مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني

مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني


04-02-2006, 04:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=3&msg=1166692478&rn=126


Post: #1
Title: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-02-2006, 04:57 AM
Parent: #0


كان ذلك المشهد الخريفي رائعا. تجمع الصبية من كل أقطار الحي وعلت أصواتهم في فرح خرافي بميدان حي المعلمات شرق المدرسة الأميرية. فقد دق الجرس الكبير في بخت الرضا صباح ذلك اليوم في غير ميعاده والتلاميذ في الفصول يتلقون درس الحصة الثانية، بعد أن تكاثفت السحب مجبرة ضوء الشمس الحيـّـيِّ أن يتوارى معلنا الانهزام ، تاركا تلك الغيوم تستلم صفحة السماء، تملكه وتجوب فيه حرة مشكـّـلةً لوحات جميلة. تمسح السماءُ العنيدة بعضا من الرسوم، فتتكون أخرى لا تلبث أن تزول. ويظهر برق هنا وهناك يعقبه هزيم الرعود فيظهر شكل جديد ولوحة أخرى مما يوحي لعقلي الصغير، أن البرق والرعود هما اللذان يمسحان تلك اللوحات ،والملائكة ترسم صورا أخرى، أخالها ديوكا جاءت تؤذن لصلاة المطر أو أشجارا مدت فروعها الظماء ترجو نوال الغيوم . خشي ناظر المدرسة على تلاميذه من تلك السماء المنذرة بوابل غزيز، فأمر العم يوسف أن يقرع الجرس. و أذن مؤذن أن انصرفوا ولم يتم الرجل نداءه؛ حتى خلت الفصول ممن فيها عبر الأبواب والشبابيك.غير عابئين بذاك المعلم الواقف أمامهم، والذي يستجديهم أن ينصرفوا في هدوء. انطلق طلاب سبعة أو عشرة أنهر وكل واحد منهم كأنه نهر شديد الانحدار يرجو مصبه في المدينة ، قاطعا المزارع، بين الدويم وبخت الرضا في لمح البصر.
هطل المطر قبل وصولنا لبيوتنا ولكن لعجبنا لم يكن غزيرا كما توقعنا مثل المطر الذي نزل لأيام خلت؛ فهدم البيوت وعطل رحلات البصات بين الدويم وكوستي
خاصة منطقة العين. وهنالك خمسة جسور مشهورة قبل مشروع العطشان. صارت دعوة مكروهة تدعو بها على من أردت أن تدعو عليه فتقول:
بركــة اللــيل الأمـســى
وكبارى العين الخمسة
فيستعيذ الحاضرون ، خاصة إذا كانوا سائقي لواري أو بصات. تعطلت الحركة بين الدويم والخرطوم . لم يتحرك بص رمبيك ولا التوحيد. صرنا نرى العم النور وشميس يجولان وسط البلد في أوقات السفر. امتلأ خور العلقة بالماء ولم تعبره أي مركبة لمدة عشرين يوما . عدا قائد سيارة واحدة؛ فغاصت في الماء ولم يستطع حتى التراكتور جرها إلا بعد جهد جهيد. مضت أيام قلائل؛ فجف الماء. وكان بطلنا سيد عتود أول من غبر الخور بجرأة نادرة. غير أن آخرين قالوا إن أول من عبر الخور كان الطيب ماريقا الداهية المشهور والسائق القدير. وقال ماريقا :
حـَّرم اتحركت من جبل أولياء فجر. الساعة عشرة صباح دخلت شبشة والنسوان يزغردن لي زي الزعيم الأزهري.
كان الجمع كبيرا بميدان حي المعلمات، وضاق الميدان الواسع بهم، وإن فتح لهم صدره برحابة وكرم بالغين. فقد أعد لهم ( الربعة ) الخضراء وقليل من التبر تبر ونباتات أخرى نبت كلها دون أن يزرعها أحد (بروس). وخلا الميدان من نبات الحسكنيت مما جعله ملعبا مناسبا لهم
مرت الحياة عادية ، طاحون العم رجب يجـِـفُ قلبه بخفقان رتيب. يتغير عندما يخلو من الدقيق ثم يعيد سيرته الأولى بعد أن تسمع كشكشة الذرة في صدره الحديدي ، وقد صب له الأسطى كمية ذرة إضافية من ( قفة) أوجردل. ويتخلل ذلك طقطقة السير مكان خياطته إذا اصطدم بالدولاب الحديدي. وكنا نردد مع ذلك أحيانا ألحانا ننشئها ونحفظها.
كتلنا الكلبة كتلنا الكلبة كتلنا الكلبة
تاك تاك تكتك تاك
وألحان أخرى انسربت الآن من أدق مسام الذاكرة أو دفق عليها الشيب فغطاها بالنسيان.
انشغل الصبية في قلب الميدان بلعبة شارك فيها الجميع ، سوى واحد انصرف إلى دكان سعد الغسال؛ فقد بث المذياع أغنية حبيبة لقلب ذلك الطفل. انصرفت إليه، أشاركه السماع.
كان الصبي هو محمد إبراهيم الجاك وكانت الأغنية ،
يا ناس شوفو لي حـلل
البريدو من زمن الجهل
وانا عـقـلــي انـشــغـــل
كان يصدح بالأغنية المطرب أبو عبيده حسن. حدثني الصبي عن المطرب، بإعجاب وتقدير، فقال لي:
- إنه نجار صنع آلته ( الطنبور) بيديه. ألف كلماته بنفسه ولحَّـن اللحن وحده، وهو صبي لم يتجاوز العشرين.
- عجبت من ذلك فسألته عن مصدر هذه المعلومات الثرة ؛ فقال إنه سمعها يوم الجمعة من برنامج دنيا دبنقا الذي يحرص على سماعه.
ما أن انتهت تلك الأغنية حتى بث المذياع أغنية أخرى.
يا دنيا ما بتنقدري
شلت صغيرا قدري
وفي المنام دموعي بلن صدري
ما دوامه الله هوي ما دوامة
وغاب خليلي في صمت مذهل فأدرت بصري تجاهه . رأيت دموعه قد بلت صدره، فعلا؛ فأجهشت بالبكاء. فقد تذكروفاة صديقنا الحبيب عبده تاج الدين الذي لم تمضِ على وفاته، سوى أيام قلائل. إثر حادث حركة مؤسف. وكان السبب هو شقاوة الطفولة ذاتها التي نمت بنا إلى هذا المكان. وكان أولى بنا الميدان الذي أما بيوتنا.
لم تدم لحظة الحزن طويلا؛ فقد سمعنا صوت حزام اليماني صاحب (الكنتين) المقام في منزل الفكي حسين وهو يصرخ بأعلى صوته:
والله لو ما عشان بوك ( أبوك) كنت وديتك الإصلاحية زي (فلان) وذكر الاسم . و صوت الحاجة مدينة مستفسرة فساقنا الفضول جريا إلى دكان حزام.
حكى أحد الواقفين القصةن متطوعا، فقال:
جاءت الحاجة مدينة إلى حزام وسألته بعد السلام عليه:
دحين آحزام ما شفت لي ولدي؟
ثار حزام دون مبرر يذكر وقال لها بلهجته اليمنية:
- والله ما ادري عن دين أمه.
فظنت أنه يسبها أو يسب الدين ولحقته بثورة لا تعدلها ثورته.
اعتذر حزام للحاجة . وتدخل الراوي من جديد يحكي للحاجة السبب.
قال لها : إن حزام كان خارج دكانه يساوم حاج عبد الله في قيمة الفارغ من صفائح الزيت والطحينة والجوالات. دخل حزام دكانه فجأة ليرى (فلانا) منكبا على صفيحة الطحنية بفيه يسفها سفا. وقف حزام مذهولا يراقب الصبي . لم يحس الصبي بقدوم حزام، حتى رفع وجهه من الصفيحة، يستطلع الموقف ثم يواصل، فذهل بوجود حزام داخل المحل يراقبه . دارت عينا الصبي في محاجرها وكادت أن تخرج مثل لسانه الذي تدلى جافا رغم زيت الطحنية الذي يعلوه. أيقن الصبي أنه قد وقع، ولا مخرج فاليمني واقف بالباب الوحيد وفي يده سكين الجبن.
فاجأ اليمني الصبي بقوله:
كـِــلْ كــِلْ يا بني . أمس أكلت العنزة من الفول وما حد سألها.
ضحكت الحاجة مدينة عند هذا الحد من الرواية وحرمتنا من سماع نهايتها وكيف خرج الصبي وماذا فعل به حزام ( اليماني). ضحكت ثم قالت :
- والله النصيحة لي الله إتلـــــــــــووم. ما هو أبوه فاكيه ســــــــــاكت. أكان تكسر رقبته ود الحرام ده يا حزام.
هم حزام بطرد كل الواقفين الذين تجمهروا وساقهم الفضول لمعرفة الحدث ولكن قبل أن يفعل، كان قد جذبنا صوت لوري يئن في الوحل.
كان اللوري قد دخل في الميدان الذي أمام دار الأمومة ( المركز الصحي الحالي) ولم ينتبه سائقه إلى أن الجدول الذي أمامه كان عميقا جدا فوحلت المركبة وكادت تنكفئ من محاولات سائقها المزمجر مثل زمجرة ماكينة اللوري.
قال لي يوسف حسين (عصام)، وكان قد وصل قبلنا:
- خسارة أوستن 6 ب ح زي ده لسه صندوقه تخشيبه ودمها فيها ، الحمار ده يوحلها؟
فقلتله :
- لو كانت سفنجة بيد فورد ما كان وحلت .
- إنت حمار ولا شنو ده الأبيض ضميرك، يا جاهل.
- * والله عربية أحسن من السفنجة ما في أسمعها بتبكي كيفن. مالك ما سمعت كوزها وكت يكورك واي واي وااااايــــــي.
غضب يوسف وغضبت،.علت أصواتنا فاقترح ود الخليفة(عبد الله)، أن نشجع القائد أو نساعده، بدلا عن الشجار. وفعلنا نزولا لرغبته وعلت أصواتنا بالغناء:
- الأبيض ضميرك
- الخور ما بشيلك
- الطين ياهو هيلك
- وســواقك دليــلك
- تاي تاي
- الأبيض ضميرك حـديدك ديمه جديد
- الأبيض ضميرك سواقك ما هو بليد
- تاي تاي
- مرفعيب الخلا يا ود الناس
- صـدرك عـاتي يا الرفـاس
أحس السائق بالرضا وعدل عمامته في رأسه ووقع لنا اللحن ببوق السيارة
تاي تاي
تاي تاي
الأبيض ضميرك أقــلعْ هدومــك وعـُــومْ
أبيض ضميرك تبيت الليلة في الخرتومْ
فرح السائق و بلغت النشوة منه مبلغا غظيما؛ فأخرج حقة العماري. فتحها بغطرسة واضحة و(كشح) السفه في فيه، إيذانا منه بعزمه على شيء جديد.
نادى السائق،المساعد الكبير وهمس في أذنه؛ فأنزل الصاجات وغرسها تحت الإطارت بعد أن حجز الماء بجسر ترابي ؛حتى لا يتسرب تحت الإطارات.
علا تصفيقنا وغناؤنا وأدار الرجل الموتور ثم بدأت المركبة تهتز وسائقها كذلك. ثم شرع يعالج (عصاة) السرعات بمهارة فائقة، ورجلاه تتحركان بسرعة كأنه يقود دراجة لا سيارة، حتى خرجت المركبة من الحفرة مثل الزورق البخاري . خَـفـَـتَ النهيتُ، وبرد ت الماكينة وطارت قلوبنا من الفرحة.صفق كل الحضور ولم تبرد أنفاسنا ولم نسكت عن الغناء والسائق يوقع لنا اللحن.
تاي تاي
العروس الليلة مرقت بره
سواقها سوالها مضـَـرَّه
تيمس يا بحديدةً حـُـره
الليلة أمرقْ في جبل مره
تاي تاي
دعانا سائق اللوري لركوب المركبة فركبنا معه وطاف بنا الدويم؛فزادت حمى الغناء في قلوبنا وحناجرنا. ولا زلنا نغني حتى أنزلنا السائق الذي عرفنا اسمه في نفس الميدان.
تاي تاي
تيمس أصيل وسواقك إدريس
شويحي حر ما هو مطيميس
تاي تاي
التيمس الجـدع العــربات في اللفة
سواقو عصرو خلى الخلوق تتكفه
تاي تاي
نسي المساعدان كل التعب وشرع الكبير ينشد:
اللـــــــــيــــــــــل ... ديلك تلاته نجوم
واحده بالشرق والتانية في الخرتوم
بت ناســـا عــزاز في المخــده تنـوم
قطعت كبيدتي... وخلت قليبي يعــوم
فجاوبه المساعد الصغير:
وكت الليل يبرد والخلـوق ترقد تنـوم
جلدي انا خليتو لي الدابي والبعشوم
بت الحاج عبد الله أم تلاته رشـــوم
جدعت فستانها ولبست هدوم النوم
اليل الليل
رد المساعد الكبير بعد أن هللنا للمقطع المثير:
ســـــاعة الخـلــوق نامــت واتغــتت
الرويحه ضـــاقت والكــبد اتحـــتت
الخلاني هايم ديمه وفكــري مشتت
مسلة بت فلان الفي النفـَـسْ اتغزت
طرب السائق فأوقف المركبة التي كان يتهادى بها، وهي تمشي الهوينى قرب النيل. أخرج رأسه ورفع عقيرته بصوت ذي جرس قوي ولكنه ناعم لا يناسب حجم السائق البدين. ثم قال:
الليل الليل ... هي هي ويمد صوته في أبعاد لا نهائية في جمال منقطع النظير:
الحوش الكبير أب تلاته خشوم
سكنو الغـــزال الحــاميني النوم
الصـُّـلاح يا أهـــل الله عـُــمُــوم
تداووا جـــن الجـنى ود كلتــوم
لا زال ذلك حالنا ؛ حتى ودعنا السائق وأنزلنا في ميدان الحي. وتحركت مركبته تحمل معها ألف ذكرى طيبة حفرت في نفوسنا الصبية وأعيننا تكاد تلتهم المركبة الفتية. بكى يوسف أسفا معتذرا وقال:
يا حليله! والله إدريس أنا ظلمتو. سواق فقري عديل.(نقول فقري للإطراء).
زاد صوت (الكوز) رنينا وهو يزغرد في المدينة الهادئة، لما زادت سرعة المركبة مبتعدة. كان الصوت يشق الفضاء وينفذ إلى سويداء قلوبنا. ولا زلنا نسمع تاي تاي؛ حتى امتصها الفضاء العريض ولا زالت في نفوسنا ذكرى حلوة لإدريس ود الهلبة. إدريس الذي سمعنا بعد أقل من شهرين أنه توفي وغرقت عربته الأوستن 6 ب ح وهو يهم بالدخول في معدية ود النجومي.
وعلق يوسف المغرم بالأبيض ضميرك:
- والله بس عين.
لاحظت أن بعض الصبية في الطرف الغربي للميدان كانوا يملــِّـسون الأرض بالماء حتى تصبح زلقة ، يسقط فيها الغافل من المارين، ولم أحفل بذلك. ومر في تلك اللحظة جيمس (باكمبا)، المجنون، وهو يحمل علبة الأنناس الفارغة وبداخلها بعض الحصى وهو يكشكش تلك العلبة، ولا يمل ذلك إطلاقا وإذا سأله أحد رد عليه قائلا:
- جينا أسه مضروبين تريس.
لا يفهم أحد كلام هذا المجنون ولا يكرهه أحد فقد كان مسالما. حسب الصبية أن جيمس سيسقط في الفخ. ولكنه لما وصل الموضع الزلق. وقف أمامه ينظر إليه ويضحك ويداه لا تفتران من العزف على علبته. ثم تحدث بلغة محلية لغة أهله الزاندي. ثم بأخرى هي الإنجليزية ولا يعرفها أحد منا . ينفعل الأمين تاج الدين قائلا:
- ديشك الزول ده ما كان في الجامعة. سامعنوا بكب الإنجليزي ده كيفن زي ناس دجانقو.
انصرف باكمبا الذي نجا من المقلب ولكن سوء الحظ أرسل رجلا بلغ منه السكر كل مبلغ. فتهاوى مرات ومرات ثم سقط مثل جدار قد تهدم. علا الضحك والتصفيق ثم الهتاف:
السكران ود الكلب
السكران عدو الرب
كــافر قرش الضـب
وي وي وي
ياهو يا هو..
سكران بي حقك
ديمه مغضب ربك
والرسول ما بحبك
وي وي وي
السكران العيفه
ما يساوي تعريفه
راسو زي راس النيفه
وي وي وي
والسكران يحاول جاهدا أن يقوم ليسقط من جديد ، حتى تلطخ بالوحل والدم معا. أنقذه مرور الاستاذ أحمد محمد عثمان مدير المدرسة الريفية بسيارته المورس. صاح بصوت جهوري أسكت كل قطط الحي وتوارت كل الفئران. وقد كان للمعلم في ذلك الزمن الجميل سطوة وصوت مسموع وشخصية آمرة. خلا الميدان من البشر . حتى اختفت المورس؛ فتسابقنا إلى الميدان مرة أخرى وقد مضى السكران إلى أرض يعلمها الله. وضاعت على عم نمر بائع النيفه فرصة غالية بانشغال الصبية بالسكران. ولم يلتفت إليه أحد ولم يشترِ منه أحد فغادر الميدان إلى موقع آخر وهو يرفع صوته بالنداء:
نيــــــــــــــــــــــــفه
باسم
ضلافين
نيــــــــــــــــــــــفه
نيفه نيفه
ولم يكن عم سالم بائع الغريبة أحسن حالا من العم نمر. وكان أسوأ الجميع عم عبد الرءوف بائع الآيسكريم، فقد كان اليوم البارد نوعا ما، وغير مناسب لسلعته.
بدأ المطر نزوله من جديد ولكنه كان طلا ، خفيفا ، لطيفا. زاد النشوة فطرب الصبية وشرعوا يستحثون المطر:
يا مطيرة
صـبي ليــنا
في عــينـينا
أنحن صغار
شن ســوينا
ومر بالطريق ود شلقامي فضحك قائلا:
والله إنتو السويتوهو أنحن الكبار ما سويناهو.
ثم وقف المطر فجأة كما بدأ. لم يبق شيء يفعله الصبية غير العودة للعبهم. انقشعت السحب وعاد الضياء إلى الأرض، يحمل لنا الأمل برحلة صيد للطيور تكون موفقة بإذن الله. تحركنا إلى الميدان الواقع خلف الأميرية والمليء بالحشائش وهي مرتع غنم الحي. في الركن الجنوبي الغربي راكوبة صغيرة يتجمع حولها المساجين يحلقون شعر الغنم الذي يصنعون منه الكليم. يظلفون الغنم والأبقار.
جلس محمد عباس العبيد وظهره إلى حائط الأميرية يرسل ألحانا شجية من مزماره الأبنوس
إنت كــلك زينة
وعايمك الوزينة
ويحفظك مولاي
غير بعيد منه التقيل والروم عبدالله (ود النوبة) يشكلان أشكالا رائعة من الطين وكلاهما فنان ماهر. رسم التقيل فيلا كبير الحجم ثم جعل يلمعه بطرف اصبعه المبلل بالماء. ورسم الروم تمساحا ولم ينس التقيل أن يستخدم نواتي تمر لأسنان الفيل. واستخدم الروم قطعا من الزجاج لأسنان التمساح.
نصبت شركي وكان (قلوبية) اشتريتها من راكوبة حسن العبيد. ونصب عبد الله ود الخليفة شركا مصنوعا من شعر حصان. شعر حصان غامر من أجله وشاركه آخرون . دخلوا خلسة إلى اصطبلات الشرطة وكان الشعر من ذيل أكرم الخيول ، حصان إبراهيم السواري . غير أن عصام كان يعتز بشعر حصان آخر وهو حصان كيني مشهور. كان إذا جرى بأقصى سرعته لوى عنقه وكأنه يجري بجانبه ولكن لا يسبقه حصان آخر. ويدور الجدل حول أكرم الحصانين وأنفس شعر ولا يقطع ذلك الجدل إلا ذاك الطائر الذي دنا من شركي ثم غير اتجاهه ثم دنا. ولم نجد حلا إلا أن نغني له.
القديلي يا أبو حوه
القديلي شركك جوه
***
القديلي في المالوفه
القديلي ترتر شوفه
***
تا تا
وكنت أرزم له على صدري وحافظ الزبير يوقع اللحن على الأرض . اقترب الطائر مرة أخرى من شرك الشعر لما رأى الذرة على الأرض . ولكنه غير اتجاهه إلى شركي الحديدي؛ لما رأى الجرادة الصفراء. وكان الطائر يقفز من هنا إلى هناك فقال لي ود الزبير إنه يرقص فحمسه معي.
كاد الطائر أن يقع في الشرك ، لولا أن صبيا جاء يجري ويدفع أمامه إطار دراجة قديم يدفعه بعصاة (ترتار) . كانت العصاة تصر صريرا مروعا مع الحديد فطار الصيد الثمين.
نزل سرب آخر كان كثير العدد، وطفق يحوم بين شركي الشعر والشرك الحديث. ولما ظننا أننا لا محالة سنجد بغيتنا من خير الطير، مر كومر الشرطة العتيق وله ألف صوت. تصوت ماكينته ، أبوابه وحتى إطاراته فطار السرب كله.
صبرنا ننتظر غيره من العصافير فهبط طائر جميل، ذي منقار ملون ففرحت بذلك. تهادي الطائر ، صفق بجناحيه ؛ فعكست شمس الأصيل جمال ألوانه. رقص ثم غرد وكنا نرقبه وقد حبسنا الأنفاس، ولم نقو على الغناء. رقبنا الطائر العظيم ، يدنو من الشرك . حتى إذا دنا العصفور من الشرك؛ هب أحد المساجين وزجر العصفور، ففر والرجل يقول:
- إنتو جنيتو ولا شنو؟ تقبضوا طير الجنة؟ ده شايل مفتاح الجنة في ضنبو (ذنبه وذيله) . دايرين تجيبوا لينا بلية ولا شنو؟
لم نغضب فقد صدقنا قوله . فقد كان حريا بالطائر الجميل، حمل مفتاح الجنة. وهو مؤهل لإخفائه في ذيله الطويل جدا.
نزل عصفوران آخران وشرعنا نغني لهما. ولم تتم فرحتنا بقدومهما فقد حضر جماعة من عساكر السجون (المستجدين) في ساعة تدريبهم ، يضربون الأرض بقوة . ويصفر قائدهم بصفارة لا يملك مثلها، إلا العساكر. وكان صوت الصفارة قويا جدا.
كان العساكر يغنون (الجلالة) بصوت قوي، يفخمونه بحلوقهم وبقية من أنفاس صدورهم التي ألهبها الجري الطويل. كان الجنود يوقعون اللحن بأرجلهم:
هــــــــــــــي فاطمة
ما تودي سلام لي الكمبلة
أنا تعبان من سكة جوبا
ما تودي سلام لي الكمبلة
مضى الركب بعد ذلك مسرعا ونساء الحي يزغردن. فيعجب ذلك الجنود فترتفع أصواتهم بكلام غير مفهوم وزغاريد ليست شبيهه بزغاريد النساء. ولكنها أقرب إلى العويل. وي ويييي يا غودا
بربا بربا
حي حـــي أنا
ثم يحولون اللحن إلى آخر:
عيال بقاق
الشارع كلو بقاق
تركنا ما كنا فيه فقد كان يوم صيد خائب. أسرعنا خلفهم نتمتم ،بما لا نفهم ولكن يعجبنا إحساس بأن الأرض تهتز تحت أقدامنا. نظن زغاريد النساء لنا ولا نرجع إلا بعد وصول الموكب إلى السجن. نرجع بيوتنا بعد حلول الظلام و ننال عقابنا لتأخرنا. فويل لنا إذا غابت الشمس ونحن خارج الحي.
نبدأ بعد المغرب لعبا من نوع آخر أمام بيوتنا. كديس مين نطاك ، التيل فات، فرتغيزك، شدت ، شلعت، شليل و ألبد يا لبد. حتى نسمع من المذياع موسيقى الأطلال وهي مقدمة برنامج لسان العرب للمرحوم فراج الطيب فنعرف أن التاسعة قد دنت فنجرجر أذيال التعب. ... ونصحو ليوم جديد.



Post: #2
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: أحمد الشايقي
Date: 04-02-2006, 05:19 AM
Parent: #1

الاستاذ أبي عز الدين,


مرة واحدة


هـذا أمر لا يصـدق,



مراحب أستاذ أبي وبك تشرفت سودانيز أون لاين دون أدنى شـك


أرحب بك على اتساع البورد والوطـن,


خالص تحياتي



أحمد الشايقي

Post: #3
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: elham ahmed
Date: 04-02-2006, 05:22 AM
Parent: #2

العزيز
أبى عزالدين
سلامات ومراحب
اكيد ما ح تعرفنى !

Post: #6
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-02-2006, 01:45 PM
Parent: #3

يا ســـــــــــــــــــــــلام
ولم تجربي على ضعف الذاكرة، الشيء الوحيدالذي لا أعرفه في الدويم هو ما حواه باطن الأرض غير الأموات . كل ذرة تراب وكل من وطئء ذلك التراب. مرت الأيام وتزوج الشباب أتمنى لهم السعادة.
الحي العاشر وفسحة محمود الشايقي وحاج أحمد وعلوب و.. وعزيزنا المهندس الذي رحلت عائلته كلها قبل مغادرتي الدويم عام 1989 بتاريخ النكسة. التحية لك الأسرة والتحية للزميلة العزيزة أستاذه هند وتحية خاصة لأستاذي الجعلي ولكم حبي جميعا

Post: #5
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-02-2006, 01:38 PM
Parent: #2

بل مرحبا بكم جميعاعلى سعة الشوق لهذه الحبيبة الدويم التي حسبناها بداية المطاف فقط فصارت كل شيء، كل شيء. حلم نعيشه في الصحو، لنصحو من صحونا على إشراقتها السجساجة التي ستظل تشتعل فينا إلى يوم القيامة كما قال استاذنا عالم عباس
أجيئك في المسا المخضل بالرعشات
محمولا على جنح الوسامة
هذا زمانك أن تظل أسير من تهوى
وبينكما علامة
أن تنبضا وجدا وتحراقاومسغبة
تمد جذورها عمقا
إلى يوم القيامة
* * *
والعلامة هي تواصل هذه القلوب رغم مر السنين وجور بعضها ، من كندا وأمريكا والخليج ولندن و... لتصب كلها في شريان الدويم فلكم حبي جميعاوأهدي لكم كل ما كتبت عن الدويم بإذن الله. والشايقي واحد من الذين شجعوني وأخرجوني من وهدة الكسل ليخرج كتاب أوراق من الدويم كاملا
وشكر خاص جدا للأخ الطيب النصري الذي لفتني لتصحيح خطأ لم يكن مقصودا وكل العذر للشاعر المبدع عالم عباس مخترع ومولد المفردات وهذا لعمري مدرسةتكاد تكون خاصة به إن لم يشركه في ذلك الشاعر المبدع فضيلي جماع

Post: #4
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: الطيب برير يوسف
Date: 04-02-2006, 09:40 AM
Parent: #1

سلامات يا صاحبي الجميل
هل لم تبقى غير الذكرى في منصة الأيام
المدينة حين زرتهاأهدتني دموعاً غزار
(المقابر) زحفت قريباً من سور دار الرياضة
والبيوت تلك سافرت شمالاً
الوجوه التي تعرفها صافحتنا عجالاً
(بعضهم) أنكر علينا (دويميتنا)
سأعمل أن يكون هذا المقام ضفة أخرى لنهر الحنين
وقوسين مفتوحين من (الطلحة) إلى (ضربنار)
خذ السلام وطف به على الأحباب .. ونادهم

Post: #7
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-02-2006, 01:50 PM
Parent: #4

تحدت الرجل وهو لا يعلم أنه رمى بي كلي مدثرا بالعافية إلى ذلك الزمان الأخضر.
كان كل شيء يلقي بنفسه أمام ذاكرتي.
من الطيور:
الزرزور ، قدوم أحمر، الحـِـمـْـبـِـرَّه ، الفـِـرَّة ، القطا ، القمري ، قرين حشاش ، عشوشه ، طيرة المويه ، طيرة التمساح، الغراب ، حديه كـُف ، ود أبرك ، أم قيردون ، خدوم، طيرة الجنة ، القدال أم رخم الله ، حبيب بلاع الدبيب، طيرة التمساح، شراب الكاديك، البلابل، طير البقر(الرهو) ، الدباسة (هي أكبر من القمرية وصوتها كر كر)، السمبرية ، حمروق وطائر أخضر جميل نسيت اسمه فهو يلد ثلاثة أولاد غير القمري الذي يضع بيضتين مثل الحمام ويحضنهما خمسة عشر يوما.
من السمك:
العجل ، الكاس ، بقرة البحر ، قدوم البنات( خشم البنات) ، الكنكيج البلطي البلبوط القرموط التامبيرا، البرده، دبيب الحوت، شلباية ،خادم الميري ، الكواره سواء كانت (صير أو عره)
ومن النبات:
لسان الطير ،التبر تبر، الموليته، الديس،البرسيم، الكاويك( ينمو مع القصب بعد قصته الأولى فيخرج بتيك) القصب، العوير، الهوير،العشر، الحنظل، أم برمبيط ، الصبار، العد، العفنون(وفيه مثل مشهور: عشان التين نسقي التنانين وعشان القمح نسقي العفانين)، ... الواطه ( ود الواطه) والماعونة
من كائنات بحر أبيض الأخر:
التمساح ، القرنتي ، دبيب موية ، عقرب المويه، الورل ( ويسمى رصيفه الذي يعيش في البر الكبجل والأخير يعيش في الجبال غالبا وهو أقرب إلى الضب الذي يحبه السعوديون، غير المسمى ضبا ويعيش في جدران المنازل واسمه الصحيح الوزغ)، أم دليلي ، بت الحور (التي لم أرها في النيل ولكني رأيتها مرة واحدة تمشي في السوق العربي)!
(أهـ . وررورووك يا الطيب حلينا كبرنا) !
أخي الطيب دعنا من ذلك فالكلام كثير وستجد الباقي في بريدك ( لأني بريدك)

Post: #8
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: shahto
Date: 04-02-2006, 06:36 PM
Parent: #7

Abdel muean wad Aljall, shahto, Omer motafa omer and hussein
ya slam ya nas , we got you








Post: #9
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-02-2006, 11:47 PM
Parent: #8

يا راجل انت حي ترزق؟ وين -هجمة خميس -وين - دمعات الصوفية-؟ بل أين -We must die for others to live-? أين كوش؟ أين - آبادماك- الذي سرق غيلة. 1994 كان آخر لقاء بيننا. معقوله؟ ولكني متابع حركتك كويس. كنت محور حديثنا يوم الخميس السابق مع الأستاذ الطيب عبد الرحيم البرشوتي وطلبت بريدك أو تلفونك، ولكن...
تجد كل عناويني في البريد [email protected] وبينا كلام كثير كثير

Post: #10
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: إسماعيل وراق
Date: 04-03-2006, 00:22 AM
Parent: #9

أنه الجمال بعينه حين يطل أستاذي أبي عز الدين البشرى على شرفات سودانيز أونلاين، ما أروعك حين ينسكب حبر قلمك السيال على بساط المعرفة وما أحلاك حين تسرد حكي الكلام الزين..

.
.
مرحباً بك، انه فاصل من ذكريات الزمن الجميل..

Post: #11
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: othman mohmmadien
Date: 04-03-2006, 01:05 AM
Parent: #10

الأيام الخالدة
معزوفة للموسيقار حافظ عبدالرحمن
مرحب بالجميع

Post: #24
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 03:55 PM
Parent: #11

ولك معزوفة الدويم الخالدة وهي لحن وقعته المدينة بنفسها ولكن استعصى علي تدوينه على النوتة الموسيقية فهي لحن لا نسمعه بالآذان ككل الأصوات ولكنه يلج إلى القلب مباشرة إلى مستقبلات العشق والهيام وكل مفردات الحب ليظل الجسد كله يرقص على هذا اللحن الخالد.

Post: #23
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 03:51 PM
Parent: #10

أخي الخطيب المفوه:
سعادتي كلها رهينة بلحظات أقابل فيها أهلي وأحبابي، وأشكر للحرف صولة ما كنت أعرفها عنه. خذ ثناءك علي وصبه كله في إنائك فأنت أجدر به مني.
ولك حبي

Post: #15
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: الصادق خليفة
Date: 04-03-2006, 03:06 AM
Parent: #9

في حضرة جلالك يطيب المقام مهذب امامك استاذي ابي عزالدين وانا مدان لك بالكثير

مرحباً بك وانت تسكب الروعةفي حضرة الوطن الكبير ووطننا الصغير الدويم ودعنى اقول كما قال درويش على لسانه
لم تزل شرفة هناك في بلادي ملوحه
وفم يمنح الملاك أغنيات و أجنحه
العصافير أم صداك أم مواعيد مفرحه
قتلتني لكي أراك
وطني حبنا هلاك و الأغاني مجرحه
كلما جاءني نداك هجر القلب مطرحه

Post: #18
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 05:14 AM
Parent: #15

الفضل لك ولأخي أمين سيد مختار وللأخ إسماعيل وراق فأنتم الذين كنتم حضورا وكنت غائبا فلكم شكري وتقديري. لا أصادق أنني قابلت الكثيرين الذين قطعتني عنهم مشاغل الحياة ولو كنت أعلم أن الهاتف سيظل يلهث ليلحق مكالمة أخرى من صديق لم أقابله لعشر سنوات وآخر لم أعرف مكانه لكتبت كل يوم ،فلك ولكل الدويم حبي وتقديري

Post: #14
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: shahto
Date: 04-03-2006, 02:30 AM
Parent: #7

Al blom , fiy faruo gnna

here is Alshwaf yazoo, to my Brother ADN TO Yashap , Yashap

Post: #17
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 05:08 AM
Parent: #14

الله يجازي ،قصدت تفتح كل شرايين الوجع بظهر صورة؟
سافر وخلى لي صوره
لي البلد العاليات قصورها
كل البورداب مشتاقين لرؤية الوجه الثاني من الصورة ولكني أعرفه
جازى الله من سرق منا متعة اجترار الحلو من ذلك التاريخ وكله كان حلوا ولا يزال
رد الله غربة فرشاتك التي سافرت فينازماناولم تعد تفقه من الألوان إلا لونا واحد ولا أسميه
أهدي لك هذا العمل الآفريقي ، من قلب نيجيريا( ون ججاوا، ونن دكيو) العمل بعنوان المنزل الملعون نزولا على رغبة أخينا - شنكل- والرابط هو
المنزل الملعون

Post: #12
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ودقاسم
Date: 04-03-2006, 01:27 AM
Parent: #1

أهلا بك أخي الأستاذ أبي عزالدين البشرى
الدويم كانت جميلة ، وكانت نضرة ، وأنا شهود على جمالها ذاك ... والآن أبناء الدويم رائعين وفي غاية الجمال ، ولن يعجزهم أن يعيدوا للدويم رونقها وبهاءها ... فالدويم تستحق الجمال ، وهي مؤهلة لاحتضانه ..
وشكرا لإمتاعنا بجمال الحرف ...

Post: #13
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: عبد المجيد محمود
Date: 04-03-2006, 02:03 AM
Parent: #12

الاستاذ / ابي عزالدين البشري
احترامي

ربما يكون حرفي اقصر من أن يطول الروعه فيكم أو يجاري الجمال في كلماتكم ... لكني ارتويت بمطر الشجون وفاضت الدواخل شوقا إلي مدينتي الفاضله وانت تمسح علي خدر السنين بهذه الأناقة ولكأنه شاي عصرية في طرف الغمامه ...
كل الود استاذنا ابي عزالدين البشري وانت حضوراً كامل البهاء

Post: #16
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Nazar Yousif
Date: 04-03-2006, 03:57 AM
Parent: #13

الاستاذ أبى عزالدين البشرى
تحايا عطرة
"السفر الى الايا م الخضر"
هذا الدسم يطول زمن هضمه..ولى عودة..

نزار يوسف محمد حاج الطاهر

Post: #19
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 05:17 AM
Parent: #16

ود الخواجة الأزرق إنت حي في الدنيا دي؟ سلامي لك العائلة فردا فردا ولأخي من الرضاعة وسيلة ولكل الدويم وأرجو المراسلة. وسأرسل لك قريبا عملا بعنوان ٌربيكا باللغة الإنجليزية
ولك شكري

Post: #26
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 03:59 PM
Parent: #13

حتما مثل كل الناس يعجبني الإطراء ولكنا –جميعا- نخجل إذا سمعناه. وإذا كان ما يمدحنا به الآخرون قمة تعلو على هاماتنا فالحياء نصيبنا. ولكن لا بأس أن نستقي طيب مشاعركم. وقد تظن أنني أجر ثوب التواضع تقية في محراب الخيلاء ولكنه إحساس بالوضاعة الحقة لا التواضع الفج في حضرة أهل الدويم قاطبة. هذا ما علمونا إياه – وإن حرمونا متعة الفخر- لما رأيناهم أكرم الخلق وأعلاهم شأنا ولكنا لم نسمع ( الأنا) عندهم إلا في الدعاء (اللهم إني – أنا – العبد المسيء).
شكرا لكم سادتي

Post: #25
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 03:58 PM
Parent: #12

هذا ما عندي وكنزت لكم غيره، لو أجد وقتا لنشره. و أعجبني اهتمام الشباب بالأدب وغزارة إنتاج أعده صحوة، بعد ربع قرن من الكتابة وجب أن أنشر ثم اسلم الراية لكم فأنتم الأمل. وأتمنى مراسلاتكم جميعا.
شكرا للدويم التي أنجبتكم

Post: #20
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Adil Osman
Date: 04-03-2006, 05:55 AM
Parent: #1

الاخ ابى بشرى
سلام يغشاك، يلقاك بخير..

هذه كتابة مدهشة وطريفة وحميمة وتاريخية. لمحت فيها طرفآ من طفولتنا فى الخرطوم بحرى فى اواخر الستينات واوائل السبعينات البعيدات..
ما سر الغرام بالحديد"؟! اللوارى؟ هل كان غرامآ بالحداثة والتقنية الجديدة؟ ام كانت رغبة السفر والتحرر من عزلة المكان المألوف، الضيق مهما اتسع؟
ام لآنّ اللوارى تختصر المسافات الى الحبيبات؟
اللورى حلّ بى دلانى.. انا فى الودى.. يا هذا الحنان.. هذا الشوق للمكان الاول والحبيب الاول..
وشاعر الشايقية ذاك الذى غنى للنيسان" بصوت صديق احمد.
شكرآ لقلمك الحنون، وذاكرتك القوية التى لم تحيلها الغربة الى دلجة ملساء ما فيها شئ!


التيمس


الاوستن


البيدفورد السفنجة

Post: #27
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 04:22 PM
Parent: #20

كتر خيرك يارائع لكن ما جننتني جن بالصور. كان ما أخاف الكذب كنت حلفت اللوري الطرف ده شايفو لكن ما صناعة عمنا عبد الباسط. واليمين يشبه لوري عمنا محمد أحمد كرار كان مكتوب عليه بي وره
_ الدكتوره - وتعطل اللوري لفترة طويلة ومرة قابلت عمنا وسألته عن الدكتوره فطفرت دمعة من عينيه مسحها في غير حياء ثم أجهش بالبكاء وقال لي:
الرسول يا أبي انت طاري الدكتوره؟ حرم أعمرها من باكر مهما تكلفني
وقد كان. لوري عمنا حاج عبدالله - لوري التراب- ولوري كحلي وكلها بيد فورد ولوري عمنا محمد أحمد والد ناس فخر الدين وكان تيمس. لوري حسن جابر سفنجه كحلية لوري السجن سفنجة خضراء ولكنها كانت غبراء لا تكاد تعرف لها لونايقودها عمنا المساعد بابكر ومحمد عطا المنان ولوري مكتب التعليم ويقوده الأمين المرير ولوري البطري ونسيت اسم سائقه رغم أنه نفس اللوري الذي دهس والدنا رحمة الله عليه. ولوري آخر كان في روتو وكان من فصيلة المرسيدس وبجواره في نفس البيت كومر يعمل لنقل الخرصانة من جبل عرشكول. كومر الشرطة وكومر بخت الرضا المشهور بالكنتاك والذي قاده من السائقين أحمد الطيب خلف الله والد الفنان عماد أحمد الطيب ، عم محجوب وهو من الحلة الجديدة والطيب بشير باعو وعمنا علي عبد الله. وكومر هيئة توفير المياه الذي يقوده عثمان محمد علي ومصطفى هاشم من أهل الأبيض - سوق عكيفه- وكومر المديرية الذي قاده العم جوي والعم محمد عبدالله كوشه و ... والمقام لا يطول لغير ذلك من لواري الجبنة ولواري الزيت والثلج ولواري عمنا الأمين عبد السلام
فلك شكري وحبي ولكن قصة العشق هذه طويلة. وفتنة قديمة وأذكر طرفة للأخ فرذدق خلف الله القريش لما سمع مؤذن مسجد أبهل أبوسنينة يرفع صوته خلف الإمام ربنـــــــــــا ولك الحمد فأعجبه ذلك فهتف بأعلى صوته أرفع... وهي عبارة نحمس بها سائقي اللواري

Post: #21
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Amin Elsayed
Date: 04-03-2006, 06:22 AM
Parent: #1

احكي يا خوي احكي
انت ادري بتلك الدروب
جربت كل شئ!!
لم توقفك محاذير او تابوهات
قادر علي صنع الدهشة والجديد

أبي البشري اول من نبهني لافريقيا
حكي لي عن ميري في اول بدايات قصصه
كان ينظر جنوبا حينما كنا لا نري الا شمالا
كان يحلم بزمبابوي ويوغندا

وكنت مفتونا بشمال المتوسط
هاجرت الي الشمال فوجدت الاكذوبة الكبري
بقي وفيا لجنوبه فامتلأ بالسكينة
تربت يداك
تبت يداي

امين سيد مختار

Post: #22
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: إسماعيل وراق
Date: 04-03-2006, 07:30 AM
Parent: #21

التوحيد.. الرمبيك
ثنائيان.. كالأشبال والوطن
كنت أشجع التوحيد ربما لصلة القربى مع مالكه التجاني محمد إبراهيم، إنجذاب نفسي أليست كذلك.
الرحلة ما بين الدويم وأم درمان طويلة وشاقة ولكنها ممتعة.. لا أزال أتذكر مقولة حبوبتي حين تهم بالركوب على أحد البصين، يا مسخر الحديد لنبي الله داؤود.. إسمه البص السريع وبلغة كبارنا الباظ السريع.. لا أعرف له سرعه تجعله يتمتع بهذا الإمتياز وبهذه الصفة ومؤشر عداد سرعته لم يتجاوز الثمانيين كيلو في الساعة.. ربما بإيقاع ذاك الزمان كان سريع.. حكاوي سيد عتود والطيب ماريقا كألف ليلة وليلة خاصة ماريقا صاحب النكتة السريعة، يحكي أنه ذات يوم دخل بسفنجته (يا جماعة عربيتو) المعروفة أحد البلدات (الحواشات) ففعل ما فعل بها من تخريب للزرع فما كان من صاحب الحواشه إلا وتأبط عكازه هاجماً على ماريقا، تدخل الأهالي لفض الإشتباك وصل الجميع لتسوية أن يخرج ماريقا عربته من الحواشة، رفض صاحب الحواشة العرض بحجة أن خروج العربية سوف يتسبب في مزيد من التلف، أحتار الأجاويد في حل المشكلة في أثناء هذا الجدل صاح ماريقا .. يا ود جيب لي عمتي من التنده ديك.. أتى الكمساري بالعمامة، فما كان من الطيب إلا وجلس على الأرض المبتلة وصار يلف عمامته وبعد الإنتهاء من عملية اللف قال لصاحب الحواشة "سامع يا زول أنت مش قلت يطلعوا العربية دي من حواشتك.. رد الرجل ... نعم.. ثم قال له ماريقا.. أسمع أنت مش قلت ما نحركها شبر واحد عشان ما نكسر ليك القصب.. رد الرجل.. آآآي... قال له... طيب خلاص أنا عملت ليك عمتي دي وقاية عليك الله تعال شيل العربية دي وختها لي في رأسي الكبير دا عشان أطلعها ليك" فأنفجر الحضور بالضحك بما فيها صاحب المشكلة وقال ليه يا زول خلاص طلع عربيتك بنفس الدرب الجات بيهو.. قال الطيب ماريقا.. ربنا يقدرنا على الصراط المستقيم دا .
هكذا كان ماريقا.. صاحب نكتة يتحلق حوله الجلوس متكأكئين عليه تكأكأهم على ذي قمرة..
التوحيد... وما أدراك ما توحيد.. من الدويم للطلحة ثم شبشة.. وصوت المغني يردد..
الباص السريع القام حباني خلا الحلة ضلام.. حباني
شبشة جاها بتقدل حباني... خلاص الباص وصل أبقر.. حباني
ما بين شبشة وأبقر منعطفات كثيرة.. وقرى جميلة، وتلال بيضاء كثياب المصطفين على أرض مقدسة.. عريك.. تلك القرية الوادعة.. الشطيب بلد التقابة، النوبة والطار.. البنوناب تلك القرية التي تسكن على تل رملي منبسط كدنانير من فضة.. لا يفصل بينها وبين فرع الخنجر سوى أمتار قليلة.. عشير ود الضو.. عشير ود كومة محطة يقف عندها البص لدقائق... الترعة الخضراء، مكان له تاريخ وعبق... الخنجر، أسم له دلاله عند أهل التصوف، وعليها يرقد أهلنا الشهباب.. الحافظين الكتاب.. الساقيهم الوهاب.. هكذا تقول حبوبتي.. ومنهم الخليفة محمد نور أبو شمله.. سمي بذلك لتصوفه وزهده..
.
.
سأواصل

Post: #28
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-03-2006, 04:31 PM
Parent: #21

أخيرا صحيت يا أمين جوالك مغلق 24 ساعة في اليوم.
شكرا لأخي أمين فهو من أعد اشتراكي في المنتدى
ولكن إن كانت الدهشة عند الناس صنعة فعند البعض قدر يسوقك إليه مثل العطسة، مكرها. ولكنكم صناع الفرح. أعلم مدى سعادتك يقينا وليس مجرد إحساس
الشمال شل خاصرة الأغاني ، وبح صوت المغني.
هل تقوى قلوبنا على فرحة العودة مثل ما صبرت على الغياب؟
هل تملك ضمائرناقدرة التلون في مهرجان الإياب؟
كذب من قال قد رآنا نعانق الأحباب
في نفس الدروب ومن رآنا نخطو على التراب
ملحوظة
المقطع الأخير نثري وليس شعرا. أظنك فهمت قصدي

Post: #29
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: othman mohmmadien
Date: 04-04-2006, 02:38 AM
Parent: #28

Quote: ولك معزوفة الدويم الخالدة وهي لحن وقعته المدينة بنفسها ولكن استعصى علي تدوينه على النوتة الموسيقية فهي لحن لا نسمعه بالآذان ككل الأصوات ولكنه يلج إلى القلب مباشرة إلى مستقبلات العشق والهيام وكل مفردات الحب ليظل الجسد كله يرقص على هذا اللحن الخالد.

