مشروع البساطة الزراعي ... سنابل الفشل في حقول التجاوزات !!!

مشروع البساطة الزراعي ... سنابل الفشل في حقول التجاوزات !!!


04-17-2010, 03:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=290&msg=1271476395&rn=0


Post: #1
Title: مشروع البساطة الزراعي ... سنابل الفشل في حقول التجاوزات !!!
Author: ياسر المك
Date: 04-17-2010, 03:53 AM




الــــتـــــحــقــيـق




: سنــابل الفشــل في حقــول التجــاوزات(2)












































مشروع البساطة الزراعي (2)



سنــابل الفشــل في حقــول التجــاوزات


ولاية سنار يقوم عمودها الفقري وعمود اقتصاد ومعاش سكانها جميعاً على العمل والإنتاج الزراعي بشقيه المطري والمروي، لذلك صار من الطبيعي أن ترتبط جميع قضاياها وأزماتها وكبواتها بالزراعة.. وما حاولنا البحث فيه وحوله في هذا التحقيق جزء يسير من هذه القضايا التي تكوِّن في مجموعها أزمة وكبوة لكل الوطن، ويبدو هذا الأمر من خلال هذه المطاردة المثيرة بين الصحيفة ومسؤولين بيدهم المعلومات التي تجيب على أسئلة وشكوك واتهامات، وتحدد مسؤولية ضياع أموالٍ بفعل الإهمال أو ربما بفعل تجاوزات أخرى ستكشف عنها الأيام.

قبل حضور المدير:من خلال جولتي داخل مباني إدارة الري سمعت طرفاً من حديث العاملين وبعض الضيوف حول السيد المدير، الكثير منه متعلق بشخص السيد المدير وطبيعة علاقته الإدارية والاجتماعية بالعاملين.. الباشمنهدسة القائمة مقام السكرتيرة «سحر» تحدثت بكل خير عن السيد المدير ووصفته بالإنسان العملي المؤهل الجاد والحريص على نجاح العمل، وقالت إن إنتاجية القطاع المروي لهذا الموسم هي أعلى إنتاجية فى السنوات الأخيرة.. ربما حاولت الإجابة الإيحائية عمّا لاحظته من وجود فجوة بينه وبين العاملين.. وأضافت: إن البعض لا يتقبلون الضغط.. في هذه الأثناء سمعت همهمة ماكينة عربة بصورة أعلنت عن حضور السيد المدير لتسري بعدها موجة من التهيب وسط الموجودين داخل مكتبه ومكتب المدير التنفيذي، وفي كل مكاتب الإدارة وحيشانها واختفى منسوبوها الذين كانوا يتجاذبون أطراف الحديث تحت الأشجار ولاذوا بمكاتبهم.

مع السيد المدير وجهاً لوجه:

السيد المدير الذي يبدو في النصف الثاني من الأربعينيات أخذ موقعه مباشرة على كرسيه بنشاط ولم يبدُ عليه أنه كان يعاني معضلة ري في كسّاب. ظننت اقتراب موعد أخذ الإذن الذي طلبه مني مدير تفتيش البساطة وإجراء مقابلة معه حول ما يليه من استفهمات، فأخبرته بقصة ذهابي إلى إدارة مؤسسة مشاريع النيل الأزرق أولاً ثم مجيئي إلى إدارة الري .. السيد المدير بعد أن سألني عمّا إذا كنت من أهل الولاية أم لا، وجهني بهدوء وابتسامة هادئة للذهاب إلى سنجة وأخذ إذن من رئاسة وزارة الزراعة، وأكد في ذات الوقت استعداده للإجابة – بعد الإذن – عن كل شيء وعندما قلت له: هل آخذ الإذن من السيد الوزير شخصياً أجابني بلا ليست هناك ضرورة فقط من السيد أمين عام الوزارة. ولأبيّن له جديتي وحرصي على المقابلة وأخذ المعلومات قلت له: «سوف أذهب اليوم إلى سنجة وآتيك غداً صباحاً وآخذ الإذن لك وللبُساطة وغيرها».. فقال :»جدا «.

