Post: #1 Title: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:21 PM Parent: #0
Post: #2 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:22 PM Parent: #1
- ولد عبد العزيز محمد داؤود أبوبكر في مدينة بربر في العام 1921م .. وفي مرحلة ما قبل بداية الفن ، كان قارئاً جيداً للقرآن الكريم وذو صوت جميل وأكثر العوامل التي ساعدت على تنمية وتقوية الصوت والإندماج في هذا العالم هو مواظبته وحضوره على حلقاات الذكر والمديح .. بعد وفاة والده ألتحق بالعمل بالسكة حديد وخلال هذه الفترة كان يردد اغنيات فنان الحقيبة فضل المولى زنفار مثل أغنيات لي زمن بنادي وحبيبي غاب في موضع الجمال بلاقيه وبعد فترة ترك العمل بالسكة حديد وسافر إلى الخرطوم وعمل بمطبعة (ماكوركوديل) ثم إنتقل إلى مطبعة أخرى تسمى مطبعة الشرق الأوسط (ميدل إيست) وهي ما زالت موجودة إلى الآن وكان صاحبها يدعى (مستر كوتس) وبعد فترة تعرف عبد العزيز على الملحن المعروف برعي محمد دفع الله بمدينة الأبيض فبدأ تعاونهم بأغنية (أحلام الحب) وبعدها إنطلق عبد العزيز داؤود بقوة واحتل مكانة مرموقة مع رصفائه الفنانين وذلك لامتلاكه حنجرة قوية عذبة عميقة دافئة ذات صوت قوي شامخ بالإضافة إلى روعة إنتقائه للمفردة الشعرية مع حلاوة ألحان برعي محمد دفع الله العبقري .
- تزوج من السيدة الكريمة / فوزية محمد حسين عبادي وله من الأولاد عمران ، عاطف ، علاء الدين وعزام ومن البنات عايدة وماجدة وعزة ويطلق على عاطف ايضا إسم داؤود . . إنتقل الفنان عبد العزيز محمد داؤد إلى جوار ربه يوم الخميس 4/8/1984 م . .اللهم نسألك يارحمن يارحيم ياعظيم الشان ان تنزل شآبيب رحمتك ومغفرتك على عبد العزيز محمد داؤود ابوبكر وان تسكنه فسيح جناتك
Post: #3 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:24 PM Parent: #2
-أغنيات عاطفية :
الشاعر عبد المنعم عبد الحي : أهل الهوى , لوموه اللاهي , دوام بطراهم , أحلام العذارى ( يانديما عبء من كاس الصبا ) . الشاعر : عوض حسن أحمد : صغيرتي , فينوس , اللحن الضائع ( لم تجد حظها من الإنتشار ) الشاعر محمد علي عبد الله الأمي : أحلام الحب ( زرعوك في قلبي ) , أسعد سعيد , سيبوني بس على بلوتي . الشاعر حسين عثمان منصور : أجراس المعبد , مصرع زهرة ( اينعت في الروض زهرة ) . الشاعر أحمد محمد علي : هل انت معي . الشاعر إسماعيل حسن : عذار الحي , عاطفة ( كفاية ) الشاعر حسين بازرعة : صبابة , حليلة الفرقه من بكرة . الشاعر عبد الرحمن الريح : يخجل البدر , على النجيلة , سمير الروح , جافوني الاحباب . الشاعر احمد إبراهيم الطاش : لحن الحب , حلو درب الطير . الشاعر الطاهر محمد عثمان : وداع محب , طولت مارديت , انا من شجوني ( ياناس دلوني ) , صباح النور , نسيتنا وماودعت , توسل , حكم ضميرك . الشاعر خالد ابو الروس : ياعيني . الشاعر عبد الله النجيب : أشوفك في عيني وهي أول لحن للموسيقار بشير عباس في العام 1960 م . الشاعر عوض أحمد خليفة : أحلى الحبايب , قالوا الحب عذاب . الشاعر عثمان محمد داؤود : سلوى وهي أول اغنية لعبد العزيز محمد داؤود . الشاعر علي المساح : طول ياليل على الباسل . الشاعر فضل الله محمد : في حب يا اخوانا اكتر من كده . الشاعر الشاعر الزين عباس عمارة : عودة قلب ( من زمان ) الشاعر مبارك المغربي : من أريج نسمات الشمال . الشاعر محمد علي أبوقطاطي : الفينا مشهودة . الشاعر الفنان عبد الكريم الكابلي : يازاهية ( وهي اول اغنيات الكابلي قبل دخوله الوسط الفني ) . الشاعر علي محمود التنقاري : نيل الحياة . الشاعر حسن خليل : مساء الخير يا الأمير . ( أغنية الليلة ماجاء وسيدي ريدي ماجاء , لم نتمكن من معرفة شاعرها )
- أغنيات وطنية :
الشاعر أحمد التني : بلادي ياسنا الفجر . الشاعر الصادق الياس : الأرض الحبيبة .
وتجلي وأبدع عبد العزيز داؤود في أغنيات الحقيبة ومن أشهرها :-
- الشاعر عمر البنا :- زهرة الروض الظليل , ياعيني وين تلقي المنام , نسائم الليل , كيف الحياة غير ليمك , زيدني في هجراني , أمدر واعوده . - الشاعر أبو صلاح : ياليل أبقى لي شاهد , غزال الروض . - الشاعر عبد القادر تلودي :- من بف نفسك يالقطار , حبيبي غاب في موضع الجمال . - الشاعر علي المساح : غصن الرياض المايد . - الشاعر عبيد عبد الرحمن : البرهة القليلة , جاهل وديع مغرور ,غزال البر ياراحل . - الشاعر محمد بشير عتيق : جسمي المنحول , مابنسى ليلة , أول نظرة ( رشقتني عيونو ) . - الشاعر خليل فرح : فلق الصباح , بدر التمام . - الشاعر عبد الرحمن الريح : لي زمن بنادي . - الشاعر سيد عبد العزيز : يجلي النظر , آنة المجروح . - الشاعر اللبناني الياس فرحات : عروس الروض ياذات الجناح . - الشاعر حدباي : زهر الرياض في غصونه ماح .
- ومن أشهر أغنيات البنات والتي غناها ابوداؤود ووضع بصمته عليها أغنية فريع البان .
Post: #4 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:25 PM Parent: #3
Post: #5 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:26 PM Parent: #4
Post: #6 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:27 PM Parent: #5
Post: #7 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:28 PM Parent: #6
Post: #8 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:30 PM Parent: #7
Post: #9 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:31 PM Parent: #8
Post: #10 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:33 PM Parent: #9
Post: #11 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:44 PM Parent: #10
Post: #12 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:46 PM Parent: #11
Post: #13 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:47 PM Parent: #12
ثنائية عبد العزيز محمد داؤود وبرعي محمد دفع الله
- قبل الدخول في دهاليز الثنائية بين عبد العزيز محمد داود وبرعي محمد دفع الله ندلف قليلا للتحدث عن برعي محمد دفع الله ذلك الموسيقار الذي شدا بأوتار القلوب وأودع فيها شجي النغم بألحانه العذبة التي سمت بأرواحنا وتظل تسمو مابقي شئ يعشق الشئ المليح ويعتبر برعي محمد دفع الله احد العلامات البارزة في تاريخ الموسيقى السودانية وعبقرية موسيقية فذة قل أن يجود الزمان بها . .
- ولد برعي محمد دفع الله في 27/1/1934 م بحي الموردة بامدرمان وبدا تعليمه بخلوة جده لوالدته ثم مدرسة الموردة الابتدائية ثم مدرسة امدرمان الوسطى للتعليم والتحق بالمعهد الايطالي للموسيقي في القاهرة في العام 1955 م وابتعث إلى لندن لدراسة الموسيقى في العام 1960 م , كما أوفدته الإذاعة السودانية لدراسة الموسيقى العربية بالمعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة في العام 1965 م , عمل بالسفارة السودانية للقاهرة كإداري وعاد إلى السودان وتنقل في عدة وظائف إدارية فعمل بحديقة الحيوان وكاتبا في المصلحة الطبية ثم الإذاعة السودانية و قام بإنشاء وتأسيس قسم الموسيقى بها . - أثناء فترة عمله في المصلحة الطبية تم نقله إلى مدينة الأبيض ( عروس الرمال ) وفي تلك الفترة بدأ عبد العزيز محمد داود مسيرته الفنية بترديده لأغنيات الحقيبة وعلى وجه الخصوص أغنيات الفنان فضل المولى زنقار وذهب إلى مدينة الأبيض لإحياء حفل وكانت هناك المصادفة التاريخية التي تركت أعظم الأثر في تاريخ الغناء السوداني الحديث والتي أدت إلى ميلاد مدرسة جديدة في الغناء السوداني . . كانت مدينة الأبيض في ذلك الوقت في قمة ازدهارها الثقافي والفني والاقتصادي و تعج بكوكبة من الأسماء اللامعة مثل الشاعر محمد عوض الكريم ود القرشي و الشاعر محمد علي عبد الله الأمي و الشاعر سيد عبد العزيز والصحفي الفاتح النور وغيرهم وكانت وفود الفنانين لاتنقطع عنها وفي هذه الأجواء كان اللقاء الأول بين عبد العزيز وبرعي بأغنية أحلام الحب ( زرعوك في قلبي ) للشاعر محمد علي عبد الله الأمي والتي يقول مطلعها . . زرعوك في قلبي . . يامن كفاني شجون . . ورووك في دمي يا اللادن العرجون . . واستمر بعد ذلك تعاونهما الفني لان برعي يؤمن بالثنائيات الفنية لأنها تساعد على نجاح وتقديم أعمال مميزة ويرى بان عبد العزيز له صوتا متفردا ومقدرات تطريبية عالية ويتميز أدائه بالصدق الشديد ويشعر بان الحانه تصل إلى الناس من خلال حنجرة عبد العزيز كما يريد و كان نتاج تلك الثنائية العديد من الأغنيات الرائعة الشفيفة ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :- عودة قلب ( من زمان ) وصغيرتي وفينوس ووداع محب ومساء الخير يا الأمير وهل أنت معي وأجراس المعبد وأحلى الحبايب وعذارى الحي وأهل الهوى ومصرع زهرة ( أينعت في الروض زهرة ) وأريج نسمات الشمال ونيل الحياة وصبابة والفينا مشهودة وصباح النور ونسيتنا وما ودعت ولحن الحب وسيبوني بس على بلوتي ولوموه اللاهي وياناس دلوني وطول ياليل وأحلام العذارى وتوسل وقالوا الحب عذاب واسعد سعيد واللحن الضائع وحب اكتر من كده ودوام بطراهم وحكم ضميرك وزرعوك في قلبي وغيرها من الروائع . • العلاقة التي جمعت بين عبد العزيز وبرعي تجاوزت المصطلح إلى عمق التواصل الإنساني ويقول عبد العزيز عن برعي : برعي موسيقار كبير ومثقف واعتمد عليه كثيرا إلى الدرجة التي أصبحنا فيها اكثر ارتباطا وتفاهما مع بعضنا ولا أنكر إنني أستشيره في أمور كثيرة تجاوزت الأمور الفنية . . وعن عبد العزيز يقول برعي : إن عبد العزيز هو برعي وان برعي هو عبد العزيز ولو كنت مغنيا لكان عبد العزيز هو الملحن الذي سيخلق معي نفس الثنائية .وان الإخاء الذي ربطني بعبد العزيز هو إخاء في الفن وهو انبل العلائق الفنية
Post: #14 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:49 PM Parent: #13
Post: #15 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:51 PM Parent: #14
عبد الكريم الكابلي وبرعي وأبو داؤود وعبد الله عربي في بروفة .
Post: #16 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:52 PM Parent: #15
Post: #17 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:54 PM Parent: #16
عثمان حسين وعبد العزيز محمد داؤود وحسن عطية واحمد المصطفى
( الصورة من الأستاذ لؤي شمت )
Post: #18 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:56 PM Parent: #17
عبد العزيز محمد داؤود يصافح الرئيس المصري الأسبق محمد نجيب
Post: #19 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-22-2009, 11:58 PM Parent: #18
عبد العزيز داؤود وعثمان حسين وبشير عباس يصافحون فرقة أثيوبية زائرة
Post: #20 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 00:00 AM Parent: #19
- اشتهر الفنان عبد العزيز داؤود بالطرفة وكان شيخ الظرفاء في ذلك المجال وكان ذكيا لماحا قادرا على الملاحظة الدقيقة مستعينا بسرعته البديهة لإستخلاص عنصر المفارقة فيتجسد أمامك الموقف المضحك وفيما يلي مجموعة من طرائفه :
- بعد زواجه من السيدة الفاضلة زوجته فوزية وخلال الأشهر الأولى من زواجه ظلت تسأل عبد العزيز كحال كل عروسة جديدة تود ان تعبر عن حرصها لزوجها . تسأله عبد العزيز ماشي وين ؟ يقول : الإذاعة .. هي وبتجي متين ؟ هو: بعد ساعتين .. وفي وقت آخر عبد العزيز ماشي وين ؟ هو : عندنا حفلة . هي : وبتجي متين ؟ هو : بعد أربعة ساعات وهكذا من يوم لأخر وفجأة بادرها بالقول : تعالي يافوزية انا مؤجر منك عجلة ؟ وضحكت زوجته فوزية وكان ذلك التعليق اخر مطاف سؤالي لعبد العزيز عن ميعاد خروجه وعودته .
- جاء ذات يوم عبد العزيز إلى الاتحاد الاشتراكي ولمحه الرئيس جعفر نميري وقال له : تعال ياعبد العزيز ماهي قصة فرق الجاز الكتيرة دي ؟ .. يا أخي نحن عايزين أغاني حقيبة ! فرد عبد العزيز بسرعة مذهلة : هو فضل فيها جاز ياريس !! مشير بذلك إلى ماكان يعانيه الوطن من شح في المواد البترولية من جاز وبنزين .. فضحك الرئيس وكل من شهد الموقف وقتذاك .
- جاء متطفلا إلى إحدى الجلسات الخاصة واحدا من الثقلاء وظل يلح على عبد العزيز ان يغني له ( غصن الرياض ) ظل عبد العزيز يتجاهل طلبه والثقيل يزداد إلحاحا إلى أن جاء قريبا منه وقال له : والله يا أستاذ لمن تغني غصن الرياض أنا اشعر ان عمري رجع عشرين سنة للوراء . قال له عبد العزيز انت عمرك الآن كم سنة ؟ رد الرجل في براءة : أربعين سنة . قال عبد العزيز خلص لقينا الحل .. انا حاغني ليك غصن الرياض مرتين عشان ترجع بطن امك ونرتاح منك .
- جاء عبد العزيز ذات يوم مشاركا في مؤتمر في الإتحاد الاشتراكي فسأله الرئيس جعفر نميري مازحا : انت ياعبد العزيز جيت تمثل منو ؟ فرد عبد العزيز ببدهيته الحاضرة : لقد جئت ياريس امثل السواد الأعظم .
- ذكر الأستاذ برعي محمد دفع الله بأنه جاء ذات صباح باكر للمحطة الوسطى بأمدرمان ليصحب عبد العزيز في الترام إلى الخرطوم . دخل عبد العزيز عربة الترام محييا السلام عليكم وكان الصباح باكر جدا والكل في إغفاءة . غاظه عدم رد التحية فقال : يابرعي أحسن ننزل .. أظنه ترام بضاعة ! هذه العبارة اللاذعة أفاقت الكل من تلك الإغفاءة وردوا التحية بأحسن منها .. وانسوا لاجدال بصحبة عبد العزيز وبرعي حتى الوصول إلى المحطة الوسطى بالخرطوم .
- يروي البروفسير علي الملك قائلا : حدثتني ماجدة عبد العزيز داؤود ان والدها قال لها نكتة يبدو انه ألفها في حينها قال : ياماجدة سمعتي الجدادة الأستضافوها في الإذاعة . ردت ماجدة : لا قال عبد العزيز : اكمل ليك القصة . الجدادة دخلت الاستديو وكالعادة شكرت الإذاعة لاتاحتها الفرصة وتكلمت عن مزارع الدواجن وعن الاوبئة وحياة الدجاج في البيوت زمان وعن هيمنة الدجاج الكويتي باختصار الدجاجة تكلمت كويس بعدين المذيع سألها تحبي تسمعي شنو في نهاية اللقاء والجدادة ماتلفتت وقالت : أحب اسمع في الليلة ديك للأستاذ زيدان ابراهيم .
- صدف وان تقابل احد اقربائنا مع عبدالعزيز في مكان ما وكان عبدالعزيز يتناول فطوره وكان عبارة عن سندوتش فعندما دخل قريبنا بادره عبدالعزيز ياخي اتفضل فطور .. رد قريبنا شكراً والله فاطر .. رد عبدالعزيز بسرعة بديهته طيب اتفضل غدا.
- الطرفة بين أبو داؤود وأصدقائه ( حسن سجق ) وزي العابدين وجاء أبوداؤد يسأل زين العابدين عن حسن سجق فسأله الزين ( عايز بيه شنو ياأستاذ ) فأجابه أبوداؤد : عايز أفطر بيه .
-ايام حكم نميرى ...عبدالعزيز كان صاحب نميرى شديد ...وكان نميرى بيحبه حب شديد ...ودائما ماكان بينادى ابوداؤود عشان يتعشى ويسهر معاه وينكت ليه ...فى مرة من المرات اصحاب ابوداؤود قالوا ليه انت يااب داؤود وكتين بتمشى تساهر وتتونس مع ابعاج ده ماتكلمه ياخى يطلع لينا وردى ده من السجن وكدة ... ابوداؤود وعدهم خير ومشى لاب عاج تانى يوم ....وهناك وسط الونسة والضحك مع الرئيس اب داؤود قال لنميرى ..سعادتك .....مادايرنك تشوف لينا موضوع وردى ده ... ابعاج طير عيونه ووقف الضحك....وسكت فجأة ... وقال لعبدالعزيز بنهرة ...قلت شنو؟ ابوداؤود قال ليه ...لا سعادتك ...انا قلت تشوف لينا طريقة تنقله لينا( سجن شالا) جننا بالعواميد كل يوم هنا فى كوبر...
Post: #21 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: طارق ميرغني Date: 10-23-2009, 00:43 AM Parent: #2
اخي عماد
دوام بطراه .... لاني لن انساه
وانا صغير دخل علينا بالمنزل ابو داؤود وهو كالعاده يحب ان يلبس البناطلين البيضاء فسالني والدي
رحمة الله عليهما :
ده منو ؟
فقلت له انه التجاني مختار فضحكا طويلا
كنت احس انه فنان ولكن من هو ؟
وتوفي وانا ببورتسودان حيث كنت في مامورية وانا اعمل في شركة السودان للحبوب الزيتية
وهو غني عن التعريف بكل ما تحمل الكلمة من معني.
Post: #22 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:09 AM Parent: #21
Quote: اخي عماد
دوام بطراه .... لاني لن انساه
وانا صغير دخل علينا بالمنزل ابو داؤود وهو كالعاده يحب ان يلبس البناطلين البيضاء فسالني والدي
رحمة الله عليهما :
ده منو ؟
فقلت له انه التجاني مختار فضحكا طويلا
كنت احس انه فنان ولكن من هو ؟
وتوفي وانا ببورتسودان حيث كنت في مامورية وانا اعمل في شركة السودان للحبوب الزيتية
وهو غني عن التعريف بكل ما تحمل الكلمة من معني.
أخي الباشمهندس طارق ميرغني
جمعة مباركة
شكرا للمرور وعبد العزيز داؤود غني عن التعريف تماما ومهما
تحدثنا عنه لن نستطيع أن نوفيه حقه ولكنها مجرد محاولة
متواضعة مني لنتلمس بعض من قبس سيرته العطرة .
لك كل الود
Post: #23 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:12 AM Parent: #22
هل أنت معي – كلمات – أحمد محمد علي
همسات من ضمير الغيب تشجى مسمعى وخيالات الأمانى رفرفت فى مضجعى وأنا .. بين ضلوعى .. لا أعى **** عربدت بى هاجسات الشوق إذ طال النوى وتوالت ذكرياتى .. عطرات ... بالهوى كان لى فى عالم الغيب غرام ... و أنطوى **** كان لى فى الأمس أحلام وشوق وحبيب كان للجرح طبيب ... لا يدانيه طبيب كان ... ما كان ... وبتنا كلنا ناء غريب **** سكر السمّار ...و الخمّار فى حان الغرام وأنا الصّاحى أرى فى النور أشباح الظلام وغدت كأسى على راحى ... بقايا من حطام **** عادنى الوجد إلى ليلى ... وكأسى المترع وسعير الحب يشقينى... ويشقى مضجعى ولهيب الشوق يدعونى فهل أنت معى؟
Post: #24 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:13 AM Parent: #23
أحلام الحب – كلمات محمد علي عبد الله الأمي
زرعوك في قلبي يا من كساني شجون ورووك من دمي ياللادن .. العرجون يا الباسم الهادي نورك سطع.. هادي وماذا أقول في سناك .. فيك الدلال .. عادي وماذا أقول شايقاني فيك قامه سمحة وميلحة لون وعاجباني فيك بسمه وساحراني فيك عيون أنا في انتظار عطفك مرت عليّ سنين أسعدني بنظره وخليك علينا حنين في حسنك الفردي ياما نظمت فنون هيهات أسلو هواك مهما اعتراني جنون أنا لي لقاك صادي لو في الخيال راضي خصمي هواك يا وديع من يا تري القاضي
Post: #25 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:14 AM Parent: #24
صبابة – كلمات حسين بازرعة
عــــجبا !!!! يقول الناس إنك هاجري وأنا الذي ذوبت فيك مشاعري سبحت باسمك والنجوم سوامري حتي بكي قلبي ..... بدمع محاجري ****** قل لي بربك , كيف تنسي الموعدا ؟ والليل أحلام ... وشوق غردا والجدول الهيمان ... لرأسي مرقدا كانت ذراعاك ... لرأسي مرقدا عجبا !!! أتنساها ؟ وتنسي المشهدا ؟ ****** أنسيت أنك في شعوري وفي دمعي ؟؟ مهما بعدت.... وزاد منك تألمي سأعيش يعدك ... راهبا في مأتم وتعيش ابدا ذكرياتك في فمي ما دام حبك ياحياتي ......... ملهمي
Post: #26 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:15 AM Parent: #25
فينوس – كلمات عوض حسن أحمد
تعالي فينوس الوجود تعالي أعزفي لحن الخلود تعالي في ربا النيل السعيد تعالي أنت في قلبي العنيد تعالي وحي إلهامي وفني تعالي هاهنا القيثار غني كل إحساس وأشعار ومعنس كم أذاب القلب فنا كم غزا الأرواح لحنا تعالي حيث تغريد الطيور تعالي حيث تغريد الطيور تعالي حيث همسات الزهور تعالي وانشري الشعر الحريري تعالي قد حوي القلب اشتياقا للطبيعة.... للغرام وللطلاقة تعالي نثضي العمر عناقا واسقنها خمرة السهر دهاقا
Post: #27 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:16 AM Parent: #26
أجراس المعبد – كلمات حسين عثمان منصور
دقت الأجراس في معبد الحب ونادت ..نادت الأفراح ورقصت خمرة الأحباب في الكأس وراحت تسكر الارواح غني يافرحتي الكبري وغني ولتغني في الليالي حبنا هللي ياضحكتي السكري ومني ولتمني ياضحكتي السكري ومني ولتمني حب قلبي والمني انت يا انشودة الأحلام هني ولتهني حب قلبي والمني أنت ؟؟؟ ياشفاها كلها ضحك وهمس وابتسام يا له صمت حوانا فحوي كل الكلام ايها العشاق دارت كأسكم يوم جئنا نصطلي من ناركم وصدي الناي وضفات الغدير ..... تترنم حمرة في الخد آذاها العبير ...... تتظلم قصة في العين والصمت المثير ...... يتكلم ياندامي إملأوا الكأس ...... أديرواه علي سوف أروي نار قلبي ...... إنه قسم علي إن خمرة في الشفاه ..... إن كأسي شفتي ولتغدوا لحن حبي ...... وأعيدوه علي
Post: #28 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:17 AM Parent: #27
أحلام العذارى – كلمات عبد المنعم عبد الحي
يانديما عب من كأس الصبا ومضي يمشي الهويني طربا بت أشكو لنجم في الليالي دمعا ولطل فوق زهر كاللآلي جميعا ونديمي عب من كأس الصبا وسقاني ثم عاف الكأس عاف الملعبا وجفاني هاهنا الزهر وروض واختلاء وهنا الليل وبدر وضياء وهنا الكأس وخمر وانتشاء وهنا الشادي يغني عجبا وأماني يانديمي طافت الأحلام بالفكر حياري وسرت تسبقها الأنغام في طهر العذاري ونديمي أول الآطياف في الفجر تواري واذا ما القلب اضحي لهبا كم يعاني ونديمي عب من كأس الصبا وسقاني
Post: #29 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:18 AM Parent: #28
من أريج نسمات الشمال – كلمات مبارك المغربي
من اريج نسمات الشمال اهدي ازكي بنات الخيال غبت عني..حبيبي الوصال ******** لو ذكرت الحمي والشباب حن قلبي وزاد التهاب غبت عني...... صار حليفي الضنا والعذاب والعذاب في الهوي مستطاب غبت عني..حبيبي الوصال ********** هل يفيد الاسي والنواح من فراقو انا صبري راح غبت عني...... مالو قلبي الذاب بالجراح لو تناسي الاسي ما استراح غبت عني..يا سيدي الوصال ********* زان شبابو الحيا والعفاف طبعو نافر ودايما يخاف غبت عني..... خدو كالازهار اللطاف حل قلبي وملك الشغاف غبت عني..حبيبي الوصال ******** اين ذاك الباسم الصدود هل نساني وخان العهود غبت عني ... زاد غرامي وفات الحدود السعادة تعود لو يعود غبت عني... حبيبي الوصال يا سيدي الوصال
Post: #30 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:19 AM Parent: #29
صغيرتي – كلمات عوض حسن أحمد
أوتذكرين صغيرتى؟! أوربما لا تذكرين الخمسة الأعوام قد مرت ، ومازال الحنين الشوق والأحلام ،ما زالت تؤرق ، والسنين هل كان حبا يا ترى أم كان وهم الواهمين؟ هل كان حبا لاهيا أم كان شيئا كاليقين هل كنت تعنين الذى لى تدعين؟ ما زلت أذكر خصلة عربيدة فوق الجبين ما زلت أقرا فى السطور فأستبين البعض أو لا أستبين والعطر والأنسام تغمرنى بفيض الياسمين منديلك المنقوش جانبه أوتذكرين .. وتذكرين؟ ما كان قصدى أن أبوح وربما قد تصفحين..
Post: #31 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:21 AM Parent: #30
الفينا مشهودة – كلمات محمد علي أبو قطاطي
الفينا مشهودة عارفانا المكارم انحنا بنقودا والحارة بنخوضا ***** الزول بفتخر يباهي بالعندو نحن اسياد شهامة والكرم جندو ما في وسطنا واحداً ما انكرب زندو البعجز يقع بيناتنا بنسندو الحارة بنخوضا... ****** ركابين عليهو الناصع أب غرة نتباشر وقت نلقى الكلام حرة ما بننفز يمين إن متنا فد مرة الخواف ما حر منو نتبرا الحارة بنخوضا.. ***** للجار والصديق عشرتنا تتمنى بنصون الأمانة السيدا أمنا المغرور ندوسو ونعدموا الطنة شافعنا بيرى الموت في الركاب سنة الحارة بنخوضا . .
Post: #32 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:22 AM Parent: #31
لوموهو اللاهي - كلمات عبد المنعم عبد الحي
لوموهو اللاهى بالغرام بالله قولوا ليهو الحب شئ طبيعى إلهى ******* الغرام ما بخير بين كبير وصغير من زمان الحب عمروا فينا يحير يا جميل يا نضير خلى هجرك غير من زمان الحب تلقى عمروا قصير ******* نادوا لينا البنا يبنى لينا الجنه يبنى طوبة حب ويرمى مونه محنه بالكتاب والسنه يعقدو لينا أهلنا انتصر يا حب انحنا نلنا أملنا ****** سيروا بينا لنيلنا وسوي لينا عديلنا فوق جناح الحب الملائكة تشيلنا يوم تقرب ضلنا فوق شبان جيلنا والزغاريد حب وخير مافى مثيلنا ****** العاقبة للخلان وللبشاركوا معانا انحنا ناس الحب الله ما بنسانا انحنا صُّنا هوانا بشرف وامانه يا جمال الحب ويا جمال دنيانا .
Post: #33 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:23 AM Parent: #32
مساء الخير يا الأمير – كلمات أحمد ابراهيم
مساء الخير يا الأمير .. يا الحبك شغل الضمير *** باهي طلعة وما ليك نظير .. الزهر في خديك نضير طيف خيالك بقى لي سمير .. بحنانك أنا مستجير *** عار الصيد منك عيون .. وأهدت ليك البانة لون مال ثمارك هدل الغصون .. تقسى كيف الود يهون
*** إنت منظر يفرح رؤاك .. إنت ديما الخير في خطاك نشقى نحن وطالبين رضاك .. تمسى بالخير ويسعد مساك *** مساء الخير يا الأمير .. يا الحبك شغل الضمير
Post: #34 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:24 AM Parent: #33
بلادي ياسنا الفجر – كلمات أحمد التني
بلادي يا سنا الفجر …… وينبوع الشذى العطر وملهمتي أغاريدي …… وآيات من الشعر سلام أنت ألحاني وحلمي في الهوى العذري ****** رعتني أرضها طفلا…… فكيف أسومها غدري وأصبو لذاتها عمري …… وحق لخيرها شكري سلام أنت ألحاني وحلمي في الهوى العذري ****** وعند الروضة الغنا …… أفياء من الشعر وكم أطيارها غنت …… تسابيحا مع الفجر سلام أنت ألحاني وحلمي في الهوى العذري ***** ولي في أرضها ذخر …… فعز الذخر عن تبر وأجدادي بها قبروا …… وقد جاؤوا على قدري سلام أنت ألحاني وحلمي في الهوى العذري
Post: #35 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:26 AM Parent: #34
عودة قلب – كلمات الزين عباس عمارة
من زمن مستني عوده قلبي راحل كنت بكتب ليهو بقلبي الرسائل قلت فيهو أشعاري وأتعذب ضميري.. كل كلمه حنان يفيض يغمر سطوري وكل حرف كتبتو من أعماق شعوري.. افتكرتو يرد رسالتي يرد يطمنئ في خطابه.. ما خطر في بالي يأسرني بعتابه.. ونسى أول مره أغراني بشبابه.. وكل ما ادلل يزيد إعجابي بيه.. حبيبي كل ما ادلل بزيد إعجابي بيه.. كنت شايف الجنة في نظرات عينيه .. حبيبي كان جميل من قلبه لو يرحم عذابي.. الدليل أنا شايفه عايش في خطابي.. وكل أيام عمره ولحظاته الهنيه.. حاول يخفي شعوره .. ويدلل علي.. ومن زمان .. أنا من زمان .. من زمن مستني عوده قلبي راحل كنت بكتب ليه بقلبي الرسائل
Post: #36 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:27 AM Parent: #35
سيبوني بس على بلوتي - كلمات محمد علي عبد الله الأمي
سيبوني بس على بلوتي
لمين اقدم شكوتي
مابين صحاي ونشوتي
ومابين اماني وروعتي
من العيون الساحرة
حسن الخدود الناضرة
شفت الهلاك فيهن قريب
يوم الوفا كان يوم عجيب
سطع عزيمتي وقوتي
ملكت تصرف ذاكرتي
وشعري وشعوري وذكرتي
بيك الجمال سما وافتخر
يارمز السعادة المدخر
يا ما فيك مناظر شيقة
وآيات محاسن ناطقة
هويتها بس لمضرتي
Post: #37 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:28 AM Parent: #36
السراي – كلمات الشيخ الطريفي الريح
يا السراي يا السراي جافوا النوم وعقدو الراي لليم متين يامولاي أول بوادي بي الأنزل القرآن آي راجي الكريم ما يخيب رجاي الليم متين يامولاي أسير بي سير ناسي أباي واحدين اقطاب واحدين انجاب واحدين بدله مابعرفوا خطاب واحدين تلوب واحدين جالسين فوق اللالوب واحدين فارين لحجى المرقوب صفي النية ماتكون كضاب بلفوا المضيق عند شكه طاب الليم متين يامولاي
Post: #38 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:31 AM Parent: #37
فنان الحقيبة فضل المولى زنقار بدأ عبد العزيز محمد داؤود مسيرته الفنية بترديد
أغنياته مثل حبيبي غاب في موضع الجمال بلاقيه ولي زمن بنادي وغيرها من روائعه .
Post: #39 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:33 AM Parent: #38
الشاعر محمد علي عبد الله الأمي كتب كلمات الأغنيات الأتية :
أحلام الحب ( زرعوك في قلبي )
أسعد سعيد
سيبوني بس على بلوتي .
Post: #40 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:36 AM Parent: #39
مجموعة من أغانى ابوداوود من موقع الاذاعة السودانية
Post: #41 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:38 AM Parent: #40
الشاعر حسين بازرعة اهدى أبو داؤود من اشعاره :
صبابة
حليلة الفرقة من بكرة
Post: #42 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:40 AM Parent: #41
الشاعر عبد المنعم عبد الحي التقى مع عبد العزيز محمد داؤود في هذه الأعمال :
أهل الهوى
لوموه اللاهي
دوام بطراهم
أحلام العذارى
Post: #43 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:42 AM Parent: #42
الشاعر إسماعيل حسن تعاون مع ابو داؤود في هذه الروائع :
عذار الحي
عاطفة ( كفاية )
Post: #44 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:44 AM Parent: #43
الشاعر الطاهر محمد عثمان تعاون مع ابو داؤود في هذه الأغنيات :
طولت مارديت
وداع محب
انا من شجوني ( ياناس دلوني )
صباح النور
نسيتنا وماودعت
توسل
حكم ضميرك .
