قانون الأحزاب والتراجع عن التحول الديمقراطي :-محمد علي جادين

قانون الأحزاب والتراجع عن التحول الديمقراطي :-محمد علي جادين


01-29-2007, 03:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=271&msg=1183878237&rn=1


Post: #1
Title: قانون الأحزاب والتراجع عن التحول الديمقراطي :-محمد علي جادين
Author: altahir_2
Date: 01-29-2007, 03:27 AM
Parent: #0


نقلا عن السودانى
قانون الأحزاب والتراجع عن التحول الديمقراطي

في الأسبوع الماضي، في نهاية الدورة الأخيرة للمجلس الوطني، قام شريكا اتفاقية السلام الشامل باجازة قانون الأحزاب بالأغلبية الميكانيكية بعد انسحاب كتلة نواب التجمع الوطني، وذلك في عجلة واضحة لم تترك مجالاً للوصول إلى اتفاق جماعي حول القانون مع أحزاب المعارضة داخل المجلس وخارجه، والمعروف ان مسودة القانون خضعت لمناقشات ومشاورات واسعة قادتها المفوضية القومية للمراجعة الدستورية شاركت فيها أحزاب الاتحادي الديمقراطي، الأمة القومي، الشيوعي، البعث، اليوساب، منبر جنوب السودان، التحالف الوطني وغيرها، وأبدت هذه الأحزاب ملاحظات وانتقادات عديدة شملت فكرة اصدار القانون نفسها وركزت على مواد بعينها في المسودة، خاصة المادة (4) والمادة(18) وإمتدت المناقشات إلى الصحف ومنابر الحوار في الجامعات والمراكز الثقافية المختلفة، وشاركت فيها مؤسسات أجنبية (ألمانية وبريطانية) ودولية (الأمم المتحدة) وطوال الأسابيع الماضية ظل الشريكان يطرحان ضرورة استمرار الحوار مع القوى المعارضة والوصول إلى اتفاق جماعي حول هذا القانون الذي شكل ركيزة أساسية في عملية التحول الديمقراطي الجارية في البلاد، ومع ان الحوار المتواصل قد توصل إلى تعديلات عديدة فقد تركزت الخلافات في قضايا محددة ترى قوى المعارضة أنها أساسية لإطلاق حرية العمل الحزبي وفقاً للدستور القومي الانتقالي واتفاقية السلام الشامل واتفاق القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي، مع كل ذلك قام الشريكان بقطع عملية الحوار واجازة القانون بالأغلبية الميكانيكية ووضع القوى الأخرى أمام الأمر الواقع، وفي ذلك أبدى رئيس المجلس الوطني أسفه على انسحاب كتلة التجمع الوطني وأكد ان القانون سوف يسري على أحزابها (...) وأشار ياسر عرمان إلى ان ذلك يمثل بداية سيئة (...) حسب صحف نهاية الأسبوع الماضي، وتشير هذه التصريحات إلى حرج واضح وسط المؤتمر الوطني والحركة بسبب انسحاب نواب التجمع الوطني الذي فضح (حدود) نظرتها للتحول الديمقراطي وقصر نظرتها للتعامل مع القوى السياسية الأخرى والمفارقة ان الشريكين يتفقان على هذا القانون، بدوافع مختلفة، بحجة المحافظة على الاتفاقية، وذلك رغم خلافاتهما وصراعاتهما التي أصبحت تهدد بانهيارها، فالحركة الشعبية لها مخاوفها غير المبررة حول موقف الأحزاب الأخرى من الاتفاقية، والمؤتمر الوطني يعمل على تكريس سيطرته على المركز والولايات الشمالية تحت دعاوي المحافظة على اتفاقية السلام الشامل مع انه يعرقل تنفيذها في مجالات أساسية عديدة.



