حلــم ليـلـة أخـر العـام وما تـلاها...!!

حلم لـيلة آخـر العام وماتلاه !ّ!

ابوبكر يوسف إبراهيم

المكان: أرض المليون ميل مربع
الزمان: 31 ديسمير2006 في سبات أحلم حتى تاريخه !!

رأيت فيما يرى النائم ( اللهم أجعلو خير):

إنني قد إستيقظت صباحاً وأيقظت أيضاً جميع أفراد العائلة حتى نتناول طعام الإفطار وحتى يستعد الأولاد للذهاب لمدارسهم حيث سيأتي بص وزارة التربية والتعليم لأخذهم للمدرسة ، الدولة هنا تتكفل بكامل نفقات العملية التعليمية وهي من أرقى ما وصلت إليه أنظمة الهيئات التعليمية عالمياً سواء من ناحية المناهج أو الأدوات أو الوسائل أو المعدات أو الحواسيب وفوق هذا جدارة وكفاءة المعلم ، فالدولة تعلم أن المعلم هو أساس بناء الأجيال وحضارات الشعوب ، لذا فإنها إهتمت بوضعه المعيشي والإجتماعي وركزت إهتمامها تحديداً فيما يختص بمخصصاته وهي في جملتها فعلاً تملأ العين ولا تجعله يخاف الغد أبداً أبداً وهو لا يفكر البتة في التكسب من الدروس الخصوصية على الإطلاق.. حياته ومستقبله ومستقبل أسرته في أمان.. مؤمن عليه تأميناً راقياً يضاهي المعلم في السويد!! أحمدك يارب!!.

وإذ نحن في هذه الحال دقّ جرس الباب فإذا بموزع الألبان الذي تعاقدت معه وزارة الرعاية الصحية - قسم رعاية الطفولة والأمومة - يدق الباب ليسلمنا ست زجاجات من الحليب كامل الدسم كما هي العادة يومياً ولنسلمه فوارغ الأمس!!.. كان الفطار مكون من بيض وجبن وحليب وخبز وعصير مثلنا مثل بقية العائلات المتوسطة والكادحة في بلادنا فالدولة عندنا مهتمة جداً برفاه مواطنها. !! ...
في تمام السابعة بالتمام وصلت الحافلة وذهب البنين والبنات إلى مدارسهم ، إلا أن إبننا هشام كان يشعر بإرتفاع في الحرارة ولكن لا شيء يدعو للقلق فالرعاية الصحية هنا على أعلى مستوى وُقد فِّرتْ للتلاميذ ووحدة الصحة المدرسية ستتكفل بأمره ، عموماً إن أتى ولم نلحظ تحسناً يمكننا أن نذهب به إلى طبيب العائلة (الممارس العام) .. الخدمات الطبية هنا راقية ومتكاملة وتوفرها الدولة لمواطنيها دون أعباء مالية ماعد المقويات إن لم يقررها الطبيب فعليك شراؤها على نفقتك الخاصة وهذامن باب العدل وعدم الإهدار رغم إحتجاج بعض الفئات الكادحة التي ترى في هذا ظلم لهم.. خدمات ورعاية صحية وتغذية راقية بمعنى الكلمة.. أحمدك يا رب!!

إرتديت ملابسي وكذا زوجتي بعد تناول الفطار وبعد أن ذهب الأولاد لمدارسهم ، الآن سنذهب سوياً لموقف الحافلات المجاور للمنزل.. خدمة متواترة كل عشرة دقائق .. حافلات راقية .. تقف في مواقف أجمل من تلك التي نراها في بريطانيا ، سائق الحافة منضبط وأنيق .. لا كمساري في هذه الحافلات .. نظام أدفع واركب .. منتهى الرقي .. إلتزام بعدد الركاب سواء الجلوس والوقوف!! ، سائق الحافلة هو مراقب تنفيذ النظام لكننا أيضاً جميعا نتعاون معه ونحترم النظام ونصر على تطبيقه.. نخرج للعمل ونعود منه في مواعيد منضبطة لدقة المواصلات وجدولة رحلاتها.. لا مدافرة ولا قلة حياء.. ولا نمارس حركات من إياهامثل التحرش بالجنس الآخر..أحمدك يارب!!

وكالعادة، ثلاثة مرات في الأسبوع وبعد إنتهاء الدوام نذهب والمدام للتسوق فنجلب إحتياجاتنا لكل يومين ، ندخل المتاجر المتخصصة ، أسعار الخضار واللحوم الحمراء والبيضاء والسمك في متناول الغني والفقير ، إنضباط الأسعار يرجع إلى مراعاة التجار والبائعين لقاعدة بيع بربح قليل تبيع تربح كتير!!.. منتهى الذمة والرأفة فليس هناك إستغلال إنسان لأخيه الإنسان .. لا إحتكار .. وفرة مع التنافس والجودة!! .. أحمدك يارب!!

