الزول القيافة وفايت الناس مسافة

الزول القيافة وفايت الناس مسافة


06-17-2010, 04:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=290&msg=1276787786&rn=0


Post: #1
Title: الزول القيافة وفايت الناس مسافة
Author: wadalzain
Date: 06-17-2010, 04:16 PM

فى جريدة الاحداث اليوم

Quote:


-





الزول القيافة وفايت الناس مسافة

عبد الله الحاج القطيني
رحم الله العم عوض القطيني فقد كان عند كل زيارة لنا في عطبرة وما يرى أن يرى صورة الأستاذ عبد الخالق تزين جدران منزلنا يعيد على مسامعنا قصة الشيخ فرح ود تكتوك واحتفاءه بذلك البعير الذي صادفه ميتاً في الصحراء وحين سأله حيرانه عما يعجبه في ذلك البعير الميت رد قائلاً: (العاجبني فيهو لامن مات فوق دربو) وكنا نحن بالطبع نزداد طولاً وعرضاً لهذا الثناء البليغ (ولا يستغرب القارئ فكل أفراد أسرتنا يحبون عبد الخالق رغم أنهم اتحاديون.
وهذه ظاهرة عادية في عطبرة فهناك اتحاديون يحبون قاسم أمين وأنصار سنة يحبون الشفيع أحمد الشيخ وأقباط يرفعون الفاتحة في العزاء ويتلون آية الكرسي إذا مروا بمنطقة مظلمة أو خرابة .
ورد الله غربة صديقنا العزيز د. محمد حسن القدال فقد كان كثيراً ما يبتدر حديثه قائلاً :يبدأ الكلام وينتهي بعبد الخالق
وأطال الله في عمر العم أبو القاسم محجوب السنجك ومتعه بالصحة والعافية فهو الى يوم الناس هذا ما أن يشاهد صورة لعبد الخالق في الصحف إلا ويردد: لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله.. وعبد الخالق بلا جدل جدير بكل هذا الحب والتقدير فهو سيظل يتوسد قلوب البسطاء والكادحين حسب التعبير الشهير لبرخت.
ولما كنا على أعتاب الذكرى التاسعة والثلاثين لاستشهاده وتعقيباً على عمود البروفسير عبد الله علي إبراهيم بصحيفة الأحداث بتاريخ 2/6/2010م أقول إن حب عبد الخالق للغة العربية وآدابها كان بمثابة المعلوم بالضرورة عنه وعن ذلك يطول الحديث فنجده عبر كتابه لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي يتحدث عن الأوضاع التي ترتبت على هزيمة ثورة 1924م فيقول: (كان النشاط الأدبي في ذلك الوقت يتجه نحو التمسك بالتراث العربي وهو بذلك كان يمثل عملاً لمقاومة الاتجاة الاستعماري لهدم اللغة العربية وآدابها في السودان).
ثم يواصل في فقرة أخرى من نفس الصفحة: (... لقد أدرك المستعمر أن مثقفي الطبقة الأوسطى هم الذين لعبوا دور القيادة في 1924م ولهذا فقد وضعهم في الاعتبار في كل خططة التي سلكها فيما بعد وقد كان من أهم خططه أن يخلق بينهم شخصيات تميل الى الثقافة الغربية وتحتقر الثقافة القومية لشعب السودان). وعبر دفاعه أمام المحكمة العسكرية الذي تفضل البروفسير بالإشارة اليه نجد آيات من التعبير المبين اعتماداً على الأدب العربي فعن وصول الفكر الماركسي نجده يقول: (وهكذا طرقت مع أخواني باب الاشتراكية بعد تعب وجهد وليالٍ من الشك وصراع بين مدرستين فكريتين فوجدت فيها راحة (طاب مراحها والمشرب) .
وتجدر الإشارة الى استشهاده في ذلك الدفاع بأبيات المتنبي :
لا افتخار إلا لمن لا يضام
مدرك أم محارب لا ينام
