في أديس أبابا: نهاية العالم تمت إزالتها!! د. ابراهيم دقش

في أديس أبابا: نهاية العالم تمت إزالتها!! د. ابراهيم دقش


02-01-2007, 03:15 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=3&msg=1170339320&rn=0


Post: #1
Title: في أديس أبابا: نهاية العالم تمت إزالتها!! د. ابراهيم دقش
Author: عبد الواحد أبراهيم
Date: 02-01-2007, 03:15 PM

اترك هذا البوست للدكتور :ابراهيم دقش

كنا نجلس في الصالون (الأسود) بمبنى مفوضية الاتحاد الافريقي نهار الأحد الماضي.. الفريق بكري ودكتور لام والسفير عثمان النافع والسفير عثمان الدرديري ومحجوب فضل وشخصي.. واصدر الفريق «تعليماته» بأن نتناوب ترك ذلك المكان في شكل ثلاث ورديات لنضمن حجز (الركن) القصي الذي اخترناه لمقابلات الرئيس البشير الجانبية مع زملائه الرؤساء، وتحديداً رئيس جنوب افريقيا ثابو أمبيكي، ورئيس الجزائر عبد العزيز بوتفليقة.. ومن ذلك المكان كنا نلمح الغادين والرائحين في الردهة التي فوقنا وعلى السلم.. وفجأة نبهنا السفير نافع الى امرأة تقف عند أعلى السلم ترتدي لبسة فضفاضة ولم تكن سوى مساعدة وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون الافريقية، جنداي فريزر، وقد استدعوا امرأة كانت تجلس في الركن المقابل حيتها بحرارة وعادت.. فقلت لدكتور لام أكول: ماذا لو هبطت فريزر السلم وأتت لتسلم عليك؟ ضحك وقال: طبعاً سأسلم عليها!.. ولكني داعبته ربما انها كانت آتية ولما رأته، غيرت رأيها ووقفت مكانها واستدعت تلك المرأة، بينما الطبيعي ان تأتي لتسلم عليها وربما لتجلس معها..
ومن شرفة ذلك الصالون رأيت كيف ان سجن (كرشلي) العتيق الذي كان يعرف بنهاية العالم (ألم بكا) قد تحول الى ركام بعد أن قاموا بازالته تماماً.. وقلت لجلوس الركن القصي: انظروا،فهناك كان واحد من أبشع سجون القارة الافريقية الذي كان يدخله تعتبر صلته بالعالم قد انتهت وانقطعت.. فقد كان (المرحوم) سيئ السمعة!

ذلك السجن كنت أراه ابان عملي في منظمة الوحدة الافريقية الراحلة من شباك مكتبي في الطابق الثاني من المبنى (أ).. وكان يشكل بالنسبة لي سينما خفية، اذ كنت كلما سرقت نفسي من عملي ومن طاولة مكتبي، ألوذ بالنظر إلى (حوشه) والى ما يجري فيه، خاصة مباريات كرة القدم التي كثيراً ما كان المسجونون يمارسونها... ومن شباك مكتبي ذاك كنت اتأمل في حجرة صغيرة عن طرف حوش السجن الشمالي، فعندها يقبع قبر جماعي لرؤوس حكم الامبراطور هيلاسيلاسي الذين أعدمهم الانقلابيون في 1974 ودفنوهم هناك.. وبعد رحيل نظام (الدرك) الذي قاده العقيد منجستو هايلي مريم في يوليو 1991 تم نقل رفات الستين العظام.. وكان يوماً مشهوداً، جاءت فيه الجرارات والحفارات وتجمع أهل وذوو وأصدقاء ومعارف الستين، وأحيوا المأتم من جديد بعد 17 عاماً وقد كنت متفرجاً من (اللّوج) عشت تلك اللحظات المفعمة بالشعور والمشاعر والانفعالات مع أسر الستين من رؤوس نظام الامبراطور ولا أدري كيف تعرفت كل أسرة على فقيدها،لكن ما سمعته أن ثمة علامات أو متعلقات أو مخلفات بما فيها ما كان يرتديه المُعدمون هي التي قادت أسرهم إلى معرفتهم.. ويا سبحان الله حتى بعد أن تتحول الجسوم إلى رسوم وهياكل عظمية، يتعرف (أهل الدم) على ذويهم!!