وهو كذلك
أطلعت على هذااللحن حينما أختلطت بهم في ديار الغربة
اي أبناء الدويم

Post: #30
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Adil Osman
Date: 04-04-2006, 11:05 AM
Parent: #29

Quote: احكي يا خوي احكي
انت ادري بتلك الدروب
جربت كل شئ!!
لم توقفك محاذير او تابوهات
قادر علي صنع الدهشة والجديد

أبي البشري اول من نبهني لافريقيا
حكي لي عن ميري في اول بدايات قصصه
كان ينظر جنوبا حينما كنا لا نري الا شمالا
كان يحلم بزمبابوي ويوغندا

وكنت مفتونا بشمال المتوسط
هاجرت الي الشمال فوجدت الاكذوبة الكبري
بقي وفيا لجنوبه فامتلأ بالسكينة
تربت يداك
تبت يداي
امين سيد مختار

هذه قصيدة بديعة فى مديح الظل الافريقى السودانى

Post: #32
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-05-2006, 08:33 AM
Parent: #30

أخي
أشكر لك المتابعة اللصيقة لما أكتب. والأخ أمين إذا عرفته رجل رقيق فنان كثير الحياء وفوق ذلك فهو رجل عالي الثقافة. تستغرب كل الاستغراب إذا علمت أنه تقني درس الإلكترونيات في السودان ودرس تقنية المعلومات في ألمانيا ودرس البرمجة ثم سوفت وير الموبايلات واستخداثها في لندن وهو بعد لم يكل من الدراسة. ومع ذلك كله يتابع كل صغيرة وكبيرة في الأدب والفن. لا يزال موسم الهجرة للشمال - الطيب صالح - ينام في أحضانه ويقرأ ترجمته بثلاث لغات. وأرجوأن لا يكون أخي أمين مصطفى سعيد- خيالي - وإن اختلفت شخصياتهما فالأول رجل خلوق ولكنه شابه الأخير في قوة العقل والانفراد في القرارات المصيرية. له دعائي بالتوفيق ولك . وأشكرك مجدداورجائي أن ترسل لي بريدك الالكتروني فهنالك أشياء ليست للنشر العام.

Post: #35
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-06-2006, 09:49 AM
Parent: #29

لا أذاقك الله طعم الغربة المرير. هي آخر الخيارات كالدواء لا نتناوله إلا للضرورة. وأتمنى أن لا يتناوله غيري إلا للضرورة القصوى.

Post: #34
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ياسر يس النور
Date: 04-06-2006, 04:23 AM
Parent: #21

امين السيد ، و دالدويم من ذلك الزمن الجميل

معاك عمار يس النور (مستخدما إشتراك شقيقي ياسر)

لقد أثر في الرائع أبي عز الدين البشرى برائعة مشاركاته (مشهد خريفي من الدويم)

التحية له و لك و للجميع و تحية خاصة للأخ الاستاذ الطيب برير من عمار يس النور (عاشق بخت الرضا) و أهديكم جميعا قصيدتي مطلع ديواني الذي أعده للنشر بعنوان (عاشق بخت الرضا)

في المساء ،، في رضا
مملكة من سكون ،،
لا يعكره سوى صوت الشجرْ
في الغابة الخضراء
التناجي و أحاديث السمرْ
النيل لم يزل حاضرْ
لم يهاجر
و لكن قد إعتزم السفرْ
و النخل بالخيلاء
يغازل كل ريح ٍ ،،
يمشط ُ ضوء القمرْ
دنيا صبايا تعود من جديد
أعود ركضاً بين الجداول و الحفرْ
و أعود طفلا ً عبقري الصورْ
و أعود وحيا ً صوفي الذكرْ
لا سواد في لوحتي يبدو
سوى خصال الشعرْ
عيناك دوماً ذكرى لنيل رضا
"فهل من مدكر"
فيهما الأهداب غابة و سيقان شجرْ
فيهما عشقي القديم
حفظته في كل قافية و صدرْ

ليتني رسول الله موسى
و أنت أرض ميعادٍ و نذرْ
و قد نهلت منك العلومَ
سقاني لها من علم الله (خضرْ) **

ليتني نبي الله نوح
وجند رضا نواة للبشرْ

*******************************
أعزريني يا حبيبتي
إذ إعتزلت فيك القوافي
و خالفت قوانين الشعر و الأعرافِ
و بحت ما كتمناه سرا

بربي أين التلاقي
لعشاق قد ادمنوا
فيك يا رضا من الخمر ِ العتاق ِ

بربك أجيبيني جهرا

فأنا ما أعتدت معاني الفراق ِ
و لا عرفت غير دنياك شبرا

فخذيها مني أعترافا
لفتى مازال يراك كالخرافه
من وحي الاجداد شعرا ً و نثرا

لا أجد في الابعاد قياسا
قد درسونا أنها ثلاثه
و رابع الابعاد معنوي لا يقاسْ
خبريني بالمراسْ
هل الازمان تـُســاسْ ؟

ليت شعري ليت نثري و يوفيك قدرا


* رضا :هي بخت الرضا كما نقول لها نحن أبنائها إختصارا

** أقصد هنا تحديدا الاستاذ الفاضل أدام الله في عمره أحمد وقيع الله فهو أعظم من تتلمذت على يده طيلة حياتي في مدرسة النيل الابيض المتوسطة و قد أسس فينا مبادئ الرياضيات فله مني كل التحايا و التقدير

عمار يس النور (عاشق بخت الرضا)

[email protected]

Post: #31
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Amin Elsayed
Date: 04-04-2006, 02:12 PM
Parent: #1

العزيزعادل عثمان

انا وين من مديح الظل الافريقي او السوداني
ده كلام كبر ساي

أبي البشري في بداية الثمانينات
قبل ان يكون هناك حركة شعبية او قوي الهامش
كانت بوصلته وبصيرته قد عرفت ذاك الفرح الجنوبي
كان يقرأ لي قصصه عن افريقيا وجنوب السودان
لم يكن سرياليا كانت شخصيات رواياته تضج بالحياة
تحس مصافحة الايدي وعناق الاحباب وتشم رائحة الاجساد

كان هناك في شندي فوق في كنتين منزو علي طريق جانبي
يصارع التكنولوجيا ويمارس تمرده النزق الذي بدأه
بالخروج علي الاسلام السياسي الذي كان قدانقض عليه وهو في نعومة اظافره
كان عندها قد اكتشف الخرافة وان الفرعون يسير عاريا تماما في شوارع المدينة
لم يحتمله احد؟
فخرج يحمل اسراره بين دفتيه
هاهو الان بيننا تعال نحتفي به

امين سيد مختار

Post: #33
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-05-2006, 08:36 AM
Parent: #31

لا تعليق.

Post: #36
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Adil Osman
Date: 04-06-2006, 01:27 PM
Parent: #1


الدويم فى خريطة. تجريد الحنين. The abstraction of longing,of nostalgia

شكرآ للاستاذين أبى وأمين على الكلام المرتّب. البديع. سوف اراسلك يا ابى البشرى.

Post: #37
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-09-2006, 00:37 AM
Parent: #1

شكري لك الأخ عادل بل شكري لكم جميعا. هذه هي الروابط
عناوين مكتبتي على سودانيز أون لاين
مشهد خريفي - الكاتب أبي عز الدين البشرى أحمد

مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني

المنزل الملعون

المنزل الملعون

سلطان الجن

سلطان الجن

المتاهة

المتاهة

التاج سعيد

Re: احــب الــــــدويم (شـــات) والركـــوب عجــــلات؟؟

موقعي
http://spaces.msn.com/9obashra/


ومعذرة فهو تحت التغيير المستمر إن شاء الله للأحسن

Post: #42
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: متوكل بحر
Date: 12-24-2006, 06:19 AM
Parent: #37

الاستاذ الجليل ابى عزالدين البشرى

وتبقى اللغة ضالتنا لنعبر عن الحزن والحنين واشواقنا للأرض
سؤال :-
هل الارض هى التراب الذى نمشى عليه ام هى الشوارع والبيوت ؟
هل الارض تعنى الناس - الأهل -الاحباء - الاصدقاء ؟
هل الأرض هى الاحياء السكنية -القرى - المدن - الوطن ككل ؟
هل الأرض هى الاسماء التى تطلقها على الاحياء والقرى والمدن
هل هى كل هذة الاشياء مجتمة ؟
ماهى الارض ؟ ولما كل هذا الحنين الذى يمذق القلب
وهل الحنين هو هذا الاحساس المبهم بالالم الذى يعصرنا لحد العويل المفجع
الحنين للاشياء المكان الناس وكل شئ

عزرا استاذى العزيز فقد اطلت عليك
ولكنى احاول تفسير تفسير الثلاثية
الدويم - الارض - الحنين
ابناء الدويم وكل من عاش بها ومر بها مرورا كريما
تعلقت بوجدانه الدويم الارض وصار سجينا لحنينها
احب هذى البلدة حبا يفوق كل وصف
حاولت مرات ومرات ان احكيها واسردها
فوجدتها هى التى تحكينا وتسردنا فى كل مرة
فوقفت اتطلع اليها صامتا فى حياء
استمع اليها فى ادب وتشوق
فاشجينى منها مااستطيعت استاذى ابى

Post: #38
Title: Re: A message to Shahato
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-09-2006, 00:39 AM
Parent: #1

ِِA message to Shahato

Dear Shahato
Nothing in the world is precious, than a moment in favorite Dueim. None is sincere than those fellows.
((The scene was really magnificent like a fanciful panorama over the green grass mat. The Enormous wide space in front of the dispensary filled our little lungs with pure air. We breathed it in joy & exhausted it with pleasure. Our hearts were beating the same rhythm that our feet tapped on the musky sand. Our throats tuned the favorite song for our lovely bird ( Gaddal).
Ta ta - tati tati ta
Hum hum hum
Gaddal was running towards the trap. A trap made up of hair, which we took from a horse's tail, in the stable of police, after many thrills, led by Hafiz Al-Zubair the fast runner.
The young bird stooped like a Roman goddess. Gaddal hesitatingly watched the six little eyes that gazed him. Then he bent towards the Locust in the middle of our trap next to us. The cloudy sky showered few drizzles of water wetted the feathers of the bird and argued the locust to move. It tried to fly, stretched its wings to uncover the beautiful yellow colour of its inner dress. Gaddal noticed that. His appetite agitated by that movement. He forgot all his fears and crept directly to the delicious locust. Then he jumped three steps to his last destiny.
" Kalas, it was caught " cried Issam. I seized his arm to stop him. There was another large bird wanted to share Gaddal his meal. Few minutes later both of the birds were calm.))
This was the life in Dueim during our childhood. Small real battles made us heroes. In these Battles we defeated all our enemies. May be they see us now Little Don Quixotes, who used simple & silly tools &weapons. Little knights without swords, bows or arrows No pistols, revolvers or guns.
Shahtu drove his toy car along Al-Thaura main road. A car which he made out of wires& metal of old tin or dirty gallon, but we saw him the master of the road & filled our little hearts of jealousy.
A paper kite or paper craft could make me a real pilot, who could tell other kids about him trips around the world.
Now could I pay the whole of my life to buy those far moments? Does it deserve that price?
Truthfully the fast engine of our current days deprived me to taste the sweet of things. This is why I fled to the past.
Please share me the pleasure of remembering these days. Sent me more photos & tell me the beautiful tales of the childhood, before I die of sorrow.
Believe me Shahato. All the ghosts & monsters narrated by our grandmothers, in childhood, are still alive, creeping friendly inside my room in KSA.
And I always tell my son Omer about them, when I tell him the stories of Dueim, before sleeping.
I remember all that now, because I made a paper boat for my son. He put it in a large dish full of water to test it. It moved gently on the surface, by the help of the fan. I sang for it, for him or for myself. I was not sure.
Row row your boat
Gently gently
The happy kid shared me the song, got happier. He threw the plastic expensive boat, which I paid a lot of money for it. Bought it from a big mall in Riyadh and shouted:
"Yeeees Dad. That is a real ship. I've seen nothing like this. How did you make it? Was it that piece of paper? Let that ship wait for me. I'm sailing to Dueim. And please tell mother that I'll send her back my ship, to follow me. But I shall not return. And surely you can make one for you and you know the place. Don't you Dad? Good by…"
Then he laughed but I cried.

Please cry for Titihoya Gaddal & Simbir & sing for them, "Oh Mother Africa", and when the bird stretch their wings lie over them and take me to Dueim. Leave those jungles of concrete, to the mud houses full of peace.
Eeeeeeeeeeeeh Shahato Iam tired. Good by…

Post: #39
Title: Re: A message to Shahato
Author: Adil Osman
Date: 04-09-2006, 11:52 AM
Parent: #38

Quote: I remember all that now, because I made a paper boat for my son. He put it in a large dish full of water to test it. It moved gently on the surface, by the help of the fan. I sang for it, for him or for myself. I was not sure.
Row row your boat
Gently gently
The happy kid shared me the song, got happier. He threw the plastic expensive boat, which I paid a lot of money for it. Bought it from a big mall in Riyadh and shouted:
"Yeeees Dad. That is a real ship. I've seen nothing like this. How did you make it? Was it that piece of paper? Let that ship wait for me. I'm sailing to Dueim. And please tell mother that I'll send her back my ship, to follow me. But I shall not return. And surely you can make one for you and you know the place. Don't you Dad? Good by…"
Then he laughed but I cried.

I cried too

Post: #40
Title: Re: A message to Shahato
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 04-12-2006, 07:53 AM
Parent: #39

Dear Adil
You cried but not like me. You cried of pleasure, but I cried of sorrow. My heart is full of grieves. Why do we cry when we are happy & when we are sad? When we leave or when we meet a friend.
I waited you to contact me but... I hope you send me a message
[email protected]
Pleaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaase

Post: #41
Title: Re: A message to Shahato
Author: Adil Osman
Date: 04-13-2006, 04:27 PM
Parent: #40

THank you Obai
sorry for being late
here is my email as well

[email protected]

Post: #43
Title: Re: A message to Shahato
Author: إسماعيل وراق
Date: 12-24-2006, 08:09 AM
Parent: #41

بوست جدير بالقراءة مرات ومرات
لك الود أستاذنا أبي عز الدين

Post: #44
Title: عزيزي الأستاذ إسماعيل وراق، وتوقع الجديد
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-24-2006, 09:49 AM
Parent: #43

أخي الغالي أستاذ إسماعيل
سلام يا صديق
Quote: بوست جدير بالقراءة مرات ومرات

أشكرك على رأيك في البوست وهو رأي جدير بالتقدير عندي، لأنك من ذات البيئة التي كانت سبب ميلاد النص وامتداده. و هذا البوست سيكون فرصة لي لكتابة (دويميات ) له أهميتها عندي وعندك وعند كل أهل الدويم.
لك خالص الود.

Post: #45
Title: Re: عزيزي الأستاذ إسماعيل وراق، وتوقع الجديد
Author: متوكل بحر
Date: 12-24-2006, 05:44 PM
Parent: #44

الاستاذ الجليل ابى عزالدين البشرى

وتبقى اللغة ضالتنا لنعبر عن الحزن والحنين واشواقنا للأرض
سؤال :-
هل الارض هى التراب الذى نمشى عليه ام هى الشوارع والبيوت ؟
هل الارض تعنى الناس - الأهل -الاحباء - الاصدقاء ؟
هل الأرض هى الاحياء السكنية -القرى - المدن - الوطن ككل ؟
هل الأرض هى الاسماء التى تطلقها على الاحياء والقرى والمدن
هل هى كل هذة الاشياء مجتمة ؟
ماهى الارض ؟ ولما كل هذا الحنين الذى يمذق القلب
وهل الحنين هو هذا الاحساس المبهم بالالم الذى يعصرنا لحد العويل المفجع
الحنين للاشياء المكان الناس وكل شئ

عزرا استاذى العزيز فقد اطلت عليك
ولكنى احاول تفسير تفسير الثلاثية
الدويم - الارض - الحنين
ابناء الدويم وكل من عاش بها ومر بها مرورا كريما
تعلقت بوجدانه الدويم الارض وصار سجينا لحنينها
احب هذى البلدة حبا يفوق كل وصف
حاولت مرات ومرات ان احكيها واسردها
فوجدتها هى التى تحكينا وتسردنا فى كل مرة
فوقفت اتطلع اليها صامتا فى حياء
استمع اليها فى ادب وتشوق
فاشجينى منها مااستطيعت استاذى ابى

Post: #46
Title: Re: عزيزي الأستاذ إسماعيل وراق، وتوقع الجديد
Author: متوكل بحر
Date: 12-24-2006, 06:01 PM
Parent: #44

الاستاذ الجليل ابى عزالدين البشرى

وتبقى اللغة ضالتنا لنعبر عن الحزن والحنين واشواقنا للأرض
سؤال :-
هل الارض هى التراب الذى نمشى عليه ام هى الشوارع والبيوت ؟
هل الارض تعنى الناس - الأهل -الاحباء - الاصدقاء ؟
هل الأرض هى الاحياء السكنية -القرى - المدن - الوطن ككل ؟
هل الأرض هى الاسماء التى تطلقها على الاحياء والقرى والمدن
هل هى كل هذة الاشياء مجتمة ؟
ماهى الارض ؟ ولما كل هذا الحنين الذى يمذق القلب
وهل الحنين هو هذا الاحساس المبهم بالالم الذى يعصرنا لحد العويل المفجع
الحنين للاشياء المكان الناس وكل شئ

عزرا استاذى العزيز فقد اطلت عليك
ولكنى احاول تفسير تفسير الثلاثية
الدويم - الارض - الحنين
ابناء الدويم وكل من عاش بها ومر بها مرورا كريما
تعلقت بوجدانه الدويم الارض وصار سجينا لحنينها
احب هذى البلدة حبا يفوق كل وصف
حاولت مرات ومرات ان احكيها واسردها
فوجدتها هى التى تحكينا وتسردنا فى كل مرة
فوقفت اتطلع اليها صامتا فى حياء
استمع اليها فى ادب وتشوق
فاشجينى منها مااستطيعت استاذى ابى

Post: #47
Title: خليلي أن الأمكنة هي الجذور وهي بعض من أنفسنا!!
Author: ابوبكر يوسف إبراهيم
Date: 12-25-2006, 07:08 AM
Parent: #46

خليلي أبا عمر

كل ما مررت .. توقفت علّ بعض من دعاش ذاك المطر يصيب نفسي الظميئة من وفاء نفسك الأبية الوفية .. الأماكن بعض منا .. هي الجذور حتى وإن قست وعادت عليها عوادي الزمن والإنسان .. أنصت كحواري في حضرة شيخه .. وكل عام وأنتم بخير وجميع أفراد الأسرة.
ابوبكر

Post: #48
Title: Re: خليلي أن الأمكنة هي الجذور وهي بعض من أنفسنا!!
Author: معتز القريش
Date: 12-25-2006, 08:54 AM
Parent: #47

أستاذ أبي

أنت الروعة دائما

أنت الدويم ـ بخت الرضا ـ شندي فوق ـ التخديرة ـ أم تكيلات

أنت كل ذرة في حبيبتنا الدويم

واصل يا أستاذنا الذي مازال يعلمنا الجميل

لا جفف الله لك قلما ـ قولوا آمين

Post: #51
Title: ابن عمي معتز ، لك أهدي ابنتي غادة محمد سعيد
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-25-2006, 11:56 AM
Parent: #48



Quote: أنت الدويم ـ بخت الرضا ـ شندي فوق ـ التخديرة ـ أم تكيلات

عزيزي الفنان الرائع معتز
هذه المرة من (شندي فوق) ابنتي الغالية مها محمد سعيد، التي رفعت رأسي في مسابقة نجوم الغد.
الملف صوتي ولكن سأحاول جهدي إنزال الفيديو المضعوط، فتقبل إهدائي.
و نلتقي


Post: #52
Title: Re: ابن عمي معتز ، لك أهدي ابنتي غادة محمد سعيد
Author: معتز القريش
Date: 12-25-2006, 06:22 PM
Parent: #51

شكرا استاذي الرائع دوما على الإهداء

شنو يعني قصدك تبكيناولا شنو

لك التجلة والاحترام

Post: #50
Title: دكتور أبوبكر، كأنك سمعت حديثي..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-25-2006, 10:58 AM
Parent: #47

Quote: الأماكن بعض منا .. هي الجذور حتى وإن قست وعادت عليها عوادي الزمن والإنسان


أخي وصديقي الحبيب وديوسف
لولا أن هذا التعليق كان قبل ردي على الأخ متوكل- راجعه من فضلك- لقلت إنك كنت تسترق السمع وتتطلع إلى مجلسي خلسه. ولكن لا ضير بأن أتهمك بأنك كنت تسترق السمع لحديث نفسي. أهو التوافق؟ أيصل الحب إلى هذه الدرجة؟


Quote: أنصت كحواري في حضرة شيخه

إذا كان الحديث عن الجذور والفروع فالشيخ هو الجذور ونحن الفروع، فلا تقلبن الأمر إلى غير وجهه، يا شيخي الكريم.
أما ترى من حسن حظي أن يناديني الشيخ بما يرفع همتي؟
أبارك لك العشر من ذي الحجة و أتمنى أن ألاقيك في عرفة.
وأشكرك كثير الشكر.


Post: #49
Title: عزيزي متوكل بحر، للدويم قصة ..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-25-2006, 10:40 AM
Parent: #46


الغالي (غلاوة البحر) متوكل بحر
هي قصة الشوق – بعد الفراق- الذي يبدأ بالحنين وتنتهي بالأنين
كنت أقول لأصدقائي :
" بعض الشوق
و بعضه يُضْنِي
و بعضه يُفْنِي "
و الشوق إلى الدويم – الجديرة به – من النوع الذي يبني؛ إذ يدفع بنيها إلى العودة لتربها...
سَعْيُ بنيها إلى الغربة، مثل نزوع فروع الشجرة إلى الشمس وحنينهم إليها مثل جذور الشجرة دوما تغوص في الأعماق. ولا مهرب للفروع مهما طالت إلا أن تثبت جذورها بالأرض، مصدر حياتها.
أبناؤها هم النخيل و النخيل مهما تسامى ، فإن ثمره يتساقط على الأرض.
ولكن الغريب عند أبناء الدويم أن هذه الساحرة هي أرضهم وسماؤهم ، مُلتحفهم وغطاؤهم، وكلما جار عليهم الزمان، أو طغت عليهم الأحزان، التمسوا أرضها مرقدا و نيلها مغتسلا و نعيم الذكريات الحلوة شفاء و زاداً .
الدويم هذه المدينة (القرية)، لها ذاكرة واعية ، تحفظ بنيها و لأبنائها ذاكرة لا تعرف النسيان مطلقا. وهي تدلل بنيها في الصغر، حتى إذا نزحوا ثم عادوا إليها أدنتهم الأم الرءوم إلي صدرها وألقمتهم ثديها، كأن قدرهم أن يرضعوا منها مرتين، الأولى جرعة الغذاء والثانية جرعة الدواء، أو جرعة التحصين من النسيان.
قلت إنها المدينة في وسعها وهي القرية في بساطتها. كل ساكن فيها يعرف الآخر، وكل قاطن فيها يعرف جغرافيتها و تاريخها، بل يعرف كيف يجاري ( حالتها النفسية). و أدعي أنه لا توجد مدينة مثلها ولا يوجد في الكون من يحمل لها هذا الحنين الذي أشرت إليه. أقول هذا وفي نفسي حنين إلى أماكن أخرى في السودان، ولكن الفرق فرق مقدار، فقد أحببت كادقلي، الدلنج، فداسي و شبشة ، بدون ترتيب.
ومن غريب الأمر أخي متوكل أن الزمان الذي عشته، بل لا زال يعيش في ذاكرتي، قد مضى، ولكن بقي المكان. جرى على المكان كثير من التغيرات وتغيرت تركيبه الإنسان، ولكن الزمان والمكان يعيشان حالة من التماهي، حتى يخيل إلى الآن بعد مضي كل السنين ، أن الإنسان والمكان والزمان ، شيء واحد. كائن حي اسمه الدويم.
مدينة يحب أهلها علماءها ويقدروهم جميعا، فحين يذكرون شيخ الزبير، إمام جامع أبهل – رحمه الله – تفيض نفوسهم بحب خرافي للمسجد و الإمام والمؤذن (أبو سنينه، رحمه الله)، بل حتى بروش المسجد وأزيار سبيله. وحين يرون مجانينها وشواذها، تفيض قلوبهم بنفس الحب، ويبكون باكمبا مثلما بكوا شيخ أبو سنيه و شيخ الزبير. بل إن الشيء نفسه يحدث تجاه أشقيائها، وإن أعلنوا عدم رضاهم- في الظاهر- أمام الأشقياء مرة إلا أنهم يحملون لهم الحب ويستمتعون بشقاوتهم ولا يعلنون ذلك، حفاظا على ثوابت تواضعت عليها المدينة كلها.
أي مدينة يصلي فيها كل سكانها في بيت العزاء صلاة المغرب، ويداومون على ذلك ثلاثة أيام العزاء؟
أي مدينة يقف فيها أحدهم وبيده منديل أو طاقيه، لجمع مال مساعدة لمحتاج ولا يقول المتطوع لجمع المال غير هذه العبارة:
" يا أخوانا في واحد محتاج، امرقوا المارقها الله لي الراجل"
فترى الناس تغوص أيديهم في جيوبهم ويحرصون على أن لا يرى الناس ماذا وضعوا، فهم يخفون المال في راحتهم المغلقة، حتى تصل إلى عمق الكيس؟
هذا ما رأيت بعيني وأخر نبيل رأيته فعل ذلكم هو التاج سعيد، حتى إذا رمى كل الحاضرين ما جادت به أنفسهم في الكيس، عجبت لهم لا يسألون من هو الرجل، ولا يتثبتون في إيصال المال إلى صاحبه، لعدم إيذاء الرجل وإحراجه و لأنهم يثقون في أن التاج سعيد فعل ذلك بمروءته المعروف وهو في مالهم من الزاهدين.
والأعجب من ذلك أن التاج سعيد نفسه كان يردد في كل مرة حين يضع أحدهم قرشا أو جنيها:
" بارك الله فيك"
أو قال:
" الله يخدر ضراعك" ، إذا أحس أن المبلغ كبيرا جدا ولم يستطع صاحبه إخفاء الوريقات الخضراء ذات الخمسة أو الحمراء ذات العشرة.
يفرح التاج سعيد بما يدفعونه ويدعو لهم، كأنه هو المستفيد من المال.
أخي متوكل
الحديث عن الدويم أكبر من طاقتي، وهذه قصة طويلة جدا؛ فاعذرني.
ولك حبي.
كسرة:
لا زلت أبحث عن بريدك الإلكتروني أو عنوانك أو هاتفك.




Post: #53
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: محمد حسن خضر
Date: 12-26-2006, 09:19 AM
Parent: #1

الأخ الأستاذ / أبـي البشرى
لك التحية والانحناة

درست المرحلة المتوسطة بالدويم أيام:
* مندور المهدي وعمران العاقب
* نيال كوك والفوز في كل المسابقات

* جعفر نحلة، علي أبو زيد، الفكي الريس، عبد الرحمن خضر، الحسين حاج عطية، أبو كرنك أحمد، .... وبهاء الطلعة في ميدان الوطن بجنب مدرسة خليل والدويم الصناعيةأو الجنوبية، ثم معهد دنقلا ، ثم ماذا يومئذ؟
* عبدالله كريشقنا وعبد الكريم ( كرمه الأستاذ بالسنتين) ونادي الشباب كان كثيرا مايغص بالزوار والمشجعين، ولم يكن ودي معه بل كان مع الوطن دائماً، ولكن كريشنقاكان يعجبك في كل الأحوال.
* جعفر عملاق ورشة البحر، كان يستهين بالعربات الصغيرة ويستخدم ذراعيه كرافعة وكانت له عجلة ومنظر فريدإذ هو يقودها، وكان لابد أن تنتاشه السهام ويذهب في ميعة الشباب.
* عوض دهب في تمارين التربية البدنية آية: منظر فيهم وفيهم مستمع، وكانت بخت الرضاتحاكي الأولمبياد في احتفالات عيد بخت الرضا، والأهازيج تملأ الساحة، وطلائع الطلاب في حركتهم ورياضتهم يزدهون ويمتعون بما أعطى ودرب كل من: حسن رخا( رحمه الله)، والقراي، وعوض دهب أمده الله بالعافية.
* شيخ الوسيلة في جامع أبّهل في موعظة حسنة وكلم رصين.
* ألير شان كوت يجلجل بالحديث عن شعراء البحيرة في الجمعية الأدبية، وبرغم مسيحيته كان يتبرع بصيام اليوم واليومين وكان صديقه الأثير إمام المدرسةالتلميذ محمد عبد الله الأنصاري ( من قرية ود اللبيح )، وكان إلى جواره أبوهريرة حسن يوسف ينور إخوانه عن النظرية والتطبيق في مجال التنويم الميغناطيسي في الركن الآخر من الجمعية الأدبية والأستاذ مامون مختار سليمان يصحح له الفكرة ويفيض معه حيث وقفت بالآخرين حدود المعرفة لينطلق بها بن أبي روف المأمون آفاقاً بعيدة، ويروم بالتجارب العلمية الربط والاتصال بنتائج رحلة أبولو 11، 1969م إلى القمر.ثم يعبر بك إلى سحر الإنجليزية The Mahoun Famiyf Tom Soya Story ، وكان يؤثر أغاني وأداء الرفاعي: إلى مسافرة، أحبابنا أهل الهوي،...

* وطريقة أستاذ بكري في لعب كرة السلة متعة جديرة بالمشاهدة والوقفة.

* وضروب من الامتاع تتجدد كلما تذكر الدويم

ويجئ المشهد الخريفي ليكمل الصورة ويزيدها في نفسي تألقاً وبهاء ومضاء، وأعجبتي طريقة العرض وحلاوة اللغة التي تشير بجلاء إلى عظمة الدويم وإلى قدرتها على تعليم الناس، وتعلم الناس نفس المعارف في أمكنة سواها ولكنها ما شاركت حياتهم وما صبغتها بجلالها وحسن ذائقتها. ولقد وهب بن البشرى العطاء الدافق ليخلد الدويم خلوداً في قاموس الحب.
ولكن بقي في نفسي سؤالٌٌ:
ماذا يقصد جماعة الضمنة بقولهم: ساسون بالدويم؟

فهل الساوسون هذا من أنواع الركب على شاكلة: التيمس، البوركوار, والسفانوج ، وأبو قبينة، والكروبل. وكانت "للأبيض ضميرك" في النفوس نغمة كأنهاأنثى العربات من شدة ما نالت من التدلل والتلميع.

لك شكرى وتقديري



Post: #56
Title: أستاذي الغالي، محمد حسن خضر (ود فداسي)
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-26-2006, 03:35 PM
Parent: #53

Quote: جعفر نحلة، علي أبو زيد، الفكي الريس، عبد الرحمن خضر، الحسين حاج عطية، أبو كرنك أحمد، .... وبهاء الطلعة في ميدان الوطن بجنب مدرسة خليل والدويم الصناعيةأو الجنوبية، ثم معهد دنقلا ، ثم ماذا يومئذ؟
* عبدالله كريشقنا وعبد الكريم ( كرمه الأستاذ بالسنتين) ونادي الشباب كان كثيرا مايغص بالزوار والمشجعين، ولم يكن ودي معه بل كان مع الوطن دائماً، ولكن كريشنقاكان يعجبك في كل الأحوال.
* جعفر عملاق ورشة البحر، كان يستهين بالعربات الصغيرة ويستخدم ذراعيه كرافعة وكانت له عجلة ومنظر فريدإذ هو يقودها، وكان لابد أن تنتاشه السهام ويذهب في ميعة الشباب.
* عوض دهب في تمارين التربية البدنية آية: منظر فيهم وفيهم مستمع، وكانت بخت الرضاتحاكي الأولمبياد في احتفالات عيد بخت الرضا، والأهازيج تملأ الساحة، وطلائع الطلاب في حركتهم ورياضتهم يزدهون ويمتعون بما أعطى ودرب كل من: حسن رخا( رحمه الله)، والقراي، وعوض دهب أمده الله بالعافية.
* شيخ الوسيلة في جامع أبّهل في موعظة حسنة وكلم رصين.


اجتمعتُ مرة بثلة من أبناء الدويم، ممن شطت بهم صروف الحياة عن دورهم، مكرهين، و لم ترحمهم رحى الغربة؛ فأعملت فيهم حجري الفقر والحرمان. عجبت لهم إذ طوقتهم أحزانهم، في نفس هذه الأيام من عام سابق والعيد على الأبواب؛ فكانوا يخففون طعم العذاب المُـرِّ بلَـوْك سيرة الدويم العاطرة. لم أكن من جيلهم ، فهم يكبروني سناً وبيننا من هم أقل مني سناً. كانوا مختلفين في المذاهب والأفكار، سياسة، فنا وتدينا. إلا أنهم بحول الله ، إذ جلسوا للأنس، وتنسموا عطر الدويم من مقدمي، وأنا القادم الجديد من السودان، جلسوا يتحدثون عن كل شاردة وواردة في تاريخ المدينة العريقة ، فرأيت الوجوه التي خلتها وجوه شيوخ في الثمانين، تهللت وأشرقت بفرح شفيف. كانوا يضحكون حينا ويبكون أخرى.
رأيت أكبرهم سنا وهو يحكي حادثة مرت به في الصبا، وقف ومد يديه قابضا راحتيه ، كأنه ممسك بعجلة قيادة (دركسون) سيارة كان قد صنعها له جاره السمكري. كان يرفع قدمه ويثنيها في وضع رأسي وكأنه يضغط على دواسة الوقود (الأبنص) وهو يردد .. نانج نانج ...تيت تيت ويضعط بيمناه على الهواء كأنه يضغط بوق السيارة (البوري) ثم يصيح من جديد تيت تيــيييييت . يميل بجسمه يسارا وكأنه يتخذ مسارا جديدا في الطريق، حتى إذا بلغت ذروة النشوة علا صوته ورقَّ كصوت الصبية ناااااااااااااااااانج نننننج . كنت أراقب الرجل الذي صارت هامته كحقل قطن كيف تحول فجأة إلى صبي ، خفيف الحركة، عذب الصوت. أثبت الرجل قدمه، التي كانت مرفوعة طول المشهد السابق، إلى الأرض من جديد كأنه يضغط الكابحة (الفرامل) و حرر يديه من الدركسون ولم ينس أن يأخذ مفتاحه في يده.
نظر الرجل حوله ؛ فرأى عيون الجالسين تحدق فيه باستغراب؛ فذوت البسمة ، بعد أن انتبه الرجل إلى نفسه. ثم انفجر باكيا وهو يستغفر وترك المجلس وقد ارتد إلى عمر أكبر من عمره الحقيقي. وخلت أن الأمر انتهي عند ذلك الحد وزال الحرج، حتى فوجئت بآخر ينفجر باكيا و الجالس إلى جنيه كانت عيناه تدمعان فيمسحهما بطرف ثوبه على استحياء، ولم أملك نفسي من البكاء، بعد أن عرفت أن أقلهم مدة في الغربة قد قضى عشرة أعوام.
لفتني في هذه الجلسة أن الجالسين جميعا ، رغم تباين سنهم ، كانوا يتحدثون عن نفس الفترة التاريخية، عاصروها أم لم يعاصروها ، وكأنهم كانوا عليها من الشاهدين.
كيف نستطيع أن نتحدث جميعا عن حقب لم نشهدها وكأننا نراها؟ ولا تفسير لذلك إلا أن الكبار من أهلنا قد أرضعونا حب هذه المدينة وتاريخها معا.
لأبناء الدويم ذاكرة جمعية ، لا تختلف عند هذا أو ذاك، حتى تحسب أنهم جزء من ذاكرة المدينة أو تظن أن المدينة هي ذاكرة الناس. يتناولون السيرة بنفس الإحساس، حب متمكن في النفس لا يزعجون أنفسهم بتفسيره، بل يستمتعون بثمرته.
جربت ذلك مرة مع عدد من المغتربين، ولكني مارسته بخبث ومكر. كنت أقول لهم:
" يا جماعة تطروا فلان؟"
فتخرج منهم عبارة كأنهم اتفقوا عليها:
"اللـــــــــــــــــه" !
فاعمد إلى ذكر عَـلَـمِ آخر من أعلام الدويم:
- يا ســــــــــــــــــــــلام!
- الله يرحمه ويغفر ليه.
- الله يوسده البارد.
- الله يطول في عمره ويديه العافيه.
- رجل والله والرجال قليل.
إلى أن قال لي أحدهم وكأنه أحس بخطتي:
" هوي يا ود عز الدين ، اسكت .. قلبنا ده بقى ما بتحمل.
وهذا ما قصدته أخي محمد حسن
كل أبناء الدويم يحملون نفس الولاء للبلدة ذاتها ولكل شخص فيها . يحلمون بالعودة إلى الماضي، متنازلين عن كل جديد رأوه في هذا العالم الواسع وما هذه بردة ولكنها الرجوع إلى الأصل، بل الأصل الجميل، يمسحون عنه غبار السنين.
كل واحد ممن ذكرت أحس بنفس الرغبة السابقة أن أردد عند سماع اسمه:
- يا ســــــــــــــــــــــلام!
- الله يرحمه ويغفر ليه.
- الله يوسده البارد.
- الله يطول في عمره ويديه العافيه.
- رجل والله والرجال قليل.
أترحم على من سلف منهم بيد بيضاء وقلب أبيض، وأدعو للأحياء منهم ، وإن وقف عطاؤهم فإن ما أعطوه للدويم كفيل بأن يشفع لهم ، إن عجزوا في كبرهم.
وأعود لك ، بإذن الله، قبل رحلة الحج.


Post: #54
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: dalihabboub
Date: 12-26-2006, 11:43 AM
Parent: #1

الأستاذ أبي

أنت بالقطع لا تعرفني لأنني لست من سكان الدويم لا قديما ولا حديثا لكنني بالقطع واحد من الذين يعرفون الدويم جيدا لأنني من أحد الحلال القريبة من الدويم. أنا من الكريدة وبالنسبة لنا الدويم في ذلك الزمان حين كنا أطفالا كانت جنة الدنيا وزينة البلدان وكانت زيارتها جائزة عن كل فعل حميد نقوم به أو إنجاز نحققه.

لا زلت أذكر الدويم بل لا زلت قادرا على استنشاق عبق أديمها ولا زلت قبل النوم استرجع شريط زياراتي المتكررة لها في تلك الأيام حين كنا ننتهز الفرصة لركوب العجلات ودخول السينما لنصرخ كاننا من ابناء المدينة مع كل قطعة فلم (ديشك يا جارو-أظنها بالجيم المعطشة أم تلاتة نقط بتحت).

وما زاد إعجابي الأن بالدويم هو أنها أنجبت من هم شاكلتك من المبدعين الذين ما زالوا قادرين على صياغة حبهم لها بهذه اللغة السهلة البسيطة والعميقة في آن ليجعلوا من الدويم أنشودة عذبة تتمشى في الأفئدة وتقدل في الخاطر وتسكن حجرات القلب الأربعة بلا استئذان.

تحياتي لكل ناس الدويم الذين تعلمنا منهم الكثير ولا زلت أذكر كما البارحة الأستاذ المرحوم عبدالعال الزين الأمين الذي درسني بالكريدة الإبتدائية وجعل من المدرسة مسرحا كبيرا ودارا للموسيقى بعد ان كانت مهجورة قبله حتى صرنا في عهد نكره الإجازة الصيفية لأنها كانت تبعدنا عن المدرسة. وكان رحمه الله يأخذنا في أعياد الاستقلال وأكتوبر إلى الدويم حيث بخت الرضا لنعيش أياما من الأحلام الوردية ونحن نشهد المسرحيات والمعارض والمسابقات الرياضية لنعود بعدها إلى أهلنا وعقولنا الصغيرة تضج بالاف الصور الجميلة والتفاصيل المدهشة التي لم نكن نقدر على شرحها لمن فاتهم باص الرحلة إلى هناك.

شكرا لك يأأخي وعاشت الدويم.

دالــي

Post: #55
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: dalihabboub
Date: 12-26-2006, 11:44 AM
Parent: #1

الأستاذ أبي

أنت بالقطع لا تعرفني لأنني لست من سكان الدويم لا قديما ولا حديثا لكنني بالقطع واحد من الذين يعرفون الدويم جيدا لأنني من أحد الحلال القريبة من الدويم. أنا من الكريدة وبالنسبة لنا الدويم في ذلك الزمان حين كنا أطفالا كانت جنة الدنيا وزينة البلدان وكانت زيارتها جائزة عن كل فعل حميد نقوم به أو إنجاز نحققه.

لا زلت أذكر الدويم بل لا زلت قادرا على استنشاق عبق أديمها ولا زلت قبل النوم استرجع شريط زياراتي المتكررة لها في تلك الأيام حين كنا ننتهز الفرصة لركوب العجلات ودخول السينما لنصرخ كاننا من ابناء المدينة مع كل قطعة فلم (ديشك يا جارو-أظنها بالجيم المعطشة أم تلاتة نقط بتحت).

وما زاد إعجابي الأن بالدويم هو أنها أنجبت من هم شاكلتك من المبدعين الذين ما زالوا قادرين على صياغة حبهم لها بهذه اللغة السهلة البسيطة والعميقة في آن ليجعلوا من الدويم أنشودة عذبة تتمشى في الأفئدة وتقدل في الخاطر وتسكن حجرات القلب الأربعة بلا استئذان.

تحياتي لكل ناس الدويم الذين تعلمنا منهم الكثير ولا زلت أذكر كما البارحة الأستاذ المرحوم عبدالعال الزين الأمين الذي درسني بالكريدة الإبتدائية وجعل من المدرسة مسرحا كبيرا ودارا للموسيقى بعد ان كانت مهجورة قبله حتى صرنا في عهد نكره الإجازة الصيفية لأنها كانت تبعدنا عن المدرسة. وكان رحمه الله يأخذنا في أعياد الاستقلال وأكتوبر إلى الدويم حيث بخت الرضا لنعيش أياما من الأحلام الوردية ونحن نشهد المسرحيات والمعارض والمسابقات الرياضية لنعود بعدها إلى أهلنا وعقولنا الصغيرة تضج بالاف الصور الجميلة والتفاصيل المدهشة التي لم نكن نقدر على شرحها لمن فاتهم باص الرحلة إلى هناك.

شكرا لك يأأخي وعاشت الدويم.

دالــي

Post: #57
Title: الأخ دالي..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-27-2006, 00:16 AM
Parent: #55

Quote: أنت بالقطع لا تعرفني لأنني لست من سكان الدويم لا قديما ولا حديثا لكنني بالقطع واحد من الذين يعرفون الدويم جيدا لأنني من أحد الحلال القريبة من الدويم.


أخي الكريم دالي
Dali Rahmatalla Al Habboub
نعم ربما لا أعرف شخصك الكريم، تقصيراً مني، ولكن من لا يعرف عائلتك؟ وأشرف بمعرفتك.
ملحق اسمك بنسبته لوالدك وجدك وحده كافٍ ليقدرك المرء حق قدرك.
التحية لك و لكل آل الكريدة ولنا بها مصاهرات قديمة، فهم أهل وهم أعمام وأخوال أبناء العديد من عائلتنا.
و أهلنا كانوا أكثر زيارة للكريدة ، فهي مزارهم و معقل شيوخهم . كما أن الكريدة ما هي إلا امتداد طبيعي قديم لمدينة الدويم، فذكر المؤرخون أن سكانها وسكان شبشة ما هم إلا سكان الدويم. فقد نشأت خلافات ومنازعات بين الجعليين والجعافرة في الدويم، فآثر عقلاؤهم أن تبتعد الجماعتان عن بعضهما، فنزح الجعليون شمالا إلى شبشة ، الصفيراية، العرشكول والشطيب، وبلغ المطاف بالتجار منهم إلى الشقيق والصوفي ، شمالا و إلى الهلبة و جنقول وما جاورها ، من ناحية الشمال الغربي إلى قريب من زريبة البرعي.
بينما اتجه الجعافرة المزارعون إلى جهة الجنوب، عبر حلة أم تكال ، حلة العمدة الزين ، القردود... وسكن بعض في أم جر واستقر آخرون بالكريدة ، شرقا وغربا ولكن منهم من رجع من الكوة واستقر مع الشيخ (أبي عمر) رحمه الله.ووصلت جماعات منهم إلى المقينص وسكن بعضهم كوستي. ثم دخل الكريدة بعد ذلك قوم آخرون أتوا لتعلم القران الكريم أو أخذ الطريق من راجل الكريدة. و قال بعضهم إن الهجرة كانت عكسية، والله أعلم. فقد يخطئ المؤرخون وقد تنتقد رواياتهم الشفاهية. ولكن الثابت عندي أن أواصر القربى – الرحم- ممتدة بين قاطنين في الدويم وأم جر و الكريدة ، حتى يومنا هذا. واسم الكريدة يتردد كثيرا في الدويم خاصة دكان ود الكريدة في شندي فوق و دكان أولاد الكريدة في حي (أبو جابرة).
.


Quote: كنا ننتهز الفرصة لركوب العجلات ودخول السينما لنصرخ كاننا من ابناء المدينة مع كل قطعة فلم (ديشك يا جارو-أظنها بالجيم المعطشة أم تلاتة نقط بتحت).


سافرت مرة وأنا طالب بالمتوسطة إلى مدينة الأبيض. كان أول ما فكرت فيه أن أزور سينما عروس الرمال. و كنت أحسب أنها المدينة الوحيدة التي تخذت شاشتها من قماش ، كنا نسمع أنه غالي الثمن.
كان الفيلم عربيا، ثرثرة فوق النيل، بطولة العملاق عماد حمدي. و فجأة سمعت صائحاً ينادي:
"ثبت يا نجارو" ولمن لا يعرفون فالاسم نجارو لقب لعمنا فني تشغيل السينما واسمه ميرغني.
و كان مهندس السينما العم حاج أنور، و الشيء بالشيء يذكر.
قمت من مقعدي بسينما عروس الرمال وحاولت أن أبحث عن صاحب النداء. كانت مهمة شبه مستحيلة. أنوار السينما مطفأة وينعكس الضوء الباهر المنبعث من جهاز السينما على عيني فيغشيهما. كان شريط الضوء يأتي من النافذة في شكل شبه مخروطي قاعدته على الشاشة و قمته عند جهاز التشغيل، و ذرات الغبار تلمع في مساره كأنها ملايين الحشرات الطائرة و سحب الدخان المنبع من سجائر المشاهدين يتلوى بلون رمادي ليخلق لوحات تعجز سماء الخريف أن تحاكيها.
كنت أدقق في الوجوه لأرى من أعرفه، و عيون الناس متعلقة بالشاشة؛ فَضِيْقَ الناس بذلك وأسمعوني الكثير من السباب أستحي من سماعه ، فضلا عن ذكره.
- ما تقعد يا حيوان.
- اترزع في كرسيك يا أهبل.
- إنت الليلة يا ..... الله مسلطك علينا ولا شنو؟
وكان الكريم منهم يقول:
- يا ولدي الله يهديك اقعد.
وكان أهل الوسط من هؤلاء يقولون:
- يا أخي نحنا ما دافعين قروش عشان نشوف العسل ده.
- لو سمحت يا ابن العم، أدينا معاك (وجهة نظر)، ولم أعجب من الخطأ السابق ، فمعظمهم من السوقة أو حتى الأميين، يستعملون بعض العبارات التي يسمعونها ، يتشدقون بها ليظن الناس أنهم قوم ذوو شأن ومكانة.
- وقعت الطامة على رأسي لما رأيت أحدهم قد قام من مقعده واتجه إلي . كان رجلا ضخم الجثة – طول في عرض- و كان يحمل شيئا في يده لم يفلح الظلام في إخفاء خطورته، فقد التمع مع بهرة الضوء التي تضيء شاشة السينما. كان يبرق بريقاخطيرا ، فتدركه غريزة حب الحياة عندي قبل أن تدركه حواسي الخمسة. كان الرجل يقول:
- و الله يا ولد الـ...... الليلة إن بقى عمرك أردب سمسم إلا أسلسله ليك حبة حبة.
وبدا لي أن الناس في انهماكهم ذلك ، لم يدركوا ما حدث. ولو أدركوه لما حرموا أنفسهم من متعة متابعة الفلم، لينجدوا صبيا يواجه كاسرا.
و لكن العناية أرسلت إلي رجلا كبيرا في السن ، لاحظ حيرتي وخوفي، وعلم أن الخوف قد شلني؛ فجذبني إلى جانبه. أجلسني على الأرض ، في الممر الذي بين كنبته والكنبة المجاورة وأنزل علي (البالطو) الذي كان يلبسه. مر الرجل بجواري، إذ سمعته حذاءه الثقيل وكان متجها نحو نهاية الكنبة وتخطاني، ولم يكلفني في رجوعه كل حواسي لأكشف حركته، فقد كان يقول بصوت جهوري ، رغم أنه كان يحدث نفسه ولم يسمعه أحد غيري:
- حرَّم الليلة الله مرقك ساكت... أكيد شيطان الأرض دي التقول انشقت جب وبلعته... دي ولادة شنو دي ولادة آخر زمن. وابتعد صوته و ابتعد شخصه ولكني كنت أتابع الصوت الذي حفظته جيدا ولن أنساه ولو بعد مائة عام.كان يهتف بين الفينة و الأخرى:
- الله عليك يا ولد..
- الشغل كده ولا بلاش.
- الله عليك يا فريد شوقي.. و لم يكن فريد شوقي بين الممثلين، فيضحك الناس...
- الواحد كان خلى عيشة القرف دي و مشى سكن مصر ما أخير ليه؟
- ما تقولوا حاجة ياناس يا بجم.
رفع الرجل البالطو وأذن لي بمشاركته الكرسي، وقمت لأجلس إلى جنبه، وقبل أن أجلس التقت عيناي بعيني شخص أعرفه حق المعرفة. هو الشخص الذي كنت أبحث عنه،دون شك. كان شخصا من الدويم، وهو ابن عمنا لبيب أحمد في زيارة لمدينة الأبيض. تعانقنا وخرجنا من السينما. أصر أن يدعوني للعشاء وأنعم علي بأكثر من ذلك بدعوتي إلى تناول الباسطة بالحليب، فحكيت له قصتي مع الرجل. غضب صاحبي وقال لي:
- متين حصل الكلام ده؟ والله كان شفته كان الليلة أجله تم.
فرددت عليه - في نفسي - :
- الحمد لله إنك ما سمعته.. كنت حاتخش السجن وأنوم أنا بالجوع.
التفت إلي وقال:
- لكن عليك الله موش سينمتنا أحسن من عروس الرمال؟ قال عروس الرمال قال.
وافترقنا على أمل اللقاء بعد الغد في الدويم. وكان اللقاء ليلة العيد في سينما عبد الحارث وكان بطل الشاشة دجانقو و بطل السينما عبد الرحمن حسن العاقب.
ثبت يا نجارو واحدة من العبارات المميزة ، لها خصوصيتها في الدويم، مثل خصوصية السينما القديمة (سينما عبد الحارث) .
كانت هذه النداءات وغيرها من تعليقات هي فاكهة السينما، وكثيرون يدخلون السينما ليسمعوا هذه النكات السريعة التي تعبر عن بديهة أصحابها، وهم قوم معروفون بخفة الدم. وأذكر منهم أخانا الفاضل عبد الرحمن حسن العاقب، الذي لا يفتر لسانه عن التعليق.
أشكرك ...
وأواصل ....



