حكايات إنقاذية (3) .... جردل البيض!

خط الإستواء
عبد الله الشيخ
حكايات إنقاذية (3)
جردل البيض!
ننتقل بكم من هذه الحكاية الإنقاذية إلى الصعيد.. فقد زار المعتمد وإثنين من معاونيه حلة من حلال ريفي سنار وكانت تسعينيات الإنقاذ الإستنفارية على أشدها.. (لن نذكر إسم القرية لأن أهلها ما قصروا مع الضيوف)..
نزل المعتمد ومعاونيه من العربية وتفقدوا الأحوال و"إطمأنوا" على مبنى المدرسة الذي شلخته الأمطار وتناثرت داخله أشجار اللعوت، وشكى الأهالي من هروب التمرجي ومن البعوض والملاريا... الخ.. ووعدهم المعتمد خيراً وكان مع كل عبارة من عبارات الوعد يقول: (البلد دي خيرا كتير)!.. ودخل الأهالي في أظافرهم!.. إذ لا يمكن أن يقدموا لهؤلاء الضيوف الكرام فطوراً من وجبة الكجيق، أو إذا "إتسركن" الوضع سيكون بديلها الكوَّل، وكليهما هو إدام- ملاح- للعصيدة!..
كانت الزيارة في حد ذاتها إنتصاراً حققته القرية ضد رصيفاتها الأخريات.. ولابد من إكرام الضيوف.. ولأجل هذا ضرب (الناس الواعين) في القرية بين قطاطيها باحثين عن هدية جماعية للضيوف.. فما وجدوا في حلة السناحة دي غير شوالات الفحم، والبتيخ الغُلاد وجنى الجداد.. وبما أن عدد الزوار ثلاثة.. المعتمد، ومعاونه أو مستشاره) والمسئول المحلي (التنفيذي) فقد أستقر رأي (الناس الواعين) في الحلة علي عزل أحسن ثلاثة شوالات من الفحم كهدية للضيوف، وثلاثة بطيخات من اللي بالك عليهو، وطلبوا من حريم الحلة طرد الجداد من قعدتو وجمع (جنى الجداد)..
حمل (الرجال الواعين) شوالات الفحم، والثلاث بطيخات وجردل مليان بيض ووضعوها فوق العربية، ومن داخل أظافرهم قالوا للمعتمد: (معليش دي هدية بسيطة ليكم، ما قدرنا نضبح لكم، لأنو زيارتكم جات فجاة).. قدل المعتمد بي عصاتو وتحرك معهم بإتجاه العربة، ووجد الشوالات الثلاث، والبطيخات الثلاث وجردل البيض.. وقال وهو يشير بالعصا: "دا حقي، طيب حق الجماعة ديل وينو"؟..
(الناس الواعين) في الحلة قالوا ليهو - بعد لعثمة- حقهم قاعد، وهسع نجيبو.. وضربوا شقوق الحلة مرة أخرى.. كان من الممكن عزل ست شوالات فحم أخرى، وست بتيخات أخرى، ولكن (يجيبو جنى الجداد من وين)؟..
عادوا إلى المعتمد ومعاونيه، والذين كانوا خلال هذه (النفرة) يتحدثون عن "مستقبل السودان، وإنتصار الإنقاذ على عاديات دول الإستكبار..!..
وضعوا الحمولة فوق العربية.. وقالوا للمعتمد (من داخل أظافرهم):- والله يا سعادتك قدر ما فتشنا البيض ما لقينا.. هسع دحين إنتو متساوين في الفحم والبتيخ.. كل واحد فيكم ثلاثة ثلاثة.. ودحين جردل البيض دا إتقاسموهو (أخوان)!..
إبتسم المعتمد (نصف ابتسامة) وأكد أن الكرم أصوا وفصلو عند أهل القرى، ومشيراً إلى أن شاعر ثورة الإنقاذ قال:- "لا تحزن بي ما جرى يا ضال الطريق.. ميِّل على أهل القرى"!.. ثم أن المعتمد طلب بعض الماء من الكنار بعد أن أوقف العربة على مبعدة من الأهالي.. فقال له معاونه المحلي:- داير تشرب؟ الموية دي عكرانة!.. فأشار إليه المعتمد أن يتبعه بجردل البيض.. فوق دبة الكنار كان المعتمد يشير بعصاه إلى المعاون ليملأ جردل البيض بالماء.. ظن الأهالي أن المعتمد (قد وقف بنفسه على أحوال الترعة) فتقاطروا إلى حيث بدلته التي هبهبها الريح!..
لكن المعتمد أدخل عصاه (برفق) داخل الجردل وهز البيض برفق أيضاً.. فطفح من البيض عدد ليس بالقليل.. سمع الأهالي المعتمد يقول لمعاونيه:-
جيبو مواعينكم.. (الطافح دا كلو حقكم)!..
رجع الأهالي، غير أن (الناس الواعين) في الحلة قالوا أنهم سمعوا أن المعتمد إمتحن الشهادة السودانية من المساق الـ (علمي)!! ، وعشان كدى هو "مفتِّح".. بالرغم من سكونو في الخرطوم شايفين كيف ن بيعرف يفرز (السيوس)!؟..

الله يجازي محنك يا ود الشيخ
ناس القرية ديل يحمدوا ربهم،لان المعتمد ماطلب
القدقدو الملفوف.وادخال اولادهم الدفاع الشقبي.


مودتي

تحية للاخ الفاضل يس.. ولصديقى مجدى ..
تابعونا لان هناك حكايات كتيير ..