نص مقال جديد رفضت صحيفة الراي العام نشرها للكاتب الصحافي عمر العمر

نص مقال جديد رفضت صحيفة الراي العام نشرها للكاتب الصحافي عمر العمر


02-13-2007, 04:44 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=3&msg=1171381440&rn=0


Post: #1
Title: نص مقال جديد رفضت صحيفة الراي العام نشرها للكاتب الصحافي عمر العمر
Author: محمد كاره
Date: 02-13-2007, 04:44 PM

نص مقال جديد رفضت صحيفة الراي العام نشره للكاتب الصحافي عمر العمر

مرة اخرى رفضت ادارة صحيفة الراي العام السودانية اليومية نشر مقال بقلم الكاتب الراتب فيها الكاتب الصحافي المعروف الزميل عمر العمر.والمدهش ان ادارة الصحيفة نشرت تنويها مسبقا بالمقال وعادت لتبلغ الكاتب اسفها واعتذارها لانها لن تتمكن من نشره لاسباب لم توضحها..السلام كما النفط أحدث تغييراً في صورة الوطن وليس في حال المواطنين
لتعميم الفائدة اضع هنا نص المقال الذي حصلت عليه بطريقة خاصة:



السلام كما النفط أحدث تغييراً في صورة الوطن وليس في حال المواطنين


عمر العمر


صحيح أن الحرب الأهلية بين شطري الوطن ألقت أثقالها. أكثر من ذلك أصبح فرقاء النار شركاء في السلطة. رغم ذلك لا أحد يجزم بارتياد الطرفين رحاب السلام. الأغلب أننا ولجنا مرحلة اللاحرب واللاسلم.
ربما يكون الأكثر واقعية ممارستنا الحرب بأسلحة ليست تقليدية. عدد الخسائر البشرية في هذه المرحلة لم يعد وقفاً على الجبهات والخنادق. ثمة أجيال طال بها التكدس على رصيف الانتظار لأمل لن يأتي.
تعدد محاور الاشتباك الساخنة في ظل الاتفاق يجعل الرهان على مغادرة الرصيف مغامرة خائبة.
حال الوطن تغير لا أحد يكابر. حال المواطنين لم يتغير لا أحد يزاود. السلام أضفى صورة أفضل على الخارطة غير أن الحياة لا تزال قاتمة. رياح التفاؤل تبدو أكثر وهناً من حمل سحب التشاؤم العالقة فوق الجميع. لا فرق سواء كانت وجهة الرياح الوحدة أو الانفصال.
صحيح كذلك أننا ولجنا هامشاً ديمقراطياً. داخل النظام شركاء تحت لافتات لفصائل عدة. الأحزاب التقليدية أعادت فتح أبوابها وتشهد دورها إيقاعاً يومياً. ها هي صحف الصباح توجه سهام النقد في وجه النظام. تلك صورة زاهية لملامح الوطن غير أن الصورة لا تطابق الحال تماماً. أكثر من سؤال يطرح نفسه في إلحاح عن اللافتات المعلقة داخل السلطة عما إذا كانت وهماً مصطنعاً أم واقعاً يفرض وجوده. أسئلة أكثر عدداً تترى عن حجم الايقاع داخل دور الأحزاب وقدرتها على الاستنفار الجماهيري بالوسائط السياسية المألوفة.
بغض النظر عن الإجابات المرتقبة يمكن الاتفاق ببساطة أن دخولنا ذلك الهامش الديمقراطي لا يعني مبارحة النظام الشمولي. عند المساءلة الجادة تمثل المعارضة كما يمثل النظام.
الخطوات المعلنة من قبل النظام في نطاق الهامش الديمقراطي اكسبته شرعية على الصعيدين الوطني والخارجي. مكتفياً بما حقق فليس له مصلحة في الذهاب إلى حد فتح جميع نوافذ الانغلاق السياسي المهيمن عمداً على الفضاء الوطني.