Post: #58
Title: Re: الأخ دالي..
Author: dalihabboub
Date: 12-27-2006, 09:38 AM
Parent: #57

واصل ياأخي الحبيب فهذا الذي تكتبه والله يأخذ الالباب وأحسدك على هذه الذاكرة الرهيبة التي يزيدها توقدا زيت المحبة يقدح فيها سره لتبثنا تفاصيلا في غاية اللطف والحميمية فإذا الواحد كأنه جزء لا يتجزأ من تلك التفاصيل.

انا مثلك مسكون بتلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تعطي حياتنا لونها وطعمها ورائحتها ومثلك تماما في سرعة البكاء كلما ناء الحمل بعبء سنين الغربة الذي ارهقني ولكم والله صرخت نصف الليل: أنا لم أخلق لهكذا مكان وعندما يبلغ الوجد مداه أنادي اولادي لأحدثهم عن الذي كان وما يحزنني أنهم لا يفقهون ما أعني ويكتفون بالمجاملة والاستماع من برة لبرة.

نعم العلاقة بين الدويم والكريدة قديمة قدم الدويم ولهذا نجد ان جميع ناس الكريدة ينحازون للدويم عند صراع المدن على مكانة ما ولا زلت أذكر كيف كانوا يعددون محاسن الدويم كلما جاءت المقارنة بينها وبين كوستي وعلى الرغم من أن والدي مصالحه كانت ترتبط بكوستي إلا انه كان دائماالإنحياز للدويم بمناسبة وبغير مناسبة ورغم أن كوستي مدينة أثيرة لدى إلا أنني وفي أعماقي أنحاز للدويم بلا مواربة.

لك كل المحبة وأرجوك واصل هذا المسلسل العذب الذي يجعلني قادرا على الهروب من محنة الغربة إلى فضاءات الماضي الجميل.

أخوك/ دالي رحمة الله الحبوب
مسقط/سلطنة عمان

Post: #59
Title: Re: الأخ دالي..
Author: الأمين لعوتة
Date: 12-27-2006, 02:08 PM
Parent: #58

الأخ أبي


و ضيوفة الكرام و إن كانو أهل بيت


ايييهههههه (جرة نفس طوييييييلة)

سلام

تعرف با أبي احسدك علي ذاكرتك الفوتغرافية

فنحن نعيش زمان يمحو التفاصيل و في رواية إخري حتي الأسماء

سعدت بهذا التجمع الذي ضم مجموعة من (أهل) الدويم من أصقاع الأرض

و تعرف يا أبي كان وصف المرحوم عمر الحاج موسي للدويم

بأنها عاصمة العواصم الصغيرة كان وصف عارف.


التحية عبركم الي اخينا الطيب

اما عزيزنا شحتو فقد (استمتعت) في زمان قريب بحواره الإسفيري مع قريبي مامون


دالي

داير تجيب سيرة البحر مالك

حسي يجونا ناس كوستي ناطين



تعرف يا أبي البوست ح ينكتب في ميزان حسناتك

شوف لمي ناس طولو من بعض كيف






يا جماعة سوري اعتبورني ب فطفط او في رواية اخري ب أهضرب


لانو سيرة الدويم بتحرك أشجان كوامن و و

كل عام و أنتم بخير

Post: #60
Title: الحبيب الأمين لعوتة، أرحب بك في بيتك..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-27-2006, 05:49 PM
Parent: #59


الأخ الأمين لعوتة
الحمد لله أنني كل يوم أسعد بزيارة الغائبين عن عيني ولم يفارقوا فؤادي، أناس حبيبين إلي من بلدي ومن مدينتي وجيراني. فمرحبا بك ومرحبا بكل ذكرى عبقت بها زيارتك لي .

Quote: تعرف با أبي احسدك علي ذاكرتك الفوتغرافية

يخيل إلي أحيانا أن هذه الأحداث لم تنسحب بعد إلى حيز الذاكرة، بل هي أحداث لا زلت أعيشها. لا زلت بسروالي والفانلة أباري أقراني في القفز من فوق الخور الذي يجاور منزلكم، أو أحش النجيلة من الميدان المقابل لمنزلكم. أو ألعب الكرة في نفس الميدان.
الدويم تجبرك أن تكون جزءاً لا يتجزأ من ذاكرتها، ولا تسمح لك بأن تنسى السعيد والمحزن من أحداث، ولكن حتى المحزن بعد مرور هذه السنين تغير طعمه وصار ذكرى حلوة. ولكن الذي يؤلمنا حقا هو ابتعادنا عنها و رحيل أناس إلى الدار الأخرة ولا زلنا نحبهم. ولكن المرارة في حلوقنا تتبدد لما نلتقي ببعضنا ونجتر ذكرى حبيبة إلى أنفسنا جميعا.


Quote: و تعرف يا أبي كان وصف المرحوم عمر الحاج موسي للدويم
بأنها عاصمة العواصم الصغيرة كان وصف عارف.

نعم أوافقك وأوافقه، عليه رحمة الله. و كنت أسميها المدينة القرية، ولكن ذلك الوصف لا يضاهي في نقل صورة دقيقة للدويم.


Quote: التحية عبركم الي اخينا الطيب
اما عزيزنا شحتو فقد (استمتعت) في زمان قريب بحواره الإسفيري مع قريبي مامون

الأخ مأمون الرجل الفنان حصلت على بريده الإلكتروني صدفة من أستاذي العزيز الموسيقار أزهري عبد القادر نور الهدى، وسعدت بمعايدتي له وتهنئته بالجائزة التي شرفتنا وسعدت ثانية برده لرسالتي، واشتاق لرؤيته ، مثلما أشتاق لكم جميعا.
و الأخ الفنان عبد الباقي على أزرق، على اتصال معي عبر البريد، والخال الطيب عبد الرحيم يقيم معي بالرياض وهو الآن في إجازة عيد الأضحى بالسودان.
أشكرك و استحي أن أشكرك لزيارتك بيتك وأواصل مع سينما الدويم
.



Post: #61
Title: سينماء الدويم..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-27-2006, 05:54 PM
Parent: #1


سينما الدويم
لم تكن المدينة شديدة الإضاءة، بل شبه مظلمة، فإذا قصدت منطقة السينما في ساعة متأخرة من الليل، بدت لك السينما كأنها سفينة في عباب بحر بعيد. تقترب تلك البقعة، الصاخبة نوعاً، بمجهار الصوت الذي يبث أغنية قبل العرض و جلبة من في السوق. ترى الجانب الشمالي وقد تراصت فيه مجموعة من أكشاك الخشب المغطى بالأوبرايت أو كانت من الزنك. أول هذه الأكشاك من ناحية الشمال الشرقي، كشك فاكهة لصاحبه الدشوني يليه آخر وصاحبه العم محمد عبدة ، ثم كشك (العماري الممتاز)، يتوسط أكشاك الفاكهة ولا تحس أن الناس يحسون بهذا النشاز. كان كشك السعوط (التنباك) لرجل، ذائع الصيت في مهنته تلك واسمه كباشي. يقول (فلان الفلاني) عن تنباكه :
- تنباك كباشي كرم الله (حلاوة) وتنباك الباقين زبالة . والزبالة هنا لا تعني القمامة.
و أنا أشهد له بافتنانه في هذا السم الهاري، وهذه قصة أخرى سأرويها.
كان الكشك الذي يلي كشك التنباك لوالد صديقي شيخ الدين عامر وأخوه كمال. يليه كشك عمنا النور (القاعوري). وتنتهي أكشاك الفواكه عند كشك المعلم عبد الرحمن العجلاتي والد زميلنا عبد القادر وهو الآن العجلاتي الشهير باسم رمضان العجلاتي، ثم كشك (كريشنقا ) العجلاتي ، الذي افتن آخر أيامه في صيانة (المواتر). وسأعود للعجلاتية بالتفصيل.
كانت هذه الأكشاك أثيرة عندنا – نحن الصبية – خاصة الكشك الذي يلي العجلاتية وهو كشك (الشيَّه)، ورائحة الشواء هي أول ما يقود أنفك نحو هذا الكشك، ثم يدعدغ شهيتك إذا رأيت أسياخ الشواء ، يقلبها (أبكر) على الجمر بحذق، يخرجها فيستل قطعة لحم من السيخة ، يغمسها في (كورة الشطة بالليمون)، يوهمك أنه يقدمها لك كرما، فلا تلبث أن تمتد يدك إلى جيبك لتنفق كل ما فيه على هذه الشية ، سيخة وراء سيخة.
هنالك أيضا أكشاك في الشمال الشرقي للسينما ، غرب منطقة الأفران، خلف جدار فرن العم بشير عبد الحبيب. كان أول هذه الأكشاك كشك العم سيد اليماني، يبيع فيه عصير الليمون الذي تختلف طريقة صناعته عن طريقة حلواني حاج خالد، فالأخير يصنعه بخلط الليمون المقطع في شكل شرائح في خلاطات براون المشهورة ويرمي بلورا الثلج فتسمعها تهشم الثلج تهشيما. كنت أراقب العم سيد، وهو يصنع عصير الليمون بطريقتة المتفردة تلك، إذ يقوم بفرم الليمون بماكينة فرم اللحمة، وكانت كبيرة الحجم. يخرج العم سيد مفروم ثمر الليمون و يغمسه في ماء (حَلَّة) ضخمة، بعد أن يضعه في مصفى من السلك. يرمي بباقي الليمون المفروم إلى (نصف برميل)، كنت أذكر كيف يجتمع النحل حوله.
يضع سيد اليماني الثلج في كيس من الدبلان ثم يرضخه بقطعة من الخشب، حتى تَدِقُّ بلوراته ثم يصبه في (حَـلَّـة) الألمنيوم ثم يعمل الكوز فيها مقلبا، حتى يندى جدار الحلَّة الخارجي ، معلنا عن أبرد عصير في التاريخ.
بجوار كشك العم سيد كشك عجلاتي شاب اسمه عوض محمد أحمد، و كان أقل شهرة من (الأسطوات) الآخرين، ودراجاته قليلة العدد وقديمة .
شرق السينما كان هنالك حلواني مشهور باسم (استوبر النيل) لصاحبه أحمد جعفر، ويجاوره حلواني حاج خالد، وكلاهما اشتهر بالشاي و الحليب في كبابي (الشُبّ) وهو الشيء الذي لم يكن متوفرا في حلواني برعي محمد أحمد الكتيابي . اشتهر المحلان أيضا بالباسطة، وكان يعاونهم رجل آخر كان يطوف جوار السينما وفي (اللوج) مناديا :
- وبي اللبن... واحد صاغ.. وهو يعلن عن الشاي باللبن، الذي سعره قرش واحد.
غرب السينما جوار موقف التكاسي، كان هناك صف من النساء يبعن التسالي والفول ، أذكر منهن اثنتين باسم حواية ، إحداهن شابة والأخرى كبيرة السن، وحاجة خديجة، حاجة حواء وكلهن من البرنو. وهذا الجانب الغربي هو الجانب الأهم من السينما لأنه كان بوابة (الشعب) الأرخص ثمنا وأكثر متعة، لا يعكره سوى (إبراهيم السواري)، يلهب ظهر من تحدثه نفسه باختراق (الصف) أو التسلل دون دفع سعر التذكرة. هذا وإن نجا من السواري لم ينجُ من العم دقون الرابض في الباب كالأسد.
الجانب الجنوبي مما جاورالسينما من ناحية الشاشة هو الجانب المظلم من السينما وليس به سوى مبني واحد في ركنه الجنوبي الغربي مقابل محطة شل للوقود، وكان عبارة عن ورشة لصيانة السيارات يديرها المرحوم عباس ريكس، و جوار موقف شبشة وبصات العم الضريس المشهورة. أما الجنوب الشرقي ، المطل على مطعم عم علي جعفر و دكان الجوخ للترحيلات، فهو محل بيع (العيوش) في الصباح وينتهي عملهم قبل أذان المغرب.
كنت أكره هذه الجانب المظلم من السينما لرائحته الكريهة ، فقد تخذه الناس مكانا للتبول لأنه مكان مظلم.
كانت السينما مقسمة إلى الشعب واللوج وهنالك لوج خاص بجوار غرفة التحكم و لا يصعد إلى الأخير أحد إلا في الحالات النادرة أو امتلاء السينما، خاصة إذا كان الفيلم هنديا وبطله سدني بوتية أو داري سينقم (أبو شنب)، أو أفلام الكاوبوي التي يكون بطلها بيكاسو ، أميقو أو دجانقو. أو حفلا يحيه فنانون من الخرطوم.
كنا نكره اللوج ليس لغلاء سعره وحسب، ولكن لأننا نحس أننا نجلس جوار قوم جامدين، لا يهللون للمشاهد، لا يتحدثون ولا يصفرون. تصوروا أن بيكاسو يطلق مسدسه ليكتب اسمه في الشاشة بالطلقات، ولا يتحرك مرتادوا اللوج. كان معظم من يجلس في اللوج من المدرسين والموظفين والتجار وكبار السن.
كما أن كراسي الشعب فرصة طيبة لم أراد من الصبية أن يدخن السجائر، حين تطفأ الأنوار وينشغل الكل بمشاهدة الفلم. أما من اشترى علبة كاملة من السجائر ولم تنفد، فيمكنه أن يدخل (الدور الثاني)، حتى يستمتع بباقي سجائره، وأحيانا تكفي السيجارة الواحدة مجموعة من الأصدقاء، فتسمع عبارة (نفس بالله)، وبعضهم يكتفي بمص (سبارس) المقتدرين إذا رموه على الأرض.
أذكر مرة أن ابن عمي صلاح عمر البشرى كان يجلس في اللوج ، في أول صف ، وبينه وبين الشعب جدار. كان الفيلم هنديا، ضرب فيه (الخيانة) البطل ضربا مبرحا، حتى أدموا وجهه و شارف على الموت. كان الصراع داخل محلج قطن، احتجزت فيه حبيبة البطل (آشا) وقدم البطل لتحريرها، فقال ابن عمي:
- أيوه أضربوا الحلبي كسروه.
و كان كل مرتادي الشعب ، في صمت تام وحزن عميق وهم يتابعون مأساة (البطل)، مكتومي الأنفاس ولا يقدرون على نصرة بطلهم. قدم في هذه اللحظة (العوير) وهو صاحب البطل، فرأى البطل يضرب، فرمى إليه بمسدس، فخاف (الخيانة) وتراجعوا. هب البطل في مشهد جميل، مسح الدم بكفه من طرف فمه، أصلح خصلة الشعر التي تدلت فوق عينيه ونظر إلى أعدائه نظرة ندت عن شر محيق وخطر شديد، فتراجع (الخيانة) وعددهم عشرة. آثر البطل أن يضربهم بكفه ، لكم الأول لكمة قوية (توشوووووم) فرمى به في أعلى (بالة قطن) بالمحلج، ركل الثاني بقدمه (تشووووووف) فرماه في ماكينة الحلج فقطعته نصفين، فر الثالث و لكنه تعثر بقطعة خشب وضعها له العوير في طريقه ، فأهوى البطل عليه بقبضتيه معا فنزلت الضربة على رأسه؛ فتهاوى دون أن يصدر أي صوت و خرج الدم من فمه وأنفه. تسلق الباقون سلما يؤدي إلى جسر داخل المصنع. رمى البطل المسدس من يده وطار ، لارتفاع يزيد على العشرة أمتار.
وهنا قال ابن عمي من جديد:
- قايلننا هنود ؟ .. ده زول ولا طيارة؟
ولم يرد عليه أحد.
ضرب البطل أعداءه واحدا إثر آخر ورماهم من الجسر. سمع البطل أنينا فعرف مكان حبس خطيبته التي كان يخشى أن تكون قد قتلت. فتح بابا فرآها مكومة ، فحل وثاقها وحملها في يديه، فهتفت :
"أحبك" I love you
ثم بدأت الموسيقى تعزف ليغني البطل أغنية وصفق الجمهور وصفروا.
وهنا هب رجل من (الشعب) ، كان مغيظا من مقالة ابن عمي، ونادى بصوت عال :
- وينو الحيوان بتاع اللوج ده؟ .. تآلي (تعال) هنا نوريك كيف.
لم يتحدث ابن عمي وإلا كان في عداد الهالكين، لأنه استفز شعور الرجل بإساءته للبطل. ضحك الناس ، حتى من في اللوج ، ولكنهم سرعان ما نسوا الحادثة، لأن حبيبة البطل صدحت بصوت كصوت الكناري:
- زندقاي ، محبة.. أو شيئا من هذا القبيل. والعجيب أن كل من بالشعب كانوا يغنون معها وهم لا يعرفون تلك اللغة. و استبدت النشوة بالرائع جمال اليماني (ود العمراني)، صعد في الشاشة يغني ويرقص معهم وهو المفتون بالأغاني الهندية ، يغنيها بصوت عال وهو في الطريق من بيتهم بالثورة إلى دكان والده، جوار مطعم شلقامي، والناس يضحكون .
و أواصل بإذن الله.


Post: #62
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Adil Osman
Date: 12-27-2006, 05:55 PM
Parent: #1

وللدويم ابناء فى بلاد الافرنجة كتبوا عنها وصوروها بعيون المحبة والوفاء والولاء. انظر مدينتكم http://emedia.brookes.ac.uk/zahranhafiz/modules/img1.jpg
وانظر يا أبى البشرى كيف أخرج كتابك الجميل عن الدويم اقلامآ نصيعة ونصيحة كانت مهبرنة. مهبرنة من هايبرنيشن.
فجاء الدالى ود الكريدة يتكئ على حنين وعلى نوستالجيا فاض بها قلمه الذى نعرف من ايام الطلب فى جامعة الخرطوم.
ذهبت الى الدويم فى سيرة عرس فى الثمانينات سارت من بحرى. وكانت اول واخر مرة.
لن انسى طيبة الاهل فى الدويم وترحيبهم الفطرى بالقادمين اليهم على ظهور البصات والحديد.
وللدويم فى خاطرنا علامتان لا تخطئهما ذاكرة:
بخت الرضا. شفناها فى المناهج.
والجبنة البيضا، ما يسميه اليونانيون الفيتا جيز. صناعة هامة كانت فى الدويم. وطعام عمّ القرى والحضر.
هل جربت سندويش الجبنة بالعيش الطازج الخارج لتوه من الفرن؟ وبين كل لقمة والاخرى جغمة ببسى فتختلط انساب الجبنة والخبز والماء الغازى. ما اجمل النسب الجديد!
هل نثرت الجبنة المفتوتة على الفول؟ ثم جعلت زيت السمسم يجرى على مهل فوقها وتحتها؟
وهل تفننت مثل اهل الخرطوم فجعلت الجبنة البيضا مرقآ للمكرونة؟
وهل جربت خلط الجبنة بالطحنية؟
ملوحة من هنا ولذعة حبيبة، وحلاوة من هنا وسمسم القضارف!
يا الله!

Post: #63
Title: الأستاذ الغالي والمبدع عادل عثمان..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-28-2006, 02:49 PM
Parent: #1

Quote: وللدويم ابناء فى بلاد الافرنجة كتبوا عنها وصوروها بعيون المحبة والوفاء والولاء. انظر مدينتكم http://emedia.brookes.ac.uk/zahranhafiz/modules/img1.jpg
وانظر يا أبى البشرى كيف أخرج كتابك الجميل عن الدويم اقلامآ نصيعة ونصيحة كانت مهبرنة. مهبرنة من هايبرنيشن.


حينما يحضر عادل عثمان يطل البهاء. يحضر الهناء و تولي الأحزان.
في كل مرة يزور يأتي بجديد
رأيت شعاره ضمن المداخلات، قبل أن أقرأ اسمه ومنيت نفسي بصورة.
قرأت الرابط وضغطت عليه ولم يخذلني.
مرحبا بك أيها الرجل الجميل جمالاً يفوق روعة لوحاتك، ومرحبا بصديقي و زميلي، الذي افتقدته زمنا طويلا (حافظ زهران).. الفنان ، الذواقة و الموسيقار.
وجدت الصورة ، إذ قادني إليها الرابط ومنيت نفسي بأكثر من موقع لحافظ زهران. هذه ثقتي أن الدويم ستظل أجمل خواطره الفنية، وأحلى ذكرياته، فله حبي.
استنجد بك أخي عادل أن تمدني بالرابط الذي يريني الكتابة المكتوبة فلم أجد إلا الصورة ولك شكري مسبقا.


Quote: وللدويم فى خاطرنا علامتان لا تخطئهما ذاكرة:
بخت الرضا. شفناها فى المناهج.
والجبنة البيضا، ما يسميه اليونانيون الفيتا جيز. صناعة هامة كانت فى الدويم. وطعام عمّ القرى والحضر.
هل جربت سندويش الجبنة بالعيش الطازج الخارج لتوه من الفرن؟ وبين كل لقمة والاخرى جغمة ببسى فتختلط انساب الجبنة والخبز والماء الغازى. ما اجمل النسب الجديد!



(1) بخت الرضا وسيأتي الحديث عنها
(2)الجبنة البيضاء
نشأنا في الدويم، لنجد ثلاثة مصانع مهمة ، أحدهما مصنع الصلصة ، جوار المدرسة الأهلية، والآخر مصنع جبنة ، في موقع صيدلية على الشريف ومغلق الأمين يوسف القريب. ومصنع الجنجبيرة (الجنجر)، جوار دكان العم مجاهد الأنصاري، من ناحية الجنوب وغرب دكان العم الطيب جاه الرسول. ولكن تلك المصانع كانت قد توقفت عن العمل في تلك الفترة.
قالوا لنا إن مصنع الجبنة لرجل يسمى (مايسترو)، وكانت اللوحة لا تزال معلقة على الباب. استفاد مايسترو من كثرة الألبان في المنطقة ، فأنتج فيه الجبنة البيضاء كامتداد للصناعة المحلية. أنتج (الجبنة الرومية)، ذات اللون الذي يقارب اللون الكبريتي، الأنناسي، الكريمي والأصفر، ولكل نوع من ذلك محبون ومتذوقون. قام المصنع أيضا بصناعة (الجبنة المضفرة)، كثاني مصنع لهذه النوعية في الشرق الأوسط. فيا للسبق والتفرد.
وبالمناسبة عرفت الدويم كثيرا من الصناعات غير الجبن ، في عهد قديم، ففيها مصنعان للزيت ومصنع للصابون ومصنع للثلج ومحلج للقطن،و في السبعينات شهدت مصنع النسيج الذي كان فاتحة لكثير من المصانع بعدها. وشهدت الدويم أنواعا جديدة كثيرة من الصناعات منها، تجفيف الفسيخ، لكي يقدم للمستهلك بدرة، قام به صديقي المرحوم أزهري بشير الطيب.
الجبن الأبيض يصنع محليا، في مصانع متواضعة، بصورة بسيطة وسهلة، ولكنها تحتاج إلى خبرة عالية، وهذا هو سر الجودة. فبحذق الفني وخبرته يمكن أن ينتج (المعمل) ، كما يسمونه، (جبنة دسمة) أو اسفنجية (مخرمة) ، سائلة نوعا ما أو مترابطة، ويمكن أن يتحكم في درجة نصاعها. والفكرة بسيطة ، يصب الحليب في برميل التصنيع، تضاف إلى البرميل 4 حبات من حبوب التخمير، يترك اللبن بعدها إلى أن يتم التخمر، يضاف الملح، ثم يصب الناتج في قوالب معدة من الخشب على شكل وحجم الصفيحة. هذه القوالب مفتوحة من الجانبين ، أي لا أغطية لها ولا قواعد. و لكن الفني يثبت قطعة من القماش في مكان القاعدة، لأنه يضع القالب في وضع رأسي. ثم يتركه حتى يتساقط عنه ماؤه. و الباقي في القالب هو الصلب من المادة وهو الجبن بأنواعه المختلفة.
ويحدد النوع بالكمية المضافة من لبن البودرة إلى الحليب. والمرحلة الأخيرة هي مرحلة التعبئة في الصفائح، الجوالين أو أنصاف الصفائح. وحديثا أصبحت هذه الأواني من البلاستيك، حسب توجيه وزارة الصحة. ونادر جدا من البيوت في الدويم من لم يجربوا صنع الجبن في بيوتهم، إضافة إلى صناعات أخرى؛ مثل السمن، الروب المهزوز والفرصة، وكلها متلازمات عملية. بل إن الذين لم يجربوا صناعة السمن في البيت، كسلا، قطعا قاموا بمعالجة سمن السوق المغشوش. والفكرة بسيطة ، فإذا لم تعجبك رائحة السمن(أو النكهة ، كما يطلقون عليها) فقط ضع كمية من اللبن الرائب على النار. ثم صب السمن المغشوش عليه. اتركه فترة حتى يغلي الخليط. أنزله من النار ثم صفـِّه بمصفاة ناعمة. بحول الله ، تجد السمن وكأنه سمن خالص.
(الله على هذه الصنعة، وعلى هز الروب في السعن، وصانعاته وأشهرهن المرحومة رحمة كبسور، وحاجة صافية ، رحمهما الله. كنت أمل من طول الإنتظار وأنا أراقب الحاجة رحمة وهي معلقة السعن على راكوبتها وتظل تهز وتهز السعن بلا ملل، حتى إذا فكت الوكاء ، حظيتُ منها (بالفرصة) التي تكرمني بها و تملأ كفها بالسكر وتنثره على الصحن. رحمها الله.
أما إذا اشتريت جالون جبن (مَرْجوخة) ، غير متماسك، وحسبت أنه مغشوش، فاتركة لفترة من الزمن في جالونه، حتى يتماسك. والسر أن التاجر يكون قد استعجل للبيع ولم يصبر للجبن حتى يقوى.
الجبن طعام طيب و يؤكل لوحده، مع الفول، مع المكرونة، مع سلطة الطماطم، وغير الأطعمة ، حسب التذوق. لكن لي غرام قديم مع سلطة الطماطم بالجبن و زيت السمسم العجيب، وأفضل زيت (الولد) على غيره (وأعود للرغيف). وزيت الولد هو زيت المعصرة. وله سحر آخر، ولا يدانيه زيت المصانع ولا العصارات الحديثة. أعني العصارات الصغيرة التي وزعتها البنوك الـ... ولكنها [عصرت] فيها المستثمرين الصغار ، بدلا من أن يعصروا فيها الزيت.
العصارة (أم جمل) أو التي يجرها ثور، تنتج زيتا أخضر اللون ، ذي رغوة معربدة، وذات طعم فريد ورائحة إذا ذكرتها الآن هاجت شجوني ، وتمنيت لو أني كنت قرب معصرة عم الطيب عوض الكريم، ينفحني عم عبد الله، ببقايا السمسم الذي يصلح أوله للأكل البشري طازجا بالسكر. أو (دكوة) تستعمل في شتى الأغراض،ويصلح آخره وأسوأه طعاما للبهائم، يسمى (الأُمْبَاز) وهو معروف، ويفضل أمباز زيت البذرة عند الكثيرين، إلا أن البقرة التي تأكل أمباز البذرة يكون حليبها ذا رائحة غريبة نوعا، غير محببة. وكلنا نذكر الطعم الكريه للحليب، إذا أكلت البقرة من أوراق القطن أو أغصانه. والذي أعجب له أنني لم أر أهلي يصنعون الأمباز من باقي عصر زيت الفول، رغم أنه يعد دكوة طيبة، شهية ولذيذة ، لا يقدح فيها ما قاله علماء الطب من أن بها مادة مسرطنة إذا بقيت لأكثر من شهر. وبالمناسبة سألت عن الدكوة في أحد الدول العربية، لأن صديقا لي أحضر لنا (أم فتفت) ومعها (أتي) أخضر وشطة قبانيت:
- السلام عليكم ، ما عندكم دكوة؟
- صباح الخير ، لو سمحت ما في دكوة في البلد دي؟....
ظللت نهاري أسأل عنها، وفي كل مرة تكون الإجابة بالنفي.
و بالصدفة وجدتها في سوبر ماركت واكتشفت السر الخطير ، فهم يسمونها زبدة الفول السوداني. ومرة سألت عن زيت السمسم ، فقالوا لي:
- تلاقيه ، بإذن الله ، في الصيدليات.
كسرة :
وجدت في الخرطوم معملا للجبن الأبيض بمحلية الخرطوم الجديدة (العـُـشَرة) ، كان هذا المعمل يلصق ملصقات مكتوب عليها (جبنة الدويم الممتازة) ثم أكتشفت مصنعا آخر في الحارة 21 أم درمان، فعليك التثبت في شهادة المنشأ.
أشكرك على إهداء الخاطرة والصورة..
وأواصل......





.

Post: #64
Title: Re: الأستاذ الغالي والمبدع عادل عثمان..
Author: Adil Osman
Date: 12-28-2006, 06:13 PM
Parent: #63

يا لقلمك الذكى يا أبى البشرى. الكتابة هكذا أو فلا. كده ولا بلاش.
صديقك الاستاذ حافظ زهران له موقع هنا http://emedia.brookes.ac.uk/zahranhafiz/
وجدت موقعه والصورة التى تفضلت انت بتصغيرها- فى الانترنيت عندما ادخلت اسم المدينة العريقة: الدويم (عاصمة العواصم الصغيرة). واصل هذا التداعى المضئ والطريف.
الجبنة طعام لذيذ. وكذا ماؤها. موية الجبنة حال الفلس ايام زمان مع موية الفول فيما يعرف بالبوش. والبوش لمة وإحسان للصحن. وشغب وصبينة!


عصارة زيت سمسم فى الابيض- كردفان

Post: #65
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: أحمد الشايقي
Date: 12-28-2006, 06:25 PM
Parent: #1

أستاذي الكريم

سـرد شيق لمناظر مألوفة عشناها يوماً بعد يوم

أتابعك باهتمام



أحمد الشايقي

Post: #66
Title: الشايقي ، عادل، عمار يس النور ود قاسم وكل الأعزاء بالمنبر..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 12-29-2006, 00:01 AM
Parent: #65


لكم كل حبي وشكري
أستأذنكم سادتي الرائعين لأنني سأخرج لسفر أتمنى أن لا يطول، و أتمنى أن أستطيع التواصل معكم من تلك البقعة.. وسأحاول جهدي.
وإلى أن أعود أرجوكم (صفا أنتباه)، نحن الآن في طابور مدرسة بخت الرضا الإبتدائية.
رفعنا العلم.. وسننشد معا نشيد المعهد الخالد.. والتحية للشاعر، أستاذنا وأستاذ الأجيال، عمران العاقب و للأستاذ الفنان كمال الرفاعي بابكر الذي أمتعنا بمصاحبته لنا بآلة الأكورديون وله الكثير من الجهود، في هذا المضمار، والتحية لكل معلمي رضا وتلاميذها ولكل سوداني جنى من ثمرة مناهجها.
وألتقيكم بإذن الله لأرد على رسائلكم بالتفصيل الممل.

بعـزمٍ أكيدٍ و رأيٍ سديد . سنمضي حثيثاً إلى ما نريد

نشق الصعاب نخوض المحن . لنحيا كراما و يحيى الوطن

فيا معهدا مشرقا كالصباح . ليهنك أن الشعار النجـاح

و يا معهدا زاخرا بالأمل . ليهنك أن الشعـار العمل

فسر سر بنا نحو غايتنا . تجدنا صِلاباً نعافُ الونى

فأنت الرجاءُ وأنت الدليل . بنور العلومِ تضئ السبيل


Post: #67
Title: الأخ عادل عثمان... بخت الرضا
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-16-2007, 09:26 AM
Parent: #1


الحديث عن بخت الرضا، بعد كل هذه السنين، يبدو لي أحيانا و كأنه قفز فوق حاجز الزمن ثم لا ألبث أن أعدل عن فكرتي؛ ليتضح لي أنه قفز خارج إطار الزمن كله. ذكرى شفيفةٌ، أثيرةٌ، موغلةٌ في البعد. أثيرةٌ ومثيرةٌ في الوقت ذاته. هي نوع من الذكرى التي تبعث في النفس شجى يلُفُّ النفس كلها، بحلوها ومرها ولكن الأثر الباقي منها بعد الفراغ منه؛ يملأ الجوانح نشوة، يعز مثلها ، على الأقل في زماننا هذا. تلك الذكرى هي الزاد الذي بقي من رضا ومن الطفولة كلها، في طفولة رضا، صباها وشيخوختها.
كانت رضا هي حقل السنا ومنبع الوهج الساطع، بل منبع الإشراق كله، في وطني الصغير، الذي كان عندي هو أم الدنيا. لا يذكر المجد إلا ذكرت رضا ولا تذكر الدويم حتى تكون رضا هي الصورة التي تحتل فراغ الإطار كله، ثم لا تلبث أن الصورة أن تتمرد على الإطار وتمتد في أبعاد خيالية، تتجاوز الأفق وحد الرؤيا. إنها صورة لكائن لا نهائي الأبعاد، حظ المصور منها إذا قرب جزء يسير، وإذا بعد عنها بآلة تصويره، نال حظا وافراً منها ولكنه لن يحس مطلقاً أنه قد عرضها كلها. وإذا بعد عنها المصور فكان على ناحية، خارج مجرتها كلها، من مكان علٍ، أحس بالرضا عن الحبيبة ( رضا) وظن أنه قد أحاط بها كلها، بكل تفاصيلها. و لكنه في الحقيقة سيكون قد أغفل كل التفاصيل الدقيقة في اللوحة. لذا أجد الحديث عنها بالمفردات، والتي هي أقل دقة عن الكاميرا، عبأً، يعدل عبءَ الرسام والمثـَّال (النحَّات). الأول يسكب ألوانه على صفحة الورق وينفق الساعات، الأيام والشهور ولن تجد واحداً منهم يقول لك إنه قد وجد في الألوان الصناعية لوناً صادقاً، يعبر به عن الطبيعي. أما الثاني (المثال)، على افتراض أنه نجح في تجسيد الشكل ذاته، إلا أنه سيصعق بأن الجسد الأصل ينطق، يعبر، يتحرك وفوق ذلك يُحِسُّ و يتفاعل مع الكون من حوله.
أخي عادل بخت الرضا هي الصورة التي أجهدت حرفي، أعيت فرشاتي، أرهقت مخيلتي، أضنت ذاكرتي، عبثت بكل مقدراتي وسخرت من كاميراتي . تحصنت بكبريائها ، اغترت بحسنها ولم تحُلَّ إزارها لخاطب ولم تُحِلَّ جنابها لراغب ولكنها تُرضِي الكل، تمتعهم بمبسم حلوٍ و بيان شيق وحديث رقيق، فتذهب عنهم الأسقام وتنسيهم الآلام وتظل تطببهم مع الأيام . هي البكر التي لا تشيخ مع الزمان، والعروس المشتهاة، تُمْتِعُ الكل بخطراتها ومَيْسِها. يشتهيها الشباب، تثير عجب الصِبية، تزيغ عيون الشيوخ وتغار منها النساء. بنت العشرين إذا حضرت، صبية إذا نهضت ، شيخة إذا نطقت وطفلة مدللة عندنا إذا صمتت. أتيت إلى حجرها وليدا فاحتضنتني. حَبَوْتُ في تُرْبِهـِا طفلا فأرضعتني. بكيت في ربوعها صبيا فأرضتني ودللتني. أتيتها رجلاً فقالدتني. أسأت إليها؛ فسامحتني، أكرمتني وعلمتني. وكلما عققتها ،فارقتها أو نسيتها؛ أرسلت إلي برها، في مهجري، قصائد شعر و رشت ذاكرتي بذلك العطر الفريد الذي شممته في حضنها أول مرة ولا زال يدغدغ أنفي، في علاقة تسمو على تحليلات الكيميائيين في تقبل الأنف للروائح والعطور. رائحة مميزة فيها رائحة حبر المطبعة، والعم مبارك يعكف على (الرول) ليطبع البيانات أو النتائج. هذه الرائحة فيها شيء مما تحمله مزارعها من قطن قد استوى نواره، أو ذرة ألبنت و تحصنت بعكاز (اللوري قاقا)، خفير مزارع رضا. في الرائحة عبق من أزهار حديقة المعلمين وفي الوقت ذاته تحمل معها شيئا من مزرعة الألبان، خلف مباني داخليات المعلمين بالسنتين. ولا يخطئ الأنف مطلقا رائحة غابة رضا بأعشابها، موسكيتها ، سيسبانه ، نبقها وصمغها، بل حتى رائحة الثعابين التي تمرغت بنفس الشجر الذي نأكل منه الثمار وتركت قميصها عليه. رائحة صالة أعمال الطين، يفوح منها الطَـفـْـلُ والصلصال. رائحة الورق يفوح من مخازن الكتب وهي رائحة تختلف شيئا عن رائحة حبر المطابع ولا يزال الحبر بكرا لينا. هي رائحة ، جمعت روائح شتى ولكنها تمردت على التصنيف؛ مثل صاحبتها.
لا أدري لماذا يطاردني شعور بأنني سَأَهـْـرِفُ بما لا أعرفُ إذا أردت أن أتحدث عن رضا، رغم أنني عشت بين ربوعها وصاحبت أهلها وعشاقها ومن يعرفون أسرارها. ولماذا تبدو لي الذكريات كالطاعون مرعبا؟
قد يكون الحديث عن بخت الرضا جمالاً، إذا أحسنته. ولكنها سيكون ابتذالا إذا أخفقت فيه. سيقرأ الناس يوما مقالتي ويقولون لم يفلح الفتى. وهم محقون فهي عصية على التعبير، ممتنعة عن التصوير. أتصور عمار يس النور وهو يمهر اسمه في المنبر بعبارة (عاشق بخت الرضا)، وأتصور أنني أكتب عن خليلة رجل مثل هذا، فماذا أقول وهنالك الآلاف مثله، سيترصدون مقالتي. أقدم؛ فينتابني الخوف وأحس أن الذاكرة تخونني وأن العَتَهَ قد أصابها. – عفواً أخي عادل، قصدت - (early dementia). لذا دائما ما أحجم؛ لتظل رضا هي رضا ، جميلة لا تحتاج إلى الوصف، بياناً لا يحتاج إلى الحرف. شديدة الشف. تبدي بواطنها من غير زيف. كتبت عن رضا أختي الدكتورة عائشة عز الدين البشرى رسالة الماجستير و رغم أنها ذكرت في مقدمة بحثها شكرها لي، إلا أنني من خَذَّلَها زمنا طويلا، و ثبطها بأعذار شتى؛ مخافة الزلق، ولولا تثبيطي لها، لما ترددت في إخراج كتابها في حينه، قبل سنين عديدة.
الكتابة عن رضا تجاسر والبحث في مناقبها كرامة والتجول في عرصات فضلها شجاعة. ولا أملك شيئا من ذلك، وإن ظلت ذكراها كالغرغرينيا تقتات من أضالعي ولا أستطيع التخلص منها ، وما أردتُ. لذا أفضل أن تظل بخت الرضا عندي، حرفا عنيدا في مضمار التهجي، ومفردة صعبة في قاموس الكلام، وكلمة حلوة في معجم الغرام وصورة حلوة في محراب الإلهام.
وأواصل بإذن الله.


Post: #69
Title: Re: الأخ عادل عثمان... بخت الرضا
Author: الطيب عبد الرحيم خلف الله
Date: 01-16-2007, 01:56 PM
Parent: #67

أبي، أيها الإنسان الملهم
لقد أوقدت فيّ المشاعر وألهبت في نفسي ناراً تشعل كل ساكن، وأنا أترنح مع عبق كلماتك عن رضا تتهيج بداخلي أغلى الذكريات فيمر بي شريط لا نهائي لكل موقف برضا عشته في طفولتي وشبابي.
فلك العتبى إذ تسببت برفع السكر في دمي لما اعتراني من نشوة أنتفض معها كل بدني فرحاً بذكريات الأم الحنون.
ولك الحب كله بأعلى صوت ينبعث من حناجر البراعم في موكب الفرح بعيد الرضا في الميدان الكبير ( غرب الحديقة العجيبة وجنوب المسجد الكبير) وهم يرددون رائعة العمران: بعزم أكيد ورأي سديد - - - سنمضي حثيثاً إلى ما نريد،
والميدان تظلله لافتات كثيرة من كل جانب عليها أجمل ما أخطط من التهاليل والتباريح والتباريك :
طلاب معهد التربية مريدي يهنئون عميد وأساتذة وطلاب وتلاميذ معهد التربية بخت الرضا بالعيد الثلاثون للمعهد،
وإلى آخر القائمة بأسماء المعاهد من كل أنحاء السودان ، من الدلنج ، الخرطوم ، كسلا ، شندي ومن دنقلا جاءوا ليهنئوا أفراد عائلة الرضا الذين شاركوهم الفرحة بأعياد للعلم أقيمت في السابق في عقور ديارهم لسنوات ،،،،،،
وأسمح لي يا أبي هنا أن أقف وقفة إجلال وتحية لجميع أساتذتنا الأعلام أيام زمان وأحي منهم من هنا روح أستاذنا حسن يوسف وكل عزيز فقدناه وأحي الأحياء من أساتذتنا الأجلاء وأخص منهم / الأستاذ الغالي الحاج محمد (متقاعد ببري امتداد ناصر) والأستاذ محمد عبدالرحمن (مدير تعليم الخرطوم قبل أعوام وسائق التاكسي الأصفر في الوقت الحالي بالخرطوم بهدف تجرية الدم وتحاشي القعدة في الضللة والتسكع كما يقول) وكمان تحية إجلال كبيرة لأستاذنا / آبلس ( الجغرافي المطبوع) أينما كان وأطلب بهذه المناسبة أية معلومات عن الرجل ولعله بخير وعافية في هذا العالم الفسيح..

وللأخوين العلمين العزيزين ود الزين وود بله ألف تحية

الطيب

Post: #68
Title: الأخ ياسر يس النور، عاشق رضا، أول مرة أرى بخت الرضا..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-16-2007, 09:35 AM
Parent: #1


ذكريات خاصة في بخت الرضا
اشترى والدي سيارة ماركة فيات جديدة، فخرجنا بها قاصدين بخت الرضا ، ولا أدري سبب مجيئنا إليها ولكني كنت مضطرا أن أنتظر والدي في السيارة ، لان وجهتنا بعدها كانت إلى شبشة.
ركن والدي السيارة على جانب الخور ببخت الرضا وأمرني بعدم مغادرة السيارة و خرج قاصدا مكاتب الإدارة (مكتب الناظر آدم محمد آدم) ونائبه الأستاذ المرحوم عبد المجيد.
كان هذا اليوم هو أول يوم أرى فيه بخت الرضا من قرب. رأيت التلاميذ، خارج الفصل.
تناثر الصبية في الملعب؛ مثل حبات اللؤلؤ؛ فجمعهم المعلم بإشارة من صفارته؛ فاجتمعوا، مكونين صفا واحداً.صفر المعلم مرة أخرى وأشار بيده اليسرى؛ فتحرك الصبية في شكل حلقة واسعة. شرع المعلم يصفر صفارات متقطعة وهو يحرك يسراه يستحث طلابه؛ فيسرعون؛ فصاروا يخبون، يهرولون ثم يجرون.كان المعلم كلما أطلق صافرة قوية؛ يتوقف التلاميذ ليلمسوا الأرض بأيديهم وهم يترقبون صوت الصفارة من جديد. و عندما يصفر المعلم يرجع التلاميذ للعدو؛ و يستمر اللعب على تلك الوتيرة؛ مستحثا جسدي للمشاركة و مشعلا في خيالي ألف صورة جميلة عن بقعة من العالم كنت أجهلها، أو أنني لم أكن أقدرها حق قدرها.
رأيت ذلك المنظر البديع فأعجبني، ولدهشتي رأيت من بين التلاميذ أحد أقراني في الحارة. إذا هذه هي المدرسة التي يحدثنا عنها بفخر، ويردد أحيانا أنه مشغول بالواجب، وما المدرسة إلا لعب ولهو. والأغرب من ذلك أن الرجل الذي يدعونه أستاذاً هو من يهيئ لهم فرصة اللعب، بل يدير حركته ويشجع عليه التلاميذ.
تغيرت وتيرة اللعب سريعا وبدأ التلاميذ لعبة أخرى ، أعجبني فيها أنهم كانوا يتغنون بلحن جميل:
التيله فات
فات فات
في ديله سبعه لفات
والجبة وقعت في البير
وصاحبها واحد خنزير...
الله!
إذن فالمدرسة شيء جميل ولعب راقٍ، بل هي شيء بديع ما شغلت نفسي بالتفكير فيه من قبل، فيا حسرتي!
دق جرس و صفر المعلم؛ ليصطف التلاميذ. انصرف التلاميذ إلى حجرة الدراسة وهم يرددون لحنا جميلا لا أفقه منه شيئا ولكني كنت أردد اللحن ببرطمات ، لن يفقهها أحد ولا أفهم منها شيئا، ولكنها ظلت أغنيتي لسائر اليوم.
خرجت من السيارة غير عابئ بوصية والدي واقتربت من الفصول، هذا العالم المدهش المجهول. كان التلاميذ في هرج ومرج ولكن أصواتهم تكاد تكون همسا؛ حتى إذا دق الجرس؛ دخل معلم آخر، غير الذي رأيت في الملعب. سكت التلاميذ وسكنت حركتهم مع مقدمه، ثم هبوا جميعا من مقاعدهم . حياهم المعلم قائلا : السلام عليكم
ردوا جميعا بنبر موحد وبلحن قائلين:
وعليكم السلاااااااااااام ورحمة الله وبركـــــــــــااااااااااته.
لم أملك نفسي من العجب بتلك الطريقة البديعة؛ فصحت مرددا ما قالوا وبنفس الطريقة
وعليكم السلاااااااااااام ورحمة الله وبركـــــــــــااااااااااته
التفت المعلم صوب النافذة التي أقف فيها و وجهه ينطق دهشة، ودارت رؤوس التلاميذ يحدوها حب الاستطلاع أكثر من الدهشة. صعق جاري في الحارة لمرآي، فأشار إلي بإشارة من يده. كان قد مد سبابته في شبه انحناءة وهو يهزها ، تاركا مفصل كفه يتحرك بحرية. وهذه إشارة تعني التحذير، ولكني لم أفهم؛ فأعقب بإشارة أخرى، يعني بها أن أبتعد أو أهرب. رآه الأستاذ، فطلب منه الحضور إلى جواره. قام الصبي من محله ، يخطو بوجل نحو الأستاذ ولا زالت عيناه زائغين ، ترقباني. سأله المعلم عن شخصي ولم أسمع السؤال، ولكن الصبي كان لا يزال ذاهلا وقد عُـقِد لسانه، ربما من خوف، ولكني لم أكن أحسن تقدير مثل هذا الشعور. لما لم يجد المعلم إجابة لسؤاله؛ طلب من الصبي أن يخرج من الفصل و ينتظره جوار مكتبه، ثم توجه نحو النافذة التي لا زلت أقف عندها.
بادرني المعلم بالسؤال عن اسمي؛ فذكرته له. سألني الأستاذ عن فصلي واسم النهر الذي أدرس فيه، فقلت له إنني لا أدرس بأي مدرسة ولكني اليوم قد قررت أن أنضم إليكم. و وسط دهشته وتوجس التلاميذ، قفزت من النافذة وجلست في طرف الكنبة. اقترب المعلم مني بحنو عجيب وقال لي:
- معليش يا ابني ، اسع امشي بيتكم ولمن تكبر شويه وتبقي في عمر المدرسة تعال لينا.
قلت له:
- لكن أنا ما كبير، وبعدين محمد أبكر الأسع أنت ناديتو ده بلعب معاي في فريقي وهو جاري في الحلة وكمان أنا في الصراع برميه.
سرح المعلم لحظة ثم قال لي:
- تعال معاي.
وخرجنا من الفصل قاصدين مكتبه. جلس الأستاذ على كرسي عالٍ خلف مكتبه وفتح الدرج ؛ فأخرج كراسة وقلم رصاص ومدهما لي قائلا:
- بعد سنونك القدام ديل(يا ابني) اتكسرن بتكون تميت سبعة سنين و بنقبلك في المدرسة على طول. ولم ينسَ أن يحذرني من الاقتراب من الفصول ولكن كان ذلك بأدب جم. ودعته ولم يخف علي أنه كان يتابعني بنظرة، صَعُبَ علي تفسيرها، وببسمة أودعها نفس الحنان. كانت نظرة مرحبة و مودعة في الوقت ذاته. (حفظك الله أستاذي الفزاري ، يا أيها الرجل الإنسان والمعلم الفنان، صاحب الثياب الأنيقة، الخط البديع ،اللفظ الساحر، القلب العطوف والأدب الجم.)
ودعت الأستاذ، شاكراً، وخرجت عازما عدم الرجوع، ممنيا نفسي بسلوك حسن يشفع لي، إذا تكسرت أسناني. فتبا لأسناني. لو أنها كسرت من قبل، لكنت الآن داخل الفصل لا خارجه، مكرما لا مطروداً. و لم أستطع أن أحبس دمعة سالت على خدي.
و في طريقي نحو السيارة، شدني ما قفَّ له شعري من الرهبة وحرك جسدي النحيل من الطرب وشحذ في عقلي كل أصناف الخيال. كان ذلك أنشودة تصدر من نافذة أخرى.
كان اللحن الذي يردده التلاميذ:
انظر أخي للنهــرِ * فيهِ المياهُ تجْرِي
تجري على استمرَارِ * باللــيل والنهــارِ
***
و لم تخطيء أذناي صوت آلة الأكورديون التي أعرفها جيداً. التفتت كل مشاعري نحو النافذة المفتوحة؛ لأرى رجلا وسيما بادي الطول؛ قد اجتهدت يده اليمنى في حركة بديعة على مفاتيح الآلة البيضاء وكانت يسراه تنفخ أو تفرغ الهواء من نفس الآلة ، دفعة واحدة أو تتحرك يده في تردد يفرضه اللحن، ورجله توقع على بلاط الفصل إيقاعاً استطعت تمييزه ؛ رغم أن الصبية كانوا يضربون على الأدراج بأكفهم. كان ذلك المعلم هو الفنان الرائع كمال الرفاعي، فشكراً له إذ أرضع أفئدتنا بحسن التذوق ، غذى عقولنا بالعلم وحبب إلينا المدرسة والمدرسين.
كنت قد قررت الذهاب إلى الفصل الثاني، ذلك الذي تنبعث الموسيقي من نافذته والسحر من جدرانه، مهما كلفني ذلك ولكن رجلا أقبل يعدو ناحيتي والشر يتطاير من عينيه، حال بيني وبين فكرتي و أجبرني أن أطلق ساقي للريح، بل أسوق الريح أمامي. كان الرجل يلبس جلبابا ويلف رأسه بعمامة واستطعت أن أحدس أنه ليس من المعلمين، وعرفت فيما بعد أنه خفير.
جلست داخل السيارة، لانتظر والدي؛ بل لأشفي غليلي بالسؤال عن كل ما لم أبهم علي.
سألت والدي قائلا:
- أنا متين بكسر سنوني؟
نظر إلي والدي متعجبا ثم قال:
والكلام ده الجابو اسع شنو؟
لا عشان أنا داير أمشي المدرسة... شايف الراجل الاسمو الأستاذ أداني ديل، ولوحت له بالكراسة والقلم.
قال لي الوالد – رحمه الله- :
أوعك تكون ....
رددت عليه:
- آآآآآآآآي مشيت ودخلت الفصل وكذا وكذا وحكيت له ما حدث.
في عصر ذلك اليوم لم يكن هنالك حديث غير قصتي التي ظل الصبيان يتناقلونها، وهم حينا يثنون على شجاعتي النادرة لأنني لم أخف من الأستاذ وحينا آخر يستنكرون سذاجتي وقفزي من النافذة و....
مرت الأيام و أغلقت المدارس أبوابها لإجازة الصيف. وتعرضت لحادث سيارة، وصدمت امرأة بدراجة كنت قد استأجرتها من المعلم حسن متنك ، بغرض تعلم القيادة، كسرت أسنان أحدهم مستعملا (بوكس) من الخشب، ولما أراد عمي معاقبتي قلت له:
والله ذاتو أحسن ليه سنونو اتكسرن ويدخلوه المدرسة؛ فضحك عمي – رحمه الله – وظننت أنني نجوت من العقاب؛ حتى رجع خالي من العمل؛ فأهوى علي (ببسطونة) جدي؛ حتى ظهرت آثارها على جسدي.
اتهموني أني كسرت قرن خروف جارنا؛ فحزن الرجل لذلك أشد الحزن. ولدهشتي الشديدة ، قالوا إن الخروف لا يصلح للضحية ، رغم أنهم يأكلون لحمه لا قرنه. والحقيقة أن الخروف كان قد أكل من (المونة) وهي المتبقية من المريسة بعد تصفيتها، فأصابه ما يشبه الـسـُّكر؛ فصار ينطح كل شيء . نطحني ونطح صديقي معتصم أحمد الأمين، ثم نطح الجردل ، ونطح الجدار فانكسر قرنه. ظل الخروف ينطح كل شيء حتى أصابه التعب فنام. عاقبوني على ذلك، فحرقت الراكوبة. عاقبوني على فعلتي الأخيرة فضربت ابن الجيران بحجر شججت به رأسه. حاول أخوه أن ينصف أخاه مني؛ فبادرته بحجر آخر كاد يفقأ عينه ولكنه شج جبهته وأسال الدماء منها؛ فحملوه للمستشفى فاقد الوعي. ولا زلت أثير المشاكل في الحي الهادئ حتى استدعت والدتي نفرين عزيزين عليَّ، الأستاذ حمودي باكر عابدين والأستاذ عبد الله بيلو محمد (رحمه الله) وتحدث معهما والداي حديثا هامسا. وفي صباح أول يوم بعد إجازة المدارس، حضر الأستاذ عبد الله بيلو إلى منزلنا واصطحبني إلى مدرسة بخت الرضا. و في طريقنا إلى المدرسة، حدثني حديثا طيبا عن المدرسة والتحلي بالأخلاق الحميدة، غير أنه أوصاني إذا سئلت من قبل أي شخص، خصوصا المفتش، أن أقول له إنني مستمع. و فهمت مغزى حديثه بعد زمن طويل، فهو يسر لي فرصة دخول المدرسة، قبل السن القانونية ودون مقابلة (اللجنة)؛ فألف شكر لكما أستاذيَّ العزيزين.
دق الجرس الكبير وردد التلاميذ نشيد العلم:
علمي أنت رجائي أنت عنوان الولاء ونشيد الشهداء
ثم رُفِعَ العَلَمُ وصفق التلاميذ. تلا معلم، اسمه جميل الغالي جرس، أسماء التلاميذ في الطابور فكان كل تلميذ يسمع اسمه يرد على المعلم بعبارة، نعم. كان اسمي أول اسم ، لسوء حظي، حسب الترتيب الأبجدي (همزة فباء فياء). ولكني هتفت حين سماعي اسمي ينادى به كاملا لأول مرة في حياتي، قائلا بصوت عالٍ جداً وطريقة فجة:
- أيوه.. يا أخينا.
نظر المعلم إلي نظرة فاحصة؛ فهمت منها أنني رددت بطريقة غير لائقة، ثم قال المعلم مخاطبا الجميع:
- كل من يسمع اسمه يقول ، نعم.
ثم التفت إلي وقال لي:
قل نعم يا بني. نحن حينما نكون في المدرسة نقول نعم؛ فقلت نعم. وكان يتحدث بالعربية الفصحى.
أجبت الأستاذ بعبارة نعم ، كما طلب مني، ولكني كنزت معركة بيني وبين زميل لي ، حفظت ملامح وجهه جيدا؛ حتى أصفي حسابي معه بعد نهاية المدرسة؛ فقد ابتسم في سخرية، عندما قلت- أيوه يا أخينا-.
ردد التلاميذ بعد ذلك نشيد المعهد، الذي لم أكن أحفظ منه شيئا. وبعد ذلك حضر معلم كان يقول( صفا)؛ فيفتح التلاميذ أرجلهم ويرسلون أكفهم خلف ظهورهم ويقول( انتباه)؛ فيلمون أرجلهم ويضعون أكفهم بمحاذاة أرجلهم. و صدر صوت من مجهار الإذاعة المدرسية يدعونا إلى دخول الفصول، فتحرك التلاميذ في حركة مرتبة والمعلمون يراقبون ذلك

.


Post: #70
Title: Re: الأخ ياسر يس النور، عاشق رضا، أول مرة أرى بخت الرضا..
Author: الزاكى عبد الحميد
Date: 01-17-2007, 04:49 AM
Parent: #68

الأستاذ أبي عز الدين البشرى

لك التحية..

لم أتشرف بزيارة الدويم ولكني أجد نفسي الآن
"أقدل" في أزقتها عبر سردك التفصيلي الرائع..
روعة هذا الوطن الحدادي مدادي تنجلي في وجود أبناء من أمثالكم
مسكونين بعشقه ..ما أروعك يا وطن :
شمالاً تيممنا أم جنوباً
شرقاً سدرنا أم غرباً..

لك الشكر ثانية أيها الرائع وواصل..

الزاكي

Post: #72
Title: الأخ الزاكي عبد الحميد، ولكني شرفت بزيارتك..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-17-2007, 08:50 AM
Parent: #70


الأخ الزاكي
أشكر لك زيارتك الكريمة وثناءك العطر وإن كنت لا أسمو لما ذكرت عني.
ذكرت أن الدويم مرتبطة بهذا الصرح العلمي الهام (بخت الرضا)، ولذا فإنني قد أعد نفسي محظوظا أن نشأت فيها، ولكنني في الوقت ذاته أظن أنها ملك لكل السودانيين. نحن شربنا من مائها و أكلنا ثمرات أرضها – وحدنا- ولكن كل السودانيين رضعوا من ثدي رضا لبان المعرفة و نالوا ثمار مناهجها؛ لذا زاد حبنا لها.
و سأهدي إليك أخي أجزاء من مقاطع فيديو عن بيت التراث التابع لمركز المناهج والبحوث ببخت الرضا. هذه المقاطع ذكرني بها حديث الأستاذ الطيب عبد الرحيم عن زيارة المعاهد التربوية لبخت الرضا والتهنئة بالعيد الثلاثين و... أواصل
ولك كل تقدير واحترامي، الوطن بخير ما دمتم فيه.


Post: #71
Title: الخال الطيب، حمد لله على سلامتكم
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-17-2007, 08:11 AM
Parent: #1


الخال الطيب
حمداً لله على سلامتكم، وعودتكم من السودان. من عينيك أسرق السنا، فأنت آخر من رأى الدويم، منا .و أنت آخر من متع عينيه بالحبيبة رضا، جلت في رحابها، وتنشقت عطر الزمن الجميل.
أيكون سردي هو ما سبب لك العلة وأنت تشفينا بذكرياتك في الدويم ورضا؟ أتكون أنت الآسي والمريض؟
إن سردي لتلك الذكريات، وإن أورثك المرض حينا، فكذلك يعمل مصل التحصين في الجسد، فتظهر آثار المرض على الجسد، ولكنه يورث الجسم مناعة ضد ذلك الداء. و إنني لأقصد أن أحصن الذاكرة ضد النسيان، الذي أعده من العقوق. فبخت الرضا ظئري ومرضعة ترياق (عدم الغفلة) لكل الأجيال.
والتحية للأستاذ أزهري (دريشه)، الذي ذكرت لي، متحسراً، أنك لم تقابله. بل لم تعلم بوجوده بالدويم إلا بعد سفرك للخرطوم وأنت تستعد لركوب الطائرة.
ممن ذكرت من المعلمين الأستاذ حسن يوسف، رحمه الله رحمة واسعة، بقدر ما قدم لبخت الرضا، فلا زلت أذكره وأذكره جهوده الخلاقة في نادي الصبيان، قصر الإبداع ومنارة الثقافة. ومن عجب الأمر، أنه بعد التعاقد، كان قد اتخذ له سكنا لا يفصله عن نادي الصبيان سوى (زقاق)، وكأنه قصد أن لا ينأى عن تلك القلعة الحصينة. ثم ارتحلت أسرته لتسكن بمربع 3 ، محطة 6 ، جوار منزل العم محمد حسين سلام وأمام مسجد الختمية. عاصرت أسرته وربانها من بعد الراحل، ابنه الأستاذ يوسف حسن يوسف، له التحية ولكل الأسرة التي كانت ، ولا غرابة، مضرب المثل في حسن الأخلاق وطيب المعاشرة لكل ساكني الحي وكل قاطني الدويم. و تحية خاصة لزوجة الراحل المقيم فينا، صاحبة أندر وفاء؛ فقد كانت أثناء رحلة المرض الطويل لزوجها، الزوجة و الممرضة، الأم والمعلمة التي أصرت على تعليم أبنائها، و أعظم من ذلك أن نشأتهم نشأة حسنة، فكانوا خير امتداد للعترة الطيبة، المحتد الأصيل والأرومة النبيلة. اللهم ارحم أستاذ الأجيال حسن يوسف واجعل البركة في ذريته إلى يوم الدين.

أما من ذكرت من المعلمين، فلم أعاصرهم، لأسفي الشديد، ولكني سمعت عنهم أطيب ما يسمع المرء عن أفضل الناس؛ فالتحية للأحياء منهم والراحلين، على السواء وألف رحمة على من قضى منهم وسلم الراية البيضاء لمن خلفه.
ولكني لا زلت أذكر الأستاذ المدير آدم محمد آدم وهو الآن بجامعة إفريقيا، ونائبه الأستاذ عبد المجيد ، الأستاذ عمران العاقب (أمين مكتبة بخت الرضا) ،الأستاذ مرضي علي (أمين مكتبة بخت الرضا)، الأستاذ قريب الله العاقب، الأستاذ عبد الباسط عبد الماجد، الأستاذ بابكر (صاحب أجمل خط عربي على السبورة)، الأستاذ عكاشة أحمد الجعلي (ولم أعاصره أثناء دراستي)، الأستاذ الفزاري الرجل الأنيق، الأستاذ ود الشريف، الأستاذ الطيب، الأستاذ عز الدين (مدير نهر النجومي)، الأستاذ الفنان ، الرسام والمثال جلي، الأستاذ الفنان محمد الأمين (الذي لا تذكر مجلة الصبيان حتى يذكر هو و الأستاذ شرحبيل أحمد والأستاذ ساتي)، الأستاذ المرحوم حسن عبد المجيد حسن عبد المجيد، الأستاذ الموسيقار كمال الرفاعي، الأستاذ محمد الطيب إمام، الأستاذ حامد دفع الله، الأستاذ محمد بابكر عبد الحميد، الأستاذ يوسف إدريس هباني، الأستاذ سيد عثمان حسين، الأستاذ المرحوم عبد الله بيلو محمد، الأستاذ حمودي باكر عابدين، الأستاذ جميل الغالي جرس، الأستاذ الفاتح عمر، الأستاذ إسماعيل عثمان عمار، الأستاذ الزهوري ، الأستاذ إدريس عبد المعطي ، الأستاذ أحمد حسين الزبير...(ذكرتهم دون ترتيب)
وأنا على يقين أنني في هذه العجالة قد فاتني ذكر كثيرين، فلهم العتبى ولكم، وألف شكر لهم، فسيذكرهم التاريخ نفسه نيابة عني ولا يضرهم جهلي بهم أو نسيانهم.
ولك حبي كله أيها الخال العزيز، ففضلكم علي كبير ولا شك مقدر.
وأواصل، إن شاء الله .


Post: #73
Title: Re: الخال الطيب، حمد لله على سلامتكم
Author: الطيب عبد الرحيم خلف الله
Date: 01-17-2007, 04:36 PM
Parent: #71

أبي

أحييك بأسمى التحيات وأقول لك أننا في كل صباح نستشعر في إبداعاتك الغزيرة كل جديد وأؤكد لك أن مساحة المليون ميل ونيف إن لم تكن تحتويك فيكفي أن كتاباتك وتوثيقاتك في رحاب سودانيز أونلاين.كوم هي السبيل لتكملة مشوار الثقافة والتراث الذي بدأته هناك وأن كل ما تكتبه فهو توثيق دقيق يتشرف به كل من يبحث فيه عن الحقيقة ولتبقى كلماتك المضيئة أكثر من عنوان في هذا المقام و(إديك العافية)..

الطيب

Post: #74
Title: فيديو/ بيت التراث التابع للمركز القومي للمناهج ببخت الرضا
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-17-2007, 10:02 PM
Parent: #1

إهداء للأخ عبد الحميد الزاكي والخال الطيب عبد الرحيم
الجزء الأول



Post: #75
Title: Re: فيديو/ بيت التراث التابع للمركز القومي للمناهج ببخت الرضا(2)
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-17-2007, 10:09 PM
Parent: #74



Post: #76
Title: Re: فيديو/ بيت التراث التابع للمركز القومي للمناهج ببخت الرضا(3)
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-17-2007, 10:23 PM
Parent: #75




أواصل، بإذن الله.

Post: #77
Title: استدراك ومتابعة أسماء المعلمين..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-19-2007, 11:05 PM
Parent: #1


فاتني في المرة السابقة أن أذكر من المعلمين في ذلك الوقت:
الأستاذ/ محي الدين باصرو
الأستاذ/عبد الله البشرى
الأستاذ/ أبو الكرام
الأستاذ/ عبد الرحيم عربي (قلاية) لإجادته المحاورة في كرة القدم.
الأستاذ/ الفكي محمد عمر – كان يساعده السيد المرحوم حسبو محمد عبدو الرياضي المطبوع.
وممن لم أعاصرهم ولكني سمعت بهم:
الأستاذ حسن النور (أب كفَّاً ساطور)
الأستاذ/ مندور المهدي
الأستاذ/ شعراوي ( ومن محاسن الصدف أن قابلته في مناسبة زواج بالرياض، ثالث أيام الفطر المبارك).
الأستاذ/ حسن زهران.
الأستاذ/ محمد الأمين
الأستاذ/ الماحي سليمان وانتقل إلي معهد المعلمين مبروكة وخلفه الأستاذ الحفناوي ، عازف الكمان المشهور مع سيدة الغناء العربي أم كلثوم.
الأستاذ/ بدر الدين الرياضي- والد زميلنا هاشم بدر الدين.
الأستاذ/ علي جلدقون.
الأستاذ/ إبراهيم نايل إدام بعشوم وهو غير الوزير المعروف.
الأستاذ/ خلف الله إبراهيم القريش.
الأستاذ/ المرحوم عبد الجبار المبارك
الأستاذ/ الحوري

وبالمناسبة أذكر نفراً آخرين كنا نعدهم من المعلمين أيضا:

العم الوسيلة في الكافتيريا
العم عبد الرحمن النجار
العم أحمد الحارن.
العم أب كساوي في الحوض.
العم يوسف والد زميلي الأستاذ بدر الدين يوسف الكوميدي الفذ و العازف القدير.
العم الطيب بشير، سائق الكونتاك
العم علي عبد الله الخفير
العم الفنان أحمد الطيب خلف الله وهو من طيبة.
العم مبارك و كان يعمل في مكتب المدير.
العم محمد الماحي وكان يعمل في تغليف الكتب بالمكتبة المركزية.
و أواصل، بإذن الله.


Post: #78
Title: متابعة ذكريات خاصة في رضا - الجزء الثاني..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-19-2007, 11:16 PM
Parent: #1


ذكريات خاصة في رضا (2)
اليوم الأول
تنازلت فجأة عن كل ضيقي؛ لما دخل الأستاذ، يتبعه فَـرَّاشٌ يحمل في يده حزمة من كراسات، طال الزمان لأعرف أن المكتوب عليها، جمهورية السودان الديمقراطية، معهد التربية بخت الرضا، قسم المناهج والكتب. وكان مرسوما على ظهر كل كراسة، جدول الحصص الأسبوعي.
بادرنا الأستاذ بقوله، قيام وهو يشير بيده آمرا بالقيام. ثم أشار بيده إشارة تعني الجلوس وهو يقول جلوس، فلا زال يكرر ذلك عدة مرات؛ حتى تأكد من استيعابنا للدرس الأول؛ فأعقبه بالدرس الثاني قائلا:
السلام عليكم ورحمة الله.
و فرحت لأنني أعرف الرد؛ فهتفت بنفس الطريقة التي سمعتها من قبل، وبنفس اللحن:
وعليكم الســلاااااااااام ورحمة الله تعااااااااالي وبركاته، وكنت أمد صوتي باللحن؛ فأعجب ذلك الأستاذ وكنت نجم الفصل بلا منازع، في ذلك اليوم.
كان نصيبي مثل زملائي ثلاث كراسات و قلما من الرصاص و ممحاة بيضاء حُفِر عليها ختم أسود اللون (D.R.S).
صرف لنا المعلم الكتب التي تفوح منها رائحة حبر المطابع. و من يوم أن ضمخت أنفي رائحة حبرها، أحببت ذلك العطر وظللت أبحث عنه في كل مكان ولا زلت أسيرها و حبيس كل كتاب.
كانت الكتب عبارة عن كتاب مطالعة جميل، رائع الصور والخطوط، وكتاب الحساب برسوماته الراقية وجزء عم.
دق الجرس وخرج المعلم ودق مرة أخرى فدخل علينا معلم آخر؛ فقمنا له. قال:
- السلام عليكم ورحمة الله؛ فطبق التلاميذ ما تعلموه في الحصة السابقة.
كتب المعلم على السبورة شيئا وقال لنا إنه تاريخ اليوم، ثم ذكر لنا أن الفصل الذي نجلس فيه هو أولى مشكور، وكان جوار مكتب مدير المدرسة، لصق حائطه الشرقي. كان المعلم يحدثنا عن التسلسل الدراسي، الصف الأول، الثاني ، الثالث؛ فالوسطى. ثم الثانوي والجامعة. كان المعلم يسأل كل واحد منا عن اسمه الرباعي وعن محل إقامته، وعن أمنيته في الحياة. ذكر الطلاب أمنياتهم، فمنهم من قال إنه يريد أن يكون طبيبا، محاميا، مهندسا.... ولما سألني، قلت له:
أنا داير أكون زيك كده، يعني أستاذ، ألبس زيك كده و أدرس الأولاد.
سألني المعلم عن سر اختياري لمهنة التدريس؛ فقلت له:
عشان الأستاذ ده ، حاجة كبيــــــــــــــــرة ، كبيرة زي المدرسة دي.
وهنا أمر المعلم التلاميذ أن يصفقوا لي و أدخل يده في جيبه و أعطاني عملة من فئة الخمسة قروش (شلن). عافاك الله أستاذي (أبو الكرام) وهذا هو اسمه ولا أعرف عنه شيئا الآن، فقد فارق الدويم، في زمن بعيد.
أذكر أن هنالك تلميذا لم يفلح المعلم أن يفض فاه بكلمة، ولما أكثر المعلم من حضه على الكلام ، بكى التلميذ؛ فتركه المعلم؛ لمعرفته أنها حالة من الحياء الشديد، أو الخوف ولكنها ستزول يوما. و هذا التلميذ هو اليوم من أفضل الأطباء في بلادي.
لم يكن المعلم يعلم أنه لما كان يتحدث عن التسلسل التعليمي في المدارس، أن القدر كان يخبئ له شيئا آخر. فلم تمضِ إلا شهور قليلة ؛ حتى رأيت الناس يجلسون جوار المذياع، يتحدثون همسا، رغم أن المذياع لم يكن يبث غير الموسيقى العسكرية، ويتخللها أحيانا صوت المذيع قائلا:
- بيان هام من الرائد أركان حرب جعفر محمد نميري. (25 مايو 1969 م).
وبعدها تغير النظام الدراسي وأعلن وزير اسمه محي الدين صابر عن نظام سماه بالسلم التعليمي وصار نظام الدراسة ستة سنوات في المرحلة الأولى وسماها بالابتدائية، ثلاث سنوات في المرحلة التالية لها وسماها الثانوي العام، ثم ثلاث سنوات في المرحلة الأخيرة من التعليم العام وسماها بالثانوي. كره المثقفون ذلك وعدوه اعتداء على حرمة التعليم وتشويهاً لأعظم ما أنتجته العبقرية البريطانية وقال بعضهم :
- الله يرحم الإنجليز.
وبالطبع لم أفهم شيئاً، وقتها، مما يقولون ، ولكني كنت أشعر أنهم يتحدثون عن كارثة قادمة، لا يستطيعون مواجهتها ولا يملكون التعبير عن سخطهم، إلا داخل الدور.
و حتى يتم تطبيق السلم التعليمي الجديد، أغلقت المدارس لمدة ستة شهور، وكانت أطول إجازة في التاريخ. بعد الستة شهور، كان هنالك صف جديد من المباني، بني بالطوب الأحمر وزين باللون الأصفر الكبريتي، فقد رونقه مع الأيام وتبدل إلى لون أميل إلى الكر يمي، مثلما فقد التعليم كثيرا من رونقه. وأسموا تلك المباني بالسوادس. ومن النجارين الذين عملوا في (الجملون) ولا زلت أذكر ذلك الأخ إسماعيل الطيب العوض وصديقه النور.
كان هنالك منهج جديد؛ يدرس في المدارس. اختفي كتاب حساب التلميذ و استبدل بكتاب اسمه (الرياضيات). غابت كتب المطالعة؛ مثل سمير التلميذ الذي ألفه الدكتور عبد الله الطيب، وظهر بدلا عنه المطالعة الابتدائية، وعليه استهلال، كدرس أول، عبارة عن كلمة السيد رئيس الجمهورية. و اختفت كلمة (الديمقراطية) من الكتب ، وكتب بدلا عنها جمهورية السودان.
استبدل العلم بآخر وبالتالي تم التعديل في نشيد العلم، حسب الألوان الجديدة. و فقد بعض المعلمين حماسهم، ولم يعد الجو العام لبخت الرضا كما كان، ولم أكن أفهم السبب، بحكم حداثة سني، ولكني سمعت من قريب لي في صف متقدم، أن (الجماعة شيوعيون)، مما زاد اللغز في ذهني غموضا. ولم يمض عام أو عامان؛ حتى اعتقل بعض المعلمين. وكل ذلك أشعل الفتيل (السياسي) في ذهني مبكرا، وفي أذهان الكثيرين من زملائي، دون وعي منا بذلك.
تغيرت أيضا أسماء الصفوف التي كانت كالتالي:
مشكور، السوباط، الرجاف،الرهد، العرشكول، الدندر، شات ، سيلا... و كانت هذه الأسماء رموزا جغرافية.
فغيرت الأسماء إلى المهدي،النجومي، الخليفه،دقنة ،دينار، الزاكي،أب قرجة، عنجة... وهي أسماء لقادة الدولة المهدية. وكانت أسماء الفصول مكتوبة على لوحات خضر بحجم 15 سم 30 سم من نوع الرقعة الأبيض، بخط الأستاذ الفنان والرجل المثالي أحمد عبد الله حسونة، بشعبة الوسائل التعليمية، حفظه الله ورعاه. أرسلت إليه وأنا في الصف الخامس لوحة خطية بالخط الكوفي أعجبني لما رأيته في مجلة الفيصل؛ فرد على رسالتي، بكل مجاملة، لتشجيعي :
الابن الغالي/ أبي
العمل جيد . عليك بالنسخ؛ فإنه دعامة الخطوط.
ولا زلت أحتفظ بهذه الورقة في خزانة كتبي بالدويم.
كان هنالك مبنى آخر وهو مدرسة ثانوية عامة، كان موقعها بجوار غرفة (المعاينة) ونهر سيلا، قريبا من المكتبة. و لكنها انتقلت بعد ذلك إلى مباني المدرسة الريفية. وقال لي الأخ معتصم عز الدين أنها كانت (أي نفس المباني) مقرا لأولى مدرسة، ثانية مدرسة.....
من التغييرات الهامة أيضا أننا قدمنا لعامنا الدراسي الثاني، ونحن نلبس (رداء أزرق اللون) وقميصا أبيضا ، تم تغييره إلى قميص من الدمورية أو الدمور. و كان المعلمون يتسامحون في تطبيق الزي المدرسي الجديد، لعلمهم أن البعض لم يوفر له والده الملابس الجديدة؛ بسبب فقره. ولكن الأستاذ آدم محمد آدم لم ينثنِ عن تذكيرنا بأن ننطقها زِيَّا ، بكسر الزاي وليس بفتحها،مثلما كان يصر على كسر فاء مفردة فناء ويقول إن فناء بالفتح هو الموت. و ينطق كلمة بضاعة بالكسر أيضا ويحذر من ضم الباء. و كان يكسر صاد كلمة صعلوك إذا أطلقها على تلميذ، كبرت جريرته وفحشت غلطته، علنا في الطابور؛ حتى سماه بعضهم (الأستاذ كسرة). ولكن لقبه الشائع كان (أبو صلعة) ولا يجرؤ أحد أن يقولها في جمع من الناس. حفظك الله أستاذنا آدم، فقد علمتنا تحري النطق السليم و عودتنا سماع العربي الفصيح، قبل أن نحاول نطقه.
أذكر أن عنجة كان نهر أولاد فئات معينة من الناس، والقبول فيه ، فيه كثير من المجاملة، حسب اعتقادنا، و كان معظم من فيه من أولاد المترفين والأغنياء والمسئولين؛ حتى إننا نحس بالحرج إذا صادقنا أحدهم، مهما كانت قرابته. وكان البعض يطلق عليهم ساخراً ، أولاد الدلع، ويا لها من سُبَّةٍ ، كنا ننأى عنها بكل وسيلة و ندفعها دفعاً، فليس من سبة بعدها.
كنا نقطع الطريق بين الدويم ورضا مشيا على الأقدام وهي مسافة كيلو مترات سبعة ، وكان أبناء سيلا الذي صار عنجة ، يركبون (الكونتاك) وهو كومر المعهد، (بولمان) الطيب علي، وبعضهم توصله سيارات والديهم، خاصة كانت أو تابعة لمصلحة حكومية وبعض منهم يركب الدراجات الرياضية، ذات اللونين الأحمر والأزرق.
خرج معلم اللغة العربية من الفصل، في يومي الدراسي الأول و بقينا في الفصل؛ حتى دخل علينا ابن عمتي ، حيدر محمد عطا المنان (بشرى)؛ فضحك واستدعى زميله ( الصاروخ)، فنظر إلينا الأخير ونحن جالسون، في أدب واحترام، ثم قال لنا:
- انتو راجيين المولد، ما تمرقوا من الفصل. دي فسحة الفطور. خرجت معه وبقي آخرون في الفصل لأنهم لم يصدقوه؛ حتى دخل الأستاذ باصرو الفصل، وأمرهم بالخروج.
دعاني الأخ حيدر وأخوه فيصل إلى زيارة (بيتهم)، أثناء فسحة الفطور. ظننت أنه يعني بيت الأسرة المعروف بحي أبهل؛ حتى عرفت أن المعني هو (عريشة) يتخذها الطلاب وسط الشجيرات، فيصير شكلها أقرب إلى الكهف. و أعجبتني بيوت التلاميذ، فبنيت لي، فيما بعد، عريشا جميلا، بمشاركة الأخ محمد علي الصائغ، نأوي إليه في فسحة الإفطار، أو نجلس فيه ننتظر خروج بقية التلاميذ من الصفوف المتقدمة، إذ أن دروسنا تنتهي عند الحصة الثالثة ، ودروس الصفوف العليا تنتهي بعد الحصة الخامسة، ثم نقطع معهم مسافة الرجوع، وكان فيها ما فيها من المغامرات التي لا أنساها.
و أواصل.


Post: #79
Title: Re: متابعة ذكريات خاصة في رضا - الجزء الثاني..
Author: متوكل بحر
Date: 01-19-2007, 11:22 PM
Parent: #78



بنطون الدويم (قديما)

Post: #80
Title: متوكل بحر، صورة البروفايل... بس كبرها شوية..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-20-2007, 00:06 AM
Parent: #79










الحبيب متوكل
سلام
كنت هذا اليوم محظوظا ؛ إذ رأيت صورتك بالبروفايل وأنا أتابع تساؤلك عن الفداء، نصصت الموضوع، نسخته و لم أراجعه بعد. ولكني الآن سعيد بزيارتك،بإهدائك صورة تثير في كثيرا من الشجن وسأرجع للصورة وأتحدث عنها، إن شاء الله، فهي مغرية ومثلها يثير شهيتي للذكريات، فإلى لقاء.
اجمع هذه الصورة مع صورة الأخ حافظ زهران أعلاه.
وأهدي لك اللحن القادم.
ولك كل تقديري


Post: #115
Title: Re: متابعة ذكريات خاصة في رضا - الجزء الثاني..
Author: الطيب عبد الرحيم خلف الله
Date: 02-03-2007, 08:57 AM
Parent: #78

عزيزي أبي ، تحية طيبة وبعد،
يطيب لكل متتبع لتوثيقك الرائع حول بخت الرضا أن تفرد زاوية صغيرة مفتاح لحوار واسع حول حقيقة وقصة هذا الاسم الخالد الذي ظل وسيظل يأخذ بأفكار المترددين على هذه المدينة (بخت الرضا) وكل الناس، والعجيب أن تتميز بخت الرضا بنوع من التفرد قل تكراره في مدننا وهو أن قاطنيها على مر الأجيال كانوا في الغالب مهاجرين وعابري سبيل وإلى عهد قريب، فهي مدينة الأراضي فيها من مزارع ومنشئات ومباني ومسطحات وخدمات وأنشطة وكل شيء فيها للدولة ممثلة بإدارة المعهد (في السابق) / الجامعة (حالياً) وهي مدينة مهنية خدمية بنسبة مائة بالمائة، لا مجال فيها للتجارة والربح والخسارة فرأسمالها هو الإنسان وريعها هو الكتاب والخريج ونتاجها بالمحصلة النهائية هو العلم والفكر والمعرفة الإنسانية وعطائها حتى عهد قريب كان يصل لكل إنسان في السودان بشكل مباشر أو غير مباشر (المنهج، الكتاب، المعلم والطالب والموهوب في كل الدروب وأخيراً الخريج) بل يكفي سمعتها إذا ذكر اسمها خاصة خارج البلاد عند كل العباد وهنا لا يفوتنا أن نجير للاسم فضله كعنصر أساسي في إصدار ومنح التأشيرة للمعلم عندما تكون وجهته الدول العربية وبالأخص الخليجية وذلك لمجرد أن يكون إسم بخت الرضا معنوناً بين أوراقه.
وسكان بخت الرضا كانوا حتى عهد ليس ببعيد كلهم ضيوف مكرمين يتشكلون من تلاميذ الروضة والمدرسة والمعهد ومن الأساتذة والمعلمين والمشرفين والموجهين التربويين والمتدربين وحتى العميد، جميعهم ضيوف على مختلف البرامج والمشارب والأهداف التي كانت سبب في ارتباطهم وتواجدهم ببخت الرضا، والكل منهم يكمل فترة دورته ولسان حاله يقول ليتها أيام لا تكتمل حتى لا يفارق بخت الرضا وريثما يعودون ليواصلوا مسيراتهم ونشاطاتهم في دورات حياتهم بأماكن أخر في دوامة هذه الحياة، وليأتي ليحل أماكنهم في بخت الرضا من بعدهم أناس آخرون سوا في الروضة والمدرسة والمكتب والمعهد وهكذا تتواصل الحياة في رحاب بخت الرضا جيلاً بعد جيل، ومن هنا يأتي تميز المدينة التي لا تعرف الروتين المدينة التي يتجدد فيها لقاء الآخرين مع الآخرين، مدينة يتواصل فيها الأمل وتتلاقى فيها التطلعات، مدينة العلم والثقافة والتجديد، مدينة كل الناس.
ولا شبيه لبخت الرضا في هذا السودان الفسيح إلا ما ندر مثلما في حالة 24 القرشي المدينة التي يدار منها امتداد المناقل بمشروع الجزيرة، فهي أيضاً مدينة مهنية إدارية يتوارث أرضها وجدرانها وهواؤها الضيوف وعابري السبيل ولإن تشرف إسم المعهد بـ بخت الرضا فالأخيرة تشرفت باسم الشهيد محمد طه القرشي بعد تغير إسمها من 24 عبود لـ 24 القرشي عقب ثورة أكتوبر إحياءً لذكري الشهيد القرشي (أول من استشهد في ليلة 21 أكتوبر 1964م أثناء محاولات ناس جهاز الأمن فض الندوة الشهيرة التي أقيمت بالبركس في الميدان الأخضر الواقع بين داخليتي كسلا والقاش حيث استشهد القرشي قرب داخلية بحر الجبل وعلقت في مكان استشهاده لوحة خالدة كتبت كلماتها آنذاك بدمه الطاهر وتقول:

وتصارع الشهداء في عمر الزهور بكل صوب - والراية الشماء خافقة تظلل كل درب

أما الدليل على تفرد المدينتين وبقائهما متميزتين بالمهنية، أن بخت الرضا مدينة تربوية علمية بينما 24 القرشي مدينة إدارية، وإن لم تندمج الأولى مع الخليلة الجارة مدينة الدويم فإن الايرة هي الأخرى ظلت بمنأى عن مدينة ابو الحسن التي لا يفصلها عنها إلا الترعة الكنار (الرئيسية للمشروع) ومن هنا إتكسبت المدينتين خصوصيتهما.
وعودة لقصة اسم بخت الرضا، فالرأي السائد أن هذا الاسم يعود لسيدة فاضلة تدعى رضا كانت أكثر إنسان نال تقدير واحترام الناس آنذاك لما كانت تقدمه من خدمات جليلة لذلك المجتمع الصغير في ذلك الركن النائي من المدينة وتمثلت خدماتها في بيع بعض الأغراض البسيطة التي اعتادت جداتنا وقتها على فرش الأرض لها مباسط لبيع المنتجات المحلية مثل القاوون والدردقو والفول المحمص والمدمس والنبق والدوم واللالوب والقنقليس والعرديب والقضيم والدانكلي المسلوق وأتصور أن من بين ما كانت تعرض بضع قراطيس ومداد وظروف خطابات وإن جاز لنا أن نطلق لخيالنا العنان لذلك الزمان أن نتخيل توفير وتحضير والدتنا رضا لطعمية ولقيمات خفيفات تقدم لفك الريق في الصباح والفطور، وهي بذلك قد ملكت قلوب الناس ونالت رضاهم فكانت الأم والشخصية المقربة التي اجتمع عليها القوم فكافئوها أجمل ما تكون المكافأة أن أطلقوا أسمها على هذا الوليد التليد (معهد التربية) فكان السعد أيما سعد لجدتنا رضا، وفيما بدا أن الكثيرين لم يكتفوا بإطلاق إسم رضا على هذا الصرح فأصبغوا على أسمها البخت - إمعاناً وتأكيداً وجزماً في التكريم - فجاءت الكنية تسبق الرضا لتمتد إلينا بخت الرضا وكلنا بالرضا لأمنا رضا ومن رحم رضا كلنا أبناء ولأسم رضا نحن الفداء إن هب النداء.

الفصل المميز:
مدينة بخت الرضا تقع شمال مدينة الدويم ويحدها النيل الأبيض من الشرق ومبروكة الخضراء بامتدادها الجديد من الشمال وترعة مشروع الدويم من جهة الغرب وهذه جميعها حدود طبيعية بعضها تزامن مع إنشاء معهد التربية بخت الرضا (1934م) مثل مشروع الدويم الذي أعقب الفيضان الناشئ عن بناء خزان جبل الأولياء خلال نفس الفترة بغية التحكم في تصريف مياه النيل، والحدود الأخرى كانت موجودة مسبقاً مثل مبروكة التي كانت تحتل موقع المعهد الحالي فتنازل أهلها طوعاً عن الموقع لبناء المعهد فضربوا بذلك أروع المثل في التضحية بالأرض ونكران الذات وآثروا الرحيل شمالاً لأجل أن تقوم بخت الرضا منارة للعلم (وأسم مبروكة أطلقه الشيخ السماني ود الشيخ برير إذ بارك الموقع الجديد لأهله فجاءت التسمية مبروكة وسماني القوم من بين القوم وبهم وفيهم ........ والرواية للمهندس/ محمد عمرعبدالله ود منصور). أما المزارع التجريبية التابعة للمعهد والواقعة إلى الجنوب منه قبالة مدينة الدويم فتقضي فكرة إنشائها إلى الفصل بين المدينتين حتى تصبح لبخت الرضا خصوصية في تهيئة مناخ هادئ يسهم في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية التي أنشئ من أجلها المعهد. وإذا ما أريد لهذا الصرح الشامخ أن يبقى فلتحرص جميع الإدارات المتعاقبة على المدينة بالإبقاء على هذه المزارع فاصلاً بين المدينتين تحقيقاً لهذه الأغراض وليسود هذا التوجه خطط وأفاق السلطات المختصة بالمدينة من لجان إعمار وإسكان وبلديات بغض النظر عن ضيق فرص توسع المدينة أفقياً ناحية الشمال والجنوب وليكن في التوسع الرأسي للمساكن أو التمدد غرباً وشرقاً بالضفة الأخرى للنيل الأبيض ألف مخرج. أما ما يرشح في الأفق من وقت لآخر بالنية لتوزيع الأراضي الزراعية المعنية لمساكن درجة أولى من شأنه أن يخل بهذا التوجه وليحرص المسئولين على ألا يتعد حد المدينة شمالاً شارع الإسفلت المتاخم للمزارع برغم التجاوز الذي أجتاح الملاعب القريبة من كلية الاقتصاد (الدويم شمال والنيل الأبيض المتوسطتين سابقاً).

وقفة صمت:
ظل كوخ العم توم (Mr. Grifth) حتى وقت قريب منارة شامخة في بخت الرضا وأختفي هذا الصرح بوقت ليس ببعيد. الشعوب تحافظ على موروثاتها بالمحافظة عليها بالصيانة الملائمة والترميم والحماية من تأثيرات التعرية وتدخلات الطقس والمناخ، بل وبالتشريعات – إن دع الأمر – للحماية من تدخل الإنسان، فلماذا ترى غابت التشريعات؟ هل من مجيب!! وننتظر إجابة من القائمين على بخت الرضا وقتما أزيل الكوخ ولتأتي الشهادة من كل وجيع وهم كثر ويهم هنا في الأمر كثيراً الآراء الجريئة لأهلنا وذوينا في حي العاملين ببخت الرضاء والحوض ومبروكة البيضاء والخضراء ومن هنا التحية للصامدين عبر الآجال أهلنا الكسواب وآل الفكي وكل من لم يرد اسمه وله القدح المعلى في خدمة هذا الوطن الصغير الكبير بخت الرضا، اللهم أرضى عنهم وعنا أجمعين..

Post: #81
Title: إهداء للأخ متوكل، عبير من الدويم...
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-20-2007, 00:44 AM
Parent: #1




الفنانة عبير مبارك
فضلا إضغط على زر التشغيل أدناه وانتظر لحظات للتحميل؛ فالملف يعمل بشكل جيد ولكن حجم الملف كبير 2.7 ميقابايت.





Post: #82
Title: نفس الأغنية السابقة صوت فقط
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-20-2007, 01:02 AM
Parent: #1


الفنانةعبير مبارك، صوت فقط
لتسهيل السماع
وتسلم يا متوكل بحر
وأنا بفهم
(من دون ما إنت تتكلم)





Post: #83
Title: Re: نفس الأغنية السابقة صوت فقط
Author: متوكل بحر
Date: 01-20-2007, 04:24 AM
Parent: #82



الاستاذ العزيز
لك تحياتى
اكره ان ادخل هذا البوست امر من امامه واسرق النظر
اليه فاعيد البصر كرتين ولكن !!!
اجد اصبعى يضغط ليفتح البوست
اكره ان ادخله لانه يجعلنى طوال اليوم حزينا مهموما
مفكرا يشتعل الحنين داخلى شظى حمم بركانية
لاأدرى اتحس بما اقوله ابى
ليتنى خلقت اللغة لاأعبر بها كم اهوى هذى البلدة
وكم اعشقها
عندما ادخل البوست اذوب فيه انتقل معك من مكان الى مكان
تتجسد السخصيات والامكنة امامى عالم كامل بداخلى تخرجه
انت فى لحظة حنين يجتاحك وتزيد عزاباتى انا
ومع كل ذلك ازداد حبا واحتراما لك
سبعة سنوات ولم تطأ رجلى ذلك التراب الطاهر
سبعة سنوات والحنين اليها يقتلنى فى كل لحظة
سبعة سنوات وانا كطفل يتيم
سبعة سنوات فى كل يوم يذداد الجرح غورا
سبعة سنوات تتغير ملامحنا ولا تتغير هى بداخلنا
لا أدرى ماذا اقول لك ابى
لا أدرى
على كل حال شكرا حزينا
----------------------
الاغنية لم اتمكن من سمعها ممكن المشكلة فى جهازى
صورة البنطون حصلت عليها من ويب (ودزهران )

my email : [email protected]
سلام

Post: #84
Title: Re: نفس الأغنية السابقة صوت فقط
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-20-2007, 01:05 PM
Parent: #83


ابن الدويم البار/ متوكل
لن أزيد عليك همومك ولكني سأحاول تسليتك.
أرسلت إليك الأغنية كاملة 38 ميقابايت مرفقة في رسالة بالبريد الإلكتروني، وهو بريد خاص بالأصدقاء والأهل فقط.
وسأرسل لك المزيد بإذن الله، وأعود لرسالتك بالتفصيل.
ولك هدية أخرى فترقبها.
ولك كل حبي
و أواصل الذكريات...


