أزمة جديدة..!!

أزمة جديدة..!!


11-17-2009, 12:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=250&msg=1258457072&rn=1


Post: #1
Title: أزمة جديدة..!!
Author: azz gafar
Date: 11-17-2009, 12:24 PM
Parent: #0

أزمة جديدة..!!
عثمان ميرغنى

بدأت قضية "سد الشريك" في ولاية نهر النيل تتفاقم وتتحول تدريجاً من قضية تنمية إجتماعية الى مواجهة سياسة.. والسبب كالعادة.. سوء إدارة.. وتسويق الحكومة لمثل هذه المشروعات .. ولفائدة من لا يعرفون "سد الشريك" هو واحد من سلسلة سدود مقترحة، وأُجريت لها دراسات جدوى في التسعينات، وأعيد تحديثها الآن.. وهو سد صغير مقارنةً بسد مروي ويقع في منطقة الشريك (80 كيلومتراً شمال عطبرة) .. ويفترض أن يغمر مناطق مهمة لكن بتدخل سياسي جرى تعديل تصميمه لإخراج منطقتي الباوقة والعبيدية من بحيرة السد.. ولأن معظم النار من مستصغر الشرر، بدأت المعارضة الشعبية لتشييد السد صغيرة، لكن عكفت عليها الحكومة بـ(الرعاية!!) حتى أوصلتها إلى المدى الذي أُريقت فيه دماء بعض كبار المسؤولين.. ولا تزال القضية على جذوتها.. ما الحكمة أن تدرك الحكومة أن استثمار "العقل" أفضل وأرخص من استخدام "العضل"؟ .. ولا أعني بـ"العضل" القوة العنفية وحدها.. بل حتى مجرد التجاهل واستصغار شأن أي صوت معارض أو إفتراض أنه عدو يستحق (وأعدو لهم..). أي مشروع تنمية يفشل في إقناع الإنسان بجدواه لا يستحق أن تُبذل فيه الأموال ولا الجهد ولا الدماء.. لكن السائد عند الناس الآن .. أن الحكومة أصلاً من البداية لا تفضِّل الحوار.. إلاّ إذا كان في سياق "التنوير" الذي يسري في اتجاه واحد.. من أعلى الى أسفل.. ولو رضيت بالحوار .. فلن ترضى بنتائجه.. ولو رضيت بنتائجه .. فإن أول ما تفعله أن ترسم الحيل لإفراغها من أي مضمونٍ جادٍ.. ومثل هذه "السمعة" جعلت الناس يزهدون في الحكومة ووعدوها ومنقطها في تسويق مثل هذه المشروعات حتى لو بدت الأرقام والمنطق سليمةً ومقنعةً وحاملةً لحقائق تستحق النظر. حدث ذلك في سد مروي.. رغم أنه مشروع قديم.. لا لون ولا رائحة سياسية فيه منذ بدأ التفكير فيه قبل استقلال السودان.. ثم تكرَّر الأمر في مشروع سد كجبار.. بدون أي معنى أو منطق تسلَّطت البنادق على مسيرة سلمية فأردت أربعة من القتلى .. دفنوا معهم إحساس الناس بالثقة في أي حوار مع الحكومة.. وليست وحدها هذه المشروعات المائية.. حتى في مشروعات صغيرة في مختلف المجالات ..تبدأ وتنتهي بدراما مواجهة بين الحكومة وشعبها.. تجعل السؤال المحتار يقفز دائماً الى السطح.. لمن هذه المشاريع اذا كان الناس ضدها.. ولماذا تبدو مشاريع التنمية دائماً مستفزة للإنسان رغم أنه – فرضاً – هو الأول المستهدف منها.. السبب الأول في كل هذه المصاعب الدامية.. (فقه العزائم) الذي تفكِّر به الحكومة.. الذي يُفترض أن السادة في القمة إذا اقتنعوا بفكرة .. فما على الأسافل إلى أن تنفِّذ (ولو على رقبتهم) .. وهي نظرية اُستخدمت بشراسة في منظومة الدول الشيوعية في الماضي.. فأنجبت بلاداً لديها أقمار صناعية في السماء.. وانسان مكسور الكرامة في الأرض.. فكانت المحصلة النهائية أن انهارت حزم الدول الشيوعية بينما سمقت المنظومة الغربية التي كانت تنظر دائماً للانسان كأغلى مورد وأهم أصل في أصول الدولة الحديثة..