رأيت أننا تستقل حافلات النقل البري المخصصة بين المدن فتلك الرحلات قمة الإستمتاع ، فشبكة الطرق خاصة طريق الإنقاذ الغربي السفر قمة في الإستمتاع ، فعى يمينك النيل الأبيض ومنظره البديع والخضرة في كل مكان .. محطات الوقود بالسيراميك .. الإستراحات كأنها مطاعم خمسة نجوم وأكثر .. التعامل الحضاري والمهنية العالية حرضتنا للسفر والأسرة في نهاية الأسبوع إلى عروس الرمال ومنها إلى مدينة النهود .. الجميع يقول إنها أروع سياحة داخلية ، الدولة تشجع السياحة الداخلية في بلادنا فقد قامت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة السياحة ووزارة البيئة بإطلاق حملة (أعرف بلادك)!! وذلك دعماً للتجانس والوحدة بين جميع الأعراق التي تشكل نسيج الوطن فالدولة تؤمن أن في التنوع إثراء .. أجزم إنا فقنا ماليزيا!! .. أحمدك يا رب!!

السكة حديد .. روعة الخدمات ودقة الجدولة وإنضباط المواعيد .. يا سلام على خطوطنا الحديدية فهي مزدوجة .. قطارين في إتجاهين مختلفين كل في خط مستقل في ذات الوقت!! .. هنا الحمال يحمل حقائبك مع بطاقة الصعود و بطاقة العفش ورقم المقعد .. إنت أمانة في عنق المضيفة!! .. كافتريا متحركة .. مطعم في الخلف .. أسعار في المتناول .. درجة تانية ، درجة أولى ، ودرجة ممتاز لا يوجد شيء إسمه درجة ثالثة ، هذه الدرجة كنا نسمع بها في قديم الزمان .. فنحن الآن شعب يجلس على آبار النفط وليس وارداً أن يلصق به وصف (دولة عالم ثالث)!!.. رحلات القيام والوصول تضبط عليها ساعتك .. قمة النظافة .. أناقة الكمساري والمفتشين جواب واضح من عنوانو يدلك على نوعية الخدمات .. ليس هناك رشوة ولا تهرب !! كما لا يوجد لدينا أحد يسطح في القطار( الصارقيل) .. أحمدك يا رب!!

طرت والأسرة بالخطوط الجوية .. دقة المواعيد .. خدمات الضيافة داخل الكابينة لا مثيل لها حتى بالإسكندنافية والقطرية .. شبكة محطات ورحلات تغطي كل عواصم العالم.. وداخلياً كل الولايات.. لم تسجل حوادث طيران على الإطرق.. سجل حافل .. كما لم تسجل أي تأخير خلال العقدين .. لا إضراب لموظفيهامنذ تأسيسها .. أسطول الطائرات من صغير إلى متوسط إلى عملاق ،الحجز وتأكيد الحجز ألياً .. منسوبيها شعارهم : مرحباً بك .. أنا خدامك!! .. وإنت داخل الكابينة الكل يضرب لك تعظيم سلام .. ويقول لك : الزبون هو الملك؟ تصوروا عمر المضيفة ما طلب منها راكب أي خدمة إلا ولبت طلبه في ذوق وأريحية أما إن إشتكى راكب من وجبةفهي لا تقل له كما في خطوط الدول المتخلفة: ( هو إنتَ في بيتكم بتاكل زي الأكل دا)!! .. أبداً أبداً هذا لا يحدث لأنها شركة محترمة وتخاف على سمعتها وهي تعمل وفق مباديء السوق من عرضٍ وطلب وتعلم أن لها منافسين!! .. أحمدك يا رب!!

أما شركتي المياه والكهرباء فتداران بكفاءة عالية ومواهب فذة ‘ فليس لديهم ( جمرة خبيثة).. ولا ( أنفلونزا الطيور) بل تقدم أرقى الخدمات بأسعار معقولة في متناول جميع شرائح المجتمع .. لم نسمع يوماً أن مواسير المياه عندما تفتحها لا يأتي منها غير الماء الزلال فهي لا (تشخر بالهواء) بل فقط مياه و ضغط رهيب ، لا بد وأن تعمل حسابك حتى لا يرميك من شدة ضغطها!!.. بلاد فيها نيل أزرق ونيل أبيض ، وعطبراوي والقاش .. وأمطار ليل نهار لابد وأن تكون خدمات شركة المياه من نوعية الخدمات التي يجب علينا أن نفاخر بها مقارنة بكثير من الدول التي فيها لتر الماء أغلى من البترول !!.. نحن في تخمة من الإرتواء ولا نحارب مثل الآخرين العطش.. أحمدك يا رب!!

