الى عزيزتى الخرطوم التى لم اعد احبها

الى عزيزتى الخرطوم التى لم اعد احبها

سيدتى الخرطوم,
تحية و بعد,

لم اعد احبك كسابق عهدى, هل لأنى كبرت و قرات لجورج ارويل و ارثر ميلر و شاهدت سيد الخواتم ام لأنك تلبسين الأسود مساءا لأحد غيرى. كنت افتخر بك و دوما اردد ان أكثر المدن امنا هى انتى, و لكن القلق صار يعتمل فى داخلى منذ ذاك الاثنين الأسود كثوبك الذى ترتدينه لأحد ما.
يرتفع وجيب قلبى مع الطلقات النارية التى عادة ماتجئ فى منتصف الليل, لست متاكدا من انها طلقات, ولكن اذنى حتما لا تخطئها, و اتسائل " يمكن ان يكون عقد قران" و ابتسم مرددا " انه منتصف الليل و عقد القران فى بلادى لا يكون فى مثل هذا التوقيت. قبل ايام طلب منى عمى ان لا اتاخر كثيرا مساءا قائلا " لا احد يعلم مالذى سيحدث" عبارة عادية ماكان ليقولها قبل شهور و لكنه القلق و الخوف.
قبل عدة اشهر كنت قد ساعدت احداهن فى التقديم لمنحة دراسية فى دولة اوربية, و كنت اتسائل ان هذه الفتاة اذا حالفها الحظ ستذهب وحيدة الى تلك الدولة, قد تلتقى سودانيين هناك, فهم موجودون فى كل الارجاء حتى ان احدهم اخبرنى ذات مرة انه ذهب الى سيبيريا فوجد سودانى هناك فانفجر ضاحكا. و لكن ياسيدتى الخرطوم هذى الفتاة ان حالفها الحظ قطعا ستجد مكانا افضل منك امنا, و ليس من المهم برود اهله و لكن الامن والسلام هو الاهم.
حتى انا ارغب فى ان ابحر بعيدا عنك و ساظل احاول ان اهجرك, قد افلح ذات يوم فمعظم شباب بلادى لم يعودوا يحبونك.
كل الذى تبقى منك ياسيدتى لقاءات مسائية نتجاذب فيها اطراف الحديث من الهلال و المريخ مرورا بالشعر و لماذا رفض جورج جرداق ان تجرى ام كلثوم تعديلا على رائعته (هذه ليلتى) و كيف اقنعها ان قصيدته ستعيش اكثر منها, و نبتسم و نفترق عند منتصف الليل, فتتسارع خطواتى تجاه البيت و انا اتلفت فى الشارع المظلم, و انام ملء جفونى و لكن يقينى يزداد كل يوم باننى لم اعد احبك ياسيدتى ياخرطوم.


الخرطوم – ظهر الاثنين 19/2/2007

# استجاب الله لدعائى و انتقلت بعيدا عن الخرطوم مسافة 1200 كلم فى 23/2/ 2007