البخل سلوك اقتصـــــــادي متقدم

يمكن الحصول على رأس المال عن طرق عديدة ، منها التمويل ، الاقتراض ، أو التسييل . أو عبر الطرق غير المشروعة .
لكن لا شك أن :
التوفير = رأس المال المجمّع
هل من الممكن تجميع رأس المال دون سياسة ترشيد الاستهلاك ؟
الإجابة : لا
يقول المثل السوداني :
الوفر جوعة يوم .
ويقول آخر :
عشاك إن بات غدّاك
ويقول ثالث :
القرش الأبيض لليوم الأسود

كم من الأموال الخاصة والعاملة راحت هدرا في مجتمعنا السوداني ؟
الكرم ، قيمة اجتماعية تغنّى بها الشعراء ، لكن اي مضيعة لرأس المال نتجت من ممارسة الكرم كقيمة اجتماعية ؟
هل يحتاج الضيف الواحد أو حتى 10 ضيوف إلى ذبيحة ليتعشّى أو يتغدّى ؟
انظر إلى هذا المدح :
عزيمتو الما بيردخا
والبتسبّي للضيف بيضبحا
( البتسبّي ) هي الشاة التي أشرفت على الولادة ، وهذا يعني أنه لا يبخل على ضيفه بشئ مهما كانت التكلفة ، فهو يذبح هذه الشاة التي أشرفت على الولادة بدون تردد إن كانت هي الوحيدة الموجودة لديه .
وفي هذا موت لمشروع اقتصادي كامل ، فهذه الشاة يمكن أن تصبح اثنتين أو أكثر في يوم أو يومين ، وبعد الولادة ستمنح أصحابها وجنينها الحليب ، ومنه يمكن أن يصنع الزبادي والسمن والزبدة والقشطة ، ويمكن أن يباع فيعود بدخل على صاحبه . وهكذا يكون هذا المشروع الاقتصادي ضحية لعادة اجتماعية .

كل فرد من المجتمع السوداني يمكن أن يغضب وينفعل إذا وصفه آخر بالبخل ، أو بأنه غير كريم ، حتى وإن كان بالفعل بخيلا . وكلنا تربينا على ذلك ، لكن هل بالإمكان أن يرجع كل واحد منا ويحسب كم هي المبالغ التي صرفها على الكرم في عام واحد ؟ ومن ثم في عمره ؟
سيجد كل واحد منا أنه صرف الكثير ، وأن ما صرفه كان يمكن أن تنتج عنه عددا من المشاريع الاقتصادية .

الأستاذ ود قاسم

تحية طيبة وتقدير

أراك تخلط بين الإقتصاد في الصرف وبين التطرّف صعوداً بالتبذير أو نزولاً بالبخل

فالبخل من الخلال الخســيسة، والصفات الذميمة وتعود على صاحبها بالبؤس والإنطواء وتكون سبباً في مقته وازدرائه، وقد حذّر الإسلام منه تحذيراً معظّماً
يقول الله سبحانه وتعالى فيه

"هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ "

"الذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "

وقال في النقيض الأخر

"إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا "


وكانت الوسطية هي ما أمر به الإسلام

فلا بخل ولا اسراف وتبذير

"وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا "

فرانكلي
تحية ومودة
لم أخلط ، لكني أميل إلى استخدام المعبار الشعبي ، فإنت كريم إن كثرت ولائمك ,انت بخيل إن انقطعت ولائمك .. إن ظللت تدفع للناس في المطعم أو الكافتريا فأنت كريم ، وإن لم تدفع ، أو فضّلت أن يدفع كل واحد عن نفسه فأنت بخيل .
وفي الآية الأولى وصف بالبخل من لم ينفق في سبيل الله ، وقد يكون كثير من الذين أطلق عليهم صفة الكرم أنهم لم يكونوا ينفقوا في سبيل الله ، لكنهم ينفقون من أجل اكتساب القيمة الاجتماعية أو الوجاهة أو لسبب يعلمونه هم دون غيرهم .
كما لم يرد في كتابتي أن البخل أمر ديني مرغّب به ، ولست بصدد حوار مثل هذا ، فقط أتحدث من وجهة نظر اقتصادية ، والاقتصاد علم من العلوم فيه جوانب بحتة وفيه جوانب تطبيقية . وإن تراضت أمة على اتباع الاقتصاد الإسلامي فلها ذلك ، لكني لست من دعاة حشر الدين في أمور الدنيا . ( أنتم أعلم بأمر دنياكم ) ، وأمركم شورى بينكم ...

البخل عندنا معيار قريب... يعني لو بتخت للضيوف الاكل في صحانه صغيرة مثلا، انت بخيل...

الكريم هو البهوش، وبقوم وما يقعد... ويعمل "الفوت".. عشان يكرم الناس.... وفي النهاية بتجي على راسه... هههههههههههه

لكن المشكلة العادة...

مثال بسيط، انا بعمل العصير او البارد للضيوف في كبابي كبييييييييييييرة... ما بقتنع إلا بيها (ياخوانا ما تقولوا كريمة،بس انا دايره ادي مثال على العادة الاجتماعية دي واثرها الاقتصادي)....
العصير ده بكون كتير جداً... الضيوف ما بقدروا يكملوه في معظم الاحيان، خاصة في المناسبات البكونوا فيها الضيوف لافين على اكتر من بيت... البحصل للعصير او البارد ده انه بيتدفق، لانه ما بتشرب ولا برجع.....

لكن، برضه ما بقدر اشتري لي كباية صغيرة!

شكرا يا عمو ود قاسم على الموضوع الظريف....

ابنتي مريم
لك التحية والشكر على هذه المساهمة الشجاعة ..
تخيلي في هذه الحالة ( حالة الكبابي الأكبر من اللازم ) :
كم من الوقت ضاع في تحضير عصير إضافي لا حاجة لك ولا للضيوف به ؟
هذا بالإضافة للتكلفة الإضافية
وهذا ما يدخل في إهدار مواردناالذاتية والتي هذ في مجموعها تمثل مواردنا القومية .
وطبعا إذا قدمنا كبابي صغيرة طوالي يقولوا علينا : شوفوا البخالة دي .

تحياتي لنادر وال Kids

واحدة من أهم المشكلات التي تواجه المواطن السوداني هي عدم قدرنه على التوفير .
هناك مبدأ عام يتم التعامل معه على أنه حكمة :
اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ..
وما من شك أن ما سيأتيك من الغيب ستصرفه أيضا ، وتظل هكذا كائنا مستهلكا ..
والتنمية على كل مستوياتها لا تأتي من فراغ ، لابد من رأس المال ..

الكرم الحقيقي هو الإنفاق على الأنتاج .
وما عداه هو إسراف استهلاكي لا مبرر له .
لا تضيعوا رؤوس أموالكم في الولائم والصرف على ما ليس منه عائد اقتصادي ..