واحتمال الأذى ورؤية جانيه
غذاء تضوي به الأجسام
ذل من يغبط الذليل لعيش
رب عيش أخف من الحرام
ثم تعليقه بعد ذلك قائلاً: هذا هو الخلق السوداني المنحدر إلينا من تراث العرب وقد ضمته أرض افريقيا وغذته .
أذكر أننا في عطبرة بعد صدور قوانين سبتمبر 1983م كنا قد جمعنا بعض المقالات لعبد الخالق حول الدستور الإسلامي من صحيفة أخبار الأسبوع ونسخناها في كراسة تداولها الكثيرون وشخصياً كنت أتوقف عند جمال اللغة والاقتباس القرآني عن (القيادات السياسية التي خضت موازينها) وعن أن الرجعين في السودان (حينها يتعهدون أمام الملوك والسلاطين بأنهم سوف يعودون بالسودان وقد طبق عليه الدستور الإسلامي فإن كل عاقل يستقر في وعيه مرامي قولهم بأنهم تعاهدوا أمام أباطرة المال على أن يسلموهم السودان وقد خلا من كل فكر وأنهم سوف يطفئون بأفواههم كل شمعة أوقدها شعبنا لتنير له الطريق).
وبجانب ذلك هناك تعابير لعبد الخالق وتعود ملكيتها إليه مثل عبارة (النادي السياسي الحاكم) ثم وصفه لبلاد السوفييت بأنها بلاد بعيدة قريبة الى الأفئدة؛ ثم التعبير الأشهر بأن الحجر الذي ألقى به لينين في مستنقع الرأسمالية ما زالت حلقاته تنداح وتنداح حتى وصلتنا في إفريقيا .
وعبد الخالق هو الذي سكَّ شعار الإضراب السياسي في عام 1961م وقد سبق بذلك روجيه غاروري وسانتياغو كاريلو الذين راحوا يكتبون في عام 1968م بعد إضربات الطلاب في فرنسا وربيع براغ في تشيكوسلوفاكيا عن أن (إضراباً وطنياً يشل البلاد بصورة كاملة ويمكن من تحويل سياسي أساسي) وأنه بلد عالي التطور إحدى الوسائل الأشد فعالية في تحويل المجتمع تحويلاً جذرياً)، راجع روجيه غاروري : في سبيل نموذج وطني للاشتراكية .
وقد سررت أشد السرور حين اندفع حسين خوجلي عبر التلفزيون لدى الحديث عن تجارة الرق في السودان عن أننا لا نخجل من تاريخنا وأن تجارة الرقيق عار على كل من مارسها لأنها كلمات عبد الخالق بالنص في مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965م .
والكثيرون من أجيال تلو أجيال يحفظون كلماته عن ظهر قلب وبصوته مثل الأستاذ مبشر في الدامر أطال الله عمره والذي يجيد الصديق عمر السيد استدراجه لممارسة هوايته في تقليد عبد الخالق وتسميع فقرات كاملة من حديث عبد الخالق في المؤتمر التداولي عام 1970م فيقول له «سمير جرجس» وأضرابه ورفاق أكارم من أمثال عباس عبد المجيد ... الخ) وبعد ذلك يتسلم مبشر الحديث وهو يمسك بباقة قميصة مبعداً لها عن عنقه تماماً مثلما كان يفعل عبد الخالق .
وقد حكى لنا المغفور له الزميل عمر بابكر أنه بعد أكتوبر 1964م ولم يتغيب ولمدة عام كامل عن ندوة الأربعاء التي كان يتحدث فيها الأستاذ عبد الخالق اسبوعياً في هذه أو تلك عن دور الحزب في العاصمة المثلثة وحين أصيب عمر بمرض القلب نصحه د. سيد أحمد الخطيب بألا يجهد نفسه بمرض وألا يكثر من الحركة وحتى الصحف يجيبوها ليك في محلك، فعلّق رحمه الله (لكن مرات بكون في ندوات) فقلنا له بصوت واحد د. سيد أحمد وشخصي ياخي إنت حضرت أكثر من ثمانية وأربعين ندوة متتالية لعبد الخالق فماذا سيقول لك المتحدثون اليوم مهما اجتهدوا .