التيار الكهربائي خدمة لا إنقطاع فيها .. يخونك قرشك!! .. خدمات الطواريء أربعة وعشرون ساعة.. خلال ربع القرن الماضي كانت جاهزية المولدات والتوليد 99.9% ( التوليد ليس له علاقة بالحمل ةالولادة) ، نسبةإنقطاع التيار في ربع القرن الماضي كان (0.00001%) نسبة عالية لم تتحقق في أكثر الدول تقدماُ ، في نيو يورك إنقطع التيار قبل كده!! وزارة الصحة و كذا المطافي أرسلت خطابات تقدير ودروع تميز لهذه الشركة التي جودت خدماتها حتى لا يموت المرضي في غرف العمليات لإنقطاع التيار .. فالتيار لا ينقطع ليلاً ولا نهاراُ ولم يحدث أن سجلت المشافي أي تعطل لأجهزتها الطبية الدقيقة .. هذه الشركة تراعي النواحي الإنسانية فهي لا تقطع تيار على الإطلاق فمن أجل هذا طبقت نظام الخدمة المسبقة الدفع معالجة أمر الجمرة الخبيثة بتوفير الخدمة المتصلة في كل مشفى!! أحمدك يارب!!

يا سلام على خدمات الإتصلات الحديثة .. ( بس يخونك قرشك )!! .. أدفع وإتكلم زي ما يعجبك .. كل مكان .. كل زمان.. شركات رابحة أرباح ضخمة لأنها تعمل بمبدأ الإستثمار الإنتاجي الكلامي إتكلم كثير فالعرفة رخيصة نربح كتير )!! سوداتيل ، موبيتل ، كلامتل .. سوداني .. لذا رفعت شعار كن سوداني واتكلم مع سوداني!!.. والحمدلله كل الشركات سودانية 100% .. ومافيش يا سوداني شركة غير سودانية!!.. وكلها شركات ترأف بالمواطن السوداني وتصمم تعرفتها لتتناسب مع دخل المواطن.. ليس هناك مبدأ : سدد وإحتج لآحقاً .. أعوذ بالله هذا لا يعمل به إلا في الدول المتخلفة !! الحمدلله أصبحنا ننافس الدول التي سبقتنا من دول العالم الأول والتاني وأصبح لنا ( إسكاي قيت) رأساً مع فوق!! .. الآن يمكنك أن تتصل بالإهل في قرية ( ابوحميرة - وهذه القرية لا علاقة لها بالحمير بل بالألوان)!!.. تكنولوجيا تمتد إلى الريف عبر الطاقة الشمسية .. أحمدك يارب!!

رأيت أن الخدمة المدنية في منتهى التطور والدقة وتفاني الموظف العام في خدمة الجمهور.. جاء خبراء من دول كثيرة و متقدمة شديد لنقل خبرتنا لتطبيقها هناك ، فعندنا يستقيل موظفو الخدمة المدنية المراجع بإبتسامة عريضة وحسب أسبقية الحضور حيث تقدم الخدمة حسب الأرقام وعندما تجلس إلى الموظف يبتدرك : نعم سيدي المواطن!! .. وخلال خمس دقائق ينتهي البت في طلبك.. هناك أيضاً خدمات إختيارية لدفع الرسوم فيمكنك توريدها بأيسر الطرق عبر البطائق الإلكترونية( بلاستيك موني)!! .. هناك أيضاً خدمة ( اسبيد سيرفس ) فإن كنت على عجل سيدي المواطن فيمكنك تسديد رسم البريد بالبطاقة أيضاً لتصلك الأوراق مكتملة إلى عنوان البيت!! وفي النهاية يودعك قائلاً: نحن خدامينك يا سيدي المواطن!! ..أحمدك يارب!!