وذلك السجن - الذي ضم داخل جدرانه ذات يوم رئيس حكومة الصومال الانتقالية الحالي الجنرال عبد الله يوسف - هرب منه ذات عام منتصف الثمانينيات - فيما أتذكر - وسجناء صوماليون قفزوا سور منظمة الوحدة الافريقية، فيما حراس السجن يطاردونهم ويطلقون الرصاص عليهم.. وأرض المنظمة يفترض أن تكون مثل السفارات الأجنبية أراضٍ محايدة، أو ليست ضمن أراضي البلد المضيف، وبالتالي دخول أي جندي من البلد المضيف يعتبر انتهاكاً.. لكن بدلاً من ذلك ظهر وزير خارجية اثيوبيا آنذاك، الدكتور فلكا ولد جورجس، ليقود عملية اصطياد الفارين الصوماليين المساكين كما الأرانب... وقد خلق ذلك التصرف استياء وسط العاملين بالمنظمة، فاضطر الامين العام الى الدعوة لاجتماع طارئ لأعضاء الديوان (الكابنيت) الذي أقر بالاجماع - فيما أذكر - أن يسجل الأمين العام احتجاجاً رسمياً لدى وزارة الخارجية الاثيوبية مع طلب عدم تكرار ما حدث مستقبلاً.. وقد استقبل وزير الخارجية الامين العام لمنظمة الوحدة الافريقية أسوأ استقبال بما يعرف عند السودانيين «بوش كديس.. أو وجه قرد» فقد أفهمه أن المبنى الذي يشير إليه ليس أصلاً سوى أكاديمية الشرطة الاثيوبية، المقر المؤقت لمنظمة الوحدة الافريقية، وبالتالي هو أرض اثيوبية.. وهومنطق (معوّج) لكن فيه شيء من الحقيقة..
وذلك السجن، من يصدقني لو قلت لكم اني دخلته.. لكن كزائر، فقد رغبت في مقابلة أحد وزراء نظام (الدرك) وكان وقتها هناك بعد أن تسلم (الهايدك) السلطة.. فقد كان الرجل صديقاً تربطني به علاقة أسرية.. وفشلت عبر القنوات الرسمية نتيجة التعقيدات البيروقراطية، وقررت أن أذهب كزائر عادي، وذات يوم أحد (يوم الزيارة) وفي الصباح الباكرانتظمت في صف طويل فيه رجال ونساء وأطفال.. وتحملت لأكثر من ساعة لأصل عند الحارس الذي أريته (هويتي) أو ما يعرف باثبات الشخصية، ولأنني كنت ارتدي قميصاً وبنطالاً و«سفنجة» لم ينتبه إليّ وعاملني معاملة أهل البلد.. ولما قابلت الوزير السابق اندهش وسألني كيف وصلت إليه، فلم أزعجه بالتفاصيل لكني عندما أمضيت معه عشر دقائق أردت الانصراف لأعطيه فرصة مع أفراد أسرته، لكنه فاجأني بأني لن استطيع الخروج لأن موعد الزيارة نصف ساعة لابد أن أمضيها معه.. وانتظرت حتى دق الجرس وخرجت.. وعند الباب الخارجي سألني أحد الحراس بالأمهرية ان كنت اثيوبياً.. ولم أشأ أن أخلق وضعاً محرجاً، فقلت له انه سيدفع ثمن سؤاله غالياً..
وبدأ الرجل يعتذر: «ايكرتا قيتاى» أي معذرة يا سيدي فانتهرته: «هيد» أي اختفي عن بصري..

Post: #2
Title: Re: في أديس أبابا: نهاية العالم تمت إزالتها!! د. ابراهيم دقش
Author: Tragie Mustafa
Date: 02-01-2007, 11:11 PM
Parent: #1


عبد الواحد ابراهيم
التحيه لك وللدكتور ابراهيم دقش
فهذه القصاصه من اجمل ما قرأت عن سجون الدكتاتوريات.
بانتظار التكمله,لك الود.

تراجي.