عبد الرسول النور يكتب عن : السفيه والسفيهة والباطل وضعيف الشخصية

عبد الرسول النور يكتب عن : السفيه والسفيهة والباطل وضعيف الشخصية


01-25-2007, 12:55 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=3&msg=1169726141&rn=0


Post: #1
Title: عبد الرسول النور يكتب عن : السفيه والسفيهة والباطل وضعيف الشخصية
Author: علي محمد علي
Date: 01-25-2007, 12:55 PM

احتفظت بهذه المقالة الرصينة و اللوحة اللفظيةالرائعة التي كتبت في نافذة صحيفة اخبار اليوم السودانية ، وكتبها قلم الزعيم السياسي والكاتب الكبير االاستاذ عبد الرسول النور تحت عنوان ( لا غبار عليها غير انها فاسدة وسفيهة ) اعجبت بها كمادة جيدة جدا في اطار بحثي عن مدلولات الالفاظ في ثقافة المجتمع السوداني هذا المجتمع الكبير المتسامح ، تعالوا معي اولا لنتشارك متعة الاستمتاع بالقرأة ثم نخوض بعد ذلك في غمارالتفاصيل بالتحليل :

لا غبار عليها غير أنها فاسدة وسفيهة !!
بقلم : عبد الرسول النور
في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي لمركز أجواد للتصالح تحدث الشيخ حامد محمد الفقير ( الجبوري ) حديثاً ممتعاً عن الجودية والأجاويد وغرق وأفاض في الحديث عن صفات ومواصفات الأجواد ، وضجت القاعة بالضحك عنـدما قـال لازم الأجـواد يكون ( سفيه ) ومبعث الضحك هو تباين الآرا في فهم ومدلول كلمة ( سفيه ) فهي عند قبائل البقارة تعني الشخص العاطل الذي لا عمل يقيده فوقته طوع بنانه وهذا السفيه لا يكون إلا غنياً متلافا لما ورثه من اسلافه وأن له أياد تخدمه من أخوان وأبناء وأقارب وأنه دائماً أما حايم أو نايم لا يشغله شيء يستعجل لقضائه فهو كما يقولون ( محل ما ينعس ينوم ) ولعل من هذا المعني اشتق أسم تلك البقعة الجميلة في جنوب دار الرزيقات وهي منطقة سفاهة حيث يقضي الناس أوقات الصيف في سعادة بالغة لا عمل لهم سوى لعب ( ضالة ) وشرب الشاي مثني وثلاث ورباع والأنس واللهو البريء على أنغام أم كيكي والهداني الحكامة . ومما يحكي أن أحد قادة مايو وقتها زار المنطقة وأعجب بجمالها واستغرب من أسمها لأن ذهنه أنصرف لمعني آخر لم يخطر على بال أهلها أبداً نعم نسميها ( سماحة الثورة ) والآن أسمها الرسمي سماحة وأسمها الشعبي لا زال سفاهة ، ومثل التباين في المعني سفيه نجد تبايناً آخر في استخدام كلمة فاسد وهو عند البقارة هو الكسلان أو الخملة الذي يكُرْ عنقريبه من ضل الضحي إلى ضل الضهر ولا تعني غير ذلك ، لهذا يصف المسيرية بحيرة كيك الجميلة والتي لا يقبلون استبدالها بالجنة إلا بالزيادة ، يصفونها بأنها جنة الفاسد الذي يجد الظل الظليل من أشجارها الوارفة والماء النمير من واديها النضير والغذاء من اسماكها وفواكهها البرية فهو في امان من الفاقة وسوء الحال ينتظر مغيب الشمس ليستمتع بالنقارة والعجكو والمردوم ، أما الباطل فهو ليس المقصود به الذي هو ضد الحق أو أي معني أخر قبيح ينصرف إلى ذهن المستمع وإنما الباطل هو الضعيف أو الناحل أو قل الرشيق عند البقارة ، عندما خرجت في إحدى المرات من المعتقل كنت قد فقدت كثيراً من وزني فكان كثيرون من أهلي يتساءلون في اشفاق ( شنو مالك بقيت باطل كي ) فتعجب الحاضرون من غير أهل المنطقة . وسائق السيارة الذي يعمل معي بكي عندما رآني ، وقال الحاج شخصيتو بقت ضعيفة !. أراد أحد الشباب ممن ولدوا وعاشوا بالخرطوم من أبناء المنطقة الزواج من بنت عمه في البلد فسأل في حياء عمهما المشترك رأيه في بنت أخيه . فقال العم والله دي أحسن بنت عندنا اخلاقها ممتازة محترمة تستاهلك أنت . بس عليك الاهتمام بها وتطبيعها على يدك فهي بنت صغيرة فاسدة وسفيهة .
صحيفة أخبار اليوم – الاثنين 18/9/2006 – العدد 4288