من هو الأولى بالرثاء... نحن أم الوطن

إمتدت أناملي على حذر

لتمارس هواية محببة إلى نفسي وهي

اللطش ثم السمكرة وإضافة بعض النكهات الإنتهازية الخاصة

لإبداعات خطتها أنامل مميزة في فضاء المجهول السوداني على الشبكة العنكبوتية

المرة دي السمكرة إتطورت شوية وعملنا خدمات إضافية

بوهية بالفرن

مقدمة إليكم مسرحية نثرية وطنية

هي كتابات لشابة مميزة لها مكانة في القلب

كانت تشكو فيها الإغتراب

وتم تحويلها في ورشتنا الخاصة إلى مسرحية عن مهزلة من مهازل النظام تسمى الخدمة الوطنية

أحذركم فهي طويلة ولكنها تستحق القراءة فاعفوا لي أحبتي

شبح اسمه خدمة الوطن
وهل لنا وطن.. فمن هو أولى بالرثاء

الراوي
نحو المعسكرات.. في زي رسمي
يتجه الصغار مصحوبين بدموع الوداع
حيث وجب أن يجلدوا .. وأن يتركوا في الشمس لساعات طوااااااال
ليتخلصوا من جني تلبس عقولهم إسمه التفكير... كي ما يعودوا بشراً مثل البقية
يقف لوداعهم آباء أخرسهم إبتلاء الزمن
وأمهات من كثرة البكاء.. إستحلين طعم الدموع.. وأضحى البكاء هواية لديهم.. كما القهوة والتجمعات .. وتناقل الاخبار.. مصيبة وراء أخرى .. وعاهة خلف أخرى .. دمعة تلتها أخرى .. إصبن بنوع من البرود.. وبتن لا يبكين حزناً فقط .. وإنما هو نهج جديد.. انتهجته الحياة معهن .. إنه طريقة للعيش
أن تبكي النساء ... وأن يموت بكاء الرجال في أحشائهم .. فيقتلهم الصمت حزناً

ويعتلي الصبية شاحنات كبيرة
ليساقوا إلى معسكرات ساحات الفداء
كما تساق النعاج إلى سوق الماشية
إستعداداً لذبحها بعد بيعها
ويعلو الصراخ
هو الصراخ لا محالة
فأولئك الصبية
يرتجفون خوفاً

أما كبار الشيوخ في المعسكرات
فيصرخون مستبشرين بالغنائم الجديدة
تهليل تكبير
تهجير.. تكفير

ويصرخ الجميع
لا إله إلا الله
ودوا جميعاً لو قالوا
لا حول ولا قوة إلا بالله
ولكنهم يواصلون الصراخ
ولا حياة لمن ينادوا
إلا في ساحات الفداء

الراوي
وصولاً إلى معسكرات العبادة
تبدأ دروس التلاوة
يعلموهم أولاً كيف يأخذ كتاب الله شكل البندقية
وأنه كما اتانا الخلاص يوماً.. مسطراً من السماء في هذا الكتاب الجليل

أحد شيوخ المعسكر الصغار:
ففي هذه البندقية .. علم الحرية .. و أمجاد المهدية .. و نبذ الزمرة الشيوعية ..واقامة كل الشعائر الدينية

الراوي:
الدرس التاني ... كيف ترتل آيات الله

أحد الشيوخ:
عندما يهدر صوت الرصاص ..انصتو جيداً لصوت الرجولة .. وركزوا جيداً.. وابعدوا عن رؤوسكم كل المناظر اليومية..
واطردوا الحنين والحنان وهذه العاهات الإنسانية ففيها تتلخص كل أسباب التخلف والرجعية
وتعودوا أن تترنموا بصوت الرصاص .. فالرصاصات هي أحرفكم .. وعندما تصطف بجوار بعضها البعض.. تصبح آياتكم
فهل تتنكرون لكتاب الله.. وتهملون التدبر والتفكر في ملكوته
كما يجب أن تستعينوا بالصبر والصلاة والسلاح على خدمة الوطن

