المؤتمر الوطني والاحزاب (موازين القوي)

نبدأ طبعا بالمؤتمر الوطني الذي يمسك الان بخيوط اللعبة
حيث بدأت قوة المؤتمر الوطني(الاخوان المسلمون ثم جبهة الميثاق
الاسلامي ثم الجبهة الاسلامية ) بالمصالحة الوطنية مع نميري
وهي المصالحة التي لم تستمر فيها بقية احزاب الجبهة الوطنية(الامة
والاتحادي) الا قليلا ولكن الجبهة الاسلامية واصلت المشوار لتتغلغل في
المؤسسات الاقتصادية ولتنفتح اكثر علي المجتمع السوداني بطرقه الصوفية
وزعاماته القبلية مستفيدة من وضعها الاقتصادي الجديد ومن الحرية المتاحة لها بعونها
للحاكم بتوفير الغطاء له بعد ان انفض عنه الجميع كما امتد تاثير الاخوان المسلمين
الي هرم السلطة حيث عايشنا ابوالقاسم محمد ابراهيم نائب الرئيس نميري
الذي رحب بالترابي وفكره يصبح خارج لعبة الحكم




ونواصل

استمر الحال بين نميري والترابي من حسن الي احسن
لدرجة قال فيها الترابي لبعض اعوانه(لم يتبقي لنميري
الا ان يقول انا اخومسلم) في اشاره لقبول نميري لكل ما
طرحه عليه الترابي الا ان جاءت بدايات عام 85حيث بدأ
نميري من خلال التقارير المقدمة له من بعض اعوانه يشك
في تصرفات الترابي وبدا يصفهم صراحة باعوان الشياطين
الا ان جاءت زيارة جورج بوش الاب وكان وقت ذلك نائبا للرئيس
ريجان ونصحه صراحة بفك تحالفه مع الاخوان وهذا ما حصل واتبعته موجة
اعتقالات ولكن بعد اشهر معدودة جاءت ثورة ابريل ورغم اطاحتها بنميري
الا انها حافظت علي ما حققه الاخوان من مكاسب اجتماعية واقتصادية
وجعل لهم نفوذا وتاثيرا حتي داخل الحزبين الكبيرين
ثم جاءت انتخابات عام 86 والتي وصفها احد المراقبين بانها فاصل
من الديموقراطية الليبرالية سمح به الترابي في تاكيد علي قوة الجبهة
الاسلامية آنذاك

كانت خطة الجبهة الاسلامية الاستيلاء علي الحكم
عن طريق الثورة المسلحة وهذا ما كشفت عنه
وفاة عبالمنعم ابوجديري احد القياديين المقربين من الترابي
وهو قادم من بورتسودان حيث ارتبطت تلك الزيارة بالاشراف علي
حاويات من الاسلحة قادمة من الخارج ولكن نسبه لنفوذ الجبهة تم التكتم
علي ذلك ولكن الامر اصرف الي تدبير انقلاب عسكري وكان ذلك باستشارة
من احمد سليمان بعد انضمامه للجبهة منسلخا عن الحزب الشيوعي
وقد جاءت مذكرة الجيش لتضع المبرر الكافي لتنفيذ الانقلاب وهذا ما قد
كان في الثلاثين من يونيو وبمشاركة فعلية من كوادر الجبهة الذين
ارتدو زيا عسكريا وسيطرو علي اماكن استراتيجية

لكن الانقلاب يعتبر بداية النهاية للجبهة الاسلامية كحزب
جماهيري وظهر ذلك في نتائج الانتخابات الطلابية الجامعية
التي كانت تكسبها الجبهة من موقعها المعارض قبل
ان تتحول الي حزب سلطة

ثم جاءت المفاصلة بين البشير والترابي
لتضعف اكثر من حزب السلطة ليتجه الحزب الي بناء
جديد بعيدا عن الالنزام موظفا امكانات الدولة لذلك

عليه فانه بالنظر الي حزب المؤتمر الوطني كحزب
فهو حزب ضعيف ولكنه كحزب سلطة يستمد من تلك السلطة
قوته المالية والامنية والاستخباراتية وهو ما ينافس به اليوم

الحركة الشعبية لتحرير السودان
............................
اتينا بها في الترتيب الثاني لانها الشريك الثاني
في الحكم بعد المؤتمر الوطني بموجب اتفاقية نيفاشا
وان كان نسبة المشاركة لا تمكنها من استخدام الفيتو
الا انها تمتلك قدرة التاثير في القرارات من منطلق عوامل اخري

بعد ان انقلب جعفر نميري علي اتفاقية
اديس ابابا التي حقنت الدماء لعشر سنوات
ظهر التمرد الجديد بقيادة كوربينو اكوانين
واكتسب التمرد الجديد دفعة قوية بانضمام دكتور جون قرنق
الذي جعل من التمرد حركة سياسية عسكرية منظمة اعتمدت في
البدء علي اسلوب حرب العصابات
وبعد ان كان اساس التمرد هو انقلاب نميري علي اتفاقية السلام
جعل دكتور جون قرنق تطبيق الشريعة الاسلامية في عام 83 محورا جديدا للمعارضة
ووسع من اطار الحركة لتشمل شماليين اضافة الي الجنوبيين

حدد قرنق مبادئ الحركة في وحدة السودان
واعلن رفضه القاطع للانفصال بل اغلب
معارك الحركة الشعبية الداخلية كانت مع
من كانو ينادون بالانفصال