اتفاقية السلام الشامل هي أساس الفترة الانتقالية الجارية، والتحول الديمقراطي يمثل أهم أهدافها إضافة إلى ايقاف الحرب وحقوق الجنوب، بما في ذلك حق تقرير المصير، والوضعية السياسية الجديدة المرتكزة على الدستور الانتقالي القومي، وحمايتها تستند إلى ضمانات إقليمية ودولية ونصوص دستورية لا فكاك منها، وكافة الأحزاب المعارضة رحبت بها وأكدت التزامها بما حققت من مكاسب للجنوب، وفي الوقت نفسه طرحت انتقاداتها وملاحظاتها حول ثنائيتها وعدم شمولها واختلالاتها المعروفة، ولذلك فالخوف عليها لا يرتبط بهذه الانتقادات والملاحظات، وانما بتردد الشريكين ورفضهما لتوسيع المشاركة والمضي في تسريع عملية التحول الديمقراطي في الشمال والجنوب على السواء، والمشكلة هنا ان هذا التحول يأتي عن طريق الاتفاقية، ويمثل المؤتمر الوطني (نظام الإنقاذ) عنصراً أسياسياً في تنفيذه، كجزء مكمل لعملية السلام- وذلك بعكس تجارب 1964، 1985 التي اسقطت النظام الديكتاتوري واعادت الديمقراطية بضربة واحدة، وهذا العامل كان له ولا يزال دور حاسم في بطء وتعثر إجراءات التحول الديمقراطي في البلاد رغم مرور أكثر من 18 شهراً على البدء في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل واتفاق القاهرة مع التجمع الوطني، ورغم نصوص الدستور القومي الانتقالي ودساتير الولايات وجنوب البلاد، ويرجع ذلك إلى أربعة عوامل أساسية تتمثل في الآتي:-



1- غياب الرقابة والمتابعة من قبل دول مبادرة الايقاد وشركائها الدوليين، وذلك لأسباب عديدة، تمثل أهمها في الفترة الأخيرة في التركيز على أزمة دارفور وتداعياتها وبالتالي اهمال اتفاقية السلام الشامل، واهتمامات هذه الدول وشركائها تركزت طوال الفترة السابقة على الحرب والسلام أكثر من قضايا الحكم والديمقراطية.



2- اصرار نخبة الإنقاذ المسيطرة، طوال تاريخها، على عدم الوفاء بالعهود والاتفاقيات وإلى توهمها بامكانية التهرب من الوفاء باستحقاقات السلام والتحول الديمقراطي فهي تنظر للفترة الانتقالية الجارية كفرصة نادرة للمحافظة على بقائها في الحكم وتكريس سيطرتها على المركز والولايات الشمالية وساعدتها في ذلك العوامل الثلاثة الأخرى، ولذلك ظلت تصر على الاستمرار في نهجها الشمولي والمركزي السابق طوال فترة ما بعد السلام.



3- غياب جون قرنق زعيمها ومؤسسها، أحدث تحولاً كاملاً في توجهات الحركة الشعبية، حيث انتقلت من شعارات (السودان الجديد) إلى شعارات (القوميين الجنوبيين) بهدف تعظيم المكاسب الأقليمية للجنوب على حساب المكاسب القومية وبناء نظام سياسي جديد وفقاً للدستور والاتفاقية، ولذلك ظلت تركز على قضايا الجنوب وتتجاهل قضايا المركز والشمال، ومن ضمنها قضايا التحول الديمقراطي والتحالف مع القوى السياسية الأخرى، خاصة قوى التجمع الوطني الديمقراطي، وفي النهاية وجدت نفسها في المأزق الراهن.



4- ضعف أحزاب المعارضة بشكل عام، بسبب ظروف القمع والاضطهاد في عهود الأنظمة العسكرية، وخاصة عهد حكم الإنقاذ، وظروف التدهور الاقتصادي وانهيار الطبقة الوسطى، والتخريب الذي شهده النظام التعليمي عموماً، ولذلك لم تستطع تحريك قدراتها بشكل واسع في اتجاه تسريع عملية التحول الديمقراطي، حتى قوى التجمع الوطني ركزت جهودها في حدود ضيقة وتجاهلت تحريك الشارع والعمل السياسي الجماهيري.