Post: #85
Title: ذكريات خاصة في رضا.. مواصلة..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-20-2007, 01:12 PM
Parent: #84


الجزء الثالث:
صحبني الأخ بشرى محمد عطا المنان، إلى ساحة الإفطار، لنشتري إفطارنا، قبل أن نحمله إلى العريش. لم يكن هنالك مقصف للأكل، بل كان هنالك باعة، تخذوا لهم مواضع شتى في المساحة بين المزارع التي يحدها مصرف المياه الصغير (الجدول) و بين موضع الفصول. أهمهم وأميزهم العم عبد العزيز، صاحب المطعم الشهير، الذي يحده من الشرق مطعم حاج سعيد ثم دكان سعد ومن الغرب دكان علي الصائغ ثم حاج الماظ علي، الذي يبيع الفول والطعمية ويعاونه العم سالم. عمل الأسطى عبد العزيز في هذا الموقع لسنين عديدة وعرفته أجيال قبلي، وكان يساعده العم سالم، صاحب القفشات اللطيفة والحركات الخفيفة، فلا زال الناس يذكرونه وهو يتكلم من بطنه؛ مثل أراجيز الحواة، أو يرسل كلاماً بين أسنانه، مستخدما لسانه. أعجب به خاله الأسطى عبد العزيز و زوجه بنته. كانت قيمة الساندويتش قرشاً واحداً، والساندويتش عبارة عن نصف رغيف من فئة القرش (فقد كان هناك رغيف من فئة القرشين، ضخماً). كان الساندويتش يحشى جيداً ثم يمطر بالزيت. يمده الأسطى عبد العزيز – رحمه الله – فيعمد التلميذ – الزبون- إلى صحن ضخم من ( الطلس)، فيه الشطة، و أنصاف الليمون تطفح في الصحن. ترك الأسطى ملعقة كبيرة (كمشه) وملعقة أخرى أصغر حجما، وكلتاهما قد ثنيت أطرافه ، حتى لا تقع داخل الصحن. إذا أراد التلميذ أن يقتصد في إفطاره، اشترى ساندويتشا خاصا يعرف بعبارة (نص ونص). وهو عبارة عن ربع رغيف من فئة القرش، يحشى بالفول وقيمته تعريفة. و كان بعض التلاميذ يشترون نصف رغيف من فئة القرش وقيمته تعريفة واحدة ويأكلونه بالشطة وحدها. لم نكن نستخدم لفظة ساندويتش؛ بل إن السائر بيننا عبارة (حشوة). ألا رحم الله الحاج عبد العزيز والأسطى سالم، فقد كانا محسنين، يبيعان بالدين السمح؛ وهما يعرفان أن بعض التلاميذ لا يجدون قدرة لشراء (حشواتهم) ، ولن يستطيعوا تسديد ديونهم، ولطالما أطعما جياعا؛ فجزاهما الله خيرا.
كان هنالك مسرح كبير للباعة، جنوب تربيزة عبد العزيز، فهنالك بائع الحلوى الشهير، العم عبد الله الجعفري (القرعابي)، يعاونه أحيانا أخوه، وقد ورثا المهنة عن والدهم. كانت الحلوى التي يبيعها عبد الله عبارة عن ديك أحمر اللون، يصبه على قالب خاص، ويركب له عوداً. يشترى التلميذ الديك بتعريفة، هي مما ادخره أو فائض إفطاره الذي جعله (حشوة نص ونص)، فيظل يلوح به للآخرين ويلهو به، قبل أن يتلذذ بأكله. كان عبد الله يبيع أيضا نوعا من الحلوى يشبه في شكله العصا، وكذلك سماه التلاميذ (حلاوة عصاية)، وهي عصا مبرومة، ذات ثلاثة ألوان، الأحمر، الأزرق المائل إلى البنفسج والأصفر الفاقع. ظل عبد الله يبيع الحلوى بالمدرسة، لسنين طويلة ثم اختفى في أول السبعينات، من مسرح المدرسة.
من البائعين الآخرين، بائعات (المصقع) وهو سلطة الباذنجان، بنوعيها. نوع يشوى على الجمر، ثم يقشر ويباع (سادة). ونوع آخر يحمر على الزيت، ثم يضاف إليه (الروب) أو (الدكوة) وتقطع فيه الطماطم. وكنت من أنصار الصنف الأخير، فطعمه رائع. ومن أشهر البائعات حاجة السكات، التي اتخذت لها مطعما أمام بيتها بمربع 3 ، فيما بعد؛ لأن الناس خبروا جودة صنعتها وظلوا يلاحقونها لتصنع لهم المصقع العجيب.
هنالك أيضا بائعات الزلابية (اللقيمات). كانت إحداهن تضع الزلابية في (قفة ضخمة)، على كيس من النايلون السميك، من النوع الذي تغلف به الثلاجات، إذا أحضرت من مصنعها. وتضع عددا من صحون الألمينيوم في قفة أخرى؛ فإذا اشترى أحدهم الزلابية، وضعتها على الصحن ورشته بالسكر، وبعضهم مغرم بتقطيع الزلابية إلى قطع صغيرة ؛ فلا تنسى أن تنثر كمية من السكر عليها؛ فيظل الزبون يدعك السكر في الصحن بالزلابية؛ حتى يكاد الصحن أن يثقب. وهن كثيرات و أشهرهن بنات العبيد.
بالميدان أيضا بنات الفلاتة، بائعات الطعمية العجيبة، التي ظل الفلاتة محافظين على سر صناعتها، ولا سيما تلك الشطة الرائعة و غالبها من بهارات يسحقونها ثم يخلطونها بالشطة والملح. كانت الفتيات من روتو، يبعن الحلوى الملونة وحلوى مصنوعة من الفول السوداني وأخرى مصنوعة من النبق (قراصة النبق) وأخرى مصنوعة من السمسم ومشهورة باسم (السمسمية). وأشهر بائعة في هذا المجال حاجة كبيرة السن اسمها مريم، كانت تجوب الشوارع، حاملة بضاعتها على رأسها، في توازن عجيب (من غير وقاية)، فلا تمسكها بيديها إلا إذا أرادت إنزالها. وكانت تنادي نداء رخيما:
الفول، التسالي، السمسمية، قراص النبق...
ولا زلت أذكر هذه المرأة الطيبة، كانت لا ترضى أن تمر على صبيين يتشاجران إلا أن تصلح بينهما، وكنا إذا رأيناها افتعلنا مشاجرة بيننا؛ فتترك كل شأنها و تنصرف إلى أمر الصلح، وقد يحظى كل من المتشاجرين بحفنة من التسالي أو الفول، ثم تنصرف راضية بما فعلت، ولا تدري أنها كانت ضحية خدعة صبيانية رخيصة، ثمنها حفنة الفول. ألا رحمها الله رحمة واسعة.
هنالك بائعون حاولوا التجديد في طريقة الإفطار؛ كأن يبيعوا ساندويتشات الطحنية، المربى أو الجبن وأشياء أخرى، ولكنهم سريعا ما تركوا ذلك؛ لقلة الزبائن؛ زاهدين في بضاعتهم أو عاجزين عن شرائها. وأشهرهم رجل يدعى محمد المصطفى.
أما الغلبة الغالبة من البائعات، فكن بائعات التسالي والفول، يضعن كمية من الفول والتسالي على صحون كبيرة، إذا فرغت عبأنها من قفة إحتياطية، وهن لا يتعاملن بالدين مطلقا، مهما كان السبب، ولكن لا بأس بأن تأخذ قليلا من التسالي في كفك بأطراف أصابعك، تتسلى به، إن لم تود الشراء. وإذا فعلت ذلك ؛ فلابد أن يكون من (زبونتك) لا غيرها.
وأشهر بائعات التسالي حاجة (آدمه)، رحمها الله، وحواء و حوايه ومريم. رحم الله من مات ممن ذكرت وجعل البركة في ذرياتهم و أسأل الله الصحة والعافية للأحياء منهم.
مجمل الأمر أنني اكتشفت أن بخت الرضا ، دنيا كاملة، ولا زلت أكتشف فيها كل يوم جديد؛ مثل كافتيريا المعلمين، قريبا من المسجد، طعامها جيد وسعرها غالٍ.
وأواصل....


Post: #86
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Adil Osman
Date: 01-20-2007, 03:55 PM
Parent: #1


هل عرفت هذا المكان يا أبى البشرى؟

Post: #87
Title: عادل، بااااااااااااالغت!
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-20-2007, 09:20 PM
Parent: #86


الحبيب /عادل عثمان
المرهف الفنان
لا حووووووووول..
ولا تعليق على البوابة،أثق في شخصك وفي مكتبتك وفي سعة إطلاعك ومقدرتك على البحث، فأنت بحق موهوب. هذه هي ثقتي فيك، ولكنك كل مرة لا تزال تذهلني بجديد مفيد، ابتداء من خريطة الدويم....
لن أسترسل ولكني أخشى يوما أن تأتيني بصور لوحات أسماء الفصول القديمة، قبل ميلادك.
الأستاذ عادل لك عاطر الشكر وأجزله، ولا حرمني الله منك.
فوالله لك معزة خاصة وإني لأعدك من أهل هذه البلدة الطيبة، بل اتفقدك في بوستات الدويم، وأسأل الله أن يظل هذا الود ممتدا من الشمال إلى الوسط، وبالمناسبة كنت من ساكني مقاشي، ولي صلات طيبة وأهدي لك هذا اللحن القادم من الشمال.
ممنون، أخي عادل ، ممنون ممنون كل المنة.
ولا أراني الله فيك مكروها.
سأعود لذلك لاحقا ولكن هنالك طرفة ذكرتني بها صورة البوابة.
حضر إلى بخت الرضا أستاذ فنون بشعبة الوسائل. كان الرجل فنانا بحق، ولكنه غريب الأطوار، كثير الصمت، ضيق الخلق. ظل رئيس الشعبة يلاحقه كل يوم بالأسئلة وقد بقي على العيد الذهبي وقت قصير.
- شنو يا أستاذ رسمت الشعار ولا لسه؟
- يا أستاذ، ما انتهيت من الشعار، العيد قرب.
- يا أستاذ، ما وريتني البروفة حقت الشعار والكتابة على البوابة.....
ولما ضاق الأستاذ بذلك رد غاضبا:
- يا أخي كرهتني وأنا عارف شغلي كويس.. الشعار الشعار..
ما زولكم الراسو نصو فاضي ونصو ملان ده ؟(الشعار عبارة عن رأس ظلل نصفها بالأسود وترك الباقي أبيضا)
هاك ليه، وسحب ورقة بيضاء وأخرج قلم رصاص كان مثبتا على شراب حذائه ورسم الشعار..
ولم يملك الحاضرون أنفسهم من الضحك، ورئيس الشعبة لا يجد ما يقوله.
أتمنى أن لا تكون الطرفة تقييما حقيقا للشعار الخالد. ولكنها عبرت عن دقة ملاحظته، فإنني كنت أطالع الشعار في اليوم مائة مرة ولم يخطر لي أن أفكر فيه.
وإلى أطيب لقاء يا عظيم.


Post: #88
Title: إهداء للأخ العزيز عادل عثمان، ودمت يا أصيل..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-20-2007, 09:54 PM
Parent: #1



رائعة الفنان إدريس إبراهيم
في عمر الزهور نديانة دابا
و سأرسلها لك فيديو في بريدك الخاص، إن شاء الله.
كسرة:
طبعا أخونا إدريس رطاني أبدع بالعربي.
مع خالص حبي وتقديري.




Post: #89
Title: Re: إهداء للأخ العزيز عادل عثمان، ودمت يا أصيل..
Author: هشام هباني
Date: 01-20-2007, 10:39 PM
Parent: #88

العزيز الرائع ابدا وقريبي ابي عز الدين

كل العام وانت والدويم والاهل بخير

اولا يؤسفني جد ان تستغرقني تفاصيل السياسي وتعقيداته وهي تشغلني عن تتبع هذا الادب التأريخي السياحي التوثيقي بذاكرة رقمية تغوص في مسام التفاصيل لا املك الا ان اقول امامها( ما شاء الله) حقا انت مبدع حينما تنقلني بهذه الذاكرة ( الكاميرا)الي زمن جميل والي تفاصيل الدويم التي احب....وهذا انما يدل علي عشقك لمدينة النور وانت تحفظها بهذه الذاكرة الاسطورية,,فعش ابدا صديقي وعاش الوطن وعاشت الدويم.

هشام هباني

Post: #92
Title: الحب الكبير، هشام هباني (ظاااااااااطو)..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-21-2007, 03:15 PM
Parent: #89


أخي العزيز/ هشام هباني
يجب أن أفرح بهذه المداخلة، قبل قراءة مضمونها؛ فأنت صاحب السبق في المنبر. كان لك الفضل، في فاتح نافذة، كانت الرئة لا المتنفس. وأعني مقالك (الدويم شات والركوب عجلات). أنزل فيه الأخ الكريم الصادق خليفة، مقالاً لي بعنوان (من أعلام الدويم،التاج سعيد)؛ و من بعدها اتصل بي كثيرون، منهم صديقي الحبيب أمين سيد مختار، لا ليعبر عن رأيه في المقال؛ فقد قرأه قبل نشره بالبوست ولكن لكي يعطيني كلمة مروري إلى المنبر العام، بعد موافقة السيد/ الباشمهندس بكري أبو بكر. لذا كان بوستك المذكور هو مدخلي إلى سودانيز أون لاين. كان غُـنماً كبيرا بالنسبة لي أن عرفت كثيرين، هو مصدر فخري واعتزازي. و أصدقك القول يا سيدي، قبل نشر مقالتي بسودانيز اون لاين، لم أفتح هذا الموقع ولو لمرة واحدة؛ بل كنت أغوص في الشبكة الإلكترونية، بحثا عن تقنيات الإتصال ، الجديد في عالم و و بحوث كثيرة غيرها، وهي قطعا مفيدة لي في عملي، تشبع حاجتي وتغذي عقلي. ولكن بدخولي إلي (عوالمكم) وجدت ما يغذي روحي، ويدفعني لأنقب عما كتبت من شعر ونثر، جعلت بعضه محفوظا على (هاردسك) أهملته زمنا، وكراسات وقراطيس طمس لونها وتغيرت معالمها؛ لكنها سرعان ما عادت تضحك لي من جديد. فشكرا لك ، شكرا للأخ الصادق خليفة، شكرا للباشمهندس أمين سيد وشكرا للباشمهندس بكري أبوبكر و شكراً لكل البورداب الذين ظلوا يسألون عني، يشجعوني أو يدفعوني دفعاً إلى الكتابة. ودعني أعبر عن عميق أسفي لهذا البوست الذي ذهب إلى الأرشيف ولكني أرجو غيره ، في وقت قريب.
شكوت أخي من عدم فراغك لاشتغالك بالسياسة، ولسان حالي يقول في هذا المقام:
من منا لا يشتغل بالسياسة؟ السياسة تطاردنا، تلتف فينا كالثعبان؛ بل تُحْكَمُ فينا عروتها مثل حبل المشنقة، و لكني أتحاشى الدخول في منابرها، لا زهدا فيها ولا نأيا عنها ولكن لسبب آخر. ولي إيمان عميق بأن من لا يتحدث في السياسة هو سياسي شديد التطرف. لذا أفضل أخي أن أمتع نفسي بالأدب والفن و أحاول أن أمتع غيري، بمنظوري السياسي المكنوز في جوفها. فالخطاب المباشر قاسٍ ويفترض – للأسف – أن يكون حاد اللهجة، وهذا لا يعيبه في منهج الخطاب العام، إذا سلم من المواجهة المباشرة ولكن لكل مقام مقال.
أكرر اتهامي بأن من يدعي أن السياسة لا تعنيه، فهو شاذ، وستأكله لغة ساس يسوس وأخواتها وسيتخلل السوس عظام فكره، ثم عظامه حين يسرق السياسي قوته ويفقده سلطة أن يربي أولاده بنفسه، من خلال الوسائط التي يملكها ويستخدمها منصة ومنبراً.
السياسة يا عزيزي تدخل حتى فُرُشِن. والسياسي له حق مطلق أن يتحكم في الصورة التي نستقبل بها ثقافتنا ويحدد الإطار لها.
ولك كل ودي ، محبتي الصافية ، تقديري واحترامي.


Post: #90
Title: Re: إهداء للأخ العزيز عادل عثمان، ودمت يا أصيل..
Author: إسحاق بله الأمين
Date: 01-20-2007, 10:54 PM
Parent: #88

الأستاذ أبي
سلام واحترام
إن كنا بالأمس إحتفينا بإصدار المجموعة القصصية الأولى للرائع الأستاذ جلال داوود(أبوجهينه) وعنوانها "أماندا والأبنوس"فكم آمل أن تكون أنت الشخص الثاني الذي يقوم بإتحافنا بإصدرات توثق هذا السرد المشوق الجميل. لا تعليق لدي، فإن كان من السرد ما يسكر، فأصابني السكر حتى الثمالة. ودمت دائماً متألقا أيها الثروة المعرفية الشاملة التي لم تكتشف بعد.

Post: #93
Title: إسخق، أيها الصوفي مرحى..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-21-2007, 03:28 PM
Parent: #90


أخي الرائع/ أستاذ إسحاق
رددت الكأس عن شفتي
لعل جمالك الخمر
رحم الله العقاد لما قال رائعته
شذى زهر ولا زهر
فأين الظل والنهر
وأنا أقتطف من حديقته القصيدة وقصيدته الحديقة زهرة وبرعما من شعر
ربيع رياضنا ولى
أمن أعطافك النشرُ
فتحت المقال صدفة فعبق العطر، وظل نشر ذلك العطر يتخلل مسام مشاعري المرهقة، بعد مشوار طويل.
استحضرت الأبيات السالفة في ذاكرتي بصوت مغنيها الأستاذ الرائع عبد الكريم الكابلي ولكن اللحن سريعا ما تبدل إلى آخر من ألحانه أيضا:
أكاد لا أصدق...
و ما بين الثاني والأول مساحة، يوحي إلي ثانيها بقصة نعرفها جميعا، وتسرح بي الأولى، لكن من خلال كلماتك إلى أن ذاك السكر رمزي بحت، أيها الدرويش الذي يلبس جبة ابن الفارض و يتشح برداء البرعي.
فيا لائمي في الهوى العذري معذرة
مني إليك فلو أنصفت لم تلمِ
إني اتهمت نصيح الشيب في عذل
والشيب أبعد في نصح عن التهم
أو مقالته
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني
والحب يعترض اللذات بالألمِ
و لنلتقِ يا صاحِ.


Post: #91
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: أبوبكر عبد القادر العاقب
Date: 01-21-2007, 02:01 PM
Parent: #1

أستاذي الكريم أبي،
قال العبادي على لسان ود دكين شيخ الشكرية في قوله لطه البطحاني، "أتعبت الزمل حفيت ورك متسبقة"
وها أنت أتعبت زملي وأنا أحاول جاهداً أن ألاحقك لأتابع ما تقدمه، لك الله، ولي القراءة.
وراك .

Post: #94
Title: ود العاقب،جيدا جيت،(بعد الغياب)
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-22-2007, 10:03 AM
Parent: #91

Quote: "أتعبت الزمل حفيت ورك متسبقة"


عزيزي الشاعر الأديب المُلْهَم والمترجم المُعْلَم
قبل أن أعود إلى حديثك هل تذكر هذا المقال؟


Quote:


ود الحليو مرةً أخرى
"متفرقات"

1. نحاس العمدة.
النحاس عبارة عن طبل. والطبل معروف في الثقافة الأفريقية فهو يستخدم كوسيلة اتصال وكإيقاع للرقص تعبيراً عن الفرح وعن الحزن. وما النقارة والدلوكة والشَتم إلا أنواع من الطبول اختلفت أسماؤها ربما لاختلاف أشكالها أو لاختلاف الثقافات التي نشأت فيها. وقد جاءت تسمية النحاس من كونه إناءاً ضخماً من معدن النحاس شبيه بالقِدْرمغطي من أعلى بالجلد.
وقد ارتبط النحاس تاريخياً بالحرب والقتال والشجاعة والثبات أمام الأعداء وتفخر قبائل كثيرة بالنحاس الخاص بزعمائها والذي يضرب استنفاراً للرجال إلى غارة أو صد غارة أو يضرب لتبليغ خبر وفاة مثلاً. وقد كان أبلغ الذل أن تغير قبيلة على أخرى فتسلبها نحاسها.
ولهذا السبب فإن هنالك الكثير من الأساطير التي تروى عن نحاس قبيلة أو أخرى مثل أن تحكي قبيلة أن زعيمها كان يسير ليلاً فقابله جنّي فقاتله وهزمه فأهداه الجنّي ذلك النحاس. وينطبق نفس القول على السيوف التي كثيراً ما نسمع في رواياتها عن سيف الصاقعة وهو سيف يقال أن حديده يهبط من السماء مع الصاعقة ويقوم الرجل الشجاع المقدام بالحفر في مكان الصاقعة ليستخرج ذلك الحديد فيصنع منه سيفاً بتاراً. وقد ورد ذلك في الغناء الشعبي حيث قال الشاعر أو الشاعرة:

سيف الصاقعة ولدي الما بدور سَنّة

نحاس العمدة على عُوَض عجيل لم يخرج عن هذا الإطار. وعندما نشأنا نحن لم تكن هنالك غارات ولا حروب ولكن النحاس كان يضرب في مناسبات الفرح والحزن فيبكي كبار السن ربما بسبب المناسبة نفسها أو ربما أنهم يتذكرون أياماً خلت كانت فيها نقرة النحاس مختلفة تماماً عن ما يعيشونه في تلك اللحظة إذ قد تذكّرهم بصولات كانت لهم في غابر الأيام.
وأكثر ما أذكره عن نحاس العمدة أنه كان يضربه العم حسن عمر وهو رجل نحيف تراه يحمل في كلتا يديه عصاتين رفيعتين يضرب بهما على النحاس فيَصدُر الصوتُ عميقاً وأقوى مما تصور فلا تسمعه في أذنيك وإنما تسمعه داخل قفصك الصدري. وقد حدثني أحد أبناء قبيلة الحُمران لا أذكر من هو وكنا صِبْيَةً، أن النحاس عندما يُضرب فإنه يقول "بَدُور الدّم ، بَدُور الدّم" أي أنه ينادي الرجال لكي يحملوا سيوفهم ويريقوا دماء الأعداء.


2. حبوبة قماشة.
حبوبة قماشة امرأةٌ بجاوية سوداء الإهاب ناحلة الجسم تحمل في يدها اليمنى عصا رفيعة تتوكأ عليها دون أن تهش بها على غنم إذ لم تكن لديها غنم لكن العصا هي ساقها الثالثة حيث أنها كانت متقدمة في العمر. وقد كانت ثياب حبوبة قماشة دائما داكنة مائلة إلى اللون الأخضر الزيتي.
حبوبة قماشة كانت تعمل مشاطة تطلبها النساء لتمشيط شعورهن لقاء أجر غير ثابت في معظم الأحوال فيتباين حسب حالة الزبون أو أنه كما يقولون "عطِيّة مزيِّن". بالطبع لا يتم الطلب عن طريق الهاتف أو ما شابه بل كانت الرسالة تنتقل إلى حبوبة قماشة عبر النساء من مكان إلى مكان حتى تصل إليها في مسكنها في الجهة الغربية من القرية أو أن تسمع المرأة الراغبة في المشاط أن حبوبة قماشة عند فلانة فترسل أحد أطفالها لينقل تلك المعلومة إلى حبوبة قماشة.
وعندما تصل حبوبة قماشة من مشوارها الطويل المرهق لامرأة في سنها وبعد أن تشرب الماء البارد من الزير تشرع صاحبة البيت الراغبة في المشاط في تجهيز أدوات الشغل وأولها عدة القهوة حيث أن حبوبة قماشة بجاوية ولا ترى خيراً في عمل لا تشم في مبتدئه رائحة القلوة (رائحة البن المقلي). وتشمل أدوات القهوة؛ الجبنة الفخارية اللامعة والوقاية التي توضع عليها وهي أشبه بالطوق وتكون مزينة في العادة بالخرز الملون، ثم خرقة مشربة بالزيت تمسح بها الجبنة لتنظيفها مما يعلق بها من الرماد، ثم قلاية البن المصنوعة من الصفيح ثم البكرج (الشرقرق) والمنقد (الكانون) والمَدَق (الهون) والليفة المستخرجة من النخل. أما أدوات المشاط فهي المخرز والكَدَابة (والمخرز قطعة سلك حادة النهاية تشبه إبرةً سميكة مغروزة في قطعة عود تمثل يداً لها ويستخدم في تقسيم الشعر إلى حزم ليتم تمشيطه - وقد كان أحد أصدقائي نحيفاً فكانوا يسمونه مخرز وقد كان يغضب إذا ما نودي بذلك الاسم فيتلفظ - أما الكدابة بفتح الكاف والدال فهي نوع معين من الصمغ يكون مبلولاً في ماء ويشبه في عصرنا الحالي مثبتات الشعر). إضافة إلى تلك الأدوات هنالك البنبر المجلد (مضفور) بالحبل أو بالقِد (الجلد) أحياناً والذي تجلس عليه حبوبة قماشة وتجلس صاحبة الشعر على الأرض أمامها على قطعة من البرش أو الخيش وقد تجلس حبوبة قماشة على عنقريب وتجلس صاحبة الشعر على البنبر وذلك نادر.
وعلى ذكر حبوبة قماشة كانت هنالك امرأة بجاوية أخرى تمر على بيتنا القريب من السوق وتقف عند الباب وتنادي على من في الدار بصوت ناحل "بُرُود تديني، شباك تِمِسْكي" وقد تبدو الجملة بحاجة إلى ترجمة حاذقة لكنها بسيطة، فالمرأة عطشى ولكي تحصل على الماء البارد (بُرُود) فهي تدعو لصاحبة البيت أن يبلّغها الله المدينة المنورة فتمسك بشباك حجرة النبي صلى الله عليه وسلم.




3. المدرسة.
مدرسة ودالحليو الإبتدائية تقع ناحية الجنوب الغربي من بيتنا ولا تفصلنا عنها مسافة بعيدة أو في الحقيقة أن طرف ملعب الكرة التابع للمدرسة يكاد أن يلاصق طرف بيتنا. عندما دخلت المدرسة كان أول مدير هو الأستاذ سراج الدين الجزولي من بورتسودان والذي نقل في ما بعد إلى الشواك ثم استقر أخيراً في بورتسودان. وقد عملت في مطلع التسعينات في بورسودان لفترة عامين فزرته في بيته. إبنه أمين الذي كان زميلاً لنا اقتدى بأبيه فوجدته مدرساً في إحدى مدارس بورتسودان.
كان الأستاذ سراج الدين رجلاً أنيقاً مهندماً تحتل مقدمة رأسه صلعة واسعة. أما جزمته السوداء ذات المقدمة الرفيعة فهي لامعةًٌ دائماً يغطي الجزء الأعلى منها البنطلون المكوي (سيف). كان ذلك العهد عهد المعونة الأمريكية التي كانت تجلب لنا لبن الجاموس (البودرة) والساردين والجبنة. وقد كان بعض الطلاب لا يأكلون الجبن وبعضهم لا يأكلون الساردين فكان الأستاذ سراج الدين يقف في منتصف الطابور وينادي "اللي ما بياكلش جبنة يجي بي هنا واللي ما بياكلش ساردين يجي بي هنا" ويشير بيده إلى جهتين مختلفتين وكنا نستغرب هذه اللغة ونحن أبناء القرى الذين كنا ندعى إلى الأكل بعبارةٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ من جنس "قوم إتسمم" عندما نكون في حالة كوننا مغضوباً علينا.
من الأساتذة الذين لن أنساهم الأستاذ المربي بحق الشيخ عبد الباقي الشاورابي الذي درسنا اللغة العربية في السنة الثانية وكان يضربنا عندما نخطئ ثم يخرج ليشتري لنا الطعمية يرضينا بها فكان بذلك يضع السيف في موضع السيف والندى في موضع الندى مضفياً على علاقتنا به نوعاً من الإحساس بالأبوة وراسماً بذلك ذكراه في عقولنا وقد التقيته في القضارف حيث يسكن حي الملك أسأل الله أن يمد في عمره.
وكان هنالك الأستاذ عبد القادر ود الجزار والذي سكنت جواره في بيت خالي مبارك الخضر في المرحلة الثانوية في حي الجباراب بالقضارف. وكان هنالك الأستاذ عمر الحَسِين الذي لحّن لنا نشيد "هذه الدنيا الجميلة بين قفرٍ وخميلة وسماوات ثقيلة كلها من صنع ربّي". وكان هنالك لفيف من الأساتذة ؛ أستاذ كمال بنظاراته السميكة، أستاذ حسين (جون)، الأستاذ أحمد بلال الذي أذكر أنني كتبت موضوعاً إنشائياً عن الرسول صلى الله عليه وسلم قلت فيه "أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان جميلاً خَلقاً وخُلُقاً" فأُعجب أستاذ أحمد بهذه العبارة أيما إعجاب فأمر الطلاب بالتصفيق لي وأهداني علبة ألوان وكراس رسم، الأستاذ حسن السر الذي لا أنسى علقة تلقيتها منه في درس في الحساب، الأستاذ عبد الرحيم زروق والأستاذ أبو سقرة علي جبارة والأستاذ مبارك الخضروالأستاذ عمر عبد الوهاب (قرض) الذي كان مغنياً بارعاً وغيرهم من الأساتذة الذين مروا علينا وأضافوا إلينا من علمهم ومعرفتهم أجزل الله لهم العطاء.
كان فرّاش المدرسة العم نوري أحمد محمد الذي يقوم بفتح الفصول والمكاتب وتنظيف مكاتب المدرسين وقد كان رجلاً هادئ الطبع محمود السيرة.
كانت مدرسة ودالحليو الإبتدائية تضم عددا كبيراً من أبناء القرى المجاورة يسكنون في داخليتها فكان هنالك أبناء الهشابة الذين أذكر منهم هارون موسى وعبد الرحيم حسن أحمد والأخوين اسماعيل أحمد حامد والطاهر أحمد حامد ثم أحمد صغيرون وعبد القادر (دقاش) وكان هنالك آخرون من قرى أخرى مثل قرية عبودة والجيرة ومغاريف.


Post: #95
Title: الدويم شات والركوب عجلات، هشام هباني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-22-2007, 10:17 AM
Parent: #1

أشرت آنفاإلى أن السيد هشام بن الدكتور المرحوم أحمد هباني، هو أول من كتب عن الدويم في سودانيز أون لاين وإليكم الجزء الأول من المقال يليه الرابظ، بعد إذن أستاذنا هشام.


Quote:

احــب الــــــدويم (شـــات) والركـــوب عجــــلات؟؟

الدويم التي في خاطري هي تلكم المدينةالجميلة الحسناء وانت تأتيهامشرقا من شرق ذاك النهر البحرالهاديء الجميل( بحر ابيض) وهوعند الدويم يتمدد بخيلاء البحر وهدوئه لا زمجرة النهر وتصابيه وخاصة عندما يكون (ريس بنطون) العبور هوذلك القبطان القدير عمنا الحاج عطية وهو في تصالح ابدي مع النهر البحر بخبرة السنين وحنكةالقدير وهو يقودنا الى برالدويم والنهر البحر بحضرتها يزداد ادبا وجمالا وسكينة والنور( الجربق) يداعب سقالة النزول وتطاوعه السقالة الحنينةوهي تنحني للنازلين وبأدب جم يلفح رذاذ النهر البحر حتى اولئك اللائذين في علية البنطون.. ونحن نقترب منها عروس المدائن الدويم وهي تبدو لناظرها بطلتها البهية كلما اقترب منها وهي بغرب النهر البحر عروسا بحلتها في منظر الوان فناطيزهابألوانها البمبية والزرقاء ولون قصر احمد فضيل الاخضر وهي خضرة تمتد من الشمال لتعانق خضرة اشجار (الباجور) في طرفها الجنوبي علي ذلك الشاطيء الجميل حيث يرقد ولي الله (ود العوضية) وقربه ساحة المولد الكبير ويفوح منها عطر البنات الجميلات و رائحة الشواء والبالوظة والتبش والشطة والليمون وباسطة (سالم) اليماني بائع الغريبة والسرندبل وشيء من عطر النهر البحر يحركه دعاش الليل بنكهة اسماك التامبيرة والكنكيج والكاس والشلبي والكوارة وايضا الحميلات..
فعند ساحة المولد كانت ايامنا مع العجلات وسباق العجلات ونحن نستأجرها من العجلاتي الطيب(حسن متنك) في غرب ساحة الجامع الكبير وكانت ربع الساعة في ذلك الزمن الجميل تعادل اربع ساعات من هذا الزمان العليل ونرجعها في وقتها بالتحديد والا كانت ( الشطة هي البخور).... وانت تغادر ساحة المولد حتما ستمر بسوق العيش وشمالها ورشة ( فاروق العضلاتي) الوحيد بالدويم و حي التخديرة وحلة البحر حيث العبابدة ناس كرار وناس همام ووايضا الجعافرة الوحيدون بهذا الحي ناس ناس شبيكة واخرين من الزمن الجميل ... وتواصل غربا حيث ايضا سوق البحر حيث الصاغة ناس برير والنجارين ود اب شقة وود البلك واخرين وتمر حتما بالعطار حاج خليل ود الاسد ومحجوب علي الشايقي ذلكم التاجر الجميل وحاج عطا المنان وحاج ابكر كسار الجبور.... وحتما في الطريق ستلاقي الثائر ( الهلبة غرب) ذلك المعتوه الجميل بشعره( الراستا) وهو يهتف( تب..البحر تب) وحاجة حليمة وباكمبة ومنقة...وابو رزقة وتمتد غربا لتمر بحي السباعاب من اليمين والشمال والهبانية من اليمين والشمال الشمال والجعافرة باليمين والشمال وقصر بشير الشريف العظيم شمال مسجد الدويم الكبير.... وتنفحك روائح فول عبد العال اللذيذ المظبط بجبنة مايسترو البيضاء وزيت السمسم المعصور في معاصر ناس نديم .... وغرب الجامع الكبير دكان الحاج حسن محمد علي من اثرياء الدويم وقد كان مستأجرا اياه لليهودي ( مجاهد) تاجر الاقمشة والحرير والذي طردوه بعد نكسة حزيران وحاولوا حرق دكانه بالبنزين ولكنه استجار اخيرا بالناظر ادريس هباني واعطاه حق اللجوء في زمان جميل.... جنوب بيوت الهبانية كان سوق الدويم ...بارالمحبة.. وبار الخواجة وعمنا ابكر الظريف وكان الخواجة كوستا وبقالة بركليس ودكان جبري اليماني واستديو الشواف وجيفارا والصائغ احمد والترزي خاطر ومطعم ود الضراب ومطعم حسن الزبير ودكاكين اليمانيةاولاد حاج صالح وابو خدرة ومعمل البلاط لصاحبه الاستاذالماركسي العتيق حسين عبد العزيز صاحب الشوارب والغليون والعصا والبنطال الغربي الانيق... وايضا كان تجار الاقمشة السباعي وحاج حسين وسعد الله واخرين وكان دكان اليماني القيسي... وبقرب معمل مايسترو للاجبان كانت شركة بص السلام لاحمد فضيل وكانت بصات احمد سعيد
وايضا الحلاقون حيث عمنا محمد الياس وكان مجاهد الانصاري صاحب دكان العدة الكبير وكان الماظ صاحب دكان بيع العجلات واولاد شقورة لبيع الاقمشة والحرير وكان الساعاتي الشيوعي النظيف الجلال عبد الرحيم وعلي رستم وحسان الحكم وهو ايضا لتصليح الراديوهات.... وكان زنكي الخضار وكان الحاج خليفةالانصاري وكان التاج سعيد الجزار الجميل وكان الجزارون اولاد المتعافي من زمن جميل.. وكان مصنع الجنجبيرة الصغير شرق السوق وايضا مصنع الثلج الوحيد... وكان الصائغ فضل الله تبيدي وكان اهلنا الفلاتة بقرب الخور يبيعون معجون اسنان ابو صفقة وموس حلاقة ابو صقر وايضا فتايل ابو فاس الصغيرة... وكانت السينما وبجوارها الفتوات اولاد لبيب عند باب الشعب وكان ابراهيم السواري بحصانه ينظم الصفوف امام سينما عبد الحارث وكان في حجرة التشغيل عمنا ( نجارو) وكانت تذاكر الشعب بخمسة صاغ وكان اللوج بسبعة صاغ وعلى الشاشة في موسم الخريف كانت سمبرية بالالوان تعشش فوق شاشةبالالوان.... وكانت تعطر الليل روائح شواء سيد اليماني وكانت السيخة بقرش صاغ وتاكلها بصحن من الشطة والليمون..... وكان الفكهانية شمال السينما... وكانت ايضا نفيسة طربوش وود القسيس وموقف التاكسي حيث بحر حمام بحر وحسن الطويل وود الببسي وكان شمال السينما مطعم سلارا بفوله اللذيذ وحلواني برعي المنقة والجوافة باللبن والشاي باللبن بكبابي الشب...


Post: #96
Title: Re: الدويم شات والركوب عجلات، هشام هباني (2)
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-22-2007, 10:31 AM
Parent: #95

الجزء الثاني من مقال هشام هباني


Quote:

وكان حلواني العم برعي صاحب اللحية الكبيرة السوداء وبعجلته الرالي الشهيرة وعمته العزبة المشهورة ومعظم زبائنه من معلمي معهد بخت الرضا وطلاب السنتين وهم ياتون في الامسيات من بخت الرضا بكومر عمنا السائق الشهير احمدالبشير لشراء حوائجهم والاستمتاع بدخول السينما وايضاشراء الجرايد والمجلات من مكتبة عمنا غانم افندي حيث كان يعمل عمنا بخيت موزع الجرائد وايضا كان الجرسون الشهير بالمقهى العم محمد واخرون اتون ليشهدوا منافع اخرى ومحبة من بار المحبة . وشمال غرب السينما كانت صيدلية عمنا عثمان عمار من اثرياء ووجهاء الدويم ومباشرةغرب السينما كانت عيادة الوالد دكتوراحمد هباني المجاورة الحيطةبالحيطة لدار جبهة الميثاق الاسلامي حيث (كيزان )الزمن الجميل قبل اللوثة العم برعي الحلواني والاستاذالنور علي صاحب مدرسةالنور علي الاميرية بنات والطيب زين العابدين ود الزهارين قريب الطيب عبد الله رئيس نادي الهلال وهم يقطنون جوار نادي الوطن حيث كان ناديا عريقا اشهر لاعبية اولاد ابوزيد صديق ابوزيد وعلي ابو زيد والشهير جعفر نحلة ومبارك خلف الله والحارس العملاق عبد الرحمن الخضر وصلاح علي ( فندك) و مجموعة من اللاعبين من اولاد حي الزهارين (الشليقين) حافظ واخوه شاكر..... وكان المشجع الجميل التاج سعيد الجزار.... وكان شمال نادي الوطن نادي العمال الشهير وايضا كان نادي الاشبال واللاعب الاسطورة كريشنقا وابكر باتا و فتح الرحمن (اضان قريد) وشرفي ومحي الدين والحارس (بقو)... وكان مراسل الدويم محمد عبد الماجد. وكان هنالك اولاد القرعاب الفتوات وهم فرع من اهلنا الجعافرة يمثلون الصقور و الجعافرةالاخرون هم الحمائم الوديعون الجميلون اولاد حمام بحري والعمدة عمران و اولاد سايح واولاد فراج ...واولاد اب حجايب وناس افندي وعبد العال شبيكةوهم اهل رجل الاعمال ورجل البر الراحل دكتورخليل عثمان صاحب مدارس خليل للبنات بالدويم ومصنع النسيج بالخرطوم وشركة التاكسي الجوي.وكان حي الحموداب الاغنياء وكان جامع ابهل وكان نادي الصبيان والاستاذ الصارم العضلاتي حسن يوسف وسيارته البيجو القديمةوكانت الموسيقى تصدح في امسيات النادي الذي خرج الرائع ملك الاكورديون( ود دريشة) ازهري عبد القادر والرائع مهدي ادم ومصطفي الجوخ ويوسف سيد هباني وكان اسماعيل جيمس بتاع الساكسفون ود البوليس والمغنيين الشباب المبدعين بهاء الدين عبد الرحمن السيد ومهدي الصول وسمية الجوخ وكانت اماسي الدويم يعطرها محمد كوشة وتوفيق خلف الله وخاطر وكمال الرفاعي والدشين وعبد الرحمن الحلبي .....وكانت النيل الابيض الثانوية والناظر عصام حسون وكانت النيل الابيض لوسطى وكان ديم بكر وحواشات العنكوليب وكانت مدرسة الدويم الريفية الوسطى المشهورة اعظم واشهر مدارس السودان وقد خرجت رعيلا من قادة العمل الفكري والسياسي بالسودان وكان نضال الدويم الثائره ضد الدكتاتورية العسكرية الاولي قد تمثل في استشهاد الشاب الشهيد يوسف خالد شهيد الدويم في ثورةاكتوبر1964 وقبره بارز بمقابر الدويم وقد رايت الشهيد وانا صغير وهو محمول في موكب قد مر من باب بيتنا التابع للمستشفي وكان مكشوف الوجه والتراب يعفر وجهه الطاهر وقدمه مربوطة بعلم السودان القديم محمولا على عنقريب كانوا مسرعين به الى مشرحة المستشفي..ودفن بمقابر الدويم بشمال المدينة حيث منها شمالا تمتد حواشات بخت الرضا... اه اه انها بخت الرضا وهج المعارف ووجه الدويم الحضاري التليدواذكر عميدها الاستاذ مندور المهدي ونظار مدرستها الابتدائية مبارك سعيد وحسين همام وانهارها هي فصولها (سيلا والرجاف ومشكور وشات وابو عنجة والمهدي ودقنة والسوباط والزراف وعطبرة) وكان الاستاذ الشاعر عمران العاقب مديرالمكتبة الشهيرة بالمعهد وكان بدر الدين الرياضي والد البطل هاشم بدرالدين وكان السماني عبد الجليل صاحب الكبانية وعم احمد البشير سائق الكومر وهو والد زميلي خلف الله احمد البشير وكان المطعم الكبير للمدرسة حيث طبق الفول بقرش صاغ وطبق العدس بقرش صاغ وكان التبش والعجور بالشطة والليمون وكانت معارك الطلاب الجميلة في ايام الاجازة وتتم في حالات (المشي الكداري) حيث يرابط الفتوات من اولادالقرعاب في الطريق والويل لمن يقطع فريق القرعاب حافيا وحالقا اه يا اخوتي اولاد القرعاب اشتاقكم يا شرفي وعثمان حسين الزبير وفتحي حاج حسين واخرين عثمان الغالي وبدر الدين قرين ملود وعوض الله علي مبيوع فتية من الزمن الجميل...واذكر المواصلات من بخت الرضا للدويم اه اه يا البولمانات وكان سعر اجرة البولمان من بخت الرضا للدويم بقرش صاغ وكان السواقون الجميلون ( عثمان ود باصرو وكبشور والطيب علي وموسى ود الكيفي والمساعدية بكري وود القريش وعبد الرؤوف وكان سباق العودة الشهيرالى محظة الوصول بالخور غرب سينما الدويم وكنا نهتف ونحن داخل البولمانات في ذلك السباق الرهيب واخر محطة هي محطة الخور غرب السينماحيث كان ( البنشر) وحيث كان ابو اليكن وود نفاش... وكان حي غرب السينما وهو حينا حيث بجوار منزلنا اي غربنامنزل الخواجة الايطالي ماريو المغترب في الدويم عند ال هباني مثله ومثل الخواجات المغتربين مثل بركليس ويني ومايستروبتاع الجبنة وبجوارناكانت حيشان ناس قطان وناس شيخ الوسيلة السماني وعم محمد الامين وناس حاج عطية وناس حاج العاقب وال ابشر واولاده الصحابة ( الترمزي وزمخشري ومسلم وبخاري ) وحكاويهم الجميلة مع ابو رزقة وايضا حوش ناس ود بلية الرشيدبلية وحوش ناس علي الامين والد صلاح علي الامين ( فندك) وحوش ناس نورالهدي ناس( دريشة) وجبر الدار اهل ازهري عبد القادر بتاع الاكورديون (ود د ريشة) وجوارهم حوش ناس سر الختم الخليفة وناس حسن العاقب واولاد الهدندوة وناس احمد نورالدائم والدالفاتح نور الدائم وحيشان ناس علم الهدى اهل زميلي وصديقي حسام الدين ( طلس) واخرون من الزمن الجميل لم تسعفني الذاكرة لحفظ اسمائهم وكان غرب هذا الحي بيوت ناس نديم وناس ابراهيم برير وحي البوليس اولاد ابراهيم السواري واولاد الصول واولاد الزبال وكانت في العرب معاصر زيوت نديم وهنالك غربها كانت قرية روتو حيث اهلنا الفلاتة وكنا نستمتع بالذهاب الى غرب روتو الى ( جبال الشماشة) ونحن نستمتع باللعب نقلد الكاوبويات والهنود الحمر وعند المرور بسوق روتو نستمتع باكل طعمية اهلنا الفلاتة وقراصة النبق والقونقليس والتبش بالشطة والليمون ومن روتو كان لوري التراب المشهور باسم ( بطل روتو) وجنوب المدينة كان حي الاستبالية وسوق النسوان حيث دق الشمام والبطيخ وكمان العجور بالقروش ( خفاس وكمان ضوق مويتها) وهنالك المستشفى حيث الطبيب احمد هباني و عم الجوخ وبابكر عبادي وعم الفيل وفرح القرعابي والممرضة عاشة علي وعزالدين بتاع الاشعة وكان هنالك شمال المستشفي كشك الليمون بتاع محمد الدنقلاوي وحلاوة (شيكو) وكان هنالك بقرب المستشفي اولاد يبيعون الزجاج الفارغ للدواء زجاج الشيري النص بتعريفة صاغ ويا سلام كان هنالك الحلبة بتاعين القزاز راكبين الحمير واصيحوا المعاهو قزاز) وكانت قزازة البيرة ابوجمل فابريقة النيل الازرق بتعريفة وقزازة الشيري ابو مفتاح ولا ابو تراكتور بقرش صاغ وكان شمال المستشفي المجلس الريفي حيث شجرات الدوم التلاتة وكان الرفاس ( شات) مربوط جنوب المجلس علي شاطي النهر البحر....اما ليالي الدويم فهي الق وحب وصفاء وسيتحفنا بها الكثيرون ممن فطموا بالق الدويم وتفاصيلها الثرة الجميلة ونواصل


Post: #97
Title: الأستاذ محمد حسن خضر من الثمرات في بوست هباني
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-22-2007, 10:51 AM
Parent: #96

من أجمل المقالات في بوست الأخ هشام هباني السابق، مشاركة رائعة للأخ الأستاذ الرائع محمد حسن خضر، أثبتها أدناه.

