أي بشر أنتم !!!

أحاول قدر المستطاع أن أداري غضبي وانفعالي على الأقل حتى لا تنفلت الكلمات وتتبدد المشاعر على رغم كبر الجرح وعمق الألم الذي تركتموه في قلوبنا، وأي قلوب .. قلوب أكثر من 35 مليون سوداني .. قلوب بيضاء من غير سوء، قلوب هللت وفرحت حينما تيسرت لها الفرصة لاستضافتكم في بلادنا لتبرهن لكم وللعالم أجمع أصالة معدن شعبنا...
ولكن يقل الوفاء في هذا الزمان الغابر، تعاملنا معكم بأسلوب الريفي الطيب البسيط الذي يرحب بضيوفه، استقبلناكم وأحسّنا وفادتكم، كنا نتمثل كل قيمنا النبيلة وأخلاقنا التي لن تجدوها إلا في بلادنا ... كنا نستدعي أصالتنا التي تغنى بها أسلافنا وتمثلوها عملاً وفعلاً... ألم يقل أحدهم:
ضيف الهجعة ما بتوقد لى عشاه النار
قدحك ديمة وافر لى البغشي ليل ونهار
وبنفس طريقة الريفي البسيط كنا نسهر على خدمتكم وتحقيق مطالبكم، وفرنا لكم كل السبل من أجل راحتكم، وإبدال خوفكم أمناً وطمانينة، أظهرنا لكم وللعالم أجمع طبيعتنا السمحة التي أجزم أنكم لم تعرفونها من قبل وربما قرأتم عنها في كتب الأساطير والأحاجي، لكنها في بلادنا واقعاً طبيعياً نمارسه ولا يدهشنا، ...
لكن، ما أسديناه من معروف قابلناه بجحود ونكران للجميل، وإساءة لن يغفرها لكم الزمن مهما تعاقبت أيامه ... فقامت قيامتكم تكيلون السباب والشتائم لشعبنا الطيب الذي كان وفياً لكم أكثر مما يجب...
يا الله: أي بشر أنتم ... أي قيم تحملونها...
حسبنا الله ونعم الوكيل..



الحلاوي

إن النظرة الاستعلائية التي تعاملتم بها مع هذه الأحداث، وحاولتم فيها أن تقنعوا أنفسكم والآخرين خصوصية شعبكم وتميزه، متجاهلين أيضاً أننا شعب متفرد لا يقبل أن يهان أو يطعن في كبريائه وعزة نفسه الأبيــة خاصة لمن أحسنا إليه و أوليناه رعايتنا و صادق مشاعرنا.