التغيير مؤلم جدًا ولكن! ... مقال للدكتور عبدالعزيز الثنيان

التغيير مؤلم جدًا ولكن! ... مقال للدكتور عبدالعزيز الثنيان


01-27-2010, 07:59 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=260&msg=1264618777&rn=2


Post: #1
Title: التغيير مؤلم جدًا ولكن! ... مقال للدكتور عبدالعزيز الثنيان
Author: قرشـــو
Date: 01-27-2010, 07:59 PM
Parent: #0


قرأت مقالا رائعا كتبه الدكتور تركى عبدالعزيز الثنيان فى صحيفة الاقتصادية بتاريخ 25/1/2010 ولأهميته وددت مشاركتى القراءة المتعمقة.



التغيير مؤلم جدا ولكن!


لا يمكن التغير دون إرادة وهو عمل لن يكون ممتعا فى أغلب الأحيان بل محفوفًا بالمكاره. يقول أحد المديرين فى إحدى الشركات المرموقة فى أمريكا، ذهلت من الحقيقة التى فاجأتني بها سكرتيرتي يوم استقالتها. بعد أن وجدت مكانًا آخر للعمل، أحضرت إستقالتها الى المكتب وعندما سألتها عن سبب استقالتها أخبرتني وبوجه عبوس، وبنزعة عدوانية، عن كرهها للعمل تحت إمرتي.

يقول ، كنت أعتقد أنني لطيف ودود معها ومع أسرتها، وكنت أرغب أن أعرض عليها مزيدًا من الحوافز المالية حتى أستبقيها،ولكن نزعتها اوعنفوانها العدائي الصاخب ساعة إعلامي باستقالتها جعلتنى أعيد التفكير فى كل حياتي، قالت كلامًا كثيرًا ، ولكن ما أثر فى قولها إننى جامد، لا أعير أي إهتمام لمشاعر من حولي. بدأت أترقب العاملين معي، وأحاول أن أتسقط أحاديثهم وأمازحهم لأعرف ماذا يجري، ولدهشتي أو لغبائي وصلت الى نتيجة مؤلمة مفادها بأن الجميع يتحاشى العمل معي، بل ويتحاشى إخباري بأي أخبار سيئة حتى لا يسمع كلامي ويرى ردة فعلي.

ذهلت، يقول، ولكن الصاعقة كانت فى البيت. فى عطلة الأسبوع ، تحدثت مع زوجتى وابنتي عن مفاجئاتى فى العمل وعن خسارتي للسكرتيرة، فإذا بالحقيقة الصاخبة تظهر لأول مرة كالصاعقة وهي أنه حتى أفراد عائلتي يشاطرون الموظفين فى العمل رأيهم في أنني جاف ولا أعير اهتمامًا أو تعاطفاً معهم ومع ما يقولون أو يمرون به من ظروف. كيف يمكن أن يحدث كل هذا مع إنني أقوم بما اعتقد أنه لطف وأدب مع الجميع..

ولكن هل يعقل أنهم جميعا يكذبون؟

استشعرت خطورة الموقف وقبلت بوجود المشكلة .ولكن كيف معالجتها وأنا فى قرارة ذاتى أعتقد جازمًا إنني لطيف؟ بعد لحظات تفكير مضنية، قررت أن أعالج نفسي. فاستقطعت وقتًا من العمل ومن كل مشاغلي، وأخذت إجازة وذهبت الى دولة لا أعرف لغتها، عن قصد. كان هدفي أن أتعامل مع تعابير الوجه والانفعالات والإشارات، أي أن أحاول تلمس المشاعر وأطوع نفسي على قراءة تعابير الأوجه التى تتعامل معي. كان هدفي أن أبتعد عن خداع الأحرف وسماع الأصوات . لا أريد وسيطاً بيني وبين فهم من يتعامل معي. يقول، طوعت نفسي لمدة أسبوعين على التعامل مع البشر ككتلة من المشاعر والتعابير والانفعالات لا مجرد عبارات متبادلة. حدث ما كنت أتمناه: بوادر شفاء. فمددت الإجازة لأنني بدأت أشعر بشىء مختلف يغزو طريقة تعاملي مع الباعة والمارة ومع كل أحد. بعد فترة ، أحسست إنني أسير فى الطريق الصحيح وان ملكة التعامل مع الناس أصبحت لدى مختلفة، أو بمعنى آخر ، بدأت فى الظهور. عدت بعدها لحياتي بجلد وقلب مختلف. رجعت الى المكتب وتعاقدت مع مدرب يتابع انفعالاتي وردة فعلي يوما إثر يوم. مع مرور الوقت وموقفًا إثر موقف بدأت أشعر بالدفء من الجميع، ولم تصبح المسألة فقط كلمات .. تغير الجميع وبدأت ألحظ محبتهم فى حركاتهم وكلماتهم وتعابيرهم.



كان لدى هذا الرجل هدف واضح فبذل كل ما يستطيع لتحقيقه حتى ولو كانت التكلفة معاناة نفسية صعبة الاحتمال.

قصة معبرة استذكرها كل مرة نتحدث عن التنمية وعن التطور وبقية المفردات الجميلة التى نتوق لتحقيقها على أرض الواقع ولكن مشكلتنا بأننا نريد أن يتقولب الجميع وفق ما نشاء ونشتهي. لا نريد ان نعترف أننا مقصرون أو أننا جهلة ونحتاج الى تعليم أو مثابرة أو جهد، بل نريد أن تأتى الحلول تطرق أبوابنا بكل ليونة .


يبدو لى ان الحجر الأول للتعلم فى أي مجال ألا تكون مغرورًا تأنف من أن تكون تلميذًا مهما كان مركزك أو عمرك، سواء كنت شخصًا أو مؤسسة أو دولة. ويفترض أيضًا أنك لا تتشبث بما تعرفه فى الماضي، فلو انك كنت مهووسًا بلعبة "الدنانة" أو "عظيم ساري" وهي ألعاب شعبية قديمة، فلا يعني أن قواعد تلك الألعاب يجب ان تستحضرها معك فى تعلم "البلاي ستيشن" فمجرد محاولة رمي "عظم" على الجهاز لن يضيف لك نقاطًا إضافية فى اللعبة.

يبدو لى أننا – أشخاص ومؤسسات – لا نزال ننازع الحجر الأول ونحاول إثبات خطئه، ونحاول بأنظمة بالية مضى عليها أكثر من 30 عامًا أن نحقق تنافسية دولية مع دول تتحدث لغة النانو والهبوط على سطح المريخ.. محاولة أجزم أنها مضيعة للوقت .



التغيرات الجوهرية مؤلمة ولكن نتائجها باهرة. والشواهد لا تعد ولا تحصى. ولنكن على يقين بأن المتألمين لن يرحلوا بصمت. ولكن هي مسألة ترتيب أولويات: أيهما أهم: مستقبل بلد أو صراخ بضعة ديناصورات تنقرض؟


Post: #2
Title: Re: التغيير مؤلم جدًا ولكن! ... مقال للدكتور عبدالعزيز الثنيان
Author: قرشـــو
Date: 01-28-2010, 08:46 PM
Parent: #1

كيف نستطيع جس نبض من يعيشون حولنا وهل نحن مقبولون لديهم ام لا؟؟؟