تمرد ( قمبا ) بداية متاعب سلفاكير أم نهاية احتقان

التمرد الالمحدود الذي شهدته مدينة جوبا يوم الجمعة حدث بالغ الدلاله علي صعيد الاوضاع بجنوب السودان .
وتعبير تمرد كمصطلح عسكري يعني الخروج عن الضوابط واللوائح العسكرية الصارمة للجيوش النظامية في التعبير عن مشكلاتها فاللوائح العسكرية تحظر الاحتجتج والتظاهر كما هو الحال في الاوساط المدنيةبيد ان منسوبي الجيش الشعبي من القوات المدمجة خرجوا عن لوائح الانضباط العسكري وسار مجموعة من الجنود لداخل المدينة قاصدين مقبرة الراحل د. جون قرنق مشرعين اسلحتمه في معسكر قمبا الواقع شرق مدينة جوبا وهم يطلقون الرصاص في الهواء ويتأبطون قلة مشكلة قلة مرتباتهم الشهرية مقارنة برواتب زملاء لهملم يتم الاستيعابهم في القواتالمشتركة المدمجه ويتم الصرف عليهم من قبل حكومة الجنوب فيما التزم من القوات المسلحة المدمجين في القوات المشتركه الانضباط التنظيمي الصارام في مفارقة بين التكوين النظامي والتكوين المليشي او الثوري كما يحلو للجنود تسمية انفسهم وتقول حكومة الجنوب إن جنود الحركة الشعبية من غير المدمجين في القوات المشتركة تعذر على حكومة سلفاكير دفع رواتبهم في الشهور الأخيرة ونجحت حكومة الجنوب في توفير مبالغ مالية مكنتها من صرف رواتب ثلاثة أشهر دفعة واحدة وفي غياب التوعية ودور التوجيه المعنوي وسط قوات الحركة الشعبية أعتقد الجنود أن ثمة تمييزاً بينهم ورفقاء دربهم في القوات غير المدمجة وبدأ الاحتجاج الذي لم يخلف خسائر في الارواح لكنه ترك من ورائه علامات استفهام عديدة في الخارطة الجنوبية.
هذا كما اوردته صحيفة اخر لحظه الصادرة يوم الأربعاء 27 ديسمبر 2006م، 7 ذو الحجة 1427هـ العدد 156

فالجنود المحتجون اتخذوا من مقبرة د. جون قرنق ملاذاً لهم وتمترسوا حول المقبرة في إشارة عميقة الدلالة ولها ماقبلها ومابعدها فالرمزية التي لاذ بها الجنود الغاضبون تمثل للحركة الشعبية وقطاعات واسعة من الجنوبيين الحلم الذي مات والأمل الذي تبدد والملاذ والحضن الدافئ الذي فقدته الحركة الشعبية، فهل تجمع العسكر الغاضبين حول مقبرة الراحل د. جون قرنق بمثابة ندب لحظ أم إن الحسرة قد أكلت القلوب على الرحيل الفاجع لقائد يعتقدون بيده حل كل مستعص وأب روحي حان على جنود قاتلوا معه لـ 21 عاماً فأخذه الموت بغتة وتركهم في رمضاء لايدركون متاهاتها..

ثم خرجت السيدة ربيكا قرنق أرملة الراحل وهي وزير نقل بحكومة الجنوب وضابط سابق في قوات الجيش الشعبي تدربت في معسكر بلقام باثيوبيا شأن معظم قيادات الحركة الشعبية ودخلت ساحة الإعلام من خلال إذاعة صوت الأنجيل التي أصبحت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي إذاعة الجيش الشعبي والتي لعبت دوراً في التعبئة لصالح مشروع الحركة السياسي والمعنوي للجنود في الميدان ثم انتقلت في مرحلة لاحقة لقضايا الشؤون الإنسانية إلى جوار أليجا مالوك ثم اقامت قرية أو منتجع نيوسايت لتربية ورعاية الأطفال اليتامى وبخروج ربيكا قرنق للجنود الغاضبين ونجاحها في تهدئة خواطر المجموعات الثائرة والغاضبة على حكومة الجنوب والتي رفضت الاصغاء لقيادات أخرى من الحركة الشعبية واشترطت قدوم القائد سلفاكير بنفسه حتى يبث اليه الجنود مشكلاتهم وشكواهم التي دفعت للتعبير الخشن.. ونجحت السيدة ربيكا قرنق في احتواء تظاهرات الجنود المحدودة ولهذا الموقف أكثر من دلالة ومعنى فمن جهة أثبتت ربيكا قدرتها وشعبيتها في أوساط المقاتلين و(فرزت) موقفها كوزير في حكومة الجنوب وقيادية في الحركة من موقف بقية زملائها في الحكومة وقيادة الجيش الشعبي.

