Post: #1
Title: سقيفة السلطان
Author: Osman M Salih
Date: 10-10-2009, 10:39 AM
سقيفة السلطان ------------
إختفت السقيفة التي ماأظلت أحدا سواه. بهيكلها الخشبي المهيب . مسيراتها الضفيرة من سعف النخيل . ذات العماد مغروزة الأوتاد في تربة إنكسار الجفون .
يُرى رأي العين في غيابه عن حاضرة المملكة ملثما كالطوارق في طوافه القريب على الزرع والضرع فيما وراء صهريج المياه العاطل أو البعيد على الأمصار الشرقية منحنيا عند الباب العالي , يدخل و يخرج بلا تحية . نباتي . تأتيه بالطعام والشراب آنية الإشارة . ذات الطعام والشراب كل يوم . الشاي الأحمر مع القرقوش الخارج لتوه من الفرن الترابي - الضريح - في الأبكار , 3 بيضات من دجاج البيت , جبن وعسل من قصب السكر, و في الغداء بقول مسلوقة أو فـطائر مغمسة في اللبن الرائب , يكتفي في العشاء بكوب حليب , ولايعدم طبق الخوص التمر ليل نهار .
لا يهش إلا في وجوه ذويه من طرف الأم ولا تمتد يده إلى خبيز الموائد في الأعياد و الأعراس و المآتم . يسافر بغير وداع متعمدا إختيار التوقيت الذي يكون فيه أهل الدار نيام.
كان يعاني من آلام مبرحة في المعدة ترتد بداياتها إلى طلاقة الشباب , لكن أحدا لم يسمعه وهو يتوجع . وعندما تشتد عليه وطأة المرض المزمن تربد ملامحه و يكفهر اللثام . بادي الضجر من ثرثرة المعاودين وخاصة النساء الطـاعنات في السن ينسحب من الحوش المستباح بأصوات العباد محكما على ديوان العزلة السلطانية رتاج اللثام . الديوان الخالي من الزينة و الطنافس و الرياش . يعاف أكثر ما يعاف إلتماع الشفقة في العيون المـطلة على بئر ضعفه وإنكساره . سئل في أخريات ساعاته : من أحب الناس إليك ? قال: كبرى بناتي. وريثة نزقه الدائم , تقطيبته و صمته المسير للأشياء . عاد الدلو في صبيحة شاتية بلا ماء. ساعتها فقط علم الناس أن السلطان المحتضر كان يجيد الرسم بخط كوفي جميل . تلك كانت وسيلته الوحيدة في إيصال رغباته للمحيطين بسريره الراحل في عامه الأخير. فالعلة النادرة التى إصطفت السلطان حبست صوته في زنزانة الحلق وهي الزنزانة التي حُبست فيها أصوات الخلائق , الناس والطير و الأنعام .
سقيفة السلطان التي صمدت طويلا أمام هوج الرياح وأمـطار البـطانة تتطاير, الآن , بقاياها المخلعة في هفهفة كتاب مرقوم .
عثمان محمد صالح, فنراي , هولندا , 09.10.2009
|
Post: #2
Title: Re: سقيفة السلطان
Author: Osman M Salih
Date: 10-10-2009, 11:08 AM
Parent: #1
هذا هو الجزء الثالث من مدونة العودة إلى السودان في صيف هذا العام.
|
Post: #3
Title: Re: سقيفة السلطان
Author: ALGARADABI
Date: 10-10-2009, 11:40 AM
Parent: #2
يا سلاااااام على عودتك ياخ الايام دي أيام عودة العظام مرحبا بك
|
Post: #4
Title: Re: سقيفة السلطان
Author: Osman M Salih
Date: 10-10-2009, 12:42 PM
Parent: #3
نهارك سعيد ياأخي القرضابي, وشكرا على الترحاب .
|
Post: #5
Title: Re: سقيفة السلطان
Author: Abdel Aati
Date: 10-19-2009, 05:35 PM
Parent: #4
سقيفة السلطان
|
Post: #6
Title: Re: سقيفة السلطان
Author: bushra suleiman
Date: 10-20-2009, 07:42 AM
Parent: #5
سلام وتحية يا ابن اختى عساك طيب وحالك دائماً من خير الى خير نستمتع بكتاباتك العذبة الرقراقة الراقية فلا تحرمنا منها وكن كما عودتنا جميلا جميلا
|
Post: #7
Title: Re: سقيفة السلطان
Author: هواري نمر
Date: 10-20-2009, 08:02 AM
Parent: #6
Quote: نباتي . تأتيه بالطعام والشراب آنية الإشارة . ذات الطعام والشراب كل يوم . الشاي الأحمر مع القرقوش الخارج لتوه من الفرن الترابي - الضريح - في الأبكار , 3 بيضات من دجاج البيت , جبن وعسل من قصب السكر, و في الغداء بقول مسلوقة أو فـطائر مغمسة في اللبن الرائب , يكتفي في العشاء بكوب حليب , ولايعدم طبق الخوص التمر ليل نهار . |
ولا يعدم طبق الخوص التمر ليل نهار.. ولا يعدم طبق الخوص التمر ليل نهار...
تفاصيل مرسومة بعناية,بعيون خبير فاحصة و ريشة لونت حروف الكلمات من زوايا بصرية نافذة.. من علي الطبيعة والواقع المعاش..
شكرا لك .. ايها الجميل...
|
Post: #8
Title: Re: سقيفة السلطان
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 10-20-2009, 09:11 AM
Parent: #7
ثم ماذا بعد ذلك الحال المائل ياعثمان ..لا من وريث ولا من مغامر سيشتد الوجع ..ويرتفع غناء العزلة ..ربما في " التساب" القادم يستفرغ النهر أكثر من اللازم.. يدك حدوده القديمة في محاولة أخيرة منه لتذكر رائحة الطمي .. ذاكرة الاراضي البكر ..
لك التحية
|
Post: #9
Title: Re: سقيفة السلطان
Author: عمار عبدالله عبدالرحمن
Date: 10-20-2009, 09:56 AM
Parent: #8
Quote: عاد الدلو في صبيحة شاتية بلا ماء. ساعتها فقط علم الناس أن السلطان المحتضر كان يجيد الرسم بخط كوفي جميل |
سلمت يداك ,, \ حرف معبر اكثر من الف صورة
|
|