للأطباء قضية - بقلم الأستاذ : نبيل أديب عبدالله المحامى

للأطباء قضية - بقلم الأستاذ : نبيل أديب عبدالله المحامى


03-16-2010, 01:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=260&msg=1268743379&rn=1


Post: #1
Title: للأطباء قضية - بقلم الأستاذ : نبيل أديب عبدالله المحامى
Author: ناهد محمد الحسن
Date: 03-16-2010, 01:42 PM
Parent: #0

للأطباء قضية
ما زالت الأنباء تترى بتزايد الخلاف بين وزارة الصحة والأطباء وعندما تصل إليك هذه الصحيفة - أيها القارئ – يكون الأطباء قد دخلوا فى إضرابهم الثالث عن العمل فى خلال الشهر الأخير ،وسنسمع خلال أجهزة الإعلام القومية وجهة نظر واحدة فقط وهى بالطبع وجهة نظر وزارة الصحة والتى ستحاول أن تخبئ عورتها بغلالة عن تأثر المرضى بالإضراب وواجب الأطباء الإنساني نحو مرضاهم .
إن سياسة وزارة الصحة - لا الإضراب العارض - هى التى تؤدى للإضرار بطالبى العلاج فى المستشفيات العامة فالذى أدى لتدهور الخدمات الصحية التى تقدمها المستشفيات العامة هوالإنفاق الذى لا يجاوز حد الكفاف على المستشفيات العامة والعاملين بها. أدت تلك السياسة لهروب الأطباء إما لخارج البلاد، حتى أصبح عدد الأطباء السودانيين خارج البلاد أضعاف عددهم بالداخل ،أو إلى العمل الخاص الذى إزدهر على حساب صحة الأغلبية الساحقة من مرضى المستشفيات العامة والذين ينتمون بالضرورة للطبقات المتوسطة والفقيرة.لذلك فإضراب الأطباء بغرض تحسين شروط خدمتهم يصب فى المحصلة النهائية فى صالح المرضى الذين هضمت حقوقهم سياسة الوزارة.
من الناحية القانونية يتوجب النظر لحق الإضراب بإعتباره حقاً دستورياً لا يجوز للقانون الإنتقاص منه أو مصادرته .لذلك فلن نشغل أنفسنا بما يذكره القانون فى هذا الصدد. حق الإضراب هو حق دستورى لأنه ينبع من الحق فى التجمع السلمى المكفول بواسطة المادة 40 من الدستور، فبدون الحق فى الإضراب لا يكون هناك معنى للحق فى تكوين النقابات الذى لا ينفصل عن حق التجمع والتنظيم. نسارع هنا فنذكر أن الحق فى الإضراب لا يقتصر على النقابات فالتنظيمات التى يجوز لها الدعوة للإضراب ،وفقا للجنة الخبراء التابعة للجنة المختصة بحرية التجمع فى منظمة العمل الدولية، تشمل أى تنظيم يهدف للدفاع عن مصالح العمال . والإضراب وفقاً للجنة المذكورة هو أى توقف عن العمل ويكون الاضراب مشروعاً حين يكون الهدف منه ضمن أهداف أخرى تحسين الشروط المعاشية للعمال . لا يجوز التذرع بصفة الوظيفة العمومية للأطباء لمصادرة حقهم فى الإضراب لأن مفهوم الوظيفة العامة يختلف من بلد لآخر – كما لاحظت لجنة الخبراء - ولكن حظر الإضراب بسبب الوظيفة العامة وفقاً لقواعد منظمة العمل الدولية يجب أن يقتصر على الموظفين العموميين الذين يمارسون السلطة العامة نيابة عن الدوله ،وهذا التعريف للموظفين العموميين لأجل الاضراب يسود على أى تعريف لهم بواسطة القوانين الوطنية والتى يجب عليها التقيد بالمستوى الدولى . أضف لذلك أن القواعد الصادرة من منظمة العمل الدولية لا تجيز منع الموظفين العممويين من الإضراب مالم يوفر القانون الوطنى ضمانات كافية لهم للدفاع عن مصالحهم، بما فى ذلك الحق فى الإحتكام للجان تحكيم مستقلة ومحايدة ذات قرارات ملزمة للطرفين، فإن لم يوفر القانون ذلك فإن مصادرة الحق فى الإضراب يكون مخالفا للمستويات الدولية . أن الإستثناء الوحيد لذلك هو حق أعضاء القوات المسلحة والشرطة فى الإضراب والذى تركته القواعد الصادرة من منظمة العمل الدولية للقانون الوطنى. وفى معلم بارز فى هذه المسألة أصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوربية فى عام 2009 فى دعوى Eneji V. Turkey حكماً بالإجماع ذكرت فيه أن الحق فى الإضراب هو أحد الحقوق الاساسية المعترف بها والخاضع لحماية القانون الدولى ولا يجوز قبول تحديده إلا فى ظروف محددة على سبيل الحصر.
هذا مجرد فاتح شهية فى حق الإضراب لأصدقائي الأطباء وأعدهم بوجبة كاملة فى الأسبوع القادم.
نبيل أديب عبدالله
المحامى