جريمة كبري... والقاتل (سياسي)

بؤس الخطاب السياسي الغارق في العنف اللفظي ولغة التهديد والوعيد وراء تمدد خارطة الجرائم الغريبة التي ظلت توثقها مساءات وصباحات الوطن، وتُدوّنها محاضر الشرطة ضد مجهول مرة وضد أقرب الأقربين للقتيل تارة اخرى، وفي مواجهة جانٍ خفي ابحثوا عنه في (شذوذ) القاموس السياسي.

مَن الذي قتل مريم برنجي أمينة الموتمر الوطني بالاستوائية؟! ولماذا ومنذ متى كان الخلاف يُفسد (للحياة) قضية مثلما حَدَثَ في الباوقة المتسامحة التي لم تعرفها الحياة السودانية سوى بعبارة (اللذيذ تُفاحا)، حياة المواطن أرخص من ذبح فرخة، وقطع الرأس بات أسهل من قطع ايصال غرامة بواسطة شرطي المرور، فمن هو السبب..؟ وأين المنطق في اغتيال منسوبين للام أكول بأعالي النيل، ومَن الذي حاول اغتيال انجلينا زوجة د. مشار بولاية الوحدة، وهدد السيد محمد عثمان الميرغني بذات المصير ان سار في موكب تشييع الحاج مضوي..؟ ومَن الذي أدخل مفردة التصفية في العمل السياسي ولماذا يموت الناس بالآلاف في أكوبو..؟ أتركوا القشور وانفذوا إلى الأجندة السياسية وراء النزاعات القبلية في الجنوب.

كل ما يرشح من مَسَام السياسة في بلادي يُسمّم الحياة العامة، لماذا يُلام المواطن إن مضى على دين آبائه السياسيين، واتخذ العنف سبيلاً لتصفية خلاف على قطعة حلوى أو جنيه واحد في ظل تراجع مقلق للأمن وزهد بائن في اللجوء للقانون، وهكذا تقدم السِّياسة في كل يوم جرعات قاتلة للتعايش وتستمر الخلافات في تمزيق ما تبقى من النسيج الاجتماعي.
تصريحات المسؤولين وما يرشح في (مانشيتات الصحف) من غبائن بائنة ومَخفية يكتب تراجعاً يومياً لمؤشّر التسامح ويضع المجتمع برمته في برميل بارود قابل للانفجار في أيّة لحظة!

لماذا يختار باقان مفردة (جهنم) ليُعبّر بها عن موقف سياسي من الشريك، ويلجأ المؤتمر الوطني إلى بيان أشبه (بإعلان الحرب) في قضية مقتل برنجي، ومن الذي أُوحي للسيد الإمام المهدي بمفردات (المشرحة) و(أحمد شرفي) للتدليل عَلَى انهيار اتفاقيات السلام..؟ ودفع حزب لام أكول للقول بأنَّ الحركة (قُبرت) مع قرنق..؟ لماذا تَتَسكّع المفردة السياسية في المقابر..؟ أليس بالإمكان تلطيف الخطاب السياسي بمفردات تراعي ضرورة خفض صوت العنف والسلام وتتطلع إلى إضفاء روح الأمن في ممارسة السياسة والحياة.

لا يُمكن تبرئة العلاقات السياسية المحتقنة والخطاب الملغوم مما يدور في هذا المجتمع من عنفٍ وجرائمٍ، اللافت فيها تَراكم الغبينة وفداحة التشفي، البلاد الخارجة لتوّها من مواجهات الشرق وحرب في الجنوب، ومآسٍ في دارفور تحتاج الى سياسيين يدركون تعقيدات الوضع النفسي للمواطنين، خاصةً وأن الاحصائيات تتحدث عن (3) ملايين قطعة سلاح في الجنوب و(1.5) مليون قطعة بجنوب كردفان، والبقية تأتي في دارفور وما سواها من المناطق المحتقنة.
الناس على دين ملوكهم أشيعوا عبارات التسامح وانتهجوا لغة الحوار وحافظوا على آذاننا من فَداحة مفردات تدميها في كل يوم إن كنتم تبحثون عن العدل والسلامة والطمأنينة

الناس على دين ملوكهم أشيعوا عبارات التسامح وانتهجوا لغة الحوار وحافظوا على آذاننا من فَداحة مفردات تدميها في كل يوم إن كنتم تبحثون عن العدل والسلامة والطمأنينة

آن الاوان لحذف عبارة : (جريمة دخيلة على مجتمعنا المسالم...جرائم في السودان .!!