Quote:

نص للكاتب محمد حسن خضر /من فداسي (Re: هشام هباني)


في التوأمة بين الدويم وفداسي
رحلة إلى الدويم على باصات جعفر الخليفة ( البوسته)
( بقلم محمد حسن خضر )

كلما تذكر الدويم غامت الدنيا في عينيه وطفق ينشج ويشدو مع ذكريات عصفت بها الأيام ، فكل يوم جاء بعدها كان اعتذاراً لها وكل ما كان قبلها فهو توطئة لها .. ما أقسى صروف الدهر وقد أُخذت البقية والسكنية . وما الذي دعا المتنبي أن يقول :
ليت الحوادثَ باعتني الذي أخذت بحلم الذي أعطت وتجريبــــي
فما الحداثةُ عن حلم بمانــــعة قد يوجد الحلمُ في الشباب والشِيب
فالحكمة مع المشيب والتجاريب ضربة لازب ، ولا يمنع الشباب أن يكونوا ذوى حلم ، لكن في الأمر نظراً؛ كما جاء على لسان الدكتور عبد الله الطيب ).
فأي حلم بعد الطوال ستورثه الأيام ؟ ولا بأس على أي حال ما دامت الدويم على وجه الخصوص موجودة على الطبيعة ولكنها في خاطره أجل وأعمق أثراً. وكان يسعد بما يصادفه من لغط السوق وأحداث موقف الباصات واللواري، وكانت مدني كثيرة الجلبة والضوضاء وتتزاحم فيها لواري وباصات الصعيد ، سنار ، مكوار ،الرصيرص والدبازين ( الدمازين ) ، بشعاراتها الدينية المحببة للنفس : ( يا بدر ود سلمان ، يا لحاق بعيد ، يا اب قُصة ، يا ود تكتوك ..) والقوم سفرٌ، وفيهم جد وشدة بأس. وبضاعتهم لا تبور وتقف خير شاهد لهم، وهم ويتقاطرون من أماكن وأصقاع بعيدة، وطرقهم وعرة المسالك وجلها غير معبد أو مهيد ، وتحمل لواريهم، الخشب ،الفحم ، القنا والحطب، العناقريب والحبال، الدخن العيوش، الدوم الدليب، والنبق، اللالوب، الدواك، جبان الطين الفخارية، وربما العماري وارد دار فور، ثم قرع ود العباس الشهير.
وفي المواسم يحملون بطيخ الروسمان ذا الفرادة والسوق الربيح ولا غرو أن كانت لهم ناصية الملك في غابر السنين، فها هم اليوم يؤكدونها للحاضر بهمة وبضاعة موسومة بالنبل والفخر المكين: "....منظر فيهم وفيهم مستمع". وعلى مقربة منهم يكاد الموقف يغص بباصات ولواري المناقل وما خلت منها تمائم الحرز المعبرة : يا المكاشفي أبو عمر، يا راجل الشكينيبة ، يا لحاق بعيد، ...، ويحملون ما خفّ من منتجات زراعية وحيوانية وأعينهم مصبوبة لسوق المدينة في ابتغاء الحلية والكساء والرداء، والدواء، وشئ من فاكهة المدينة، ومنتجات الطوابين؛ من رغيف عادي أو توستي يلبسونه صفات عديدة محببة وقريبة لأنفسهم وبيئاتهم. ثم هاك لهم من السمسمية والحلوى غير يسير، أو ربطة من نعناع تبتاع من طرف السوق، ولها باعة دائبون لا يسأمون من ترويج ما عندهم بصوت صاخب وجدٍ غير محدود. والسوق آلة عظيم كأنما هي ليست من صنع البشر. ولا تكاد باصات الحصاحيصا تجد موطئاً وساحة لها رغم بهاء منظرها وحداثتها، وحسن تنظيم فريد يقوم عليه رجل ضخم عظيم الخلقة ، يمضي جل وقته على دست أو طاولة و يمده بالخدمة نفر من صغار الكمسنجية، وهو رأسهم يأمر وينهى وقد تصدر منه الكلمة النابية من غير قصد كأنها بقية من تهتك الشباب. ربما خطر للفتى أن اسمه ود الهيلة أو .. ، .....، الله أعلم . ويفيض السوق بالشحاذين والسائلين من كل لون وأكثرهم استعطافاً من ترتفع عقيرته بالمديح النبوي يصوغه بنغم باكٍ حزين:

" يا راهلين إلى منى بغيابي هيجتمو يوم الرهيل فؤادي "

هذا يغبطه بتعريفة وذاك يتابعه بالنظر وهو على عصاه يشق طريقه دون أن يصطدم ، يصدمه أو يضايقه أحد في سبيل رزقه. وتمتد إليه اليد من داخل الباص مردفة:
"عليك الله يا ود الشيخ أدعِ لينا معاك"
ولا ينفك صاحبنا يردد لحنه الشجي، لإزكاء المشاعر، وتهيج العواطف، قبل أن يقطع مشواره الصبية وهم يحملون الطعمية والتسالي في صواني (الطلس ) يعرضونها على عجل للركاب المسافرين عما قليل : تسالي .. تساليييييييييييييييي ، طاعمية.. طاعمية تسالي.. يا.... . وصاحب الكركدي على جانب البص الآخر يحمل جردلاً مغطى بفوطة أو شاشةٍ بيضاء من فوقها كوز (ألمون) صغير، والقوم قد حان سفرهم، يستعجلهم بالنداء : "بـرّد بـرِّد يا .. تلجو عائم وسيدو حايم ". وكان معظم المسافرين قد فرغ من تناول الفطور عند صاحبة الكسرة، وشرب الشاي المنعنع (المظبوط)، وربما مرّ عليه صاحب الكيف : جبنة.. جنبة يا فصاح به أحدهم: "تعال خت أتنين جبنة"
وآخر قد عمد إلى التمباك يطقطق الحقة بخفة وبراعة وحرفة كمن يرفع ستارة مسرح . وقليل منهم قد يتجاوز إلى البرنجي أو الروصمن أو البنسون إن كان ميسور الحال. وقليل منهم يبتاع العلبة الكاملة، ومع السفر ينفرط عقد التقتير؛ فهذا يوم البهجة والحبور، وفيه تتبادل المصالح والمنافع ويُروّح فيه عن النفوسِ والمسرحُ يسع الجميع، ولا تكاد ترى أو تلحظ مبتئساً قط . والموقف على حال حركته الدائبة كمن ينتبه فجأة ليستقبل باصات الدويم ؛ كأنها ضيف ذو أرومة ومحتد ترفضُ إليه مراكب القرى والدساكر، وتسعى بين يديه جيئة وذهاباً كأنها تؤدي فروض الولاء والطاعة في حضرة مبعوث بحر أبيض المنتظر، وبالتحية والمودة يمرع وينعم صنوه المفعوعم الأزرق الصخب.
ويذكر صاحبنا تماماً ( كمسنجياً) يلازم بصات الدويم بالموقف المائج الطرب ، لا شك أنه من "مايرنو" أو نواحي ( ُمكوار). وكان عالي الصوت وله قلنسوة مما يصنع الفلاتة، وغالباً ما يكون كامل الهيئة كأنه في موكب عرائسي وإذا نظرت عند قدميه رأيت طاقية( تكة) السربال بلونها الأحمر المميز . كانت به لكنة لا تفقد حسن سمته شيئاً، وكان لا يتوقف من ( عن ) ترديد : ضويم بهر .. ضوديم بهر .. ضويم .. ضويم (أي دويم بحر)، ويعينه عادم الباص مُمَوْسِقَاً النداء في تناغم تام؛ فيخف المسافرون إلى داخل البص بعد أن تجهزوا للرحلة بشيء من متاع وزينة ، ولا يسافر أحدهم إلا وهو مزدان متهيئ للسفر ما وسعه الحال ، وقد رتب نفسه للرحلة خير ترتيب، وودع أهله وحمل عصا السفر والجد والاجتهاد . ولا تكاد اليوم ترى شيئاً من ذلك أبداً ، فقد (باخت) الطباع وأسنت الرحلات وماتت في النفوس متع حقيقة،كان المسافر يشارك فيها الوجود مشاركة عذبة متفاعلاً مع حجرها ومدرها ، رحلها ورحالها، ومع َنفسِ الخلق وأنفاس الطبيعة ودقائقها . وكنت تري أكوام القصب على رؤوس البيوت في حلة عمر فتستعذب روعة المنظر ، وهو نفس المنظر الذي كنت ترى بقريتك قبل سويعات فما الذي أهاج في نفسك الصورة ؟
إنها فيوض الحياة وعطاء الوهاب إذ سرعان ما تجدد لك الصور في تكرار غير رتيب ولا ممجوج، معطرة ببركة النقاء الفطري وسحر الرحلة وكيميائيتها الداخلية. وجميع ذلك أو جله قد انعدم يومئذ من حياتنا كأنه لم يكن قبلاً .
ويصاحبك في رحلتك المعلم، والطالب والتاجر والعامل والعائد إلى أهله وغيرهم، وتجدد الصورة بلون آخر في المناقل، وعند معتوق . وكان الصبي يكره رائحة الجازولين وتثير معدته ، ولا ينفك عقله الصغير منشغلاً بأحداث ومشاهدات يومه.
وما إن يصل إلى "أبوحُبَيرة" وقد متع بصره ونفسه بالنيل الأبيض الواسع الممتد بجلاء وكبرياءٍ وزهو ثم ّ عظيم .. وهل كان الفتى يحس بروح تحدٍ أم محض تطلع وانفلات وشرود كمن ُبسط أمام ناظريه مرج كوني عظيم ونفسه تختزن اللهو والفرح النبيل، واستنشق ملء رئتيه عبق الرياحين وروح المغامرة من القلب الكائن الجسور الممتد بلا حدود. إنه النيل الأبيض العظيم ، عند شطه والشمس بأشعتها الغاربة، تكاد تصبغ الأفق بصفرة نحاسية تلألأ على صفحة الماء وهي تعلو وتهبط دونما اضطراب كأنها مرقد طفولي أثير. وما إن يترجل من البص إلى البنطون، وتلامس رجلاه التراب يكون قسط كبير من رهق وتعب الرحلة قد ذاب شيئاً فشيئاً مع البيئة المائية الحالمة.
وكان البنطون يقطع المسافة ما بين الشاطئ الشرقي والغربي في زمن الفيضان في أقل من 30 دقيقة، على عكس أيام انحسار وظهور الجزيرة إذ تستغرق الرحلة 45 دقيقة أو ربما أكثر، وأنت لا تدري هل كان البنطون هو الآخر مفتوناً يسرح النظر هنا وهناك في تأمل كما كان يفعل صاحبنا وهو يفتش من بين شجيرات الجزيرة وتحتها عن أثر للقرنتية وأولادها؛ إذ طال ما شحذ أولاد "أم جر" من زملائه بالداخلية مخيلته بأحاديث لا تخلو من القرنتية ، وشدة خرابها للجرف والزرع كأنما يشيرون من طرف خفي على تعودهم وإيلافهم للمنظر وفي ذلك نوع من بطولة زائفة .
كانت أعشاب المعونة تملأ صفحة النهر وتلتمع فيها أشعة الشمس الغاربة وسحر الدويم ينتظره ولقاء الزملاء زنتان في كفتي ميزان اللحظات جهنمية .. وعما قليل سيخرج من المشرع ورائحة الشمام والبطيخ تفوح من المراكب وسيملأ أنفه بعبقها .. والمشرع يغص بالحركة الدائبة والمدنية هادئة تستقبل زوارها الجدد.
وحالما يذهب عنه رهق الرحلة الطويلة التي تقطعها باصات بكري الخليفة ( بوسته الدويم بحر ) من مدني إلى الدويم في ست ساعات بأجرة قدرها 25 قرشاً فقط، وقد آثر الفتى " البوسته" على بقية الباصات توفيراً لمبلغ ال 5 قروش التي كانت ستذهب مع أجرة الباصات الأخرى في رحلة ذات مراحل: مدني - المناقل ، المناقل – معتوق ، ثم معتوق- الدويم، ولا تخلو الرحلة على هذا النحو من مشقة، وزمن أطول حتى يصل الباص أبوحبيرة قبيل الغروب ليلحق البنطون ) . ولابد أنه بعد أن يلقي رحله سيذهب للسينما مع شلته ليكملوا ذكريات الإجازة مع صحبه. وتحية لك أخي الأستاذ علي محمد الخضر وللحديث بقية.
محمد حسن خضر
الرياض

و إليكم الرابط


احــب الــــــدويم (شـــات) والركـــوب عجــــلات؟؟
.
و أواصل

Post: #98
Title: Re: الدويم شات والركوب عجلات، هشام هباني
Author: الصادق خليفة
Date: 01-22-2007, 11:38 AM
Parent: #95

أستاذي أبي

عاطر الود

الشكر لك انت أخي و معلمي و انت تتحفنا بجميل الكلمة و روائع الذكريات و أحي فيك الذاكرة الحديدية (ما شاء الله ).

واصل ونحن نتابع بإهتمام.

تقديري من غير ليمتد

Post: #100
Title: الغالي الصادق خليفة، شكرا لك في صباح...
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-23-2007, 09:22 AM
Parent: #98

الرقيق الغالي/ الصادق خليفة
(يعني متابع ولابد، أحسن الواحد يعمل حسابه)
شكرتك مع من شكرت وفاتني أن أذكر للأخ إسحاق أنه لولا مساعدة الأخ الصادق خليفة في حجز العودة لظللت في الأردن حتى الآن؛ فشكرا له مجددا، والود قطعا متصل.
سأتصل بك لأنني أحتاج لك في تفاصيل، قادمة في الصفحة الثانية، إن شاء الله، فلا تسرف في مدح ذاكرتي التي تحتاج إلى نفض الغبار عنها، في أحداث معينة، عشناها سويا.


Post: #101
Title: Re: الغالي الصادق خليفة، شكرا لك في صباح...
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-23-2007, 09:33 AM
Parent: #100

ابن عمي الغالي/ المهلب
سلام
أخي، كم طال الزمن ولم نلتقِ.
قاموس كامل للأعلام، يحفز الذاكرة، يستفز الأشجان في مراقدها ويثير شهية الكتابة، فمع كل اسم ذكريات، حكايات وقصص. لن تمضِ رسالتك أدراج الرياح؛ فإنها طُعْمٌ يغري مخيلتي، كما يغري الساردين سمكة (العجل)، في (الصندل).
أشكرك وانتظرك للتداعي المثير، اكتب – أنت – و لن أخذلك مجاراة، سأقوم بها على حياء، فذاكرتكم لا زالت غضة.
لا زلت أذكر المحيط الضيق بمنزلكم القديم، جوار منزل جدكم، بشجرتيه الغريبتين عن الدويم، شجرة العنب ، وشجرة أخرى أظن أنني نسيتها. ولكن لا زلت أذكر جدتكم الحاجة (عمتي) وهي تجتهد أن تغطي الثمر بقطعة وتربطها ، حتى لا يأكلها الطير. ربما كانت الثمرة (قشطة). ولكني سأحتاج إلى أن أشغل (السوبر ذاكرة)، فانتظرني حتى أبلع القرص العجيب، واستحضر في ذكرياتي المنازل المجاورة، منزل ناس عبد الرحمن حسن العاقب، من شرق. منزل دقاش الذي له بابان من الشمال والجنوب، منزل حاج أبكر ومنزل محمد عطا المنان، ثم بيت إسماعيل الطيب ودكان حاج ميرغني، صاحب أول (كولبوكس) في الدويم. كنت أطالع كلمة كولبوكس وقد كتبها الأستاذ الفنان ود إبراهيم السواري. و أرجو أن لا انسى ورشة النجارة وشرقها دكان محمد زين للجلود...... ولي وقفة مع جامع أبهل.

و نلتقي.. ولكن يبقى الشكر، قبلا وبعدا.. وسلام على التومات.


Post: #119
Title: Re: متابعة ذكريات خاصة في رضا - الجزء الثاني.. (Re: ابي عزالدين البشري)
Author: الطيب عبد الرحيم خلف الله
Date: 02-05-2007, 08:17 AM
Parent: #100

عزيزي أبي ، تحية طيبة وبعد،
يطيب لكل متتبع لتوثيقك الرائع حول بخت الرضا أن تفرد زاوية صغيرة مفتاح لحوار واسع حول حقيقة وقصة هذا الاسم الخالد الذي ظل وسيظل يأخذ بأفكار المترددين على هذه المدينة (بخت الرضا) وكل الناس، والعجيب أن تتميز بخت الرضا بنوع من التفرد قل تكراره في مدننا وهو أن قاطنيها على مر الأجيال كانوا في الغالب مهاجرين وعابري سبيل وإلى عهد قريب، فهي مدينة الأراضي فيها من مزارع ومنشئات ومباني ومسطحات وخدمات وأنشطة وكل شيء فيها للدولة ممثلة بإدارة المعهد (في السابق) / الجامعة (حالياً) وهي مدينة مهنية خدمية بنسبة مائة بالمائة، لا مجال فيها للتجارة والربح والخسارة فرأسمالها هو الإنسان وريعها هو الكتاب والخريج ونتاجها بالمحصلة النهائية هو العلم والفكر والمعرفة الإنسانية وعطائها حتى عهد قريب كان يصل لكل إنسان في السودان بشكل مباشر أو غير مباشر (المنهج، الكتاب، المعلم والطالب والموهوب في كل الدروب وأخيراً الخريج) بل يكفي سمعتها إذا ذكر اسمها خاصة خارج البلاد عند كل العباد وهنا لا يفوتنا أن نجير للاسم فضله كعنصر أساسي في إصدار ومنح التأشيرة للمعلم عندما تكون وجهته الدول العربية وبالأخص الخليجية وذلك لمجرد أن يكون إسم بخت الرضا معنوناً بين أوراقه.
وسكان بخت الرضا كانوا حتى عهد ليس ببعيد كلهم ضيوف مكرمين يتشكلون من تلاميذ الروضة والمدرسة والمعهد ومن الأساتذة والمعلمين والمشرفين والموجهين التربويين والمتدربين وحتى العميد، جميعهم ضيوف على مختلف البرامج والمشارب والأهداف التي كانت سبب في ارتباطهم وتواجدهم ببخت الرضا، والكل منهم يكمل فترة دورته ولسان حاله يقول ليتها أيام لا تكتمل حتى لا يفارق بخت الرضا وريثما يعودون ليواصلوا مسيراتهم ونشاطاتهم في دورات حياتهم بأماكن أخر في دوامة هذه الحياة، وليأتي ليحل أماكنهم في بخت الرضا من بعدهم أناس آخرون سوا في الروضة والمدرسة والمكتب والمعهد وهكذا تتواصل الحياة في رحاب بخت الرضا جيلاً بعد جيل، ومن هنا يأتي تميز المدينة التي لا تعرف الروتين المدينة التي يتجدد فيها لقاء الآخرين مع الآخرين، مدينة يتواصل فيها الأمل وتتلاقى فيها التطلعات، مدينة العلم والثقافة والتجديد، مدينة كل الناس.
ولا شبيه لبخت الرضا في هذا السودان الفسيح إلا ما ندر مثلما في حالة 24 القرشي المدينة التي يدار منها امتداد المناقل بمشروع الجزيرة، فهي أيضاً مدينة مهنية إدارية يتوارث أرضها وجدرانها وهواؤها الضيوف وعابري السبيل ولإن تشرف إسم المعهد بـ بخت الرضا فالأخيرة تشرفت باسم الشهيد محمد طه القرشي بعد تغير إسمها من 24 عبود لـ 24 القرشي عقب ثورة أكتوبر إحياءً لذكري الشهيد القرشي (أول من استشهد في ليلة 21 أكتوبر 1964م أثناء محاولات ناس جهاز الأمن فض الندوة الشهيرة التي أقيمت بالبركس في الميدان الأخضر الواقع بين داخليتي كسلا والقاش حيث استشهد القرشي قرب داخلية بحر الجبل وعلقت في مكان استشهاده لوحة خالدة كتبت كلماتها آنذاك بدمه الطاهر وتقول:

وتصارع الشهداء في عمر الزهور بكل صوب - والراية الشماء خافقة تظلل كل درب

أما الدليل على تفرد المدينتين وبقائهما متميزتين بالمهنية، أن بخت الرضا مدينة تربوية علمية بينما 24 القرشي مدينة إدارية، وإن لم تندمج الأولى مع الخليلة الجارة مدينة الدويم فإن الايرة هي الأخرى ظلت بمنأى عن مدينة ابو الحسن التي لا يفصلها عنها إلا الترعة الكنار (الرئيسية للمشروع) ومن هنا إتكسبت المدينتين خصوصيتهما.
وعودة لقصة اسم بخت الرضا، فالرأي السائد أن هذا الاسم يعود لسيدة فاضلة تدعى رضا كانت أكثر إنسان نال تقدير واحترام الناس آنذاك لما كانت تقدمه من خدمات جليلة لذلك المجتمع الصغير في ذلك الركن النائي من المدينة وتمثلت خدماتها في بيع بعض الأغراض البسيطة التي اعتادت جداتنا وقتها على فرش الأرض لها مباسط لبيع المنتجات المحلية مثل القاوون والدردقو والفول المحمص والمدمس والنبق والدوم واللالوب والقنقليس والعرديب والقضيم والدانكلي المسلوق وأتصور أن من بين ما كانت تعرض بضع قراطيس ومداد وظروف خطابات وإن جاز لنا أن نطلق لخيالنا العنان لذلك الزمان أن نتخيل توفير وتحضير والدتنا رضا لطعمية ولقيمات خفيفات تقدم لفك الريق في الصباح والفطور، وهي بذلك قد ملكت قلوب الناس ونالت رضاهم فكانت الأم والشخصية المقربة التي اجتمع عليها القوم فكافئوها أجمل ما تكون المكافأة أن أطلقوا أسمها على هذا الوليد التليد (معهد التربية) فكان السعد أيما سعد لجدتنا رضا، وفيما بدا أن الكثيرين لم يكتفوا بإطلاق إسم رضا على هذا الصرح فأصبغوا على أسمها البخت - إمعاناً وتأكيداً وجزماً في التكريم - فجاءت الكنية تسبق الرضا لتمتد إلينا بخت الرضا وكلنا بالرضا لأمنا رضا ومن رحم رضا كلنا أبناء ولأسم رضا نحن الفداء إن هب النداء.

الفصل المميز:
مدينة بخت الرضا تقع شمال مدينة الدويم ويحدها النيل الأبيض من الشرق ومبروكة الخضراء بامتدادها الجديد من الشمال وترعة مشروع الدويم من جهة الغرب وهذه جميعها حدود طبيعية بعضها تزامن مع إنشاء معهد التربية بخت الرضا (1934م) مثل مشروع الدويم الذي أعقب الفيضان الناشئ عن بناء خزان جبل الأولياء خلال نفس الفترة بغية التحكم في تصريف مياه النيل، والحدود الأخرى كانت موجودة مسبقاً مثل مبروكة التي كانت تحتل موقع المعهد الحالي فتنازل أهلها طوعاً عن الموقع لبناء المعهد فضربوا بذلك أروع المثل في التضحية بالأرض ونكران الذات وآثروا الرحيل شمالاً لأجل أن تقوم بخت الرضا منارة للعلم (وأسم مبروكة أطلقه الشيخ السماني ود الشيخ برير إذ بارك الموقع الجديد لأهله فجاءت التسمية مبروكة وسماني القوم من بين القوم وبهم وفيهم ........ والرواية للمهندس/ محمد عمرعبدالله ود منصور). أما المزارع التجريبية التابعة للمعهد والواقعة إلى الجنوب منه قبالة مدينة الدويم فتقضي فكرة إنشائها إلى الفصل بين المدينتين حتى تصبح لبخت الرضا خصوصية في تهيئة مناخ هادئ يسهم في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية التي أنشئ من أجلها المعهد. وإذا ما أريد لهذا الصرح الشامخ أن يبقى فلتحرص جميع الإدارات المتعاقبة على المدينة بالإبقاء على هذه المزارع فاصلاً بين المدينتين تحقيقاً لهذه الأغراض وليسود هذا التوجه خطط وأفاق السلطات المختصة بالمدينة من لجان إعمار وإسكان وبلديات بغض النظر عن ضيق فرص توسع المدينة أفقياً ناحية الشمال والجنوب وليكن في التوسع الرأسي للمساكن أو التمدد غرباً وشرقاً بالضفة الأخرى للنيل الأبيض ألف مخرج. أما ما يرشح في الأفق من وقت لآخر بالنية لتوزيع الأراضي الزراعية المعنية لمساكن درجة أولى من شأنه أن يخل بهذا التوجه وليحرص المسئولين على ألا يتعد حد المدينة شمالاً شارع الإسفلت المتاخم للمزارع برغم التجاوز الذي أجتاح الملاعب القريبة من كلية الاقتصاد (الدويم شمال والنيل الأبيض المتوسطتين سابقاً).

وقفة صمت:
ظل كوخ العم توم (Mr. Grifth) حتى وقت قريب منارة شامخة في بخت الرضا وأختفي هذا الصرح بوقت ليس ببعيد. الشعوب تحافظ على موروثاتها بالمحافظة عليها بالصيانة الملائمة والترميم والحماية من تأثيرات التعرية وتدخلات الطقس والمناخ، بل وبالتشريعات – إن دع الأمر – للحماية من تدخل الإنسان، فلماذا ترى غابت التشريعات؟ هل من مجيب!! وننتظر إجابة من القائمين على بخت الرضا وقتما أزيل الكوخ ولتأتي الشهادة من كل وجيع وهم كثر ويهم هنا في الأمر كثيراً الآراء الجريئة لأهلنا وذوينا في حي العاملين ببخت الرضاء والحوض ومبروكة البيضاء والخضراء ومن هنا التحية للصامدين عبر الآجال أهلنا الكسواب وآل الفكي وكل من لم يرد اسمه وله القدح المعلى في خدمة هذا الوطن الصغير الكبير بخت الرضا، اللهم أرضى عنهم وعنا أجمعين..

Post: #120
Title: Re: متابعة ذكريات خاصة في رضا - الجزء الثاني.. (Re: ابي عزالدين البشري)
Author: الطيب عبد الرحيم خلف الله
Date: 02-05-2007, 08:27 AM
Parent: #100

عزيزي أبي ، تحية طيبة وبعد،
يطيب لكل متتبع لتوثيقك الرائع حول بخت الرضا أن تفرد زاوية صغيرة مفتاح لحوار واسع حول حقيقة وقصة هذا الاسم الخالد الذي ظل وسيظل يأخذ بأفكار المترددين على هذه المدينة (بخت الرضا) وكل الناس، والعجيب أن تتميز بخت الرضا بنوع من التفرد قل تكراره في مدننا وهو أن قاطنيها على مر الأجيال كانوا في الغالب مهاجرين وعابري سبيل وإلى عهد قريب، فهي مدينة الأراضي فيها من مزارع ومنشئات ومباني ومسطحات وخدمات وأنشطة وكل شيء فيها للدولة ممثلة بإدارة المعهد (في السابق) / الجامعة (حالياً) وهي مدينة مهنية خدمية بنسبة مائة بالمائة، لا مجال فيها للتجارة والربح والخسارة فرأسمالها هو الإنسان وريعها هو الكتاب والخريج ونتاجها بالمحصلة النهائية هو العلم والفكر والمعرفة الإنسانية وعطائها حتى عهد قريب كان يصل لكل إنسان في السودان بشكل مباشر أو غير مباشر (المنهج، الكتاب، المعلم والطالب والموهوب في كل الدروب وأخيراً الخريج) بل يكفي سمعتها إذا ذكر اسمها خاصة خارج البلاد عند كل العباد وهنا لا يفوتنا أن نجير للاسم فضله كعنصر أساسي في إصدار ومنح التأشيرة للمعلم عندما تكون وجهته الدول العربية وبالأخص الخليجية وذلك لمجرد أن يكون إسم بخت الرضا معنوناً بين أوراقه.
وسكان بخت الرضا كانوا حتى عهد ليس ببعيد كلهم ضيوف مكرمين يتشكلون من تلاميذ الروضة والمدرسة والمعهد ومن الأساتذة والمعلمين والمشرفين والموجهين التربويين والمتدربين وحتى العميد، جميعهم ضيوف على مختلف البرامج والمشارب والأهداف التي كانت سبب في ارتباطهم وتواجدهم ببخت الرضا، والكل منهم يكمل فترة دورته ولسان حاله يقول ليتها أيام لا تكتمل حتى لا يفارق بخت الرضا وريثما يعودون ليواصلوا مسيراتهم ونشاطاتهم في دورات حياتهم بأماكن أخر في دوامة هذه الحياة، وليأتي ليحل أماكنهم في بخت الرضا من بعدهم أناس آخرون سوا في الروضة والمدرسة والمكتب والمعهد وهكذا تتواصل الحياة في رحاب بخت الرضا جيلاً بعد جيل، ومن هنا يأتي تميز المدينة التي لا تعرف الروتين المدينة التي يتجدد فيها لقاء الآخرين مع الآخرين، مدينة يتواصل فيها الأمل وتتلاقى فيها التطلعات، مدينة العلم والثقافة والتجديد، مدينة كل الناس.
ولا شبيه لبخت الرضا في هذا السودان الفسيح إلا ما ندر مثلما في حالة 24 القرشي المدينة التي يدار منها امتداد المناقل بمشروع الجزيرة، فهي أيضاً مدينة مهنية إدارية يتوارث أرضها وجدرانها وهواؤها الضيوف وعابري السبيل ولإن تشرف إسم المعهد بـ بخت الرضا فالأخيرة تشرفت باسم الشهيد محمد طه القرشي بعد تغير إسمها من 24 عبود لـ 24 القرشي عقب ثورة أكتوبر إحياءً لذكري الشهيد القرشي (أول من استشهد في ليلة 21 أكتوبر 1964م أثناء محاولات ناس جهاز الأمن فض الندوة الشهيرة التي أقيمت بالبركس في الميدان الأخضر الواقع بين داخليتي كسلا والقاش حيث استشهد القرشي قرب داخلية بحر الجبل وعلقت في مكان استشهاده لوحة خالدة كتبت كلماتها آنذاك بدمه الطاهر وتقول:

وتصارع الشهداء في عمر الزهور بكل صوب - والراية الشماء خافقة تظلل كل درب

أما الدليل على تفرد المدينتين وبقائهما متميزتين بالمهنية، أن بخت الرضا مدينة تربوية علمية بينما 24 القرشي مدينة إدارية، وإن لم تندمج الأولى مع الخليلة الجارة مدينة الدويم فإن الايرة هي الأخرى ظلت بمنأى عن مدينة ابو الحسن التي لا يفصلها عنها إلا الترعة الكنار (الرئيسية للمشروع) ومن هنا إتكسبت المدينتين خصوصيتهما.
وعودة لقصة اسم بخت الرضا، فالرأي السائد أن هذا الاسم يعود لسيدة فاضلة تدعى رضا كانت أكثر إنسان نال تقدير واحترام الناس آنذاك لما كانت تقدمه من خدمات جليلة لذلك المجتمع الصغير في ذلك الركن النائي من المدينة وتمثلت خدماتها في بيع بعض الأغراض البسيطة التي اعتادت جداتنا وقتها على فرش الأرض لها مباسط لبيع المنتجات المحلية مثل القاوون والدردقو والفول المحمص والمدمس والنبق والدوم واللالوب والقنقليس والعرديب والقضيم والدانكلي المسلوق وأتصور أن من بين ما كانت تعرض بضع قراطيس ومداد وظروف خطابات وإن جاز لنا أن نطلق لخيالنا العنان لذلك الزمان أن نتخيل توفير وتحضير والدتنا رضا لطعمية ولقيمات خفيفات تقدم لفك الريق في الصباح والفطور، وهي بذلك قد ملكت قلوب الناس ونالت رضاهم فكانت الأم والشخصية المقربة التي اجتمع عليها القوم فكافئوها أجمل ما تكون المكافأة أن أطلقوا أسمها على هذا الوليد التليد (معهد التربية) فكان السعد أيما سعد لجدتنا رضا، وفيما بدا أن الكثيرين لم يكتفوا بإطلاق إسم رضا على هذا الصرح فأصبغوا على أسمها البخت - إمعاناً وتأكيداً وجزماً في التكريم - فجاءت الكنية تسبق الرضا لتمتد إلينا بخت الرضا وكلنا بالرضا لأمنا رضا ومن رحم رضا كلنا أبناء ولأسم رضا نحن الفداء إن هب النداء.

الفصل المميز:
مدينة بخت الرضا تقع شمال مدينة الدويم ويحدها النيل الأبيض من الشرق ومبروكة الخضراء بامتدادها الجديد من الشمال وترعة مشروع الدويم من جهة الغرب وهذه جميعها حدود طبيعية بعضها تزامن مع إنشاء معهد التربية بخت الرضا (1934م) مثل مشروع الدويم الذي أعقب الفيضان الناشئ عن بناء خزان جبل الأولياء خلال نفس الفترة بغية التحكم في تصريف مياه النيل، والحدود الأخرى كانت موجودة مسبقاً مثل مبروكة التي كانت تحتل موقع المعهد الحالي فتنازل أهلها طوعاً عن الموقع لبناء المعهد فضربوا بذلك أروع المثل في التضحية بالأرض ونكران الذات وآثروا الرحيل شمالاً لأجل أن تقوم بخت الرضا منارة للعلم (وأسم مبروكة أطلقه الشيخ السماني ود الشيخ برير إذ بارك الموقع الجديد لأهله فجاءت التسمية مبروكة وسماني القوم من بين القوم وبهم وفيهم ........ والرواية للمهندس/ محمد عمرعبدالله ود منصور). أما المزارع التجريبية التابعة للمعهد والواقعة إلى الجنوب منه قبالة مدينة الدويم فتقضي فكرة إنشائها إلى الفصل بين المدينتين حتى تصبح لبخت الرضا خصوصية في تهيئة مناخ هادئ يسهم في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية التي أنشئ من أجلها المعهد. وإذا ما أريد لهذا الصرح الشامخ أن يبقى فلتحرص جميع الإدارات المتعاقبة على المدينة بالإبقاء على هذه المزارع فاصلاً بين المدينتين تحقيقاً لهذه الأغراض وليسود هذا التوجه خطط وأفاق السلطات المختصة بالمدينة من لجان إعمار وإسكان وبلديات بغض النظر عن ضيق فرص توسع المدينة أفقياً ناحية الشمال والجنوب وليكن في التوسع الرأسي للمساكن أو التمدد غرباً وشرقاً بالضفة الأخرى للنيل الأبيض ألف مخرج. أما ما يرشح في الأفق من وقت لآخر بالنية لتوزيع الأراضي الزراعية المعنية لمساكن درجة أولى من شأنه أن يخل بهذا التوجه وليحرص المسئولين على ألا يتعد حد المدينة شمالاً شارع الإسفلت المتاخم للمزارع برغم التجاوز الذي أجتاح الملاعب القريبة من كلية الاقتصاد (الدويم شمال والنيل الأبيض المتوسطتين سابقاً).

وقفة صمت:
ظل كوخ العم توم (Mr. Grifth) حتى وقت قريب منارة شامخة في بخت الرضا وأختفي هذا الصرح بوقت ليس ببعيد. الشعوب تحافظ على موروثاتها بالمحافظة عليها بالصيانة الملائمة والترميم والحماية من تأثيرات التعرية وتدخلات الطقس والمناخ، بل وبالتشريعات – إن دع الأمر – للحماية من تدخل الإنسان، فلماذا ترى غابت التشريعات؟ هل من مجيب!! وننتظر إجابة من القائمين على بخت الرضا وقتما أزيل الكوخ ولتأتي الشهادة من كل وجيع وهم كثر ويهم هنا في الأمر كثيراً الآراء الجريئة لأهلنا وذوينا في حي العاملين ببخت الرضاء والحوض ومبروكة البيضاء والخضراء ومن هنا التحية للصامدين عبر الآجال أهلنا الكسواب وآل الفكي وكل من لم يرد اسمه وله القدح المعلى في خدمة هذا الوطن الصغير الكبير بخت الرضا، اللهم أرضى عنهم وعنا أجمعين..

Post: #121
Title: Re: متابعة ذكريات خاصة في رضا - الجزء الثاني.. (Re: ابي عزالدين البشري)
Author: الطيب عبد الرحيم خلف الله
Date: 02-06-2007, 06:57 AM
Parent: #100

عزيزي أبي ، تحية طيبة وبعد،
يطيب لكل متتبع لتوثيقك الرائع حول بخت الرضا أن تفرد زاوية صغيرة مفتاح لحوار واسع حول حقيقة وقصة هذا الاسم الخالد الذي ظل وسيظل يأخذ بأفكار المترددين على هذه المدينة (بخت الرضا) وكل الناس، والعجيب أن تتميز بخت الرضا بنوع من التفرد قل تكراره في مدننا وهو أن قاطنيها على مر الأجيال كانوا في الغالب مهاجرين وعابري سبيل وإلى عهد قريب، فهي مدينة الأراضي فيها من مزارع ومنشئات ومباني ومسطحات وخدمات وأنشطة وكل شيء فيها للدولة ممثلة بإدارة المعهد (في السابق) / الجامعة (حالياً) وهي مدينة مهنية خدمية بنسبة مائة بالمائة، لا مجال فيها للتجارة والربح والخسارة فرأسمالها هو الإنسان وريعها هو الكتاب والخريج ونتاجها بالمحصلة النهائية هو العلم والفكر والمعرفة الإنسانية وعطائها حتى عهد قريب كان يصل لكل إنسان في السودان بشكل مباشر أو غير مباشر (المنهج، الكتاب، المعلم والطالب والموهوب في كل الدروب وأخيراً الخريج) بل يكفي سمعتها إذا ذكر اسمها خاصة خارج البلاد عند كل العباد وهنا لا يفوتنا أن نجير للاسم فضله كعنصر أساسي في إصدار ومنح التأشيرة للمعلم عندما تكون وجهته الدول العربية وبالأخص الخليجية وذلك لمجرد أن يكون إسم بخت الرضا معنوناً بين أوراقه.
وسكان بخت الرضا كانوا حتى عهد ليس ببعيد كلهم ضيوف مكرمين يتشكلون من تلاميذ الروضة والمدرسة والمعهد ومن الأساتذة والمعلمين والمشرفين والموجهين التربويين والمتدربين وحتى العميد، جميعهم ضيوف على مختلف البرامج والمشارب والأهداف التي كانت سبب في ارتباطهم وتواجدهم ببخت الرضا، والكل منهم يكمل فترة دورته ولسان حاله يقول ليتها أيام لا تكتمل حتى لا يفارق بخت الرضا وريثما يعودون ليواصلوا مسيراتهم ونشاطاتهم في دورات حياتهم بأماكن أخر في دوامة هذه الحياة، وليأتي ليحل أماكنهم في بخت الرضا من بعدهم أناس آخرون سوا في الروضة والمدرسة والمكتب والمعهد وهكذا تتواصل الحياة في رحاب بخت الرضا جيلاً بعد جيل، ومن هنا يأتي تميز المدينة التي لا تعرف الروتين المدينة التي يتجدد فيها لقاء الآخرين مع الآخرين، مدينة يتواصل فيها الأمل وتتلاقى فيها التطلعات، مدينة العلم والثقافة والتجديد، مدينة كل الناس.
ولا شبيه لبخت الرضا في هذا السودان الفسيح إلا ما ندر مثلما في حالة 24 القرشي المدينة التي يدار منها امتداد المناقل بمشروع الجزيرة، فهي أيضاً مدينة مهنية إدارية يتوارث أرضها وجدرانها وهواؤها الضيوف وعابري السبيل ولإن تشرف إسم المعهد بـ بخت الرضا فالأخيرة تشرفت باسم الشهيد محمد طه القرشي بعد تغير إسمها من 24 عبود لـ 24 القرشي عقب ثورة أكتوبر إحياءً لذكري الشهيد القرشي (أول من استشهد في ليلة 21 أكتوبر 1964م أثناء محاولات ناس جهاز الأمن فض الندوة الشهيرة التي أقيمت بالبركس في الميدان الأخضر الواقع بين داخليتي كسلا والقاش حيث استشهد القرشي قرب داخلية بحر الجبل وعلقت في مكان استشهاده لوحة خالدة كتبت كلماتها آنذاك بدمه الطاهر وتقول:

وتصارع الشهداء في عمر الزهور بكل صوب - والراية الشماء خافقة تظلل كل درب

أما الدليل على تفرد المدينتين وبقائهما متميزتين بالمهنية، أن بخت الرضا مدينة تربوية علمية بينما 24 القرشي مدينة إدارية، وإن لم تندمج الأولى مع الخليلة الجارة مدينة الدويم فإن الايرة هي الأخرى ظلت بمنأى عن مدينة ابو الحسن التي لا يفصلها عنها إلا الترعة الكنار (الترعة الرئيسية للمشروع) ومن هنا إتكسبت المدينتين خصوصيتهما.
وعودة لقصة اسم بخت الرضا، فالرأي السائد أن هذا الاسم يعود لسيدة فاضلة تدعى رضا كانت أكثر إنسان نال تقدير واحترام الناس آنذاك لما كانت تقدمه من خدمات جليلة لذلك المجتمع الصغير في ذلك الركن النائي من المدينة وتمثلت خدماتها في بيع بعض الأغراض البسيطة التي اعتادت جداتنا وقتها على فرش الأرض لها مباسط لبيع المنتجات المحلية مثل القاوون والدردقو والفول المحمص والمدمس والنبق والدوم واللالوب والقنقليس والعرديب والقضيم والدانكلي المسلوق وأتصور أن من بين ما كانت تعرض بضع قراطيس ومداد وظروف خطابات وإن جاز لنا أن نطلق لخيالنا العنان لذلك الزمان أن نتخيل توفير وتحضير والدتنا رضا لطعمية ولقيمات خفيفات تقدم لفك الريق في الصباح والفطور، وهي بذلك قد ملكت قلوب الناس ونالت رضاهم فكانت الأم والشخصية المقربة التي اجتمع عليها القوم فكافئوها أجمل ما تكون المكافأة أن أطلقوا أسمها على هذا الوليد التليد (معهد التربية) فكان السعد أيما سعد لجدتنا رضا، وفيما بدا أن الكثيرين لم يكتفوا بإطلاق إسم رضا على هذا الصرح فأصبغوا على أسمها البخت - إمعاناً وتأكيداً وجزماً في التكريم - فجاءت الكنية تسبق الرضا لتمتد إلينا بخت الرضا وكلنا بالرضا لأمنا رضا ومن رحم رضا كلنا أبناء ولأسم رضا نحن الفداء إن هب النداء.

الفصل المميز:
مدينة بخت الرضا تقع شمال مدينة الدويم ويحدها النيل الأبيض من الشرق ومبروكة الخضراء بامتدادها الجديد من الشمال وترعة مشروع الدويم من جهة الغرب وهذه جميعها حدود طبيعية بعضها تزامن مع إنشاء معهد التربية بخت الرضا (1934م) مثل مشروع الدويم الذي أعقب الفيضان الناشئ عن بناء خزان جبل الأولياء خلال نفس الفترة بغية التحكم في تصريف مياه النيل، والحدود الأخرى كانت موجودة مسبقاً مثل مبروكة التي كانت تحتل موقع المعهد الحالي فتنازل أهلها طوعاً عن الموقع لبناء المعهد فضربوا بذلك أروع المثل في التضحية بالأرض ونكران الذات وآثروا الرحيل شمالاً لأجل أن تقوم بخت الرضا منارة للعلم (وأسم مبروكة أطلقه الشيخ السماني ود الشيخ برير إذ بارك الموقع الجديد لأهله فجاءت التسمية مبروكة وسماني القوم من القوم وبهم وفيهم ........ والرواية للمهندس/ محمد عمرعبدالله ود منصور). أما المزارع التجريبية التابعة للمعهد والواقعة إلى الجنوب منه قبالة مدينة الدويم فتقضي فكرة إنشائها إلى الفصل بين المدينتين حتى تصبح لبخت الرضا خصوصية في تهيئة مناخ هادئ يسهم في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية التي أنشئ من أجلها المعهد. وإذا ما أريد لهذا الصرح الشامخ أن يبقى فلتحرص جميع الإدارات المتعاقبة على المدينة بالإبقاء على هذه المزارع فاصلاً بين المدينتين تحقيقاً لهذه الأغراض وليسود هذا التوجه خطط وأفاق السلطات المختصة بالمدينة من لجان إعمار وإسكان وبلديات بغض النظر عن ضيق فرص توسع المدينة أفقياً ناحية الشمال والجنوب وليكن في التوسع الرأسي للمساكن أو التمدد غرباً وشرقاً بالضفة الأخرى للنيل الأبيض ألف مخرج. أما ما يرشح في الأفق من وقت لآخر بالنية لتوزيع الأراضي الزراعية المعنية لمساكن درجة أولى من شأنه أن يخل بهذا التوجه وليحرص المسئولين على ألا يتعد حد المدينة شمالاً شارع الإسفلت المتاخم للمزارع برغم التجاوز الذي أجتاح الملاعب القريبة من كلية الاقتصاد (الدويم شمال والنيل الأبيض المتوسطتين سابقاً).

وقفة صمت:
ظل كوخ العم توم (Mr. Grifth) حتى وقت قريب منارة شامخة في بخت الرضا وأختفي هذا الصرح بوقت ليس ببعيد. الشعوب تحافظ على موروثاتها بالمحافظة عليها بالصيانة الملائمة والترميم والحماية من تأثيرات التعرية وتدخلات الطقس والمناخ، بل وبالتشريعات – إن دع الأمر – للحماية من تدخل الإنسان، فلماذا ترى غابت التشريعات؟ هل من مجيب!! وننتظر إجابة من القائمين على بخت الرضا وقتما أزيل الكوخ ولتأتي الشهادة من كل وجيع وهم كثر ويهم هنا في الأمر كثيراً الآراء الجريئة لأهلنا وذوينا في حي العاملين ببخت الرضاء والحوض ومبروكة البيضاء والخضراء ومن هنا التحية للصامدين عبر الآجال أهلنا الكسواب وآل الفكي وكل من لم يرد اسمه وله القدح المعلى في خدمة هذا الوطن الصغير الكبير بخت الرضا، اللهم أرضى عنهم وعنا أجمعين..

Post: #99
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: مهلب خلف الله القريش
Date: 01-22-2007, 01:05 PM
Parent: #1

استاذي الغالي / ابي عزالدين
لك التحية والتقدير وكل الحب والاحترام
والله انك لفخر لنا وللدويم
فلقد احسست بان المشهد حقيقي
وتذكرت
ميدان ابو قرشين ، ودار الرياضة والتاج سعيد ولقلقة والطاهر عبد البين وخالد قدوني
وميرغني شنقر ودكان الماظ وجدي علي محمد احمد (الصائغ) وعزالدين شبيكة ومصطفي دفع الله و الطيب مرزوق والجوكري وكومي والدلامي والشبر صلاح المحينة والله جابو والطيب علي وعمك ابوزيدوبابكر علوب وصديق البصير والدقيل وكافتيريا المدينة وباكمبا وعلاء كوكو وكراع جمل وعبد الستار حسين الزبير وعبد المنعم والطاهر نديم وابو حسبو وابراهيم برير
وحامد سائق لوري المؤسسة (لوري اللقيمات)والطيب الصديق وجقدول وبرجاس وحسين قطان وجماعة البرش والزهارين والاذاذين ودقون
وحسين عبد العزيز وبير ام صبا ودكان حسين سعد وعصير السيد وليمون عمر المرين

والله لقد جمعتنا بدنيا كم اشتقنا لها وباصداقاء كم افتقدناهم مثل
متوكل بحر وهو صديق عزيز وزميل دراسة
استاذي الطيب برير يوسف
نزار وعمار يس النور
نتمني ان يدوم الوصل عبر بوستاتك الجميله
اخوك ابو التومات

Post: #102
Title: إعتذار وإعادة إهداء للأخ عادل عثمان..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-23-2007, 09:50 AM
Parent: #1




الأخ عادل
أعتذر لك إن لم تستطع الإستماع إلى اللحن لأن لحن الأستاذ حافظ أهدي لي وهو (AUTOSTART=true ) و لا أملك تغييره. ولكن في هذه الصفحة يمكنك سماعه بوضوح، وربما دعاني ذلك لإعادة ملفات رضا، فيديو أو صوت.
ولك احترامي.
إدريس إبراهيم
في عمر الزهور..


