Post: #1
Title: إنتشار العنف في الموروث الثقافي السوداني
Author: Mirghani Ali AlAmin
Date: 03-15-2007, 11:52 AM
مقتطفات من مقال جعفر بامكار محمد في سودانايل
انتشار العنف في الموروث الثقافي السوداني وأكذوبة ثقافة السلام جعفر بامكار محمد بسم الله الرحمن الرحيم (1) من الملاحظ أن ثقافة الحرب والعنف وتمجيدها والاحتفاء بهما منتشرة بشكل واسع وطاغي وبكل تفاصيلها في الموروث القافي السوداني وبشكل ملفت للنظر يدعو للعجب والاستغراب في كل مجالات ومظاهر الثقافة كالشعر و الأغاني الشعبية والرقصات ومفردات اللغة وضروب السلوك والمفاهيم والعادات والتقاليد والأمثال والقصص والأساطير وذلك عند كل مكونات و أعراف قبائل السودان شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً مع غياب شبه كامل لما يسمي بثقافة السلام إن كان هنالك أصلاً شئ اسمه ثقافة السلام . دعونا نتوقف عند هذا الشعار الرنان الطنان شعار ثقافة السلام والذي كثر استعماله هذه الأيام وبكثرة وبشكل مبتذل بواسطة أجهزة الأعلام المختلفة . ما معني شعار ثقافة السلام شعار خادع وكاذب وهو شعار تكذبه الوقائع علي الأرض ويكذبه الشعب السوداني الفضل . لماذا نصر علي قول مالا نفعل أو علي قول عكس ما نفعله ؟ . ظاهرة تمجيد العنف وانتشارها في أوساط السودانيين واللجوء إليه بأقل الأسباب والإسراف فيه ظاهرة مقلقة وخطيرة بحكم تفسيرها للنفسية السودانية المركوزة في الوجدان . وهذه الظاهرة نتيجة منطقية لتراكمات تاريخية قاسية ومأساوية مرت بها كل مكونات الشعب السوداني وكان رد الفعل لكل ذلك الاحتفاء والتمجيد لصفات البطولة والبسالة والقتال واللجوء للعنف لحسم الأمور بدلا من اللجوء لأي وسيلة أخري اقل عنفا . ( 2 ) ظاهرة الحروب والعنف في السودان باختصار عبر حقبة طويلة من التاريخ كان الشعب السوداني بمجموعة في حالة حرب مستمرة وذلك مع غياب الدولة المركزية وغياب القانون والنظام واليات الضبط الاجتماعي وكان السلام هو الاستثناء . السودانيون كانوا عبر التاريخ في حالة حرب مستمرة مع الأعداء الخارجيين قليلا وفي حروب داخلية أهلية مدمرة مع بعضهم البعض اغلب الأوقات ولأسباب تافهة كان يمكن معالجتها بقليل من الجهد لولا استعدادهم النفسي لاستعمال العنف . لو استعرضنا التاريخ القريب للسودان دليلا باختصار شديد منذ التركية لكفانا دليلا لمسارعة السودانيين باللجوء للعنف ناهيك عن التاريخ القديم الهمجي الملطخ بالدماء والأشلاء و المليء بالأحقاد بين مكونات وقبائل السودان . إن هذا التاريخ المختصر يدلنا علي مدي تفشي ظاهرة اللجوء للعنف ونتائجها الكارثية . ............................. بعد ذلك جاء الحكم الثنائي – البريطاني المصري وافتتح عهده بمجزرة كرري الكبرى والتي سميت بغير حق – معركة كرري – لأنها حقيقة لم تكن معركة بل كانت مجزرة بمعني الكلمة اعدم فيها حتى الجرحى في الميدان وتجاوز عدد الضحايا ستة عشر ألفاً وقد عرف البريطانيون أنفسهم بأنهم لم يهزموا الأنصار بل قتلوهم وأبادوهم بالة الحرب الحديثة التي لم يكن للأنصار قبل بها – ثم استباح الغزاة أم درمان لثلاث أيام ارتكبوا فيها الفظائع ونبشوا قبر المهدي عليه السلام