في عيد الأم..الى حياة أفضل ماما نور

في عيد الأم..الى حياة أفضل ماما نور


05-09-2010, 00:10 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=290&msg=1273360232&rn=0


Post: #1
Title: في عيد الأم..الى حياة أفضل ماما نور
Author: زياد جعفر عبدالله
Date: 05-09-2010, 00:10 AM

بقلم خالد محي الدين راسخ.
.
الى حياة افضل ماما نور

بمناسبة عيد الام المبارك احب ان أهنيء و أبارك لجميع الأمهات عيدهن سائلا المولى عز وجل أن يجعل أيامهن كلها اعيادا و يمتعهن بالصحة و العافية وطول العمر.
و لا يفوتني في هذه المناسبة العظيمة أن استعيد بعض الذكريات المتعلقة بأمنا الحنون ماما نور التي أنتقلت الى جوار ربها في ليلة الثلاثاء الموافق السادس من أبريل 2010 (و الذي يوافق ذكرى أنتفاضة الشعب السوداني البطل), لتلحق بأبنها الشهيد ابوبكر راسخ في يوم الشهداء و يوم الابطال.
تلقينا خبر وفاتها في تلك الليلة بمكالمة هاتفية من شقيقتي (حيث كانت تقيم الوالدة معها بمدينة برسبين بأستراليا)..وانفجر الجميع بعد سماع الخبر بالبكاء, و البعض كان مابين مصدقا و مكذبا للخبر نتيجة المفاجأة. التفتت زوجتي التي كانت تبكي بكاء شديدا الى ابني الذي كان يحب ماما نور حبا شديدا و كان دائما يردد احاديثها و حكمها و طرائفها (لاسيما التي كانت تقصها عليه بعد زيارتها لماليزيا (أو مانيزيا كما كانت تسميها)- سألته في دهشة شديدة: (لماذا لا تبكي على جدتك ماما نور) ظنا منها انه اصيب بصدمة من رحيلها المفاجيء, رد عليها بسرعة و بدون تردد: (لأنها ذاهبة الى حياة افضل).
نعم يا أبني, فأمرأة مثل ماما نور.. المرأة المؤمنة, العابدة, الذاكرة, الصالحة, الصابرة, الحكيمة, الحليمة, الودودة, الشفوقة, الكريمة, الرحيمة, الوقورة..لا يجوز لنا النواح عليها, فهي لا خوف عليها ولا هم يحزنون بأذن الله. فقد كانت ام الكل...كانت أم القريب و البعيد. الكل كان يدعوها (ماما نور), شيبا و شبابا...كانت صغيرة مع الصغير كبيرة مع الكبير, هميمة كريمة, مضيافة. كانت ماما نور دائما بشوشة, مرحة, باسمة حتى بعد وفاتها!. أجل...اذكر جيدا عندما دعينا نحن ابنائها و احفادها عقب الانتهاء من غسل الجنازة لنلقي عليها النظرة الاخيرة و نقبل جبينها الطاهر قبلة الوداع, كان وجهها باسماً فرحاً مستبشراً و كأنها تقول لنا في رسالة واضحة: لا تحزنوا و أصبروا و أبشروا و أطمئنوا.
و لكأني بها, وهي المرأة الحساسة الشفافة, قد اختارت يوم رحيلها الى الدار الآخرة قبيل رحولها مع اسرة ابنتها الى منزلهم الجديد لكيلا تفسد عليهم فرحتهم ظانة أن الأحزان و خيال حركتها من مكان لمكان داخل المنزل, غرفتها و حاجياتها و سريرها و مستلزماتها..ستبقى تلك الذكريات بالمنزل القديم فقط و تنتهي الاحزان برحولهم الرى المنزل الجديد. لا يا ماما نور. إن ذكراك لن تموت ابداً. و خيالك سيظل في اعيننا و اقوالك و حكمك ستنير عقولنا و أقوالك و احاديثك العذبة ستزين السنتنا ما حيينا.
أنني لن انسى لحظة الوداع الأخير حيث كنا انا و أثنين من أحفادها و زوج شقيقتي داخل قبرها بعد أن فرغنا من اعداد اللمسات الأخيرة لمراسم التشييع قبل الدفن..في انتظار استلام الجثمان من الاخوة المشاركين معنا في مراسم التشييع من الاعلى لنضعه داخل القبر...صاح أمام المسجد الذي كان مشاركا في مراسم التشييع: (فاليكن هناك ثلاثة فقط من أبنائها لأستلام الجثمان)..و عقب مرة أخرى بعد أن عرف أنني ابنها الوحيد الموجود قائلاً: (فاليبقى أبنها و أثنين من أقاربها و يخرج واحد منكم). و لكن لم يغير ذلك من الأمر شيئا فجميعنا كان يريد أن ينال شرف بركتها بلمسة وداع لجسدها الطاهر. أخيرا فطن الأمام الى ذلك ووضع حلا مرضياً صعد بعده أحدهم الى أعلى القبر و حلت المعضلة عندما قال لنا: ( فاليخرج أحداً منكم ليناول الجثمان لمن في القبر).
رحمها الله رحمة واسعة و ألهمنا الصبر و السلوان. فقد ذهبنا مع ماما نور و عدنا بدونها, فبأي حال عدت علينا يا عيد؟
وإنا لله و إنا اليه راجعون.
خالد راسخ

IMG_5.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

...