الـشــوارع طـاشــمـة

الـشــوارع طـاشــمـة


08-27-2009, 10:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=240&msg=1251408209&rn=0


Post: #1
Title: الـشــوارع طـاشــمـة
Author: يسرى معتصم
Date: 08-27-2009, 10:23 PM

ضل الحكي
يوسف الجلال

ديباجة
لو ان صحافة الخرطوم مارست في "النشر" فضيلة المصداقية والموضوعية لجاءت خطوطها العريضة و"الهزيلة" على نحو يفيد بان ثمة صواعق مائية دفرت بطوفانها على قبة الخرطوم واحيائها الفقيرة, فهشمت اسقف المنازل, وتكسرت ضلوع المترفين والمعدمين, من قاطني الهامش.
الحكي
لو ان صحافة الخرطوم تخلصت من قيودها المزمنة, التي انغرزت فيها زمانا طويلا بفعل "خوف الاقوياء".. لو انها تخلصت من ذلك وانحازت لمرة واحدة الى المواطن واختارت لمرة وحيدة ان ترتهن حروفها الى الحق والحقيقة, لو انها فعلت كل ذلك لاخبرت البسطاء ممن تم "تغييبهم" زمانا طويلا باننا افشل امة في "التأهب" واسوا امة حين يكون الحديث عن "الاستعداد" في زمان من افحمونا وفلقوا دواخلنا بـ"اعدوا" لهم او اعدو له.. لا خلاف!! ومن غير الخريف اعني ومن غير الخريف يستحق ان نمنحه وقفتنا في زمان انشغالات الولاة بما هو دونه, برغم انه لا شئ يمكن ان يخيف ساكني الخرطوم كلهم غير مفردة الخريف, ذاك الذي يجيد رفع المستور, ويتقن ازاحة ورقة التوت التي لطالما تدثر خلفها وبها ولاة الخرطوم, وولاة امورهم الكبار.
ما يحزنني في قصة امطار امس انها جاءت لتعرّينا كلنا بلا استثناء.. وجاءت لتفضح جاهزيتنا المزعومة للخريف.. وجاءت لتقول للناس كلهم من البسطاء والمعدمين والمترفين والمنعمين بانه لا عاصم لكم من الدمار والخراب.
نعم بكت السماء وسالت دموع السحاب.. فانهمر الماء هكذا هي التفسيرات عندي, وقريبا منها هي تفسيرات اهل الطقس والمناخات وجغرافية العناصر.. فسيان عندي كل تلك التفسيرات لان المحصلة الختامية مطر وفير وخير كثير, وفق ذلك دمار كبير, لم يستثن شيئا ولم يترك احدا.. فأمس كانت الخرطوم كلها تطفو في بركة من المياه, لم تخرج منها الا لانها وقفت على انقاض ما تحطم من منازل او منشاءات, هذه الحقيقة التي لا تقبل التزييف وهي المعلومة التي لا يستطيع احد ان يحجبها.. نعم امطرت السماء فتهدمت بيوت المعدمين وساكني الاطراف, وفاضت ارواح بعضهم من فرط الطوفان وربما من فرط الحزن, حتى انهم تخلوا عن عادتهم اليومية في ان يكدروا صفاء اسواق المترفين, وفوق ذلك تخلوا عن زيارة المرضى في المستشفيات وكذا تخولوا عن الركون لما تفعله لفافات التبغ المحشوة بالمهدئات.. واختاروا ان يتمترسوا على ما تهدم من منازل وكل ذلك من تاثير الغرق الذي احدثته مياه الامس.. واهم من اعتصام ابناء الاحياء الطرفية عن غزو المدينة "الغارقة" بارجلهم البائسة المتسخة!.. اسوأ من ذلك هو اعتكاف غالبية الموظفين داخل بيوتهم حتى ان ذلك قاد تلقائيا لان تعتكف داووين المصالح الحكومية خلال ساعات يوم امس وفقا لجولة ميداينة وهاتفية اجرتها "الاحداث"... كل ذلك يحدث والمتضرر الاكبر حكومة الولاية التي وجدت نفسها عائمة في بركة من الاتهامات التي لا تنتهي, ومع ذلك لم نسمع بعربات الدفاع المدني تسبقها صافرات الانذار وهي في طريقها لانتشال ما يمكن انتشاله او تجفيف ما يمكن تجفيفه من برك وربما من دموع سالت من فرط احساس المآغي بالاهمال "الابله" في زمان الكسب السياسي "الغبي" الذي يقود الناغمين الى الحديث دونما وازع من ضمير "قال صديقي الذي يصوم رمضان في دول العالم الاول.. قال لي عبر الماسنجر: "قالوا الخرطوم غرقانة".. فقلت: "غرقانة في جركانة عرقي".. ضحك صديقي, فاضفت: "والشوارع طاشمة.. والظلت يتلولو في المشي!".. انقطع التواصل الاسفيري.. مضي محدثي وتركني لحزني, ألملم اشيائي واشجاني ورفات المطر... خلت صديقي وهو يمضي كمن ازاح المنكر بقلبه ثم ذهب ليبني بيتا في الجنة".
توقيع
جادت السماء على البسيطة بمائها, ولم تبخل على البيوت ببطشها, فتهشمت الحوائط المتصدعة, وتكسرت الابواب في بيوت المعدمين البائسة, وما انهارت بيوت الصحابة واهل الكهف والمبشرين بالجنة... فهل حريا بنا بعد هذا غير ان نقول "تبت يدأ السكوت والخنوع والخضوع".


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة الاحداث السياسية