آمـال الثالثة الأخــــــرى

ظللت أنفي حالة كوني باحثا عنها ، أخفيت هذه الحالة ، أو أنني حقيقة بحثت عنها في سري .. البحث عن آمال أمرٌ مضنٍ ، لكنه طاعم ، لذيذ ، وممتع .. أسير في طرقات الجمال وأزقة الوداعة ، أدخل إلى أوردة الخيال ومتاهات الأحلام ، أتعمد استفزاز ذاكرتي ، أروّضها ، علّها تأتي بنسمة مرّت فوق عبق آمال فأجد ريحها . أبحث عنها دون جدوى ، وحتى لو وجدتها فلن تبتسم لي كما كانت ، ولن تعانقني كما أسلفت ...

كانت آمال كرسول أتاني في زمان غابر ، كذبته وتماديت في التكذيب . وكنت قد كذبت رسلا من قبلها بشروني بها .. قلت لها اتركيني على دين آبائي .. لكن آمال كانت كأنها تنتمي لذوي العزم من الرسل ، لم تتركني ، بل حاولت الغوص في ظلمة أعماقي ، سعت إلى إضاءة شمعة هناك ، بشرتني بالجنة ، ووعدتني أن تكون هي حوريتي ، لكني آذيتها ، ولم أكف الأذى عنها حتى بعد ان توسلت وبكت على صدري .. قالت : أنا رسول ربك إليك .. إليك أنت وحدك . لا آبه ببقية خلق الله ، لا أهتم بهم ..

آمال كانت تأتيني بسلة الورد ، وسلة الخبز ، والجريدة ...
كانت تهديني سيلا من ابتساماتها ، وتحضن روحي بين ضفافها تهبها دفء الحياة كمن يخشى على وليده من لسعة البرد .
آمال كانت ترفعني إلى مقامات الرحابة وعوالم السعة ، تحدثني همسا ، وتشبعني لمسا ، وتبذل الروح فداء للعشق ، وتتبتل خاشعة في معابد الجمال ..

.كذّبتها وتماديت .. كلما ازدادت قربا ازددتُ بعدا ، تمنعتُ ، قاومتُ ، تهرّبتُ ، قلتُ لها اتركيني على دين آبائي ، وواصلت الأذى . ولما بالغت في الأذى جاءت آمال بجرعة من ماء ، قالت : اشرب فأنت الآن مجهد بالعطش ، وأنا النهر أهديك المنبع والمصب وما بينهما ..
قلت كذبٌ ، كذب .

بكت آمال حتى علتني أبكي معها ، لكن لعنادي لم أعلن عن بكائي .. بكيت سرا .. فكرت باقوال آمال ، برسالتها نحوي ، ببذلها الذي تبذله لإدخالي تحت رحمة عشقها المعطّر بأريج دواخلها الشفافة ، عشقها المرصّع برعشات قلبها الواله . خلتها تضيق بتعنتي وتبتعد عني لترتاح من عذابي ، لكنها بقيت تراقبني ، تحيطني بصفاء ابتسامتها ، وتدلق في روحي عطر روحها .. لكن هذا كله لم يجد مني غير النفوروالجحود .. قالت لي ذات مرة : أثق أنني سأتعذّب أكثر حين أظفر بك .

قلت أخرج من دنياها فقد تنساني إلى الأبد ، وتهجر سيرتي ، وتتركني لأعيش خارج أسوارها .. كان هذا خياري الذي راقبته آمال بعينين جاحظتين ..
قالت آمال بعينين دامعتين:
كنت سأضمن لك السعادة ...
كانت تقدم نفسها قربانا لي ..
قلت لها إنك تعذبين نفسك وتعذبينني ..
وأنا لا أستحق ..
قالت : لكني أشعر تجاهك بالمسئولية ..

ود قاسم ...

يا خال يا رائع ... كيف أنت بالله وكيف أخبارك أيها الإنسان الجميل .. تحياتي لك وللأسرة ولجميع من حولك ...

ما عارف ليه يا ود قاسم "آمال الثالثة الأخرى" أرجعتني لهذه القصيدة التي أهديها إليك ولزوارك الكرام مع خالص حبي وتقديري ...

عشرون عاماً

عشرون عاماً أو تزيد...
لم تكتحل عيني بعينك ..
لم أرى عيناً كعينك ...
وطفقت أبحث في مجاري الدم في الأعماق ..
أسبح في بحار الصدق في جوف المحار..
في نقاء الطهر في الإحساس في لبن النهار...
أربت فوق أكتاف الحيارى والسهارى والسكارى ...
من مشوا في أبحر التيه الظلام ...
يمضغون الحزن ويلات ليالي ونهار ...
يحتسون النبل من وهج السرايا البيض ملحاً وبهار...
يحملون النور في القلب انبهار ..
****
من مآقي أعين الحزن النبيلة بت ارتشف الدموع ...
علني ألقاك ما بين الدموع ...
عسجد براق تمتزجين تحترقين في ضوء الشموع ..
كنحيب أمنيةالتألق في زمان الوجد والإرهاص واللغة النقود
مازلت تصطبرين أمنية وجوع ..
سمراء تعزف بوح أغنية اليسوع ..
كالمجد ناصية الوفاء تسربلت ..
فرساً هلالي السمات قد اعتلت ..
كالنبل في طيف الأنوف الشم تختالين إبداعاً يضوع ..
واراك تمتشقين سيف الحق في وجه الخضوع ...
كالغيمة الزرقاء تشتاقين توزيع العطاء الثر
وتبعثرين الخير في كل الربوع ...
سمراء تمتهنين صدق الصدق أروقة النوال ..
والنية البيضاء كالبدر السطوع ...
***
يا بسمة هزت ثنايا عاشق أضناه ترحال جزوع ...
يا سر أغنية العطاء الخير في الزمن المنوع..
يا صوّغ عمري يا نداوة ريشتي...
يا مصدر الابداع بوتقة النهى ..
قد طفت ابحث عنك في كل الربوع...
واراك تحتلين أغوار التشبس في دمي ..
كحمامة ورقاء تربض في ثنايا مهجة الصبّ الولوع...
ولقد أظلتها الضلوع ..
ولكم أحبتها الضلوع ...

إدريس محمد إبراهيم

العزيز إدريس
تحية وشوق
الشكر الجزيل على زيارتك الكريمة في هذا الخيط ، أتشرف أن يزورني من هو في قامتك .. وشكرا للإهداء النبيل ..

Quote: علني ألقاك ما بين الدموع ...

هذه منطقة فات علي أن أبحث فيها ..ربما أني أجد آمال هناك ..

لماذا تصرين علي ؟
لأنني أحبك ..
أنا أيضا أحبك ، ولكن الا يوجد في الدنيا حب بلا زواج ؟
لأننا نحب بعضنا فلابد أن نتزوج ، إني أريد لك السعادة .
وأنا أيضا أريد لك السعادة لكن لا أشترط شرطا لذلك ، فلماذا تشترطين ؟
هو ليس شرطا ، لكنه الهدف الذي لابد أن يصله المحبّون ...