أحد الصغار:
وكيف نخدمه؟؟

يرد الشيخ قائلاً:
عليكم أيها الصغار
أن تبتعدوا عن داء اسمه التعلم .. داء يصيبكم به فيروس إسمه التعليم
إسرجوا عزائمك.. ليعتليها الحماس.. واغتنموا فرصة شبابكم الغض.. وجسدكم البض
وسلموا أمركم لمالك السماء والأرض
فقد استخلفنا عليكم من بعده.. لنقوم بتطهير عقولكم من أفكار الوثنية التي تدعوا إلى الوطنية
إلتحقوا بصفوف الخدمة الوطنية.. لتصبحوا رجالاً بين يوم وليلة
ليس بيننا جبان.. وليس منا من يرضى الذل والهوان

يتبع

يصرخ أحد الصغار مأخوذاً بالحماس
نحن ابناء ملوك في الزمان
توجوا الفونج وزانو كردفان
أفسح المجد لهم خير مكان

يحتقن وجه الشيخ وتتبدل ملامحه ويصرخ:
ما هذا الذي تقوله أيها الجاهل
أنت ممن علينا إبادتهم
كيف تتغنى بحب الوطن
أما علمت أن الغناء بدعة
و كل بدعة ضلالة.. وكل ضلالة في النار
إذهب إلى الخارج
وإنتظرني هناك

الراوي:
و بعد الصلاة.... يخرج الشيخ
و ينهال بالضرب على الصغير
وهو يصرخ:
هذه دعوة للشرك
تغني ونحن في حضرة الله

الراوي:
و بعد قليل من الصمت الذي حط على رؤوس الصغار

يفرد الشيخ أساريره ويقول:
لا تحزن .. إليك هذه الوريقة النقدية .. واشتري بها لنفسك شيئاً .. ولكن حذار أن تعيد ما قلت

الراوي:
وإجتمع شيوخ المعسكر مع بعض الضيوف وخطب فيهم كبيرهم

أجل باسم الوطن.. وبإسم الشعب
نعلن أننا سنخلص هؤلاء الصغار من شرور الجان
وكما وصف لنا الشيخ فلان رضي الله عنه.. وبارك الله فيه
أنه إما غسيل المخ .. حتى يقتنع الجان (التفكير) ويذهب بالتي هي أحسن
وإما حمام الشمس
أو فالحل الأخير هو غسيل القلب من أدران الوطنية
وإستطرد في حزم
إهذا وإلا فستبقى أرواحهم معذبة.. وهائمة.. في بيوت الأشباح

كما يسرني أن أنقل إليكم خبر قرب مقدم شيخنا العزيز لزيارتنا

الراوي:
ليأتي حاملأ معه آخر صيحات الوعظ .. وآخر ماكينات الغسيل
استعدوا أيها الصغار
واحلقوا رؤوسكم.. إنه الغسيل آت لا محالة

الراوي
و في إنتظار زيارة الشيخ
يقضي الصبيه وقتهم في التلاوة.. والتدبر..... وكما تعودوا
لا يفارق كتاب الله جيوبهم

و يقوم أحد الشيوخ
بتدريس الصغار بعض معاني الكتاب الجليل
أثناء إستمتاعهم بفترة من الراحة والإسترخاء تحت أشعة الشمس الذهبية اللهبية

الشيخ الصغير
إخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم
ويجب أن تعلمكم الأيام.. فهي خير من كل معلم
تعلموا كيفية إغلاق كل أزرار الذاكرة باحكام
لتمنعوا تسرب ذكريات وأفكار.. هي أمواج من الزيف
عن أناس خونة لئام.. أسموا أنفسهم وطنيين من درجة المثقفين .. ولكنهم متخاذلون من درجة النبلاء
لا يفوقهم أحد ثراءً في التخاذل.. يكتفون بالوهم سكنى
نسوا أن الحلم بعيداً عن أرض الفداء هو جريمة يعاقب عليها الله

نواصل

أخي الكريم
سلام من الله عليك

باقات من التقدير لكم

إنها مرثية الذات و مناحات الوطن

شكرا لكم

القرشي

تسلم أخي القرشي

الراوي
وحمل بساط الريح الشيخ الكبير إلى معسكر العبادة
وبدأ مع الشيوخ الصغار التطبيق العملي لفكرة التجديد في طرق العبادة
لمحاربة القواعد التحررية
متسائلاً
أو ليس التفكير نغمة
علينا إصابة أفكار التحرر والديمقراطية عند هؤلاء الصغار بالشلل
ويمكننا كذلك الإستعانة ببعض الجلسات الكهربائية للعلاج
لضمان ألا تتحرك أجساد مسلوبة الكيان.. وأفكار توقفت عقولها
لأنه لا يجب أن تنبض القلوب وهي منزوعة

