كـراهــــية

كـراهــــية


01-10-2007, 04:34 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=3&msg=1168443267&rn=0


Post: #1
Title: كـراهــــية
Author: Badri
Date: 01-10-2007, 04:34 PM


(كلام عابر)‏

حدث قبل أسابيع قليلة أن جاء أستاذ في إحدى الجامعات‏‎ ‎‏ الشهيرة في مدينة عربية ‏والذي يحمل لقب شيخ بجانب لقبه العلمي ، جاء لإلقاء محاضرة تتناول الأخلاقيات ‏الطبية من منظور إسلامي، وذلك ضمن ندوة عالمية يستضيفها مرفق علاجي وبحثي ‏مرموق في نفس المدينة التي تقع فيها الجامعة. دلف المحاضر إلى قاعة المحاضرات ‏وتلفت يمنة ويسرة ثم قفل راجعا وقال للقائمين على الندوة إنه لن يدخل القاعة ما لم ‏‏"تطهر" من النساء. كان جمع النساء الذي يعنيه المحاضر الشيخ يضم محاضرات ‏مشاركات في نفس الندوة وباحثات وطبيبات متخصصات وصحفيات وإعلاميات جئن ‏لتغطية أخبار الندوة. حدث هرج ومرج لكن الأمر في النهاية انتهى بمغادرة النساء ‏للقاعة حسب "تعليمات" المحاضر، وغادر القاعة معهن بعض الحاضرين من الرجال ‏استهجانا لمسلك المحاضر ومسلك القائمين على الندوة الذين رضخوا لمثل هذا ‏الهوس والإبتزاز.‏
قبل سقطة المحاضر الشيخ الشنيعة كانت هناك سقطة أخرى في سيدني العاصمة ‏الإقتصادية لأستراليا، فقد وقف تاج الدين الهلالي إمام أكبر مساجد سيدني خطيبا يشبه ‏السافرات اللائي لا يتحجبن، في كل المجتمع الإسترالي ، المسلمات منهن وغير ‏المسلمات، باللحم المكشوف وقال في تشبيه سمج إن الكلب إذا وجد لحما مكشوفا في ‏حديقة عامة أو في شارع فلن يتردد في التهامه ولن يلام الكلب على ذلك بل يلام ‏صاحب اللحم الذي تركه مكشوفا للكلاب. ونفس هذا الرجل المجرد من الإحساس وقف ‏والناس في قلب الكارثة والدموع ليصف إعصار تسونامي المدمر الذي أودى بحياة ‏عشرات الآلاف بأنه غضب ومقت من الله تعالى.‏
وسقوط سبق ذلك تمثل في كلمات بابا الفاتيكان الذي وصف الإسلام بالدموية وأنه ‏انتشر بالقتل وسفك الدماء. قداسة البابا لم يعتذر عن كلماته فيما بعد بل بررها بما هو ‏أقبح وقال إن كلماته قد أسيء فهمها، مع إن السوء ليس في عقول المستمعين ، إنما في ‏عقل البابا ونهج تفكيره وتجاوزه ما تعورف عليه من خطوط حمراء.‏
قبل هذه السقطات الثلاث التي حدثت كلها في عام 2006م كانت سقطة رئيس أكبر ‏دولة في العالم جورج بوش عندما كان ما يزال تحت تأثير الصدمة والرعب الذي ‏أحدثته تفجيرات برجي نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وتوعد على ‏الهواء مباشرة بحرب صليبية ، لكن تلك الكلمات الساقطة حذفت من التسجيل عندما ‏أعيد بث خطابه مرات ومرات فيما بعد.‏
كان إمام مسجد سيدني هو "الحيطة القصيرة" من بين هذه النماذج القبيحة، فهو وحده ‏الذي طالته المساءلة والمحاسبة والإيقاف، أما الحالات الثلاث الأخرى، فقد مرت دون ‏أن تجد رد الفعل الذي تستحقه. وهي جميعها حالات متفرقة متضادة لا يجمع بينها ‏سوى هذه السطور مثل لحد المعري الضاحك من تجاور الأضداد وتزاحمها، ويجمع ‏بينها كذلك نمط التفكير الأحادي المتطرف القائم على كراهية الآخر، والكراهية مثل ‏التطرف، لا دين لها ولا وطن، وترفضها الشرائع والمجتمعات في كل زمان ومكان، ‏لأنها بالضرورة ستولد، طال الزمن أم قصر، رد فعل مضاد مماثل لها في القوة أو ‏أكثر قوة منها، وهذا هو الخطر الحقيقي والمهدد الأكبر لسلم المجتمعات، ولهذا السبب ‏برزت في العالم مؤخرا منظمات عديدة طوعية غير حكومية وغير ربحية أعضاؤها ‏من مختلف الملل والأعراق لإشاعة ثقافة التسامح بين البشر ومحاصرة منابع الكراهية ‏التي تولد الفعل المتطرف. القاسم المشترك بين بيندكت السادس عشر وأبي حمزة ‏المصري وتاج الدين الهلالي وجورج بوش والملا عمر وبرلسكوني ومقتدى الصدر ‏وغيرهم هو قلوبهم التي تنضح حقدا على الآخرين وكراهية لهم.‏
‏ ‏
قبل الختام:‏
جاء في الأخبار أن ثري كويتي يسعى هذه الأيام بشتى السبل لشراء الحبل الذي شنق ‏به صدام حسين بأي مبلغ كان إرضاء لعدة أشياء فيه من بينها التباهي أمام زواره، ‏مثلما تباهى أمامهم من قبل بقطعة اقتناها من حطام تمثال صدام حسين الذي كان ‏يتوسط بغداد ، وقد كلفته تلك القطعة مبلغا كبيرا من المال. صدام وجلادوه يتساوون في ‏نظري دموية وقبحا، وهذا وجه واحد للعملة، أما الوجه الآخر فهو دعوة أوجهها لهذا ‏الثري الذي غلبت عيه الكراهية الممزوجة بالسفه المبدد لأنعم الله ، أدعوه ليقرأ مرة ‏ثانية كلمات المولى عز وجل (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها ‏رغدا من كل صوب فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا ‏يصنعون) الآية 112 من سورة النحل "صدق الله العظيم".‏

‏(عبدالله علقم)‏
khammma‏46‏@yahoo.com