الحركة المحلقة تكتشف ثقباً‮ ‬في‮ ‬منطادها

الحركة المحلقة تكتشف ثقباً‮ ‬في‮ ‬منطادها

ً‮ ‬بالقوة وبضعف الوطني‮ ‬وضعف البشير‮.‬ ‮{ ‬والتدليل كان باذخاً‮ ‬ومنصور خالد‮ ‬يقص امس‮ »‬أيام نيفاشا الاعتراض على و جود جيشين اثنين لم‮ ‬يأت ابتداء من الحكومة بل جاء اولاً‮.. ‬من الجنرال سيمبويا الوسيط الكينى الذي‮ ‬قال إنه لم‮ ‬يسمع عن شيء مثل هذا في‮ ‬العالم‮«‬ ‮{ ‬لكن البشير وافق‮!!‬ ‮{ ‬والبشير الذي‮ ‬يفاجأ‮ ‬يوم جوبا باتهامات سلفاكير المدبَّرة ثم‮ ‬يرد في‮ ‬لحظة ودون تدبير ويكشف‮ ‬اختفاء الملايين الستين التي‮ ‬أرسلها الوطني‮ ‬للحركة‮.. ‬ثم‮ ‬يشير الى اختفاء ملايين او مليارات الجمارك في‮ ‬الجنوب‮.. ‬المشهد بكامله كان‮ ‬يتخطى ما قيل الى ما وراءه مما هو أكثر خطورة‮.‬ ‮{ ‬الرد‮ »‬المفاجئ وغير المدبَّر‮« ‬كان‮ ‬يعلن‮ ‬ان ما تعرفه الدولة وتسكت عنه لسنوات كثيرة‮.. ‬كثير‮.. ‬كثير‮.. ‬وان الدولة التي‮ ‬تعرف كيف تسكت تعرف كيف تقول ومتى‮..‬ ‮{ ‬والبشير‮ - ‬في‮ ‬لحظة إنذار صغيرة‮ - ‬يثقب منطاد الحركة الشعبية المحلِّقة في‮ ‬الأعالي‮ ‬بدبوس صغير‮..‬ ‮{ ‬والحركة تكتشف أن أسوأ ما في‮ ‬الأمر هو أن الثقب هذا‮ ‬يستحيل إصلاحه‮.‬ ‮{ ‬والاجتماعات من‮ ‬يومها تقوم وتقع ‮{ ‬والمنطاد‮ ‬يهوي ‮{ ‬وا قربت‮.. ‬ولعلّ‮ ‬اجتماع‮ ‬ياي‮ ‬يعطي‮ ‬باقان الخيط والإبرة ليخيط‮!! ‬أو‮ ‬يطير‮!!‬