العودة إلى سنجة:

عدت إلى سنجة بـ «الأتوس» على جناح السرعة ومباشرة إلى مباني وزارة الزراعة والتي تم تحويلي منها إلى مسؤول الإعلام والارشاد الزراعي، حيث أخبرني بوجود السيد الوزير بالمجلس التشريعي لإجازة ميزانية الولاية للعام 2010م، وبالفعل ذهبت إلى المجلس التشريعي وتابعت الجلسة إلى آخرها وفيها علمت أن السيد د/ رضوان محمد أحمد وزير الزراعة موجود كمناوب لوزير المالية المتغيب بالخرطوم.

دردشة مع السيد الوزير وملاحظات مهمة:

عقب خروج الأعضاء لأداء صلاة العصر ثم العودة مجدداً إلى داخل قبة المجلس التشريعي، التقيت السيد وزير الزراعة خارج القاعة وقصصت له طبيعة المهمة الصحفية وضرورة مقابته وأخذ الإذن منه للسيد مدير إدارة الري بمؤمسسة مشاريع النيل الازرق الزراعية حسب طلبه، فرفض الحديث واعتذر بسبب سفره صباح الغد إلى الخرطوم وبعدها إلى إثيوبيا لحضور اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين...

أما الملاحظات المهمة فقد جاءت على النحو التالي وإن كانت خارج النص:

بمجرد وقوف السيد الوزير رضوان محمد أحمد برز إليه أولاً ثلاثة من اتحاد الشباب السوداني يحملون تصوراً لحفل تخريج شباب أو شابات شاركن في دورة قيادة سيارات.. للحقيقة لم أر جملة مبلغ الاحتفال لكن أحد الشباب الثلاثة قال للسيد الوزير: «المبلغ بسيط يا سعادتك » أو كما قال.

السيد الوزير ردّ على الشباب بأنه سوف يتحدث ويتشاور مع السيد الوزيرالأصلي وذكّرهم بأنه مكلف فقط بسبب غياب السيد وزيرالمالية.

في هذه الأثناء جاءه أعضاء آخرون من ذات الاتحاد لكنهم من أمانة أو محلية مختلفة يحملون تصوراً لدورة أسموها (تدريب قيادات)، واستعجلوه بالتصديق بسبب قرب موعد افتتاح الدورة.. السيد الوزير كرر للشباب نفس ما قاله لحملة التصور الأول.. ووضعه إلى جانب التصور الأول وسط فائل كان بيده..

وقبل أن يعود إليّ السيد الوزير مرة أخرى ويكمل حديثه معي صعد إليه شاب ثالث من اتحاد الشباب السوداني بيديه أيضاً تصور ينتظر التصديق لماليته، عندها بدا على الوزير بعض الضيق وقال مخاطباً الشاب: يا أخونا إنتو بس عشان عرفتوني الليلة مناوب للسيد وزير المالية.. وأضاف: نحن بنتعاون معاكم نعم .. لكن ما بالطريقة دي .. ووضع السيد الوزير التصور إلى جانب التصورين بداخل الفائل الذي كان يحمله بيده.. وبعدها جاء أحد الشباب الذين قدموا التصور الأول إلى السيد الوزير ومعه النائب الوحيد من النواب الموجودين الذي امتنع عن التصويت في إجازة الميزانية. جاءا إلى السيد الوزير- بدون تصور - وفتحا معه حديثاً عن العلف والعجول سمعت أطرافاً منه، وقلت ربما هي مزرعة استثمارية أو ما شابه ذلك أسست لهولاء الشباب لدعم برامجهم المختلفة عملاً بحكمة: (اعطني سنارة ولا تعطني سمكة يومياً)، مزرعة تنتظر أيضاً المصادقة على أموال لإنعاشها أو توسعتها أو إنقاذها من خسارة محققة أو أي شيء من هذا القبيل .»المهم وضح أن الموضوع موضوع قروش «.

