موسم فك التنقلات السياسية بين الاحزاب السودانية

موسم فك التنقلات السياسية بين الاحزاب السودانية


10-23-2009, 07:17 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=250&msg=1256321832&rn=0


Post: #1
Title: موسم فك التنقلات السياسية بين الاحزاب السودانية
Author: سليمان عبدالرسول
Date: 10-23-2009, 07:17 PM

لطالما الانتماء الى التنظيم السياسي لا يبنى على المبادي التي يقوم عليها التنظيم ولا على برامجه فلا مانع ان تلجأ الاحزاب السياسية الى المبدأ الذي يقضي بانتقال السياسي بين الاحزاب على غرار ما هو معمول به في المؤسسات الرياضية التي تسمح لمنتسبيها بحرية الانتقال من منشأة الى اخرى او بيعهم لاي منشأة تدفع مبلغ مجزي للجهة المالكة، ذلك ان السياسيين في السودان اليوم لا يمارسون السياسة من اجل خدمة المجتمع والنهوض به بل من اجل تحقيق المصالح الشخصية المتمثلة في العائد المادي، فلا مكان للمبادي ولا للقيم الانسانية التي تحكم الضمير، فلا ارى مانع في أن يسمح اي حزب سياسي بانتقال اعضائه الى احزاب اخرى شريطة ان يدفع له الحزب الذي ينتقل اليه العضو اجر مقابل ذلك الانتقال، فهذا يحقق مكاسب لجميع الاطراف طالما ان المعيار الذي يبنى عليه الانتماء للتنظيم هو المعيار المادي وليس الاخلاقي،فالاحزاب الصانعة للسياسين ستحصل على اموال كبيرة من هذه الانتقالات بامكانها استثمارها في صناعة المزيد من السياسيين الذين تدفع بهم الى السوق السياسي التجاري شريطة ان تبقى احزاب منتجة للسياسيين دون المشاركة في العمل السياسي، اما الفائدة التي يجنيها العضو المشترى فهي المناصب السياسية التي سيتقلدها بانضمامه الى الاحزاب التي بحوزتها الجاه والمال والتي منها سيجني الثمار الكبيرة المتمثلة في القصور المشيدة والسيارات الفارهة والاسهم المالية في البنوك الدولية، اما الاحزاب المستهلكة اي المستقبلة للسياسين فانها ستزيد من شعبيتها من خلال الاعضاء الجدد الذين تكتسبهم من جراء انتماء السياسي اليها، هذه هي حصيلة عمل النخبة السياسية السودانية بعد اكثر من خمسة عقود من العمل السياسي ، انه ادنى درجات الانحطاط الفكري أن يكون طموح النخبة السياسية التي يعول عليها المواطن ان تقوم بخدمته والنهوض به اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا ان يكون همها الاول والاخير مصالحها الشخصية الضيقة المتمثلة في الكسب المادي باي اسلوب دون مراعاة للقيم والمبادي التي تحتم على الذين يتولون الشأن العام في المجتمع النزاهة الاخلاقية والتجرد لخدمة من يتولون امرهم، ما دفعني الى كتابة مشاركتي هو ما قرأته مؤخرا من أن بعض منتسبي الموتمر الشعبي قد قرروا الانسلاخ والانتقال الى حزب الموتمر الوطني كي يتقلدوا مناصب قيادية في الدولة،لا فرق بين الشعبي والوطني بل ان الاخير فرع من الاول ولا يوجد بينهما خلاف في النهج السياسي وانما خلافهم يدور حول المناصب التي تعود عليهم بالمكاسب التي تحدثت عنها، فلا يغير انضمامهم الى الوطني من افكارهم الايدولوجية طالما كلهم يلتقون حول فكر ايدولوجي واحد، السودان اليوم يعيش في عهد الكسب المادي الامر الذي ادى بنا الى الانحطاط الفكري الذي جعل وعينا السياسي يتراجع بعد ان كنا في الطليعة، اين نحن من رواد العمل السياسي المتجرد الذين صنعوا لنا الاستقلال وشيدوا لنا المجد الذي نتغنى به،كل منا يجب عليه أن يسأل نفسه هذا السؤال ويبحث عن الإجابة،نحن مطالبين بأن نقييم مسيرة حياتنا السياسية وحصيلة الهامنا الفكري كي نشخص العلة ونبدأ في علاجها، هل العلة في المجتمع منتج النخب الفكرية ام العلة في المنظومة التي تخرج هذه النخب، اذا استعطنا تحديد علتنا فتصبح عملية التقويم والاصلاح ممكنة شريطة ابتعادنا عن البيراغماتية،انه لامر مؤسف ان يصل بنا الحال الى هذه الدرجة من الانسداد الافقي في الروى في الوقت الذي نرى فيه الشعوب التي من حولنا تتقدم فكريا وتنضج سياسيا وتتقدم اقتصاديا واجتماعيا ولا اجد وصف لحالنا ابلغ من قول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا.