حديس التلاتاء (75)

جميلة هي السفرات المباغتة..اختراقا لجدول الإجازات الضكر داك..كإعلان مفاجئ بفوزك بمليون دولار من منازلهم..ورحلنا يسبقنا..أمل الوصول..فتنسى ألم الانتظار الطويل..في مطارات الشحتفة..شلوبة يعرف أني سوف آتي بالطائرة التي تدمن التأخير حد أنها لا تعتذر..وهل نعتذر عن عادة لبس الجلابية مثلا!!..تلك الطائرة التي يسميها الناس بأسماء "الطويرات" غيظا عبقريا..وتنصب لقاء الأهل والوطن..خيمة في أوهامك..والتي هي أكبر من خيمة الزعيم الليبي..و"بيضة النعامة"..المشيدة في مكان حديقة الحيوانات سالفا..
ودلفنا صُبحا الخرطوم..والصفوف المبهدلة..كالعفش..والذي يحتوي بعضه..مبيضات الغسيل..وأكياس الشعيرية..وصحون الدش..ولغاويسا عجيبة..تصفعنا على الوش فتخرج بمزاج عِكر..وعند خشم المطار تصادفك اللافتات الفولاذية.." وتمت الناقصة"..والتي تغتصب نظرك..فتحبل بالمرارات..وتحرضك على تعلم حساب الكميات..كم تمن هذه المحنة..وكم تكلف المستقبل سنوات وانين وفواجع..وكأن الشعب السوداني جميعه إما مسافراً..أو قادما من سفر..أو معلقا بين "أبي ريا والتريا" في الارتفاع السحيق..يكابس في المواصلات المجمعة لتسهيل الرقابة..وإلا لماذا هناك دائما عربات الشرطة "مبركنة" في "الحوالي"..أم أن تلك اللافتات لا تعنينا بل تعني آخرين..كوزارة الشئون الإنسانية بمظهر مبانيها الأنيق..!!

وفرحنا بالأحضان تعبيرا..ونسائم ليل تقودنا عبر الشوارع المجهولة إلى البيت..وأصبحنا بصبحٍ نال قسطا من سماحةٍ "شحدها" من بت عم إبراهيم..فقرضته حَسنا..وبياضا..ما الفكة عندها رااااقدة والملالين.. والله كان بقيتي "البنك الزراعي" كان غنينا..والله سمحة..لونة قمحة...وشلوبة تعتصره "شماراتٍ خدراء" وأخرى بيضاء..ينوي أن يقولها..وأنا أُعطل مشاغلي لألقي السمع ..
والبحر قد بلغ مزاجه الصيفي مسافة أن تتحداه الرمال..فتنفخ في بطنه جزيرة..ولا "يتشقلب" صائحا..وطيور الموية كأنها مساحين البلدية تخطط السماوات في نشوة "شغلة بلا شغلة"..وبأقل اسماك تمسح ليك "القطعة"..وكنسمة من العادات الفرعونية القديمة..أخذت بت عم إبراهيم شلوبة للبحر ليتطهر من رجس الغربة والبعاد..فأنزلت ساقيها الجميلتين لتمر البرودة فيهما كتيار كهربائي منخفض..وشلوبة يناظر إلى أن يعلق مع نجوم العصر..فيرى أحدهم على الشاطئ يغسل ملابسه القديمة..ويستمتع بالبرودة الموزونة من لدن الطبيعة.. و"يشر" في الرمال.."حبال الغسيل"..
آها..والغسيل زاتو أنواع الجاف والعادي..وغسيل الدماغ بالصابون..والصابون في عيون الصغار يوجع ..وغسيل شنو شنو داك..وعندما امتلأ الخور من ماء الغسيل فاض..وانكسرت إحدى المواسير في الفاشر البعيد..وعيال "ابجويلي"..رأينا عبقرية الناس تتفوق مطلقا على عبقرية "السلطة" ذات النفس القصير اللاهث..فالسلطات تسمي السوق "سوق الرحمة"..وتغالطها عبقرية ورؤية الناس المحقة لتسميه "سوق المواسير"..وذلك لان عبقرية الناس تنفي عنه صفة الرحمة..ولأن المواسير غالبا مدفونة تحت الأرض..وهي "تشيل" من حتة لتصب في حتة.. غالبا خزانات..لم تكمل حتى تعليمها الابتدائي..وتفوز في "الانتحابات" المفروكة بالدمعة..
أخونا وليم شكسبير زول مسلط خالص.. مرة قال " ما من إثم إلا وسيبدو، مهما احتجب، ولو غمرته الدنيا اجمعها عن أعين الناس" ..وأردف موضحا أيضا "وكثيرا ما ثبت أننا بمظهر الورع والفعل التقي، نُلبس حتى الشيطان نفسه رداءً من الحلاوة"..شكرا "شيخ الزبير"..فهمناك..رغم بُعد المسافات والسفر..والحكايات الغتيتة..!!