إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )

إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )


04-30-2010, 12:45 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=290&msg=1272627935&rn=4


Post: #1
Title: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 12:45 PM
Parent: #0

تأخذ هذه القصيدة- في التاريخ الأدبي أسماء ثلاثة: عينية ابن زريق, وفراقية ابن زريق، ويتيمة ابن زريق، ولكل تسمية سبب:

- فهي العينية لأنَّ قافيتها هي العين المضمومة, وإن انتهت بهاء مضمومة،
- وهي القصيدة الفراقية: لأنّ موضوعها "الفراق", كما سنعرف.
- وهي القصيدة اليتيمة: لأنَّ ناظمها لم ينظم في حياته غيرها (كما يقولون).

*****
ناظم القصيدة هو الشاعر العباسي أبو الحسن علي بن زريق البغدادي ) ( كان ذي بشرة تميل للسمرة ), وكان له ابنة عم أحبها حبًا عميقًا صادقًا, ولكن أصابته الفاقة وضيق العيش, فأراد أن يغادر بغداد إلى الأندلس طلبًا للغنى, وذلك بمدح أمرائها وعظمائها، ولكن صاحبته تشبثتْ به, ودعته إلى البقاء حبًا له, وخوفًا عليه من الأخطار, وقصد الأمير أبا الخيبر عبد الرحمن الأندلسي في الأندلس, ومدحه بقصيدةٍ بليغة جدًا, فأعطاه عطاءً قليلاً، فقال ابن زريق- والحزن يحرقه-: "إنا لله وإنا إليه راجعون, سلكت القفار والبحار إلى هذا الرجل, فأعطاني هذا العطاء القليل؟!".) كحال بعضنا في الغربة ، يكدح ليل نهار و لا ينال حتى حقه المشروع فلم ينصت لها, ونفَّذ ما عَزم عليه، ).

يستهل ابن زريق قصيدته بتوجيه الخطاب إلى ابنة عمه التي كانت تلومه بشدة لتركه بغداد إلى الأندلس .. و يبدو أن الأندلس في ذلك الزمان كانت كدول الإغتراب بها سعة من الرزق و كثير من الحرية

و الشاعر تحدَّث عن نفسه بضمير الغائب:


فيقول:

لا تعذليه فإنَّ العذْلَ يُولعُهُ قد قلتِ حقًا, ولكن ليس يسمعُهُ

يقول : بالرغم من أنه يستحق اللوم ، إلا أنه يطلب أن لا تسمعه إياه هذا اللوم، فلومها عذاب، و يبدو أنها من النوع الذي يجيد إطلاق زخات اللوم بطريقة متواصلة ( لوامة )
إلا أنها كانت ذي حس متقدم ذاك الزمان ، فهي تؤمن بأن بقاؤه مع الفقر خير من فراق يجلب الغنى

Post: #2
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 12:47 PM
Parent: #1

جاوزتِ في نصحه حدًا أضرَّ به.. من حيث قدرتِ أنَّ النصحَ ينفعُهُ

لا يعترف الشاعر بالمقولة ( أسمع كلام ال بيبكيك و لا تسمع ال بيضحكك )


فاستعملي الرفقَ في تأنيبه بدلاً من عُنفه, فهو مُضْنَى القلبِ موجَعُهُ


زولتو يبدو أنها سليطة لسان و قاسية رغم حبها له( هكذا بعض النساء ، تكمن رقتهم في القسوة على المحبوب )

Post: #3
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 12:50 PM
Parent: #2

وراحَ الشاعرُ بعد ذلك يصور معاناته القاسية الرهيبة في أسفاره التي لم يخرج منها بما يرضي مطامحه,
ومع ذلك فهو كالمجبر على الانطلاق في قفارِ المرارة والعذاب, ومن قوله المعبر عن ذلك:


تأبي المطالب إلا أن تكلفه للرزق سعيًا, ولكن ليس يجمعه

لا حول و لا قوة إلا بالله ( حال المغتربين الخالق الناطق .. كثرة طلبات و لكن جمع القريشات أصبح دونه خرط القتاد )


البعض هنا ، صارت مصاريفه تأتي من مدخول بيته المؤجر في السودان ( أي و الله )