عاد النواب وكبار موظفي المالية إلى داخل القاعة وفيها ظهر آخرون رأيتهم يهرولون ناحية مجلس السيد وزير المالية المناوب، حاملين في أيديهم أوراقاً مفتوحة – لزوم تسهيل عملية التوقيع - تحتاج إلى التصديق.. في خواتيم اللقاء مع السيد الوزير وجهني بالذهاب إلى مبنى الوزارة ومقابلة السيد الأمين العام للوزارة ومقابلته، بالإضافة إلى أخذ الإذن لمقابلة السيد مدير مؤسسة مشاريع النيل الأزرق الزراعية ومسؤولي تفتيش البُساطة.

السيد رئيس المجلس التشريعي:

في صبيحة اليوم الثاني أجريت مقابلة مع الدكتور أسامة عبد الكريم رئيس المجلس التشريعي بولاية سنار، والتي تحدث فيها بوضوح وشفافية، وحذر أيضا عندما سألته حول الحديث الدائر عن وجود إشكالات وشبهات حول طلمبات مشروع مسرة الزراعي – طلمبات البساطة - وأخطاء في اختيار مواصفات الطلمبات عندما قال: «إذا حدثت أخطاء فنية أدت إلى إهدار المال العام أو وقع سوء استخدام للسلطة، فهذه الأمور ردها لدى وزارة الزراعة وهي الجهة الفنية المختصة التي تتوافر لديها المعلومات والاجابات الصحيحة، وكل مايخص التعاقدات وعمليات الشراء والأعطال للآليات وغير ذلك «.

في حضرة البرهانية :

قضيت الخميس والجمعة والسبت ضيفاً بمباني استراحة السادة البرهانية بسنجة وسط مجموعة من الشباب والطلاب «من أخوان الطريق»، وذلك لعدم وجود لوكندات بعاصمة الولاية يتوافر فيها الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للإنسان، سوى وكالات بائسة تقوم على حافة النهر لا يوجد فيها الشخص المؤجر أي مساحة «العنقريب» الذي يؤجره فقط.

داخل الوزارة:

جئت مبكراً في يوم الأحد إلى مبنى وزارة الزراعة قاصداً مكتب الأمين العام البروفيسور خشم الموس، حيث دفعت له بورقة بيّنت فيها هدفي وأسئلتي واستفساراتي التي أشرت فيها من جملة ما أشرت إلى شكوك حول طلمبات مشروع البُساطة، قبل أن يدخل في اجتماع مطوّل لإحدى لجان الاستثمار في الولاية حضره من حسُن حظي السيد مدير مؤسسة مشاريع النيل الأزرق الزراعية.. انتهى الاجتماع وخرج أعضاء اللجنة كما خرج السيد البروفيسور خشم الموس في معية مدير مشاريع النيل الأزرق الزراعية، طاردته في داخل حوش الوزراة ولحقت به وهو يهم بركوب سيارته الفاخرة قائلاً: «يا بروف أنا الصحفي الذي أدخلت السكرتيرة أسئلتي إليك وطلب الإذن بإجراء مقابلات صحفية صباح اليوم» فقال: «ليس عندي أي إجابات للصحافة والاتهامات التي ذكرتها اتهامات قديمة». «فقلت له: الاتهامات بالفساد والتقصير لا تسقط بالتقادم».. وإذا رفضت الحديث إليّ فالباشمهندس بابكر – الذي كان يقف على مقربة منّا واستمع لجزء من حوارنا أمام عربة البروفيسور خشم الموس- لم يرفض، واشترط عليّ أن أستخرج الإذن بالحديث معه من حضرتك. عند ذلك سرنا سوياً إلى الباشمهندس بابكر وقال له السيد خشم الموس: «ما في مشكلة يمكن أن يتحدث إليك إذا أراد ولكن قال وهو يتجه بحديثه نحو الباشمهندس بشكل يشبه الإيحاء: ما في مشكلة.. لكن يا باشمهندس ما أظن عندنا كلام نقوله له .»

