Post: #1 Title: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-27-2010, 10:51 AM
*
إن نعيمنا كان غـراما
(1) كتب الشاعر نِزار قباني :
لو تطلب البحر في عينيك أسكبه أو تطلب الشمس في كفيك أرميها أنـا أحبك فوق الغيم أكتبهــا وللعصافيـر والأشجـار أحكيهـا أنـا أحبك فوق الماء أنقشهــا وللعناقيـد والأقـداح أسقيها أنـا أحبك يـا سيفـا أسال دمي يـا قصة لست أدري مـا أسميها (2) تجربة أكبر من الليل وهدوئه وأقمر من الليل في وضوحه .أضواؤنا أوضح من الظلمة ، حتى رأينا الدنيا الساكنة من حولنا كأنها تجلس مدرجات المشاهدين ونحن في منتصف العرض ، وألق المسرح . تسلل النعيم ظلاً خفيفاً علينا ، رقيق الحاشية . بينه وبين الأضواء على أطراف الطريق تبادل أمكنة . من بين الدروب التي سلكنا، ذهبنا دون هدى إلى حديقة كُنا قد زرناها منذ زمان بعيد . كانت حينها عامرة بحيوية المرتادين . عند بوابتها خفرٌ و كنا ندفع مبلغاً رمزياً لنظل حتى الحادية عشر مساء. تجولنا حولها ودخلنا . وجدنا أشجارها حية بلا روح و ضجرة . تحس أنها يتيمة بلا رعاية حتى تكاد تشتكي إليك من الهجر. المقاعد توكأت من أثر الهجر واستندت أخشابها على بعضها البعض . البوابة مشرعة ، ولا أحد . (3) ليس هنالك من مكان يناسب إلا سيارتنا تقف قرب الحديقة القفر. الطقس صيفاَ. الرطوبة والحر وأتربة عالقة أعلى السماء ولا تهبط إلينا .أوقدنا جهاز تبريد السيارة ونحن في قلبها. جلسنا متجاوِرَين . انزلقت عنا أثواب الحضارة الكثيفة وغشاوتها المُتَكَلَفَة، وأصبح الكون أخضراً أمامنا وصفاء تسمع معه حفيف الأغصان في الشجر .موسيقى الأحاديث تسابق الزمان . كان الحلمُ هو الذي أجلسنا في مقعده العالي . وهجه أعلى من الكائنات الملموسة بالحس من حولنا . (4) وثبنا إلى الثمار التي حبتنا الطبيعة في أنفسنا . صحت الأرواح من نوم أهل الكهف وانتعشت . نهلنا منها بارتباك ونحن متعجلين أول أمرنا ، حتى تعودنا كيف يكون الشراب البطيء من الدنّ والسُكر درجات .الأشجار عارية ترقبنا هادئة الطباع كما عودتنا دائماً إلا من مغازلة الريح . هجدت أصوات العصافير من حولنا فالليل قد بدأ . (5) سيدتان من البعيد تسيران على مهل و يتحدثان بصوتٍ عال وتضحكان . ساهمت رطوبة الطقس أن نسمع أصواتهما من البعيد . لوهلة كنا نظنهما يتبعاننا ويقلقان خلوة انتظرناها طويلاً كي تتحقق .انتظرتا قليلاً ومرت ناقلة السير العام ، طوافة هادئة ، وركبتا ، وخلا المكان إلا من سيارات خاصة صغيرة تُنبهنا أضواءها من البعيد من حين لآخر وتمرّ بجوارنا ، تُكسر اللقاء الحميم بفجوة عذاب أن تكون قريباً وبعيداً عمن تُحب . غراماً كان عذابنا . كون متناغم أن نصبح خلية ضمن نسيجه، وهجود الضمائر للراحة من تضاريس الحياة التي نحياها و لا تريح . سكن الليل وأفصحت الأحلام عن نفسها، واختبأ البدر برهتين وظهر من بين الأشجار العالية ، ينظرنا بعيون تضامنت معنا ، فقد افترقنا منذ زمان طويل إلى أن دقت ساعة الكون أن نلتقي . كان اللقاء بلا مراسم ، تركنا قاربنا