مقال كتبته بعد اسبوع من وصول الراحل الدكتور قرنق بصحيفة الصحافه .

مقال كتبته بعد اسبوع من وصول الراحل الدكتور قرنق بصحيفة الصحافه .


12-03-2009, 03:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=250&msg=1259848821&rn=0


Post: #1
Title: مقال كتبته بعد اسبوع من وصول الراحل الدكتور قرنق بصحيفة الصحافه .
Author: د.محمد بابكر
Date: 12-03-2009, 03:00 PM

يا عَمَــر البيت يا قطع الخيط
د. محمد بابكر
* قالت لي والدتي بعد أن عرفت أنني أنوي الذهاب الى مطار الخرطوم لأكون ضمن مستقبلي قائد الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق قالت لي إن قرنق «ياعَمَر البيت يا قطع الخيط» وهى عبارة يطلقها أهل الشمال حينما يكون الأمل معقوداً على شخص ما وبعد أن أمتحن غيره وعبر صبر طويل.
* وعبارة والدتي تعكس حالة الإحباط التي انتابت قطاعاً واسعاً من أهل السودان فلا الماضي يحمل ما يفتخر به ولا كثرة التجارب وخيبتها تدعو للتفاؤل.
* والعباره المذكورة تضع الدكتور قرنق وحركته تحت منظار مجسم يرى أدق التفاصيل ويرصد كل الحركات والسكنات.
* الجماهير التي استقبلت الدكتور قرنق لم تأت صنعاً ولم يشرف على حشدها صناع المواكب ولم يستخدم جهاز الدولة ضغوطه من ترهيب وترغيب لجلبها.
* جاءت هذه الجماهير لترسم مشهداً لم يشهده السودان الا حين زاره القائد عبد الناصر ولم تر القارة مثيلاً لهذا المشهد الا إبان عهد الابارتيد حينما كانت الجماهير في جنوب افريقيا تستقبل ملهمها نلسون ما نديلا. الذي رحل بها لاحقاً نحو هدف يتلألأ بجماليات المستحيل.
* جاءت هذه الجماهير بآمال عظيمة، آمال أن تنتهي حالة العداوة بين الدولة والمواطن وأن تبدأ حركة اصلاح حقيقية وشاملة يرى بعدها حقيقة الأشياء لا صورها.
* أمل أن تترجم قيم الديمقراطية الى واقع يراه المواطن في معاشه وصحته وتعليم ابنائه.
* أمل أن تتوقف دائرة العنف في شرق البلاد وغربها وأن تنتهي الحالة «الانقاذية» المتمثلة في سلسلة من الممارسات والمرتكزة على محاباة أهل الولاء إضافة للسجل الاستثنائي في انتهاك حقوق الانسان.
* جاءت الجماهير وكلها أمل في أن يصار الى واقع تكون كفاءة الفرد فيه هى المدخل لكريم الحياة وأن يقطع الطريق أمام شذاذ الآفاق وعاطلي المواهب.
*أمل أن ترد المظالم والأموال المنهوبة وأن يرسخ للمكتسبات الانسانية الراقية كالإعلان العالمي لحقوق الانسان وأن تنتهي والى الأبد حالة «توم وجيري» التي وضعت الانقاذ فيها كل سكان البلاد لأكثر من خمسة عشر عاماً.
* الفرصة متاحة تماماً للدكتور قرنق وحركته للعب دور أساسي في تاريخ الحركة السياسية السودانية ولإدارة شراكتهم مع المؤتمر الوطني على أساس المصالح العليا للبلاد، فالجماهير تضع في الاعتبار أن الاتفاق بين الحكومة والحركة قد جاء متأخراً للغاية فقد كان في مقدور الحركة توقيع هذا الاتفاق قبل أكثر من ستة عشر عاماً وهذا يذكر الجماهير بالكلفة الباهظة لهذه الحرب والفظائع التي أُرتكبت بفعل ثقافتها.
* ستتجاوز الجماهير كل هذه المآخذ إذا سارت الأمور على الجادة واذا استوعب «الشريكان» ضرورة الاعتراف بالاحزاب والمكونات السياسية كافة لأهل السودان وهذا إعتراف يتطلب استيقاظاً يجعل الفعل مطابقاً للقول ويتكئ على أن الوطن للجميع دونما تمييز أو إقصاء.
* أما اذا الحق الدكتور قرنق حركته بمناهج الانقاذ القديمة، واذا تعاملت الحكومة مع الاتفاق وتنفيذه «بنصف قلب» فان عقد البلاد سينفرط وحينها سينقطع الخيط لنصار الى وطن مفتت ولن نرى حينها شمالاً ولا جنوباً.
* إضافة الى مسؤولية طرفي الاتفاق التاريخية والأخلاقية فإن القوى الأخرى مسؤولة وملزمة بأن تخرج من الحالة التي أسماها الاستاذ الحاج وراق بحالة العجز والعطالة السياسية، وهذه القوى مطالبة بقراءة الأمر الواقع وأن تتقدم برشد سياسي لتدافع عن حقوق الجماهير دونما اتباع لأسلوب الستينات من القرن الماضي من مناورات ومزايدات ذلك الأسلوب الذي سيجعل من الحالة ما لا يوصف إلا بمقولة «شعب العظام الذي يقوده الأقزام