وفهم الباشمهنس بابكر المطلوب منه تحديداً وقال لي بصورة حاسمة: «نحن ما عندنا كلام نقولوا إذا عايز أي كلام أمشي للسياسيين يتكلموا معاك».

انتهت محاولة البحث عن إجابة لاستفهامات وشكوك وتجاوزات برفض من بيدهم القرار والأوراق والتفاصيل.. لكن نقول كما ذكرنا للبروفيسور خشم الموس إن التجاوزات لا تسقط بالتقادم، وإن ملف ما حدث بزراعة سنار سيبقى مفتوحاً إلى أن يأتي اليوم الذي تستبين فيه الحقيقة وتعود فيه الحقوق إلى أهلها.

عمدة الرماش يشكو

وفي ناحية مشروع الرماش الزراعي التقت (الحقيقة) بعمدة المنطقة, حيث اشتكى بأن حواشته وعدداً آخر من الحواشات بمشروع الرماش الزراعي, لم تجد حظها من الري الكافي, وأنهم لأجل إنقاذ محصولاتهم اتجهوا إلى تأجير طلمبات صغيرة لسد حاجة زراعتهم من المياه, مما زاد من تكاليف الإنتاج المرتفعة أصلا, لافتاً النظر إلى أن مزارعين آخرين كثيرين لا تتوافر لديهم القدرة على تحمل المصروفات الزراعية, فذهب جهدهم وموسمهم الزراعي الذي يعتمدون عليه في رزقهم هباءً منثوراً بعد أن (حِرْقَت) مساحاتهم التي زرعوها بفعل العطش أمام أنظارهم دون أن يتمكنوا من إنقاذها... وكشف العمدة للصحيفة عن أعطال كثيرة تصيب طلمبات مشروع الرماش بصورة متكررة في المواسم الماضية, حيث ظلت بدون صيانة حتى أيام قليلة من بداية الموسم الزراعي. وقال إن عمليات الصيانة لم تتم بالسرعة المطلوبة, ولم يحاسب الشخص المسؤول عن التأخير في السنوات الماضية وعن خروج غالب المزارعين من العروة الشتوية لهذا العام.

عاصمة بلا فنادق

حاضرة ولاية سنار مدينة سنجة طفنا فيها بحثاً عن فندق أو حتى نُزلٍ يمكن أن نستريح فيه من تعب الترحال بقسط من الراحة والاستجمام, غير أن طوافنا لم يثمر عن شيء لأنه ببساطة لا يوجد فندق بالمعنى المفهوم, وبدا الأمر غريباً إذ كيف لعاصمة ولاية يقصدها بالتأكيد الكثيرون سواء من أطراف الولاية أو مدنها الأخرى, أو من بقاع البلاد الأخرى كما في حالتي, ليس بها فندق حتى ولو لم يكن من تلك التي تزين صدرها النجوم مهما قلت... لقد أسقط في يدي وأن أتلفت وأسال وأطوف المدينة دون أن أصل إلى نتيجة أومكان استقر فيه, سوى بعض ما يسمى بـ(اللكوندات) التي تقتصر خدمتها في تقديم (العنقريب وضل الزنك), بالرغم من موقعها الجميل المقابل للنيل الذي يجعلها موقعاً إستراتيجيا لبناء فنادق نموذجية,

أما الفندق الوحيد الكائن هناك (فندق سنجة) فقد كان ممتلئاً عن آخره بالنزلاء, والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا لم يستثمر أحد في الفنادق بسنجة سواء كان مستثمراً وطنياً أو أجنبياً برغم الضجيج الذي نسمعه عن الاستثمارات ورؤس الأموال التي يقولون إن السودان أصبح قبلة لها, علما بأن الفنادق من عناصر جذب المستثمرين المهمة.

خلو عاصمة الولاية من الفنادق أمر لا يشبه سنار ذات الإمكانات الكبيرة والواعدة



المصدر / صحيفة الحقيقة بتاريخ 15/4/2010