تنعدم الهوام والحشرات فصحة البيئة فلا توجد لدينا (خيران مسقوفة) نسميها مجاري مثل الدول المتخلفة ، بل لدينا نظام صرف صحي يعيد تدوير المياه لتصبح صالحة لري المزروعات وكما أن ليس لدينا بركاً هي مرتعاً للبعوض ناقل الملاريا ، وليس لدينا ذباب ناقل للدوسنتارياأصلاً .. كل هذه الهوام والحشرات نسمع عنها مجرد سمع ونتعرف عليها في باعوض بارك !! .. أما مطاعمنا ومقاهينا فهي تضاهي في نظافتها تلك التي في جادة الشانزليزيه!! .. فنادقنا خمس أقمار بلس ،ومنها ماهو خمس نجوم سوبر!!.. سألت هشام إبني إن كان قد سمع بمرضٍ إسمه (الملاريا)؟ عذرت جهله حين أجاب بالنفي ، لكنه إستدرك بأنه قرأ عنه في موسوعة تاريخ الأمراض التي صدرت منذ قرون خلت!! .. أحمدك يا رب!!

أما عن الأحزاب في بلادي فالحمدلله عددها أكثر من الهم على القلب.. ديمقراطية يا عم!! ، ففي الغرب وخذ مثلاً بريطانيا مهد ديمقراطية وسمنستر فعدد الأحزاب لا يتجاوز عدد أصابع اليد منتهى الإجحاف وفي أمريكا كذلك إلا أننا في هذا البلد الديمقراطي الجميل فقد رأينا أن ليس للديمقراطية حدود ولا خطوط حمرا .. عندنا هنا حدث ولا حرج وكل شخص يمكنه تكوين حزب .. قمة الديمقراطية ليست لدينا مشكلة فكل الشعب ساسة زعماء أحزاب !! .. أحزاب من كل شكل ولون يا بتيستطا.. وكل حزب برامجه تنافس الآخر في الرفاه .. وكل حزب عاوز يحكم عبر صناديق الإقتراع وهذه قمة الديمقراطية .. ولكن هناك إشكابية هم عاكفون حالياً يبحثون في إيجادحل لها وهي كيف يمكنهم إيجاد شعب يمثل المقترعين !! .. ديمقراطية بالهبل يا عم.. أحمدك يا رب!!

ورأيت فيما يرى النائم مظاهرة من المكتبات تزخر بالصحف والمجلات .. تنوع ووفرة .. يخونك قرشك!! وحرية الصحافة مكفولة ، أكتب وانتقد كما شئت فالحكومة لا تمنع أي صحيفة أن تنتقدها كيف شاءت ومتى شاءت ، ليس لدينا رقابة على الصحافة ولا المطبوعات .. لا حجر على الكلمة ولا إعتقال لصحفي كما يحدث في العالم الثالث ..ولا محاكم، الحمدلله مش عندنا حرية واحدة بس ، عندنا حريات بالكوم .. يخونك قلمك!! أحمدك يارب!!

وبينما أنا أغط في نومي وأسترسل في أحلامي الجميلة فإذا بصوت أجش كأنه الرعد إذا به يركلني ركلة أتبعها بشلوت إستيقظت بعده فزعاً فإذا بواحد من (أخوانا إياهم) يصيح في وجهي : بتحلم يا إبن الكلب بدون إذن من الجهات الأمنية؟! .. بتخالف النظاميا متخلف ؟!.. أولاً هذه أول مرة أعرف أن أردت أن تحلم فعليك بالحصول على تصريح بذلك وثانياً عجبت للمقدرة الخارقة لأجهزتنا التي تستطيع أن تكتشف إن كنت تحلم أو لا تحلم أثناء نومك وإن كانت أحلامك ضد النظام أو أحلام بريئة، كل هذا دون الحوجة لأجهزة كشف الأحلام كتلك الأجهزة التي تكشف الكذب !! تكنولوجي!! ..وبعد أن ناولني الشلوت الثاني هرولت فإذا به يقودني مثل خروف العيد إلى ( هناك) لأكمل نومي وحلمي في ضيافتهم مجاناً.. كرم حاتمي !! .. عموماً إذا ضاقت بكم الدنيا بما رحبت تعالوا إلى ( هناك) لتستضافوا معي و(هناك) هي لوكاندة الإقامة فيها دون مقابل .. خدمات مجانية يتكفل بها جماعة ( هناك)!!.. أحمدك يا رب!!

هذا حلم من رأى ويرغب فى أن يرى ذلك واقعا لا أضغاث أحلام يصعب فك رمزها لمستشارى الإنسانيه فى جمهورية (إفلادون)



التحايا لك والسلام


منصور

أخي الحبيب منصور

صبح مضمخ بطيب روحك

يا أخي الحبيب لم يتعد عدد الذين يحلمون مثلي 21 قاريء وأنت منهم فهل من جدوى للكتابة أرى أن أحلم في صمت ويكون الخطاب بين الروح والذات ..!!