Post: #103
Title: من ثمرات بوست هباني(الدويم شات)، أحمد الشايقي
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-23-2007, 11:01 PM
Parent: #1

text here


Quote:

الأخ الكريم هشام هباني,

مركز شـات يقع في (الضهرة) عند انتهاء الأراضي الطينية غرباً , وتأسـس في التركية السابقة بعساكر السناجك الشايقية ومثل الوجود العسكري في النيل الابيض وبداية الطريق إلى كردفان ومخـزن الامدادات للقوافل المتجهـة غرباً ,

كان النيل الأبيض (قبل بناء خزان جيل أوليا ذو مجري صيفي يتسع بشكل كبير ويفيض افقيا لأكثر من عشرة كيلومترات على طول امتداده ثم ينحسر تاركاً الأراضي جرفاً طويلا ليناً تزرع عليه الذرة (الصفراء وتنتج انتاجاً مهولا كان يكفي كل وسط السودان من محصول الذرة لكن هذه الظاهرة هي التي جعلت من الصعب قيام المدن على جانب النيل الأبيض قبل الخزان وكانت على النيل قرى ومرافئ صغيرة, تتبع لقرى تقع في الأراضي الرملية غرباُ ,

سمي مركز شات مرفأه على النيل الدويم والتسمية من المديرية الشمالية التي تنتشر فيها الدويمات كـدويم (ودحاج) وغيرها وكانت المراكب ترسو عليه لتبدأ رحلة الشحن بالجمال غرباً حتى الأبيض,
لعب مركز شات دورا كبيرا في مواجهة الثورة المهدية فجهز وأمد كل الحملات التي واجهت الإمام المهدي في قدير وكان احد أبنائه هـو البيك محمد عثمان قائد حملة قدير وجد السيد أحمد عثمان بخيت, وفي تجهيز حملة هكس كذلك الذي نزل بها متوجها غرباً وكان قائد حاميتها السنجك عثمان ود حمد كما نزل بهاالسنجك سراج أغـا والسنجك صالح المـك, وكلهم من القادة العسكريين المشاهير,
في المهدية أغار القائد الأنصاري أحمد ود المكاشفي على مركز شات في (كتلة شات) المشهورة في التاريخ لتهيئة الطريق لجيش الإمام المهدي المتقدم من شيكان تجاه الخرطوم, ودارت بها معارك شديدة أدت إلى إبادة كل الحامية, وبالفعل فقد نزل بها الإمام المهدي في طريق تقدمه نحو الخرطـوم ومن ثم توجه للترعة الخضراء ومنها إلى أم درمان.
فانتهت أهمية مركز شات التاريخية مع الكتلة وبدأت الأهمية والتركيز ينشأ للدويم من بعدهــا.

هـذا عن النشأة والتسمية
أحمد محمود الشايقي


Quote:

الأخ الكريم هشام هباني,

جزيل الشكر على البوسـت الرائع بشأن مدينة الدويم التي أهـدت للسودان رموزه العزيزة بدءا من رئيس الوزراء الدبلماسي العالمي الاديب والشاعر والمهندس والقانوني, الاستاذ محمد أحمد المحجـوب ورئيـس الوزراء الخبير التعليمي في حكومـة أكتوبـر , السيد سـر الختم الخليفة الحسـن,

كما أهـدت للوطـن درة التعليم وخاصرته ومبتدأه بالسودان العريض معهد التربية بخت الرضـا موئل تدريب المعلمين ووابتكار المناهج وتدريبها,

وأجيال طويلة من القادة والمفكرين والأدباء والشعراء والقادة العسكريين والوزراء والتنفيذيين على مـر العصـور.

وحتى الذين لم يولدوا بها ولم يستقروا بها فقد كانت الدويم وبخت الرضـا جزءا من فترات زاهرة في حياتهـم

وأذكر على سبيل المثال لا الحصـر عملاقنا الشاعر ادريس جماع والعالم مندور المهدي والعميل ابراهيم مصطفى شرف الدين والفيلسوف الدكتور أحمـدالطيب والعالم نصر الحاج على وأساتذنا فاروق عثمان الحسين وعبد الله البشير النويري , عليه رحمة الله, وميرغني محمد الحسـن وجمع غفير يطول ذكرهـم.
أحمد محمود الشايقي



** وأواصل

Post: #104
Title: من ثمرات بوست هباني(الدويم شات)، مشاركة الأخ إدريس علم الهدى..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-23-2007, 11:17 PM
Parent: #1

Quote:

لماذا يبكي على هذه المؤسسة كل زائر لها؟!!!
بخت الرضا كنز لم نعرف التعامل معه
تحقيق: الوليد الخليفة
** عندما تتجاوز البداية الي داخل مدينة بخت الرضا فإنك تلج عالماً آخر رسمت خطوطه بدقة ليكون صرحاً يتطاول للخلود، اختيار المكان مساحة الأرض «3360000» متر «800» فدان.. العمران، التشجير، كل ما حولك يدل على أن وراء هذا الشموخ أهداف واضحة وبُعد نظر نفقده كثيراً. معسكر «غريفت» من رعى هذا الصرح أحد أبناء «جون» الذين ألقت بهم يد القدر في أرض السودان ليهدي الأمة السودانية كنزاً ما عرفوا التعامل معه.. ضم كل قيادات هذا البلد، بروفيسور «عبدالله الطيب» «سر الختم الخليفة» «جمال محمد أحمد» «إدريس جماع» وغيرهم كثير.
فلنقف أعزائى ونحن في منتصف الطريق بين الماضي والمستقبل فنلقي أبصارنا نحو التاريخ، تاريخ 1934م ميلاد مؤسسة التربية السودانية في بخت الرضا التي كانت ثمارها هذه الطلائع التي ذكرناها ولنرفع أعناقنا لننظر الى المستقبل ماذا بقى من هذا الصرح حتي يعيننا في سباق الأمم وكما يقولون إذا كنا نريد أن نبني فنلبدأ بالتربية. بالأمس كان تصميم المناهج وتدريب المعلمين وعملية التقويم تتم هناك ، بعد أن آل الأمر لنا بعد الاستقلال أصابها ما أصاب مرافق كل هذا البلد من دمار في الوقت الذي وصلت فيه مرحلة النضج على خبرة نار السنوات، نتعدى عليها ايدينا ففي عام 1970م فصلت عن المعهد، عملية تصميم المناهج في مرحلة التصميم الأساسي «الابتدائي والمتوسط» لتعود بعد ثلاث سنوات فقط ومعها مناهج الثانوي أيضاً، وفي العام 1990م فصل عنها التدريب والتي لا أعرف ما هي ضرورة إنشائها هل كما حدد مؤتمر سياسات التعليم بأن يكون معلم الأساس جامعياً، ننظر الى مسألة الشهادة فقط دون التأهيل المهني والذي كان يتم بصورة مرضية وكاملة، يحدث هذا في الوقت الذي كنا نتوقع أن يطور معهد التربية بخت الرضا الى أكاديمية أو أرفع من ذلك فإذا به يشطر الى نصفين المركز القومي للمناهج والبحث التربوي وجامعة بخت الرضا وكلاهما قاصر عن أداء دور التربية. وأكبر شاهد على ذلك الواقع التربوي الذي نشهده في مدارسنا الآن. وبعد ذلك يقف معتمد محلية الدويم في حفل تأبين مدير المركز القومي للمناهج المرحوم «سلمان علي سلمان» ويقول: «لماذا يبكي على بخت الرضا كل زائر لها؟ أريد إجابة!! ونحن نريد إجابة أيضاً يا سيادة المعتمد.
وقفة مع التاريخ
ولنقف مع التاريخ لننظر لبخت الرضا كيف كانت؟ وكيف صارت الآن؟ فلنقف مع أحد عرابييها الاستاذ «عثمان أحمد الأمين» مدير قسم التراث والوثائق التربوية، ومع رواد التجربة الجديدة في كليات التربية أساس، د. آمنة مختار حسين عميد كلية التربية أساس جامعة دنقلا.
يقول عثمان أحمد الأمين مدير قسم التراث والوثائق التربوية.
أسس معهد التربية ببخت الرضا في عام 1934م 800 فدان تلخصت مهمة بخت الرضا في أول عهدها في الأهداف التالية:
* تدريب مدرسي المدارس الأولية.
* وضع مقررات وكتب للتلاميذ ومراشد للمدرسين بالمدارس.
* تنظيم دورات تجديدية للمعلمين الذين لم يتلقوا التدريب ببخت الرضا، من أجل تحسين قدراتهم وتمكينهم من مواكبة تدريس أجزاء المقررات الجديدة.
* «تريييف» التعليم الأولي، ووضع المناهج والكتب التي تخدم أغراض الترييف وقد تولدت لبخت الرضا أهداف أخرى إعداد المعلمين وتدريبهم وتطوير المناهج وهي: تدريب معلمي المدارس الوسطى وإصلاح مناهج التعليم الأوسط. والإشراف الفني «التفتيش الفني والتوجيه الفني» علي المدارس لمتابعة المنهج وتدريب المعلم، وطرائق التدريس، جمع تغذية راجعة لتطوير هذه الجوانب التربوية المختلفة كافة، ثم أسهمت بخت الرضا في تنمية المجتمعات المحلية ورعاية الشباب وذلك باهتمامها بتعليم الكبار ومحو الأمية وإنشاء أندية الصبيان، كما قام مكتب النشر ليضطلع بمهام إعداد كتب ومطبوعات تعليم الكبار ونشر ثقافة الطفل ونشر إنتاج بخت الرضا التربوي.
مدرسة العرفاء
قبل بخت الرضا كان يتم تدريب المعلمين في «مدرسة العرفاء» مدرسة تدريب معلمي المدارس الأولية بالخرطوم بكلية غردون الى أن حولت في عام 1934م الى بخت الرضا على توصيات لجنة «ونتر» والتي كان مستر غريفث مقرراً لها وهو معلم تدريب المعلمين بكلية غردون ومن ضمن توصيات اللجنة:
* أن يعاد تقويم المعلم في المرحلة الأولية.
* أن يقام مركز تدريب في منطقة ريفية بدلاً عن مدرسة العرفاء بالخرطوم وبناء على هذه التوصية اقترحت أماكن عدة لموقع مدرسة التدريب وأخيراً وقع الاختيار على موقع المعهد الحالي ببخت الرضا، وكانت هناك عدة أسباب لاختيار هذا الموقع منها موقع الدويم في وسط السودان ولأنها وسط ريفي يمثل معظم المناطق الريفية في السودان، وذلك لتدريب معلمين يصلحون للعمل في بلاد معظمها من القرى والأرياف. وأيضاً سهولة الحصول على عدد كاف من الأطفال لإمداد مدرسة تجري فيها التجارب وسهولة الحصول علي أراض زراعية تُسقى بالآلات والأمطار، وكذلك عطف القائمين علي الحكومة المحلية «آنذاك» على المؤسسة وتقديرهم للعمل الذي تقوم به.
بدأ المعهد بكلية المعلمين الأولية ومدرسة أولية «نقلت من الدويم» وتبع ذلك إنشاء كلية المعلمين الوسطى 1949م ومعها ثلاث مدارس ليتدرب عليها وتجرب فيها المناهج هي: مدرسة الدويم الريفية الوسطى والنيل الأبيض والدويم شمال.
كذلك انشئ مكتب للتوجيه الفني في المدارس الأولية والوسطى عمله جمع تغذية راجعة عن المناهج وتدريب المعلمين واستقطاب خبرة المعلمين في مدارس السودان المختلفة للعمل في مدارس بخت الرضا وأيضاً كان يقوم المعهد بتدريب مفتشي التعليم في المديريات.
وفيما بعد فتحت فروع لمعهد التربية بخت الرضا في كل من الدلنج عام 1948م وشندي 1952م ومريدي 1954م والفاشر 1963م وكسلا 1963م.
وقد تطور التدريب أفقياً ورأسياً خلال الفترة من 1934-1994م فقد كان يتم التدريب بعد المدرسة الأولية لمدة أربع سنوات عام 1934م وفي عام 1940م صارت خمس سنوات وفي عام 1944م صارت ست سنوات لتحقيق المزيد من الدراسة الأكاديمية والإعداد المهني واستمر الى 1968م حيث رفع الى أربع سنوات بعد الوسطى وسميت بثانوي المعلمين وفي عام 1974م سميت بمعاهد تدريب المعلمين الى كليات التربية مرحلة الأساس ولم يعد لبخت الرضا دور في عملية التدريب.
أما في المرحلة المتوسطة فكان المعلم يعمل لمدة سنتين أو ثلاث ثم يلتحق بالمعهد ليدرب لمدة عامين حتى يصير معلماً مؤهلاً.
المناهج.. المناهج
بالنسبة للمناهج استمر من 1934 - 1970م لم يحدث أي تغيير في المناهج حتى تغير السلم التعليمي الى 6/3/3 وحصل تغيير في محتوى مناهج التعليم ونقلت المناهج للخرطوم برئاسة الوزارة أعيدت في عام 1973م مرة أخرى لبخت الرضا في عام 1973م عقد مؤتمر للمناهج ببخت الرضا وحدد غايات التربية وصيغت المناهج على هدى تلك الأهداف، واستمر العمل بهذه المناهج حتى عام 1990م عندما عقد مؤتمر سياسات التعليم ووفقاً لمقرراته غير السلم التعليمي الى ثماني سنوات للأساس «3» سنوات للثانوي وبناء على مقررات هذا المؤتمر أيضاً أسس المركز القومي للمناهج والبحث التربوي لعمل مناهج مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي.
* من الذي يقوم بتصميم المناهج؟
- يقوم بتصميم المناهج مختصو المناهج بالمركز وعدد مقدر من الأكاديميين من جامعات السودان المختلفة وخبراء تربويون.
* وهل كانت لبخت الرضا صلات مع مؤسسات خارجية؟.
- كان لمعهد بخت الرضا صلات أكاديمية مع جمهورية مصر العربية وعدد من دول شرق أفريقيا والجامعة الأمريكية ببيروت.
* ما هي النشاطات التي كان يقدمها المعهد؟
- هناك نشاطات عديدة يحتوي عليها برنامج التدريب بشقيه العملي والنظري «ورحلات التدريب على المهن المختلفة ونشاط جمعية نادي الزوارق ونادي صغار المزارعين والذي يقوم فيه الطالب بزراعة رقعة زراعية يكون حصادها بين الطالب والمركز. وأيضاً نشاط الجمعية العمومية لتعليم إدارة الاجتماعات وممارسة الحياة الديمقراطية.
قيادات سودانية
ضم معهد التربية ببخت الرضا العديد من القيادات السودانية في المجالات كافة فعلى سبيل المثال لا الحصر: «سر الختم الخليفة، بشير محمد سعيد، محمد عمر بشير، ود. جمال محمد أحمد ،والأديب العالمي الطيب صالح، والبروفيسور عبدالله الطيب، والمسرحي الفكي عبدالرحمن، أول مدير لجامعة الخرطوم، ونصر الحاج علي» كان من تلاميذ بخت الرضا وأول مدير للمعهد الفني، وهاشم ضيف الله أول عميد لمعهد التربية الرياضية وأول مدير لمعهد الموسيقى والمسرح الماحي سليمان يعمل مديراً للإذاعة العربية بإذاعة ألمانيا، والشاعر «إدريس جماع» ومحيي الدين فارس وفراج الطيب وغيرهم كثير.
كليات التربية
وعلى هامش الندوة التربوية ببخت الرضا التقيت د. آمنة مختار حسين عميد كلية التربية أساس، جامعة دنقلا، كان محور سؤالنا لها عن عملية التدريب في كليات التربية أساس التي أوكل لها أمر تدريب مرحلة الأساس قالت: الطالب يدرس المواد النظرية كاملة والمناشط التربوية «تربية فنية وموسيقى، ومسرح وتربية سودانية، أشغال هندسية، تربية رياضية زراعية أسرية» كذلك يقوم الطالب بدراسة منهج الحلقات، ولكن إشكالية التدريب في الإمكانات فقط وكذلك التعاون بين الجامعات ووزارة التربية والتعليم.
* كيف يتم التقويم؟
- هناك موضعان للتخصصات بالإضافة لموجهي العلوم التربوية وتقويم مدير المدرسة التي يتم بها التدريب.
الماضي والحاضر
ما بين الماضي والحاضر تقف معالم المستقبل تجربة طويلة من التجريب والفشل في ميدان التربية أقعدتنا من أن نأخذ مقعدنا بين الدول المتقدمة فهل درسنا التجربة اليابانية وأخذنا منها العبر. نأمل أن يكون ذلك!! وليرجع معهد التربية ببخت الرضا بصورة أحدث وإمكانات أكبر ويكون منطلقنا من هناك فما زلنا مجتمعاً ريفياً وما زالت أهداف إنشائه كما هي.


http://www.rayaam.net/2004/09/19/tahgigat/hiwar2.htm


Post: #105
Title: من ثمرات بوست هباني(الدويم شات)، مشاركة الأستاذ الرائع كبر..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-23-2007, 11:38 PM
Parent: #1

Quote:

الدويم..كلما ذكرتها .. توقف حمار كلامي في العقبة ..
أبداكي من وين .. يا مدينة.. يا ألق .. في مياسم الذاكرة..
التحية لكل الأصدقاء .. هنا .. خصوصا .. صديقنا هشام هباني ..
و المفرح .. الإحساس الجميل .. بأني اٍلتقيت .. أي واحد منكم في دروبها ( ولا أقول شوارعها..لما في الدروب من حميمية و اٍلفة)..
في الشهادة السودانية.. في امتحان اللغة العربية سؤال في الكناية عن مدينة النور .. و بلا تردد كتبت .. الدويم.. و لغاية هسع ما عارف المصححين .. أدوني غلط ليه..
حينما أرسل لي صديقي أبكر أدم مسودة رائعته ( الضفة الأخرى)..أول ما تبادر لذهني أن سألته : انت كنت في الدويم سنة كم؟ و كنت ساكن وين؟.. و للعجب أبكر ادم لم يكن من أهالي الدويم..!!
كنت يوما أدعي ( ولا زلت) بأنها المدينة الوحيدة التي أحفظها عن ظهر قلب.. و كلما قابلت أحد أبنائها و بناتها .. يبدا الحكي .. و قطع شك لو ما اتعارفنا .. تطلع بينا معرفة مشتركة ..و اخر من تحدثت معه في هذا الخصوص.. أخونا و صديقنا و أستاذنا دكتور أبوذر الغفاري بشير .. و الذي كان يتعجب من ذاكرتي التي كان تحفظ بعض من تفاصيل الدويم..
و قطع شك يا هشام .. لمن لاقيتك في القاهرة .. على عجل .. أيام مركز الثقافات ( مركز الزين صالح)..كان ممكن نتحاكا عن تلك المدينة الصفية .. و لكن..!!

و كنا نهتف يا هشام ( النيل .. النيل .. أبونا خليل).. و الحمدلله .. لم نقل أبونا نميري .. مع انو كان عامل فيها ابو العالم كلها..
نعم .. خليل الثانوية العامة بنات.. و الثانوية العليا بنات .. و خليل الإبتدائية بنين .. الدويم اتنين.. الدويم تلاتة..

ترعرنا.. في أحيائها .. الحي التامن.. و أذكر طاحونة .. جدنا علوب .. و التي كان يعمل فيها اٍبنه عمنا عطايا .. والد صديقنا عويس عطايا .. و الأصدقاء .. محمد و طارق بابكر علوب.. و أولاد علم الهدى.. عصام ( طلس) و كان أكبر مننا شوية .. و كذلك بشير .. و صديق .. و نور الدين..
و أيضا .. الأصدقاء عادل أحمد علي ( حديد) و شقيقه عاطف .. و كان والدهما نقابي شهير في بخت الرضا..
و بشرى عمر البشرى .. و صلاح عبد الرحمن ( السماك) .. و جيراننا و أصدقائي .. على ابراهيم .. و عادل ابراهيم (أبو شقة) .. و الصديق طارق على سيد ..
كنا نلعب في ميدان نادي الوطن .. في غرب الحي .. و بعده .. معهد التربية دنقلا ( و كان في المدرسة الصناعية لمدة ست أعوام.. قبل ارجاعه لدنقلا) .. ويقع غرب خليل الثانوية العامة بنات.. و من أستاذته أذكر .. أستاذنا مهدي مدثر ( و كان العميد) .. و قبله في العمادة أستاذنا .. مهدي غندور ..و استاذنا خلف الله القريش.. و من شخصيات الإدارة .. عمنا التاج حسين ( المحاسب) والد عادل و عماد التاج ( و الذي كان دفعتنا في الدويم النموذجية)..و كذلك اولاد السيد محمد السيد الشعار.. خصوصا عاصم.. الذي كان يجلب لنا الكوتشينة الأنيقة .. و التي بها صور سمروات كينيا.. و الأصدقاء..مهندس حاتم فضل النور.. و شقيقه دكتور عبدالله (والدهما كان مدير الشعبية الثانوية بنين)..
و دفعتنا من اولاد الحي التامن .. الصديق العزيز أبو القاسم أسماعيل المتعافي .. و الصديق العزيز عبد العزيز بله ( ود الدنيقله)..و الصديق علاء الدين جعفر ( و كان جوار بيت ناس ود الريس)
في الحي التامن .. كان لنا فريق كرة قدم .. و يقيم مهرجانه السنوي باٍنتظام ( لآحظ نحن تلاميذ ابتدائي) .. و اسم الفريق ( الكفاح) .. و كان كابتن الفريق تاج السر البعيو ( شقيق صلاح المحينة لاعب الأشبال) .. و كنا نلعب فرقتين على كيس حلاوة .. و بعض الهدايا الرمزية .. و كان معنا بعض من أولاد عمنا سليمان السباعي ( لكن الذاكرة خانتني في تذكر أسمائهم) .. و لازلت أذكر حينما نخرج في حملة التبرعات .. و نحمل الكرة و خطاب يوضح غرضنا.. و نحوم في السوق ..

في الحي التامن .. أذكر مبارياتنا مع اولاد حلة القرعاب .. و كالعادة .. لآزم القرعاب يطلعوا غالبين .. و اٍلا .. ح ننجلد عن بكرة أبينا .. لكن مرة مقلبانهم مقلب السنين .. و ذلك في حرب الطين أيام الخريف .. فقد تفتقت ذهنية صديق علم الهدي عن حيلة عجيبة و غريبة .. و أمرنا أن نضع حجر داخل كل قنبلة طين.. و كذلك ارشدنا على ضرورة أن نكون قريبين من بيوت حلتنا .. و أول حجر انطلق .. كان الدم طوالي .. و دخلنا بيوت حلتنا .. و لكن عاني من تلك المسألة الأصدقاء .. عادل ابراهيم ( أبو شقة) .. و احمد ابراهيم .. و عاطف احمد على .. و كانوا تلاميذ في مدرسة خليل الإبتدائية بنين .. و التي أغلب تلاميذها من حلة القرعاب ..

انتقلنا للحي التاسع .. جوار نادي الأشبال .. تحديدا على بعد مربوع من فوال عمنا الطيب عوض ريد .. و حيطة بالحيطة مع عمنا محجوب سيد أحمد ( ولا أدري ما هي علاقته بالبنطونات) .. و كان عندنا فريق الزمالك .. و اذكر كان كابتن الفريق أخونا مرتضى .. و أخوه عثمان ( الذي سمعت به في كلية التربية جامعة الخرطوم حينما دخلت الجامعة)و هما من أسرة زهران..و أستاذنا الطيب زهران.. و أخونا صلاح محمد عيسى ( أيوه.. لكن غير الفنان الشهير).. و كنا جيران لأستاذنا الوسيلة ( حارس الأشبال ) و الذي خلفه أخوه شمس الدين في الحراسة .. و بالقرب من منزل حيدر قيطامة .. و كذلك عمنا محي الدين عبد الله ( لاعب الهلال) و في نفس الحي كان يسكن حنن ( لآعب الأشبال) و الذي زاملتني شقيقته الأستاذة اشراقة على أبو طه .. و الأستاذة اٍثار كانت دفعة قدامنا في الكلية.. و منزلهم جوار الأميرية بنات..و كذلك صديقي صلاح الدومة(كلوكة) و الذي زاملت شقيقته الأستاذة أميمة الدومة المحامية.. و كان نادي الأشبال مؤسسة بحق و حقيقة .. فيه مناشط للأطفال في عمرنا .. و كنا نتجول فيه عادي .. و لا أحد ينهرنا .. أو يطردنا .. فقط مرة واحدة كدت أن أخسر متعة اللعب تلك .. و كنا نتمرن بالقرب من النادي .. و كان رئيس النادي .. عمنا عبد العظيم .. يتفرج علينا و يتابعنا باٍهتمام .. و بعد التمرين .. سألني من دون البقية .. تيمك شنو يا اٍبني ؟ .. فقلت بلا تردد .. الوطن.. فجذبني عمنا .. قائلا: يا اٍبني وطن اٍيه.. العالم كلها أشبال..
و كان متعة الحياة .. أن نتفرج في العمالقة .. بعد التمرين .. الدولي عبد الله كريشنقا.. أبكر باتا .. الوسيلة .. و عبد الله المنيورت..
قبل الزمالك .. كنت ألعب في فريق النيران .. و كان كابتنه صديقي عبد الوهاب .. و مثلما كان القرعاب آفة الحي التامن .. كان فريق تكساس آفة النيران ..

في الحي التاسع .. كان هنالك البيت الشهير .. المواجه للشارع الرئيسي غرب نادي الأشبال.. و افتتح بجواره مركز صحي الحي العاشر .. و كان على الباب حرف ( ن) .. و رغم صغر سننا .. كنا ندرك بعض الأمور .. خصوصا الطوابير التي تستصف في منتصف النهار .. أحيانا .. نجدعهم بالحجار و نركض .. و أحيانا .. نمرر الحكاية .. و أذكر مرة مرقت علينا واحدة من الخالات اٍياهم .. و كانت فاتية .. و علقتنا علقة السنين .. و الغريبة في نفس المربوع كان ميز القضاة ..

ثم اٍنتقلنا الى شندي فوق .. و من الأصدقاء .. أذكر قاسم اسماعيل ادم ( الفريني) .. و الذي اكتشفت انه دفعتي في الجامعة ( تربية رياضيات) و شقيقه مهندس المعتمد .. و الإخوة .. عبد العال حسين .. و مصطفى عثمان ( ود الفكي) و شقيقه عمر ( الكيني) .. و احمد .. و شقيقه حمزة.. و نصر الدين عثمان ريحان .. و صديقي بدر الدين سعيد.. و صديقي عثمان عبد اللطيف ( الحلبي) و الذي سأل سؤال لازال يدور بخاطرى .. و قال وقتها ( انتو يا جماعة الله خلقنا.. لكن خلق روحو كيف؟) ..و اكتشفت أيام الجامعة أن زميلتنا الأستاذة لبني موسى الفكي ( بت الجبهة الديموقراطية) كانت من بنات حينا في شندي فوق.. و هو نفس الحي الذي يسكن فيه كابتن جعفر نحلة..

و عاصرنا انشاء .. وحدة مطافي الدويم .. في أول شندي فوق .. و جوار مصانع نديم .. و كذلك السنما الجديدة ..حجر أساس مدرسة صفية ( و هي زوجة رجل البر دكتور خليل عثمان) الثانوية بنين ..

و كذلك وصول التاكسي النهري .. أما التاكسي الجوي .. فقد كان عادي في الدويم.. و كذلك طائرة خليل الشهيرة ..

كنا نذهب روتو .. مع عمنا عثمان حامد بليحة ( حردرت) .. و كان يعمل سائقا في الإصلاح الزراعي .. و أذكر مرة ساقنا أنا و ابنه مصطفى .. و جعلنا حراس على جرادل البقنية .. و ذلك لثقته بأمانتنا .. و عند الوصول أكتشف أن جردل ( نص) بحاله قد اختفى .. و قلنا .. أنكشح .. و لكن لخبرته الطويلة .. جلدنا جلدة سخنة .. و هو يقول : انكشح ..عرفناهو .. لكن عويناتكم الحمر ديل انكشحت فيهم شطة..

و عاصرنا .. حجر أساس مصنع النسيج .. و بدايات حي أبو جابرة .. و كان فريق الجهاد قد تأسس هو الآخر لتوه .. و كان درجة تالتة .. و كذلك فريق الثوار .. الذي حضرت له مبارة واحدة .. هزم فيها الأشبال .. و كان عوض رجب حارس فريق الرابطة..
و أدين لنادي الشاطي بالحي التامن .. لأنه المكان الوحيد الذي أتاح لي مشاهدة التلفزيون لأول مرة .. و يا ريبت تتذكروا معاي اسم حارسه .. و كان قصير القامة .. أشبه تماما بحارس المكسيك الشهير .. ز في الحي التامن تعلمنا الذهاب الى السنما.. و كانت بقرشين و نص.. , اول فيلم دخلته ( أبو ربيع) بطولة فريد شوقي..
حينما ظهر لاعب المريخ الدولي بابكر الحلو ( باكمبا) .. أول ما تبادر لذهني .. جيمس باكمبا .. و حتى الآن أصر بأن بينهما شبه كبير في الملامح .. و كانت الإشاعة تقول أن جيمس باكمبا .. عازف ساكسفون ماهر .. و يقال أنه كان ممرض .. و ما يؤكد ذلك .. أنه في حالة صفائه .. يرتدي قميص أبيض و رداء أبيض ( غسيل و مكوة) .. و هو زي الممرضين الشهير في ذلك الزمان .. و يقال انه من الكنغو..

و من ظواهر الدويم .. أذكر عمنا ود الفضيل .. و الذي كان يكتب في عمته .. و جيب الصدر في جلابيته .. كلمة الموت .. و يخيطها بحرير أحمر جميل .. و كان ينادي الناس لصلاة الفجر و هو يتجول بحماره الأبيض..و كنا نهوى سرقة البرتقال من بيت طرزان .. و هو من الغوامض التي تشغل ذهني حتى اللحظة .. ( من يعرف عنه أرجو أن يحدثنا باٍستفاضة .. خاصة موتره الأسود)..
في الحفلات المدرسية كنا نشارك .. و أذكر في حفل بمدرسة الدويم الريفية .. كان تلاميذ الدويم النموذجية .. يغنون نشيد ( بلادي) .. و كان طفل يخرج من اخر الصفوف .. و يتقدم المجموعة .. و يكور قبضة يده اليمنى و يهتف بحماس.. بلادي .. بلادي فداك دمي .. و هبت حياتي فدا فأسلمي .. و قد تم تصوير ذلك النشيد في السنما المتجولة ( هل يذكر أحدكم السنما المتجولة).. و كان ذلك الطفل هو كاتب هذه السطور..و أتمنى من كل من لديه علم عن ذلك الفيلم .. يقول لينا .. لأن المسألة جابت ليها فهم حقوق و كده..

و كنا في العصاري .. في وسط السوق .. نشاهد الإخوة و الأخوات الجمهوريين و الجمهوريات.. الشباب ببناطلينهم و قمصانهم الأنيقة .. و البنات بالثياب البيضاء الناصة .. و هم يحملون كتب الأستاذ .. و يدعون للفكرة .. هم علقوا بالذاكرة عنوان للنقاء و الجمال .. و حتى الآن لم أجد من يخيب ظني فيهم ..

و كنت أتسائل عن تسمية بصات رمبيك..

التحية لكل أستاذتي الأجلة .. أمين على الريس ( شقيق صلاح) و لا عب فريق الوطن .. ( بالمناسبة أنا وطنابي و
نص) ..و استاذتنا فاطمة .. و التي على يدها نلت أول علقة في حياتي المدرسية ..
و أستاذنا محمود احمد السايح .. و أستاذنا محمد نور السماني .. و أستاذنا الرشيد عمر البشرى ( الذي علمني الشجاعة الأدبية .. و لازلت أحتفظ بأحد نتائجي المدرسية و فيها تعليقه - يتميز بنشاط مسرحي و موهبة خلاقة .. نتمنى له المزيد من النجاح).. و شقيقه الأستاذ صلاح البشرى .. و الأستاذ بدوي ( لاعب النيل الشهير ) و قريب الأصدقاء الطريفي و عبد الباقي دراج ( و الذي سمعت أنه ضابط بالشرطة ) و أستاذنا مصطفى الجلال.. و كان مدير المدرسة أستاذنا المرضي..و هو من عائلة السباعي الشهيرة..

كنا في بخت الرضا .. نهر دينار .. و بالمناسبة .. أقول لأخونا حيدر حماد .. طلعت حنكوش يا حبة .. و خصوصا نهر عنجة كان نهر الحناكيش ..
أنهار المدرسة الإبتدائية .. دينار.. دقنة .. الزاكي .. المهدي .. الخليفة.. و أبوقرجة ( ان لم تخني الذاكرة).. و تحول نهر دينار بكامله ليكون نواة لمدرسة الدويم النموذجية المزدوجة..


نشوفكم..

كبر




وبدوري أشكر صديقي الرائع الأستاذ محمد النور كبر، نيابة عن كل أهل الدويم، ودمت يا حبيب.


و أعود إلى ما كنت فيه، بعد هذه السياحة في بوست الأخ هشام هباني، بعنوان، الدويم شات والركوب عجلات.


Post: #106
Title: ذكريات خاصة في رضا.. (4) مع حيدر محمد عطا المنان....
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-25-2007, 03:33 AM
Parent: #105


جلست مع الأخ بشرى في بيته (عشته الخاصة) وتناولنا إفطارنا سريعا، ثم التفت إلي قائلا:
- آها، إنت بعدين بتمشي معانا ولا مع جماعتك ديلاك؟
لم أرد عليه إلا بعد تفكير؛ لأن الأمر لم يدر بتفكيري، أو لأنني كنت أفاضل بين الفرق ولا أعرف أيها أولى بالإتباع. هنالك أكثر من شلة لها علي ولاء. هنالك شلة قرابتي من حي أبهل وأصدقاؤهم، و لهم عزة في نفسي. هاشم ، محجوب ، بدر الدين حاج العاقب، فيصل محمد عطا المنان، حيدر عطا المنان، محمد ميرغني البشرى، محمد علي محمد أحمد، سعيد أبكر جبريل، بدر الدين الخليفه (قرين)، أزهري اللورد (عريبي). عادل الطيب جاه الرسول (اسكيمو)، محمد أبكر، مصطفى عثمان وأخوه عبد العزيز (رسس).... وكان لكل منا لقب. و هنالك قرابتي لأمي، من التخديرة التي أعدها مسقط رأسي، وباقي شلتهم، عبود و إسماعيل علي حامد، محمد دقون.... وهؤلاء استبعدتهم سريعا ، لأن منازلهم بعيدة عن منزلنا.
و لكني كنت أميل إلى شلة (حي المعلمات)، وهم أولاد حارتي الذين ألعب معهم، محمد إبراهيم الجاك، عصام حسن حسين(يوسف)، الروم عبد الله، سبأ وموجو، الطيب و محمد عباس العبيد،حافظ الزبير، عبد الله الخليفة،عثمان (صوفه)، عبد القادر عبد الرحمن (رمصان)، محمد صلاح عثمان عدلان، محمد محمود (حنن) وعبد الله ، عادل محمد علي جبريل، أولاد النور السماني، عبد الله حسين الجاك وآخرون.
حاولت أن أخرج نفسي من الحرج، بعد أن فهمت أن هذا الاجتماع، كان لكسب ولائي؛ فقلت بذكاء:
- والله كدي نشوف لغاية بعدين.
قال بشرى باعتداد، بعد أن أفهمني أنني أحتاج لشلة تحميني من المتربصين، وإلا أضحيت فريسة سهلة لباقي الشلل:
- شلتنا دي تمام، فيها عتاولة من سنة رابعة، يعني ما في زول بقدر عليهم.
وراح يحدثني عن القوة الخارقة لهاشم داوود، وأنه في مرة واحدة هزم شلة مكونة من سبعة أولاد. وأن اسكيمو كان يمسك كل ولدين، مثل الأراجيز ويجعل رءوس الأولاد تصدم ببعضها البعض مثل الدليب و..... و أسرعت بإعلان ولائي.
كان بشرى خصب الخيال؛ فقد دعاه إخوتي وأبناء عمومتي بلقب جبران خليل جبران. و لكنه بدا لي عالما بكل شيء في الكون، فلا أسأله عن شيء؛ حتى يسهب في الشرح، ولا يدعني حتى يشبع فضولي للمعرفة. صاحبته كثيرا بعد ذلك، فحدثني عن الكثير، الغريب و المثير. حكى لي عن البعاعيت وكيفية الوقاية منهم، عن السحاحير وهؤلاء يمصون دم الإنسان، ولا يتركونه حتى يصير هيكلا عظميا ، عن مخلوق يسمى (كحلي المكحل بالعين الزرقا)، عن الجن، وأثار رعبي؛ لما قال لي :
- شايف المحلة القاعدين فيها دي، بالليل بيجو الجماعة ديل (الشياطين) ويسوى حفلات غنائية ساهرة، يعني أنوار ومكرفونات وفنانين. أول ما يشوفوك يعزموك و تقعد معاهم ، لمن ساعة النوم تجي وينوموك في سرير من الدهب و يفرشو ليك ملاية من حرير ويريحوك بي ريحة حلوة. لكن لمن تصحى الصباح، تلقى روحك نايم في فطيسة وريحتك دي خليها ساكت. ريحة كعبة أصلها ما بتروح.
أسرعت أسأله عن الطريقة التي أتخلص بها من الرائحة الكريهة، إذا وقعت في شرهم؛ فقال لي:
- أيوه ، تمشي تتغسل في البحر سبعة مرات. وترجع البيت تستحما بي موية القرض وتقول يا ملائكة نظفوني، ومن يومها أحضرت القرض استعدادا لمثل هذا اليوم.
صرت تلميذا مطيعا لبشرى (العالم)، لا أفارقه إلا قليلا، واعتقدت أنه من الصالحين الذين يحدثني عنهم. بل زاد إيماني به يوم ( الساقية)، أو هكذا كنا نذكره دائما.
و أواصل...


Post: #107
Title: Re: ذكريات خاصة في رضا(5)، مع حيدر محمد عطا المنان....
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-25-2007, 03:46 AM
Parent: #106


يوم الساقية

كان ذلك اليوم الخريفي (يوم الساقية)، من الأيام التي أعقبت ليلة ممطرة، فجرت المياه في كل مكان وزاد علوها، في المنخفض الذي يجاور منطقة الساقية الشهيرة. تكونت بركة هائلة ، كان طرفها من جهة الساقية ضحلا ولكن وسطها كان عميقا، يبلع الإنسان واقفا، دون ريب. كنا قد تأخرنا، في الغابة، بعد نهاية الدروس. خلا الشارع من المارة و كانت بخت الرضا هادئة، كأن لم يدخلها بشر من قبل.
فجأة خلع (عريبي) ملابسه ووضعها قرب الساقية ونزل إلى الماء، وظل يمشي ؛ حتى ابتلعت المياه قامته الطويلة، ثم بدأ يسبح. كان يسبح في الماء ببراعة، فمرة على بطنه ومرة على ظهره. يميل حينا بجسده، يغطسه في الماء كله، ثم يخرج رجله في حركة دائرية جميلة. يضرب بها سطح الماء؛ فتسمع للضربة دويا. وهي لعبة معروفة (أم النو). لم يتردد كبار السن منا، بعد أن أغرتهم أم النو بالتباري ، في النزول إلى الماء، وتبعناهم. كنا في غاية المتعة، ونحن نلهو و تعلو صرخاتنا، بين حين وآخر. ولم نلحظ رجلا كان يقف في وسط المزارع ، يراقبنا ويدون في (نوتته) شيئا؛ حتى نبهنا لذلك صبي كان يراقبنا أيضا، ولا نعرفه.
قال فيصل محمد عطا المنان:
- الليـــــــــــــــــــله! إنتو عارفين ده منو؟ ده أستاذ الفكي، وكتب أسامينا كلنا.
قال سعيد:
- بكرة من الصباح، يندهوكم في الطابور، يمسكوكم أربعة ويجلدوكم بي سوط العنج. غايتو أنا بكرة عيان.
لبسنا ثيابنا على عجل وطوينا المسافة ما بين الساقية و دار الرياضة عدوا، دون توقف. ولما لم نر أثرا لأستاذ الفكي، دخلنا بيت المحسن المرحوم حسيب جمال الدين (ود الأمير)، وشربنا ماء من الأزيار التي تركها سبيلا لكل شارب من تلاميذ رضا. ثم انصرفنا إلى بيوتنا، على أمل أن نلتقي في المساء، ليس للسمر كالعادة، ولكن لتدبير مخرج من هذا المأزق الخطير.
لجأت إلى شيخي بشرى وسألته عن ترياق لنفسي المعذبة؛ فأدخل الطمأنينة على قلبي وقال لي:
- أنا وأنت والله ما بننجلد.
ولم أكن أتوقع أن يستثنينا المعلم من العقوبة وقد رآنا بأم عينه، وكنت في شك مما قاله بشرى بعد ذلك، ولكني كنت كالغريق تغريه القشة؛ فيظنها وسيلة للنجاة ويتعلق بها.
استخرج بشرى مما يدخره بعض المال و أمرني أن أتبعه، وفعلت. ذهبنا إلى المسجد الكبير، وبجواره كان هنالك باعة (فراشة)، من بينهم أخو حاج أبكر جبريل. تلفت بشرى في المعروض من البضاعة؛ حتى رأى كتيبا صغيرا ؛ فرفعه. قبل الكتيب مرتين، ثم وضعه على جبهته وأمرني أن أفعل مثلما فعل. نقد البائع المبلغ ثم قفلنا راجعين. وفي الطريق قرأ لي عنوان الكتيب، وأنا لم أتعلم القراءة بعد، وقال لي:
ده كتاب خطير جدا، اسمه (الحصن الحصين).
ولم أطق صبرا من برود محدثي، الذي جئت أشكو إليه الهم والخوف معا، من سوط العنج.
ابتسم صاحبي ورد علي بنفس البرود:
- ما ده الموضوع ذاتو ، الأنحن جايين ليه، إنت بس اسمعني وقول معاي، ثم جلسنا بالقرب من جدار منزل المرحوم العمدة عمران، مقابل دكان عبد العال حاج الطيب. وواصل الشرح:
الكتاب ده فيه هنا، آيات يعني من المصحف. قرآن يعني.. وكان ينظر إلى وجهه ليتأكد من أنني قد فهمت، ولكني أرحته، لما بادرته معلنا عدم مقدرتي على الفهم.
قال لي بشرى:
- لا إنت فاهم، بس اصبر، إنت مش ما عايز تنجلد بكرة؟ و استطرد:
- هنا في حاجة اسمها السبع آيات المنجيات، الزول يقراهن ويمشي محل ما عاوز زول واحد بتصرف فيه ما في.
كان بشرى يتلو وأنا أتلو خلفه؛ فيصححني إذا أخطأت. تلونا الكتاب من الغلاف إلى الغلاف.
أصبح فجر اليوم التالي، وكنت أرجو أن لا يصبح. نبهتني والدتي أكثر من مرة إلى أن موعد الجرس قد أزف. وخرجت مكرها، متخاذلا أقدم رجلا و أؤخر أخرى، ولكن القدر كان يخبيء لي موعدا آخر. كان الأستاذ المرحوم عبد الله بيلو خارجا من دارهم، فقد رجع لأنه نسي شيئا هاما. رآني الأستاذ ؛ فدهش لتأخري حتى هذا الموعد. صحبته في الطريق إلى المدرسة وفي كل مرة كان يستحثني على الإسراع؛ حتى صرت أعدو خلفه؛ فقد كان سريعا، طويل الخطوة. وكلما اقتربت خطاي من المدرسة زاد وجلي. وفجأة رن الجرس الكبير وسقط قلبي بين يدي وسقطت حقيبتي من كتفي، وليس ثمة فرصة للتردد أو الهروب. وقفت بين التلاميذ في الطابور خائفا أترقب. خرج أستاذ الفكي من المكتب. أدار نظره بين الصفوف ثم قال:
- في غنم أمبارح كانوا بيعوموا، في الموية الراكدة ، جنب الساقية. يعني بيعرضوا نفسهم لي الغرق والبلهارسيا والأمراض. ديل بشر؟
أجاب كل الطلاب بصوت واحد:
- لا يا أستاذ.
قال الأستاذ:
- خليهم يطلعوا لي هنا.
ولم يخرج أحد.
قال أستاذ الفكي:
طيب أنا حا أطلعهم ..
تحرك من محله و شرع يتفرس في وجوه التلاميذ. وبين لحظة وأخرى يأمر أحدهم بالوقوف وسط الطابور. ثم اتجه إلى الصف الذي أقف فيه، ولو لبثت عينه لحظة واحدة عند صفي، لخرجت إليه من طوعي، فقد يبس لساني في موضعه و تصلبت رجلاي وزاغت عيناي وتصبب عرقي. ولكن الرجل أدار عينيه سريعا إلى صف آخر، فقد كانت عيناه تبحثان عن طوال القامة، فإنه لم يستطع أن يتبين وجوه الصبية الذين كان يسبحون في الماء؛ فقد كان بعيدا عنهم وهرب الصبية قبل أن يصل إليهم.
لم يتعرف أستاذ الفكي على شخصي ولم يتعرف على بشرى الذي كان ينتظر جرس الفسحة؛ ليقول لي:
آها بعد كده عندك شك في الآيات المنجيات؟
ولم يكن عندي أدنى شك ، و زاد إيمان بأن بشرى رجل من الصالحين، وذهبت بعد رجوعي من المدرسة مباشرة؛ لأشتري ذلك الكتاب (الحصن الحصين)، حتى قبل معرفتي بالكتابة. وكان ذلك أول كتاب أقتنيه.
شكرا لك أخي الحبيب بشرى ؛ فقد أهديتني سعة من الخيال، أفادتني كثيرا في حياتي.
و أواصل....




شكراً أخي بشرى محمد عطا المنان ومتعك الله بالعافية..


لا زلت أحتاج إليك وأشتاق دوما

Post: #108
Title: تنويه، لا بد منه...
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-28-2007, 06:24 AM
Parent: #1

اللهم ارحم موتانا، جميعا


إخوتي الكرام
لا أود أن أظلم ذاكرتي بحبس ما تجيش به النفس، أو أخنق الذكرى في مراقدها، بسبب منهج سردي محدد أو ضابط أخلاقي متعمد، اللهم إلا ما يعيب فاصلة في الحديث أو يسيء إلى قارئ. وما أتي منها (النفس)، عفو الخاطر، فليعذرني القارئ والمستمع على سواء. ولا يخلو مثلٌ من هذا؛ فمجرد الإقدام على كتابة تاريخ كهذا، يحتاج إلى كنز كثير من العُدَّة، بعد شحذ الذاكرة ثم التحصن، بزاد من الشجاعة وفير، و زمن ليس بالقصير. أردت أن يكون الحديث استرسالا، بسطت له الحبل وأزحت عنه المتاريس؛ عله يبحر على خضم المخزون، من طفولتي. ويرسو على مرافئ ، تكون فيها إضاءة، تعود بالنفع من ذكرها. وهذا السبب ليس عذرا أسوقه ولا اعتذاراً، أقدمه شفاعة لمقالاتي، على بساطتها، لتجوزها أو شططها. و لكنه الاعتراف بالعجز والتقصير. فمثل هذا الحديث وإن كان ذكريات خاصة، إلا أنه يشتمل على ذكر آخرين، شاركوني فيها تفاصيل الأحداث، و ربما لم يودوا أن يتحدثوا عنها. و عذري في ذلك أنني لا يمكن أن أرضي الجميع بما يريدون ولا يمكن أن أسترضيهم جميعا فيوافقون.
و قد آتي على ذكر أسماء الناس، في معرض الذكريات مجملا غير مفصل، ومنهم من أصابه مرض و الأليق بي أن أستشفي لهم، ومنهم من رحل عن الفانية والأجمل أن أترحم عليهم، كما يتخيل المتلقي. و لكني – للأسف – أحكي عن زمن بعيد، موغل في القدم. انقطعت علاقتي بالكثيرين فلا أعرف أحوالهم، لا أتحقق من حياة أحدهم أو وفاته. و بعض أعلم وفاته ولكني خلال السرد، دون قصد، أستشعر وجودهم، وأمني نفسي ببقائهم أحياء، إلى جنبي. فعفواً، إن لم أترحم على أحدهم، في ذات الوقت. فأسأل الرحمة للأحياء منا والأموات على السواء، كما أسأل العافية للأحياء. بل حتى القريب من الأحداث، أتحايل عليه ، بغير قصد، فتمر النفس بذكرى قريبين فارقتهم، ولكنهم ظلوا أحياء – عندي – لا أنساهم. منهم أصدقاء؛ مثل أستاذي وصديقي فضل الله أحمد جقدول، صديقي الأستاذ الفنان حسين قطان، صديقي وأستاذي محمد مختار وداعة الله، زميلي، قريبي وحبيبي مهدي الأمين الأصم، والقائمة تطول. و لكن، بعد الإيمان والرضا، فالحقيقة أنهم رحلوا. وهم يحتاجون إلى الرحمة، فلا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم ارحمهم واغفر لهم. أنتم السابقون ونحن اللاحقون بإذن الله.


