د. محمد جلال أحمد هاشم يرثي كابتن/ محمّد علي كِدُرمة بـ " يا أشجع الشّجعانِ "

إلى روح كابتن محمّد علي كِدُرمة

يا أشجع الشّجعانِ!

يا فارس الفرسانِ!

يا نخلةً في أرضنا احترقت ولكن لم تمت إذ لا تزالُ هناك شامخةً على الشّطئانِ.

***

يا طائر الغرنوق يطوي الجوَّ محترق الجناح لُحيظةَ الإطلاقِ؛

آثرت أن تلقى الردى وجهاً لوجهٍ من على ظهر البُراقِ؛

واخترت أن تلقى الرّدى في بلقعٍ لا أن تُصيب مدائنَ العُمرانِ.

***

وهويت يا نسرَ السّماء بحالقٍ نحو المحاقِ؛

وعيونُك التّعبى مركّزةٌ على عين الحقيقة لا ترفّ جفونُها في لحظة الميزانِ؛

وسعيت نحو الموت ممتشق القوام مهندماً كالصّبِّ يسعى للعناقِ؛

وهويت بالعنقاء في بركانك الأسمى ومنك القلبُ موفورُ الجنانِ؛

ترنو إلى الدّنيا بسخريةٍ وقلبٍ مفعمِ الإيمانِ.

***

وهويت بالغرنوق يا نسر الأعالي الشُّمِّ في الميدانِ،

والنّاسُ دونك تشرئبُّ إليك بالأعناقِ؛

مشدوهةً ظلّت تراقبُ طائرَ الغرنوق يهوي وهو مشتعلٌ تظلّلُه سحائبُ من دُخانِ

نَظَرتْ إلى الموت المجيد وبلّلتها الأدمعُ الحرّى تسلسلُها المآقي؛

نظرت إلى كرةٍ من اللهبِ المقدّس قد تفتّق كالأزاهر مثلما البستانِ.

***

تبكيك السّماواتُ الأعالي والمهابطُ والمطاراتُ التي فقدت هديرَك إذ لم يعُد في العمرِ باقي؛

تبكيك الليالي السّاهراتُ وحولَك الخلاّنُ، يا ويحَ النّدامى! من لصحبك يا تُرى بعد الفراق؟

***

يا أشجع الشّجعانِ!

يا فارس الفرسانِ!

يا نخلةً في أرضنا احترقت ولكن لم تمت إذ لا تزالُ هناك شامخةً على الشّطئانِ

إني أعزي النفس لا بقصائدٍ
مسبوكةِ الكلماتِ والأوزانِ
لكنْ عزائي في بلائي أنني
أرجو بفقدكَ أعظم الإحسانِ
أُبدي رضاي بما يقدِّر خالقي
كيما أثقِّلَ بالرضا ميزاني
في موقفٍ للحشر يعظم عنده
هولٌ يُشِيبُ مفارقَ الولدان
والخلق في كربٍ ، ونارُ جهنمٍ
ترمي وتَغلي بالحميم الآني