صفحات مجهولة من تاريخ السودان : قتال القوات الاسترالية ضد المهدية (توجد صور حقيقية)

صفحات مجهولة من تاريخ السودان : قتال القوات الاسترالية ضد المهدية (توجد صور حقيقية)


03-18-2010, 11:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=260&msg=1268950254&rn=0


Post: #1
Title: صفحات مجهولة من تاريخ السودان : قتال القوات الاسترالية ضد المهدية (توجد صور حقيقية)
Author: كمال حامد
Date: 03-18-2010, 11:10 PM

هذه صفحات نحسبها مجهولة من تاريخ السودان ، وتبدأ منذ ذلك الوقت الذي لقيت فيه حملة هكس باشا تلك الهزيمة المروعة في غابة شيكان.
كان ذلك في العام 1883م ، وفي آخر ذلك العام كان غردون يختتم زيارته للأرض المقدسة (فلسطين) والتي امتدت اثني عشرة شهرا من يناير إلى ديسمبر 1883م ، وهي الزيارة التي ألف خلاله كتابه : تأملات في فلسطين Reflections In Palestine .
أكمل غردون في تلك الرحلة تأملاته وتحرياته عن المواقع التاريخية والأماكن المقدسة اليهودية والمسيحية من وحي الكتاب المقدس ، ووضع خلال تلك الرحلة وفي ذلك الكتاب مخططا مبدئيا للهيكل ( هيكل سليمان) ، ثم غادر مسرعا للسودان بعد أن استدعته الحكومة البريطانية لمأمورية في غاية الأهمية : إخلاء السودان من القوات المصرية عقب هزيمة هكس في شيكان وتفكيك السودان وإعادته لحالته الأولية لتلك الممالك القبلية المستقلة التي كان عليها يوم أن دخل جيش محمد علي باشا السودان عام 1822م.
في الخرطوم واجه غردون واقعا مختلفا لن نستغرق في تفاصيله ، وفشلت مهمته حين عرض على محمد أحمد المهدي أي يكون ملكا متوجا معترفا به على السودان الغربي كردفان ودارفور وقوبل عرضه بالرفض ، وزحفت قوات المهدية من الأبيض لإكمال حصار الخرطوم.
حوصر غردون في الخرطوم ، وتفاعل الرأي العام البريطاني مع أخبار ذلك الحصار مما استعدى التفكير لإرسال حملة لإنقاذه ، وأرسلت الحملة من القاهرة في سبتمبر 1884م وقبل أن تصل هذه الحملة إلى الخرطوم وصلت أخبار سقوط الخرطوم ومقتل غردون في 26 يناير 1885م.
أثار خبر مقتل غردون الحزن والأسى الشديد ليس في المملكة المتحدة وحدها ، بل في كندا واستراليا الدول الحليفة تاريخيا وما زالت لبريطانيا، وفي أبريل 1885م وصلت أخبار مقتل غردون إلى نيو ساوث ويلز في أستراليا ، وتسببت في رد فعل ساخط واتهامات لحكومة حزب الأحرار بقيادة جلادستون بأنها لم تتحرك بالسرعة الكافية.

وصلت تلك الأخبار ، ووصلت معها أخبار عرض الحكومة الكندية للحكومة البريطانية بالمشاركة في إرسال قوات للقتال ضد المهدية ، وكان ذلك دافعا لحكومة نيوساوث ويلز لتقديم عرضها بالمشاركة بإرسال قوات استرالية للقتال ضد المهدية مع استعدادها لتحمل جميع نفقات هذه القوات.
قبلت الحكومة البريطانية في لندن العرض من حكومة نيوساوث ويلز بشرط أن تكون تلك القوات تحت القيادة البريطانية ، وحالما وصلت أخبار قبول البريطانيين للعرض الاسترالي من حكومة نيوساوث ويلز حتى اشتعل الجو بالحماس في أوساط السياسيين والعسكريين الذين رأوا في ذلك فرصة أولى لإثبات جدارتهم للمشاركة كمقاطعة تتمتع بالحكم الذاتي في حرب خارجية.
وبدأ تجميع المتطوعين

الصورة :مجموعة من المشاة الأستراليين المتطوعين قبل وقت قليل من مغادرتهم لميناء سيدني نحو السودان في 3 مارس 1883م.
وفي 3 مارس 1885م أبحرت القوة النيوساوث ويلزية من ميناء سيدني نحو السودان وكانت تتكون من كتيبة مشاة 522 جندي و24 ضابط وجنود مدفعية عددهم 212 جندي.