ما لا تود المعارضة الاقتناع به هو عدم رغبة النظام في المضي بالهامش الديمقراطي حتى يصبح تحولاً ديمقراطياً فعلياً. هذه ليست مهمة هذا النظام. تلك كانت مهمة نظام سابق في تاريخنا وهي مهمة نظام يأتي في ظروف غير هذه نتيجة عوامل مختلفة.
السلطة التشريعية فتحت أبوابها بحذر محروس لاستيعاب عدد من المعارضين بحيث لا تصبح ساحة يمر عبرها التحول الديمقراطي.
إدراك المعارضة لهذه الحقيقة لم يكبحها من الهرولة إلى المقاعد البرلمانية.
التحول الديمقراطي في مثل هذه الظروف يصبح مهمة يقع العبء الأكبر في إنجازها على المعارضة. الإيقاع الفاتر داخل دور الأحزاب لا يحرض على الرجاء. دون مسايرة الآخرين في رجم قيادات الأحزاب يجب القول علناً بعجزها عن استيعاب التجربة التاريخية. أولى سمات هذا العجز استفحال التشرذم داخل كل حزب وترهل الهياكل بكوادر غير قادرة على مواكبة أعباء المرحلة والنهوض بها.
من المسلم به افتقار الأحزاب للقدرات المالية لكن الاستسلام لهذا الفقر يعني العجز بعينه. دون بناء تنظيمي مقتدر لكل حزب لن يكون هناك حراك سياسي يؤمن التحول الديمقراطي المأمول. الهامش الديمقراطي المتاح حالياً لن يهيئ مناخاً سياسياً ملائما لجهة التحول الديمقراطي في غياب قوى سياسية فاعلة وضاغطة على السلطة. المناخ السياسي لن يكون مبشراً بتحول ديمقراطي حقيقي ما لم تتضافر القوى المعارضة من أجل تأمين انتخابات نزيهة يتمتع المواطن فيها بحق الاختيار الحر.
مع التقدير لكل القوى السياسية المهجوسة بهذا الواجب يمكن القول ـــ دون مواربة ـــ أن الصحافة وحدها تضطلع بمساهمتها في تهيئة ذلك المناخ. بالطبع لا يمكن التعميم في مثل هذا الحكم. ثمة صحافيون يتحملون دون غيرهم عبء هذه المهمة الوطنية وتبعاتها. هناك صحافيون يغمسون أقلامهم كل صباح في الجرأة ويكتبون بالتزام. هناك أقلام تساهم كل صباح في فتح نوافذ في جدار الانغلاق السياسي والشمولية. كأنما تبدو الصحافة بجهد هؤلاء أكثر تقدماً من الفصائل السياسية المعنية بانجاز التحول الديمقراطي.
الصحافة وحدها لن تكتب نظاماً دستورياً ديمقراطياً حقيقياً. تلك مسؤولية وطنية يقع عبئها على القوى السياسية في السلطة والمعارضة. رغم تلك الصورة اللافتة في صحف الصباح إلا أن الحال ليس قائماً بالفعل على حرية الرأي والتعددية. النظام لا يزال يحتكر الهامش الديمقراطي بما في ذلك توزيع المساحات المخصصة للاجتهادات والخلافات. ما من سبيل آخر أمام المعارضة غير بناء جبهة موحدة لإحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي. الديمقراطية تظل هي المرآة التي يرى فيها الجميع وجودهم وليس بعضهم أو بعض وجودهم.
صحيح كذلك أن النفط أحدث تغييراً على صورة الوطن. من الصعب إن لم يكن استحالة القول بتبدل حال المواطنين. كما غادرنا خنادق الحرب الأهلية دون ولوج آفاق السلم الاجتماعي فقد هبت رياح الثروة النفطية دونما تكنس جيوب الفقر والحرمان.