هذه العوامل في مجملها، تحكمت في بطء وتعثر عملية التحول الديمقراطي، بل في عموم جوانب وأهداف الفترة الانتقالية كما يشير إلى ذلك تبادل الاتهامات بين الشريكين بما يؤكد ان اتفاقية السلام الشامل تواجه مصاعب وعقبات حقيقية، وفي هذا الإطار يبدو ان الشريكين يعملان على اعتقال عملية التحول الديمقراطي وحصرها في نموذج يضمن سيطرتهما على البلاد حتى نهاية الفترة الانتقالية وانتظار ما يسفر عنه استفتاء تقرير مصير الجنوب.



هذا التوجه يتناقض مع الاتفاقية نفسها التي تدعو إلى التحول الديمقراطي وبرنامج الاجماع الوطني والمصالحة الوطنية وتوسيع المشاركة وغيرها، ولكنه بالتأكيد يتناسب مع ثنائيتها وعدم شمولها ومع توجهات الشريكين لاستمرار سيطرتهما على البلاد حتى الانتخابات القادمة ونهاية الفترة الانتقالية، وقانون الأحزاب، الذي أجازاه في عجلة، يشير إلى استخفاف كبير بأهمية التحول الديمقراطي وبالأحزاب السياسية الأخرى ودورها في إستكمال التسوية السياسية الجاذبة، إذ انه يعمل على تحويل الاتفاقية إلى صنم مقدس وإلى سيف يقطع رقاب الخصوم السياسيين.



وذلك بوضع مواد في القانون تسمح بحل الأحزاب بدعوى مناهضة الاتفاقية، وهو أيضاً يعمل على إعادة تشكيل الخارطة الحزبية في الشمال والجنوب وفق شروط الشريكين، تماماً كما فعل نظام الإنقاذ في عهد (قانون التوالي) الشهير وكما ظلت تفعل الأنظمة الشمولية المماثلة في المنطقة (مصر، اليمن، سوريا، العراق وغيرها) ومثل هذا القانون لا يتماشى مع تجربة الحزبية السودانية ولا مع مستلزمات التحول الديمقراطي والتسوية الوطنية الشاملة، وذلك يعني انه سيعمل على استمرار نظام الإنقاذ بنهجه المعروف في الشمال وبناء نظام مماثل في الجنوب، وهو نظام يصفه د.حيدر إبراهيم بـ (الامنوقراطية) ويصفه د.التجاني عبد القادر بأنه نظام استبدادي مركزي يقوم على تحالف يرتكز على القبيلة والسوق والذهنية الأمنية والعسكرية (الصحافة 10/12) ولهذا السبب بالتحديد ظلت قوانين نظام الإنقاذ مستمرة حتى الآن، رغم تعارضها مع الدستور الانتقالي القومي، وظلت قضية مراجعتها بعيدة كل البعد عن جدول أعمال المجلس الوطني واهتمامات الشريكين ومفوضية الدستور، وتلك قضية مهمة وعاجلة لا يلغيها صدور قانون الأحزاب بهذه الصورة المشوهة.



محمد علي جادين









Post: #2
Title: Re: قانون الأحزاب والتراجع عن التحول الديمقراطي :-محمد علي جادين
Author: altahir_2
Date: 02-02-2007, 07:54 AM

Quote: اتفاقية السلام الشامل هي أساس الفترة الانتقالية الجارية، والتحول الديمقراطي يمثل أهم أهدافها إضافة إلى ايقاف الحرب وحقوق الجنوب، بما في ذلك حق تقرير المصير، والوضعية السياسية الجديدة المرتكزة على الدستور الانتقالي القومي، وحمايتها تستند إلى ضمانات إقليمية ودولية ونصوص دستورية لا فكاك منها، وكافة الأحزاب المعارضة رحبت بها وأكدت التزامها بما حققت من مكاسب للجنوب، وفي الوقت نفسه طرحت انتقاداتها وملاحظاتها حول ثنائيتها وعدم شمولها واختلالاتها المعروفة، ولذلك فالخوف عليها لا يرتبط بهذه الانتقادات والملاحظات، وانما بتردد الشريكين ورفضهما لتوسيع المشاركة والمضي في تسريع عملية التحول الديمقراطي في الشمال والجنوب على السواء،