واستخرجوا جثته الشريفة . لمدة ستة وخمسون عاما هي عبارة عن الحكم الاستعماري هدأ الشعب السوداني واستكان نسبياً لا خوفاً ولا حباً ولا مهادنةً للمستعمر ولكنهم تعبوا من الحرب وفظائعها والعنف وآثاره واصبحوا في حاجة ماسة لفترة قصيرة للراحة حتى يمكنوا من لملمة أطرافهم ومداواة جراحاتهم . بعد خروج الاستعمار مباشرة انتهت إجازة الراحة من العنف فعاد السودانيون لعادتهم القديمة فاشتعلت حرب الجنوب وبدأت طاحونة القتل والقتال واستمرت خمسون عاما حصدت فيها الملايين من القتلى و الجرحى وشردت وهجرت الملايين ودمرت الاقتصاد واتت علي الأخضر واليابس ثم انتقلت من الجنوب لدارفور ولا زالت تفعل فعلها هناك وقد تنتقل في أي لحظة لأي مكان آخر بالسودان كما حدث بالشرق وجبال النوبة والنيل الأزرق و أمري . ( 3 ) علامات العنف في الموروث الثقافي السوداني الشعر الشعبي السوداني في مجمله سواء كان مدحاً أو مناحة يمجد العنف والأفعال العنيفة ويمدح الفرسان والشجعان الذين هم آلة للقتل والقتال وكذلك تفعل الحكامات في غرب السودان كما ينتشر هذا التمجيد في فنون الغناء والمقطوعات الموسيقية الحماسية وكذلك في الدوبيت و أغاني البنات بالأرياف. 2- انتشار العنف اللفظي والفعلي داخل البيوت السودانية بين الرجال والنساء والكبار والصغار . كذلك ينتشر العنف اللفظي والفعلي بالشوارع ودواوين الدولة والأسواق ودور الرياضة والجامعات .
3- ظاهرة العنف المتفشي في الخلاوي والمدارس : والأساليب القاسية والمؤلمة التي تستعمل لتأديب التلاميذ والتلميذات الصغار خصوصا وسيلة الجلد المهينة بجانب ما يرافقها من الألفاظ النابية التي تحقر هؤلاء الصغار – بئس التربية . 4- .............. 5- العدد الكبير حدا من أحكام الإعدام : التي تنفذ بحق سودانيين ارتكبوا جرائم قتل لأسباب مختلفة . لقد صرح الدكتور / عثمان احمد المأمون مدير الخدمات الطبية بالسجون بالبحر الأحمر وهو الطبيب المسؤول لسجن بورتسودان صرح لصحيفة بورتسودان مدينتي العدد ( 58 ) بتاريخ 20 يناير 2007 م وهي صحيفة تصدر ببورتسودان صرح هذا الطبيب بأنه اشرف علي تنفيذ بعض أحكام الإعدام بحق ثلاثمائة مدان بحكم عمله خلال عامين أي مائة وخمسين حالة إعدام في العام الواحد . تري كم عدد الذين ينفذ فيهم حكم الإعدام بكل السجون بالسودان كل عام ؟ - لا شك أن العدد كبير جدا وقد يضعنا علي راس قائمة الدول التي تنفذ أحكام الإعدام في العالم . لقد سمعت أن متوسط أحكام الإعدام التي تنفذ كل عام بالولايات المتحدة لا يتجاوز الخمسين تنفيذا بالحكم كما انه لا يوجد أي تنفيذ لمثل هذه الأحكام في كل أوربا . لقد فقنا العالم اجمع في هذا المجال أو علي الأقل فقنا الولايات المتحدة بلد الإجرام والمافيا وعدوتنا اللدودة ولن تستطيع أن تلحق بنا في هذا المجال في المستقبل القريب . أن اغلب الذين تنفذ فيهم أحكام الإعدام هم شبان صغار في مقتبل العمر وأسباب ارتكابهم لجرائمهم أسباب تافهة جدا لا تتجاوز مسالة قال لي وقلت له وعاين لي ودفرني وشتمني وضربني وغيرها من الأسباب الهايفة . وهؤلاء الشباب الذين يعدمون كل عام هم نتاج طبيعي للعنف المتفشي في المجتمع السوداني و بشكل واسع كما أوضحنا . من لم يضرب أو ينضرب أو يفلق أو ينفلق أو يعض أو ينعض ؟ وهكذا أشكال وألوان من العنف السائد . 6- عشق بعض السودانيين : تسمية أبنائهم علي حيوانات متوحشة ومفترسة كالأسد والنمر والفيل والتمساح والدابي والجاموس والصقر وغيرها بل هنالك اسر سودانية كبيرة مشهورة بهذه الأسماء ويستحيل أن تجد سودانيا يسمي ابنه أرنب أو فار أو نعامة أو غزالة أو هدهد أو غيرها من الحيوانات الضعيفة أو المسالمة وهذه إشارة واضحة لإعجاب السودانيين لمظاهر العنف والوحشية ونفورهم من الخور والضعف . 7- ما يسمي برقصات القبائل السودانية : لا علاقة لها بتاتا بفن الرقص المتعارف عليه عالميا . فالرقص فن عظيم له أصوله وقواعده وهو تعبير بالجسد مع الانسجام مع الموسيقي . وفي هذا المجال أتمني من المختصين أن يشرحوا لنا ما هو الرقص . أما أنا شخصيا فلا اعتقد أن هناك رقص بل هناك عرضه أو استعراض عسكري ونحن عن طريق الخطأ سميناه رقصاً . هل شاهدتهم رقصة قبيلة الشلك حيث تأتى فرقة القبيلة وهي تحمل آلات الحرب والقتال من حراب ودرقات ويلبسون جلود الحيوانات ثم تقوم هذه الفرقة بحركات قتالية وكأنها داخل معمعة . هل هذا رقص ؟ هل شاهدتم ما يسمي برقصة فرقة البجا ؟ ألم تلاحظوا الكم الهائل من السيوف كأن هذه الفرقة ذاهبة أو عائدة للتو من معركة تاماي الكبري . ؟ هل شاهدتم ما يسمي بفرقة النوبة ؟ ألم ترونهم يحملون قرون الثيران علي رؤوسهم وهم يقلدون الثور ذلك الحيوان الهائج العنيف إن هذا الأمر أي تحول ما يسمي برقصات القبائل إلى استعراضات عسكرية عنيفة ليس محصورا بالشلك أو البجا أو النوبة بل شائع عند القبائل السودانية وهو تعبير صارخ عن العنف الكامن في وجدان هذه القبائل وهو أمر لا علاقة له بتاتا بفن الرقص . - لنتوقف قليلا عند قبيلة الجعليين : وهي قبيلة سودانية عريقة واسعة الانتشار والتأثير ولنتوقف عند عادة البطان عندهم وهي عادة صارخة بالعنف وممارسة في غاية الوحشية وهي تمارس في مناسبات الأعراس ويقوم بتنفيذها العريس وينفذها في اعز أصدقائه الذين يشاركونه في عرسه وهي مناسبة العمر . – هذا العريس – بدلا أن يقدم الرياحين والورود والأزهار ويهديها لأصدقائه بهذه المناسبة السعيدة يحمل سوطا ويلهب به ظهور أصدقائه حتى تسيل منها الدماء . عند هذه الممارسة تقوم الفتيات الحسان وهن من اللطيف بإطلاق الزغاريد عند هذا العمل الوحشي . الزغرودة كما نعلم هي علامة للسعادة والرضي والاستحسان والتشجيع . انه أمر عجيب ويدل علي مدي تقلقل العنف في وجدان الشعب .
9- ..........
الشعب السوداني مريض بالعنف :لا يستطيع أي طبيب في العالم معالجة أي مريض دون تشخيص مرضه وفي رأي الشخصي إن الشعب السوداني مصاب بمرض عضال ومزمن يسمي مرض العنف الأهوج . هذا المرض يحتاج أولا لتشخيص دقيق ثم إلي علاج ناجع . لذلك ومن الضروري والعاجل تشخيص هذا المرض بكل أعراضه وسلوكياته واتجاهاته وأثاره كذلك لابد من اقتلاع مرض العنف من جذوره وإلا فسوف يستفحل ويزيد وعندئذ لن يكون لنا جميعا مقام في هذه البلاد التي لا يحترم ولا يكرم فيها الإنسان الذي كرمه الله وكان الله في عوننا. [email protected] جعفر بامكار محمد باحث في تاريخ وتراث البجا
|
|