك لملفات القلق الأمريكي هنا .. وهناك ووفقاً لمنظور (القوة المقابلة).

فكان طبيعياً أن تئن كافة شرائح المجتمع والمكتوون من غرائب الهجرة والوطن المسحوق ليظل التوجس من القوة وتحركاتها الذكية والمناورة أسلوباً عالمياً للتسلط على المتسلطين لضياع منظومة المجتمع المدني ،واستلابها وقولبتها في (تقابل وتضاد القوة) هنا وهناك، معتصراً من تبقى بين هذا .. وذاك . وتظل لغة القوة المطلقة العالمية (فزاعة) من يمتلك معيار القوة المحلية للتشبث والتنازع والظفر بأكبر قدر من السلطة، طالما ظل الشعب (مستأنساً) والموارد (مستباحة) .. فلا ضير بمزيد من الأملين في الزحف من دائرة (الهامش ، الريف ، الحضر) ،لثوب الطاعة (الداخلي) بأوقات أشد صعوبة إزاء مشاريع محتملة لقوة قابلة للتشكل واحداث نسيج اجتماعي جديد.والولوج مباشرةً لمشروع ضمان الاستفادة من هذا التنازع المستمر للعقول الخبيئة في السلطة والمال الغير معلن، مما يخلق حالة من الامتلاك لقوة محلية مهددة بقوة مطلقة .ويفجر من أزمة الكبت السلطوي لنافذي الدولة القوية محلياً في نوع من البحث عن مزيد من الضمانات بعيداً عن الأذى ،وغول الطمع، والعبث القبلي والعشائري المستمر ،وما يمكن أن ينشا من قوى مقابلة، وما يمكن أن يظهر من تغول للقوة المطلقة على اخلاق اللعبة نفسها، والشئ الذي تناساه وعلى مر التاريخ جملة من حاولوا العبث بحياة البشر (نسبة الخطأ ).

السودان بلد مثير للدهشة أو كما أدعوه (بلد اللامطق واللامعقول) ،وخاتمة الاشياء يقيني بأن الله سبحانه وتعالى هو من (ينقذ) البشر.