صورة مغادرة القوات الاسترالية نحو السودان في 3 مارس 1885م.
وغادرت القوات في جو مفعم بالحماس وسط عطلة رسمية حتى تتمكن أكبر أعداد من الجماهير والأسر من الحضور والوداع ، وبالرغم من تلك الأجواء الإحتفالية بالميناء إلا أن الإجماع الوطني لم يكن شاملا تجاه مهمة تلك القوات ، فقد قوبلت بالإنتقادات من البعض واللامبالاة من البعض خاصة في المناطق الريفية البعيدة.
وفي 29 مارس 1885 وصلت القوات إلى ميناء سواكن والذي ظل خارج سيطرة المهدية ، وسرعان ما انضمت هذه القوة إلى قوة أخرى من الجيش البريطاني وصار العدد الإجمالي 10000 ( عشرة ألف جندي) ، وتحركت كل تلك القوة في هيئة المربع إلى قرية تاماي Tamai على بعد 30 كيلومترا من سواكن. ولم تحدث في الطريق سوى مناوشات محدودة مع قوات المهدية بقيادة عثمان دقنة ، ومرت القوات بطريق تناثرت في مئات الجثث بسبب معركة دامية درات فيه منذ إحدى عشرة يوما ، ويتطلب الأمر منا بعض التحقيق في سجل معارك عثمان دقنة حتى نتعرف بشكل دقيق على تلك المعركة التي وصفتها مسيرة القوات الاسترالية.
واصلت قوات المتطوعين الاسترالين مسيرتها في مؤخرة القوات حتى وصلت إلى تاماي بعد يومين ، وأصابت الجراح 3 منهم ، وفي تاماي أحرقوا كل ما وجدوه في طريقهم من القطاطي ، ثم قفلوا راجعين على سواكن.
وفي سواكن 1885م توفي الجندي الاسترالي روبرت ويير Robert Weir فكان أول جندي استرالي يلقى حتفه في مأمورية السودان القتالية ،

مجموعة من الجنود الاستراليين بالقرب من قبر الجندي روبرت ويير في سواكن
ما أشبه الليلة بالبارحة ، فهل يكررالتاريخ نفسه ؟ ونواصل إن شاء الله في الحلقة القادمة تكملة سرد هذه الصفحات المجهولة من تاريخ بلادنا .
كمال حامد
+++++++++++++++++++++++++++

Post: #2
Title: Re: صفحات مجهولة من تاريخ السودان : قتال القوات الاسترالية ضد المهدية (توجد صور حقيقية)
Author: احمد محمد بشير
Date: 03-18-2010, 11:20 PM
Parent: #1


الاخ المحترم " كمال حامد " لك التحية و الإحترام
واصل ولك الشكر علي هذا الجهد المقدر.

Post: #3
Title: Re: صفحات مجهولة من تاريخ السودان : قتال القوات الاسترالية ضد المهدية (توجد صور حقيقية)
Author: كمال حامد
Date: 03-19-2010, 09:18 PM
Parent: #2

الحلقة (2)
بعد معركة تاماي توجه القسم الأكبر من المتطوعين الأستراليين للعمل في تشييد خط السكة الحديد الذي كان يجري العمل في مده جنوبا نحو مدينة بربر للتمهيد لتقدم جيش حملة كتشنر لاحقا.