Post: #45 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:47 AM Parent: #44
الشاعر خالد ابو الروس اهدى ابو داؤود أغنية ياعيني
Post: #46 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:49 AM Parent: #45
الشاعر عوض أحمد خليفة صاغ شعرا أغنيتي :
أحلى الحبايب
قالوا الحب عذاب .
Post: #47 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:51 AM Parent: #46
الشاعر مبارك المغربي كتب أغنية من أريج نسمات الشمال .
Post: #48 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:53 AM Parent: #47
الشاعر محمد علي أبوقطاطي صاغ شعرا الفينا مشهودة .
Post: #49 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:55 AM Parent: #48
الشاعر الزين عباس عمارة كتب أغنية عودة قلب ( من زمان )
Post: #50 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:57 AM Parent: #49
الشاعر فضل الله محمد صاغ شعرا أغنية في حب يا أخوانا اكتر من كده .
Post: #51 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 07:59 AM Parent: #50
الشاعر عبد الرحمن الريح تعاون مع ابود داؤود في هذه الأعمال :
يخجل البدر
على النجيلة
سمير الروح
جافوني الاحباب .
Post: #52 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 08:01 AM Parent: #51
أغنية يازاهية من كلمات والحان الفنان عبد الكريم الكابلي .
Post: #53 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 08:05 AM Parent: #52
عبد العزيز محمد داؤود . . والعجب حبيبي
بقلم مصطفى أبو العزائم
كثير من الناس قد لا يعرف أن أول مطرب ضخم وفخم بحجم منصة الغناء العظمى الفنان عبد العزيز داؤود، كان هو أول من غنى أغنية البنات المشهورة (العجب حبيبي) التي راجت مرتين، في أول عهدها نهاية ثلاثينيات القرن الماضي وبداية أربعينياته، ثم عندما التقطتها حنجرة الولد الفنان محمود عبد العزيز لتنثرها مثل فوح القرنفل في بساتين الطرب.. وقد كان «العجب» الذي تغنت له نساء ذلك الزمان شخصاً حقيقياً من شحم ولحم لا زال يعيش بيننا حتى الآن، وكان صاحب مال وشباب وفتوة يمتهن التجارة والتنقل باللواري من (بلد) إلى (بلد) ومن (حلة) إلى (حلة)، وأجرينا معه لقاءً في أول أعداد (آخر لحظة) بعد أن شاب الشعر منه وتقدمت به السن، وأصبح يعيش على صدى الذكرى.. ويضحك. الموسيقار الأعظم الأستاذ برعي محمد دفع الله قال ذات يوم، إن عبد العزيز لا يغني لحناً لا يقتنع به. إذن كان أبو داؤود مقتنعاً تماماً بلحن (العجب حبيبي) التي نظمت كلماتها امرأة عاشقة قالت أول ما قالت:- يوم لا قيتو راكب بسكليتو الشاب الظريف القبل الشاطي بيتو أشّر لي بريتو.. شقاني وما شقيتو شفت الحبيب.. توب الحد رميتو العجب حبيبي.. مارد لي تحية. كان الفنان الكبير عبد العزيز محمد داؤود معجباً بهذه الأغنية يغنيها في جلساته الخاصة، كما قال بذلك أستاذ الأساتيذ، رمز الثقافة المتوهج البروفيسور علي المك، عليهما رحمة الله الذي نسأله أن يغفر لهما ويدخلهما فسيح جناته.. وقد أحببتهما معاً، ولا أنسى أبداً أنه في أحد أيام خريف العام 1984م زارنا في منزل السيد الوالد محمود أبو العزائم - رحمه الله - الفنان الكبير عبد العزيز داؤود، وسأل عن السيد الوالد ولم يكن موجوداً، وقد تحدثت إليه قليلاً وطلبت منه أن ينتظر عودته لكنه اعتذر، وأدار محرك سيارته وغادر فكانت تلك آخر مرة أراه فيها، إذ نعاه الناعي بعد أيام قليلة إذ وُورى جثمانه الثرى أمسية السبت الرابع من أغسطس عام 1984م، وكان يوم وفاته يوم حزن عظيم، دخلت فيه الأمة (بيت الحبس) أو كما قال صديقه الأعز البروفيسور علي المك. حرَّضني، بل دفعني للكتابة عن (أبو داؤود)، الأستاذ عمر عبد الرحيم أبو بكر، وهو ممن أشادوا بالسلسلة التي بدأناها قبل أيام وأفردنا هذه المساحة من أجلها، أي من أجل الكتابة عن الفن، حفّزنا لذلك درة قناة النيل الأزرق التلفزيونية برنامجها الأخاذ، الذي نجحت من خلاله في توحيد كل السودانيين، وجمعهم حول شاشتها الفضية الساحرة لحظة بثه، وأعني برنامج «أغاني وأغاني» الذي يعده ويقدمه أستاذ الأجيال الشاعر والفنان والدرامي الرقم السر أحمد قدور. أما تحريض الأستاذ عمر عبد الرحيم أبو بكر فقد سبقته إشادة بطريقة عرض المعلومات، وقال لي إن هذه الزاوية أضحت ترويحاً رمضانياً نهارياً، أبعدتنا عن السياسة وشياطينها..! أعود لمطربنا الجذل العجيب عبد العزيز محمد داؤود، فقد رأيته أول مرة وأنا طفل صغير، وكان صديقاً للسيد الوالد ومن المقربين، فقد جمع منزل السيد الوالد محمود أبو العزائم عليه رحمة الله بحي السوق في أم درمان، جمع أهل الصحافة والفن والسياسة والإعلام والثقافة، لذلك بدأت علاقتنا بهم منذ عهد الطفولة الباكرة، ثم قويت مع مر الأيام في عهود الصبا والشباب، بل تعدت العلاقات الأشخاص إلى البيوت والأسر، فتعرفنا في لاحق الأيام بأسرة الفنان عبد العزيز داؤود، وأبنائه وبناته، ولا زالت هذه العلاقات قائمة حتى يومنا هذا، ونحسب أنها ستستمر. طلب مني الأستاذ عمر عبد الرحيم أبو بكر أن أكتب عن الفنان عبد العزيز داؤود، لكنني ربما لا أضيف شيئاً لما كُتب عن هذا الفنان العظيم، وأحسب أن أفضل كتابين صدرا عن عبد العزيز داؤود، هما (عبد العزيز أبو داؤود) للبروفيسور علي المك، و (وكان أبو داؤود) للأستاذ محمود أبو العزائم، الذي سجل معه ما أعتبره ثروة فنية ضمن سلسلة برامجه المتميزة للإذاعة السودانية، التي أرّخت لفن الغناء في السودان، وهي المعروفة بأسماء (كتاب الفن) و (زمان الرق) و (زمان العود). كنتُ أعرف أن البروفيسور علي المك كان من أقرب الناس إلى (أبو داؤود)، وكذلك الموسيقار الكبير الأستاذ برعي محمد دفع الله الذي قدم أجمل ألحان الغناء السوداني الأصيل من خلال حنجرة (أبو داؤود) الماسية، وقد تأثر برعي كما كان يقول هو نفسه بألحان المديح.. وتلك الألحان كانت هي أساس ألحان الغناء المعروف بـ(الحقيبة)، بعد اندثار عهد الطنابرة عقب تمردهم على العميد محمد أحمد سرور في حفل زواج التاجر المعروف بشير الشيخ بأم درمان عام 1920م، حسبما جاء في رواية أستاذ الأجيال حسن نجيلة في كتابه الأشهر (ملامح من المجتمع السوداني- الجزء الثاني). (أبو داؤود) نفسه كان (نتيجة) لتأثر روحه الشفيفة بموروث فن تلك الفترة، لأنه - ووفق روايته الشخصية - كان يعمل (محولجياً) بالسكة الحديد في محطة «الهودي»، ومشى على قدميه مسافة (32) كيلو متر حتى مدينة «عطبرة»، ومنها (كداري) أيضاً إلى مدينة «بربر» ليشهد حفلاً للفنان «زنقار» في نوفمبر عام 1938م. و.. الحديث عن «أبو داؤود» لا ينقطع.. رحمه الله.
( منقول من صحيفة أخر لحظة )
Post: #54 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: محمد مكى محمد Date: 10-23-2009, 08:42 AM Parent: #53
العزيز عماد شكرا على الجمال. رحم الله أبوداود, الفنان بمعنى الكلمه.. واصل.. مع الموده
Post: #55 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عبدالوهاب علي الحاج Date: 10-23-2009, 09:09 AM Parent: #54
تشكر يا عماد ابو داؤود قامة عالية في تاريخ الغناء السوداني وهو بجانب علو كعبه في الغناء فهو ايضاً صاحب طرفة وخفيف الظل رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما اعطى
____ بجيك راجع ببعض الطرائف
Post: #56 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: مريم عبد الله Date: 10-23-2009, 09:17 AM Parent: #55
استاذنا عماد احمد جمعه مباركه عليك
توثيق وافي وجميل لفنان راقي واصيل
مشكور مليون مرة على العمل الرائع
وياريت لو نزلتا لينا احدى اغنياته بصوت ابنته المبدعه عزة عبد العزيز داؤود
ان امكن وباهديها لكل عشاق الفنان الراحل ابو داؤود
Post: #57 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: طارق ميرغني Date: 10-23-2009, 09:22 AM Parent: #55
رغم ان اللبنانيين ينظرون الينا كمتسلبطين في العروبه ..و ... كدي خليك
المهم الفنان وديع الصافي عندما سالوه عن الحناجر الذهبية العربية قال انا وفهد بلان من سوريا
وعبد العزيز داؤود من السودان !!!!
Post: #58 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: محمد مكى محمد Date: 10-23-2009, 09:55 AM Parent: #57
Post: #61 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: وليد عبد اللطيف Date: 10-23-2009, 10:20 AM Parent: #58
ياحليل ناس هم ناسنا شالو نومنا وشالوا نعاسنا اغاني ابو داوؤد بصوت عزه ابوداؤود (من بوست الشعبية )
والله ياناس بحري لو ما بتجيبو الطرب واهل الطرب ما بتكونوا من بحري مشكور اخي عماد عثمان احمد وانت توثق بالكتابة كمامشكور محمد مكي محمد (ود بيت المال )(وهو يوثق بالصورة والصوت ) مشكور اخي عادل عثمان بالمادة
Post: #62 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Alsa7afa_30 Date: 10-23-2009, 11:24 AM Parent: #61
الأخ عماد
لك الشكر و التقدير على هذا الجمال ..
خالص تحياتي ..
Post: #63 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-23-2009, 05:19 PM Parent: #62
العزيز محمد مكي محمد
التحية لك وانت تعطر البوست بروائع أبو داؤود
جزيل الشكر والتقدير لك وربنا يديك العااافية
لك كل الود والإحترام
Post: #64 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: WAD ELGAALI#4 Date: 10-23-2009, 06:08 PM Parent: #63
والله ياعماد بوست قمه فى الروعه وبعدل المزاج عديييييل كدا
Quote: انا حاغني ليك غصن الرياض مرتين عشان ترجع بطن امك ونرتاح منك
لكن انت متأكد قاليهو بطن أمك والا حاجه تانيه ياعمده ماعهدناك محرفا
Post: #65 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: حمزه بابكر الكوبي Date: 10-23-2009, 06:52 PM Parent: #64
الحبيب عماد وزير التوثيق كما عودتنا دوما بوستات دسمه بكل مافيها وبوست لهرم كابوداؤود يجب الوقوف والتأمل عنده كثيرا
Post: #66 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: حمزه بابكر الكوبي Date: 10-23-2009, 06:56 PM Parent: #65
Quote: الشاعر إسماعيل حسن تعاون مع ابو داؤود في هذه الروائع :
عذار الحي
عاطفة ( كفاية )
اغنية عزار الحي ياعماد اعتقد انها لعبدالمنعم عبدالحي وليس لود حد الزين الشاعر القامه اسماعيل حسن
Post: #71 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: لؤى Date: 10-23-2009, 07:36 PM Parent: #66
Quote: اغنية عزار الحي ياعماد اعتقد انها لعبدالمنعم عبدالحي وليس لود حد الزين الشاعر القامه اسماعيل حسن
أخي حمزة بابكر الكوبي تحيّة طيّبة
أُغنية (( عذارَىَ الحي )) كتبها له بالفعل إسماعيل حسن الأُغنية التي تعنيها والتي كتبها له عبد المنعم عبد الحي هي (( لحن العذارَىَ ))
عُذراً أخي عماد وشُكر وتقدير على هذا البوست الموفّق
تحاياي ووُدّي
Post: #67 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: محمد مكى محمد Date: 10-23-2009, 07:07 PM Parent: #64
[URL][/URL]
Post: #68 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: محمد مكى محمد Date: 10-23-2009, 07:12 PM Parent: #67
Post: #69 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: لؤى Date: 10-23-2009, 07:18 PM Parent: #1
-
Post: #72 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عفاف ابوكشوه Date: 10-23-2009, 07:59 PM Parent: #69
الاستاذ\ عماد- لك الشكر اجزله
لقد ازدان المنبر جمالا واكتسي حلة زاهية
بذكري الراحل المقيم الفنان المبدع
الخلاق عبدالعزيز داؤد
فهو في القلب والعقل والوجدان دوما
ذلك الصوت الدافئ الحنين يتسرب مخترقا
المسام والنبضات يشعل الفرح والامل في
دواخل كل من يستمع اليه
سنظل دوما نطراه ونطرب لسماع صوته حتي لو تحدث او < كحة>
عطر الله ثراه واسكنه فسيح جناته بقدر ما ملأ من مساحات
للفرح والتطريب في وجدان الشعب السوداني
شكرا عماد مجددا ولي عودة
عفاف ابوكشوه
Post: #73 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 10-23-2009, 10:00 PM Parent: #72
الغالي بروف التوثيق العمدة
انك عمدة في كل شئ
وثقت فابدعت يا لجمال ما اتحفتنا به
وااااااصل اننا متابعين بشغف
تحياتي واحترامي
Post: #74 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 10-23-2009, 10:04 PM Parent: #73
الاخ العزيز محمد مكي
لك كل الشكر وانت توثق بالصوت
والصورة للفنان الراحل المقيم
عبدالعزيز محمد داوود
تجياتي واحترامي
Post: #75 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عفاف ابوكشوه Date: 10-24-2009, 08:56 AM Parent: #74
صباحات
نسمات الشمال
ونداوة عودة قلب
ونغمات اجراس المعبد
فوق من اجل ملك الطرب
ابوالليل
Post: #76 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عفاف ابوكشوه Date: 10-24-2009, 07:23 PM Parent: #75
,
Post: #77 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-24-2009, 07:36 PM Parent: #75
Quote: تشكر يا عماد ابو داؤود قامة عالية في تاريخ الغناء السوداني وهو بجانب علو كعبه في الغناء فهو ايضاً صاحب طرفة وخفيف الظل رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما اعطى
____ بجيك راجع ببعض الطرائف
الأخ وهبة
أبو داؤود أسطورة الغناء السوداني لن يجود الزمان بمثله
الرحمة والمغفرة له بقدر ماقدم لنا .
في انتظارك لنستزيد من طرائف أبو داؤود .
لك كل الود
Post: #78 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-24-2009, 07:41 PM Parent: #77
Post: #79 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-24-2009, 08:09 PM Parent: #78
Quote: استاذنا عماد احمد جمعه مباركه عليك
توثيق وافي وجميل لفنان راقي واصيل
مشكور مليون مرة على العمل الرائع
وياريت لو نزلتا لينا احدى اغنياته بصوت ابنته المبدعه عزة عبد العزيز داؤود
ان امكن وباهديها لكل عشاق الفنان الراحل ابو داؤود
الدكتورة مريم عبد الله
سعيد جدا بمرورك وكتر خيرك على كلمات الشكر والثناء
والأخ وليد عبد اللطيف ماقصر ولبى ليك طلبك لأغنية أبو داؤود
بصوت ابنته عزة .
تحايا متواصلة
Post: #80 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-24-2009, 08:35 PM Parent: #79
أجاد ابو داوؤد اداء المدائح النبوية بمثل أجادته
فن الغناء ويرجع ذلك ألى تربيته في كنف أسرة صوفية كما وان داره
في بربر كانت جوار الزاوية القادرية وكثير ماشارك في حضور حضرات
الطريقة القادرية .. واول بدايات عبد العزيز في التلفزيون كانت
عبر برنامج من الشاشة للمايكرفون بمدحة ( السراي ) للشيخ الطريفي
الريح وحينما استمع صاحب القصيدة الشيخ الطريفي لعبد العزيز وهو يقوم
بادائها في التلفزيون عبر ذلك البرنامج ابدى اعجابه باداء عبد العزيز
وذهب اليه وسلمه النص كاملا حيث لاحظ أنه يؤديها ناقصة
لعدم معرفته بباقي النص .
كما وشارك عبد العزيز داؤود في فيلم ( انتزاع الكهرمان ) الذي
أخرجه حسين شريف وذلك بانشاد قصيدة بن الفارض :
شربنا على ذكر الحبيب مدامة
سكرنا بها قبل أن يخلق الكرم
هي الشمس والبدر كاس لها
يديرها هلال وكم يبدو اذا مزجت نجم
كما انشد ايضا في انتزاع الكهرمان لابن الفارض
انتم فروضي ونفلي
انتم حديثي وشغلي
Post: #81 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: حمزه بابكر الكوبي Date: 10-28-2009, 08:02 PM Parent: #80
Quote: أخي حمزة بابكر الكوبي تحيّة طيّبة
أُغنية (( عذارَىَ الحي )) كتبها له بالفعل إسماعيل حسن الأُغنية التي تعنيها والتي كتبها له عبد المنعم عبد الحي هي (( لحن العذارَىَ ))
الاخ العزيز لؤي لك خالص التحايا واشكرك كتير علي تثبيت المعلومه وتعرف انا مره سمعتها من ناس الاذاعه انها لعبدالمنعم عبدالحي ويبدو لي انه في بعض المرات مذيعي الربط بعتمدوا علي زاكرتهم فقط وده خطأ كبير جدا لانه احيانا المعلومه بتكون ماسليمه وتعرف مره سمعت اغنيه للفنان الراحل محمد حسنين قال مذيع الربط ان ملحنها هو برعي محمد دفع الله وبعد فتره نفس الاغنيه ومن مذيع ربط اخر قال ان ملحنها هو علاءالدين حمزه ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
Post: #82 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: لؤى Date: 10-29-2009, 07:20 AM Parent: #81
Quote: يبدو لي انه في بعض المرات مذيعي الربط بعتمدوا علي زاكرتهم فقط وده خطأ كبير جدا لانه احيانا المعلومه بتكون ماسليمه
أخي حمزة صباح الخير
يشهد الله يا حمزة مرّة في التّلفزيون بعد وفاة الأُستاذ الجّابري بسنتين أظن عليه رحمة الله الكلام بين المذيع والضّيف عن الأغاني السُّودانيّة وما إليه فجأة أسمع ليك : (( وأنا من هنا ببعث بالتّحيّة لأُستاذنا الجّابري ))
خلّيها مستورة بس
Post: #83 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-30-2009, 08:04 AM Parent: #82
Quote: رغم ان اللبنانيين ينظرون الينا كمتسلبطين في العروبه ..و ... كدي خليك
المهم الفنان وديع الصافي عندما سالوه عن الحناجر الذهبية العربية قال انا وفهد بلان من سوريا
وعبد العزيز داؤود من السودان !!!!
الباشمهندس طارق ميرغني
التحية لك وانت ترفد هذا البوست بهذا الكم من المعلومات الوافرة
والرحمة والمغفرة لاكسير الفن السوداني عبد العزيز محمد داؤود .
لك كل الود
Post: #84 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-30-2009, 08:09 AM Parent: #83
العزيز وليد عبد اللطيف
الشكر لك وانت تتحفنا بهذا الفيديو الرائع للفنانة الشابة
عزة عبد العزيز محمد داؤود . . في انتظار عودتك لتضيف
لنا الكثير في هذا البوست .
لك كل الود
Post: #85 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-30-2009, 08:12 AM Parent: #84
Quote: الأخ عماد
لك الشكر و التقدير على هذا الجمال ..
خالص تحياتي ..
الأخ الصحافة 30
والشكر لك ايضا لمرورك
خالص الود
Post: #86 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-30-2009, 08:22 AM Parent: #85
Quote: والله ياعماد بوست قمه فى الروعه وبعدل المزاج عديييييل كدا
ود الغالي
يديك العافية وعندما تكون في حضرة زمرة الغناء الشجي
أبو داؤود لابد وان ينعدل المزاج .. لك الشكر للمرور
تحياتي
Post: #87 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-30-2009, 08:34 AM Parent: #86
Quote: الحبيب عماد وزير التوثيق كما عودتنا دوما بوستات دسمه بكل مافيها وبوست لهرم كابوداؤود يجب الوقوف والتأمل عنده كثيرا
الاخ الحبيب حمزة
اوافق على كل ماذكرته أعلاه . . زمردة الغناء الشجي ولؤلؤة الطرب
الأصيل أبو داؤود يستحق بكل تاكيد الوقوف والتامل في تجربته المتماسكة
والتي مثلت صفوة الصفوة من كبار مطربيننا .
تحياتي
Post: #88 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-30-2009, 08:40 AM Parent: #87
Quote: أخي حمزة بابكر الكوبي تحيّة طيّبة
أُغنية (( عذارَىَ الحي )) كتبها له بالفعل إسماعيل حسن الأُغنية التي تعنيها والتي كتبها له عبد المنعم عبد الحي هي (( لحن العذارَىَ ))
عُذراً أخي عماد وشُكر وتقدير على هذا البوست الموفّق
تحاياي ووُدّي
أخي لؤي شمت المسكون بالأبداع دوما كفيت ووفيت
شكرآ لمشاركتك الثرة وسعيد جدا للأطلالة
لك كل الود والاحترام
Post: #89 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 10-30-2009, 09:04 AM Parent: #88
Quote: الاستاذ\ عماد- لك الشكر اجزله
لقد ازدان المنبر جمالا واكتسي حلة زاهية
بذكري الراحل المقيم الفنان المبدع
الخلاق عبدالعزيز داؤد
فهو في القلب والعقل والوجدان دوما
ذلك الصوت الدافئ الحنين يتسرب مخترقا
المسام والنبضات يشعل الفرح والامل في
دواخل كل من يستمع اليه
سنظل دوما نطراه ونطرب لسماع صوته حتي لو تحدث او < كحة>
عطر الله ثراه واسكنه فسيح جناته بقدر ما ملأ من مساحات
للفرح والتطريب في وجدان الشعب السوداني
شكرا عماد مجددا ولي عودة
عفاف ابوكشوه
الأستاذة عفاف ابو كشوه التحية لك وانت تعطرين هذا البوست بحروف مدادك الأنيقة
جسمي المنحول , مابنسى ليلة , أول نظرة ( رشقتني عيونو )
فلق الصباح , بدر التمام , يجلي النظر , آنة المجروح .
Post: #94 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 11-06-2009, 06:07 PM Parent: #93
Post: #95 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 11-10-2009, 08:38 PM
إضاءات فنية - الراحل عبد العزيز محمد داؤود
بقلم مصطفى أحمد المصطفى
في ليلة السبت الرابع من أغسطس 1984م مات الفنان المغني المطرب عبد العزيز محمد داؤود.. يلبس قبعة ويرتدي قميصا وجاكت سبور، وعلى قمة كرسي يلفت النظر بطوله الفارع وسواد لون بشرته النبيل، موظف بالسكة الحديد، ودخلت بحري بيت الحبس. * مات عبد العزيز محمد داؤود وهو مطرب بحق عندما يتلو القرآن الكريم في خشوع. وهو مطرب عندما يعلو صوته بالدوبيت. وهو مطرب حينما يرتفع ذلك الصوت بالمديح أو الغناء أو اناشيد الذاكرين من أحمدية وقادرية، ذلك ان صوته قد صنعت أوتاره من كل الأصوات التي تتكون منها أوركسترا عصر الالكترونات، فصوته خليط من أصوات «الفلوت» و«الأورغن» والكمان والعود و«الرق» والأكورديون. والرق والبيانو والماندلين والطار.
* مات المطرب الفنان الأصيل المتنوع المواهب كقدرات صوته، خفيف الظل والحركة صاحب الابتسامة الدائمة، وصاحب الاستاذ البروفيسور على المك، واليه يكون الفضل في أن نتعلم من كيف تكون الصحبة والصداقة. وكيف يكون الفن والسلوك القويم امراً واحداً، قوى الايمان، قادر على أن يجعل في الناس شيئاً من السعادة أينما كان منذ عهد الاستاذ بشرى عبد الرحمن المقبول، مروراً بالعم باب الله عيسى والعلامة الإعلامي ابينا «محمود ابو العزائم» الذي قال عنه: ليت ليوناردو دافنشي كان حياً حتى عصره ليضم لخالدته «الموناليزا» خالدة أخرى هى «الابدوا الأزيزا» ثم بثلة القعدة.. مختار «مخ» ثم حسين الكوارتي ثم الاستاذ عثمان حسن أحمد وعلى المك والقعدة فهو الذي اخترع نظام القعدات وصير لها نظما وقوانين «وبروتكول» عليه جعل في الناس بذلك النظام شيئاً من السعادة إينما كان.
* قبل فترة وجيزة جداً استمعت من بعض أصوات ردئ الغناء تريد لتثرى من أغنيات عبد العزيز، من هؤلاء من حاكى مذهبه في الأداء، قلت لنفسي ذاك بون شاسع لدرجة لا توصف. فقط «كركبة» من الايقاعات المنفرة، حقاً والله العظيم لدرجة أنك دون ان تعى تجد اياديك قد أغلقت أذنيك. كتب الاستاذ الباحث الطيب محمد الطيب في جريدة «الايام» مقالاً في باب «يوميات» والحديث هنا للعلامة البروفيسور استاذنا علي المك كتب عن عبد العزيز داؤود.. نبهنا كأنه يحس إن هبة الله التي وهبها لنا ولهذا الوطن ككل توشك أن تعود الى من وهبها لنا.. ولقد كان ذلك فعلاً، في ذاك السبت الملئ بالغبار في الرابع من أغسطس عام 1984م ميلادية. وعليه شُيع أعذب الأصوات في تاريخ هذا الوطن غير مرافع ودونما ضجة أو ثرثرة، هو أعذب الأصوات في تاريخ «لنا السودان» الصوت الشامل، هو صاحب الرميات الحرة. وهو صاحب الإنشاد الديني في شعر الخليل أشهرها »الميمية» المعروفة التي جذبت الفنان المصور والمخرج السينمائي «حسين مأمون شريف» الى فن الفنون الذي يمتلكه «الأبدوا الازيزا» فجعلها مقدمة لفيلمه التسجيلي الرائع «Dislocation of Amber» وهو يحكي عن قصة البناء والتعمير وتجارة الرق وعن ميناء «سواكن» وحركة الناس وحياتهم.
* «الأبدوا الأزيزا» أمهر من يغني «بالعربية الفصحى» وفيه روح الفن الرومانسي. وفيه ولع للطعام وقد نسج الناس حول هذا الأمر حكايات وحكايات. وكذلك في فن النكتة هو صاحب يلاك يا سايق، رشقتني عيونو، المنديل، الفرقة، ظبي الشمال، غصن الرياض، سلامات، الصبر طيب، سفر الحبيب ،الهدية، عاطفة، أجراس المعبد، يا حليلهم، زهرة الروض، لّي زمن بنادي، لحن العذارى، زورق الأحلام، الحب، وطوَّلت ما رديت، السرّاي.. السرّاي، وفينوس، أيضاً كما ذكرت هو صاحب النكتة أو الملحمة، يقول الآن واحدة من النكات: واحد سماك تعبان كم يوم يمشى البحر يرجع ساكت تعب شديد جداً وضاق بيهو الحال خلاص. وفجأة في يوم الصنارة شبكت «تقيلة شديد» يجر ويجر ويا ربي ده «عجل» وللا بياضة.. أمل في حاجات كثيرة خلاص في تقل الشبكة داك، وفجأة طلعت «قزازة» فتحها: ظهر ليهو عفريت كبير جداً قال ليهو شبيك لبيك عبدك بين ايديك أما مسجون في القزازة دى من زمن «سيدنا سليمان» طلبك. أطلب أى شئ أجيبوا ليك الآن، لأنك خلصتني من السجن ده والأسر الكم قرن ده، السماكي تاني ذهل عندما تذكر انو ساكن عشوائي وفي «عشة» قال على طول، أنا طالب قطعة أرض وفجأة دوت ضحكة مجلجلة من العفريت زي صوت «الرعد» وقال للسماكي يا سيد أنا لو لاقي لي قطعة أرض كنت ساكن في «قزازة».
* نجد ان «الأبدوا الأزيزا» رابط نبيل الشأن بين الرمية والنكتة والأغنية بنوعيتها العامي والفصيح. وبين المستمعين حبلاً من الإلفة والود رصين البنيان وأغنيات العربية الفصحى أمثال: «فينوس» و«صغيرتي» للشاعر: عوض حسن أحمد، وهل أنت معي «للشاعر المصري» محمد علي أحمد صاحب أغنية «على قد الشوق» المعروفة التي يتغنى بها العندليب الاسمر، عبد الحليم حافظ، ثم جاء دور عبد المنعم عبد الحي في هذا العقد المتلألئ بـ «لحن العذارى» وأىضاً حسين بازرعة جاء بـ (صبابة) وكان حسين عثمان منصور في أجراس المعبد. وعليه نجد أن «الأبدوا الأزيزا» قد أجاد وأبدع، وتربع على عرش الغناء بالعامية والفصيح. وفي الفصيح قد قارب اليه الفنان المبدع عثمان حسين. ومن بعده كان الفنان الاستاذ الباحث، عبد الكريم الكابلي والفنان الكابلي كان بحكم السكن في بحرى وفوق ذلك تربط بينهما صداقة حميمة أي مع أبو داؤود، لدرجة جعلت عبد العزيز يكون ثنائياً غنائياً مع الكابلي كان أشهرها في ذلك الحفل إبان افتتاح المسرح القومي بام درمان.. وامام الزعيم اسماعيل الازهري حضر ابو داؤود رغم انو اعتذر بسبب المرض. لكن عبد العزيز حضر وصعد الى المسرح ولحسن حظه وجد وصلة الفنان عبد الكريم الكابلي ودخل على طول في الغناء مع الكابلي. وقبلها قال: أقدم لكم الثنائي الجديد، ثنائى بحري.. بلاك آن وايت. وانفجر المسرح كلو بالضحك واختلط الضحك بالبكاء عند الزعيم لوفاء ابو داؤود.
* فوزية محمد حسين زوجة الفقيد عبد العزيز محمد داؤود وعشرين عاماً على وفاته، ثم عزة وعزام التوأمان وعمران أكبر الاولاد، بعده داؤود، وعلاء الدين، وعايدة، وماجدة، وعشرون عاما وكأني اسمع صوت زوجته فوزية يردد:
أنا من بعدك وحدي أذرف الدمع سخيا
في ظلام ليس يمحوه نور المحيا
وليالي قد طواها الدهر كاللمحة طيا
* وليس هذا كل عبد العزيز محمد داؤود، انما جزء منه بسيط جداً والله العظيم، فهناك كما قلت من يعرفون عنه أكثر مما أعرف وهم كثيرون، ليتهم كتبوا لنا في هذه الأيام عنه اثراءً لسيرة هذا الفنان الكم الهائل الذي بنى حياته ومجده بالجهد الساهر والصبر والعرق الكثير. ورحم الله استاذنا القدير/ ابو العزائم. وكذلك استاذنا البروفيسور على المك وأمد الله في عمر جدنا الطيب محمد الطيب. * اللهم قد اخترت عبد العزيز محمد داؤود الى جوارك أجل ولكل أجل كتاب، فهو الحاج كم مرة وهو المعتمر كمين مرة، فتقبله عندك يا كريم العطاء والجود. وفرج بفضلك يا إلهى كربنا وأرحم بعفوك يا إلهي ضعفنا ويسر بجودك يا الهي رزقنا. وسلام على المرسلين.. والحمد لله رب العالمين. وأجرى يا نيل الحياة.