اللهم أكرم نزلهم، واجعل البركة في الباقين آمين

Post: #109
Title: ذكريات خاصة في رضا (6)..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-28-2007, 06:51 AM
Parent: #108



كنت أقول دائما إن الذين درسوا ببخت الرضا في ذلك العهد، قد أتيح لهم ما لم يتح لغيرهم ممن درسوا في مدارس أخرى، وسيأتي بيانه أن شاء الله.
أول هذه الأشياء، هذا الموقع الريفي الفريد للمدرسة، بل المعهد كله، حتى أضحى مدينة كاملة، مستقلة عن الدويم.
منذ أول يوم لي في المدرسة، بدأت أتعلم الكثير وأرى الكثير مما لم أعرفه في الدويم. نمر في طريقنا أول الأمر بالمقابر، وكثيرون مثلي، لم يروا المقابر، قبل سن المدرسة، فيستمع لأشياء كثيرة تتعلق بالموت والحياة و عالم الأموات. و للأطفال، إذا مروا بالمقابر في ذلك الزمان طقوس وأساطير. و أذكر أنني قد أشرت بإصبعي نحو المقابر، مرة، فهب التلاميذ فيَّ هبةً، لا يمكن أن أنساها، مهما طال الزمان، وتشاءموا من فعلتي وطلبوا مني أن أكفر عن فعلتي تلك، بعض أصبعي ؛ ففعلت. ثم استفسرت؛ فقالوا لي إن من يشير إلى الأموات، فإنه يدعوهم إلى قتل أهله جميعا. و حمدت الله أن أكرمني بهؤلاء العارفين فنبهوني وإلا فقدت أهلي.
كنا نمر بالساقية سابقة الذكر، ولن يمر صبي بهذه الساقية العجيبة، ولا تثير فضوله وتكثر أسئلته حولها وكيفية عملها و... ولم أعاصر الساقية الكبيرة تعمل. ولكني رأيت الشادوف وعجبت له ولدولابه كيف ينكفئ على فيه في الماء، يغرفه ثم يرسله إلى الجداول، ليسقي الزرع ويعيد الحياة لليابس من النبات. و لا أستثني أفعال الحرث التي يمر بها التلميذ، منها الحرث الآلي بالتراكتور والحرث بالثيران، رمي البذور والحصاد. كما أن المدرسة نفسها كانت تدرب الطالب على الزراعة، وتمنحه حوضين؛ فيزرعهما و يكون العائد له. وليس هنالك طالب في المدرسة لا يشارك في حصاد القطن، فهو إجباري.
لا يمكن لطالب، يدرس في بخت الرضا، إلا وأن يتعلم الكثير عن دواب الأرض، الحيات والثعابين، العقارب، السحالي، و دواب أخرى منها واحدة يخافها الأطفال وينسجون حولها الأساطير يسمونها (أم بيروون). يقولون إنها إذا عضت أحدهم، فإنها لا تدع أصبعه أو ما عضته من جسده؛ حتى ينهق حمار الوحش (حمار الوادي)، ولا أدري ما العلاقة بينهما. الفأر ،القنفذ، الصبرة، الضب، الضفدعة، الورل، الكبجل.....
وبقي اسم حشرة، كثيراً ما أنفقنا الساعات بجوار مخبئها. كانت هذه الحشرة تسمى (أبو الحداد)، تسكن في التراب، وأظنها تأكل النمل. نستدل على بيتها، بشكل التراب الذي يكون مغزلي الشكل، ناعم الترب. فإذا أردنا استخراجها من بيتها، أنزلنا خيطا في الحفرة، وجعلنا نربت بالأيادي على الترب و نضرب ضربا خفيفا، ونحن نردد:
- أبو الحداد ، دقي لي مرواد
أبو الحداد ، دقي لي مرواد
أبو الحداد ، دقي لي مرواد
وكنا نظن أن هذه الأغنية، هي التي تخرج الحشرة من جحرها، فلا يطول بنا الغناء؛ حتى تتعلق الحشرة بالخيط؛ فنهلل فرحين بها، وكأننا ظفرنا بالدنيا كلها.
والحادثة على بساطتها وسذاجتها معا، ورغم أن الحشرة لا تفيدنا في شيء بعد ذلك ، إلا أن هذا الفعل يعبر عن تلك الخبرة التي يكسبها التلاميذ، من خلال وجودهم بتلك البيئة، و تنم عن معرفة، بسلوك كل دابة في الأرض، مما وفر الحماية لهم من الدواب الضارة في الأرض. إضافة إلى فرصة نادرة وفرتها ذات البيئة، لمعرفة الطيور، الأشجار والنباتات؛ فيفوقون غيرهم من التلاميذ (أعني الذين لم يدرسوا في بيئة مشابهة)، بمعرفة تعود عليهم بالنفع، في مقبل حياتهم. فقد كانت بخت الرضا كلها، حديقة، مزرعة وغابة، رغم أننا إذا ذكرنا كلمة حديقة، قصدنا حديقة المعلمين، وإذا ذكرنا عبارة غابة، انصرف الذهن إلى ذلك الجزء الذي يلي مباني سادسة القديمة و ما جاور حوض السباحة.
كنت لما أذكر لغيري من الناس الذين لم يدرسوا في بخت الرضا، أننا كنا لا نشتري شيئاً من السوق، مطلقا، خاصة ما يتعلق بالدراسة. تصرف لنا الكتب والكراسات وأدوات الهندسة كاملة (المنقلة، البرجل، المثلث، مسطرة الحديد)، أقلام الرصاص، أقلام الثري أتش، أقلام الكوبياء، الممحاة، كراسة الرسم، الألوان، فرش الرسم، ريشة الكتابة وبوصة الخشب لتحسين الخط، أوراق الفلوسكاب... و تصرف لنا ، في الصف الرابع، نوته رائعة لا يمكن لتلميذ أن ينساها، تسمى المدونة الطبيعية، يدون فيها التلميذ أحوال الطقس يوميا.
كان الحبر، يصب في دواة، توضع في حفرة، توجد على كل درج. وكانت الأدراج مصممة؛ بحيث يجلس كل خمسة تلاميذ على كنبة و يكون أمامهم درج من هذه الأدراج. و إذا أراد التلميذ زيادة من الحبر، يحملها إلى بيته، فهو يأخذ حاجته من زجاجة كبيرة، وضعت أمام كل نهر.
لكل فصل من فصول المدرسة مكتبة خاصة به، ولكل نهر مكتبته، بالإضافة إلى المكتبة الأسطورية، التي حوت مجموعة من الكتب، ندر أن توجد في غيرها. وتسمى المكتبة المركزية.
كنا في حصة الأعمال، أكثر حظا من غيرنا، إذ توفر بخت الرضا للطالب الطين الصلصال، بكميات هائلة. وإذا أردنا التشكيل بطين الثرى أو اللبن، فهنالك جدول قريب من صالات أعمال الطين، يتوفر فيه المطلوب. و إذا كان الدرس لأعمال القصب، فالمزارع قريبة من صالات الأعمال على بعد لا يزيد على العشرين مترا. يصنع التلميذ صفارة (زنبارة) من القصب ، يظل يبريها من الداخل (بمفراكة) مكونة من حامل القندول. يصنع نظارة ، طائرة، طائرا أو مروحة (دنانة). أما حصة أعمال الورق فتكون داخل الفصل، إذ يصنع التلميذ، بنهاية الدرس، إبريق شاي، مركباً، مركبا شراعية، طائرة أو طقطاقة.
أما في حصص الرياضة و المناشط التابعة لها، يجد التلاميذ صنوفا من الألعاب وأدواتها متوفرة، ومنها:
كرة القدم، كرة اليد، كرة السلة، الكرة الدوارة (فلفلفت)، فقد أقيمت لها أعمدة خاصة، علقت فيها كرة القماش بحبل قصير والمضرب إلى جوارها. هنالك غرفة للجمباز (جمنيزيم) والجمباز الأرضي، مجهزة بكل شيء يخص الجمباز، الحصان ، الياي الخشبي، الياي التربل...
و بالغرفة أيضا القرص، الجلة، قصبة الزانة، العقلة والمتوازي...
بالإضافة إلى ذلك، ففي بخت الرضا حوض سباحة، لا يتوفر مثله في أي مدرسة أخرى. هذا الحوض مقسوم إلى قسمين. قسم ضحل نوعيا للمبتدئين، وآخر شديد العمق للمحترفين. و بالحوض منصة للقفز.
كانت الرياضة، متعة حقيقة و مصدر فرحة لكل طالب. يحضر الناس من كل حدب وصوب؛ ليروا إبداعات التلاميذ، في المناسبات. وأهمها عيد بخت الرضا، ذلك اليوم المشهود، والتقليد المعهود. فيه أيضا تظهر إبداعات التلاميذ، من المدارس الابتدائية، المتوسطة والثانوية ومشاركات المعلمين، من مسرح، إنشاد، أشعار وغناء. و يحضر العيد، شخصيات هامة، قد يكون من بينها وزير التربية والتعليم. ولا يقتصر عمل المسرح على الأعياد، فقط، بل يمتد طول العام. و قد لا يصدق من لم يدرس في بخت الرضا، أننا شهدنا في طفولتنا ليالي كاملة باللغة الإنجليزية، ومسرحيات تستمر لساعتين. و لا زلت أذكر وأنني طفل صغير رجعت أردد بعض الأناشيد مع أترابي، وكأننا نعي معناها، ضمن فقرات قدمها طلاب المدارس الوسطي، منها:

Row, row your boat


Gently, gently


أو كنا نحفظ نذرا من أغنية أخرى، لم نفهم معناها إلا بعض مرور سنوات:


Stop, stop
Come into my shop
***
I have golden rings
Beautiful things


و أشياء من هذا القبيل، ولكننا لا نحفظ أكثر من المطلع الذي يؤديه التلاميذ، بلحن رائع ومؤثر، بمصاحبة الموسيقى.
و أواصل..


Post: #110
Title: Re: ذكريات خاصة في رضا (6)..
Author: إسماعيل وراق
Date: 01-28-2007, 07:47 AM
Parent: #109

Quote: و أواصل

إلى مطلع الفجر.. ايها المسكون بالإبداع..

Post: #111
Title: الأخ إسماعيل وراق، هدفي إرضاؤكم..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-28-2007, 01:39 PM
Parent: #110


الأخ الإعلامي والصحفي المهذب/ إسماعيل وراق
كبرتُ وشاخت الذاكرة، رغم ثناء بعضهم عليها. بعض المعالم باهتة وبعضها ضبابي المظهر وبعضها لا يبين منه شيء البتة. بعض الذكريات واضحة وضوح الشمس ولا أستطيع نسيانها، وها أنا أتوه في هذه الغابة علي أفوز منها بصيد، ولو كان مثل (أبو الحداد)، فهو ذو قيمة عندي. وأرجو أن يكون كذلك عند غيري.
ولك حبي أيها المسكون بحب الدويم.

و أواصل..


Post: #112
Title: Re: ذكريات خاصة في رضا (6)..صور
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-28-2007, 01:54 PM
Parent: #109


ومع العقارب ذكريات خاصة أيضا، تأتي في حينها.




Post: #113
Title: Re: ذكريات خاصة في رضا (6)..صور
Author: ابوبكر يوسف إبراهيم
Date: 01-30-2007, 02:39 PM
Parent: #112

أخي الحبيب
وشيخي العتيد أبا عمر

لا يعرف الجفاء إلى قلبي سبيلا فلا تقل أني غبت جفاءً ولكن كما يقول أهل الصفة ( إزدد غباً تزدد حباً ) .. أتابع سرد الذكريات وأنا مستلقٍ في فيء ظلالها وهي تساقط علينا رطباً جنيا .. مذاقه حلو وريحه مسك وعنبر.. أرهف السمع وأسترق النظر وهي سرقة بيضاء فاقع لونها.. ولكني أخاف العقارب والحيايا وبرغم خوفي إلا إني لن أبرح مكاني المثول حتى يأمر شيخي بمثولي في حضرته !!.. مع حبي وودي
ابوبكر يوسف

Post: #114
Title: Re: ذكريات خاصة في رضا (6)..صور
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 01-31-2007, 02:41 PM
Parent: #113

Quote:

( إزدد غباً تزدد حباً )



دكتور أبو بكر
سلام عليك أيها المُـمـَيـَّز، ولم تـُمـَيـِّز نفسك يوماً. زادك الله رفعة بتواضعك.
قد يقولون ما قالوا، إيمانا بصدق المقولة؛ ولكن غيرهم كان يرى أن في القرب منفعة:
بكل تداوينا فلم يشفِ ما بنا على أن قرب الدار خير من البعدِ
ولكن العقاد، قال:
إني وإن كنت أحمد للقرب يدا فإني أحمد للفراق أياديا
وما بين المدعي الأول والثاني، قضية أخرى، هي قضية من تعمد أن ينسى ولم يقدر، كما قال رامي على لسان سيدة الغناء العربي:
لقيت نفسي في عز جفاك بفكر فيك وأنا ناسي
عزيزي
إن قربت مني أمنحك حبا، مضمخاً بفرحة اللقاء. و إن بعدت عني أمطرتك وبل الحب، مشفوعاً باللوعة.
صديقي وأخي الغالي، أفتقدك في وجودك وغيابك، لأني لم أمتع نفسي بك بعدُ.


Quote:

مذاقه حلو وريحه مسك وعنبر



أيها الأترجة والتمرة معا.
لا غرابة إن كانت النحلة، تميز بين الزهور، وتحسن إخراج ما تمصه من رحيق، و لسنا قادرين –بني البشر- على تمييزه ولا حسن استغلاله.


Quote:

ولكني أخاف العقارب



و لا عجب في ذلك، فخلقك وخلق العقارب لا يلتقيان. العقرب يوصف بها الغادر – حاشاك- ، و لدغتها تؤلم وتقتل. أما أنت فلا أشبهك بالنحلة، رغم أن النحلة في قرصتها شفاء، احترازاً من قول بعض العلماء، أنها تقتل من هو مصاب بحساسية ضد النحل، (و التداوي بإبر النحل أضحى علما قائما بذاته). و مثلك لا يعرف اللدغ، اللسع أو القرص ولا أجد لك شبيها، فأنت هو أنت – كما نحبك-.
ولك كل ودي، فاقترب أو ابتعد في حيز جغرافيا الكون، كما شئت، ولكن محلك القلب.


Quote:

وهي سرقة بيضاء فاقع لونها..



إن كنت أعيبك بسرقة يوما؛ فقدرتك على أن تسرق قلوب محبيك، ومن عجب لا يلومونك.


Quote:

إلا إني لن أبرح مكاني المثول حتى يأمر شيخي بمثولي في حضرته



لا أدري لماذا يحاصرني الفيتوري، في أنفاسك ؛ بل في روح (الشيخ)، حين يهتز (المقام).
في حضرة من أهوى عبثت بي الأشواق
فحلقت بلا قدم .. ورقصت بلا ساق
و في هذا قد نقول ونقول ولا يثمر الكلام.
كرم من الشيخ أن يدعو (المريد) شيخا؛ فذلك يشحذ الهمم ويفجر الطاقات. أقبلها في (الحضرة) العامة؛ حتى أكتشف عجزي في (خلوتي).


Post: #116
Title: الخال العزيز/ الطيب عبد الرحيم، فاجأتني..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-04-2007, 08:37 PM
Parent: #1

Quote:

عزيزي أبي ، تحية طيبة وبعد،
يطيب لكل متتبع لتوثيقك الرائع حول بخت الرضا أن تفرد زاوية صغيرة مفتاح لحوار واسع حول حقيقة وقصة هذا الاسم الخالد الذي ظل وسيظل يأخذ بأفكار المترددين على هذه المدينة (بخت الرضا) وكل الناس، والعجيب أن تتميز بخت الرضا بنوع من التفرد قل تكراره في مدننا وهو أن قاطنيها على مر الأجيال كانوا في الغالب مهاجرين وعابري سبيل وإلى عهد قريب، فهي مدينة الأراضي فيها من مزارع ومنشئات ومباني ومسطحات وخدمات وأنشطة وكل شيء فيها للدولة ممثلة بإدارة المعهد (في السابق) / الجامعة (حالياً) وهي مدينة مهنية خدمية بنسبة مائة بالمائة، لا مجال فيها للتجارة والربح والخسارة فرأسمالها هو الإنسان وريعها هو الكتاب والخريج ونتاجها بالمحصلة النهائية هو العلم والفكر والمعرفة الإنسانية وعطائها حتى عهد قريب كان يصل لكل إنسان في السودان بشكل مباشر أو غير مباشر (المنهج، الكتاب، المعلم والطالب والموهوب في كل الدروب وأخيراً الخريج) بل يكفي سمعتها إذا ذكر اسمها خاصة خارج البلاد عند كل العباد وهنا لا يفوتنا أن نجير للاسم فضله كعنصر أساسي في إصدار ومنح التأشيرة للمعلم عندما تكون وجهته الدول العربية وبالأخص الخليجية وذلك لمجرد أن يكون إسم بخت الرضا معنوناً بين أوراقه.
وسكان بخت الرضا كانوا حتى عهد ليس ببعيد كلهم ضيوف مكرمين يتشكلون من تلاميذ الروضة والمدرسة والمعهد ومن الأساتذة والمعلمين والمشرفين والموجهين التربويين والمتدربين وحتى العميد، جميعهم ضيوف على مختلف البرامج والمشارب والأهداف التي كانت سبب في ارتباطهم وتواجدهم ببخت الرضا، والكل منهم يكمل فترة دورته ولسان حاله يقول ليتها أيام لا تكتمل حتى لا يفارق بخت الرضا وريثما يعودون ليواصلوا مسيراتهم ونشاطاتهم في دورات حياتهم بأماكن أخر في دوامة هذه الحياة، وليأتي ليحل أماكنهم في بخت الرضا من بعدهم أناس آخرون سوا في الروضة والمدرسة والمكتب والمعهد وهكذا تتواصل الحياة في رحاب بخت الرضا جيلاً بعد جيل، ومن هنا يأتي تميز المدينة التي لا تعرف الروتين المدينة التي يتجدد فيها لقاء الآخرين مع الآخرين، مدينة يتواصل فيها الأمل وتتلاقى فيها التطلعات، مدينة العلم والثقافة والتجديد، مدينة كل الناس.
ولا شبيه لبخت الرضا في هذا السودان الفسيح إلا ما ندر مثلما في حالة 24 القرشي المدينة التي يدار منها امتداد المناقل بمشروع الجزيرة، فهي أيضاً مدينة مهنية إدارية يتوارث أرضها وجدرانها وهواؤها الضيوف وعابري السبيل ولإن تشرف إسم المعهد بـ بخت الرضا فالأخيرة تشرفت باسم الشهيد محمد طه القرشي بعد تغير إسمها من 24 عبود لـ 24 القرشي عقب ثورة أكتوبر إحياءً لذكري الشهيد القرشي (أول من استشهد في ليلة 21 أكتوبر 1964م أثناء محاولات ناس جهاز الأمن فض الندوة الشهيرة التي أقيمت بالبركس في الميدان الأخضر الواقع بين داخليتي كسلا والقاش حيث استشهد القرشي قرب داخلية بحر الجبل وعلقت في مكان استشهاده لوحة خالدة كتبت كلماتها آنذاك بدمه الطاهر وتقول:

وتصارع الشهداء في عمر الزهور بكل صوب - والراية الشماء خافقة تظلل كل درب

أما الدليل على تفرد المدينتين وبقائهما متميزتين بالمهنية، أن بخت الرضا مدينة تربوية علمية بينما 24 القرشي مدينة إدارية، وإن لم تندمج الأولى مع الخليلة الجارة مدينة الدويم فإن الايرة هي الأخرى ظلت بمنأى عن مدينة ابو الحسن التي لا يفصلها عنها إلا الترعة الكنار (الرئيسية للمشروع) ومن هنا إتكسبت المدينتين خصوصيتهما.
وعودة لقصة اسم بخت الرضا، فالرأي السائد أن هذا الاسم يعود لسيدة فاضلة تدعى رضا كانت أكثر إنسان نال تقدير واحترام الناس آنذاك لما كانت تقدمه من خدمات جليلة لذلك المجتمع الصغير في ذلك الركن النائي من المدينة وتمثلت خدماتها في بيع بعض الأغراض البسيطة التي اعتادت جداتنا وقتها على فرش الأرض لها مباسط لبيع المنتجات المحلية مثل القاوون والدردقو والفول المحمص والمدمس والنبق والدوم واللالوب والقنقليس والعرديب والقضيم والدانكلي المسلوق وأتصور أن من بين ما كانت تعرض بضع قراطيس ومداد وظروف خطابات وإن جاز لنا أن نطلق لخيالنا العنان لذلك الزمان أن نتخيل توفير وتحضير والدتنا رضا لطعمية ولقيمات خفيفات تقدم لفك الريق في الصباح والفطور، وهي بذلك قد ملكت قلوب الناس ونالت رضاهم فكانت الأم والشخصية المقربة التي اجتمع عليها القوم فكافئوها أجمل ما تكون المكافأة أن أطلقوا أسمها على هذا الوليد التليد (معهد التربية) فكان السعد أيما سعد لجدتنا رضا، وفيما بدا أن الكثيرين لم يكتفوا بإطلاق إسم رضا على هذا الصرح فأصبغوا على أسمها البخت - إمعاناً وتأكيداً وجزماً في التكريم - فجاءت الكنية تسبق الرضا لتمتد إلينا بخت الرضا وكلنا بالرضا لأمنا رضا ومن رحم رضا كلنا أبناء ولأسم رضا نحن الفداء إن هب النداء.

الفصل المميز:
مدينة بخت الرضا تقع شمال مدينة الدويم ويحدها النيل الأبيض من الشرق ومبروكة الخضراء بامتدادها الجديد من الشمال وترعة مشروع الدويم من جهة الغرب وهذه جميعها حدود طبيعية بعضها تزامن مع إنشاء معهد التربية بخت الرضا (1934م) مثل مشروع الدويم الذي أعقب الفيضان الناشئ عن بناء خزان جبل الأولياء خلال نفس الفترة بغية التحكم في تصريف مياه النيل، والحدود الأخرى كانت موجودة مسبقاً مثل مبروكة التي كانت تحتل موقع المعهد الحالي فتنازل أهلها طوعاً عن الموقع لبناء المعهد فضربوا بذلك أروع المثل في التضحية بالأرض ونكران الذات وآثروا الرحيل شمالاً لأجل أن تقوم بخت الرضا منارة للعلم (وأسم مبروكة أطلقه الشيخ السماني ود الشيخ برير إذ بارك الموقع الجديد لأهله فجاءت التسمية مبروكة وسماني القوم من بين القوم وبهم وفيهم ........ والرواية للمهندس/ محمد عمرعبدالله ود منصور). أما المزارع التجريبية التابعة للمعهد والواقعة إلى الجنوب منه قبالة مدينة الدويم فتقضي فكرة إنشائها إلى الفصل بين المدينتين حتى تصبح لبخت الرضا خصوصية في تهيئة مناخ هادئ يسهم في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية التي أنشئ من أجلها المعهد. وإذا ما أريد لهذا الصرح الشامخ أن يبقى فلتحرص جميع الإدارات المتعاقبة على المدينة بالإبقاء على هذه المزارع فاصلاً بين المدينتين تحقيقاً لهذه الأغراض وليسود هذا التوجه خطط وأفاق السلطات المختصة بالمدينة من لجان إعمار وإسكان وبلديات بغض النظر عن ضيق فرص توسع المدينة أفقياً ناحية الشمال والجنوب وليكن في التوسع الرأسي للمساكن أو التمدد غرباً وشرقاً بالضفة الأخرى للنيل الأبيض ألف مخرج. أما ما يرشح في الأفق من وقت لآخر بالنية لتوزيع الأراضي الزراعية المعنية لمساكن درجة أولى من شأنه أن يخل بهذا التوجه وليحرص المسئولين على ألا يتعد حد المدينة شمالاً شارع الإسفلت المتاخم للمزارع برغم التجاوز الذي أجتاح الملاعب القريبة من كلية الاقتصاد (الدويم شمال والنيل الأبيض المتوسطتين سابقاً).

وقفة صمت:
ظل كوخ العم توم (Mr. Grifth) حتى وقت قريب منارة شامخة في بخت الرضا وأختفي هذا الصرح بوقت ليس ببعيد. الشعوب تحافظ على موروثاتها بالمحافظة عليها بالصيانة الملائمة والترميم والحماية من تأثيرات التعرية وتدخلات الطقس والمناخ، بل وبالتشريعات – إن دع الأمر – للحماية من تدخل الإنسان، فلماذا ترى غابت التشريعات؟ هل من مجيب!! وننتظر إجابة من القائمين على بخت الرضا وقتما أزيل الكوخ ولتأتي الشهادة من كل وجيع وهم كثر ويهم هنا في الأمر كثيراً الآراء الجريئة لأهلنا وذوينا في حي العاملين ببخت الرضاء والحوض ومبروكة البيضاء والخضراء ومن هنا التحية للصامدين عبر الآجال أهلنا الكسواب وآل الفكي وكل من لم يرد اسمه وله القدح المعلى في خدمة هذا الوطن الصغير الكبير بخت الرضا، اللهم أرضى عنهم وعنا أجمعين..
الطيب عبد الرحيم خلف الله



الخال الغالي
لك التحية والود
المقال وافر المادة. لا أقصد أن أثني عليه، فإني أصغر من ذلك ولكني سأبدأ بقصة رضا نفسها، كما سمعتها


Post: #117
Title: امرأة اسمها بخت الرضا..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-04-2007, 08:44 PM
Parent: #1

سمعت من والدي المرحوم ، بإذن الله، عز الدين البشرى أن مستر قريفث، قدم راكبا حصانه يستطلع المنطقة كلها ويستكشفها إلى أن وصل إلى موضع رضا الحالي. كانت المنطقة كبيرة وواسعة ، غير أنه لاحظ أن هنالك كوخا صغيرا (قطية)، شرق موقع مسجد رضا الحالي. قصد الكوخ‘ فوجد امرأة مسنة، أحسنت استقباله و أكرمته. حلبت له بنفسها ولم يكن معها أحد ولا يعرف واحد من أهل الدويم قصتها ولا يعرفون لها أهلا. حدثها السيد قريفث عن عزمه إقامة مدرسة في هذا الموضع، فرحبت بالفكرة وشجعته. توقع السيد قريفث من المرأة الأمية أن تعارضه؛ إذا فاوضها في أمر أرضها الزراعية ومسرح ماشيتها. ولكنه فوجئ بتحمس المرأة للفكرة. فأقام قريفث البناء و بدأه بمباني سادسة القديمة، ثم تتابع البناء، حتى اكتملت الداخليات؛ فبيوت المعلمين، وكان آخر بناء أقامه هو مباني السنتين والمكاتب شرقه، جوار المسرح. ولا زالت بخت الرضا تتسع ويظهر فيها كل يوم جديد؛ حتى دعم ذلك ببناء المدارس الوسطى ، الدويم شمال والنيل الأبيض، وبنيت فيما بعد مدرسة النيل الأبيض الثانوية.
ولكني لم أجد من يؤكد لي حقيقة القصة، بنفس التفاصيل، سوى الحاجة بره بشير – رحمها الله- فقد كانت تعمل في ديم بكر، مع نفر كريم من السيدات، منهن السيدة بيت الأمان، جدة أخينا محمد دراج، وأخت السيدة بره، وهي من شبشة، والحاجة أم بلينة بت عمر وأخريات. كن يصنعن الكسرة والملاح للطلاب الذين يسكنون في الداخلية.
حكت لنا السيدة بيت الأمان، أن السيد محمد توم التجاني، تولى منصب وزير التربية والتعليم؛ فزار معهد التربية بخت الرضا. دخل محمد توم داخليات ديم بكر؛ فلم يملك نفسه من البكاء. وسأل عن هؤلاء السيدات؛ فأخبروه أنهن سرحن من العمل و أصبح أمر تغذية التلاميذ موكولاً إلى متعهد، يحضر لهم الخبز؛ فلم تعد هنالك حاجة لهؤلاء النسوة. وهنالك طباخون تابعون للمعهد، يقومون بصنع الطعام. ركب السيد الوزيرسيارته وبحث عن بيت السيدة بيت الأمان، ولم يكن الأمر شاقا عليه. عرف الوزير السيدة بيت الأمان لما رآها قادمة نحو بيتها ولكنها لم تعرفه؛ فأجهش بالبكاء؛ فدعته إلى دخول البيت وقامت بواجب الضيافة، ثم استفهمت الرجل عن حقيقة أمره. أجلسها الوزير إلى جانبه، وسألها عن النساء الباقيات وكان يدعوهن (الخالات)، فأخبرته عن حال كل منهن، وكلهن يعملن بسوق النسوان، سوى واحدة توفيت. طلب السيد محمد توم من بيت الأمان أن تدعوهن جميعا للحضور غدا بمباني المعهد، في مكتب العميد. حضرت النساء، فأحسن استقبالهن وصرف لهن مكافآت مالية قيمة. وقال للسيدة بيت الأمان:
يا خالة أنا عايز أبني مدرسة في الخرطوم وأسميها بي اسمك (بيت الأمان)، عشان انتي القدمتيه للتعليم ما هين، عندك مانع؟
وافقت السيدة بيت الأمان، بحياء شديد وقالت له:
البتشوفو يا ولدي.
سافر السيد محمد توم التيجاني إلى الخرطوم وبعد شهور حضر إلى الدويم وزارها في منزلها، محملا بالهدايا واعتذر لها قائلا:
- والله يا والدة المدرسة سويتها و قلت ليهم سموها بيت الأمان، لكني اليوم وأنا ماري بيها، لقيتها كاتبنها بالغلط (بيت الأمانة)، لكن أول ما أرجع أقول ليهم غيروا الاسم وحاسبوا المسئول عن الغلط.
أصرت السيدة بيت الأمان، على أن لا يغير الاسم وقالت للوزير:
أكان داير رضاي وعفوي ، ما تغيروا تاني.
ورضخ الوزير لطلبها.
- كانت بيت الأمان تحكي تلك القصة بروية ولكنها لما بلغت قولها ذلك، استبد بها الفرح وظهرت النشوة في عينيها وهتفت:
- شفت يا ولدي الرجال زمان كيف والتعليم ذاتو كان كيف؟ التعليم كان هيبة. وبخت الرضا دي وحات اسم الله زي ما تقول كدي شيتا خلقوا براه، من زمن قريفث ولي زمن محمد توم التيجاني .
كنت أستغرب اعتراضها على تغيير الاسم؛ لكن السيدة أم بلينة عمر ذكرت شيئا، يبين نفسية النساء، في ذلك الزمن، فقالت:
- أصلها بيت الأمان خايفة من الموت، لأنو البسمو عليه دايرون اكتلوه . وضحك من كان بالمجلس وضحكت. ولم أعد حديثها إلا طرفة؛ فسألت السيدة بيت الأمان؛ فقالت:
- القصة وما فيها يا وليدي، محمد توم زِعِل من الزول السوى الغلطة دي زَعَل شديد، أنا قمت طيبت خاطرو وقلت ليه بيت الأمان وبيت الأمانة كلو واحد. وكمان الزول ده وزير وقال إنو لما يرجع يحاسب الزول السوى الغلطة دي، وأنا ما دايراهو يأذي ليه زول بي سببي... وامكن يقطع عيشو كمان، وقطع الرزق يا ولدي مصيبة. الحمد لله الوزير بقى ود حلال وبرد قلبي وقلب خالاتك.. ياما شقينا، نقوم والدنيا ظلام، ننطقع لي بخت الرضا ، حتى كان الدنيا برد ولا كان مطر، من زمن قريفث. وأخيرا طردونا طردة كلب. الله يخليك يا محمد توم ود حواء.
قلت لها ومن أين عرفت اسم أمه، فردت:
- أي زول ما عارف اسم أمو تقول ليه ود حواء. حواء أم الناس ديل كلهم، ويوم القيامة بنادوهم بي اسم أماتم (أمهاتهم) وأنا دعيت ليه بي اسم الأم عشان الملايكة تقول آمين. عرفت؟
لاحظت في حديثها أنها ذكرت مستر قريفث ولم تقل قريفث مجردة من اللقب، فقلت لها:
انتي يعني بتعرفي قريفث؟
أصابتني الدهشة، لما ذهبت السيدة إلى ركن قصي وأحضرت لي صورا فوتوغرافية، كانت تقف فيها السيدة بيت الأمان بجوار مستر قريفث وقد ترجل عن حماره، لما رآها.
وقالت لي :
- ياهو ده مستر قريفث، كان لما يشوفني ينزل من حماره ويطلع برنيطته (قبعته) من راسو، ويجي يقعد جنبي و يتونس، والصور ديل صورنا ليهم واحد خواجة نسيت اسمو.
قلت للسيدة بيت الأمان:
- اتونس، يعني إنت بتعرفي إنجليزي؟
ردت قائلة:
- والله ما ظنيتو بيغباني إلا الحديث القاسي (تعني أنها لا تجهله وتفهمه إلا الصعب منه).
ثم استطردت:
- لكن مستر قريفث كان بتكلم معانا بالعربي زي كلامي وكلامك ده. غايتو كان راجل عجيب ومتواضع. يوم فارقنا ورجع بلدو قال لينا :
- آها يا خالات ودعتكن الله ، أبقوا عشرة على الوليدات ديل الله بيسألكم منهم، بالمناسبة هو خواجة يعني نصراني عديل كدي، ما مسلم.
ألا رحم الله السيدة بيت الأمان وكل من رحل من دنيانا ممن ذكرت، ورسالتي لأبناء دراج بأن يبحثوا عن هذه الوثائق. التحية لهم والتحية لأولاد ناصر، أستاذي بدوي وأستاذي أحمد، بل لكل الأسرة التي كانت منها بيت الأمان. خلدها التعليم ببناء مدرسة تحمل اسمها فزاد على اسمها تاء فأصبحت بيت الأمانة ولكنه لم يخطئ ، فالاسم الأخير أيضا ملك لها.
خلدت نساء سميت بأسمائهن مدارس، بيت الأمان، صفية- زوجة المرحوم الدكتور خليل عثمان وبخت الرضاوكلهن من الدويم.
أما الدكتور خليل عثمان- رحمه الله- فلي معه وقفة خاصة بإذن الله.
و أواصل


Post: #118
Title: الخال الطيب، زملاء الدراسة في الإبتدائية..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-04-2007, 09:38 PM
Parent: #117


ذكريات خاصة في رضا 7
لم تمضِ إلا أيام قلائل؛ حتى أعيدت تسمية فصلنا، إلى مشكور بدلا عن دينار و تم تحويل بعض الطلاب إلى صفنا و غادرنا آخرون إلى فصول أخرى، ولا أدري بالضبط ما السر. تغيرت القائمة لمدة عامين ثم تم تغيير جديد، في القائمة. وبقي معي من التلاميذ والتلميذات.
إبراهيم عثمان عمار
إبراهيم حسن إبراهيم
أبو عبيدة الصول (وهو أخو المرحوم مهدي الصول وانتقل إلى الخرطوم)
محمد الصديق وانتقل والده إلى الخرطوم
بدر الدين الطيب العنان
سليمان مضوي
الهادي مضوي
سليمان الدريب
سليمان إسماعيل
علوان عبد العزيز
أحمد حسن الجنيد
نصر الدين محمود
محمد ميرغني البشرى
محمد حسين حسن عمران
عبد المجيد دياب
محمود السر ووالده صاحب الورشة المشهور
عوض عبد الكريم برير (عصيدة)
الرشيد أحمد علام
مصطفى أحمد علام
عبد الله إبراهيم إبراهيم حاج الطاهر (التقيل)
ميرغني آدم(من روتو)
صلاح الدين أحمد عبد القادر
بدرالدين إسماعيل مالك
بابكرعلي
طارق أحمد
مدثر جبريل
مبارك غبوش
محجوب أحمد
عثمان محمد علي
منير أحمد منير من المليح
محمد أحمد (أبو طويلة) وهجر المدرسة في الصف الرابع.
فيصل عبد الله ود الزير
النور إسماعيل
أزهري عبد الله حسين
يوسف شاهين أحمد (من روتو)
عبد الرسول محمد
عبد المجيد دياب
نجاة يوسف
وناسة مالك
عابدات موسى
سعاد موسى
سمية موسى
عواطف أحمد
أميمة دياب
فوزيةعلي
سمية يوسف حموده
وأواصل..


Post: #122
Title: Re: الخال الطيب، زملاء الدراسة في الإبتدائية..
Author: shahto
Date: 02-06-2007, 12:26 PM
Parent: #118

ما شاء الله يابي
و الله رجعتي لدمتوا طرينة بدرالدين و د العنان
انت عند الورقة و لا شنو
شحتو

Post: #123
Title: شحتو حبابك..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-08-2007, 08:16 PM
Parent: #1



صديقي العزيز عبد الباقي شحتو
وأنت شفت حاجة (يا حياة)، نسبة لأخيينا بله الحياة؟ لسه البقية جاية ...
بالمناسبة ، كيف كانت رحلة إسبارطا لأحمد إسماعيل عبد الواحد، برفقة الفرقة ، إبراهيم حسن العبيد والطيب عبد الرحيم والبقية الباقية؟



شحتو حبابك ،، مشتاقين كتير..

Post: #124
Title: Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
Author: Mamoun Ahmed
Date: 02-08-2007, 09:24 PM
Parent: #1

الاستاذ المبدع
ابي
الاحباب المتداخلون


اشكركم علآ هذا السرد الجميل
هذا تدوين مهم للتاريخ الاجتماعي لمدينتنا
اتمني ان تواصلو فيه
ونحن معكم

ياسلام... والله ابداع


وهذه مناسبة لاحي صديقي وابن دفعتي
في الدويم شمال
الباشمهندس
الامين سليمان لعوته
(السعوديه حاليا)
واقول له سعدت بحضورك هنا

ومن ابناء دفعتناأذكر :
حاتم سيد قطان
محمد عبد المجيد
الطيب الدوشي
شاكر الناجي
الصادق عبد الوهاب المجاهد
عصام عبد الماجد(ودالحاجة)
علي يحيى(كارب صليبو)
عمر مصطفى
التجاني ابراهيم
عز الدين...
حيدر عبد الحميد علي (ود صاحب الفرن الفي السوق)
محمد عظيم احمد جباره
مجذوب شمس الدين
الرشيد علي العبيد
بله عبد الله بله
بله( الرولا)
عبد الرزاق صالح سليمان
الامين سليمان لعوته
الطريفي غندور...(رحمه الله)

عبد الله حامد ابوكساوي عليه الرحمه
والشقيق الاصغر لهاشم بدر الدين(نسيت اسمو
ومزل غندور


ناسي الباقين
وكان المدير الاستاذ الجليل
فاروق الحسين (رفاعه)
وصاحب البوفيه العم النذير(مبروكه)
ومن الفراشين ناس الضو ابوكساوي


يالها من أيام

Post: #125
Title: عزيزي الفنان، مأمون.. بقيت تنسى؟..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-12-2007, 08:32 AM
Parent: #124

Quote:

عز الدين... ؟




أغرب ما لا حظته أنني لما أسأل الآخرين عن زملائهم في المدرسة، وجدت أنهم جميعا يتذكرون فترة المتوسط (الثانوي العام)، بكل تفاصيل الأسماء، ولكن إذا سألت أحدهم عن الثانوي أو الجامعة ، فقد لا يتذكرون إلا اسما أو اسمين، والذين يتذكرونهم غالبا لأنهم أقارب، أصدقاء أو أن العمل جمعهم من جديد.



الاسم المذكور لا أظنه عز الدين ولكن يمكن أن يكون الطيب عز الدين. أما عز الدين فهو واحد من أربعة في الدويم، واحد منهم منزله غرب المقابر، قريبا من بيت ناس غندور، يعمل بالجمارك . وهنالك عز الدين موسى أخو الطيب موسى ووالده نجار بالحي السابع و لم يدرس بالدويم شمال، بل بالشعبية، وآخر اسمه عز الدين كان حارس مرمى بالجهاد ودرس بالريفية وهو أصغر سنا، ويسكن مربع 3 جوار منزل اللقماوي ومقابل زريبة الحطب . وهنالك عز الدين إبراهيم(سيكا) واستبعده. عز الدين كرار أكبر منك سنا، عز الدين أحمد موسى درس بالريفية، حاول يا أستاذ تتذكر، ولو كان من خارج الدويم، تذكر منطقته وأنا أكمل الباقي، (قصرت معاك يا أخوي؟)


أما قائمة فصلي في مدرسة الدويم (1) في الفصل (أ)،من الصف الأول للصف الثالث، فقد نقل بعضهم وتوفي الآخر ونقل إلينا البعض:
الطاهر محمد أحمد
الطريفي محمد حمدان
الماحي عبد الله الماحي
آدم علي
أبي عز الدين البشرى
أحمد حسن سر الختم
عبد الرحمن أحمد شرفي
أحمد عبد المجيد حميده
أحمد محمد إبراهيم
أزهري حامد محمود (ود الكلس)
أزهري عبد الله برير
بابكر سيد قطان ( قلة)
بابكر عبودي أحمد
بدر الدين إسماعيل مالك
بله أحمد الأمين
تاج السر حاج خالد
خيار كاب الضعيف
سيف جبريل وانتقل إلى الخرطوم
شيخ الدين عامر
عثمان عمر
عمر الأمين
عمر محمد أحمد صالح
فضل الله إبراهيم
فضل فضل المولى فضل الله
مختار محمد أحمد
مزمل آدم مزمل
مصطفى عابدين سلمان
مصطفى عمر - رحمة الله
ميسرة محمد أحمد
نصر الدين صالح حميدة
الصادق أحمد


ومن الفصل (ب)أذكر بعضا:

أما من الفصل ب
فأذكر منهم
سيف الدين محجوب الجوخ
ميسره علام أحمد
الوسيله الشيخ السيد
إسماعيل قسم الله
أشرف شرف الدين
فخر الدين محمد أحمد

....
من الصف الثالث
سفيان مكي
البلولة آدم
بدر الدين المنا
سموءل خلف الله القريش
شاكر مصطفى
عماد عبد الرحيم عبد العليم ود السما
والدفعة التي جاءت بعدنا
الرشيد مبارك الحاج
أحمد النور كريم الدين
عمر الطيب عمر
حذيفة الشيخ السيد

ملحوظة: اقتصرت على هؤلاء لأنهم من الدويم
و أواصل، بإذن الله..
***
عدلت لأنني سحبت لقبا، قد يكرهه صاحبه، وقد نسيه الناس..


Post: #126
Title: جمعية الجغرافيا بالدويم (1)، إهداء اللأخ مأمون أحمد..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-12-2007, 09:50 AM
Parent: #125



الجالسون من اليمين إلى اليسار:
1 - عمر الأمين
2 - أُبَيّ عز الدين
3 - أحمد حسن سر الختم
4 - الأستاذ الرائع، مهدي إسماعيل حامد، حفظه الله.
5 - بابكر سيد قطان (قله)
6 - سفيان مكي

الواقفون من اليمين لليسار:
1 - أشرف شرف الدين
2 - فخر الدين محمد أحمد
3 - آدم حسن
4 - الطاهر أحمد
5 - شاكر مصطفى
6 - سموأل خلف الله القريش
7 - سيف الدين محجوب الجوخ
8 - ميسرة علام أحمد

بالمناسبة ، كانت الصورة في الإجازة الصيفية باستديو بيكاسو، وكنا في طريقنا لمحلج القطن إذا قابلنا السيد المدير، وأجرينا معه حوارا مطولا، اقترح أسئلته الأستاذ مهدي و حفظنا الأسئلة عن ظهر قلب؛ فأعجب المدير بالأسئلة وقدم هدية قيمة للمدرسة. خرجنا بنفس السيارة لنزور مكتب الإصلاح الزراعي و....
و أواصل
ملحوظة : ربما عدت لتعديل الصورة..


Post: #127
Title: بيت التراث- بخت الرضا (إعادة)، الأستاذ عثمان أحمد الأمين
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-14-2007, 10:49 AM
Parent: #1



Post: #128
Title: بيت التراث- بخت الرضا (إعادة)، الأستاذ عثمان أحمد الأمين (2)
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-14-2007, 11:20 AM
Parent: #1



Post: #129
Title: Re: بيت التراث- بخت الرضا (إعادة)، الأستاذ عثمان أحمد الأمين (2)
Author: Adil Osman
Date: 02-14-2007, 12:49 PM
Parent: #128

الاخ أبى
تحيات زاكيات
شكرآ على الاغنية البديعة والتاريخية. اهديها انا بدورى للاخت غادة نورى واتمنى لها عاجل وكامل الشفاء.
اتابع باعجاب هذه السيرة الدويمية العطرة. واصل يا رجل. خضر الله قلمك وذراعك..

Post: #130
Title: عادل عثمان الإنسان، غادة نوري الملاك..
Author: ابي عزالدين البشري
Date: 02-15-2007, 03:15 PM
Parent: #1

غادة نوري درس لن ننساه


اللـــــــــــــــه!
تجملتُ فلم أقل آهـِ ، وإن كانت الآهة لا تليق بالرجل الشرقي، إلا أنها في هذا المقام ، تشِذُّ. لأنها لفرح يعقب الحزن. فعذراً.
أخي الإنسان/ عادل
غادة نوري
واحدة من الآلاف الذين يموتون، في اليوم ألف مرة . مرة بما يجدون من المرض، مرة بالإهمال ومرات ب...
غادة نوري نموذج لامرأة علمت الرجال معنى الرجولة، عند احتضار النخوة وموت الهمم. لكنها عادت في أبهى صورة لتثبت أن هناك قلوبا لا زالت بخير. أهدت للجبناء معنى الشجاعة وردت للبائسين بهرة الأمل.
قلب غادة الذي ظنناه واهيا بالمرض، كان أقوى القلوب، و أرقها في الوقت ذاته.
غادة ذكرتني بضعفي، الضعف البشري وحقارة معدني الطيني، لعلي أحاول أن أحرق ذلك الصلصال بجمر الإنسانية و ألونه بحب الناس كلهم.غادة هزت شجاعتي وهزمت حروفي.
كانت تصلني بعض الصور ، تصور ضعفها ، وهي على الملاءة البيضاء ، ولكني بمداومة النظر ، رأيتها عملاقا و معلما ،يستلقي على الفراش، ليلقي على الناس درسا رائعا ، لن يسمعوه في (المدرجات) والفصول.
اعذرني أخي عادل فلو استرسلت في هذا لقلت شيئا، في حق غادة، لا يصنف إلا غَزَلاَ صراحاً. وهو نفس السبب الذي منعني ، قبلُ ، أن أعلق عنها ، ولو بكلمة، حابسا أنفاسي وأنا أتابع رحلة انتصارها على المرض.
ولكني أهدي لغادة، ولكل الرائعين (يا اخي بعد الشر عليك) من آخر تسجيل لمحمد الأمين، بعد انتصاره على المرض.
جئت لتذكرني ، بما لا ينسى مطلقا.
ولك رائع الود ولغادة ألقه.
و أرجو لكم العافية جميعا.
و إلى الفيديو والصوت...