بعض جوانب الصورة زاهية. أناس من مدارات قصية يهبطون الخرطوم يتحدثون بلكنات عدة حديث الاستثمار. بنايات سامقة وفيلات فاخرة تطعم أفق العاصمة لأثرياء جدد. مؤسسات تجارية تفتح أبوابها في أنحاء المدينة لقادمين من خارج دائرة الموسرين التقليدية. شبان يحملون دفاتر شيكات صادرة في عواصم مدن خارجية.
في المقابل الصورة في العمق لا تزال شاحبة. المنازل الأنيقة تبدو مناقضة لوسطها المكاني. البنية التحتية عاجزة عن الوفاء بشروط البهاء الاجتماعي المناسب. الغبرة رابضة والاماسي عتمة ووسائط المواصلات متخلفة. الخرطوم تنام بين النيلين ولا تستطيع أن تبسط حيزامن الخضرة أو تتجمل بواجهة مائية.
العديد من الأحياء مثل تخوم المدينة يضربها الحرمان فتبدو بمثابة أكداس للزبالة على تخوم العصر. لا أحد يترقب ظلال دولة الرفاة. الرهان فقط على انحسار الفقر.
ثمة حركة تجارية نشطة لم تبلغ مد الحراك الاقتصادي. لذلك لا تزال جيوش البطالة تدب دونما وجهة محددة. جذر الأزمة يتمثل في احتباس صنبور عائدات النفط عند طبقة بعينها معلقة في فضاء المدينة وليس كل الوطن. وحدها الطبقة المهيمنة على مفاصل السلطة ومفاتيح أبواب الثروة وخزاناتها استأثرت دون غيرها بعائدات النفط. بالطبع لم تصب كل العائدات لصالحها. هناك شريحة خارجية قاسمتها الثروة النفطية. من الطبيعي أن تخصص الطبقة المستأثرة جانباً من تلك العائدات في سبيل مزيد من الاستثمار والخدمات. من الطبيعي كذلك أن يعيد المستثمرون الوافدون أرباحهم إلى بلدانهم. التنمية المحلية ليست ضمن طموحاتهم. لكن المفارقة تكمن في تحويل المستفيدين السودانيين من عائدات الثروة النفطية جانباً من غنائمهم إلى الخارج. بغض النظر عن مشروعية هذه الممارسة فإنها حرمت قطاعاً محلياً عريضاً من تفيؤ ظلال عائدات الثراء النفطي.
الحديث المستفيض من قبل البعض عن الوفرة لا يأخذ في تضاعيفه الندرة في أساسيات الحياة لدى ذلك القطاع العريض المحروم.
احتكار الفيء النفطي لدى طبقة بعينها زاد الفوارق الاجتماعية حدة. في مناخ العولمة السائد زادت أعباء الأحياء ثقلاً تحت وطأة الضرائب والإتاوات المتفاوتة من ضريبة النفايات المنزلية إلى فاتورة التطبب والدواء . بما أن الدولة رفعت يدها عن العلاج والتعليم فقد أصبح مصير تلك الفئات أكثر عرضة للنهب من قبل محترفي مراكمة الثروة وهواتها.
أحد أبرز مظاهر التفسخ في إدارة عائدات النفط يتجسد في الجدل الدائر حول مصير مبالغ طائلة.
القضية لم تعد تتمثل في كيفية إدارة العائدات النفطية لصالح التنمية والبناء بل في التلهي بمعرفة أمكنة اكتنازها وسبل تبديدها.
محور النهوض الاقتصادي هو تكريس الموارد لصالح المواطنين وعدالة توزيع عائداتها بين الناس ليس غير. الرهان على تحقيق مثل هذه المهام في ظل الظروف الراهنة ضرب من الخيال. الواقع يقول ثمة تغيير طرأ على صورة السودان في ظل السلام والنفط لكن حال السودانيين لم يتبدل.

Post: #2
Title: Re: نص مقال جديد رفضت صحيفة الراي العام نشرها للكاتب الصحافي عمر العمر
Author: Raja
Date: 02-28-2007, 09:53 PM
Parent: #1

كاره الفاضل..

سلام ومتقدير..

كعادته الأستاذ عمر العمر، كتابة رائعة وتحليل للصورة أروع

تحياتي للكل