Post: #96 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 11-28-2009, 07:47 AM Parent: #95
شذرات من حياة الراحل المقيم عبد العزيز محمد داؤود
بقلم مصعب الصاوي
ربع قرن تصرمت منذ ووري عبدالعزيز داؤود الثرى، ولكن صوته الذهبي لا يزال حياً في الوجدان خالداً في قلوب محبيه من أهل السمع والذوق. عبدالعزيز داؤود ليس مطرباً عادياً بل حالة متكاملة من حالات المزاج السوداني. ومنذ ميلاده بمدينة بربر نشأ في بيئة تمزج التصوف بالثقافة السودانية الشعبية وعاش تلك المناخات الشعبية أيضاً عبر عمله في السكة الحديد «محولجياً» ثم التحاقه بمطبعة ماركوتيل صفيفاً حين كان للصحافة ذلك الوهج والألق القديم. يقول بروفيسور علي المك تعلق أبوداؤود بفضل المولى زنقار ثم اكتشف كرومة واستطاع ان يعيد تسويق هذا التراث بما يملك من مواهب وخصائص قل أن يجود الزمان بمثلها. لم ينتظر طويلاً في أريكة الرواد بل استطاع ان يشق طريقه نحو الصفوف الأمامية مسنوداً بالقدرة على التنوع منشداً تارة، ومغنياً على الأوركسترا أخرى، ومجدداً وناشراً لتراث الحقيبة ومغنياً شعبياً بامتياز. جرأة عبدالعزيز داؤود في غناء الفصيح هي التي حجزت له مكاناً بين النخبة، فغنى لمحمد محمد علي ولعوض حسن أحمد وأنشد من كنوز الصوفية لابن الفارض «أنتم فروضي ونفلي» والبُردة البصيرية، كما أنشد أنشودة «الرقص» لسيدي العارف بالله قريب الله أبوصالح «رفعت راياتكم فاستبشري». ويروى عن محبة أبي داؤود للغناء الكثير كان لا يعتذر عن طلب قط، ذات مرة نظمت نقابة الفنانين حفلاً بدارها جاء الرواد وأطربوا الحضور كان أبوداؤود مصاباً بحمى وبيلة ولكنه تماسك وحضر واتخذ مكانه في الصفوف الأمامية، جاء عراب الحفل وسأله: كنا خاتينك في البرنامج لكن قالوا لينا متوعك شوية!! فقال أبوداؤود وهل يمنع المرض الغناء؟! صعد خشبة المسرح تجمعت كل أنغام الليلة في صوته أنسى الحضور ما كانوا سمعوه من أغنيات، سأله أحد الحاضرين بعد أن نزل من وصلته أها يا عبدالعزيز كيف؟! فرد بطرفته الحاضرة الحمد لله جلكوزكم نفعني. خطط وصديقه بروفيسور علي المك لإنتاج ما يُسمى بروائع الحقيبة وتم تقسيم المشروع الى شعراء ذلك العصر بدأه ببرنامج عتيق «لا أنسى ليلة كنا تايهين في سمر، وأيام صفانا، وجسمي المنحول.. إلخ». ثم جاء برعي دفع الله ليختط مساراً جديداً في تجربة أبوداؤؤد بدأه بـ«أحلام الحب» للأمي زرعوك في قلبي يا من كساني شجون، ثم فصيح الغناء من لدن «أجراس المعبد»، «فينوس» لعوض حسن احمد وبلادي يا سنا الفجر التي لحنها الموسيقار بشير عباس، أنتج حسين شريف فيلماً عن عبدالعزيز داؤود اقترح عليه علي المك تسمية الفيلم (David) وطبيعة الفيلم تتخذ شكل الرواية الشخصية تتنوع مشاهدها بين أحياء أم درمان ودار الإذاعة ثم محطات عمله مرافق ومؤسسات مختلفة وشهادته عن العصر. افتتن عبدالعزيز داؤود بأمير العود حسن عطية وغنى له «لو إنت نسيت» و«النيل الفاض» ثم غنى للكاشف «إنت عارف أنا بحبك»، ولعائشة الفلاتية «سمسم القضارف» ومن تراث منطقة بربر غنى السيرة والنبينة وما يُعرف بالغناء «الدكاكيني» و هو مزيج من أغنيات التمتم والأغاني الشعبية. وثق استاذ الجيل محمود أبوالعزائم تقريباً كل التجربة الفنية وسيرة حياة أبوداؤود عبر برنامجه الوثائقي «كتاب الفن»، واتبع هذا البرنامج بكتاب وثائقي هو جماع هذه السيرة والأحاديث. ويُعد كتاب علي المك عنه وثيقة ذهبية في شأن المحبة والصداقة التي جمعت هذين المبدعين حتى فرّق بينهما الموت.
Post: #97 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Elfadil Sabeil Date: 11-28-2009, 05:10 PM Parent: #96
عيد سعيد وكل عام و انتم بخير
بوستك رائع و ذوقك رائع
و فوق
Post: #98 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 11-29-2009, 08:08 AM Parent: #97
Quote: عيد سعيد وكل عام و انتم بخير
بوستك رائع و ذوقك رائع
و فوق
الفاضل سبيل
كل سنة وانت طيب
شكرآ على المرور والروعة هي ايضا في وجودك هنا
كل الود والإحترام
Post: #99 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 11-30-2009, 01:59 PM Parent: #98
الشاعر عبد الله النجيب تعاون مع عبد العزيز محمد داؤود في أغنية أشوفك في عيني
وهي اول الحان الموسيقار بشير عباس ..
Post: #100 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-02-2009, 09:09 AM Parent: #99
Post: #101 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عفاف ابوكشوه Date: 12-05-2009, 07:32 AM Parent: #100
فووووووووووووووووووووق
Post: #102 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عفاف ابوكشوه Date: 12-06-2009, 09:55 AM Parent: #101
.
Post: #103 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-06-2009, 10:58 AM Parent: #102
Quote: فووووووووووووووووووووق
الأستاذة عفاف ابو كشوة
عيدك مبارك
جزيل الشكر لك لرفعك البوست وملك الطرب
أبو داؤؤود مكانه الطبيعي فوق ..
Post: #104 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-06-2009, 11:06 AM Parent: #103
كيف الحياة غير ليمك – بقلم الدكتور محمد عبد الله الريح
عندما يخر جدار الصمت وتخرج الكلمات وتصير أشعارا تهبط على اوتار يعزفها برعي محمد دفع الله عندما تصير الأشعار ألحانا تجري لمستقر لها عند حنجرة أبو داؤود يمتلئ الكون غناء وتخضر الصحاري اليابسات وتهبط في روابينا الأفراح ويتمدد الوقت في شراييننا . . عندها ندرك أن أبو داؤود يغني . كيف الحياة غير ليمك ذات سرحت بعيدا . . وأنا امتطي صهوة نغمات خالدات كان يرددها أبو داؤود : أنة المجروح يالروح حياتك روح الحب فيك ياجميل معنى الجمال مشروح بنهاية كلمة " مشروح " ينطلق فعل ما . . شرارة . . تغمر الإحساس تتطلب رد فعل من نوع ما . . شئ في تكوينك الوجداني يتفاعل مع عشرات المؤثرات الموسيقية والصوتية وينتج عن هذا طرب هائل . . لايمكن قياسه . . بمقدار ما للحب لهيب في الجوف / زي الزناد مقدوح / منو الجبابرة تلين. كل شئ يلين في تلك اللحظة . . يترك الجماد هيئته ويتحول الى سائل . . يرتدي السائل غلالة شفافة فيتحول الى بخار . . نستنشقه داخل رئاتنا وخلايانا . . وهكذا يتحول الطرب الخارجي الى طرب داخلي . . سألت الأخ صلاح إدريس ونحن نستمع الى أغاني مسجلة لأبو داؤود : هل تعتقد انه سياتي فنان مثل أبو داؤود ؟ - كان رده : - ربما في التطريب . . شئ يقارب ولكن في قوة الصــوت والأداء لا أعتقد . . ابود اؤود ظاهرة طبيعية لا تتكرر , وأذكر أيضا أنه قال لي :- - أبو داؤود مجموعة مؤثرات كثيرة , بسطة في الجسم , حضور دائم , بديهة حاضرة , إنشاد , غناء , مديح , ترنيم , دندنة , عبور غير محدود بزمان أو مكان نحو الأخرين . . إبن مليون نكتة حفرت مفارقاتها في ذاكرة الشعب السوداني . . أبود اؤود كبريته تحفظ الإيقاع , تكرار كل هذا مرة أخرى مستحيل . . ربما يكون في هذا الفنان شئ من أبو داؤود . . وفي ذاك ايضا , فهو إذن مفرق على عدد كبير من الفنانين والمبدعين . . اما لماذا سألته ذلك السؤال . . فلأنني طيلة هذه السنوات وهذا العمر وانا منشغل بلغز صوت أبو داؤود . . وبالنسبة لي تماما كما ذكرت . . فهو ظاهرة طبيعية . . يأتي الخريف . . يزحف الشتاء . . يطل الصيف . . يأتي صوت أبو داؤود كإحدى نعم الخالق جل شأنه التي أنعم بها على عبد من عباده . في المرحلة المتوسطة وانا طالب في بداية الخمسينات بمدرسة الأبيض الأميرية الوسطى كنت أنتمي للفريق الذي يعتبر أبو داؤود فنانه المفضل . . وكنا نقدم أغانيه في الاحتفالات التي كانت تقيـمها المدرسة بمناســـــــــبة يوم الآباء وخاصـة أغنـية " فينوس " لاسيما وأن شاعرها المبدع عوض حسن أحمد كان مدرسا بالمدرسة الصناعية التي جوار مدرستنا .
الذين يستمعون لنا كانوا يغفرون لنا طلاوة أصواتنا ويعجبون بجراءتنا في تقديم أغان لفنان مثل أبو داؤود . في تلك الأيام كانت الإذاعة تقدم برنامج " مايطلبه المستمعون " وكانت أغنية احمد المصطفى " اهواك " تحتل المرتبة الأولى وتشاركها أغنية الكاشف " الحبيب وين " وأغنية عثمان حسين " الوكر المهجور " وأغنية أبو داؤود " هل أنت معي " وهكذا تشكل وجداننا الفني من ذلك النشيد الرائع من الإبداع الغنائي . أما أنا فلأنني تفتحت على الطبيعة منذ وقت مبكر كانت جملة الأصوات التي التقتطها من تلك البيئة تختلط مع غناء أبو داؤود وتمتزج وتستقر في ذاكرتي كطبقة شعورية لها رنين مستمر تصور يا صاحبي انه كانت لنا شجرة جوافة وشجرة حناء وشجرة ليمون وكانت تنشر رائحة وعبقا مميزا في زمن الخريف . . وحمل ذلك العبق معه الى تلافيف الذاكرة صوت الفنان أبو داؤود وهو يغني رائعة شاعر مدينة الأبيض محمد علي عبد الله الأمي " زرعوك في قلبي " فصرت عندما أشم تلك الرائحة منبعثة من أي مكان يأتيني صوت أبو داؤود . زرعوك في قلبي يا من كساني شجون ورووك في دمي يا اللادن العرجون . . هذه الأغنية استدعيتها من ذاكرتي عن طريق حاسة الشم – ياسبحان الله , لقد ظل أثر الفنان أبو داؤود في وجداني باقيا يزداد رسوخا مع مر الأيام ولهذا ظللت منشغلا به . . ولو جاء ابو داؤود في العصر العباسي , عصر ازدهار الفنون العربية والأدب والإبداع الأصيل لتحققت له الريادة والسيادة على جميع مغنيي ذلك العصر . . ولصيغت أوزان الأنغام العشر كما صنفها إسحاق الموصلي على حنجرته التي يملك زمامها والتي يفعل بها مايشاء وما الغناء إلا حنجرة ؟ يقول الفارابي في مؤلفه العمدة " الموسيقي الكبير " تحقيق غطاس عبد الملك 964 , ص 79 – 80 : " فأما العيدان والطنابير والمعازف والرباب والمزامير واصنافها فإنها تزيد . . غير ان هذه أيضا تنقص عن نغم الحلوق , وليس هاهنا ماهو اكمل من الحلوق . فإنها تجمع جل فصول الأصوات . . والذي يحاكى الحلوق من الآلات ويساوقها أكثر من غيرها هو الرباب " . ولهذا كان أبو داؤود يغني بأقل شئ يمكن يخطر على بال " بكبريته " يحفظ بها زمنه وإيقاعه أعط مصنعا من الكبريت لأحد من فناني هذه الأيام ليدندن به , هل يستطيع ؟
لقد وضع العرب الأقدمون وملوك الطرب قاعدة لتلك النغمات العشر التي تضم جميع اسرار الصنعة فقال ابو فرج الأصفهاني في كتابه " الأغاني " ص : 373 – 374 : من الأصوات التي تجمع النغمات العشر : توهمت بالخيف رسما محيلا لعزة تعرف منه الطلولا تبدل باحي صوت الصدى ونوح الحمامة تدعو هديلا الشعر لكثير عزة والغناء لعبيد الله بن طاهر ونسبه الى جاريته , فذكر أن الصنعة لبعض من كثرت دربته بالغناء وعظم علمه حتى جمع النغمات العشر في هذا الصوت . الا تعلم يا صاحبي إن ابو داؤود قد جمع مثلها وزاد عليه بترجيعه , وتنغيمه وترعيده وتضعيفه في : عربدت بي هاجسات الشوق إذ طال النوى وتوالت ذكرياتي عطرات بالهوى كان لي في عالــم الماضي غرام وانطوى أرايت كيف ينتقل ابو داؤود بذلك النغم في درجاته المتعددة وينتهي عند كلمة و " انطوى " ؟ يقول إبن سيناء في كتابه " الشفا " : " وافضل الإنتقال من اوساط النغم , وافضل الإقامة التضعيف وهو أن تكون إحدى النغمتين على النغمة والأخرى تكون على ضعفها أو نصفها . . ومن الزيادات الفاضلة الترعيدات والتمزيجات والتركيبات والتضعيفات : . هل لاحظت كيف يعطى أبو داؤود كل تلك الألوان لذلك اللحن الذي وضعه برعي محمد دفع الله لأغنية الشاعر المصري أحمد محمد علي " هل انت معي " ونفس الشئ يتحرك به أبو داؤود في مساحة خرافية من التلوين في قصيدة عبد المنعم عبد الحي : يانديما عبء من كاس الصبا ومضى يمشي الهوينا طربا الا تلمح ذلك الشجن الذ يتحرك داخل حباله الصوتية والاهتزازات التي يحدثها بومضات متتابعة من اللسان صعودا ونزولا في التجويف الفمي فتحدث ذلك التموج في صوته الذي يشابه إهتزاز عمامة تنشف في الهواء : قال ود الرضي يصف جملا : ينصر وينطلق زي المصاب بي حمى ويكفت الأرض كفت الصقر للرمة يتخفس برا الدراق سريع بي همة ايديه التقول غسال سريع بي عمة ذلك القفص الصدري الضخم والذي يحبس في داخله كمية من الهواء يتحكم في تصريفها لتدق على حباله الصوتية محدثة تلك الاهتزازات المميزة لصوت أبو داؤود الأمر الذي يمكنه من الانتقال من طبقة نغمية أو " اكتاف " الى طبقة أعلى منها أو أخفض منها . . بينما يبقى تركيب الطبقة وأنغامها ومسافاتها ثابتة لاتتغير ولاتتبدل , وهو ذات المذهب الذي وضعه إسحاق الموصلي " التحرك الفني السليم بين المقامات " والذي يصفه إبن المنجم في رسالته عن الموسيقى ص : 834 بالخروج من المجرى الى المجرى والإنتقال فيه والدخول فيه من المواضع الممكنة التي يحسن ذلك فيها حتى لاينكره السمع " ولو ان أبو داؤود ظهر في العصر العباسي لوجد فيه أصحاب صناعة الموسيقى والنغم ضالتهم إذ أن صوته يتجاوز حدود الطبقة أو الأكتاف أو الديوان الواحد . ففي كتاب الأغاني " الجزء العاشر ص 100 – 101 ذكر أبو الفرج الأصفهاني قائلا : أخبرني يحيى بن طاهر عن إسحاق بن عمر بن يزيع قال : كنت أضرب على إبراهيم بن المهدي صوتا ذكره فغناه على اربع طبقات , على الطبقة التي كان العود عليها , وعلى ضعفها , وعلى إسجاحها وعلى إسجاح الاسجاح . قال أبو أحمد عبيد الله : وهذا شئ ماحكى لنا عن احد غير إبراهيم و وقد تعاطاه بعض الحذاق بهذا الشان , فوجده صعبا متعذرا لايبلغ الا بالصوت القوي , وأشد ما في إسجاح الآسجاح لأن الضعف لايبلغ الا بصوت قوي مائل الى الدقة ولايكاد ما إتسع مخرجه يبلغ ذلك , فاذا دق حتى يبلغ الأضعاف لم يقدر على الاسجاح فضلا عن إسجاح الاسجاح فإذا غلظ حتى يتمكن من هذين لم يقدر على الضعف . . والإسجاح هو الغناء في النغمات قليلة التردد أى الغليظة . تامل بربك يا صاحبي أبو داؤود وهو يغني رائعة الشاعر عبد المنعم عبد الحي : لوموه اللاهي في الغرام بالله قولوا ليهو الحب شئ طبيعي إلهي هذه المقاطع الصغيرة ترى كيف يصعد بها أبو داؤود ويهبط في ميزان الأنغام ؟ ولو تاملت المقطع " في الغارم بالله " او المقاطع الأخرى مثل : الغرام ما بخير بين صغير وكبير لوجدت انه يضع لكلمة كبير ثلاث مستويات نغمية . . ثم يبدأ في الآرتفاع . . من زمان الحب أمره فينا يحير يا جميل يانضير خلي هجرك غير بكرة تلقى الحب عمره فينا قصير وكلمة " قصير " تنزل في مستويين نغميين منهية بذلك القفلة التي يحط عليها صوت أبو داؤود أثناء المسار النغمي . لو سمع هذه إبراهيم بن المهدي لتتلمذ عليها بقية عمره ولا أجد وصفا لهذه ابلغ من وصف ابو الفرج الأصفهاني في تحليل غناء إسحاق الموصلي حيث يقول : " وكان حسن الطبع في صياحه . حسن التلطف . في تنزيله من الصياح الى الإسجاح على ترتيب بنغم يشاكله , حتى تعتدل وتتزن اعجاز الشعر في القسمة بصدوره , وكذلك أصواته كلها , وأكثرها يبتدئ الصوت فيصيح فيه وذلك مذهبه في جل غنائه , حتى كان كثير من المغنيين يلقبونه بالملسوع لأنه يبدأ بالصياح في أحسن نغمه فتح بها احد فاه , ثم يرد نغمته فيرجحها ترجيحا وينزلها تنزيلا حتى يحطها من تلك الشدة الى ما يوازيها من اللين ثم يعود فيفعل مثل ذلك , فيخرج من شدة الى لين ومن لين الى شدة وهذا أشد مايأتي في الغناء وأعز مايعرف من الصنعة " الأغاني الجزء الخامس ص 376 " . فكيف تجد أبو داؤود وهو يغني للشاعر الفذ عبيد عبد الرحمن : جاهل وديع مغرور فـي أحلام صـباه نايم خلى ومسرور ما عرف الهوى في سور وداخل سور في روضة زهور غناء وقصور في قصور آية الجمال مبصور أخلاق الرضيع في هيبة المنصور . . ألم تجد من الغناء بديعه وأجوده في كل هذا ؟
· الزمان : مايو 1971 م . · المكان : الكويت · المناسبة : إسبوع السودان في الكويت . . صعد أبو داؤود على المسرح أكبر من الحقيقة , مهيبا شامخا يحمل رسالة السودان الفنية في ذلك الأسبوع وهو يبدأ الغناء ويفرض سيطرة كاملة على وجدان الحضور برائعة شاعر الأجيال حسين بازرعة : قل لي بربك كيف تنسى الموعدا والليل احلام وشوق غردا والجدول الهيمان حولنا عربدا كانت ذراعاك لرأسي مرقدا عجبا . . اتنساها وتنسى المشهدا ؟ ويقفز الشيخ عبد الرحمن العتيقى وزير المالية والنفط الكويتي في ذلك الوقت ويلقى بغترته وعقاله على أبو داؤود ويخلع ساعته الذهبية ويلبسها له ثم يقدم له " كبريتته " . يومها سرت فينا نحن السودانيين قشعريرة جعلت شعرة جلدنا ( تكلب ) وقد ظلت ( مكلبة ) الى يومنا هذا عندما يغني ابو داؤود . هذا في زمان غير زمان المأمون أو الأمين أو إبراهيم بن مهدي بل في زمن يمكن ان يوصف بانه زمن ابو داؤود . أليس معنا الحق ان نطالب بأمارته للغناء في زمن الخليفة هارون الرشيد وأهل صناعة الغناء في عصر الموصليين بأثر رجعي أليس معنا الحق ان ننبه أبا الفرج الأصفهاني أن يفرد فصلا كاملا في كتابه " الأغاني " لأبو داؤود بشئ لم يألفه المجتمع الموي أو المجتمع العباسي وهو يترنم بالإنشاد ومديح ومواجد القوم اهل الصلاح : باسمائك الحسنى دعـوناك سيدى تقبل دعانا ربنا واستجب لنا بأسراراها عمر فؤادي وظاهرى وحقق بها روحي لاظفر بالمنى ونور بها سمعى وشمى وناظرى وقو بها ذوقى ولمسـى وعقلنا ويسر بها أمرى وقو عزائمى وزك بها نفسى وفرج كروبنا ووسع بها رزقي وعلمـى وهمتى وحسن بها خلقى وخلقى مع الهنا
لكن ما حدث لنا يا صاحبي امر عجيب اذا حكيته لك ستظن أن مسا من الجن قد اصابني , او أن حمى الملاريا قد صعدت الى دماغي ولكن شيئا من هذا أو ذاك لم يحدث ولكن الذي حدث هو رحلة في أغوار التاريخ وانا بصحبة أبو داؤود وبرعي محمد دفع الله . وصلنا بغداد في الثلاثين من شهر المحرم عام 227 هـ الموافق 842 م في خلافة الخليفة العباسي الواثق بن المعتصم بن الرشيد واستقبلنا عالم علماء الموسيقى إسحاق بن المعتصم بن الرشيد الموصلي وجماعته . . فاستضافنا في داره يومين ريثما يرتب لقاءنا بالخليفة الواثق في قصره في السامرا والتي كان يطلق عليها " سر من رأى " وقد بناها الخليفة المعتصم على بعد 50 ميلا من بغداد شرقي نهر دجلة . وكان وصول ركبنا في السامرا في الثالث من صفر . . اجتزنا شوارعها وقبابها وقصورها حتى وقفنا امام بوبابة قصر الخليفة حيث ادخلنا مجلسا مفروشا بالطنافس والرياش وقد أتوا بالمجامر والمباخر فبخروا وطيبوا ثم اصيبوا شيئا من الطعام ريثما يؤذن لنا بالدخول على الخليفة الواثق في مجلسه . وكل هذا الوقت واسحاق الموصلي وجماعته يحتفون بنا ويطيبون خاطرنا . مجلس الخليفة تلك الليلة كان يعج بأهل الشعر والعلم والأدب والموسيقى منهم فيلسوف العرب الكندي مخلص الموسيقى العربية من الأثار اليونانية والهندية وواضع قوانين العزف على العود . ومنهم الطبيب حنين بن إسحاق واليعقوبي والبلاذري وأبو حنيفة الدينوري وهؤلا من المؤرخين وقد ضم أيضا المغني مخارق بن يحيى بن مرزوق المكي وكان من الضراب الحاذقين المشهود لهم بحسن الصنعة ومن أقرب المقربين الى إسحاق الموصلي وفليح بن العوراء وكان من أهل مكة وجاء الى بغداد ليختار مع إسحاق الموصلي وإبن جامع المائة صوت للخليفة هارون الرشيد ومن المغنيات كانت هناك عريب وهي جارية من جواري المأمون وغنت من شعرها في تلك الليلة :
وانتم اناس فيكم الغـدر شيمة لكم اوجه شتى وألسنة عشـــر عجبت لقلبي كيف يصبو إليكـم على عظم مايلقى وليس له صبر فسلبت العقول وحركت الأشجان وكانت هناك شارية التي تعلمت الغناء من إبراهيم بن مهدي ثم صارت الى المعتصم وقد تغنت بصوت حسن وأداء جميل وشاركتها في الغناء قلم الصالحية التي اخذت الغناء عن إبراهيم الموصلي فتغنت من الثقيل الأول :
في إنقباض وحشمـة فإذا صادفت أهل الوفاء والكرم أرسلت نفسي عن سجيتــها وقلت ماقلت غير محتشـــم تحدث إسحاق الموصلي مع الخليفة ثم اذن لي بالكلام فوقفت وقلت : أيد الله مولاى وأعزه نحن قوم من اهل السودان قدمنا الى حاضرة ملككم بعد ان وصلتنا اخباركم وسبقك إلينا صيتكم . فيقول الخليفة : وماذا تقول أخبارنا لديكم ؟ أجبت : تقول يامولاى . . إنك قد جمعت بين الملك والأدب والشعر وطيب الغناء . . فأما الملك فإن زان غيرك فإنك قد زنته , وإن شرف غيرك فإنك قد شرفته , واما الأدب والشعر والغناء فهذا ميدانك الذي لايجاريك فيه أحد إلا كبا كبوة لاقيام له بعدها . . تقدمت الذين قبلك وأتعبت الذين بعدك . . وتهلل وجه الخليفة الواثق فقال : أحسنت . . ألكم حاجة نقضيها لكم ؟ قلت : أحسن الله امر مولاى . . إن مثولنا بين يديكم أعظم ماتوجبه النعمة ويفرضه شرح الحال من المقال . . فهذا أبو داؤود عبد العزيز بن محمد سيد أهل الطرب والصنعة في ديارنا له من الترجيع والهديل والترعيد وقوة الصوت ورقته وعذوبته الكثير . . وهذا شيخ سيد العازفين واضربهم بالعود. . أتقن فنه والعزف عليه من الثقيل وخفيفه ومن الرمل والهزج ومن غليظه وعريضه إلى أشده حدة وضيقا برعي بن محمد بن دفع الله . ونحن نعلم يامولاى أنه ليس من هو اطيب صوتا ولا احكم صنعة منك وقد علمنا أنك صنعت أكثر من مائة صوت ليس فيها لحن ساقط فقدرنا إنك اصلح من يحكم علينا ويجيزنا . . فإن إستحسنت غناءنا كان ذلك تشريفا لنا وتعظيما لايدانيه تشريف أو تعظيم وإن بخس في نظرك وقل في تقديرك . . هدانا الله الى خير منه . فاستحسن الخليفة ردي ثم قال : وانت ماشأنك ؟ أشاعر أنت ؟ قلت : لا قال : الك صنعة بهذا الضرب من الفن مثل صاحبيك ؟ قلت : لا قال : إذن من تكون ؟ قلت : انا تابعهم يامولاى . . مستغرق في بديع صنائعهم وفنهم . . أجلو حلاوته وأبين غلاوته . . أعزف بلساني على حواشى أفضالهم فانال بعض الرضا . فالتفت الخليفة إلى إسحاق الموصلي وقال : ماترى عند هؤلا ؟ قال إسحاق : اصلح الله حال مولاى الأمير . . قوم هذا حالهم حرى بنا أن نسمعهم إن أذنت لنا . فإن كان في صنعتهم مايفيدنا أخذنا به وعلمناه تلاميذنا . وهنا أذن لنا الخليفة بإظهار ماعندنا . . وبدأ الساحر برعي ينقر على العود من خفيف الثقيل وأخرج أبو داؤود كبريته وضعها بين أصابعه فإختفت ولم يظهر منها شئ سوى النقرشة التي تنبعث منها فاشرابت أعناق القوم لذلك الأمر العجاب الذي لم يشاهدوه في صناج . . ثم أنطلق أبو داؤود يغني الشعر لعبيد عبد الرحمن صفوة جمالك صافية كالماء على البلــــور ينعم صباحك خيـــــر ويسعد مساك النور وقد بان على القوم أنهم لم يسمعوا صوتا كهذا من قبل وظهر الإستحسان على وجه الخليفة الواثق ومضى أبو داؤود ليصدح : نور من جبينك لاح لانور شموس لابدور فقت المعاك في الجيل فقت المعاك في الدور والأمر الذي أذهل القوم وأسكرهم أن صوت أبو داؤود كان يتموج ويرتفع وينخفض وهو ينقرش الكبريته إلا أنه كان ساكنا سكون جبل أحد . . وكأنه يأتي على مجرى . وتغنى كانها لاتغنى من سكون الأوصال وهي تجيد وعندما وصل أبو داؤود إلى : وعذابي لو سراك طبعا أكون مسرور وصل الطرب بإسحاق الموصلي قمته فقال مخاطبا الخليفة الواثق : بلى يامولاى . . احسن فأوفى . . يسرنا ما يسرك ويغضبنا مايغضبك حتى ولو كان ذلك عذابنا . فقال الخليفة : وأيم الله اننا لم نسمع بمثل هذا في الأرجاء وإنني أعلم الناس بالشعر وببحوره وفنونه . . ما فاتني منه حسن إلا وقفت عنده وما عرض علي جزل إلا تمعنت فيه ولكن مثل هذا الغناء ما ظننت أنني ملاقيه . . واصل . . واصل . . وبنقرشة من كبريتة أبو داؤود عبد العزيز بن محمد نقر برعي على العود في مقام لم يسمعه أحد من أهل السامرا . . فغنى أبو داؤود من شعر عمر البنا : يا زهرة الروض الظليل جانى طيبك مع النسيم العليل زاد وجدي نوم عيني أصبح قليل يازهرة طيبك جانى ليل اقق راحتي وحار بي الدليل إمتى اراك مع الخليل اجلس أمامكم خاضـع ذليلل قال إسحاق الموصلي : ما سمعت هذا الصوت إلا وظننت ان الحيطان والأبواب والسقوف وكل مافي المجلس يجيبه ويغنى معه من حسن صوته حتى خلت أنني أسمع أعضائي وثيابى تجاوبه وبقيت مبهوتا لا أستطيع الكلام ولا الحركة لما خالط قلبي من اللذة التي غيبتنى عن الوجود . . هل في هذه الدنيا غناء مثل هذا ونحن لم نسمع به ولم نعرفه ؟ وإستمر أبو داؤود يصدح ويغنى وبرعي يعزف . . والقوم قد سكروا طربا وهم يتمايلون مع : أيهــا العشاق دارت كأسكم يوم جئنا نصطلى من ناركم وصدى الناى وضفاف الغــدير تترنم حمرة في الخد آذها العبير تتظلم قصة في العين والصمت المثير يتكلم تلك ياصاحبي ليلة لو جلست أحكى وقائعها لما إنتهيت فلم يكن قبلها قبل ولابعدها بعد . . أذهل فيها أبو داؤود عبد العزيز بن محمد جميع من كان في مجلس الخليفة الواثق بن المعتصم والذى أمر أن يبقينا عنده أياما بل شهورا وهو يستزيد من ذلك الغناء والطرب الأصيل وأبو داؤود لايبخل عليه فأقام رواق باسمه ظل باقيا حتى دخول هولاكو إلى بغداد عام 1257 م وهزيمته للخليفة المستعصم أخر خلفاء الدولة العباسية . . نحن معشر المنشغلين بهموم الرصد والتدوين ننحنى للدهشة الأولى , و ( نسردب ) للثانية حتى إذا جاء نقيض الآولى إتسعت حدقات العيون ونحن نصيح " ما معقول !!! " . . هذا " الما معقول " . . هو الذي ظل يحدد ملامح تلك الدهشة الأبدية وأنا أتامل فن أبو داؤود كظاهرة طبيعية لاتتكرر . كما قلت من قبل كانت في بيتنا شجرة ليمون وشجرة جوافة وشجرة حناء . . في كل عام كان الخريف ينثر على أوراقها شوقه وحزنه . . وما بين غصن وغصن كان الخنفس الكدندار ذو اللون المعدني الأخضر يتحرك وأنا أرقبه مبللا بالندى فأستشنق رائحة وعبقا إرتبط بصوت ابو داؤود وهو يغنى :
زرعوك في قلبى يا من كساني شجون ورووك في دمى يا اللادن العـرجون فصرت عندما أشم تلك الرائحة . . تدق على ابواب ذاكرتي معلنة موسم الدخول في اشواق عميقة : يا الباسم الهادي نورك سطع هادي ماذا اقول ؟ في سناك بيكا الدلال عادي شايقاني فيك بسمة سمحة ومليحة لون عاجباني فيك قامة ساحراني فيك عيون ومن قمة ذلك الوجد وتلك الشواق صت أبو داؤود مؤكدا : هيهـات اسلو هواك ياحبيبي اسلو هواك مهما اعتراني جنون أنا لى لقاك صادي لو في الخيال راضي وشئ من تهدئة اللعب والإمساك بالمشاعر حتى لاتهرب من فضاء اللحن والنغم : خصمى هواك . . ياوديع والسؤال الازلى ( القفلة ) من ياترى القاضي ؟ كيف تستدعى حاسة الشم كل هذا ؟ هذا هو " الما معقول " في علاقتي بفن ابو داؤود . إن الفن الحقيقي هو الذي يجعلك تفسر العالم والطبيعة من خلاله . . هو الذى من يجعلك ترى الأشياء المتنافرة تجذب بعضها لتتحد معك وانت سابح في محراب الدهشة وانت تردد : " ما معقول " فإذا خطر بذهنك لحن او نغم وانت تقف في إنتظار " البص " فأعلم إن هناك خيطا غير مرئى يجمع مكونات هذه اللحظة ببعضها .
ولكى احكى ما ساحكيه اليوم إلى واقع اخر تذوب فيه الحقيقة المجردة داخل غلالات من الحلم الشفاف . . ذلك الحلم الذى نقبله في إطار قوى اللاوعى . . حيث ان تلك المنطقة لها أعتباراتها الخاصة بها . إذ كيف تتداخل الأصوات والصور لتخلق واقعا خارج نطاق المحسوسات المالوفة ؟ وهذا بالضبط ما حدث لى ذات يوم من ايام شهر أغسطس عام 1977م وانا في بلاد طيرها " عجمي " . في تلك الأيام كنت ملحقا بالدراسات العليا بجامعة تورنتو الكندية . . وكان علينا إكمال ذلك العمل الجليل الذي قام به البروفيسور بيترسون والذي يدرس احد اكبر الوعول في أمريكا الشمالية والمسمى بالأيل او العلند أو الموس بالإنجيلزية MOOSE والذي أشير اليه هنا بالوعل . . وهو ينتشر في ولاية الأسكا الامريكية واوربا القطبية وسيبيريا .
ولاية الأسكا . . أكبر ولاية امريكية حتى أنك إذا وضعتها داخل امريكا لامتدت من فلوريدا إلى كاليفورنيا . . كانت في السابق جزءا من املاك روسيا القيصرية إلا أن القيصر باعها عام 1867 م بسبعة ملايين دولار " دولارات معدودة " . . واليوم فإن دخل الأسكا من البترول والثروات الطبيعية في اليوم الواحد يفوق المبلغ الذي بيعت به . . انضمت لإتحاد الولايات المتحدة المريكية في الثالث من يناير 1959 م . الرحلة من مطار تورنتو إلى مطار أنكوردج عاصمة ولاية الأسكا يمر عبر البراري الكندية في ولاية منيتوبا وساسكتشوان والبرتا وكولمبيا البريطانية حيث تحط رحالك في مطار فانكوفر ثم تمتطي صهوة طائرة أخرى إلى أنكوردج . . تلك التى بتنا فيها ليلة الثانى عشر من اغسطس . وصولنا إلى الأسكا كان في عز الصيف . . درجة الحرارة كانت لاتزيد عن درجتين مئويتين . . وبينما كنت " أكتكت " من البرد كان اهلها من الإسكيمو يتصببون عرقا ( بس العرق ده لقوه وين ما عارف ) وانا شخص بنفع معاى أى شئ إلا البرد , وقد كنت قد كتبت للأخ حسن أبشر الطيب عندما كان مستشارا ثقافيا بواشنطون أشكو له حالى من برد تورنتو والتي تقع على خط اونتاريو الثلجى ونشرت تلك الرسالة بمجلة اضواء والتي كان يصدرها مكتبه . . وعندما جاء المرحوم عثمان حسن احمد وتسلم مهام المستشارية واصل إصداراها وكانت ترسل لنا . . وكان مما ذكرته في تلك الرسالة أن قلت له انني طيلة ذلك الوقت كنت أظن أن شنبي من الصوف الخالص وانه سيقينى من البرد فاكتشفت انه 65% صوف و 35% بوليستر ومبالغة في تصوير البرد كنت أصف ذلك بأن كل شئ يتجمد حتى الكلام يتجمد ويسقط كقطع الثلج وكنا نجمع تلك القطع لنسخنها على " الطوة " لنعرف عماذا كنا نتحدث . . والأن فإن الأقدار تقذف بي الى الأسكا حيث تصل درجة الحرارة احيانا في الشتاء الى 62 درجة تحت الصفر حتى ان بعض العلماء كانوا يقترحون أن تكون تكون المنطقة القطبية ثلاجة لعموم البشر تحفظ فيها كميات من اللحوم والخضروات والبقوليات حتى إذا داهمت البشرية مجاعة مفاجئة لجأت لتلك الثلاجة الطبيعية . إن الأسكا تقع في نهاية الدنيا في مقابل بداية الدنيا من الناحية الأخرى فهناك مدينة ديوميد الكبرى وتقع في روسيا وديوميد الصغرى تقع في أمريكا وبينهما يقع خط التوقيت الدولى . ففي ديوميد الصغرى في أمريكا يكون الوقت مثلا الساعة الواحدة ظهرا من يوم السبت بينما تكون في ديوميد الكبرى في روسيا الساعة الواحدة ظهرا يوم الأحد . . تصور أن العبور من يوم السبت الى يوم الأحد لايستغرق إلا دقيقة وكذلك العبور من الأحد الى السبت . الأمور تقع على حدود فاصلة فهنا يقف المستقبل وجها لوجه مع الماضي بينما أنا أقف بينهما ممثلا للحاضر . الطريق من مدينة أنكوردج الى المحمية أو الحظيرة الطبيعية حيث توجد تلك الوعول . . يبدأ من نقطة ويتلاشى في الأفق يقف على نهايته جبل ماكنلى . . أعلى قمة في أمريكا الشمالية ( أكثر من 20 ألف قدم ) هنا على القمة تتلاقح الرياح والثلوج وتنجب سهولا بيضاء لانهائية . وأنا هنا القادم من أرض قمرها أسخن من شمس الأسكا أحمل أمتعتى على ظهرى وبها أجهزة لاستقبال الاشارات من تلك الوعول وكان الذين سبقونا قد وضعوها على أعناقها . . وماعلينا الا الاستماع لتلك النبضات ورصدها وتدوينها وجمع عينات من " البعر " والمخلفات الحيوانية في أكياس بلاستيكية وذلك لأخذها للمعمل لقياس المحتوى المائى والخيارات الغذائية . . وفوق ذلك أجتر من ذاكرتى من وقت لأخر ذلك المخزون الهائل من أغانى أبو داؤود . . فلاشئ ينعش النفس ويبعث الدفء غيرها .
هناك شئ غريب يحدث لى أحيانا و أظنه يحدث لكم الايصادف ان تصحو من نومك وبقايا لحن أو أغنية تتردد على لسانك اليوم كله ؟ أهو نوع من النشاط الإنصرافى Displacement Activity نلجأ اليه بطريقة لا إرادية لتخفيف ضغط نفسى ؟ ربما . وحينما ترامت الجبال وراء الخضرة الطاغية والمستنقع نصف المتجمد أيقنت اننا وصلنا فمثل هذه المستنقعات تصلح مرتعا للوعول وظباء الكاريبو بقرونها المتشعبة . . بينما إنخفضت السحب الركامية كالعهن المنفوش فجعلت السماء وردة كالدهان بفعل شمس الأسكا في هذا الوقت من السنة . زهور الأقحوان والداليا تنمو على ذلك البساط الأخضر . . زهرة تدثرت ببقايا ثلج . . في الصباح نفضته عن بتلاتها , شهقت فى الظهيرة , ثم ماتت . . رحلة قصيرة جدا لكنها حافلة بالمغامرة والجسارة . . من رحم تلك الأزهار في يوم ما يولد فصل الربيع . . أم أن الربيع في هذه الأرجاء هو خاطر يمر ببال الأشجار ؟ تلك التى تطرح أوراقها وتنتظر الشتاء وهى عارية ؟ ولكن عندما ذبلت تلك الزهرة وهى تبدأ رحلة الاختفاء كان هناك صوت أبو داؤود يخرج من مخبئه يواسينى ويعزى آلاف الأزهار في فراشها : أينعت فى الروض زهرة وإكتست سحرا ونضــرة وبدت تزهو جمالا فاح منه الطيب نشرا فهى للنفس أمان وهى للإلهام سحرا أينعت لكن أراها ذبلت في ناظـريا أينعت لكن أراها تندب القطر النديا أينعت لكن أراها ساقها الموت فتيا ذبلت في الروض زهرة كل شئ هنا يومض لحظة ثم ينطفئ . . ويخيم ظلام يمتد إلى شهور فى زمن الشتاء . . وبالقرب من حيث أقف وعلى جذع شجرة أسلمت الروح قبل اعوام كان هناك الصقر الأصلع . . يحمل وقاحة الدنيا كلها فى عينيه كان يحدجنى بنظرات عقدتنى . . صقر على شاكلته فى بلادى يهرب منى ولايقف ليتفرس فى وجهى والذى طننت لبرهة انه سيحط لياكل من راسى . . أهل بلادى أيها الصقر الأصلع يسلون ( أمان ) قلب أى طائر ويزرعون مكانه رعبا لانهائيا . . تخافهم جميع الحيوانات وتخشى بأسهم حتى الصقور أمثالك . . ولكنى أراك وقد إنفردت بى في بلاد طيرها " عجمى " . . ونداء خفى يدفعنى أن أصرخ فى وجهه بان الطيور على اشكالها تقع حتى اغيظه . هذا الطائر هو جزء من إيكولوجية الوعل وظباء الكاريبو والدب الأسود . . يعيشون على هذه الحافة القطبية قبل مجئ الإنسان . . مائة وسبعون ألفا من هذه الظباء تهاجر فى بداية شهر ابريل قاطعة مسافة 360 ميلا نحو المحمية القطبية وتتبعها الذئاب والصقور والدببة . . ألم يتسلل الى أذنك صوت أبو داؤود وهو يغنى من شعر عبيد عبد الرحمن :
غـزال البر ياراحل حرام من بعدك الساحل أنا المن حالى ما سائل أنا المنى الفؤاد مضنى أنا المنى الدمع سايل أعانى عذابى الهائل أخذ منـى الفؤاد ماخذ ونال منى الهوى نائل غزال البر ياراحل
وهكذا ترحل تلك الظباء والوعول الى حيث الدفء والعشب " وطبع الريم اصلو نافر " أمامى يستريح هذا الوعل على مملكة الماء . . نصفه يغوص داخل المستنقع والنصف الخر يرقب مايحدث على السطح . . وهو يقضم الأعشاب المائية فهذا هو الزمن الذى ينمى فيه طبقات من الشحم يكتنزها لموسم الشتاء . . وهذا زمن الإشتهاء . . فيرسل شارات العشق خوارا فى الهواء فتلقتطها الإناث . . وهن يخفين الرغبة تحت التهام مستمر للأعشاب . . خواره الفطرى ينبه مجموعة من الذكور فترفع رؤوسها بينما تتحرك انثى لفيفة كانت تقضم الأوراق تحت السفح وكأنها تبحث عن الذى أرسل شهقة العشق الأولى فى هذه الأرجاء . إناث الوعل تمر عليهم فترة الطمث الشهرى كل 22 يوما والتوقيت يسبق كل شئ فالأجنة تقضى فترة الشتاء داخل الأرحام في فترة الحمل قد تجاوز الثمانى أشهر ولاتولد إلا في الربيع حيث الدفء والعشب متوفر والذئاب اقل جوعا . الصراع الذي ينشب بين الذكور والإناث حين تشتبك بقرونها الشجرية الضخمة يضمن للإناث تلقيحا من الأقوى الذى يحفظ إستمرار أقوى الصفات الةراثية وإنكسار الأنوثة تحت وطئه هى التي تجعل إستمرار النوع وعدم إنقراضه ممكنا فى وجه الصيادين والبندقجية وتجار الجلود والفراء . . والإحصائيات تقول ان السويد قد قتلت عام 1970 م من تلك الوعول 150 الفا . فى هذا الوقت أحسست برغبة فى مشاركة ابو داؤود الغناء : أو تذكرين صغيرتى أو ربما تذكرين الخمسة الأعوام قد مرت ومازال الحنين الشوق والأحلام مازالت تؤرق والسنين أم كان حبا ياترى أم كان وهم الواهمين هل كان حبا لاهيا أم كان شيئا في اليقين هل كنت تعنين الذى ماتدعين مازلت اذكر خصلة عربيدة فوق الجبين مازلت أقرأ فى السطور فاستبين البعض أو لا أسـتبين والعطر والأنسام يغمرنى بفيض الياسمين منديلك المنقوش جانبه او تذكرين ماكان قصدى أن أبوح فربما لاتذكرين رائعة الشاعر الرقيق عوض حسن أحمد وعبقرية برعى محمد دفع الله جسدها ابو داؤود في بيت واحد : مازلت أذكر خصلة عربيدة فوق الجبين . . وأنا مازلت أذكر كيف كان ذلك الوعل يجرى فتفر المسافات من أمامه . . ليلحق بأنثى تحرك أذنيها يمينا وشمالا كخصلة من الشعر . . " المساير " كصيحة من صيحات الخمسينات . . وهى فى فراراها تتركنى انا وصديقى أبو داؤود نقف على حافة العتاب : جميل وصف جمالك يحير الشوادى غزال نفرت منى وعملت قلبى وادى تجدنى لو أقبل خدودك النوادى أذوب من اللطافة ويذوب معاى فؤادى يا ناس محبوبى ساكت قصـد عنادى فى هذه الأثناء تحركت السحب الركامية وبقية من نهار إختفت فى ظلال جبال ماكنلى الشاهقة وفى ذلك الفضاء الرمادى تختفى ملامح الوجوه ولكن الوعول التى إنتقلت إلى خارج المستنقع رسمت أجسادها بوضوح وهى تشتبك فى عراك يخيل إليك إنه يحتاج الى قرار من الأمم المتحدة لفض الإشتباك . . وكانت تتحرك يمينا وشمالا فتعمل ألأعشاب والأوراق حسابها ولا أحد يتدخل . . وفجاءة يطل دب أسود يقف على رجليه جاذبا جسده الضخم الى فوق وكأنه كنج كونج الذى كنا نراه فى السينما . . ويتوقف كل شئ . . ويفض الإشتباك وكأن صوتا خفيا سرى وسط المقاتلين . . وهبط سكون عميق وغطى كل المكان . . كان يفصلنا عن الدب مستنقع وطريق ينشطر نحو السفح وحارس يحمل بندقية يطلق منها طلقات صوتية فى الهواء لتخيف ذلك الدب . . إذا دعا الحال ووقف الزملاء كل فى مكانه يدونون . . الوقت هنا يتغير سريعا وجميع الكائنات مشغولة بقضية البقاء وحفظ النوع . . و الأقوى من تلك الظروف الصعبة هو النوع ولهذا فإن بيئة الأسكا من اغنى البيئات الطبيعية , فى نهاية الربيع تسبح أسماك السلمون عكس التيار متحدية النهر لتضع بيضها ثم بعد ذلك تموت . . فقد إنتهت مهمتها . . طيور البفن تعشعش على حواف الجبال ثم تندفع ملقية بنفسها في البحر لتحصل على الأسماك وهناك أيضا شياه الدال والتى تعيش على الجبال متسلقة الصخور ببراعة تحسد عليها . وهناك الذئب الرمادي والذى كاد ينقرض في جميع الولايات ماعدا ولاية مينسوتا و الأسكا وهناك 8000 الف ذئب . . تتبع قطعان الكاريبو والوعل ولكنها تظفر فقط بالصغير أو العجور أو المعاق وبذلك تحافظ على النوع خاليا من الموروثات الضعيفة . يتحرك الوعل بجسمه الضخم والذى يتراوح بين مترين ونصف الى ثلاثة أمتار ووزن يتجاوز ال 800 كيلو جرام ويحمل على رأسه تلك القرون المخملية المغطاة بشعر كالقطيفة والتى يصل طولها الى مترين . . عندما تسقط تنمو مكانها قرون جديدة أكبر حجما واشد قوة . ومن وسط تلك السحب الركامية ومن فجوة بين طيات السحاب يغمر المكان ضوء مفاجئ من شمس أغسطس والتى ظلت ملازمة لنا وكان المغيب لايأتى . .
هل إستمعت الى أبو داؤود وهو يغنى " فلق الصباح " رائعة ذلك المبدع الفذ خليل فرح . . كانت تشكل لنا معضلة كان يحمل همومها الفنان الشاعر احمد الفرجونى . . فهو اول من نبه لها بحسه المرهف . كان يتأمل ذلك الشعر الانسيابى : فلق الصباح قولى أهو نارك لاح خلى يا خفيف الروح . . هو هذا نداك أم ندى الأزهار ** من جنان رضوان أصلك لذا كان الربيع فصـلك اتنفس فوح تتنفس ناس ورياض وبحار ** انت روضة وليك زهرة وله كوكب وليك بهـرة الطريقة التى إنطلق معشر المغنين يقدمون بها أغنية فلق الصباح جردت الأغنية من محتواها النغمى الرقيق ووضعت مكانه مارشا عسكريا . . ولهذا كانت محاولة الفنان الفرجونى الناجحة في " تطرية وتليين ومزينة " تلك الأغنية حتى جاءتنا طرية تتثنى مصورة لوجدان الخليل والذى قصد أن يتسلل الى وعينا السياسي من خلال وجداننا العاطفى . . الوحيد الذى فطن الى هذه الحقيقة هو أبو داؤود بفطرته الفنية السليمة دون أن يخوض في تنظير لها . . يرق صوت ابو داؤود حتى يكاد يلامس رقة الأطفال وهو يغنى : في لهيبك أشوف ساحل كالفراشة أجيك راحل أنا خائف كيف يالطيف الطـيف أهوى وابقى نار ** إنتى روضة وليك زهرة ولاكوكب وليك بهرة ضمخوك للجبير زعفران وعبير إنت نار فى بهار ** ماعرفنا عدوك زاهل وله لسه غلام جاهل متهلل كيف الشتاء عندك صيف ** صبغ الخدين حمرة بعد ساعة بشوف صفرة الاصفرار ده كتير أخجلوك ياامير وله نمت نهار ** فلق الصباح نور في نحور الغيد صور يا صباح النور على العيون الحور والخديد الحار ثم يقف أبو داؤود على مربط الفرس وهو يقودنا : عزة قومى كفاك نومك وكفانا دلال يومك إنتى يا الكبرتوك البنات فاتوك في القطار الطار والتفت وأجد زملائي طلاب الدراسات العليا قد فاتونى راجعين الى ذلك الكوخ الخشبى الذى كنا نقيم فيه تحت ضيافة سلطات المحمية الطبيعية . . وصوت أبو داؤود يتردد فى أذنى وهو يغنى من كلمات ديمترى البازار : بتنى فـــــى الترتيل ما عرفنا ليهو مثيل يا ناس لــــى حبيب انا في غرامو كتيل يا صاحبى . . هذا حديث لاينتهى . . رحم الله أبو داؤود عبد العزيز بن محمد أشهر مغنيى الدولة الأموية والعباسية ودولة الأندلس والفاطميين والتركية والمهدية والاستقلال وعصر الانترنت . . الأكبر من أبو داؤود . . هو قلبه الم يسعنا كلنا؟
Post: #105 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-06-2009, 09:39 PM Parent: #104
الفنان عبد العزيز داؤود اغنية حبيبي غاب
Post: #106 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-06-2009, 09:43 PM Parent: #105
الفنان عبد العزيز داؤود اغنية عروس الروض
Post: #107 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-06-2009, 09:48 PM Parent: #106
في حب يا أخوانا أكتر من كدا
Post: #108 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-08-2009, 09:56 PM Parent: #107
الفنان عبد العزيز داؤود اغنية فينوس
Post: #109 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-08-2009, 10:00 PM Parent: #108
الفنان عبد العزيز داؤود اغنية زيدني في هجراني
Post: #110 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-08-2009, 10:03 PM Parent: #109
الفنان عبد العزيز داؤود اغنية حكم ضميرك
Post: #111 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-09-2009, 02:54 PM Parent: #110
الدكتور عماد الدين عبد الله
مشكور ياغالي وانت تعطر البوست بعبق
ملك الطرب عبد العزيز محمد داؤود
كل الود والإحترام
Post: #112 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-10-2009, 06:58 AM Parent: #111
Post: #113 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-12-2009, 07:44 AM Parent: #109
زيدني في هجراني - كلمات عمر البنا
زيدنى في هجراني في هواك يا جميل العذاب سراني على عفافك دوم سيبنى في نيراني ********* لمتين تطرانى وأنظرك في النوم جوز نواعسك راني طرفي قصده يراك وما قصدت تراني مابسيب حبك والله لو ضراني ********* يانعيم ازمانى ويا حياة روحي ويا بهجة امدرمان في الحياة غيرك ما في زول همانى في بعادك أزايا وفى وصالك امانى ********* بلبل الأغصان غنى بذكراك وبى النويح اوصانى الجمال خصاك والعذاب خصاني والدلال أوصاك على دوام تعصاني ********** مال فريعك باني فيه بدر وظلمه وفيه ردفا بان من لحاظك صارم بالهلاك انبانى بين نعاس عيناك الكحلهن رباني ********* يادرر الحاني يا ازاى ودواى يا راحى يا ريحاني انت نايم وانا الم البعاد صحانى حن على غرامك والله كاد يمحانى ********* زهرة البستان تحكى بسمة فاك وطرفك الفتان حين نسيم الليل بروايحك اتانى زاد على الشوق دمعي سال هتان ********* في جمالك ثاني يا فريد الحسن الما اتوجد لك ثاني لو جميع الشعراء فيك يرووا مثانى لم يحصروا ثناك الفاق لكل حسان ******** المنام جافاني من جفاك ياحبيبى صبري أصبح فأنى لو أشوف شخصك في الخيال يلفاني كان طلع سعدي والزمان صافاني
Post: #114 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: khaleel Date: 12-15-2009, 07:06 PM Parent: #100
Post: #115 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: قرشـــو Date: 12-15-2009, 09:11 PM Parent: #100
يا سلام يا عماد يا جميل
حقيقى رائع بكل ما تحمل الكلمة من معنى
شكرا لهذا التوثيق الجميل والممتع والذى نفتقده فعلا ونحتاجه
يديك العافية يا سيدى
Post: #116 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-16-2009, 12:46 PM Parent: #115
Quote: عمدة ساقوم بتحميل اغنية نسائم لاحقا
ولكن نسمع هات لينا صباح
مشكور كتير ياخليل يارائع على هات لينا صباح
وفي إنتظار نسائم الليل والشكر والتحايا مسبوقة
لطلبنا مقدما
أطنان من التحايا
Post: #117 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-18-2009, 08:18 PM Parent: #116
Quote: يا سلام يا عماد يا جميل
حقيقى رائع بكل ما تحمل الكلمة من معنى
شكرا لهذا التوثيق الجميل والممتع والذى نفتقده فعلا ونحتاجه
يديك العافية يا سيدى
مرحب بيك اخ قرشو
والف شكر لما سطرته اعلاه
ويملاك انت كمان صحة وعافية ..
Post: #118 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-18-2009, 08:26 PM Parent: #117
هات لينا صباح - كلمات عبد الرحمن الريح
يخجل البدر يخمد المصباح ياليل هات لينا صباح نحن كل صباح نبني في الآمال ماوجدنا رباح سرنا المكتوم بالدموع إنباح والسهاد أصبح أمرو لينا مباح ***** النسيم إن فاح يمتزج بذلال دمعنا السفاح كم عشوق مهجور مضنى غير إصفاح عينو في الورد روحو في التفاح ***** يامنى الأرواح انت للعشاق كالشذى الفواح عطر الدنيا وأملأ الاسواح يغرو بيك الكون في غدوك رواح
***** القلوب ترتاح من كمال التام للجمال ترتاح أصلو زول لكن صورو الفتاح من سلالة الروح نهلو للمرتاح ***** الجمال شراح للصدور لكن للقلوب جراح قالوا أهل الحب في الزمان الراح نشوة الأحباب أحلي من الراح
Post: #119 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: حافظ عبد النبى Date: 12-18-2009, 11:44 PM Parent: #100
الاخ عماد احمد لك التحية وانت تزرع في قلوبنا الفرح والاحساس الجميل الذي فقدناه منذو زمن طويل
اه اه اه الاستاذ ابو داوود وحقا الكبير كبير،،،
لك كل الود
حافظ
Post: #120 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-19-2009, 00:04 AM Parent: #119
بعد اذن الاخ خليل انزل لكم اغنية نسائم الليل
Post: #121 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-19-2009, 00:07 AM Parent: #120
اغنية بلالي ما جاء
Post: #122 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عماد الدين عبدالله Date: 12-19-2009, 00:10 AM Parent: #121
اغنية جلستنا رائقة
Post: #123 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-19-2009, 08:34 AM Parent: #122
Quote: الاخ عماد احمد لك التحية وانت تزرع في قلوبنا الفرح والاحساس الجميل الذي فقدناه منذو زمن طويل
اه اه اه الاستاذ ابو داوود وحقا الكبير كبير،،،
لك كل الود
حافظ
الأخ حافظ عبد النبي
الشكر والتحية لك للمرور
عبد العزيز داؤود هو من يزرع الفرح
والاحساس الجميل في قلوبناوشخصي الضعيف
مجرد ناقل لسيرته العطرة والكبير كبير
كما ذكرت آنفا في مداخلتك السابقة ..
كل الود والإحترام
Post: #124 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-19-2009, 08:44 AM Parent: #123
Quote: بعد اذن الاخ خليل انزل لكم اغنية نسائم الليل
ياسلام عليك ياعمدة تكون حاضرا في
الموعد كعادتك تماما والأغنية
مهداة للأستاذة عفاف ابو كشوة بناء
على طلبها .
تحياتي
Post: #125 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-19-2009, 08:55 AM Parent: #124
عبد العزيز أبو داود – بقلم البروفسير علي المك
مساء السبت الرابع من أغسطس 1984م مات عبدالعزيز محمد داؤد، كان بدأ رحلته في طريق الأبد مساء الجمعة، وانطلق الموت يلهث إلى قلبه الكبير، فمصير القلب الكبير إلى لهاث، وارتاح الموت حين أسكته، لم اصدق كل ما حصل، وبعضه قد شهدت، ولم اصدق، في يوم الجمعة التي بدأت فيها رحلة الموت كنت مدعواً في بيت أحد الجيران، والدعوة غداء والنهار حار ومضجر، لا اعلم، تباطأت شيئاً، ولكني ذهبت علي كل حال، وجدت خلقاً كثيرين، كان منهم أحد المغنين، ودأبه كان تقليد أداء عبدالعزيز، ولكنه بون شاسع، قال يبدي تظرفاً امقت صنوفه (صاحبك صوته خف) قلت بحدة (صاحبي منو؟) قال (عبدالعزيز داؤد) قلت ساخراً (ما هو أنت موجود!) ضحك القوم ضحكاً كثيراً، تشاءمت، أكلت في عجلة، عدت للبيت، وحدي كنت، وفي التلفزيون وجدت ألواناً من مسابقات الأولمبياد في لوس انجيلاس، لم تفد حالتي كثيراً، اعرف الاكتئاب النفسي يقيناً، كنت لا اعلم من أمره، الاكتئاب، كبير شيء، ولكن الأزمنة الصعبة، والتمرس بمقابلة المكاذبين يبدون، أول أمرهم، براءة أطفال، هد من صلابة النفس ونقائها كثيراً. عرفت الاكتئاب إذن. يقيناً. والجمعة 3 أغسطس كان يومه. وحين بدأت شمس النهار بالإخفاق أبصره حيث كنت في البرندة، سمعت حركة أقدام، ثمة من يصفق، نهضت من موقعي، فتحت الباب، أمامي كان عثمان محمد داؤد، أحييه في حماسة، ثوان وتخال دهوراً، لعله كان يود يختزل مجاملات التحية الطويلات ليقول لي شيئاً أهم كثيرا من مجاملات السلام. توقف السلام، قال (صاحبك جه من الأبيض عيان جداً) تركت التلفزيون يحفل بالعدو والملاكمة والسباحة وانطلقت معه نبحث عن طبيب، وعدنا صديق طبيب أن يتبعنا، ذهبنا إلى الخرطوم بحري، ما أنكرنا حي الدناقلة، كان بي حفياً منذ أن جعلته وطن الوجدان يكون في دار عبدالعزيز، ذلك كان في أخريات الخمسين، جسر مطمئن علي الخور يفضي إلى زقاق فيه دار عبدالعزيز، لا اعلم لماذا تفرست في معالم الجسر الصغير في ذاك الموعد من ذاك اليوم ولأول مرة! فوقه حصى، وعليه مع الحصى تراب، وكان يضايق السيارة انه علي حافي الجسر تكون دائماً مجموعة صبيان، أقدامهم تزيد ضيق الجسر ضيقاً تخال أحياناً، إن أقدامهم تدعو إطارات السيارات أن تدهسها، تارة ينهضون من مجالسهم برمين، وأحياناً بذوق حسن، في ذاك الموعد من ذاك اليوم لا صبيان ولا أقدام صبيان، ليس هناك من شيء علي الجسر إلا الحصي وإلا التراب، صرنا إلى البيت، ثوان وتخال دهوراً، بعد الباب المضياف، وجه عبدالعزيز، كان جالساً علي كرسي، اسند ظهره علي وسادات، تعبن علي قليل من راحة يحتاجها قلب متعب مجهد، مرهف، أنفاسه تجعل من جلابيته شراعا تعبث به الريح وتنفخ فيه، لا تسعفه الأنفاس المبهورات، لم يتعود هذا الإنسان الرائع أن يصمت، هش لي وبش، وضعت اكتئابي بين يديه، دأبي منذ أن عرفته، يعرف ما يضايقني قبل أن أبوح به، نظر إلي، ضحك ضحكاً صافياً هزم به الأنفاس المبهورات قال (أنت لسع محافظ علي جلابيتي الجبتها ليك؟) ضحكت بصفاء جعل الاكتئاب المر يتساقط من خيوط الجلابية، يغادر نفسي، جلست انظر إليه، تذكرت لحظتها زماناً في الستين وكنت اعد نفسي للسفر للدراسة في أمريكا. جاءني عبد العزيز وأهداني جلابية زرقاء اللون وفصلتها وحملتها معي، وحين عدت إلى الوطن سألني؟ ماذا أحضرت معك، إن شاء الله جلابيتي رجعت معاك؟) ضحكت، قلت (والله يا أستاذ كل الجبته معاي اسطوانات وفونوغراف) قال (بس! مرحب الغاب وجاب)! قبل عصر الجمعة ذاك، بأسبوع أو نحو أسبوع، زرته في البيت، أوان لمنيب، كانت الحمى قد استقرت بجسده، ولحظت تورما في ركبته، جنته، كان يسال ملحفاً عن أغنية الحاج سرور (يجلي النظر يا صاح)، جودت نصها، جعلت أغريه بالترنم، كان علمني شيئاً من مذهبه في الغناء، سنين طويلات، كمفت مثل ظله اتبعه، أغني على استحياء امسك صوته المذهل أغنية سرور، يتحسس مداخلها ومخارجها، كان الأغنية لديه محبوبة يغازلها، ثم تلين، ترق، تتداعى، تكون هو، ثم يكونها صدح (في الضي جبينو النادي والبدر خلان يجمع لطافة ورقة ونفرة الغزلان). جلست انظر إليه، لم أكن أعلم إني أشهد طرفاً من ساعاته الأخيرات، وهو جالس أمامي، صدره يعلو سريعاً ويهبط سريعاً، أردت أن أقول له إنني لم اكن مقتنعا بسفره للأبيض، لأنه كان مريضاً بحمى وبيلة، عرفت حدتها حين جعلت يدي على جبينه، أصرت عايدة عبدالعزيز ألا أترك أباها يسافر للأبيض، كانت قلقة ليلتئذ وقد زايلها مرح معهود في أسرة ربها واتسم بالمرح، حدثتني ماجدة عبدالعزيز مرة أن والدها قال لها نكتة يبدو انه ألفها في حينه قال يا ماجدة سمعتي بالجدادة الاستضافوها في الإذاعة، قالت ماجدة: (لا) قال (اكمل ليك القصة الجدادة دخلت الأستوديو، وبعدين كالعادة شكرت الإذاعة على إتاحة الفرصة، واتكلمت عن مزارع الدواجن، والأوبئة، وحياة الجداد في البيوت أيام زمان، واتكلمت كويس.. وبعدين المذيع كالعادة قال ليها تحبى تسمعي أغنية شنو؟ الجدادة ما أتلفتت قالت احب استمع لأغنية: في الليلة ديك !!). ما توقفت لحظة، رفضت رجاء عايدة، لأني كنت أعلم أن عبدالعزيز إن قد قر رأيه على شئ استقر عليه وفعله، إذن فرجائي ألا يسافر مرفوض سلفاً، بحثت في عينيّ لا أمل طأطأت رأسي وخرجت مسرعاً اضرب في الليل لحين أن استدعاني عثمان داؤد عصر الجمعة تلك. كنت انظر إليه إلى جلابيتي الدمورية، أحاط بها البلى كل جانب تتماسك جميلة في شيخوختها، تكون الدمورية جميلة الشأن رقيقة الملمس حين تدنو من الهلاك، كان كلام عبدالعزيز متقطعاً، رجوته ألا يتكلم. شعرت بثقل المرض الذي احتمل، عاد الاكتئاب إلى نفسي، غمر جيوب الجلابية، تقافز يعود إلى مواقعه. قلت إن الطبيب قادم، هز رأسه، مضيت لحالي. أمسيات عدداً قبل ذلك كان بدأ يتدرب على ما اسميه (برنامج عتيق) وهو يشمل مختارات من أغنيات للشاعر محمد البشير عتيق، وقد الفت حنجرة عبدالعزيز شعر عتيق منذ عهد ليس بالقصير، غنى له (ما بنسى ليلة كنا)، بتفريغ نغمى على لحن كرومة، ثم تناول القصيدة الصعبة (قم نرتشف خمر الهوى) وأخضعها لسلطانه، ومن بعد تلك (أول نظرة) واذكر يوم كان تسجيلها بالإذاعة، لم نكن نعرف النص تماماً، اتصلت في نحو الظهر بعتيق في المدبغة الحكومية حيث كان يعمل عصرئذ، وعن طريق سيف النصر عمر عثمان عازف الكمان، وجاء صوت عتيق على التليفون، أملى عليّ كلمات قصيدته، جاء صوته يزدان بوقار السنين، يملى دون خطأ، في ثبات، قصيدة كان نظمها في مطالع الأربعين، عاد حين نشر ديوانه في هذا العام (1987) يثبت على صدرها عام نظمها 1942، ويكتب يقول (رأيتها وهى جالسة على سباته العرس بين أترابها فكانت أول نظرة)، صوته جاء عبر التليفون (الحيا والنضرة والتيه والجبره هم مصدر شوقى، ومصيبتى الكبرى، بالحب ابلانى، وكمان خلاني)، دخل الموسيقيون إلى الاستديو، الساعة الثالثة بعد الظهر، ينتظرون الاشارة كيف لحنها: أول نظرة، بدأ عبدالعزيز يدندن بشىء ليس من تلك الاغنية في شئ، اضطربت شيئاً، جريت الى مكتبة الاذاعة جئت باللحن عل صوت أولاد الموردة، عطا ومحمود عبدالكريم استمعنا اليه مرة واحدة، رسخ في أوتار الكمنجات، التقطه عبدالعزيز، وجعل يستعمره شيئاً فشيئاً وتم التسجيل بالصورة التي تعرفون الآن. وأنا أنظر إليه: أيمكن أن يخرس المرض هذا الصوت، أو هذا الرجل الذي ما عهدت نفسه صمتاً طوال حياته فهو إما يتكلم أو يغنى، كانت نظراته بعيدا سابحات، والجلابية خلتها شراع مركب تستبد به الريح، تعلو وتهبط مسرعة: الحالتين كلتيهما.. هل يعقل أن يصمت هذا الصوت المذهل عن الغناء لحظة؟ وأنا إليه انظر: كنا نذهب إلى المنطقة الصناعية أي واحدة من المدن الثلاث تكون، بسبب أو بلا سبب، كان الحرفيون والصنايعية صناع الحياة يتجمعون حين يبصرون بسيارة عبدالعزيز، يصيحون به جماعات، على ملابسهم الزيت والشحوم والغبار، وحر الأسقف الزنك يلوذون منه بظلال النيم إذ يبدو انه لا شجر ينبت مواقع الحديد والشدة سوى النيم، تتوقف سيارته وينطلقون إليه وإليها، جماعة تطلب نكتة، وأخري حكاية وثالثة تطلب (زهرة الروض الظليل). ويغنى ويؤلف نكتة على الفور، ويترك في المناطق الصناعية سعادة كبيرة. وما قصة زهرة الروض الظليل؟ في بدايات الستين مات على أبو الجود رحمه الله، وكان الرجل من أساطين الغناء، في عهده (طابق) كرومة عهدا ليس باليسير ثم استقل بغنائه، كان له صوت قوى عريض المساحة، وكان له في مجال تشجيع فريق المريخ باع طويل، وقرر معجبوه الأوفياء أن يقيموا له حفل تأبين على مسرح النادي الذي احب. روى الرواة أن على أبو الجود وجماعته كانوا يشهدون مباراة حامية بين فريق المريخ وفريق الشاطئ. جاء فريق الشاطئ قوياً، متحمساً، وبرز من لاعبيه حارس المرمى بصورة. رائعة، وامسك بكل الكرات التي صوبت نحوه. نذكر أبو الجود أن هذا الحارس من اكثر خلق الله حبا لكرومة ولفنه يتبعه أنى ذهب، رجل طربي من الطراز الأول. انتهى شوط المباراة الأول، هتف على أبو الجود بالناس (يا عالم ما في زول في الهاشماب عنده رق)؟ بين الهاشماب ودار الرياضة شارع الموردة لا سواه، كان المريخ مهزوما بثلاث إصابات، انطلق مريخابي كالقذيفة إلى حي الهاشماب واحضر رقا، بدأ الشوط الثاني، مضى أبو الجود وجماعته وجلسوا خلف شباك حارس مرمى الشاطئ، وصدحوا بالغناء (الرشيم الأخضر، زهرة الروض الظليل، نسيم سحرك، جوهر صدر المحافل) الخ هذا الغناء العذب، ثم جعل الرجل يتداعى، يفقد توازنه طربا الله ! الله ! ورماة المريخ يسجلون، عصمت معنى، طلب مدني، أبو زيد العبد، وانتصر المريخ آخر الأمر. لم يكن عبدالعزيز يعلم شيئاً عن حفل التأبين، كنا نزور صديقنا الحميم حسن يحي الكوارتى في داره بحي العرب، منطقة ونصيبها من الشعر والغناء حق وفير، قلت له بعد أن هبط الظلام (يا أستاذ نمشى نادى المريخ لحضور حفل تابين على أبو الجود) وافق على الفور، ذهبنا، ؤ الطريق عجبت لهذا الرجل، دائماً للغناء مستعد، ولإسعاد الآخرين يتأهب، قلت لنفسي: من يعزف له؟ ماذا يتوقع أن يكون بانتظاره في نادى المريخ؟ أشرفنا على الموقع، كان محتشداً بالناس، مجموعة من أهل غناء الحقيبة، قدامى ومحدثين، قدموا خير مالديهم في ذكرى زميل وعزيز، جاء دور عبدالعزيز، صعد خفيفاً إلى المسرح، دأبه، صمت الجمهور يحتشد بالأذان، لم يقل إنه سيقدم أغنية بعينها، ولا أغنيات بأعيانهن، أخذ الرق من أحد المغنين بيد، ثلاثة أو أربعة من الكورس وقفوا خلفه، ما درى أولئك إنهم، وللتاريخ، أمسوا على مشارف مولد أغنية لدى عبدالعزيز، ما كان قد حدثنا عنها قط، ما ترنم بها قط، نكون في سيارته نجوب الطرقات، كثير أحيان، بلا هدف ولا هدى، إذ ذاك يكون الغناء والطرب ونكون محاولات التنغيم التي لم يبلغ علياءها من معاصريه أحد. الرمية أولاً، طال صمت الأذان تحتشد: هيا (الجرحو نوسر بى، غور في الضمير، فوق قلبي خلف الكى، يا ناس الله لى): صياح مذهل أمطار مثجمة من الطرب يعب منها الجمهور لحين يثمل نشوان، ثم (يا زهرة طيبك جانى ليل، أقلق راحتي حار بى الدليل، زاد وجدي) هناك جاء مولد زهرة الروض الظليل، (كرومة الأصلي) كما يقولون، إحدى أغنياته الخالدات، كرومة الأصلي، كما أتصور مع كلمات صالح عبدالسيد أبو صلاح، وكلمات عمر البنا وأشعار عتيق. خرجنا من الحفل والجمهور المحتشد يصفق لنا في حماسة كأنه يظاهر فريق المريخ، برعى وابراهومة وجقدول. وأنا انظر إليه: كيف يصمت هذا الصوت الذي هطل سعادة على كل شبر في الوطن على مد بضع وأربعين سنة، مرة كنا في اتحاد الفنانين، في الدار كانوا يحتفلون بثورة أكتوبر، كل الفنانين الكبار اشتركوا في الحفل، جاءنا حيث كنا نجلس آخر الصفوف، عبدالله حامد العربى عازف الكمان المجيد. قال لعبدالعزيز (سمعت انك مريض ولن تستطيع الغناء) رد عبدالعزيز (المرض بحمى الغنا؟).. ضحكنا قام قال (سأغنى لكم ثنائي مع الكابي) اتفق المطربان، صعد عبدالعزيز إلى المسرح، كان الزعيم إسماعيل الأزهري يشهد الحفل، كان سعيداً جداً، تقدم عبدالعزيز إلى المايكرفون، قال يخاطب الزعيم (حيغني ليكم اثنين من أولاد بحري، ثنائي، الكابي وأنا، بلاك آند وايت)! كان بشير عباس في مقدمة الأوركسترا، والخليل، وتم دور واتدور. وأنا انظر إليه: في ذلك المغيب الكئيب، هل يمنع المرض الغناء؟ والكلام هكذا؟ في مثل هذا الوقت منذ بدايات عام 1984 م كنت اختلف إليه، قررنا أن نعالج قصائد عتيق المشهورة، اختلفنا حول بعضهن، كان عبدالعزيز لا يحب أغنية (كلما اتاملت حسنك يا رشيق) بينما كنت أودها وداً شديداً، وكان يريد أن يغني (بدر لي حسنك سحر) وكنت لا أودها وأخيراً حذفنا الاثنتين، وكان بدأ يتدرب على أغنية (يا نسيم بالله اشكي له) وجعل يؤديها بصورة مدهشة جداً، وقرر أن يزحف بكنوز عتيق إلى الإذاعة، كان عبدالعزيز لا يفعل ما يفعله كثير من المطربين، لم يكن يطلب أجورا عالية من أجهزة الإعلام، كان يريد أن يغني بما يسعد الناس في هذا البلد الرحيب. ولما سجل مجموعة من أغنيات الحقيبة في مطلع السبعين تقاض عن كل أغنية بضعة وثلاثين جنيها، فاعجب ! ومثلما قال سامي ديفز حين مات نات كنج كول انهم كانوا لا يقربون أغنية غناها، قال ديفز إن كول كان يضع بصمته الفريدة وأداءه. الأسر على كل الأغنيات. قال لي عبدالله عربي انه يظن أن في ظهر عبدالعزيز مكبرات صوت حبته بها الطبيعة، قال صديقي عاشق اللحون معقبا (عينو حارة ود القطينة!!) لم اكن اعلم مدق ما ذهب إليه سامي ديفز إلا حينما اختطف عبدالعزيز أغنية (ذكرتني) من عثمان حسين، وعثمان جالس إليه ينظر في سعادة، ثم جعل يغنيها بما اطرب صاحبها غاية الطرب، و غير هذا كثير. صباح السبت 4 أغسطس 984ام كان ذاك العام بما فيه وما انقضى منه ثقيلاً بأحداثه، بطوارئه، وقضاة طوارئه، وقد استحال بذلك إلى قرن من الزمان كان حكمه الواحد هو كاليجولا وجنكيزخان، وسوموزا، آه صباح ذاك السبت طرت إلى الخرطوم بحري لحين أن بلغت دار عبدالعزيز كان الطبيب قد عاده في المساء، ووصف له دواء، أفاده شيئاً حين اطل الصباح، لعل أنفاسه هدأت بعض شئ حين رأيته قلت (الحمد لله) ثم عدت إلى طاحونة الحياة اليومية. في العصر أيضاً جلست وحدي أشاهد الألعاب الأولمبية، تتفجر معها ذكريات لوس انجيلاس عهود الصبا، اخفق الضوء الأصيلي فصار إلى ضوء باهت وأطبق المساء عل روحي، هذا اكثر لحظات اليوم كآبة عندي، وقع أقدام،. ثمة من يصفق، وثب قلبي إلى فمي، أهذا طعم الفجيعة؟ جاء إلي.محمد احمد حمد زميل دراستي، وجار عبدالعزيز، أهناك وقت للتحية؟ نظرت في وجهه، لحظ في وجهي، لا ريب، أثر الفجيعة يوشك هو أن يطلق عنانها خبرا. قال إن عبدالعزيز حالته خطيرة، ذهبنا إلى الطبيب ما وجدناه، وقال لي انهم حملوه إلى المستشفي في بحري، قلت له (انطلق بي) حين وصلنا إلى المستشفي لم يكن على أبوابها جمع حاشد، أوقفنا السيارة قبل أن نسأل، سمعنا رجلاً فقيراً ما ستر الليل فقره يحدث بائساً مثله في أول ليل بحري يقول له (أبو داؤود مات) ! انفجرت السيارة، نحن بداخلها، تبكى ! أعدت الطبيعة عدتها، زمجرت الريح في الأشجار مكتئبة الأغصان، تبكي، صعد الغبار يبكى، قالت الطبيعة: إن هذا نصيبي من الحزن، تكون الفجيعة الرؤية مدببة الأطراف وذات أبعاد، انطلق الأسى على شاشة التليفزيون يبلغ الناس الخبر الذي (جل حتى دق فيه الأجل) لقيت عبدالله العربي أمامي جالساً، يتيم الكمان، على الأرض يبكى، والفاتح الهادي يبكى، وجل أهل الموسيقى، برعي دفع الله كان بعيداً عن ليل الفجيعة في تونس، بشير عباس في جدة، وبقيت وحدي. وجاء كل أهل الموسيقى يبكون، وكل الوتريات تبكى، ورق كرومة يبكى، والخرطوم بحري دخلت (بيت الحبس). هل يموت عبدالعزيز، سذاجة سمها أو جهالة فلتكن، كنت أظن أنه لن يموت وأنه دائماً هناك كل مساء قبيل إخفاق ضوء الأصيل في داره بالدناقلة في الخرطوم بحري، وأنه بانتظاري، للونسة أو نخرج لمجاملة الأصدقاء، آه لقد ذهب في نفس الوقت من المساء، يلبي نداء ليس يقدر أن يتمرد عليه أحد. نبهنا الطيب محمد الطيب مرة بمقالة في يوميات الأيام كتبها عن عبدالعزبز، كأنه كان يحس أن هبة الله لهذا الوطن توشك أن تعود إلى من وهبها لنا، وما سمعنا كلام الطيب. وقال لي حسن عطية بعدها (هل قرأت كلمة الطيب؟ ما عجبتنى، بصراحة زي الكتب تأبين لعبدالعزيز) ولم نصدق هذا كله، وفي المساء الموعود، مساء السبت الرابع من أغسطس عام 984ام حمل روحه الرائعة وغناءه العذب، ولم ينتظر. البحث عن نسايم الليل لم يكن عبدالعزيز داؤد يحدث كثيراً عن حياته، نشأته أو صباه أو مدارسه، ولم اكن كثير علم بذلك وبعض ما عرفت كان من أحاديث سجلها للإذاعة يذكر فيها طفولته في بربر، وبعض مراحل تعليمه ويبدر أنه قد درس في مدرسة الخرطوم الابتدائية وقتاً قصيراً، مدرسة ومكانها في قلب السوق، ذكر عبدالعزيز أن نوافذ الفصل كانت تجلب الضوضاء خارج المدرسة، وضجيج المقاهي وغناؤها ينبعث من الفونوغرافات، قال في خضم الجلبة الهائلة، يأتيه صوت كرومة عذباً صافياً، لكأنه خلاصة الخلاصة من ينابيع الفن، وذكر أن إنصاته لتلك الخلاصة ما ترك له بالاً أو عقلاً، فقد عرف إذن طريقه فليس عنه يحيد، وفي تسجيل للإذاعة يروى انه سار على قدميه مسافة بعيدة ليستمع إلى زنقار، ذكر أن الليل كان مظلماً، وحده، وأخطار الطريق، استأسدت عليه الكلاب، مزقت من ملابسه طرفاً، أتمثل العبادى يقول (شق حشا الطريق اتيا من الحلال زفنوا الكلاب، ما نالن الا علال) كلا فكلاب الطريق نالت من عبدالعزيز! من هنا وهناك تأتى أخبار بداياته، ذكر لي مرة انه غنى (زمانك والهوى أوانك) لعلى المساح في نحو عام 1939م، كان عبدالعزيز شديد إعجاب بهذا الشاعر العبقرى، وكان يبحث عن قصائده ويدونها ويغنيها، غنى له (طول يا ليل على الباسل) وهى من بعد كلمة رائعة، أتذكر خاتمتها (جميع من سمى باسمو، حرام النار على جسمو)، وقد خلق بأدائه (غصن الرياض المايد) ثورة في الأداء تتشرف بها مطالع الستينات، وغنى له (بالله يا نسيم الصبا)، ولم يتم تسجيلها للإذاعة، وربما كان هذا هو السبب في أن لم يكتب لها ذيوع كثير ومرة ذهب إلى عطبرة فسمع مطرباً مغموراً يغنى أغنية بهره لحنها لم يتذكر منها سوى قول المطرب (مساء الخير يا أمير) ولكن اللحن استقر في حنجرته فلا يبرحها، وحين لحظ المغنى إنصات عبدالعزيز المركز، شعر أن الرجل بسبيل أن يختطفها ويستعمرها فامسك عن الغناء، ولكن قضي الأمر، استقر اللحن في ذهن عبدالعزيز، بقى النص، ليست هناك مشكلة سافر عبدالعزيز إلى شندي، وحمل قضيته لمؤلف الأغاني على إبراهيم خليل، واسمعه اللحن وكانت الكلمات، بعضها (عار الصيد منك عيون، أهدت ليك البانة لون).. مرة جاء من إحدى جولاته الفنية يدندن بلحن فريد، من الحان كرومة، كعادته تعلق صوته الفريد بالمطلع، جن به جنوناً (نسايم الليل زيدينى) قال إنها من كلمات عمر البنا، أين الشيخ عمر؟ قالوا يسكن مدينة الثورة .. وأين؟ ابحثوا عنه، إصرار وفريد، ذاك شأن عبدالعزيز، ذهبنا وصلنا، جلسنا في دار الشيخ، بصر ووهن، وجسد عليه من آثار الأعوام الكثير، بشاشة معهودة فيه، هذا الفارس بالشعر، القوى بالقصيد، الشاب بإحساس القلب الوثاب، الذي شهد النقائض تكون بين شعراء عصره، وكأن العصر الأموي فينا، وكأن الأخطل وجريراً والفرزدق بيننا، ظاهر صالح عبدالسيد، وشارك في المعارك، وظهر الغناء كالذهب النفيس، نحن في حضرة الشيخ الشاعر وهن بصره القوى بالشعر، عمر البنا، لم يمهله عبدالعزيز فيكمل ترحابه لم يلق عليه القصيدة إلقاء، بل غنى ما علق بذاكرته منها غناءً عذباً استبدت بالشيخ القوى بالشعر، هاشمية الطرب، شالته، بسمة رضا، صارت كل وجهه، جعل يهمهم، يدندن بصوت، لا ريب قد عرف الغناء، صباه، بل حياته كلها، أنطقته هاشمية الطرب (آخ يا شافع .. يا سلام عليك يا شافع .. يا شافع) .. نظرت إلى (الشافع)، فإذا هو ذلك الضخم، الطويل، العريض، عبدالعزيز .. فاجأتنا نسايم الليل إذن، انظر يحمل الشاعر سلامه النسيم ليس كمثل غيره من شعراء زمانه، بل هو بمذهب شعراء المدائح ملتزم ومفتون، مثلهم يمزقه الحنين، تختلف الوجهة والمحبوب، لكنه على المذهب مقيم، سلام أولئك الشعراء لا يحصى عدداً، يفوق أعداد الكمون والسمسم، سلام شاعرنا مثل ذاك، لا يقع تحت حصر تأمل: سلامي بعد تجنينى.. عليك وليالى سنينى .. في وصفك وعد حنينى.. يغشاك مرفوق مع النسام روحى خلالو.. تسلمنا القصيدة، انتشرت على حنجرة الذهب، سخية الوقع والإيقاع واللحون .. ولم يكن عبدالعزيز يتحدث كثيراً عن بداياته الفنية، ذكر مختار عباس - صديق وحميم- انه قبلنا جميعاً، استمع إلى صوت عبدالعزيز، كان بهذا يباهى، وبه يفاخر، قلنا كيف؟ قال (كان ذلك في عام 1943. كنا ماشين عرس في القطينة، مجاملة لصديق، أجرنا تاكسى فورد، اتفقنا مع فنان من المشهورين، مشينا ليهو ما لقيناه، قعدنا مسافة ما ظهر، أدانا طبقة زولك، زعلنا جداً اتكسفنا الجماعة هناك منتظرين، العريس والقطينة كلها، وبعدين؟ قام صديقنا عبدالله محمد صالح قال يا جماعة ولا يهمكم، أنا بعرف واحد بغنى كويس، بس ما مشهور، المهم نعدي الحفلة، أنا شخصياً ما كنت مقتنع بي كلامه، لكن قبلت، قلنا ليه يا عبدالله زولك رين؟ قال طوالى بيكون قاعد في قهوة الزيبق، مشينا للقهوة، زولك عبدالله نزل القهوة، جانا راجع معاهو واحد، أزرق زي الكحل، طويل، عريض، لابس طاقية، جلابيتو نص لياقة، ولابس شبشب، ما معقول يكون ده الفنان؟ ما معقول! يا عبدالله، قلت ليه بالراحة .. ده فنان، واللا رباط، المهم زولك ركب معانا ونهضنا على القطينة، ومما ركب كان بغنى، وبغنى أطربني شديد،.قلت ليه يا عبد، الناس حتعرفك بعد عشرين سنة، في السكة يا زول موية العربية خلصت، زولك عبدالعزبز من يومه دمو خفيف، والدنيا صقيعة والبحر بعيد، كنا ماشين بالطريق الفوق، رمال، رمال، مويا مافي وبعدين قلت ليك زولك عبدالعزيز من يومه دمو خفيف، وبحب يعمل مقالب قال: طيب أحسن بدل نتعطل واحد يبول في اللديتر، واحد فينا سمع كلامو، قام البخار سخن من اللديتر والحصل حصل)! وقد عرف الناس عبدالعزيز داؤد بعد ذلك بزمان لا يقل بحال عن عقد كامل من الزمان، وقد بقى مختار عباس في حياة عبدالعزيز مستمعاً مخلصاً وصديقاً وفياً، وكان مختار زهرة القعدات، وله فيها مواقف مشهودة ومشهورة، وكثيراً ما كان يمزق جلابيته طرباً، وكنت أخشى مثل هذا الموقف، يبلغه مختار دائماً حين يبلغ عبدالعزيز في شدوه (خدام جناين يا نديم، لازلت لامن انعدم) من رائعة الشاعر حدباى (زهر الرياض في غصونه ماح). وكان عبدالعزيز يحب هذه الجلسات الصغيرة، لأنها تجمع أصدقاءه ومعجبي فنه، وكانت له بعض أفدنة في الحلفاية، زرعها برسيماً، وأقام عليها حارساً، ولكن عبدالعزيز لم يكن يعرف عن الزراعة أو التجارة كبير شيء، وكسدت بضاعته وصارت المزرعة وبالاً بعد ان اقترض من البنك الزراعي مالاً وجعل البنك يطارده، والفوائد تطارده، وأشباح المحاكم والحجز والبيع وهلم جرا، تغفل الحكومات كل أمر، وتستأسد أحيانا وذاك دين واجب السداد، وقد دفع من دمه ومن قوت عياله ما أسكت الأقساط والفوائد حيناً، ولكن إصرار القوم شديد، فكتب عبدالعزيز خطاباً إلى المسؤولين يلتمس أن يشطب ما تبقى من القرض، كان أهم ما فيه (لقد أنشأت هذه المزرعة أمنى نفسي أن أكون عزيز كافورى، فصرت عزيز قوم ذل !).. ولقد اختفي عبدالعزيز بعد أيام ظهوره الأولي عهدا ليس بقصير، ومن الناس من لم يكن يحب سماعه، وهذه سنة الحياة، ولكنه حين عاد للظهور، جاء بثورة في الفن، ولم يسبق لها مثيل، كان عبدالعزيز صديقاً للسيد الدرديرى عمر كروم، كان الدرديرى مثل مختار عباس يعرف ويثق بكل صدق، أن لعبدالعزيز صوتاً رائعاً وأداءً فريداً، وفي بيت الدرديرى في الموردة؟ كانت مجموعة من الأصدقاء تجتمع للسمر وسماع غناء عبدالعزيز، مرة كلم الدرديري، برعي محمد دفع الله، أن يشاركهم في الجلسات، قال برعي (كنت بعزف العود كويس وما بفتكر إني كنت متميز خالص في الزمن داك، ما فكرت كثير في التلحين، جيت لي ناس الدرديرى، سمعت عبدالعزيز بغني الأغاني القديمة، عزفت ليه انسجمنا جداً جداً، غناء عبدالعزيز من الزمن داك كان غناء جميل، أداء سليم جداً، استمرت المقابلات، فهمنا بعض كويس)... في عام 1950 سافر فريق المريخ إلى مصر، كان من أعضاء الوفد الفنان إبراهيم الكاشف، كان الكاشف يظاهر فريق المريخ في حماسة مشجعي الترسو، وكانت كرة القدم من صيم اهتمامات حياته، وله ولع بهذا الفريق لا يخفيه، وقد عرف به وهو لا ينكر. كنا نعلم كلما سمعنا صوته الرنان نقول الكاشف مريخابي ومثل هذا الصدق فتشجيع فرق كرة القدم أمر لم يألفه الناس من نجوم الأدب والغناء وغيرها، كثير من هؤلاء خشية أن يفقد طرفاً من جماهيره يدعى الحياد، اذكر فناناً سئل مرة عن أي الفرق يظاهر قال انه محايد وذكر انه يشجع اللعبة الحلوة، وقال آخر إنه يشجع الفريق القومي! على كل في قطار المريخ عام 1950 سافر الكاشف إلى مصر، وكان معه برعي دفع الله، وحسن خواض وآخرون، توقف القطار يسعى حثيثاً للشمال، في بربر جاء عبدالعزيز داؤد إلى المحطة، كان ساعتئذٍ يمضي وقتاً في مسقط رأسه، بصر بالقوم قال على الفور(أنا مسافر معكم) انطلق للبيت، أحضر متاعه، وانطلق مع القطار المريخي إلى مصر، وهناك سجل بعض أغنيات الحقيبة لركن السودان .. برعي والعود في يده ليس آلة. العود عند برعي إنسان يعشقه تحس أن للرجل علاقة مع ابن مدلل هو العود، علاقة مع معشوقة هي العود، وعزف برعي عزف منفرد لا يطاول سماءه أحد، عود برعي عود سوداني مثل اللون السوداني، ومثل العيون العسلية تكون على وجوهنا جميعاً، أن تفرد برعي بأمر من أمور الموسيقى، فلأن الطبيعة قد منحته السر أن يعزف هذا اللون السوداني، وهذه السمة التي لا نستطيع لها تفسيراً إلا أن نقول إنها شيء سوداني، وحين أذاع برعي في الناس معزوفة (لحن الحرية)، عرفنا من بعد، إنه أعلن مولد الموسيقى الآلية، وأعلن مولد المعزوفة السودانية المؤلفة تكون بعد المارش الشعبي، واختصت به، كانت، فرق الموسيقى العسكرية ويعبر عنه بآلات النفخ الخشبية والنحاسية ثم ضروب من الإيقاع تؤديها طبول مختلف أحجامها.. نقل برعي دفع الله إلى الأبيض، واصبح باشكاتب مستشفي الأبيض، وللمدينة في تاريخ الموسيقى، آن يذكر، نصيب. وفيها من أهل شعر الغناء محمد عوض الكريم القرشي، ومحمد على عبدالله الأمي، وقد قدر لقصيدته (أحلام الحب) أن تكون أول عمل يلحنه برعي لعبدالعزيز، جاء عبدالعزيز إلى الأبيض يبحث عن برعي ويعد لثورة في الغناء ليس لها من نظير، قلت لكم إصرار ذلك فريد. من بعد تلك الأغنية جاءت (بالله يا أهل الهوى) واستمرت الألحان تتدفق: هل أنت معي، فينوس، لحن العذارى، أجراس المعبد، عذارى الحي، ومحمد على أحمد، عوض حسن أحمد، عبدالمنعم عبدالحي، حسين عثمان منصور وإسماعيل حسن.. وتدرجت المعزوفة على الزمان يرعاها أب حان، فازت (ملتقى النيلين) التي صنفها برعي بالجائزة الأولى في مسابقة نظمتها إذاعة (الترانسفال) .. قال برعي (كان عبدالعزيز لا يغني لحناً لا يقتنع به، أو يحس، إنه لا يلائم صوته، كان يعرف قدرته على ضخامتها). أقول، وكنا حين نجلس في القعدات يجود عبدالعزيز ببعض من الغناء الذي ألفت الآذان والأرواح زمان الثلاثين والأربعين، أغنيات يتسلى بها الناس، كانوا، في المجالس، تبرد عليهم لظى الحرب، تدق الأبواب في الشرق، وفي الصحراء الغربية، ومناسبات آخر، وكنا نسمعها فتبرد لنا لظى زماننا ذاك العصيب، أغنيات تكشف الحجاب عن نساء عاشقات، ما نزع المجتمع عنهن، عصرئذٍ، حجابه الغليظ: يوم لاقيتو راكب بسكليتو.. الشاب الظريف القبل الشاطيء بيتو.. اشر لي بريتو، شقانى وما شقيتو.. شفت الحبيب توب الحد رميتو.. العجب حبييى ما رد لي تحية.. بعض إسفاف، قد يقول بذلك بعض المثقفين، من النوع الكامل من المثقفين والإنصاف أيضاً والأرباع، ولكن أين تخبئون الرؤوس من روح ذاك العصر؟ أكلما تغنت امرأة تتمنى حبيبها، تشتاق، قلتم ذاك هو الإسفاف؟؟ وكنا نستشيره فيمن ندعو للقعدات، إذ أن لها طقوساً ولوائح، وهى بعد محرمة على الثقلاء وهؤلاء كالموت يدركون المرء ولو ألجأ نفسه إلى البروج المشيدة، جاء أحدهم إلى حفل يغني فيه عبدالعزيز ولم يكن عبدالعزيز يود الرجل ويستثقله كثيراً ولكنه صبر عليه حتى لا يفسد الحفل ومضى زمان وعبدالعزيز يشدو، قام الثقيل من مجلسه، جاء إلى عبدالعزيز وقال (يا أستاذ، عليك الله غني لي غصن الرياض لأنها بترجعني عشرين سنة لي ورا) رد عبدالعزيز عليه قال (أنت عمرك كم سنة؟) رد الرجل (أربعين سنة) قال له عبدالعزيز (أغني ليك غصن الرياض مرتين، عشان ترجع بطن أمك وتريحنا)!! كان عبدالعزيز يخضع للآلات الموسيقية مثل هذه الأغنيات التي ذكرنا من أغنيات الدلوكة، أغنيات التم تم، أغنيات البنات، سمها ما شئت، وكانت حرية القعدات الصافيات تبيح للغناء والحديث حرية مطلقة، وأحياناً لا تشارك ليلنا أي آلة موسيقية، إيقاع الكبريتة وحده، يشعل الليل طرباً، رجل لا يخطئ في أدائه قط، مرة جاء عبدالله عربي يبحث عن عبدالعزيز، كنت جالسا بدار اتحاد الفنانين سألني عربى قلت له إن عبدالعزيز سافر إلى عطبرة، قال عربى (لكن أنا شايف برعي موجود وأكرت وخواض وبشير، وأنا برضو مكلمنى، السافر معاه منو؟) قلت له (غير ليكم، قال ما عايز عازفين اشترى كروسة كبريت من دكان اليمانى وسافر)!! من عهد الأربعينات من اكتشاف مختار عباس، إلى اللقاء في بيت الدرديرى عمر كروم، في مطلع الخمسينات من الطريق الفوق يفضى إلى القطينة، ومن أرجاء الموردة ذات الفن والأصالة والجمال، ومن بربر تزفه الكلاب، تمزق أطراف ملابسه، تريد مسامعه تبلغ صوت زنقار، لحين إن صار عبدالعزيز إلى مسامع الوطن كله، وصار جزءاً رائعاً من تراث هذا الوطن.... رأيت عبدالعزيز محمد داؤد، أول مرة، رأى العين، في أخريات الأربعين، أسعى كل يوم من زقاق العصاصير سيراً على الأقدام إلى مدرسة أم درمان الوسطى، وكانوا يسمونها الأميرية، ولا أمير، وكنا نلبس جلاليب الدمورية والصنادل بنية اللون، رأيته ذات صباح باكر، يقف أمام المكان الذي صار إلى سينما أمدرمان الآن، وكان قبلها قد صار دار حزب الأمة، وفي بدايات نشأته كان معروفاً انه بيت تاجر مصري اسمه إبراهيم عامر. لذلك العهد رأيت عبدالعزيز أول مرة، ولم أعرف لحظتئذٍ انه هو، إلا بعد ذلك حين طالعت صورته تلك في صحيفة ما، وتذكرت القبعة التي كانت على رأسه، والتقط بها صورة فريدة تنم عن شباب وفتوة يذكرها أبناء جيلنا، وأهلات ذلك العصر، قبعة وقميص وجاكت سبور، وعلى الفم كدوس، يعتمد آخره على أصابع يده اليمنى، كان واقفاً في الطريق الكبير، شارع الموردة، وحده، يلفت النظر بطوله الفارع، وسواد بشرته النبيل، على أقل تقدير، كان أطول إنسان عرفه ذلك الصباح في ذلك الشارع. في بيتنا راديو كهربائي خشبي، يأتي بالمحطات الإذاعية من قرونها حين عدت إلى أمدرمان من الفاشر، وجدت أن الكهرباء قد دخلت بيتنا في العصاصير، وكان هذا مبعث دهشة ظلت تسيطر عليّ زماناً طويلاً، وكان الراديو مصدر دهشة أكبر، وأول أغنية سمعتها في الإذاعة في حفلة غنائية موسيقية، نقدم لكم أيها السادة أغنية (يا مار عند الأصيل للفنان حسن عطية). كانت أيام وادي سيدنا بداية النضوج لأبناء جيلنا، في السياسة، في الرياضة، وغيرها، وكنا نجلس في النادي، الساعات المتاحة لنا بعد الاستذكار نستمع إلى إذاعة أم درمان، راديو ضخم وكهربائي، يستشرف المكان ينظر إلينا، ننظر إليه، يسعدنا، كنا شيعاً نظاهر فناناً أو آخر، أكبر حزبين، حزب احمد المصطفي، وحزب حسن عطية، وعلى بعد يسير جماعة عثمان حسين، وعلى رأس هؤلاء صديقنا ومولانا فيما بعد، الطيب عباس الجيلي، كنت عصرئذ قد صرت، طوعاً، من أنصار عثمان حسين، وعند برنامج ما يطلبه المستمعون كنا نزيد عدداً، ونقوى، كان عبدالحليم عباس، قد فطن إلى صوت عبدالعزيز قبل أن نألفه بزمان بعيد، ونبهنا إليه، ما سمعنا كلامه، حين يطل صوت عبدالعزيز من الراديو الكهربائي الضخم، لا يبقى في النادي قريباً من الراديو أحد، إلا عبدالحليم عباس، وكنت أول أمري، أجامله، إذ كنت اسخر من كلمة (العرجون) وهى التي تجيء في صدر أغنية أحلام الحب (زرعوك في قلبي يا من كساني شجون، ورووك من دمى يا اللادن العرجون)، أظنها ليست من الشعر في شيء، بعد زمن صرت متعدد الولاء، حينا أكون مع أشياع عثمان حسين، وطوراً أنصت مع عبدالحليم عباس إلى عبدالعزيز محمد داؤد، أحس اليوم أن عبدالحليم كان يعرف أن في الجو بواكير ثورة، يراها هو، تتكشف كنوزها أمامه، دون أن ندرى، ثم زادتنا (هل أنت معي) عدداً كبيراً، وبعد فينوس، كبر حزبنا شيئاً، وعبدالحليم عباس يقوده سراً، ولا يعالن. أما صديقنا محمد توفيق خليل فانه كان ثابتاً على حزب حسن عطية، بل كان يغنى (محبوبي