Post: #4
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 12:51 PM
Parent: #3

كأنما هو في حلٍ ومرتحل موكل بقضاء الله يذرعه

( بيت بليغ ... إياكم يعني يا قبيلة ساكني المنافي و الذين يتوكأون على عكاكيز المهاجر)

Post: #5
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 12:54 PM

إذا الزمان أراه في الرحيل غنى
ولو إلى السند- أضحى وهو يقطعه




ها هو يشرح حالنا كنوع من إستقراء للمستقبل .. فالسودانيين يستقبلون الإصباح في أي بقعة تشرق فيها الشمس .. و بأي توقيت عالمي يضبطون ساعاتهم ( كنا ملح الأرض ، و الآن نحن الذين يضبطون التوقيت الدولي )

Post: #6
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 12:55 PM
Parent: #5

وبعد أن يسوق الشاعر بعض الحكم في قسمة الأرزاق, وضراوة الحرص والجشع, يتحدث عن ابنة عمه, مسترجعًا مشهد الوداع في إيجازٍ تصويري بارعٍ مؤثر, وكان حديثه عنها بضمير المذكر, غيرةً عليها:


ودَّعتُه, وبودًّي لو يودعني
صفوُ الحياةِ وأني لا أودّعُ



وداع و إيداع .. و بلاغة تامة في إستخدام الجناس و الطباق

Post: #7
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 12:56 PM
Parent: #6

وكم تشفع بي أن لا أفارقَهُ
وللضروراتِ حال لا تشفًّعهُ




الفرقة صعبة .. و لكن القبض على جمر الفقر أصعب

Post: #8
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 12:58 PM
Parent: #7

وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى
وأدمعي مستهلات وأدمعُهُ


دموع الأمهات المنسابة على كتوف فلذات أكبادهن يمكنها أن تشق نهراً في اليباب

Post: #9
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 01:00 PM
Parent: #8

وبعد هذا الاستحضار المأساوي لمشهد الوداع, نرى الشاعر وقد استبدَّ به شعورٌ حادٌ بالندم, دفعه إلى الاعتراف بالخطأ، بل الخطيئة؛ لأنه بالسفر فرَّط في حق صاحبته التي بُدَّل بها المرارة والحرمان, كما تعبر عنه الأبيات الآتية:


اعتضتُ من وجه خِلًّي بعد فُرقتِهِ كأسًا يُجرَّع منها ما أُجُرَّعُهُ


بلاغة أيضاً .. فوجه محبوبته هو تسلية له في الغربة ، و لكنه في نفس الوقت يجعله يتجرع ألم الفراق
( كما نقول : كدة وووب و كدة وووبين )

Post: #10
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 04-30-2010, 01:03 PM
Parent: #9

كم قائلٍ ليَ "ذقتَ البينَ" قلتُ لا الذنبُ والله ذنبي لستُ أدفعه

( إنتهتْ يتيمته )

و نقول لمن كان و لا زال على شاكلته : لات حين ندم


تُرى : كم ( زريقاً ) بالمنافي و المهاجر ؟

Post: #11
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ALGARADABI
Date: 04-30-2010, 09:10 PM
Parent: #10

Quote: وهي القصيدة اليتيمة: لأنَّ ناظمها لم ينظم في حياته غيرها (كما يقولون).


Quote: ومدحه بقصيدةٍ بليغة جدًا, فأعطاه عطاءً قليلاً،


بالتأكيد ما كانت يتيمة
لكنها كانت عظيمة

زيك كده با أبوجهينة

Post: #12
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: dardiri satti
Date: 05-01-2010, 06:50 AM
Parent: #11

لا تعذليه فإن العذل يولعه،
قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
================
====================

استودع الله في بغداد لي قمراً
في الكرخ من فلك الأقمار مطلعه.

سأعود إليك ، عزيزي.