الراوي
وصاح كل الشيوخ الصغار حتى كبيرهم
نعم الرأي يا شيخنا.. أحسنت
ولأن وقت الشيخ الجليل أغلى من الذهب فقد جمعوا له الصغار على الفور.. وخاطبهم قائلاً
إعلموا أن الله قد ابتلانا.. بشركاء كافرين في بلادنا
ليمتحننا وليرى إن كنا سنتخاذل في الدفاع عن دين الله
لكن ولأنكم تدركون جميعاً أن كلمة الله هي العليا

إذاً عليكم به.. إنهم كفرة جبناء
انهم جهلة.. إنهم سبب البلاء.. إنهم الأعداء

ويتساءل الصبية
و من أعداؤنا في الوطن.. ومن في الوطن غيرنا

الراوي:
يتململ الشيخ الجليل غاضباً ويصرخ
أنتم أعداء أنفسكم
عليكم بكل شبر من عقولكم
وعليكم بتدمير بعضكم إن شقت عليكم أنفسكم
ملخص الدرس.. أنكم أيها الصغار أعداء بعضكم البعض
ما دمتم لن تتمكنوا من تدمير أنفسكم
فلتدمروا إخوتكم.. و لتدمروا آباءكم
ولتقتلوا أمهاتكم كي لا ينجبن مزيداً من الأعداء
فسيزداد المجهود .. ونحن قوم كسالى

الراوي
قديماً قيل.. أن أول حب يولد في الانسان هو حبه للأم
وما الأم إلا رمزاً .... فالوطن أم .. واللغة أم
أصحيح أن كل أمهاتنا كانوا أسباباً لفجائعنا .. ولم نذق منهن يوماً طعم الحنان.. أو التضحية
أم أننا فجعنا بجرائم الافراد .. والقبائل... و ما الأرض إلا أفراداً وعشائر
لنا الله و نحن نقتل كل يوم بيد آباءنا وإخوانن وأجدادنا
وقريباً.. سيذبحنا أبناءنا

هل يا ترى
نحن موتى بانتظار الموت.. ولا نملك إلا أن نموت كالأشجار وقوفاً
أم نحن أمة تقتات من اللامعقول.. و تجوع وهي بين أخصب الحقول
أم نحن أرض المفارقات.. وأرض موت الحضارات

هل نحن أحبتي وبإختصار بلاد تتنكر لأبنائها
وتربة تتنكر لزراعها.. وجذور تتنكر لاشجارها

كل هذه المتاهات صنعناها .. أم صنعوها
كل هذه الممتلكات .. إنتهكناها .. أم إنتهكوها
كل هذه الأعراض .. إستبحناها أم إستباحوها

أن تسجن نفسك في نفسك
و ان تسجن داخلك في دواخلك
إنها فلسفة الفكر أحبتي
نحن لا نسجن أنفسنا .. ولكن تسجننا افكارنا

فما أن تعتلي الفكرة كرسي التداول بين خواطرنا وأذهاننا حتى تبدأ في إحكام سلطتهاعلينا فتحيطنا بنفسها أينما ذهبنا .. وما من مخرج .. فكيف نسكت صمتنا
تصوروا أحبتي أننا محكومون ... محكومون
فحتى أفكارنا باتت تحكمنا ولا نحكمها

نحن اولى بالرثاء
لأن الوطن لا يرثى
الوطن حي باق فينا .. ليذكرنا بمرارة الفراق .. ويحرقنا بنار شوقنا إليه
ويدفن أحلامنا في ترابه الدافئ.. ويشبعنا جوعاً ولوعةً
ما أقسى الجوع إلى الوفاء ... ولوعة الإنتماء

لن تقودنا الأجوبة أحبتي.. إلا إلى المزيد من الأسئلة
فلا مفر من الموت وقوفاً


ولنحترق بإنتظار بزوغ فجر جديد