لاقاني) بعذوبة، ورقة لا تنكرها أذن، رغم إنه كان يلعب الكرة بخشونة أفريقية، قبل أن يعلم الناس أمر الخشونة الأفريقية، ولم يكن توفيق خليل يظاهر فريقاً من فرق كرة القدم، ولا يميل لا إلى الهلال ولا إلى المريخ، ولقد سمعت قبل أيام انه صار رئيساً فخرياً لنادى العباسية، والحمد لله انه قد تعصب لفريق. وكان توفيق يضربنا في الدافورى ضرباً شديداً، ثم نستمع إلى غنائه ونغفر له، ثم أن صديقنا حافظ الشاذلى كان على قدر كبير وعظيم من الرومانسية وكثير إعجاب بأغنيات عبدالدافع عثمان. عرفت عبدالعزيز داؤد، أول مرة عام 1958. ذهبنا إلى داره في الدناقلة شمال، عبدالماجد بشير الاحمدى وأنا، كان الوقت عصراً، وفي اتحاد طلاب جامعة الخرطوم حفل في ذات المساء وللرجل كانت سمعة مدوية في (التعليق) وعدم الظهور في الموعد المضروب، قال الاحمدى انه يثق في بلدياته عبدالعزيز وفي كلمته، الاحمدى من ناس بربر، وكان بمدينته وأهلها يفاخر، كنت في شك من الأمر وكبير، اطل عبدالعزيز من الباب، رحب بنا، قال سأحضر، وبر بوعده وغنى، ومنذ ذاك المساء توطدت صلتي به، وصادقته بضعاً وعشرين سنة، لم نكن نفترق أثناءها إلا قليلاً، عرفت زوجه وأبناءه وأهله، وكأني بعض أهله، وحين ماتت (فلة) وهى كلبة الأسرة، حزنت عليها زوجه حزناً شديداً، خاصة وان فلة قد الفت دار عبدالعزيز جرواً صغيراً لحين أن أسنت وماتت، وكان عبدالعزيز قد أحس بحزن زوجته، فناداها وقد استبدت به روح الدعابة فقال (يا فوزية شدي حيلك أنا شايف الجيران جايين يعزوك!). وكان مدخل كثير من معجبيه إلى فنه غناءه أغنيات الحقيبة وخاصة ما كان منها من التراث المتلالىء، الذي كان قد خلفه كرومه لوطنه وأبناء وطنه، ومن هؤلاء من زملائنا المرحوم اسماعيل بخيت عمر، وعبدالسلام صالح (شلب) وفي الرجلين خفة روح ودماثة خلق لا تخفي، وصارا من بعد من أصدقاء عبدالعزيز، واذكر للمهندس عبدالسلام صالح إننا كنا أيام الطلب في الجامعة نسعى لإقامة حفل بدار الاتحاد، وكلفنا أن نتصل بالفنان عطا كوكو، وكان عطا، رحمه الله، يعمل حلاقاً، وله دكان صغير في سوق الموردة، وانطلقنا إلى هناك صباح يوم جمعة، لنخبر عطا بأمر الحفل. حين بلغنا مشارف الدكان. توقف عبدالسلام وقال لي (تعرف يا أبو المك في مشكلة، عشان الراجل دي أول ما يشوفنا حيفتكر إننا زباين! أنا اكتشفت انو شعرنا طويل، وما بنشبه ناس جايين يكلموه في حفلة!). وذات يوم جاء عبدالعزيز إلى الإذاعة، رأى أن سيدتين ضخمتي الجثة تتقدمان نحوه، كانتا مشهورتين بالدعابة ومن المعجبات بفنه، توقف عن السير، ينتظر، بلغت الأولى موقفه، وئيدة الخطى، حيته، كانت الثانية، وهى اضخم جسدا لم تصل إليهما بعد، قالت الأولى (أظنك ما عرفتني يا عبدالعزيز، أنا ما دار النعيم) ثم التفتت كأنها تريد أن تقدم صاحبتها إليه، لم يمهلها عبدالعزيز، قال على الفور (عارف صاحبتك أتذكرتها دى مش دار الرياضة)؟! بعض المشتغلين بقضايا الشعر السوداني يؤرخون له بأحد كتب الاختيار (شعراء السودان) الذي جمع مادته سعد ميخائيل وهو كتاب له فضل الريادة في جمع مختارات من شعر شعراء ذلك العصر. وينسى هؤلاء فضل رجل هو محمود عزت المفتى والذي جمع المختار من شعر شعراء العامية في ذلك العصر، وهو كتاب نادر ندرة أسنان الدجاج (التعبير مأخوذ من الشاعر لانجستون هيوز): ويحوى الكتاب بين دفتيه قصائد لخليل فرح، يوسف حسب الله، وإبراهيم العبادى وأبو صلاح وغير هؤلاء وكان عبدالعزيز يقتني نسخة منه يحرص عليها حرصاً شديداً، كانت هذه النسخة بعضاً من مصادر فنه وينابيعه، ثم انه قد أنشدني طرفاً مما كان انشأ خليل فرح، وبخاصة ما كان يسمى الخمريات، وكان عبدالعزيز هو أول من تنبه إلى قيمة فن هذا الشاعر، وكان أول من غنى (عزة في هواك) بعد ظهور برنامج الحقيبة، ولا اعرف انه قد سجلها للإذاعة أم غير ذلك. وكان ينشد بعض أبيات الخمريات يصطنعها مطالع لأغنيات الحقيبة، بأسلوب حر هو وسط بين إنشاد الشعر كما علمناه، وأداء المدائح المكتوبة باللغة الفصحى، قر بذهني منها قول الخليل: أنا في بساتين الزهور بين الترايب والنحور اشرب معتقه الدهور نداماى عصافير السحور جمدانه وابريقين وكاس ونديم وساقي خدوده ماس وجنينه سايقه نخيل وآس أنا والحبيب ما معانا ناص ولقد أمد شعر الخليل هذا عبدالعزيز باستنباط طريقة في الإنشاد استخدمها من بعد في قصائد ابن الفارض والبرعي وغيرهما مما سجل ولعل اشهرها الميمية المعروفة (شربنا على ذكر الحبيب مدامة، سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم). ولعل هذه القصيدة هي التي جذبت فن الفنان المصور والمخرج السينمائي حسين مأمون شريف إلى فن عبدالعزيز، فجعلها مقدمة لفيلمه التسجيلي الرائع DISLOCATION OF AMBER والذي يحكى قصة الناس والبناء وحركة الحياة في ميناء سواكن، بغموضها وسحرها، وتجارة الرقيق. هي كلمة حق يقولها المخرج باللون والحركة والصوت ثم يخلص حسين من ميمية ابن الفارض في فيلمه إلى (انتم فروض ونفلي، انتم حبيبي وأهلي يا قبلتي في صلاتي، إذا وقفت أصلي، الله الله) سنين بعدها ظل فن حسين السينمائي يطارد صوت عبدالعزيز. والتقيا، جاءني عبدالعزيز يوماً في الجامعة كدأبه، وقال لي انه يريد أن يسجل شريط فيديو يقدم فيه بعض أغنياته، كان ذلك في مطالع عام 1984، قال انه يريد أن يعطى للناس شيئاً لم يألفوه إذ هم قد سئموا أن ينظروا إلى التلفزيون يستمعون إلى مغن تعزف خلفه الأوركسترا دونما تعبير أو حركة أو تغيير، حمدت له حماسته، ثم قلت له أن الشخص الوحيد، الذي يقدر على هذا الأمر هو حسين شريف، كان حسين شريف يود عبدالعزيز وداً كثيراً، وحين مرض حسين مرة مرضاً شديداً ألزمه الفراش زماناً، كان عبدالعزيز يصحبني إليه، ويصعد إلى غرفته ويغنى له كل مرة أغنيته المفضلة (أمتى أرجع لأمدر وأعودا)، ويطرب حسين كل حين يتقافز طربه بين آلامه الموجعة. وتحمس حسين للفكرة كأنه كان بنتظرها، وكلفني أن أعد كلاماً، هو بالأساس رأى عبدالعزيز في أمور الفن والغناء، وجاء دور الكاميرا لتسجل له هذا الكلام، حسين إذن (قد خلف العبء علي وولى). أشركني حسين في هذا المجد، ماذا أقول، ماذا اكتب إذن؟ جاء الإلهام مرة واحدة شيدت كلامي كله الذي كتبته للفيلم الموعود من صلتي بعبدالعزيز التي بلغت آنذاك بضعاً وعشرين سنة، لذلك حين بدأنا التصوير، وكان في بيت أهل حسين في ود نوباوى كان عبدالعزيز يحدث الكاميرا والمايكروفون بكلام هو خلاصة أحاديث رواها لي، قد يكون قد نسيها، ولكنها جعلت إليه تعود كلمة، كلمة بصوته الدافئ في الحديث. كان يحدث الكاميرا يقول (تعرف يا حسين اهلك من يوم ما ولدوك خاتين عينهم عليك، عايزنك تبقى حاجة تقوم تطلع فنان؟، بفتكروا الفن عمل صياع لكن تحت، تحت، بطربوا ويرقصوا. كرومة خلا حياة الناس بهجة، قهاوي السودان كلها تملا وتفضى بى صوتو، السباته في كل بيت عرس مليانة عشان كرومة، الناس كانت تباريه طول الليل من محل لمحل، تعبنا نحن كمان عشان نصل الإذاعة، المنافسة حادة قدامنا كان الكاشف وعبدالحميد يوسف واحمد المصطفي، وحسن عطية والتاج، عثمان حسين والشفيع، عشان تظهر لازم تجتهد، زملاءنا كلهم كافحوا قبلنا كفاح شديد لحد ما وصلوا، مرة كنت عملت فاصل غنائي في الإذاعة القديمة، وأنا طالع في الباب قابلت واحد يشبهنى جداً، اسود زي الكحل عريض سمين، واهم من ده كله اصلع، كان شايل عود وداخل الإذاعة، لما شفتو ضحكت ضحك شديد. قال لي: مالك ؟ قلت ليه: أوعى تكون جاي تغنى، قال طبعاً! قلت ليه (اسمع، أنا لما دخلت الإذاعة كان عندي شعر زي أولاد الهنود، قامت لي صلعة من الغنا، هسع إنت داخل الإذاعة بى صلعة جاهزة؟ شيل شيلتك)! كان عبدالعزيز ينتظرنى بعد صلاة الفجر لنذهب إلى التصوير، لعله كان يحس دنو اجله، كان يحثنا على العمل، وسجل الأغنيات، وحين انتهى التصوير، اطمأنت نفسه، وسافر حسين إلى واو وإلى كادوقلى بعدها، يعد فيلماً آخر، وفي أمسية السبت الرابع من أغسطس 1984، والمطر يحيط بكادوقلى، ويضرب على سقف الاستراحة وجدرانها، ما علموا ساعتئذٍ أن قطراته تنبئهم أنها دموع تذرف على العزيز الذي مات. ونواصل .................. الكمونية أخت العذارى كانت اجمل الأغنيات تؤدي في الجلسات أو القعدات تكون في وداع صديق أو استقبال صديق، أغنيات فيها حرية كمثل الحرية في الأمكنة الفساح، بعيداً عن لجان النصوص التي كانت، في أكثر الأحوال، تجتمع وتنفض لترفض كلمة بعينها أو قصيدة كاملة .. وكنت أحضر كثيراً من هذه القعدات بتنظيمها الدقيق، وكأنها ملاذ الفنان عبدالعزيز محمد داؤود، تصير فيه روح الفن الرومانسي فيختلف إلى الغاب من ضجيج المدن والثقلاء ورسميات الأمور، حقا كان عبدالعزيز داؤود، ربما عهد صباه، مولعاً بالطعام، وقد نسج الناس حول هذا الأمر حكايات عدداً، غير أن اكثر هاتيك روايات فيها مبالغة، أو مغالاة، أو إسراف، يقولون انه في قعدة ما في الحتة الفلانية أكل عبدالعزيز خروفاً، اعترف لي مرة، عبدالعزيز، إنه أتى علي صاج كبير من اللحم الشهي في بيت عرس وقد شاركه (بالعزف) علي محتويات الصاج أحد الموسيقيين، هو بالواقع كثير الحديث عن الطعام، يصفه وينتخب أطايبه كل حين يختلف فيه إلى السوق .. وذات يوم وكنا علي أطراف سوق الموردة قطع علينا الطريق قطيع من الخراف، فأوقف السيارة احتراماً للقطيع وأعجبه خروف فتسمرت عليه عيناه وسط القطيع، وكان خروفاً بني اللون، تمعن في ذلك اللون، ونبهني عبدالعزيز إلى انه (خروف كموش)! ضحكت وهو صاحب تشبيهات لا تنسى .. اذكرها فيما يخص صنوف الطعام، مثلاً كان يشبه الكستليتة بمضارب البنق بنق، ويقول عن الكمونية (كمونية أخت العذاري)! لا اعلم لم اسماها كذلك، ولم أساله عن ذلك أبدا .. لعلي قد اكتفيت بطرفة التعبير!! كانت القعدات أيضاً مكان تجارب موسيقية وغنائية مدهشة، اعتاد بشير عباس أن يصاحب بعوده عبدالعزيز في أغنيات لمطربين آخرين .. فما من جلسة حضرها بشير عباس إلا وقدم عبدالعزيز فيها رائعة إبراهيم الكاشف (المقرن في الصباح) لخالد أبو الروس .. الروض بسم والطير غرد .. والطقس لا حر لا برد .. الشمس إبان الشروق .. أنا والحبيب نجلس نروق .. وسط الزهور العاملة روق .. ويشجينا أيضا بأغنية محمد عوض الكريم القرشي وعثمان الشفيع (رب الجمال) وأولها (المالك شعوري، أنا لي فيه آمال، رب الجمال) وكانت رب الجمال هذه ورب السعادة وسائر القرشيات اللائي يسميهن الجمهور عاشق الغناء (الأرباب) قد وجدن من وقف لهن في الإذاعة بالمرصاد فصارت رب الجمال (رمز الجمال) وشتان ما بين هذه وتلك، أعلم انه لو عاش هؤلاء القوم في العصر العباسي لقتلوا بشار بن برد انه قال (ربابة ربة البيت) ومن لجان النصوص والمسؤولين ما يقارب أن يشابه محاكم التفتيش. كان عبدالعزيز صديقا لعباس بشير والد بشير عباس، ولعبدالعزيز حبال صداقة وود مع كثير من أهل حلفاية الملوك، ما تصرمت، وكان كلما سافر إلى بلد في أنحاء السودان وفيها عباس بشير إلا زاره وأقام عنده، وفي 1956 حل عبدالعزيز مدينة سنار، وكان عباس بشير يعمل موظفاً بها، وبشير بدأ حياته العملية هناك موظفاً بمصلحة الري، وكان عبدالعزيز قد جاء لحفل يقام في دار السينما، ويعلم أن لبشير بدايات موفقة للعزف علي العود، فطلب إليه عبدالعزيز أن يصاحبه بالعزف، وتلك كانت أول مرة وحدثني بشير عباس فذكر أن أول أغنية عزفها في ذلك الحفل كانت هي (سمير الروح) من نظم الشاعر الملهم عبدالرحمن الريح.. ولم تعد مدينة سنار تفي بأغراض بشير عباس الفنية وأشغاله .. فانطلق إلى الإذاعة بعد ذلك بعام أو عامين، ولعل مصاحبته عبدالعزيز علي العود قد كانت إجازة فنية فتحت له أبواب الإذاعة، عين في مطالع يوليو 959ام سكرتيراً لأوركسترا الإذاعة، وفي واقع الأمر فقد كانت أخريات الخمسينات وبدايات الستين تؤذن بعهد جديد في تطور الموسيقي والموسيقيين في السودان، كانت طريقة بشير عباس في العزف علي العود تنبئ عن تأثر بليغ بالموسيقي العربية والمصرية بوجه خاص، ولكن بشير عباس لم يستسلم لذلك الأثر، بل أفاد منه، ولم يجعل نفسه محل استسلام وخضوع لتلك الموسيقي، فخلط ذلك التأثر بتربية فطرية سودانية صميمة، هي التي نسميها دون كثير حذر طريقة بشير عباس، تحسها في موسيقاه وفي لحون الغناء التي صنفها، وكان عهد ظهور بشير هو عهد جيل الموسيقيين من أمثال عازف الكمان محمدية الذي تأثر أو قل تعرض لذات المؤثرات، وبأسلوب عبدالله حامد العربي أولاً، ثم درس في معهد الموسيقي في مصر وأجاد الأسلوب الشرقي ولم يفقده ذلك موروثات الكمان السوداني من لدن السر عبدالله وحسن الخواض وسائر الذين .. منحوا الكمان سيدة الآلات الموسيقية طراً، جنسيتها السودانية .. سافر بشير عباس عام 1961م إلى القاهرة بصحبة عبدالعزبز داؤد، كان هناك حسن خواض وبابكر محمد احمد وبرعي محمد دفع الله.. ويذكر بشير انه وفي وجود برعي ربما لم تكن هنالك من حاجة كبيرة إلى سفره إلى مصر مع الفرقة، ولكنه يبرر هذا أن عبدالعزيز كان بعيد النظر ولعله عزم علي أن يمنح بشيراً فرصة (للتدريب) علي حد تعبير بشير عباس .. وقال انه حمل معه وعلي استحياء أول لحن له هو أغنية (أشوفك) التي نظمها عبدالله النجيب لتكون بكورة تعاونه مع عبدالعزيز.. كان بشير يخشى أن يهمل عبدالعزيز شان أغنيته، ولكن عبدالعزيز تحمس للأغنية وغناها .. ويعتز بشير بذلك كثيراً، إذ كان عبدالعزيز منذ بداياته قد قدم ألحانا رصينة السبك، جليلة الصوغ، مثل هل أنت معي وفينوس وصبابة وغيرهن من ذاك العقد النضيد المتلالىء .. في الجلسات حيناً بعد حين، تكون النكتة سيدة الموقف، وقد تاخذ مقاماً قريباً من الغناء، وقد تنبثق فجأة رغم كل شىء، وقد يحكي عبدالعزيز لي ملحة أو نكتة انشأها أو سمعها ويريد أن يسردها علي طريقته الفريدة يأتي إلى مكتبي في الصباح البكر يقول (سيد علي أنا جاييك بي واحدة بت كلب) اقول له (طيب نسمع) ينطلق (طبعا انت عارف اليومين دي الرعاة بقي عندهم سوق وبيهاجروا كمان، عشان كدة اسعارهم عالية، المهم في واحد كان عنده خمسة غنمايات، قال احسن يوديهم للراعي، قام مشي ليه وقال يا سيادتك تاخذ كم في الشهر وترعي الغنم ديل؟ صاحبنا الراعي قال ليهو والله انت عارف اليومين الحكاية قرصت معانا شوية، يعني حنأخد منك مية جنيه، كل غنماية بي عشرين جنيه! صاحب الغنم ضحك كدة وقال للراعي: عندى سؤال واحد الكتب علينا ولا عليكم .. حين اتجه عزمنا إلى تسجيل أغنيات الحقيبة، كتبت خطاباً حول هذا الموضوع إلى الاستاذ محجوب عثمان، وكان وزيراً للثقافة والاعلام عصرئذ، فوافق علي الفور وأول أغنية سجلها عبدالعزيز فيما اذكر كانت (عروس الروض) .. سارعي من قبل يشتد الهجير بالنزوح واسبحي ما بين طيات الاثير مثل روحي راذا لاح لك الروض النضير فاستريحي وهي قصيدة للشاعر الياس فرحات، وكان زنقار قد جعلها طرفا من تراث الغناء السوداني فانتشمرت، في زمانه انتشاراً شديداً، وقد كان الفنان الممتاز زنقار من الفنانين الذين يكن عبدالعزيز لهمم وداً شديداً، وكان معجباً به اشد الاعجاب، واذكر انها حين انتشرت بصوت عبدالعزيز وكلما سمعها صديقنا الموسيقي علي ميرغنى، بكي لفرط التأثر بالاداء الجميل، وسجل عبدالعزيز ضمن هذا المشروع أغنيات عدداً، كنا نامل بالطبع أن تزيد ولكن تراكم الاشغال حان دون بلوغنا ما كنا نروم، أما أنا فقد كان من دافعي كمستمع أن ينعم المستمعون كافة بسماعهم غناء عبدالعزيز اغنيةصالح عبدالسيد ابو صلاح وكرومة (كم نظرنا هلال) وقد سمعته يغنيها فيما يشبه الاعجاز وكنت كثير الحديث عنها، في واقع الأمر، ما أزال، ويسألني الأصدقاء مداعبين ولماذا كم نظرنا هلال، وانت مفرط في تشجيع المريخ؟ والرد عندي: لله في خلقه شؤون .. وطرفة أخري، قال عبدالعزيز: انه عاش في زمن ما شاب (درويش) يعتقد الناس أن فيه بركة، وكان اذا قال مثلا (خالي) يموت خاله في اليوم التالي، واذا قال (عمتي) تموت عمته في اليوم التالي، وهكذا وكان أهله يخشون هذا كثيراً وفي ذات يوم وأهله كلهم في البيت صاح فيهم (ابوي)! وفي اليوم التالي مات جارهم!! اللهم قد اخترت عبدالعزيز إلى جوارك، اجل لكل اجل كتاب، اللهم أن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، وما كان عبدالعزيز كذلك، اللهم أن كان محسناً فزد في احسانه، وبالمعنى الذي نعلم فقد كان براً بنا؟ عف اللسان، وعلمت من بعد أن مات انه كان يخرج إلى سور جامع ام درمان الكبير عقب صلاة الفجر كل يوم جمعة، ويوزع علي المعدمين الفقراء عند سور الجامع مئات الارغفة .. حدثني بهذا صديقي حسن يحي الكوارتي .. كان الغبار مساء السبت الرابع من اغسطس 1984، يشيع معنا اعذب الاصوات في تاريخ هذا الوطن غير مدافع، دونما ضجة، أو ثرثرة في الصحف، هو اعذب الاصوات في تاريخ غناء السودان غير مدافع، اقولها لا ارجو تأييداً من احد، ولا تعضيداً، واري الان بعض اصوات ردىء الغناء تريد لتثري من أغنيات عبدالعزبز، من هؤلاء من حاكي مذهبه في الاداء، يصيبني عمله ذاك بتعاسة غامرة اقول لهذا أن انشاد عبد العزيز: بهديها روحي تقسما بدل الزهور في مواسما مهما النفوس قدرن سما دي الفي القليب ممضي اسما والتي ينشدها باسلوب الرميات الحر، مثل ما عهدنا من أيام سيادة غناء الحقيبة لم تصطنع (رمية) قي واقع الأمر وانما هي أغنية لها لحن معروف وتؤدي به وهي أغنية (لي نيه في قمر السما) لسيد عبدالعزيز، وقد تصرف عبدالعزيز في ادائها وجعلها مطلعاُ ينشده بحرية، وهو أمر لا يقدر عليه إلا صاحبه الذي ابتدعه، والله تعالي اعلم، ثم هل يقلد مذهب في الاداء؟ ثم أن بعض اهل الفن الشعبي اسلموا لحونه (لكركبة) الايقاعات المنفرة، تصور لقد سمعت من يغني بتلك الايقاعات المنفرة أغنية لبرعي وعبدالعزيز تعتمد اساساً علي استهلال موسيقي بارع، وعلي لازمات موسيقية صعبة الاداء، تلك هي أغنية صغيرتي. والشيالون يرددون مع مغنيهم (الشوق والاحلام ما زالت تؤرق والسنين، هل كنت تعنين الذي ما تدعين، ما زلت اذكر خصلة عربيدة فوق الجبين).. فوزية محمد حسين زوج الفقيد، خلف العبء، بعضه وهو جله،عليها وولي، عزة وعزام التوأمان يصعدان درج التعليم صعوداً متفوقاً، عمران اكبر الاولاد صار من اهل فنون الطباعة، كان ابوه العظيم طرفاً من حياته، صفيفاً في في مطبعة، وداؤد في دبى، وعلاء الدين في شموخه، وعايدة تعمل في الإذاعة، وماجدة تغني لابيها فيما قد علمنا، وشجرة النبق في ذلك البيت تجود بما تقدر عليه، وقد تجادت في صباها بثمر حلو وفير، وقريباً منها غطاء بئر المجاري، وكان المجلس البلدي قد اصدر قراراً بأن تحفر الابار في كل بيت علي نمط هندسة المجاري الحديث، وجاء الحفارون إلى بيت عبدالعزيز وقد استبد بهم الطمع، قالوا له يا استاذ البير بتجيب مويه في البيت ده بعد ما نحفر عمق عشرة رجال، والراجل بكلف ميتين جنيه! ضحك عبدالعزيز ثم قال (و..بتحفروه بي كم)؟!! واني مازلت اذكر والاسي بعضي وجلي وكلي والحزن تلك الليلة الرابعة من شهر اغسطس 1984م، والغبار ينشر الاسي، والمقبرة ذات الظلام واهل الفن قد تركوا الغناء للبكاء، اذكر أن واحدا من المغنين المعروفين كان يغنى علي بعد خطوات من بيت الاسي في حفل عرس ليلة دخلت الأمة (بيت الحبس) من قال أن الفن غير الاخلاق؟.. كتاب مولد زهرة الروض الظليل – بقلم البروفسير علي المك
مساء السبت الرابع من أغسطس 1984م مات عبدالعزيز محمد داؤد، كان بدأ رحلته في طريق الأبد مساء الجمعة، وانطلق الموت يلهث إلى قلبه الكبير، فمصير القلب الكبير إلى لهاث، وارتاح الموت حين أسكته، لم اصدق كل ما حصل، وبعضه قد شهدت، ولم اصدق، في يوم الجمعة التي بدأت فيها رحلة الموت كنت مدعواً في بيت أحد الجيران، والدعوة غداء والنهار حار ومضجر، لا اعلم، تباطأت شيئاً، ولكني ذهبت علي كل حال، وجدت خلقاً كثيرين، كان منهم أحد المغنين، ودأبه كان تقليد أداء عبدالعزيز، ولكنه بون شاسع، قال يبدي تظرفاً امقت صنوفه (صاحبك صوته خف) قلت بحدة (صاحبي منو؟) قال (عبدالعزيز داؤد) قلت ساخراً (ما هو أنت موجود!) ضحك القوم ضحكاً كثيراً، تشاءمت، أكلت في عجلة، عدت للبيت، وحدي كنت، وفي التلفزيون وجدت ألواناً من مسابقات الأولمبياد في لوس انجيلاس، لم تفد حالتي كثيراً، اعرف الاكتئاب النفسي يقيناً، كنت لا اعلم من أمره، الاكتئاب، كبير شيء، ولكن الأزمنة الصعبة، والتمرس بمقابلة المكاذبين يبدون، أول أمرهم، براءة أطفال، هد من صلابة النفس ونقائها كثيراً. عرفت الاكتئاب إذن. يقيناً. والجمعة 3 أغسطس كان يومه. وحين بدأت شمس النهار بالإخفاق أبصره حيث كنت في البرندة، سمعت حركة أقدام، ثمة من يصفق، نهضت من موقعي، فتحت الباب، أمامي كان عثمان محمد داؤد، أحييه في حماسة، ثوان وتخال دهوراً، لعله كان يود يختزل مجاملات التحية الطويلات ليقول لي شيئاً أهم كثيرا من مجاملات السلام. توقف السلام، قال (صاحبك جه من الأبيض عيان جداً) تركت التلفزيون يحفل بالعدو والملاكمة والسباحة وانطلقت معه نبحث عن طبيب، وعدنا صديق طبيب أن يتبعنا، ذهبنا إلى الخرطوم بحري، ما أنكرنا حي الدناقلة، كان بي حفياً منذ أن جعلته وطن الوجدان يكون في دار عبدالعزيز، ذلك كان في أخريات الخمسين، جسر مطمئن علي الخور يفضي إلى زقاق فيه دار عبدالعزيز، لا اعلم لماذا تفرست في معالم الجسر الصغير في ذاك الموعد من ذاك اليوم ولأول مرة! فوقه حصى، وعليه مع الحصى تراب، وكان يضايق السيارة انه علي حافي الجسر تكون دائماً مجموعة صبيان، أقدامهم تزيد ضيق الجسر ضيقاً تخال أحياناً، إن أقدامهم تدعو إطارات السيارات أن تدهسها، تارة ينهضون من مجالسهم برمين، وأحياناً بذوق حسن، في ذاك الموعد من ذاك اليوم لا صبيان ولا أقدام صبيان، ليس هناك من شيء علي الجسر إلا الحصي وإلا التراب، صرنا إلى البيت، ثوان وتخال دهوراً، بعد الباب المضياف، وجه عبدالعزيز، كان جالساً علي كرسي، اسند ظهره علي وسادات، تعبن علي قليل من راحة يحتاجها قلب متعب مجهد، مرهف، أنفاسه تجعل من جلابيته شراعا تعبث به الريح وتنفخ فيه، لا تسعفه الأنفاس المبهورات، لم يتعود هذا الإنسان الرائع أن يصمت، هش لي وبش، وضعت اكتئابي بين يديه، دأبي منذ أن عرفته، يعرف ما يضايقني قبل أن أبوح به، نظر إلي، ضحك ضحكاً صافياً هزم به الأنفاس المبهورات قال (أنت لسع محافظ علي جلابيتي الجبتها ليك؟) ضحكت بصفاء جعل الاكتئاب المر يتساقط من خيوط الجلابية، يغادر نفسي، جلست انظر إليه، تذكرت لحظتها زماناً في الستين وكنت اعد نفسي للسفر للدراسة في أمريكا. جاءني عبد العزيز وأهداني جلابية زرقاء اللون وفصلتها وحملتها معي، وحين عدت إلى الوطن سألني؟ ماذا أحضرت معك، إن شاء الله جلابيتي رجعت معاك؟) ضحكت، قلت (والله يا أستاذ كل الجبته معاي اسطوانات وفونوغراف) قال (بس! مرحب الغاب وجاب)! قبل عصر الجمعة ذاك، بأسبوع أو نحو أسبوع، زرته في البيت، أوان لمنيب، كانت الحمى قد استقرت بجسده، ولحظت تورما في ركبته، جنته، كان يسال ملحفاً عن أغنية الحاج سرور (يجلي النظر يا صاح)، جودت نصها، جعلت أغريه بالترنم، كان علمني شيئاً من مذهبه في الغناء، سنين طويلات، كمفت مثل ظله اتبعه، أغني على استحياء امسك صوته المذهل أغنية سرور، يتحسس مداخلها ومخارجها، كان الأغنية لديه محبوبة يغازلها، ثم تلين، ترق، تتداعى، تكون هو، ثم يكونها صدح (في الضي جبينو النادي والبدر خلان يجمع لطافة ورقة ونفرة الغزلان). جلست انظر إليه، لم أكن أعلم إني أشهد طرفاً من ساعاته الأخيرات، وهو جالس أمامي، صدره يعلو سريعاً ويهبط سريعاً، أردت أن أقول له إنني لم اكن مقتنعا بسفره للأبيض، لأنه كان مريضاً بحمى وبيلة، عرفت حدتها حين جعلت يدي على جبينه، أصرت عايدة عبدالعزيز ألا أترك أباها يسافر للأبيض، كانت قلقة ليلتئذ وقد زايلها مرح معهود في أسرة ربها واتسم بالمرح، حدثتني ماجدة عبدالعزيز مرة أن والدها قال لها نكتة يبدو انه ألفها في حينه قال يا ماجدة سمعتي بالجدادة الاستضافوها في الإذاعة، قالت ماجدة: (لا) قال (اكمل ليك القصة الجدادة دخلت الأستوديو، وبعدين كالعادة شكرت الإذاعة على إتاحة الفرصة، واتكلمت عن مزارع الدواجن، والأوبئة، وحياة الجداد في البيوت أيام زمان، واتكلمت كويس.. وبعدين المذيع كالعادة قال ليها تحبى تسمعي أغنية شنو؟ الجدادة ما أتلفتت قالت احب استمع لأغنية: في الليلة ديك !!). ما توقفت لحظة، رفضت رجاء عايدة، لأني كنت أعلم أن عبدالعزيز إن قد قر رأيه على شئ استقر عليه وفعله، إذن فرجائي ألا يسافر مرفوض سلفاً، بحثت في عينيّ لا أمل طأطأت رأسي وخرجت مسرعاً اضرب في الليل لحين أن استدعاني عثمان داؤد عصر الجمعة تلك. كنت انظر إليه إلى جلابيتي الدمورية، أحاط بها البلى كل جانب تتماسك جميلة في شيخوختها، تكون الدمورية جميلة الشأن رقيقة الملمس حين تدنو من الهلاك، كان كلام عبدالعزيز متقطعاً، رجوته ألا يتكلم. شعرت بثقل المرض الذي احتمل، عاد الاكتئاب إلى نفسي، غمر جيوب الجلابية، تقافز يعود إلى مواقعه. قلت إن الطبيب قادم، هز رأسه، مضيت لحالي. أمسيات عدداً قبل ذلك كان بدأ يتدرب على ما اسميه (برنامج عتيق) وهو يشمل مختارات من أغنيات للشاعر محمد البشير عتيق، وقد الفت حنجرة عبدالعزيز شعر عتيق منذ عهد ليس بالقصير، غنى له (ما بنسى ليلة كنا)، بتفريغ نغمى على لحن كرومة، ثم تناول القصيدة الصعبة (قم نرتشف خمر الهوى) وأخضعها لسلطانه، ومن بعد تلك (أول نظرة) واذكر يوم كان تسجيلها بالإذاعة، لم نكن نعرف النص تماماً، اتصلت في نحو الظهر بعتيق في المدبغة الحكومية حيث كان يعمل عصرئذ، وعن طريق سيف النصر عمر عثمان عازف الكمان، وجاء صوت عتيق على التليفون، أملى عليّ كلمات قصيدته، جاء صوته يزدان بوقار السنين، يملى دون خطأ، في ثبات، قصيدة كان نظمها في مطالع الأربعين، عاد حين نشر ديوانه في هذا العام (1987) يثبت على صدرها عام نظمها 1942، ويكتب يقول (رأيتها وهى جالسة على سباته العرس بين أترابها فكانت أول نظرة)، صوته جاء عبر التليفون (الحيا والنضرة والتيه والجبره هم مصدر شوقى، ومصيبتى الكبرى، بالحب ابلانى، وكمان خلاني)، دخل الموسيقيون إلى الاستديو، الساعة الثالثة بعد الظهر، ينتظرون الاشارة كيف لحنها: أول نظرة، بدأ عبدالعزيز يدندن بشىء ليس من تلك الاغنية في شئ، اضطربت شيئاً، جريت الى مكتبة الاذاعة جئت باللحن عل صوت أولاد الموردة، عطا ومحمود عبدالكريم استمعنا اليه مرة واحدة، رسخ في أوتار الكمنجات، التقطه عبدالعزيز، وجعل يستعمره شيئاً فشيئاً وتم التسجيل بالصورة التي تعرفون الآن. وأنا أنظر إليه: أيمكن أن يخرس المرض هذا الصوت، أو هذا الرجل الذي ما عهدت نفسه صمتاً طوال حياته فهو إما يتكلم أو يغنى، كانت نظراته بعيدا سابحات، والجلابية خلتها شراع مركب تستبد به الريح، تعلو وتهبط مسرعة: الحالتين كلتيهما.. هل يعقل أن يصمت هذا الصوت المذهل عن الغناء لحظة؟ وأنا إليه انظر: كنا نذهب إلى المنطقة الصناعية أي واحدة من المدن الثلاث تكون، بسبب أو بلا سبب، كان الحرفيون والصنايعية صناع الحياة يتجمعون حين يبصرون بسيارة عبدالعزيز، يصيحون به جماعات، على ملابسهم الزيت والشحوم والغبار، وحر الأسقف الزنك يلوذون منه بظلال النيم إذ يبدو انه لا شجر ينبت مواقع الحديد والشدة سوى النيم، تتوقف سيارته وينطلقون إليه وإليها، جماعة تطلب نكتة، وأخري حكاية وثالثة تطلب (زهرة الروض الظليل). ويغنى ويؤلف نكتة على الفور، ويترك في المناطق الصناعية سعادة كبيرة. وما قصة زهرة الروض الظليل؟ في بدايات الستين مات على أبو الجود رحمه الله، وكان الرجل من أساطين الغناء، في عهده (طابق) كرومة عهدا ليس باليسير ثم استقل بغنائه، كان له صوت قوى عريض المساحة، وكان له في مجال تشجيع فريق المريخ باع طويل، وقرر معجبوه الأوفياء أن يقيموا له حفل تأبين على مسرح النادي الذي احب. روى الرواة أن على أبو الجود وجماعته كانوا يشهدون مباراة حامية بين فريق المريخ وفريق الشاطئ. جاء فريق الشاطئ قوياً، متحمساً، وبرز من لاعبيه حارس المرمى بصورة. رائعة، وامسك بكل الكرات التي صوبت نحوه. نذكر أبو الجود أن هذا الحارس من اكثر خلق الله حبا لكرومة ولفنه يتبعه أنى ذهب، رجل طربي من الطراز الأول. انتهى شوط المباراة الأول، هتف على أبو الجود بالناس (يا عالم ما في زول في الهاشماب عنده رق)؟ بين الهاشماب ودار الرياضة شارع الموردة لا سواه، كان المريخ مهزوما بثلاث إصابات، انطلق مريخابي كالقذيفة إلى حي الهاشماب واحضر رقا، بدأ الشوط الثاني، مضى أبو الجود وجماعته وجلسوا خلف شباك حارس مرمى الشاطئ، وصدحوا بالغناء (الرشيم الأخضر، زهرة الروض الظليل، نسيم سحرك، جوهر صدر المحافل) الخ هذا الغناء العذب، ثم جعل الرجل يتداعى، يفقد توازنه طربا الله ! الله ! ورماة المريخ يسجلون، عصمت معنى، طلب مدني، أبو زيد العبد، وانتصر المريخ آخر الأمر. لم يكن عبدالعزيز يعلم شيئاً عن حفل التأبين، كنا نزور صديقنا الحميم حسن يحي الكوارتى في داره بحي العرب، منطقة ونصيبها من الشعر والغناء حق وفير، قلت له بعد أن هبط الظلام (يا أستاذ نمشى نادى المريخ لحضور حفل تابين على أبو الجود) وافق على الفور، ذهبنا، ؤ الطريق عجبت لهذا الرجل، دائماً للغناء مستعد، ولإسعاد الآخرين يتأهب، قلت لنفسي: من يعزف له؟ ماذا يتوقع أن يكون بانتظاره في نادى المريخ؟ أشرفنا على الموقع، كان محتشداً بالناس، مجموعة من أهل غناء الحقيبة، قدامى ومحدثين، قدموا خير مالديهم في ذكرى زميل وعزيز، جاء دور عبدالعزيز، صعد خفيفاً إلى المسرح، دأبه، صمت الجمهور يحتشد بالأذان، لم يقل إنه سيقدم أغنية بعينها، ولا أغنيات بأعيانهن، أخذ الرق من أحد المغنين بيد، ثلاثة أو أربعة من الكورس وقفوا خلفه، ما درى أولئك إنهم، وللتاريخ، أمسوا على مشارف مولد أغنية لدى عبدالعزيز، ما كان قد حدثنا عنها قط، ما ترنم بها قط، نكون في سيارته نجوب الطرقات، كثير أحيان، بلا هدف ولا هدى، إذ ذاك يكون الغناء والطرب ونكون محاولات التنغيم التي لم يبلغ علياءها من معاصريه أحد. الرمية أولاً، طال صمت الأذان تحتشد: هيا (الجرحو نوسر بى، غور في الضمير، فوق قلبي خلف الكى، يا ناس الله لى): صياح مذهل أمطار مثجمة من الطرب يعب منها الجمهور لحين يثمل نشوان، ثم (يا زهرة طيبك جانى ليل، أقلق راحتي حار بى الدليل، زاد وجدي) هناك جاء مولد زهرة الروض الظليل، (كرومة الأصلي) كما يقولون، إحدى أغنياته الخالدات، كرومة الأصلي، كما أتصور مع كلمات صالح عبدالسيد أبو صلاح، وكلمات عمر البنا وأشعار عتيق. خرجنا من الحفل والجمهور المحتشد يصفق لنا في حماسة كأنه يظاهر فريق المريخ، برعى وابراهومة وجقدول. وأنا انظر إليه: كيف يصمت هذا الصوت الذي هطل سعادة على كل شبر في الوطن على مد بضع وأربعين سنة، مرة كنا في اتحاد الفنانين، في الدار كانوا يحتفلون بثورة أكتوبر، كل الفنانين الكبار اشتركوا في الحفل، جاءنا حيث كنا نجلس آخر الصفوف، عبدالله حامد العربى عازف الكمان المجيد. قال لعبدالعزيز (سمعت انك مريض ولن تستطيع الغناء) رد عبدالعزيز (المرض بحمى الغنا؟).. ضحكنا قام قال (سأغنى لكم ثنائي مع الكابي) اتفق المطربان، صعد عبدالعزيز إلى المسرح، كان الزعيم إسماعيل الأزهري يشهد الحفل، كان سعيداً جداً، تقدم عبدالعزيز إلى المايكرفون، قال يخاطب الزعيم (حيغني ليكم اثنين من أولاد بحري، ثنائي، الكابي وأنا، بلاك آند وايت)! كان بشير عباس في مقدمة الأوركسترا، والخليل، وتم دور واتدور. وأنا انظر إليه: في ذلك المغيب الكئيب، هل يمنع المرض الغناء؟ والكلام هكذا؟ في مثل هذا الوقت منذ بدايات عام 1984 م كنت اختلف إليه، قررنا أن نعالج قصائد عتيق المشهورة، اختلفنا حول بعضهن، كان عبدالعزيز لا يحب أغنية (كلما اتاملت حسنك يا رشيق) بينما كنت أودها وداً شديداً، وكان يريد أن يغني (بدر لي حسنك سحر) وكنت لا أودها وأخيراً حذفنا الاثنتين، وكان بدأ يتدرب على أغنية (يا نسيم بالله اشكي له) وجعل يؤديها بصورة مدهشة جداً، وقرر أن يزحف بكنوز عتيق إلى الإذاعة، كان عبدالعزيز لا يفعل ما يفعله كثير من المطربين، لم يكن يطلب أجورا عالية من أجهزة الإعلام، كان يريد أن يغني بما يسعد الناس في هذا البلد الرحيب. ولما سجل مجموعة من أغنيات الحقيبة في مطلع السبعين تقاض عن كل أغنية بضعة وثلاثين جنيها، فاعجب ! ومثلما قال سامي ديفز حين مات نات كنج كول انهم كانوا لا يقربون أغنية غناها، قال ديفز إن كول كان يضع بصمته الفريدة وأداءه. الأسر على كل الأغنيات. قال لي عبدالله عربي انه يظن أن في ظهر عبدالعزيز مكبرات صوت حبته بها الطبيعة، قال صديقي عاشق اللحون معقبا (عينو حارة ود القطينة!!) لم اكن اعلم مدق ما ذهب إليه سامي ديفز إلا حينما اختطف عبدالعزيز أغنية (ذكرتني) من عثمان حسين، وعثمان جالس إليه ينظر في سعادة، ثم جعل يغنيها بما اطرب صاحبها غاية الطرب، و غير هذا كثير. صباح السبت 4 أغسطس 984ام كان ذاك العام بما فيه وما انقضى منه ثقيلاً بأحداثه، بطوارئه، وقضاة طوارئه، وقد استحال بذلك إلى قرن من الزمان كان حكمه الواحد هو كاليجولا وجنكيزخان، وسوموزا، آه صباح ذاك السبت طرت إلى الخرطوم بحري لحين أن بلغت دار عبدالعزيز كان الطبيب قد عاده في المساء، ووصف له دواء، أفاده شيئاً حين اطل الصباح، لعل أنفاسه هدأت بعض شئ حين رأيته قلت (الحمد لله) ثم عدت إلى طاحونة الحياة اليومية. في العصر أيضاً جلست وحدي أشاهد الألعاب الأولمبية، تتفجر معها ذكريات لوس انجيلاس عهود الصبا، اخفق الضوء الأصيلي فصار إلى ضوء باهت وأطبق المساء عل روحي، هذا اكثر لحظات اليوم كآبة عندي، وقع أقدام،. ثمة من يصفق، وثب قلبي إلى فمي، أهذا طعم الفجيعة؟ جاء إلي.محمد احمد حمد زميل دراستي، وجار عبدالعزيز، أهناك وقت للتحية؟ نظرت في وجهه، لحظ في وجهي، لا ريب، أثر الفجيعة يوشك هو أن يطلق عنانها خبرا. قال إن عبدالعزيز حالته خطيرة، ذهبنا إلى الطبيب ما وجدناه، وقال لي انهم حملوه إلى المستشفي في بحري، قلت له (انطلق بي) حين وصلنا إلى المستشفي لم يكن على أبوابها جمع حاشد، أوقفنا السيارة قبل أن نسأل، سمعنا رجلاً فقيراً ما ستر الليل فقره يحدث بائساً مثله في أول ليل بحري يقول له (أبو داؤود مات) ! انفجرت السيارة، نحن بداخلها، تبكى ! أعدت الطبيعة عدتها، زمجرت الريح في الأشجار مكتئبة الأغصان، تبكي، صعد الغبار يبكى، قالت الطبيعة: إن هذا نصيبي من الحزن، تكون الفجيعة الرؤية مدببة الأطراف وذات أبعاد، انطلق الأسى على شاشة التليفزيون يبلغ الناس الخبر الذي (جل حتى دق فيه الأجل) لقيت عبدالله العربي أمامي جالساً، يتيم الكمان، على الأرض يبكى، والفاتح الهادي يبكى، وجل أهل الموسيقى، برعي دفع الله كان بعيداً عن ليل الفجيعة في تونس، بشير عباس في جدة، وبقيت وحدي. وجاء كل أهل الموسيقى يبكون، وكل الوتريات تبكى، ورق كرومة يبكى، والخرطوم بحري دخلت (بيت الحبس). هل يموت عبدالعزيز، سذاجة سمها أو جهالة فلتكن، كنت أظن أنه لن يموت وأنه دائماً هناك كل مساء قبيل إخفاق ضوء الأصيل في داره بالدناقلة في الخرطوم بحري، وأنه بانتظاري، للونسة أو نخرج لمجاملة الأصدقاء، آه لقد ذهب في نفس الوقت من المساء، يلبي نداء ليس يقدر أن يتمرد عليه أحد. نبهنا الطيب محمد الطيب مرة بمقالة في يوميات الأيام كتبها عن عبدالعزبز، كأنه كان يحس أن هبة الله لهذا الوطن توشك أن تعود إلى من وهبها لنا، وما سمعنا كلام الطيب. وقال لي حسن عطية بعدها (هل قرأت كلمة الطيب؟ ما عجبتنى، بصراحة زي الكتب تأبين لعبدالعزيز) ولم نصدق هذا كله، وفي المساء الموعود، مساء السبت الرابع من أغسطس عام 984ام حمل روحه الرائعة وغناءه العذب، ولم ينتظر. البحث عن نسايم الليل لم يكن عبدالعزيز داؤد يحدث كثيراً عن حياته، نشأته أو صباه أو مدارسه، ولم اكن كثير علم بذلك وبعض ما عرفت كان من أحاديث سجلها للإذاعة يذكر فيها طفولته في بربر، وبعض مراحل تعليمه ويبدر أنه قد درس في مدرسة الخرطوم الابتدائية وقتاً قصيراً، مدرسة ومكانها في قلب السوق، ذكر عبدالعزيز أن نوافذ الفصل كانت تجلب الضوضاء خارج المدرسة، وضجيج المقاهي وغناؤها ينبعث من الفونوغرافات، قال في خضم الجلبة الهائلة، يأتيه صوت كرومة عذباً صافياً، لكأنه خلاصة الخلاصة من ينابيع الفن، وذكر أن إنصاته لتلك الخلاصة ما ترك له بالاً أو عقلاً، فقد عرف إذن طريقه فليس عنه يحيد، وفي تسجيل للإذاعة يروى انه سار على قدميه مسافة بعيدة ليستمع إلى زنقار، ذكر أن الليل كان مظلماً، وحده، وأخطار الطريق، استأسدت عليه الكلاب، مزقت من ملابسه طرفاً، أتمثل العبادى يقول (شق حشا الطريق اتيا من الحلال زفنوا الكلاب، ما نالن الا علال) كلا فكلاب الطريق نالت من عبدالعزيز! من هنا وهناك تأتى أخبار بداياته، ذكر لي مرة انه غنى (زمانك والهوى أوانك) لعلى المساح في نحو عام 1939م، كان عبدالعزيز شديد إعجاب بهذا الشاعر العبقرى، وكان يبحث عن قصائده ويدونها ويغنيها، غنى له (طول يا ليل على الباسل) وهى من بعد كلمة رائعة، أتذكر خاتمتها (جميع من سمى باسمو، حرام النار على جسمو)، وقد خلق بأدائه (غصن الرياض المايد) ثورة في الأداء تتشرف بها مطالع الستينات، وغنى له (بالله يا نسيم الصبا)، ولم يتم تسجيلها للإذاعة، وربما كان هذا هو السبب في أن لم يكتب لها ذيوع كثير ومرة ذهب إلى عطبرة فسمع مطرباً مغموراً يغنى أغنية بهره لحنها لم يتذكر منها سوى قول المطرب (مساء الخير يا أمير) ولكن اللحن استقر في حنجرته فلا يبرحها، وحين لحظ المغنى إنصات عبدالعزيز المركز، شعر أن الرجل بسبيل أن يختطفها ويستعمرها فامسك عن الغناء، ولكن قضي الأمر، استقر اللحن في ذهن عبدالعزيز، بقى النص، ليست هناك مشكلة سافر عبدالعزيز إلى شندي، وحمل قضيته لمؤلف الأغاني على إبراهيم خليل، واسمعه اللحن وكانت الكلمات، بعضها (عار الصيد منك عيون، أهدت ليك البانة لون).. مرة جاء من إحدى جولاته الفنية يدندن بلحن فريد، من الحان كرومة، كعادته تعلق صوته الفريد بالمطلع، جن به جنوناً (نسايم الليل زيدينى) قال إنها من كلمات عمر البنا، أين الشيخ عمر؟ قالوا يسكن مدينة الثورة .. وأين؟ ابحثوا عنه، إصرار وفريد، ذاك شأن عبدالعزيز، ذهبنا وصلنا، جلسنا في دار الشيخ، بصر ووهن، وجسد عليه من آثار الأعوام الكثير، بشاشة معهودة فيه، هذا الفارس بالشعر، القوى بالقصيد، الشاب بإحساس القلب الوثاب، الذي شهد النقائض تكون بين شعراء عصره، وكأن العصر الأموي فينا، وكأن الأخطل وجريراً والفرزدق بيننا، ظاهر صالح عبدالسيد، وشارك في المعارك، وظهر الغناء كالذهب النفيس، نحن في حضرة الشيخ الشاعر وهن بصره القوى بالشعر، عمر البنا، لم يمهله عبدالعزيز فيكمل ترحابه لم يلق عليه القصيدة إلقاء، بل غنى ما علق بذاكرته منها غناءً عذباً استبدت بالشيخ القوى بالشعر، هاشمية الطرب، شالته، بسمة رضا، صارت كل وجهه، جعل يهمهم، يدندن بصوت، لا ريب قد عرف الغناء، صباه، بل حياته كلها، أنطقته هاشمية الطرب (آخ يا شافع .. يا سلام عليك يا شافع .. يا شافع) .. نظرت إلى (الشافع)، فإذا هو ذلك الضخم، الطويل، العريض، عبدالعزيز .. فاجأتنا نسايم الليل إذن، انظر يحمل الشاعر سلامه النسيم ليس كمثل غيره من شعراء زمانه، بل هو بمذهب شعراء المدائح ملتزم ومفتون، مثلهم يمزقه الحنين، تختلف الوجهة والمحبوب، لكنه على المذهب مقيم، سلام أولئك الشعراء لا يحصى عدداً، يفوق أعداد الكمون والسمسم، سلام شاعرنا مثل ذاك، لا يقع تحت حصر تأمل: سلامي بعد تجنينى.. عليك وليالى سنينى .. في وصفك وعد حنينى.. يغشاك مرفوق مع النسام روحى خلالو.. تسلمنا القصيدة، انتشرت على حنجرة الذهب، سخية الوقع والإيقاع واللحون .. ولم يكن عبدالعزيز يتحدث كثيراً عن بداياته الفنية، ذكر مختار عباس - صديق وحميم- انه قبلنا جميعاً، استمع إلى صوت عبدالعزيز، كان بهذا يباهى، وبه يفاخر، قلنا كيف؟ قال (كان ذلك في عام 1943. كنا ماشين عرس في القطينة، مجاملة لصديق، أجرنا تاكسى فورد، اتفقنا مع فنان من المشهورين، مشينا ليهو ما لقيناه، قعدنا مسافة ما ظهر، أدانا طبقة زولك، زعلنا جداً اتكسفنا الجماعة هناك منتظرين، العريس والقطينة كلها، وبعدين؟ قام صديقنا عبدالله محمد صالح قال يا جماعة ولا يهمكم، أنا بعرف واحد بغنى كويس، بس ما مشهور، المهم نعدي الحفلة، أنا شخصياً ما كنت مقتنع بي كلامه، لكن قبلت، قلنا ليه يا عبدالله زولك رين؟ قال طوالى بيكون قاعد في قهوة الزيبق، مشينا للقهوة، زولك عبدالله نزل القهوة، جانا راجع معاهو واحد، أزرق زي الكحل، طويل، عريض، لابس طاقية، جلابيتو نص لياقة، ولابس شبشب، ما معقول يكون ده الفنان؟ ما معقول! يا عبدالله، قلت ليه بالراحة .. ده فنان، واللا رباط، المهم زولك ركب معانا ونهضنا على القطينة، ومما ركب كان بغنى، وبغنى أطربني شديد،.قلت ليه يا عبد، الناس حتعرفك بعد عشرين سنة، في السكة يا زول موية العربية خلصت، زولك عبدالعزبز من يومه دمو خفيف، والدنيا صقيعة والبحر بعيد، كنا ماشين بالطريق الفوق، رمال، رمال، مويا مافي وبعدين قلت ليك زولك عبدالعزيز من يومه دمو خفيف، وبحب يعمل مقالب قال: طيب أحسن بدل نتعطل واحد يبول في اللديتر، واحد فينا سمع كلامو، قام البخار سخن من اللديتر والحصل حصل)! وقد عرف الناس عبدالعزيز داؤد بعد ذلك بزمان لا يقل بحال عن عقد كامل من الزمان، وقد بقى مختار عباس في حياة عبدالعزيز مستمعاً مخلصاً وصديقاً وفياً، وكان مختار زهرة القعدات، وله فيها مواقف مشهودة ومشهورة، وكثيراً ما كان يمزق جلابيته طرباً، وكنت أخشى مثل هذا الموقف، يبلغه مختار دائماً حين يبلغ عبدالعزيز في شدوه (خدام جناين يا نديم، لازلت لامن انعدم) من رائعة الشاعر حدباى (زهر الرياض في غصونه ماح). وكان عبدالعزيز يحب هذه الجلسات الصغيرة، لأنها تجمع أصدقاءه ومعجبي فنه، وكانت له بعض أفدنة في الحلفاية، زرعها برسيماً، وأقام عليها حارساً، ولكن عبدالعزيز لم يكن يعرف عن الزراعة أو التجارة كبير شيء، وكسدت بضاعته وصارت المزرعة وبالاً بعد ان اقترض من البنك الزراعي مالاً وجعل البنك يطارده، والفوائد تطارده، وأشباح المحاكم والحجز والبيع وهلم جرا، تغفل الحكومات كل أمر، وتستأسد أحيانا وذاك دين واجب السداد، وقد دفع من دمه ومن قوت عياله ما أسكت الأقساط والفوائد حيناً، ولكن إصرار القوم شديد، فكتب عبدالعزيز خطاباً إلى المسؤولين يلتمس أن يشطب ما تبقى من القرض، كان أهم ما فيه (لقد أنشأت هذه المزرعة أمنى نفسي أن أكون عزيز كافورى، فصرت عزيز قوم ذل !).. ولقد اختفي عبدالعزيز بعد أيام ظهوره الأولي عهدا ليس بقصير، ومن الناس من لم يكن يحب سماعه، وهذه سنة الحياة، ولكنه حين عاد للظهور، جاء بثورة في الفن، ولم يسبق لها مثيل، كان عبدالعزيز صديقاً للسيد الدرديرى عمر كروم، كان الدرديرى مثل مختار عباس يعرف ويثق بكل صدق، أن لعبدالعزيز صوتاً رائعاً وأداءً فريداً، وفي بيت الدرديرى في الموردة؟ كانت مجموعة من الأصدقاء تجتمع للسمر وسماع غناء عبدالعزيز، مرة كلم الدرديري، برعي محمد دفع الله، أن يشاركهم في الجلسات، قال برعي (كنت بعزف العود كويس وما بفتكر إني كنت متميز خالص في الزمن داك، ما فكرت كثير في التلحين، جيت لي ناس الدرديرى، سمعت عبدالعزيز بغني الأغاني القديمة، عزفت ليه انسجمنا جداً جداً، غناء عبدالعزيز من الزمن داك كان غناء جميل، أداء سليم جداً، استمرت المقابلات، فهمنا بعض كويس)... في عام 1950 سافر فريق المريخ إلى مصر، كان من أعضاء الوفد الفنان إبراهيم الكاشف، كان الكاشف يظاهر فريق المريخ في حماسة مشجعي الترسو، وكانت كرة القدم من صيم اهتمامات حياته، وله ولع بهذا الفريق لا يخفيه، وقد عرف به وهو لا ينكر. كنا نعلم كلما سمعنا صوته الرنان نقول الكاشف مريخابي ومثل هذا الصدق فتشجيع فرق كرة القدم أمر لم يألفه الناس من نجوم الأدب والغناء وغيرها، كثير من هؤلاء خشية أن يفقد طرفاً من جماهيره يدعى الحياد، اذكر فناناً سئل مرة عن أي الفرق يظاهر قال انه محايد وذكر انه يشجع اللعبة الحلوة، وقال آخر إنه يشجع الفريق القومي! على كل في قطار المريخ عام 1950 سافر الكاشف إلى مصر، وكان معه برعي دفع الله، وحسن خواض وآخرون، توقف القطار يسعى حثيثاً للشمال، في بربر جاء عبدالعزيز داؤد إلى المحطة، كان ساعتئذٍ يمضي وقتاً في مسقط رأسه، بصر بالقوم قال على الفور(أنا مسافر معكم) انطلق للبيت، أحضر متاعه، وانطلق مع القطار المريخي إلى مصر، وهناك سجل بعض أغنيات الحقيبة لركن السودان .. برعي والعود في يده ليس آلة. العود عند برعي إنسان يعشقه تحس أن للرجل علاقة مع ابن مدلل هو العود، علاقة مع معشوقة هي العود، وعزف برعي عزف منفرد لا يطاول سماءه أحد، عود برعي عود سوداني مثل اللون السوداني، ومثل العيون العسلية تكون على وجوهنا جميعاً، أن تفرد برعي بأمر من أمور الموسيقى، فلأن الطبيعة قد منحته السر أن يعزف هذا اللون السوداني، وهذه السمة التي لا نستطيع لها تفسيراً إلا أن نقول إنها شيء سوداني، وحين أذاع برعي في الناس معزوفة (لحن الحرية)، عرفنا من بعد، إنه أعلن مولد الموسيقى الآلية، وأعلن مولد المعزوفة السودانية المؤلفة تكون بعد المارش الشعبي، واختصت به، كانت، فرق الموسيقى العسكرية ويعبر عنه بآلات النفخ الخشبية والنحاسية ثم ضروب من الإيقاع تؤديها طبول مختلف أحجامها.. نقل برعي دفع الله إلى الأبيض، واصبح باشكاتب مستشفي الأبيض، وللمدينة في تاريخ الموسيقى، آن يذكر، نصيب. وفيها من أهل شعر الغناء محمد عوض الكريم القرشي، ومحمد على عبدالله الأمي، وقد قدر لقصيدته (أحلام الحب) أن تكون أول عمل يلحنه برعي لعبدالعزيز، جاء عبدالعزيز إلى الأبيض يبحث عن برعي ويعد لثورة في الغناء ليس لها من نظير، قلت لكم إصرار ذلك فريد. من بعد تلك الأغنية جاءت (بالله يا أهل الهوى) واستمرت الألحان تتدفق: هل أنت معي، فينوس، لحن العذارى، أجراس المعبد، عذارى الحي، ومحمد على أحمد، عوض حسن أحمد، عبدالمنعم عبدالحي، حسين عثمان منصور وإسماعيل حسن.. وتدرجت المعزوفة على الزمان يرعاها أب حان، فازت (ملتقى النيلين) التي صنفها برعي بالجائزة الأولى في مسابقة نظمتها إذاعة (الترانسفال) .. قال برعي (كان عبدالعزيز لا يغني لحناً لا يقتنع به، أو يحس، إنه لا يلائم صوته، كان يعرف قدرته على ضخامتها). أقول، وكنا حين نجلس في القعدات يجود عبدالعزيز ببعض من الغناء الذي ألفت الآذان والأرواح زمان الثلاثين والأربعين، أغنيات يتسلى بها الناس، كانوا، في المجالس، تبرد عليهم لظى الحرب، تدق الأبواب في الشرق، وفي الصحراء الغربية، ومناسبات آخر، وكنا نسمعها فتبرد لنا لظى زماننا ذاك العصيب، أغنيات تكشف الحجاب عن نساء عاشقات، ما نزع المجتمع عنهن، عصرئذٍ، حجابه الغليظ: يوم لاقيتو راكب بسكليتو.. الشاب الظريف القبل الشاطيء بيتو.. اشر لي بريتو، شقانى وما شقيتو.. شفت الحبيب توب الحد رميتو.. العجب حبييى ما رد لي تحية.. بعض إسفاف، قد يقول بذلك بعض المثقفين، من النوع الكامل من المثقفين والإنصاف أيضاً والأرباع، ولكن أين تخبئون الرؤوس من روح ذاك العصر؟ أكلما تغنت امرأة تتمنى حبيبها، تشتاق، قلتم ذاك هو الإسفاف؟؟ وكنا نستشيره فيمن ندعو للقعدات، إذ أن لها طقوساً ولوائح، وهى بعد محرمة على الثقلاء وهؤلاء كالموت يدركون المرء ولو ألجأ نفسه إلى البروج المشيدة، جاء أحدهم إلى حفل يغني فيه عبدالعزيز ولم يكن عبدالعزيز يود الرجل ويستثقله كثيراً ولكنه صبر عليه حتى لا يفسد الحفل ومضى زمان وعبدالعزيز يشدو، قام الثقيل من مجلسه، جاء إلى عبدالعزيز وقال (يا أستاذ، عليك الله غني لي غصن الرياض لأنها بترجعني عشرين سنة لي ورا) رد عبدالعزيز عليه قال (أنت عمرك كم سنة؟) رد الرجل (أربعين سنة) قال له عبدالعزيز (أغني ليك غصن الرياض مرتين، عشان ترجع بطن أمك وتريحنا)!! كان عبدالعزيز يخضع للآلات الموسيقية مثل هذه الأغنيات التي ذكرنا من أغنيات الدلوكة، أغنيات التم تم، أغنيات البنات، سمها ما شئت، وكانت حرية القعدات الصافيات تبيح للغناء والحديث حرية مطلقة، وأحياناً لا تشارك ليلنا أي آلة موسيقية، إيقاع الكبريتة وحده، يشعل الليل طرباً، رجل لا يخطئ في أدائه قط، مرة جاء عبدالله عربي يبحث عن عبدالعزيز، كنت جالسا بدار اتحاد الفنانين سألني عربى قلت له إن عبدالعزيز سافر إلى عطبرة، قال عربى (لكن أنا شايف برعي موجود وأكرت وخواض وبشير، وأنا برضو مكلمنى، السافر معاه منو؟) قلت له (غير ليكم، قال ما عايز عازفين اشترى كروسة كبريت من دكان اليمانى وسافر)!! من عهد الأربعينات من اكتشاف مختار عباس، إلى اللقاء في بيت الدرديرى عمر كروم، في مطلع الخمسينات من الطريق الفوق يفضى إلى القطينة، ومن أرجاء الموردة ذات الفن والأصالة والجمال، ومن بربر تزفه الكلاب، تمزق أطراف ملابسه، تريد مسامعه تبلغ صوت زنقار، لحين إن صار عبدالعزيز إلى مسامع الوطن كله، وصار جزءاً رائعاً من تراث هذا الوطن.... رأيت عبدالعزيز محمد داؤد، أول مرة، رأى العين، في أخريات الأربعين، أسعى كل يوم من زقاق العصاصير سيراً على الأقدام إلى مدرسة أم درمان الوسطى، وكانوا يسمونها الأميرية، ولا أمير، وكنا نلبس جلاليب الدمورية والصنادل بنية اللون، رأيته ذات صباح باكر، يقف أمام المكان الذي صار إلى سينما أمدرمان الآن، وكان قبلها قد صار دار حزب الأمة، وفي بدايات نشأته كان معروفاً انه بيت تاجر مصري اسمه إبراهيم عامر. لذلك العهد رأيت عبدالعزيز أول مرة، ولم أعرف لحظتئذٍ انه هو، إلا بعد ذلك حين طالعت صورته تلك في صحيفة ما، وتذكرت القبعة التي كانت على رأسه، والتقط بها صورة فريدة تنم عن شباب وفتوة يذكرها أبناء جيلنا، وأهلات ذلك العصر، قبعة وقميص وجاكت سبور، وعلى الفم كدوس، يعتمد آخره على أصابع يده اليمنى، كان واقفاً في الطريق الكبير، شارع الموردة، وحده، يلفت النظر بطوله الفارع، وسواد بشرته النبيل، على أقل تقدير، كان أطول إنسان عرفه ذلك الصباح في ذلك الشارع. في بيتنا راديو كهربائي خشبي، يأتي بالمحطات الإذاعية من قرونها حين عدت إلى أمدرمان من الفاشر، وجدت أن الكهرباء قد دخلت بيتنا في العصاصير، وكان هذا مبعث دهشة ظلت تسيطر عليّ زماناً طويلاً، وكان الراديو مصدر دهشة أكبر، وأول أغنية سمعتها في الإذاعة في حفلة غنائية موسيقية، نقدم لكم أيها السادة أغنية (يا مار عند الأصيل للفنان حسن عطية). كانت أيام وادي سيدنا بداية النضوج لأبناء جيلنا، في السياسة، في الرياضة، وغيرها، وكنا نجلس في النادي، الساعات المتاحة لنا بعد الاستذكار نستمع إلى إذاعة أم درمان، راديو ضخم وكهربائي، يستشرف المكان ينظر إلينا، ننظر إليه، يسعدنا، كنا شيعاً نظاهر فناناً أو آخر، أكبر حزبين، حزب احمد المصطفي، وحزب حسن عطية، وعلى بعد يسير جماعة عثمان حسين، وعلى رأس هؤلاء صديقنا ومولانا فيما بعد، الطيب عباس الجيلي، كنت عصرئذ قد صرت، طوعاً، من أنصار عثمان حسين، وعند برنامج ما يطلبه المستمعون كنا نزيد عدداً، ونقوى، كان عبدالحليم عباس، قد فطن إلى صوت عبدالعزيز قبل أن نألفه بزمان بعيد، ونبهنا إليه، ما سمعنا كلامه، حين يطل صوت عبدالعزيز من الراديو الكهربائي الضخم، لا يبقى في النادي قريباً من الراديو أحد، إلا عبدالحليم عباس، وكنت أول أمري، أجامله، إذ كنت اسخر من كلمة (العرجون) وهى التي تجيء في صدر أغنية أحلام الحب (زرعوك في قلبي يا من كساني شجون، ورووك من دمى يا اللادن العرجون)، أظنها ليست من الشعر في شيء، بعد زمن صرت متعدد الولاء، حينا أكون مع أشياع عثمان حسين، وطوراً أنصت مع عبدالحليم عباس إلى عبدالعزيز محمد داؤد، أحس اليوم أن عبدالحليم كان يعرف أن في الجو بواكير ثورة، يراها هو، تتكشف كنوزها أمامه، دون أن ندرى، ثم زادتنا (هل أنت معي) عدداً كبيراً، وبعد فينوس، كبر حزبنا شيئاً، وعبدالحليم عباس يقوده سراً، ولا يعالن. أما صديقنا محمد توفيق خليل فانه كان ثابتاً على حزب حسن عطية، بل كان يغنى (محبوبي لاقاني) بعذوبة، ورقة لا تنكرها أذن، رغم إنه كان يلعب الكرة بخشونة أفريقية، قبل أن يعلم الناس أمر الخشونة الأفريقية، ولم يكن توفيق خليل يظاهر فريقاً من فرق كرة القدم، ولا يميل لا إلى الهلال ولا إلى المريخ، ولقد سمعت قبل أيام انه صار رئيساً فخرياً لنادى العباسية، والحمد لله انه قد تعصب لفريق. وكان توفيق يضربنا في الدافورى ضرباً شديداً، ثم نستمع إلى غنائه ونغفر له، ثم أن صديقنا حافظ الشاذلى كان على قدر كبير وعظيم من الرومانسية وكثير إعجاب بأغنيات عبدالدافع عثمان. عرفت عبدالعزيز داؤد، أول مرة عام 1958. ذهبنا إلى داره في الدناقلة شمال، عبدالماجد بشير الاحمدى وأنا، كان الوقت عصراً، وفي اتحاد طلاب جامعة الخرطوم حفل في ذات المساء