تحياتي

Post: #13
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: dardiri satti
Date: 05-01-2010, 07:02 AM
Parent: #12

لا تعذليـــــهِ ، فـإن العــذلَ يولِـعُهُ
قد قــلتِ حقــاًّ ولـكن ليس يسـمعهُ

جاوزتِ فــي لــومــهِ حـدّاً أضرَّ بهِ
مــن حيث قدرتِ أن اللـــومَ ينـفعهُ

فاستعملي الرفقَ فـي تأنيبهِ بـــدلاً
من عذلهِ فهو مضنى القلبِ موجعهُ

قد كان مضطلعاً بالخــطبِ يحمــلهُ
فضُيِّـقتْ بخطـــوبِ الدهرِ أضـــلعُهُ

يكفيــهِ من لوعةِ التشـتيـتِ أن لــهُ
من النَّــــوى كلَّ يومٍ مــــا يــروِّعهُ

مــــا آبَ من سـفــرٍ إلاّ وأزعَجــــهُ
رأيٌ إلى سَفَرٍ بالعـــــزمِ يزمــــعــهُ

كــــأنّمــــا هو في حلٍّ ومرتــحــلٍ
مـــوكَّــلٌ بقضــاءِ الــلّه يذرعـــــهُ

إنَّ الزمـــــانَ أراهُ فـــي الرحيــلِ غنـــىً
ولــو إلـــى الســـدِّ أضحى وهو يزمــعــهُ

ومـــــا مجاهـــدةُ الإنســــانِ توصــــلـــهُ
رزقــــاً ، ولا دعـــــةُ الإنســـانِ تقطـعــهُ

قــــد وزَّعَ اللّـــهُ بيـن الخـلقِ رزقــهمـــو
لــم يخـــلق الـلهُ مــــنْ خلــــــقٍ يُــضيعهُ

لكــنهم كلفـــوا حرصــاً ، فلــــست تـرى
مســـترزقــــاً وسوى الــــغاياتِ تقنعُـــهُ

والحرصُ في الرزقِ ، والأرزاق قد قسمتْ
بغيٌ ؛ ألا إنَّ بغـــــيَ المـــــرءِ يصــرعــهُ

والدهـــرُ يـعطي الفتى - من حيث يمنعهُ -
إرثـــــــاً ، ويمنعُـــــهُ من حيث يطعمـــهُ

~*~

أستـــــودعُ الله في بغدادَ لي قـمراً
" بالكرخِ " من فلكِ الأزرارِ مطلعـهُ

ودعـــتُهُ وبـــــودي لو يودعـــــني
صفــــوُ الحيـــاةِ ، وأنـي لا أودعـهُ

وكم تشبَّث بي يـــومَ الرحيلِ ضحىً
وأدمعــــي مســتـهلاتٌ ، وأدمعُـــــهُ

لا أكذبَ اللهُ ، ثوبَ الصبرِ منخـــرقٌ
عنّـــي بفــرقـتهِ ، لكـــــن أُرقِّعُــــهُ

إنّي أُوسِّــــعُ عـــذري في جنــايتهِ
بالبيــــنِ عنهُ ، وجـرمي لا يوسِّـعُهُ

رُزِقْــتُ مُلكــاً فـلم أحـسن سـياستهُ
وكلُّ من لا يســـوسُ الــملكَ يــخلعُهُ

ومــــن غدا لابســــاً ثوبَ النعيمِ بلا
شكـرٍ عليــــهِ ، فإنَّ اللــــه ينزعــهُ


اعتضـــتُ مــــن وجهِ خلّي بعدَ فرقـتهِ
كــأساً أُجـــــرَّعُ منهــــــا ما أُجـرّعــهُ

كــم قــــائلِ لي : ذقت الـبين ، قلت لهُ
الذنــبُ واللّــه ذنــبي ، لـستُ أدفعـــهُ

ألا أقــمـت فـكــان الرشـــدُ أجمـعـهُ ؟
لو أنــني يـوم بــــانَ الرشــــدُ أتبـعهُ

إنــي لأقــطــعُ أيـامـي ، وأنـفــدُهـا
بحســـرةٍ مــنـه في قـلبي تــــقطِّعــهُ

بمـــن إذا هــجــعَ النُّـــوامُ بـــتُّ لــــهُ
- بلــوعةٍ مـــنهُ - ليلي لــستُ أهجـعهُ

لا يطمـــئنُّ لجــــنبي مضجعٌ ، وكــذا
لا يطمـــئنُّ لـــهُ مـــذْ بِـنتُ مضجعــــهُ

