أفريقيا مائة عام من العزلة(السودان نموذجا)

أفريقيا مائة عام من العزلة(السودان نموذجا)

بدأ القرن العشرين بالثورة الصناعية وانتهي بثورة الـمعلومات..ولكن افريقيا عاشت بـمعزل عن كل ذلك..فهل ستعيش الـمائة عام القادمه في ذات العزلة!?
عنت لي هذه الخاطره وانا اجيل النظر في الواقع السوداني..فالسودان كدولة دخل عالـم الحداثة مع دخول كتشنر غازيا في العام(1889) إذ دخلت السكة الحديد ومشروع الجزيرة والجهاز الإداري الحديث(الخدمة الـمدنية) والـمدرسة الحديثة(كلية غردون)واستمرت هذه الحداثة الغربية تحقن شرايين الدولة السودانية حتي العام(1956) عام الاستقلال.
آلت إدارة الدولة السودانية الحديثة والوليدة في نفس الوقت للنخب السودانية وتوالت سنين حكمها ولكن تآكلت هذه الدولة الحديثة خلال هذه السنين فرجع السودان الي عهد ماقبل الدوحة الحديثة وأعني به دولة القبيلة ودولة الدين ودولة الجهة...واعتقد ان معظم الدول الافريقية تعيش هذه الحالة ولذلك من الـمحتمل ان تعيش مائة عام اخري من العزلة

والخطأ الذي وقعت فيه النخب السودانية التي رفعت علم الاستقلال إنها طرحت السؤال الخطأ وهو سؤال(الهوية) في وجه واقع سوداني متعدد(الهويات)إذ كان ذلك في مرحلة تكوين هذه النخب في ثلاثينات القرن الـماضي..إذ ذهب جميعهم علي اننا (أمة اصلها للعرب ودينها خير دين) فتعاظل ذلك الطرح مع اطروحات (اليد السوداء)كناية عن( إفريقانية)السودان..فرفعنا علم الاستقلال تحت مظان تلك التصورات الذهنية ومن ثـم لاجت الـمركب في كم من الاسئلة دون اجابات وبدأ بعضنا يفرض إجاباته بقوة السلاح..ولذلك جاءت النتيجة كما هي ماثلة للعيان
ولذلك فإني ادعو لنقد الاثار السالبة التي حقن بها سؤال الهوية جسد الـمجتمعات السودانية.لا أن نعيد طرحه ليعيد ذات الآثار السالبة ونستمرئ في مضغها في خدر لذيذ
وهنا تحضرني صرخة مثقف من ذلك الجيل والتى كانت متعارضة تـماما مع شروحات جيله..وهو الشاعر (ابراهيم العبادي) والذي صرخ قائلا:-
(..جعلي وشايقي ودنقلاوي ايه فايداني
غير خلقة خلاف خلت اخوي عاداني
خلوا نبانا يسري في البعيد والداني
يكفي النيل ابونا والجنس سوداني..)
العبادي لـم يرتكز علي الهوية كدال للإنتماء الي السودان لأنه حسب ماذكر إنها مصدر للخلاف والشقاق..ولذلك تراه يرتكز علي(النيل)والنيل كظاهرة كونية غير متحركة لاتقبل الجدل هذا من ناحية..ومن الناحية الاخري فا(النيل)هو مصدر اساسي من مصادر التنمية..والتنمية برامج علمية لاتقبل الجدل كالهوية او الدين او النوع

العزلة هنا تعني البقاء في اعلي قائمة الدول التي لم تزدهر منذ استقلالها ....قائمة الدول التي تمزقها الحروب بانواعها .. قائمة الدول الفاتشلة.. قائمة الدول التي تحكمها عصابات العسكر والجهوية .. تفشي المحسوبية والفساد باسم التمكيين والولاء قبل الكفاءة

ضياع الهوية : الخلط بين الدين والهوية .. ربط اللون والهوية .. ربط اللغة بالهوية ..... الفشل تماما في معرفة محاسن التنوع العرقي والثقافي .. المبالغة في تضخييم الذات ...

ألأخ ابوبكر
يجب ان نهزم سؤال الهوية لنري من نحن