وللرجل كانت سمعة مدوية في (التعليق) وعدم الظهور في الموعد المضروب، قال الاحمدى انه يثق في بلدياته عبدالعزيز وفي كلمته، الاحمدى من ناس بربر، وكان بمدينته وأهلها يفاخر، كنت في شك من الأمر وكبير، اطل عبدالعزيز من الباب، رحب بنا، قال سأحضر، وبر بوعده وغنى، ومنذ ذاك المساء توطدت صلتي به، وصادقته بضعاً وعشرين سنة، لم نكن نفترق أثناءها إلا قليلاً، عرفت زوجه وأبناءه وأهله، وكأني بعض أهله، وحين ماتت (فلة) وهى كلبة الأسرة، حزنت عليها زوجه حزناً شديداً، خاصة وان فلة قد الفت دار عبدالعزيز جرواً صغيراً لحين أن أسنت وماتت، وكان عبدالعزيز قد أحس بحزن زوجته، فناداها وقد استبدت به روح الدعابة فقال (يا فوزية شدي حيلك أنا شايف الجيران جايين يعزوك!). وكان مدخل كثير من معجبيه إلى فنه غناءه أغنيات الحقيبة وخاصة ما كان منها من التراث المتلالىء، الذي كان قد خلفه كرومه لوطنه وأبناء وطنه، ومن هؤلاء من زملائنا المرحوم اسماعيل بخيت عمر، وعبدالسلام صالح (شلب) وفي الرجلين خفة روح ودماثة خلق لا تخفي، وصارا من بعد من أصدقاء عبدالعزيز، واذكر للمهندس عبدالسلام صالح إننا كنا أيام الطلب في الجامعة نسعى لإقامة حفل بدار الاتحاد، وكلفنا أن نتصل بالفنان عطا كوكو، وكان عطا، رحمه الله، يعمل حلاقاً، وله دكان صغير في سوق الموردة، وانطلقنا إلى هناك صباح يوم جمعة، لنخبر عطا بأمر الحفل. حين بلغنا مشارف الدكان. توقف عبدالسلام وقال لي (تعرف يا أبو المك في مشكلة، عشان الراجل دي أول ما يشوفنا حيفتكر إننا زباين! أنا اكتشفت انو شعرنا طويل، وما بنشبه ناس جايين يكلموه في حفلة!). وذات يوم جاء عبدالعزيز إلى الإذاعة، رأى أن سيدتين ضخمتي الجثة تتقدمان نحوه، كانتا مشهورتين بالدعابة ومن المعجبات بفنه، توقف عن السير، ينتظر، بلغت الأولى موقفه، وئيدة الخطى، حيته، كانت الثانية، وهى اضخم جسدا لم تصل إليهما بعد، قالت الأولى (أظنك ما عرفتني يا عبدالعزيز، أنا ما دار النعيم) ثم التفتت كأنها تريد أن تقدم صاحبتها إليه، لم يمهلها عبدالعزيز، قال على الفور (عارف صاحبتك أتذكرتها دى مش دار الرياضة)؟! بعض المشتغلين بقضايا الشعر السوداني يؤرخون له بأحد كتب الاختيار (شعراء السودان) الذي جمع مادته سعد ميخائيل وهو كتاب له فضل الريادة في جمع مختارات من شعر شعراء ذلك العصر. وينسى هؤلاء فضل رجل هو محمود عزت المفتى والذي جمع المختار من شعر شعراء العامية في ذلك العصر، وهو كتاب نادر ندرة أسنان الدجاج (التعبير مأخوذ من الشاعر لانجستون هيوز): ويحوى الكتاب بين دفتيه قصائد لخليل فرح، يوسف حسب الله، وإبراهيم العبادى وأبو صلاح وغير هؤلاء وكان عبدالعزيز يقتني نسخة منه يحرص عليها حرصاً شديداً، كانت هذه النسخة بعضاً من مصادر فنه وينابيعه، ثم انه قد أنشدني طرفاً مما كان انشأ خليل فرح، وبخاصة ما كان يسمى الخمريات، وكان عبدالعزيز هو أول من تنبه إلى قيمة فن هذا الشاعر، وكان أول من غنى (عزة في هواك) بعد ظهور برنامج الحقيبة، ولا اعرف انه قد سجلها للإذاعة أم غير ذلك. وكان ينشد بعض أبيات الخمريات يصطنعها مطالع لأغنيات الحقيبة، بأسلوب حر هو وسط بين إنشاد الشعر كما علمناه، وأداء المدائح المكتوبة باللغة الفصحى، قر بذهني منها قول الخليل: أنا في بساتين الزهور بين الترايب والنحور اشرب معتقه الدهور نداماى عصافير السحور جمدانه وابريقين وكاس ونديم وساقي خدوده ماس وجنينه سايقه نخيل وآس أنا والحبيب ما معانا ناص ولقد أمد شعر الخليل هذا عبدالعزيز باستنباط طريقة في الإنشاد استخدمها من بعد في قصائد ابن الفارض والبرعي وغيرهما مما سجل ولعل اشهرها الميمية المعروفة (شربنا على ذكر الحبيب مدامة، سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم). ولعل هذه القصيدة هي التي جذبت فن الفنان المصور والمخرج السينمائي حسين مأمون شريف إلى فن عبدالعزيز، فجعلها مقدمة لفيلمه التسجيلي الرائع DISLOCATION OF AMBER والذي يحكى قصة الناس والبناء وحركة الحياة في ميناء سواكن، بغموضها وسحرها، وتجارة الرقيق. هي كلمة حق يقولها المخرج باللون والحركة والصوت ثم يخلص حسين من ميمية ابن الفارض في فيلمه إلى (انتم فروض ونفلي، انتم حبيبي وأهلي يا قبلتي في صلاتي، إذا وقفت أصلي، الله الله) سنين بعدها ظل فن حسين السينمائي يطارد صوت عبدالعزيز. والتقيا، جاءني عبدالعزيز يوماً في الجامعة كدأبه، وقال لي انه يريد أن يسجل شريط فيديو يقدم فيه بعض أغنياته، كان ذلك في مطالع عام 1984، قال انه يريد أن يعطى للناس شيئاً لم يألفوه إذ هم قد سئموا أن ينظروا إلى التلفزيون يستمعون إلى مغن تعزف خلفه الأوركسترا دونما تعبير أو حركة أو تغيير، حمدت له حماسته، ثم قلت له أن الشخص الوحيد، الذي يقدر على هذا الأمر هو حسين شريف، كان حسين شريف يود عبدالعزيز وداً كثيراً، وحين مرض حسين مرة مرضاً شديداً ألزمه الفراش زماناً، كان عبدالعزيز يصحبني إليه، ويصعد إلى غرفته ويغنى له كل مرة أغنيته المفضلة (أمتى أرجع لأمدر وأعودا)، ويطرب حسين كل حين يتقافز طربه بين آلامه الموجعة. وتحمس حسين للفكرة كأنه كان بنتظرها، وكلفني أن أعد كلاماً، هو بالأساس رأى عبدالعزيز في أمور الفن والغناء، وجاء دور الكاميرا لتسجل له هذا الكلام، حسين إذن (قد خلف العبء علي وولى). أشركني حسين في هذا المجد، ماذا أقول، ماذا اكتب إذن؟ جاء الإلهام مرة واحدة شيدت كلامي كله الذي كتبته للفيلم الموعود من صلتي بعبدالعزيز التي بلغت آنذاك بضعاً وعشرين سنة، لذلك حين بدأنا التصوير، وكان في بيت أهل حسين في ود نوباوى كان عبدالعزيز يحدث الكاميرا والمايكروفون بكلام هو خلاصة أحاديث رواها لي، قد يكون قد نسيها، ولكنها جعلت إليه تعود كلمة، كلمة بصوته الدافئ في الحديث. كان يحدث الكاميرا يقول (تعرف يا حسين اهلك من يوم ما ولدوك خاتين عينهم عليك، عايزنك تبقى حاجة تقوم تطلع فنان؟، بفتكروا الفن عمل صياع لكن تحت، تحت، بطربوا ويرقصوا. كرومة خلا حياة الناس بهجة، قهاوي السودان كلها تملا وتفضى بى صوتو، السباته في كل بيت عرس مليانة عشان كرومة، الناس كانت تباريه طول الليل من محل لمحل، تعبنا نحن كمان عشان نصل الإذاعة، المنافسة حادة قدامنا كان الكاشف وعبدالحميد يوسف واحمد المصطفي، وحسن عطية والتاج، عثمان حسين والشفيع، عشان تظهر لازم تجتهد، زملاءنا كلهم كافحوا قبلنا كفاح شديد لحد ما وصلوا، مرة كنت عملت فاصل غنائي في الإذاعة القديمة، وأنا طالع في الباب قابلت واحد يشبهنى جداً، اسود زي الكحل عريض سمين، واهم من ده كله اصلع، كان شايل عود وداخل الإذاعة، لما شفتو ضحكت ضحك شديد. قال لي: مالك ؟ قلت ليه: أوعى تكون جاي تغنى، قال طبعاً! قلت ليه (اسمع، أنا لما دخلت الإذاعة كان عندي شعر زي أولاد الهنود، قامت لي صلعة من الغنا، هسع إنت داخل الإذاعة بى صلعة جاهزة؟ شيل شيلتك)! كان عبدالعزيز ينتظرنى بعد صلاة الفجر لنذهب إلى التصوير، لعله كان يحس دنو اجله، كان يحثنا على العمل، وسجل الأغنيات، وحين انتهى التصوير، اطمأنت نفسه، وسافر حسين إلى واو وإلى كادوقلى بعدها، يعد فيلماً آخر، وفي أمسية السبت الرابع من أغسطس 1984، والمطر يحيط بكادوقلى، ويضرب على سقف الاستراحة وجدرانها، ما علموا ساعتئذٍ أن قطراته تنبئهم أنها دموع تذرف على العزيز الذي مات. ونواصل .................. الكمونية أخت العذارى كانت اجمل الأغنيات تؤدي في الجلسات أو القعدات تكون في وداع صديق أو استقبال صديق، أغنيات فيها حرية كمثل الحرية في الأمكنة الفساح، بعيداً عن لجان النصوص التي كانت، في أكثر الأحوال، تجتمع وتنفض لترفض كلمة بعينها أو قصيدة كاملة .. وكنت أحضر كثيراً من هذه القعدات بتنظيمها الدقيق، وكأنها ملاذ الفنان عبدالعزيز محمد داؤود، تصير فيه روح الفن الرومانسي فيختلف إلى الغاب من ضجيج المدن والثقلاء ورسميات الأمور، حقا كان عبدالعزيز داؤود، ربما عهد صباه، مولعاً بالطعام، وقد نسج الناس حول هذا الأمر حكايات عدداً، غير أن اكثر هاتيك روايات فيها مبالغة، أو مغالاة، أو إسراف، يقولون انه في قعدة ما في الحتة الفلانية أكل عبدالعزيز خروفاً، اعترف لي مرة، عبدالعزيز، إنه أتى علي صاج كبير من اللحم الشهي في بيت عرس وقد شاركه (بالعزف) علي محتويات الصاج أحد الموسيقيين، هو بالواقع كثير الحديث عن الطعام، يصفه وينتخب أطايبه كل حين يختلف فيه إلى السوق .. وذات يوم وكنا علي أطراف سوق الموردة قطع علينا الطريق قطيع من الخراف، فأوقف السيارة احتراماً للقطيع وأعجبه خروف فتسمرت عليه عيناه وسط القطيع، وكان خروفاً بني اللون، تمعن في ذلك اللون، ونبهني عبدالعزيز إلى انه (خروف كموش)! ضحكت وهو صاحب تشبيهات لا تنسى .. اذكرها فيما يخص صنوف الطعام، مثلاً كان يشبه الكستليتة بمضارب البنق بنق، ويقول عن الكمونية (كمونية أخت العذاري)! لا اعلم لم اسماها كذلك، ولم أساله عن ذلك أبدا .. لعلي قد اكتفيت بطرفة التعبير!! كانت القعدات أيضاً مكان تجارب موسيقية وغنائية مدهشة، اعتاد بشير عباس أن يصاحب بعوده عبدالعزيز في أغنيات لمطربين آخرين .. فما من جلسة حضرها بشير عباس إلا وقدم عبدالعزيز فيها رائعة إبراهيم الكاشف (المقرن في الصباح) لخالد أبو الروس .. الروض بسم والطير غرد .. والطقس لا حر لا برد .. الشمس إبان الشروق .. أنا والحبيب نجلس نروق .. وسط الزهور العاملة روق .. ويشجينا أيضا بأغنية محمد عوض الكريم القرشي وعثمان الشفيع (رب الجمال) وأولها (المالك شعوري، أنا لي فيه آمال، رب الجمال) وكانت رب الجمال هذه ورب السعادة وسائر القرشيات اللائي يسميهن الجمهور عاشق الغناء (الأرباب) قد وجدن من وقف لهن في الإذاعة بالمرصاد فصارت رب الجمال (رمز الجمال) وشتان ما بين هذه وتلك، أعلم انه لو عاش هؤلاء القوم في العصر العباسي لقتلوا بشار بن برد انه قال (ربابة ربة البيت) ومن لجان النصوص والمسؤولين ما يقارب أن يشابه محاكم التفتيش. كان عبدالعزيز صديقا لعباس بشير والد بشير عباس، ولعبدالعزيز حبال صداقة وود مع كثير من أهل حلفاية الملوك، ما تصرمت، وكان كلما سافر إلى بلد في أنحاء السودان وفيها عباس بشير إلا زاره وأقام عنده، وفي 1956 حل عبدالعزيز مدينة سنار، وكان عباس بشير يعمل موظفاً بها، وبشير بدأ حياته العملية هناك موظفاً بمصلحة الري، وكان عبدالعزيز قد جاء لحفل يقام في دار السينما، ويعلم أن لبشير بدايات موفقة للعزف علي العود، فطلب إليه عبدالعزيز أن يصاحبه بالعزف، وتلك كانت أول مرة وحدثني بشير عباس فذكر أن أول أغنية عزفها في ذلك الحفل كانت هي (سمير الروح) من نظم الشاعر الملهم عبدالرحمن الريح.. ولم تعد مدينة سنار تفي بأغراض بشير عباس الفنية وأشغاله .. فانطلق إلى الإذاعة بعد ذلك بعام أو عامين، ولعل مصاحبته عبدالعزيز علي العود قد كانت إجازة فنية فتحت له أبواب الإذاعة، عين في مطالع يوليو 959ام سكرتيراً لأوركسترا الإذاعة، وفي واقع الأمر فقد كانت أخريات الخمسينات وبدايات الستين تؤذن بعهد جديد في تطور الموسيقي والموسيقيين في السودان، كانت طريقة بشير عباس في العزف علي العود تنبئ عن تأثر بليغ بالموسيقي العربية والمصرية بوجه خاص، ولكن بشير عباس لم يستسلم لذلك الأثر، بل أفاد منه، ولم يجعل نفسه محل استسلام وخضوع لتلك الموسيقي، فخلط ذلك التأثر بتربية فطرية سودانية صميمة، هي التي نسميها دون كثير حذر طريقة بشير عباس، تحسها في موسيقاه وفي لحون الغناء التي صنفها، وكان عهد ظهور بشير هو عهد جيل الموسيقيين من أمثال عازف الكمان محمدية الذي تأثر أو قل تعرض لذات المؤثرات، وبأسلوب عبدالله حامد العربي أولاً، ثم درس في معهد الموسيقي في مصر وأجاد الأسلوب الشرقي ولم يفقده ذلك موروثات الكمان السوداني من لدن السر عبدالله وحسن الخواض وسائر الذين .. منحوا الكمان سيدة الآلات الموسيقية طراً، جنسيتها السودانية .. سافر بشير عباس عام 1961م إلى القاهرة بصحبة عبدالعزبز داؤد، كان هناك حسن خواض وبابكر محمد احمد وبرعي محمد دفع الله.. ويذكر بشير انه وفي وجود برعي ربما لم تكن هنالك من حاجة كبيرة إلى سفره إلى مصر مع الفرقة، ولكنه يبرر هذا أن عبدالعزيز كان بعيد النظر ولعله عزم علي أن يمنح بشيراً فرصة (للتدريب) علي حد تعبير بشير عباس .. وقال انه حمل معه وعلي استحياء أول لحن له هو أغنية (أشوفك) التي نظمها عبدالله النجيب لتكون بكورة تعاونه مع عبدالعزيز.. كان بشير يخشى أن يهمل عبدالعزيز شان أغنيته، ولكن عبدالعزيز تحمس للأغنية وغناها .. ويعتز بشير بذلك كثيراً، إذ كان عبدالعزيز منذ بداياته قد قدم ألحانا رصينة السبك، جليلة الصوغ، مثل هل أنت معي وفينوس وصبابة وغيرهن من ذاك العقد النضيد المتلالىء .. في الجلسات حيناً بعد حين، تكون النكتة سيدة الموقف، وقد تاخذ مقاماً قريباً من الغناء، وقد تنبثق فجأة رغم كل شىء، وقد يحكي عبدالعزيز لي ملحة أو نكتة انشأها أو سمعها ويريد أن يسردها علي طريقته الفريدة يأتي إلى مكتبي في الصباح البكر يقول (سيد علي أنا جاييك بي واحدة بت كلب) اقول له (طيب نسمع) ينطلق (طبعا انت عارف اليومين دي الرعاة بقي عندهم سوق وبيهاجروا كمان، عشان كدة اسعارهم عالية، المهم في واحد كان عنده خمسة غنمايات، قال احسن يوديهم للراعي، قام مشي ليه وقال يا سيادتك تاخذ كم في الشهر وترعي الغنم ديل؟ صاحبنا الراعي قال ليهو والله انت عارف اليومين الحكاية قرصت معانا شوية، يعني حنأخد منك مية جنيه، كل غنماية بي عشرين جنيه! صاحب الغنم ضحك كدة وقال للراعي: عندى سؤال واحد الكتب علينا ولا عليكم .. حين اتجه عزمنا إلى تسجيل أغنيات الحقيبة، كتبت خطاباً حول هذا الموضوع إلى الاستاذ محجوب عثمان، وكان وزيراً للثقافة والاعلام عصرئذ، فوافق علي الفور وأول أغنية سجلها عبدالعزيز فيما اذكر كانت (عروس الروض) .. سارعي من قبل يشتد الهجير بالنزوح واسبحي ما بين طيات الاثير مثل روحي راذا لاح لك الروض النضير فاستريحي وهي قصيدة للشاعر الياس فرحات، وكان زنقار قد جعلها طرفا من تراث الغناء السوداني فانتشمرت، في زمانه انتشاراً شديداً، وقد كان الفنان الممتاز زنقار من الفنانين الذين يكن عبدالعزيز لهمم وداً شديداً، وكان معجباً به اشد الاعجاب، واذكر انها حين انتشرت بصوت عبدالعزيز وكلما سمعها صديقنا الموسيقي علي ميرغنى، بكي لفرط التأثر بالاداء الجميل، وسجل عبدالعزيز ضمن هذا المشروع أغنيات عدداً، كنا نامل بالطبع أن تزيد ولكن تراكم الاشغال حان دون بلوغنا ما كنا نروم، أما أنا فقد كان من دافعي كمستمع أن ينعم المستمعون كافة بسماعهم غناء عبدالعزيز اغنيةصالح عبدالسيد ابو صلاح وكرومة (كم نظرنا هلال) وقد سمعته يغنيها فيما يشبه الاعجاز وكنت كثير الحديث عنها، في واقع الأمر، ما أزال، ويسألني الأصدقاء مداعبين ولماذا كم نظرنا هلال، وانت مفرط في تشجيع المريخ؟ والرد عندي: لله في خلقه شؤون .. وطرفة أخري، قال عبدالعزيز: انه عاش في زمن ما شاب (درويش) يعتقد الناس أن فيه بركة، وكان اذا قال مثلا (خالي) يموت خاله في اليوم التالي، واذا قال (عمتي) تموت عمته في اليوم التالي، وهكذا وكان أهله يخشون هذا كثيراً وفي ذات يوم وأهله كلهم في البيت صاح فيهم (ابوي)! وفي اليوم التالي مات جارهم!! اللهم قد اخترت عبدالعزيز إلى جوارك، اجل لكل اجل كتاب، اللهم أن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، وما كان عبدالعزيز كذلك، اللهم أن كان محسناً فزد في احسانه، وبالمعنى الذي نعلم فقد كان براً بنا؟ عف اللسان، وعلمت من بعد أن مات انه كان يخرج إلى سور جامع ام درمان الكبير عقب صلاة الفجر كل يوم جمعة، ويوزع علي المعدمين الفقراء عند سور الجامع مئات الارغفة .. حدثني بهذا صديقي حسن يحي الكوارتي .. كان الغبار مساء السبت الرابع من اغسطس 1984، يشيع معنا اعذب الاصوات في تاريخ هذا الوطن غير مدافع، دونما ضجة، أو ثرثرة في الصحف، هو اعذب الاصوات في تاريخ غناء السودان غير مدافع، اقولها لا ارجو تأييداً من احد، ولا تعضيداً، واري الان بعض اصوات ردىء الغناء تريد لتثري من أغنيات عبدالعزبز، من هؤلاء من حاكي مذهبه في الاداء، يصيبني عمله ذاك بتعاسة غامرة اقول لهذا أن انشاد عبد العزيز: بهديها روحي تقسما بدل الزهور في مواسما مهما النفوس قدرن سما دي الفي القليب ممضي اسما والتي ينشدها باسلوب الرميات الحر، مثل ما عهدنا من أيام سيادة غناء الحقيبة لم تصطنع (رمية) قي واقع الأمر وانما هي أغنية لها لحن معروف وتؤدي به وهي أغنية (لي نيه في قمر السما) لسيد عبدالعزيز، وقد تصرف عبدالعزيز في ادائها وجعلها مطلعاُ ينشده بحرية، وهو أمر لا يقدر عليه إلا صاحبه الذي ابتدعه، والله تعالي اعلم، ثم هل يقلد مذهب في الاداء؟ ثم أن بعض اهل الفن الشعبي اسلموا لحونه (لكركبة) الايقاعات المنفرة، تصور لقد سمعت من يغني بتلك الايقاعات المنفرة أغنية لبرعي وعبدالعزيز تعتمد اساساً علي استهلال موسيقي بارع، وعلي لازمات موسيقية صعبة الاداء، تلك هي أغنية صغيرتي. والشيالون يرددون مع مغنيهم (الشوق والاحلام ما زالت تؤرق والسنين، هل كنت تعنين الذي ما تدعين، ما زلت اذكر خصلة عربيدة فوق الجبين).. فوزية محمد حسين زوج الفقيد، خلف العبء، بعضه وهو جله،عليها وولي، عزة وعزام التوأمان يصعدان درج التعليم صعوداً متفوقاً، عمران اكبر الاولاد صار من اهل فنون الطباعة، كان ابوه العظيم طرفاً من حياته، صفيفاً في في مطبعة، وداؤد في دبى، وعلاء الدين في شموخه، وعايدة تعمل في الإذاعة، وماجدة تغني لابيها فيما قد علمنا، وشجرة النبق في ذلك البيت تجود بما تقدر عليه، وقد تجادت في صباها بثمر حلو وفير، وقريباً منها غطاء بئر المجاري، وكان المجلس البلدي قد اصدر قراراً بأن تحفر الابار في كل بيت علي نمط هندسة المجاري الحديث، وجاء الحفارون إلى بيت عبدالعزيز وقد استبد بهم الطمع، قالوا له يا استاذ البير بتجيب مويه في البيت ده بعد ما نحفر عمق عشرة رجال، والراجل بكلف ميتين جنيه! ضحك عبدالعزيز ثم قال (و..بتحفروه بي كم)؟!! واني مازلت اذكر والاسي بعضي وجلي وكلي والحزن تلك الليلة الرابعة من شهر اغسطس 1984م، والغبار ينشر الاسي، والمقبرة ذات الظلام واهل الفن قد تركوا الغناء للبكاء، اذكر أن واحدا من المغنين المعروفين كان يغنى علي بعد خطوات من بيت الاسي في حفل عرس ليلة دخلت الأمة (بيت الحبس) من قال أن الفن غير الاخلاق؟..
Post: #126 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-19-2009, 09:13 AM Parent: #125
سر الصداقة المتينة بين أبو داؤود والعطبراوي ...
في حوار صحفي للفنان الراحل حسن خليفة العطبراوي تم توجيه سؤال له عن سر صداقته المتينة بالفنان الراحل عبد العزيز محمد داؤود وكانت أجابته :
الحقيقة ان عبد العزيز من بربر وانا أهلي من عطبرة ومن مواليد عطبرة لكن العلاقة التي ربطت بيننا لم تكن علاقة فن فقط وانما امتدت على المستوى الأسري . عبد العزيز عمل بالسكة حديد ونقل على محطة أدجرين شمال شرق عطبرة في وظيفة ( محولجي ) وكان يأتيني بطريقة منتظمة وحتى في مجال الأغنية انا غنيت قبل عبد العزيز محمد داؤود بفترة وكان لي صديق اسمه محمد سعيد العقيد وكنا نغني في شكل ثنائي ثم انفصلت عنه وكونت ثنائي اخر مع واحد اسمه يوسف أمين ويلقب بسيد سخن , وكان المايجيب في عرسو هذا الثنائي فكانه ما أحضر فنان وخاصة أهل بربر .. وعبد العزيز كان يتابعنا عن قرب وعندما ترك عبد العزيز العمل بالسكة حديد سافر إلى اهله في الخرطوم وعمل في مهنة طبيع بمطبعة ماكوركوديل وانقطعت اخباره لفترة , ثم تقابلنا بعدها في الإذاعة في امدرمان وكانت في ذلك الوقت في بيت الأمانة في مبنى صغير ومنذ ذلك الوقت أصبحنا لانفترق وحقيقة اقولها صراحة انا ماصدني عن الخرطوم والذهاب اليها الا موت الأخ والصديق عبد العزيز محمد داؤود لاني كنت اذهب الخرطوم ومنذ ان تطأ اقدامي يكون عبد العزيز في رفقتي لانفترق الا لساعات النوم لاجده الصباح في انتظاري . عبد العزيز عندما يأتي لعطبرة لاوجه له غير منزلي بالرغم من أن له شقيق في عطبرة , لذا يمكنك أن تقول علاقتي بعد العزيز علاقة روح بالروح , غنينا أغنية في شكل ثنائي وهي ( من جناين الشاطئ ) وغنينا أغنية دينية فدريس البنا ضابط الاعلام بالمديرية وهو شاعر ابن شاعر والقصيدة ممتازة وانا قمت بتلحينهاوذهبت إلى الخرطوم لادائها في الإذاعة وانا في الاستديو وكان يوجد في الاستديو إسماعيل عبد المعين وأحمد مرجان وبعري محمد دفع الله وأحمد المصطفى , حضر عبد العزيز للبحث عني وعرف أني اقوم بتسجيل اغنية دينية فقال : يا أخي ماتكبر ( الكوم ) .. قلت ليهو : جدا , قال لي : قول اللحن وأعطيته عددا من الكوبليهات حفظها فورا وادينا الأنشودة الدينية على أحسن مايكون وهذا العمل المتميز لايزال موجود بالإذاعة ويبث أحيانا .
( حوار صحفي نشر في جريدة الصحافة في العام 2000 م )
Post: #127 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-20-2009, 06:07 AM Parent: #126
Post: #128 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: عفاف ابوكشوه Date: 12-20-2009, 10:41 AM Parent: #127
ياسلااااااااااااااااااام
لقد وجدت ضالتي المفقودة من
العقد الفريد الذي زين جيد
المنبر بين العمادين
الدكتور عماد عبدالله
والاستاذ عماد احمد صاحب البوست
شكرا علي اهدائنا نسايم الليل
وكل اغاني الطرب الاصيل
وعطر الله ثري ذلك العملاق
ابو الليل الذي ظل يجدد
اسارير الدواخل كلمااستمعنا
اليه نشعر بطعم مميز للحياة
ودمتم ايها المبدعون
مودتي
Post: #129 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-20-2009, 12:08 PM Parent: #128
نسائم الليل – كلمات عمر البنا
نسائم الليل زيدينى بالشذا والطيب عودينى طال الشوق لى يهون امتى وصالو ******** يا نسائم الليل آنسينى فى رجوعك لا تنسينى بى طيب الحب آسينى من بعده الضر مآسينى انا برضى عشوق مهما جيوش الحب صالو *********** يا نسائم ما بترعينى وما بفيدنى شذاك دعينى لو قصدك لى تعينى ارجعى بدمعة عينى للمعشوق قول ليه ينوح ونومو عصالو ******* فى الهوى ازداد تمكينى يا بلابل الدوح حاكينى فى نويحى دوام شاركينى فى الحب ابكيك وابكينى زوريه بى شوق واحكيلو دموع جفنى السالو ********* انت طيفك لا متى يجينى وفى لذيذ النوم يناجينى من سهم البين ينجينى ويبرد نار سجينى وفؤادى يروق واناجى ملاك طيبة خصالو ********* ياحبيبى هواك بالينى بنار هجرك صالينى ما بسلاك لو سالينى نفورك ليك ولى لينى اصبح مفروق ولى بروق ثغرك لالو ********* سلامى بعد تحنينى عليك وليالى سنينى وعد شعرى وتفنينى فى وصفك وعد حنينى تغشاك مرفوق مع النسام وروحى خلالو
Post: #130 Title: Re: دوام بطراه ... عبد العزيز محمد داؤود ( 1-2 ) Author: Emad Ahmed Date: 12-27-2009, 06:09 AM Parent: #129
عبد العزيز محمد داؤود وعبقرية حقيبة الفن بقلم البروفسير حسن أبشر الطيب
يعود الفضل لعبد العزيز محمد داؤود والذي استطاع بادائه المتفرد أن ينقلنا من مرحلة الإستماع إلى مرحلة العشق والوله واستكشاف أوجه الابداع في تلك الكلمات .. فتأمل !! كان مدخلنا الأغنيات الخالدات للشاعر محمد بشير عتيق ( مابنسى ليلة كنا ) و ( أول نظرة ) والكلمات الموسيقية العذبة الموحية للشاعر علي المساح ( زمانك والهوى اعانك ) و ( غصن الرياض المايد ) وأغنيات خليل فرح وود الرضي والعبادي وعمر البنا و أبو صلاح ومحمد علي الامي وامثالهم من منظومة هذا العقد الفريد ومانضب معينه إلى حين غيابه الابدي .. ظل دوما متاملا في قصائد شعراء الحقيبة باحثا عن نصها الأصلي ساعيا إلى تقديمها على نحو متفرد وجديد بصوته الفاره العذب وبارفع درجات من الاتقان والتجويد , ما اروع جلسات الاستماع تلك التي كنا نعيش نعيش فيها كل مرة " تدشين " أغنية جديدة باداء متميز لهذا الفنان المتفرد . في برنامجها المتميز وباسلوبها الآسر الشيق استضافت الأستاذة ليلى المغربي في برنامجها ( ضيافة نجم ) الأستاذ عبد العزيز محمد داؤود وأسرته وثلاثة من اصفائه الأستاذ برعي محمد دفع الله والأستاذ علي المك وشخصي , حدثنا ابو داؤود عن أول عهده باغاني الحقيبة فقال : كنت محولجي بالسكة حديد في محطة الهودي وسمعت أن الفنان زنقار ستكون له حفلة غنائية في بربر , أخذت اذنا من ناظر المحطة ومشيت كداري من الهودي إلى حوالي ( 32 ) كيلو ومن عطبرة إلى بربر كان ذلك في شهر نوفمبر 1938 م .. التذكرة كانت للحفلة بعشرة قروش .. دخلت الحفلة وغنى زنقار ثلاث أغنيات لاتزال في ذاكرتي ( لي زمن بنادي وحبيبي غاب في موضع الجمال بلاقي والفني في البرهة القليلة ) .. بعد نهاية الحفل قلت للفنان زنقار انا معجب جدا بأغانيك فهل ممكن اكتبها ؟ فقام مشكور بكتابة الاغاني وكان خطه جميلا . رجعت للهودي سعيدا وظللت اردد تلك الأغاني منذ تلك اللحظة . منذ ذلك الحين شهر نوفمبر 1938 م إلى حين غيابه الأبدي في الرابع من أغسطس 1984 م ظل الأستاذ عبد العزيز محمد داؤود حفيا بأغنيات الحقيبة مجودا ومغنيا وهو من بعد ومن قبل صاحب القدرة المتميزة للغناء في صحبة اوكسترا كاملة .. وفي رفقة آلة العود وحدها , وبدون اوكسترا او آلة عود . وبالكبريتة بل وبدون كبريتة فتامل !! يحدثنا الأستاذ علي المك في كتابه المشبع بالتقدير والوفاء : عبد العزيز داؤود ( ص 4 ) عن قدرات هذا الفنان الرائع في استكشاف معاني والحان واستشراف جماليات أغاني الحقيبة يقول : كان الأغنية لديه محبوبة يغازلها , ثم تلين , ترق . تتداعى . تكون هو , ثم يكونها .. أول نظرة , اذكر يوم تسجيلها بالإذاعة لم نكن نعرف النص تماما , اتصلت في نحو الظهر بعتيق في المدبغة الحكومية حيث كان يعمل عصرئذ .. املى علي كلمات قصيدته , جاء صوته يزدان بوقار السنين يملي دون خطأ في ثبات قصيدة كان نظمها في مطالع الأربعينات صوته جاء عبر التلفون .. الحياء والنضرة والتيه والجبرة هم مصدر شوقي ومصيبتي الكبرى , بالحب ابلاني وكمان خلاني .. جئت باللحن على صوت أولاد الموردة من مكتبة الإذاعة إستمعنا إليه مرة واحدة , رسخ في اوتار الكمنجات ,, التقطه عبد العزيز وجعل يستعمره شيئا فشيئا وتم التسجيل بالصورة التي تعرفونها الأن .. إن فضل الأستاذ عبد العزيز محمد داؤود في إحياء وتجديد وإعادة إنتاج أغاني الحقيبة لاينسى .