للبحر وأحواله النفسية . فاض هرمون "الأوكسيتوسين" أو "هرمون المُحبين " وتجمّلنا . صعدنا طيفان من روح وريحان . (6) جاء اليوم الذي نظرتُ في مجهول البؤبؤ من عينها اليُسرى في ظل المكان ، وانعكاس الضوء على الشوق ، فانبلج الحلم ساحراً يتراقص من حولنا . وتكثف الأمل المخبوء بين جنبينا . تحدثت صادقة أنها تستريح الساعة وقد غسلت كل أحزان الأيام الماضية وثقل أعباء الحياة . استعادت الروح لباسها المخملي و إصباحها الداخلي . نسيت عمرها الماضي ، ووهج النيران وألسنتها من حولها ، وعادت طفلة تطفر من عينيها براءة و أعادتها العاطفة الهادئة لبيت السكينة الأول . تخرج الكلمات صادقة كماء رقراق لا يشوبه كدر .تضحك من القلب وينتفض جسدها كله من الفرح . كأن أجنحة ملائكية ترفرف من حولنا . نخرج من حلم وندخل آخر .تحدثنا في كل شيء ، ونسينا كيف بدأنا . كأنا موجة شاطئ ترتد بالماء على الرمل ، وتعاود مرة أخرى . (7) وقفنا في منتصف الكرة الأرضية . عند الوجه الذي بدأ يظلم ، ونحن نضيئه بعواطفنا . نعلم أن الكون يمٌّ فيه الأسماك الملونة السابحة ، وفيه الحيتان الضارية . كنا عند المسبح الضحل من هذا الكائن . المياه من حولنا معتدلة الحرارة . لا تترُك أثراً على البشرة إن لم تُنعشها . تبادلنا شراب الحمام ، وشربنا الريق مخلوطاً بشراب مُنعش اشتريناه من كافيتيريا على الطريق . كان طعم الريق أحلى . يظل نقشاً في ذاكرة عاشقين ، لا كتابة على الرمل تمحوه الرياح ، أو رسماً على هضبة موجٍ تتغير .
قالت : إني أحببتك من كل قلبي ، ووهبتُكَ نفسي ؟ قلت : النفس ... ، لا تهبينها . قالت: أ أنا في دُنيتي أم أني في مركب ملوكي يسبح مع الأفلاك ؟.
عبد الله الشقليني 27/5/ 2010 م
*
Post: #2 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-27-2010, 10:55 AM Parent: #1
Post: #3 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: emad altaib Date: 05-27-2010, 11:11 AM Parent: #2
ـــ لك التحية غراماً وغراماأستاذنا عبدالله الشقليني
فقد أنعمت عليّنا بلغة جادت علي الطبيعة بالحياة.
Post: #4 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-27-2010, 03:00 PM Parent: #3
كتب الأكرم : عماد الطيب :
Quote: لك التحية غراماً وغراماأستاذنا عبدالله الشقليني فقد أنعمت عليّنا بلغة جادت على الطبيعة بالحياة.
أخي الأكرم : عماد الطيب تحية طيبة لك
هذا ميعادنا الذي ضربته لنا الدنيا أن نكون أنفسنا ... في دواخلنا ينبوع خير ومحبة
شكراً لك أن كنت بيننا اليوم
*
Post: #5 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-27-2010, 03:19 PM Parent: #4
.
(9)
نلملم سجادة الذكريات . وسنعود أيامنا ويبتسم لنا الكون، ففي أنفسنا بركة محبة عامرة ، أكبر من كل السياط التي تجلد ظهورنا بالكآبة . لنا حلمٌ اليوم بأن الإنسانية عندنا أعظم من الريح الغامضة التي تخفي تلك العواطف سيأتي يوم ليكن الحب مزرعة تحج إليها الإنسانية كما تحج لكل أمل نفتح أذرعتنا لاستقباله ..
*
Post: #6 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-28-2010, 05:55 AM Parent: #5
(10)
أمسكت يدها اليُمنى، وفتحت بطنها ونظرت التلال : المشتري وزحل و نبتون و لونا و الزهرة و المريخ . ونظرت خطوط الحياة : العمر و الحب والمال والصحة ، ووجدت الغرائب تتبدى . أ أكتُم السر أم أُفصِح ؟.
*
Post: #7 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: abubakr Date: 05-28-2010, 07:06 AM Parent: #6
يا صديقي الفنان بيكاسو سلام ومحبة
Quote: سيأتي يوم ليكون الحب مزرعة تحج إليها الإنسانية
!
Post: #8 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-28-2010, 01:49 PM Parent: #7
Quote:
يا صديقي الفنان بيكاسو سلام ومحبة
Quote: سيأتي يوم ليكون الحب مزرعة تحج إليها الإنسانية
كما أنت دوماً : الحبيب الباشمهندس / أبوبكر
شكراً لك أن كنت معنا في برهة نجوى
*
Post: #9 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-29-2010, 07:23 AM Parent: #8
(11)
والحبيبة سعيدة ....
*
Post: #10 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-29-2010, 02:56 PM Parent: #9
(12)
نظرت مرة أخرى ، ولم يخرج العاشق من عيني . واختلطت عليّ الأمكنة ، رأيت السفوح أعلى من التلال ، والخطوط المتصلة تزلزلت ، والمفككة احتمت ببعض الضباب . كان الليل قيثارة ، الأضواء خافتة من البعيد . قلت لنفسي أ أقرأ لها من نبوءة المحبة ولوحها المحفوظ أم أنتظر ؟
*
Post: #11 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-29-2010, 03:18 PM Parent: #10
Post: #12 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 05-30-2010, 04:00 PM Parent: #11
قال بشار بن برد : يا قوم أُذني لبعض الحي عاشقةٌ .. والأذنُ تعشقُ قبل العين أحياناً قالوا بمن لا ترى تَهْذي ؟ فقلت لهم : .. الأذنُ كالعين توفي القلبَ ما كانا
*
Post: #13 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 06-06-2010, 05:17 PM Parent: #12
.
.
Post: #14 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 06-06-2010, 06:52 PM Parent: #13
.
.
Post: #15 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: سلمى الشيخ سلامة Date: 06-06-2010, 09:01 PM Parent: #14
Quote: وقفنا في منتصف الكرة الأرضية . عند الوجه الذي بدأ يظلم ، ونحن نضيئه بعواطفنا . نعلم أن الكون يمٌّ فيه الأسماك الملونة السابحة ، وفيه الحيتان الضارية . كنا عند المسبح الضحل من هذا الكائن . المياه من حولنا معتدلة الحرارة . لا تترُك أثراً على البشرة إن لم تُنعشها . تبادلنا شراب الحمام ، وشربنا الريق مخلوطاً بشراب مُنعش اشتريناه من كافيتيريا على الطريق . كان طعم الريق أحلى . يظل نقشاً في ذاكرة عاشقين ، لا كتابة على الرمل تمحوه الرياح ، أو رسماً على هضبة موجٍ تتغير .
لاشئ يقال بعد هذا القول
Post: #16 Title: Re: إن نعيمنا كان غـراما Author: عبدالله الشقليني Date: 06-07-2010, 08:31 AM Parent: #15
يوم يصبح المرء فيه قلم الكاتبة الأستاذة / سلمى بنت الشيخ ، هو يوم سعيد دون شك . أهلاً بها في دوحة فيها الإنسانية مميزة ، وفيها القول يطابق الفعل ، وفيها أنا أكبر من كل جرار البؤس ، ومائها الحنظل . وأن الأرض رحُبت ....لأنا نُحب.