ولتأثير ربيكا الكبير على منسوبي الحركة الشعبية ورمزيتها التي تتجاوز دورها الحالي كوزير في حكومة الجنوب إلى دورها كأم للحركة الشعبية ولكل أولاد الراحل د. جون قرنق وما أكثر أبناء الراحل في الجنوب وحتى في الشمال من القيادات العليا في الحركة القاعدة العريضة من المقاتلين.

ثم ماذا يا فدوى
ارى تحت الرماد وميض نار

جااااااااايه عليك اخ امجد
تشكر علي المتابعه والمرور

وبعد أن وعدت السيدة ربيكا قرنق الجنود الغاضبين ببحث مشكلتهم وايجاد حلول لها دخلت حكومة الجنوب ومجلس الأمن لجنوب السودان والقيادة العليا للجيش الشعبي في اجتماع مارثوني مطول أفضى في نهايته لقرارات معلنة بحظر التجوال داخل مدينة جوبا ليبدأ من الساعة السادسة مساءً وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، وجوبا وهي مقبلة على أعياد رأس السنة والكرسماس درجت على السهر يومياً حتى الساعات الأولى من الصباح على أنغام الموسيقى الافريقية الصاخبة وصالات الرقص التي لم تغلق أبوبها حتى في حقبة الحرب والصراع الدامي حول جوبا العاصمة التاريخية للجنوب وترك قرار فرض حظر التجوال مفتوحاً دون تحديد لنهاية سريانه وكعادة الأنظمة العسكرية وردت العبارة التالية يظل حظر التجوال سارياً إلى حين صدور قرار آخر فهل تفسد قرارات فرض الحظر واضطرابات مدينة جوبا على سكان المدينة بهجة أعياد الميلاد ورأس السنة أم يستتب الأمن في غضون ساعات أو أيام ويتم رفع حظر التجوال؟ والقرار الآخر الذي صدر من الاجتماع المارثوني هو تكوين لجنة تحقيق من كبار ضباط الحركة الشعبية لمعرفة أسباب إحتجاج الجنود وتمردهم على قيادتهم واقتصر القرار تكوين اللجنة على ضباط الحركة الشعبية رغم أن المجموعة التي تمردت تنتمي للقوات المشتركة المدمجة!! ثم تبع ذلك قرار آخر نص على تجريد المحتجين من السلاح إن لم يشمل ذلك كل الموجودين في معسكر (قبما).

فهل احتجاج وتمرد العسكريين في جوبا هو نهاية لمرحلة شهدت شداً وجذباَ وتعثراً في إنسياب رواتب قوات الحركة الشعبية المتبقية من القوة المندمجة ونصوص اتفاق الترتيبات الأمنية والعسكرية تضع الصرف على قوات الحركة الشعبية على عاتق حكومة الجنوب وحدها؟؟ مع وجود إلتزام من قبل المانحين وشركاء مفاوضات السلام في نيفاشا بتقديم معونات لحكومة الجنوب تمكنها من الوفاء بالتزاماتها الخاصة بالصرف على جنود الحركة الشعبية!! فهل أوفت المجموعات الدولية بذلك أم نكصت كما نكصت عن دعم المناطق المتأثرة بالحرب في بقية أنحاء البلاد.

وهل تمثل احتجاجات الجنود وتمردهم بداية لمتاعب حقيقية لحكومة الجنوب وفصلاً آخر للاضطرابات الداخلية في الجنوب؟.
دعوة للنقاش