مظاهرة مارس ---- قبس من ذكريات الزمن الجميل

إن إرتبط شهر مارس تاريخياً بأنه شهر الكوارث السياسية منذ عهد يوليوس قيصر . فإنه قد إرتبط كذلك بأنه شهر الكوارث الأكاديمية لدى طلاب جامعة الخرطوم . وأى كارثة يواجهها طالب العلم أكثر من الإمتحانات . فعندها يكرم الطالب أو يهان .

درج طلاب الجامعة على الإحتفال بمقدم شهر مارس بماهو أهل له منذ ( الثمانية الأواخر من شهر فبراير )، حيث يتم إعلان حالة الطوارئ من تجميد للعلاقات العاطفية ( التكيسية ) والخلط الجماعي والإنفرادي وعزومات العشاء وعروض سينما الـ BN . فتلك أيام ترونها تذهل كل ( كيسة ) عما ( كيست ) وتضع كل ذات ( عواطف ) ( عاطفتها ) وترى الطلاب سكارى وما هم بسكارى لكن هول ( الإمتحان ) شديد . ويتم كذلك تجهيز ونسخ الدروس الناقصة وتخزين مؤونة السجائر والعوامل المساعدة للمذاكرة .
يمثل يوم 28 أو 29 من فبراير ( حسب بساطة أو كبسية ) السنة يوماً فاصلاً بين عهدين . يخم فيه الرماد وتودع فيه الجلسات الحلوة والسمر الجميل . تعقد ندوة البركس الشهيرة تلقى الكلمات والأشعار وينصب ( عمدة البركس ) من المرشحين الأكثر ( تربيتاً ) . تنطلق بعد الحادية عشرة ليلاً مظاهرة مارس الشهيرة صوب داخلية الطالبات . حيث يفتح لهم الحرس الجامعي الباب الرئيسي للداخلية في إستثناء وحيد وفريد . تطل الطالبات من نوافذ الغرف ومن البلكونات ويتم تبادل ( الشتائم ) بين أحباب الأمس خصوم اليوم .
يهتف الطلاب:
الثانوي العام حاجة تمام
الثانوي العالي عرس طوالي
بنات الجامعة بنات بايرات
ترد الطالبات :
محجوزين للخريجين
مخطوبين للمغتربين
يرد الطلاب :
المغتربين كناسين
ترد الطالبات :
لن نخلطكم بعد اليوم
يرد الطلبة :
رجعوا لينا حق الببسي

وبعد أن ينال التعب من الجميع يتفرقون لداخلياتهم فيومهم كان ( خمر ) وغدهم سيكون أمر . وأى أمر أمرّ من ( مصاقرة الكتب )

ما يبعث في النفس شئ من الأسى أننا لم نتقصى وقتها من زملائنا القدامى عن كيفية نشوء فكرة هذه المظاهرة ومتى على وجه التحديد قد قامت لأول مرة . بيد أنها توقفت على حسب علمي عند منتصف الثمانينات .( أرجو أن يصوبني خريجي السنين اللاحقة لهذه الفترة )