صورة زيتية توضح وصول القوات الاسترالية لسواكن – مارس 1885
انحصرت معظم مهام المتطوعين الاستراليين في الحراسة على عكس ما كانوا يتشوقون لدخوله من معارك ضد المهديين.وعندما تم تأسيس سلاح الهجانة تتطوع فيه فورا خمسون استراليا وهؤلاء توجهوا في 6 مايو في مهمة استطلاعية إلى تاكدل Takdul على بعد 28 كيلومترا من سواكن.وحتى هؤلاء الهجانة الاستراليين المتحرقين لملاقاة العدو لم تقابلهم سوى مناوشات محدودة للغاية ، وقام الهجانة الاستراليين بمهمة أخرى في 15 مايو للقيام بدفن جثث الجنود الذين قضوا في معركة مارس.
أما بالنسبة لجنود المدفعية فقد تم إرسالهم لهندوب Handoub حيث كانت الجبهة ساكن فلم تتح لهم فرصة الإلتحام بالعدو. وفي 15 مايو التحقوا بالمعسكر في سواكن ، وحيث أن المتطوعين الاستراليين لم يشاركوا فعليا في أية معركة عنيفة حقيقة فقد كانت الاصابات في صفوفهم قليلة للغاية وانحصرت في الموت بسبب الأمراض ليس إلا .
وفي مايو 1885م قررت الحكومة البريطانية إيقاف الحملات واكتفت بحامية في سواكن ، وعليه فقد أبحرت القوات الاسترالية عائدة للوطن في 17 مايو 1885م.
وفي 19 يونيو 1885 وصلت القوات إلى سيدني حيث تم احتجازهم في الحجر الصحي تحسبا من الأمراض ، وخلال فترة وجودهم في الحجر توفي أحدهم بسبب حمى التايفود.

صورة تذكارية لبعض المتطوعين بعد عودتهم من سواكن. 1885م

بعد انتهاء فترة الحجر الصحي ، غادرت القوات العائدة في طابور استعراضي حيث طافوا بشوارع المدينة واستقبلهم الحاكم العام ورئيس الوزراء ، والقى قائد المتطوعين الكولونيل ريتشاردسون خطابا بالمناسبة. لقد كان هناك إجماع في تلك الفترة أنه وبغض النظر عن ضآلة التأثير العسكري للمشاركة الاسترالية ، إلا أنها كانت ذات فائدة وأهمية كبيرة في تمنية الشعور بالثقة في الذات ، إضافة إلى كونها دليلا على العلاقة الأزلية مع بريطانيا.

صورة لرسم قام برسمه فنان أسترالي مرافق للحملة لتخليد ذكرى المشاركة الاسترالية في معارك شرق السودان ضد قوات عثمان دقنة.
تم لاحقا توزيع ميداليات تكريمية على الجنود المتطوعين وسميت بميدالية مصر 1882-1889 Egypt Medal 1882-1889 ،

ومن الواضح أن سواكن في ذلك الوقت كانت جزءا لا يتجزءا من مصر حسب الجغرافيا الدولية المعترف بها في ذلك الحين ، فقد جاء في وصف سبب منح الميدالية : منحت للبندقجي 1089 توماس جدج لخدمته في حملة سواكن ، مصر عام 1885م. ولد جدج في إيرلندا وقد سجل متطوعا في مدفعية نيوساوث ويلز في 4 يناير 1884م على عمر 30 عاما و6 أشهر ، طوله 5 أقدام و7 بوصات عيونه رمادية ، وشهره بني ، وديانته رومان كاثوليك.
كانت هذه قصة القوات الاسترالية التي تطوعت للقتال ضد الدولة المهدية الوليدة ، ونحن ندرس في تاريخنا أن القتال كان بين قوات الدولة المهدية والجيش البريطاني والجيش المصري.
إن معرفة مثل هذه التفاصيل على قدر كبير من الأهمية ، فما أشبه الليلة بالبارحة ، فقد كانت قوات التحالف الأنجلو ساكسوني ومنذ ذلك الحين تندفع للقتال سويا إينما كانت الجبهات ، وقد أوردنا في صدر الجزء الأول كيف أن أخبار مشاركة القوات الكندية قد لعبت دورا في إثارة الحماس والرغبة بالمشاركة على المستوى الرسمي والشعبي في نيوساوث ويلز (استراليا) ، فهل كانت هناك قوات كندية شاركت في معارك البريطانيين ضد الثورة المهدية ؟
الإجابة : نعم كانت هناك قوات كندية تطوعت أيضا وجاءت من كندا البعيدة للقتال مع الإخوة البريطانيين ، وهذا يعني أن الدولة المهدية خاضت حربا عالمية ، وتلك قصة أخرة نسردها لاحقا إن شاء الله تعالى.
--------------

تمثال الجنرال غوردون – الخرطوم 1941م

--------------
إنتهى
كمال حامد
المصدر : http://www.awm.gov.au/search/collections/[/B]