‮{ ‬الاجتماع السري‮ ‬لقادة الحركة الشعبية في‮ ‬منزل منصور خالد كان‮ ‬يبحث كيفية إيقاف مطر الموت الذي‮ ‬ينهمر فوق رأس الحركة منذ ان قال سلفاكير في‮ ‬جوبا ما قال‮.. ‬وهو‮ ‬يتهمش الشمال بكل شيء‮.. ‬ومنذ ان قال البشير في‮ ‬رده جملة واحدة عن الملايين المختفية‮.. ‬الجملة التي‮ ‬فتحت ابواب جهنم‮.. ‬و ‮{ ‬قبل خطاب سلفاكير هنا كان باقان‮ ‬يطلق نيران صدره المتلظية على الشمال‮.. ‬وسلفاكير‮ ‬يغنى علي‮ ‬عزف باقان‮.. ‬و كثير من قادة الحركة‮ ‬يصفقون طرباً‮ ‬وباقان‮ ‬يعلن ان الحركة‮ ‬اقوى حزب في‮ ‬السودان‮.‬ ‮{ ‬والبشير‮ ‬يطلق كلمة واحدة من الكتاب‮ (‬الأسود‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يداريه‮ (‬الاتهام باختفاء‮ ‬الأموال في‮ ‬الجنوب‮... ‬والشمال‮/ ‬في‮ ‬اجتماع‮ ‬يكشف عن‮ ‬غيظ مكبوت‮/ ‬ينطلق‮ ‬يكشف حال الحركة الى الدرجة التي‮ ‬تجعل اجتماعات صارخة كثيرة تجري‮ ‬وراء ابواب الحركة‮.. ‬كان‮ ‬يتهم كلاً‮ ‬بانه هو الذي‮ ‬اطلق الذئاب الى بيت الحركة الشعبية‮.. ‬ولقاءات ألف مابين لقاء بيت منصور خالد الماضي‮ ‬ولقاء‮ ‬ياي‮ ‬القادم بعد أيام كلها‮ ‬يبحث عن طريقة لإيقاف الطوفان‮.‬ ‮{ ‬وخطابات سلفاكير اللاحقة التي‮ ‬تناقض في‮ ‬خط مستقيم ما قاله في‮ ‬جوبا وخطابات من جنوبيين آخرين كلها تصبح خراطيش مطافئ‮.‬ ‮{ ‬لكن حريق المال هو عادة حريق لا‮ ‬يموت‮.. ‬فإطلاق البشير لاتهام بعضهم بابتلاع ستين مليوناً‮ ‬يجعل الأغنية الأعظم في‮ ‬الجنوب الآن وفي‮ ‬الشمال ايضاً‮ ‬هي‮ ‬سؤال المواطنين الجنوبيين أين ذهبت‮ - ‬واين تذهب‮ - ‬أموالنا؟؟ ‮{ ‬وياسر عرمان تجعله المعركة‮ ‬يتجارى ليجدد اقامته في‮ ‬الحركة بعد ان‮ (‬دقوا له خروج‮ ‬وهكذا‮ ‬ينطلق في‮ ‬رحلة الى اوروبا‮ ‬يبحث عن‮ »‬الطوف في‮ ‬الطوفان‮«‬ ‮{ ‬واتهام من الجنوب‮ ‬يلفت الأعناق الى فساد الجنوب ‮{ ‬والحديث‮ ‬يعود بعد النسيان الى شيك المليوني‮ ‬دولار‮.. ‬والذي‮ ‬اصدره قرنق قبل وفاته بأيام لشخصية جنوبية‮.. ‬ثم اختفي‮.‬ ‮{ ‬والحديث‮ ‬يعود بعد النسيان الى ما كشفته‮ »‬الانتباهة‮« ‬و»آخر لحظة‮« ‬من رصيد بعض القادة الجنوبيين في‮ ‬مصارف كينيا‮ »‬مئات الملايين‮«.‬ ‮{ ‬والحديث‮ ‬يعود بعد النسيان الى مليارات دعم خارجي‮ ‬وتساؤل عما اذا كان المبلغ‮ ‬هذا‮ ‬يختفي‮ »‬مؤقتاً‮« ‬لانه لم‮ ‬يصل ام هو‮ ‬يختفى‮ »‬ابدياً‮« ‬لأنه وصل‮!!‬ ‮{ ‬والحديث‮ ‬يعود الى نصيب الجنوب من البترول واتهام الحركة للشمال بابتلاعه قبل ان تكشف الحكومة انها سلمت الأموال هذه على دائر المليم‮.. ‬ليبقى السؤال ملحاً‮ ‬عن أين كانت تختفى الأموال هذه قبل ان‮ ‬يضطر الشمال الى الحديث‮ .. ‬ولماذا خرجت بعد الحديث‮..‬ ‮{ ‬والحديث‮ ‬يعود الى ما كان‮ ‬يقال جهراً‮ ‬عن مليارات الدولارات التي‮ ‬اودعها الراحل قرنق لدى موسفيني‮ ‬قبل مصرعه‮.. ‬ثم اختفت ويربطون وثيقاً‮ ‬بين رحلة شخصية جنوبية كبيرة وقريبة من قرنق الى هناك بعد الجنازة مباشرة وبين المبلغ‮ ‬هذا‮!!‬ ‮(‬2‮‬ ‮{ ‬لكن رصاصة سلفاكير التي‮ ‬يطلقها من منصة جوبا والتي‮ ‬كان مطلوباً‮ ‬منها اشعال حريق في‮ ‬بيت‮ »‬الوطني‮« ‬تنطلق من مؤخرة البندقية بدلاً‮ ‬من فوهتها وبيت القادة الجنوبيين‮ ‬يشتعل‮..‬ ‮{ ‬وكثير من القادة الجنوبيين الذين حسبوا ان الوطني‮ ‬قد دلدل رأسه ومات‮ ‬يفاجأ بأن الانتخابات القادمة شيء له حساب آخر‮..‬ ‮{ ‬وكل احد‮ ‬يعيد النظر الى وجهه في‮ ‬مرايا‮ »‬صرخة بشيرية واحدة‮.. ‬وما فعلته‮«‬ ‮{ ‬وكل أحد‮ ‬يعيد اكتشاف نفسه ‮{ ‬عندها‮.. ‬بعضهم‮.. (‬باقان‮ ‬مثلاً‮.. ‬ممن كان‮ ‬يكسب قوّته من بقايا أنفاس قرنق‮ ‬يجد ان هواء منطاده‮ ‬يتبخر وانه‮ ‬يتجه الى الارض‮!!‬ ‮{ ‬ويجدون ان الجنوب مازال شيئا تحكمه القبلية‮.. ‬و ان بعضهم‮ /»‬باقان‮« ‬نموذجاً‮/ ‬انما‮ ‬ينتمون الى قبيلة بنى انف الناقة هناك‮.‬ ‮{‬وان حظ باقان وامثاله في‮ ‬الجنوب ليس اعظم من حظ عرمان في‮ ‬الشمال اذا خاض الانتخابات‮..‬ ‮{ ‬وبعضهم‮ ‬يجد ان المواطن الجنوبي‮ ‬الذي‮ ‬يمتلئ صحنه كل‮ ‬يوم بإشاعات سرقة الأموال بدلاً‮ ‬من الطعام هو مواطن‮ ‬يشتهي‮ ‬لحم الحركة الشعبية في‮ ‬صحنه الفارغ‮ ‬لإطفاء‮ ‬غيظه قبل جوعه‮..‬ ‮{ ‬وما‮ ‬يجرى تحت الارض وفوقها عن الاموال في‮ ‬الجنوب‮ ‬يجعل حكومة الجنوب تعجز حتى الآن عن تقديم ميزانية عام‮ ‬2007م‮.‬ ‮{ ‬والجنود المسرَّحون الذين لا‮ ‬يجدون تعويضاً‮ ‬والجنود العاملون الذين تختفى مرتباتهم لشهور وشهور ويخرجون في‮ ‬مظاهرات مسلحة قبل شهور‮.. ‬كلهم الآن‮ ‬يجمجم ساخطا مُحمر العينين وهو‮ ‬يسمع اتهامات الفساد التي‮ ‬تصدر من البشير مباشرة والحركة تتلفت‮.. ‬عاجزة عن النفي‮!!‬ ‮{ ‬والمعركة بين الحركة والوطني‮ ‬تتحول‮ /‬كما قالت بعض الصحف‮/ ‬الى معركة بين اجنحة الحركة‮ .‬ ‮{ ‬والدلال الذي‮ ‬كانت الحركة تجده من الوطني‮ ‬كان‮ ‬يعطيها شعوراً‮ ‬خادع

اسحاق فضل الله