ما كــــنتُ أحسـبُ أن الدهـرَ يفجـعني
بــهِ ، ولا أنَّ بـيَ الأيـــامَ تــــفجـــعـهُ

حتى جـــرى البـــينُ فيمـا بيـننا بيدٍ
عسـراءَ ، تمــــنعني حظـّـي وتمنعهُ

قد كنتُ من ريبِ دهري جازعاً فزعاً
فلمْ أوقَّ الذي قـــدْ كــنتُ أجزعـــــهُ


باللّهِ يا منـــزلَ العيشِ الذي درستْ
آثـــــارُهُ ، وعَــــفَتْ مذْ بنتُ أربعهُ

هل الــــزمانُ معــــيدٌ فيـــكَ لذتـنا
أم الليالـي الــــتي أمضـتهُ ترجعـهُ

في ذمـــةِ الــلهِ من أصــبحتَ منزلهُ
وجــاد غـــــيثٌ على مغناكَ يمرعُهُ

من عـــــندهُ ليّ عــــهدٌ لا يـضـيِّعُهُ
كمــــا لهُ عهـــدُ صـــدقٍ لا أضـيِّعُهُ

ومن يصــــدِّعُ قـلبي ذكــرهُ ، وإذا
جرى على قلبهِ ذكـــــري يصـدِّعهُ

لأصـــبرنَّ لــــدهــــرٍ لا يــــــمتعني
بــــــهِ ، ولا بـــيَ فــي حالٍ يمتعهُ

علماً بأن اصطباري معــــقبٌ فرَجاً
فأضـــيقُ الأمـــرِ إن فكَّرتَ أوسعهُ

عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا
جسمي ، ستجمعني يومـاً وتجمعهُ

وإن تـــغلُ أحــــداً منّـــــا منـــيَّتهُ
فما الـــــذي بقـــضاءِ اللهِ يصـنعهُ !





تحياتي

Post: #17
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 05-03-2010, 07:32 PM
Parent: #13

الدرديري ساتي

تحية كبيرة و سلام أكبر

مشكور على هذه الإضافة و المرور البهي
و يبدو أنك من المولعين بالشعر ، فنرجو أن نرى لك بوستات حنيذة منها

دمتم

Post: #16
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 05-02-2010, 07:09 PM
Parent: #11

الصديق الصدوق ALGARADABI

تحية ماكنة و سلام متين

بالتأكيد ما كانت يتيمة
لكنها كانت عظيمة


لا فض فوك

بها بلاغة و تصالح مع النفس و لكن بعد فوات الأوان
مشكور على المرور البهي

Post: #14
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: أنور سيد ابراهيم
Date: 05-01-2010, 09:42 AM
Parent: #10

الحبيب استاذ جلال

كيف حالك والجميع .. مشتاقين بالجد

دعواتى لك بالصحة والعافية ... واتمنّى ان القاك

بوست جميل ..بل اجمل بوست .. نرتاح عنده قليلا من الهرج والمرج اللى برّة


بالعود الى البوست

قيل فى الفراق والذى ندعو الله دائما بالتلاقى

( نبكى على الدنيا وما من معشر جمعتهم الدنيا ولم يتفرّقوا )


ثم هذا حال الدنيا فى كلّ شيىء ( وهل يابق الانسان من ملك ربّه فيخرج من ارضه وسمائه )


لك الود ابو جهينة ....اخوك انور

Post: #15
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: dardiri satti
Date: 05-01-2010, 10:57 AM
Parent: #14

Quote: ثم هذا حال الدنيا فى كلّ شيىء ( وهل يابق الانسان من ملك ربّه فيخرج من ارضه وسمائه )



وهل يأبق الإنسن من ملك ربه
فيخرج من أرض له وسماءِ


تحياتي

Post: #18
Title: Re: إبن زِريق: صاحب اليتيمة ( جينات المغتربين )
Author: ابو جهينة
Date: 05-07-2010, 08:24 PM
Parent: #15

الأخ العزيز أنور

تحية كبيرة

مشكور على المرور البهي

و الله حال البورد لا يسر في كثير من الأحيان فلا بد الواحد يفش غبينتو من وقت لآخر
سعيد بوجودك هنا

دمتم