ألشنَاق!!

تدلى ألرجل ألضخم على حبل المشنقة بعد أن ازلت الترباس بهدو وخبره محدثا صوتا رِتْ. كان موته جميلا ، لذيذا ، مات بانتعاش حتى غاظنى أمره . كان ذلك عند الساعة ألسادسة صباحا. بعد ذلك مباشرة تم تجهيز الرجل الثانى ، سمعته يصرخ بهلع أمى ..أبى ...يا ناس ألحقونى ..أنا بريئ. نظرت اليه من كوة صغيره اسمها كوة ألشناق، كان شابا وسيما ، بشعر أسود مجعد أضفت عليه أهوال انتظار الاعدام نوعا من اللانظام فبدى كغجرى مترع بنبيذ قديم.انهارت أرجله فجرًه السجانان جرا الى منصة المشنقة ..أحسست بسعادة غامره ، هذا ألنوع تسرنى حالته فميتته تأكد قوتى كشناق مبدع ...ليس كل الناس بمقدورهم أن يكونوا شناقين. تأكدت من اكتمال ترتيبات لف الحبل حول عظم ألرقبة ، وغطاء الرأس ، كان يصرخ صراخا غسل عنى استفذاذ ميتة ضحيتى الاولى..كنت أنظر اليه وانا أنقط فرحا وأتلمظ...ثم أزلت ترباس المشنقة بهدوء ، تدلى بسرعه وهو يقول (غيغ) ثم مات الى الأبد...عدت الى منزلى منشرح الفؤاد فتناولت وجبة الغداء . اذ لابد من النوم ألعميق استعدادا ليوم غدٍ لا زال هناك عدد هائل من ألمنتظرين ، وانا شناقهم ألوحيد

جاء صباح غد متفل بدعاش الموت المستطاب ، أحسست ببرودة فى أعصابى وأنا أتذكر ميتة الرجل ألضخم يوم أمس. كان تافها فى موته مثل فارس رعديد.دخلت غرفتى ، وانا أنظر الى المشنقة من كوتى ، وهى منتصبة كطود أشم .ما أجملك وأنت تقطعين الرقاب وتفصلين الؤوس عن الرقاب حتى الطايوق.كان حبلها المتهدل مثل خصلة فتاة غانجة تدلت بانتظام وجمال فارع ألقوام. ما أجملك أيتها الحبيبة الأزلية...كيف يكون حالى ، وأنا أحبك حتى صوت ألشهقة الاولى لضحيتى ألسرمدية.....ثم جاء صوت وجلبة من الزنزانة الاولى ..انه صوت اعتاده ، أحبه ويحبنى ، موسيقى بداية ألعرض... اذ فى الغالب ما تقاوم الضحية جلادها ، هذا أمر منطقى ، لابد من المقاومة وألصراخ ..نظرت عبر الكوة ..كانت الضحية أشبه بأنثى ، أشبه برجل ، كان يقول سجمى وكر على ، لكن فى ثوب المشنوق...تحت المقاصل يستوى الاناث والذكران ...لا مفر

تحت المقاصل يستوى الاناث والذكران ...قيل لى بعد فترة أن الضحية كان لواطيا ، وقوادا ، أرتكب جريمة قتل فيها امراة فى التسعين من عمرها ، أدركت أن موته حلال اليوم ...لكن بالنسبة لى يستوى كل شيئ ..ثم فُتح باب الزنزانة الثانية ..يا للهول ، ماذا أرى ؟ انه هو .. ألرجل الوسيم بالبنطال الجينز ، والتى شيرت ، يحمل مرآة ، وهو يسرح شعره بهدوء ، ويمشى بتؤدة وكبرياء وشموخ نحو المقصلة الحبيبة . كان ينظر الى المرآة ويعدل فى قميصه كأنه مقدم على حفل عُرس .. ثار ألدم فى عروقى ، وبدى لى قويا ولكأن المقصلة قد انهارت وتراجعت...لكن المقاصل تنصب تباعا.. صعد ألرجل الوسيم مثل رئيس أوربى شاب يتم استقباله بمطار قطر عربى مقهور، ثم لفً حبل المشنقة حول عنقه بهدوء وهو يبتسم لجلاديه ، شيئ مرعب ، بدى حبل المشنقة أشبه بقطعة حرير حتى خشيت عليه من التخنث المقصلى....ومن المقاصل نوع من التخنث. أزال غطاء الرأس لكن قاومه الجلادون حتى تمكنوا من الباسه له ...لكنه لم ينس أن يبصق عليهم ، بصاقا قويا ، مثل طلقة ، انطلق ألبصاق من فمه مثل تلك البصقة التى علمها البطل لمحبوبته على سقف التايتنك انها بصقة أمريكية.....عندما أزلت الترباس مات ألرجل باسما .....

***********

عدت الى منزلى ..لم أكن سعيدا ، لا زلت أحسُ ببصقة الشاب ذى البنطال الجينز والتى شيرت. كان فارسا حقيرا ، كاد أن يهزمنى ويفض عجرفة حبيبتى ألمقصلة...لكن لا زال الشنق مستمرا ..سفلة أبرياء سأشنقكم جميعا....كيف سيكون حال العالم اذا لم يتم شنق كل هؤلاء ....ثم بدأت أستسلم الى النوم ، فاذا بى داخل الغرفة أنظر من ألثقب ، فتحت باب الزنزانة ...يا للهول ، ماذا أرى ...نعم ماهذا ، أرى نفسى أخرج مقتاد وأنا أجر أرجلى ، وثم بدأت اصيح ، وأرفس رفسا شديدا ، وحبل المشنقة يتدلى أمام وجهى ..ثم صرخت صرخة مفزعة صحوت على اثرها ..وأن أتصبب عرقا ..كابوس

يوم غد كان شيئ عجيب حدث فى السجن العريق ألجميل. لم تكن المشنقة تنتصب بشموخ وبهاء كالعادة ، بل تم استبدالها مقصلة ، أشبه بمقصلة الفرنسية أيام ما قبل ألثورة.أشبه بساطور ضخم تحته قطة حديد كبيره بها ذقية تسمى ألنطع بالعربية.علمت انه قد تم استبدال المشنقة التقليدية بالمقصل ، والسبب هو عدم اكتراث المشنوقين بالمشنقة الكلاسيكية ذات الحبل المتهدل....حيث تعود الناس على الشنق ، لأن النسان كائن يمكنه أن يتعود كل شيئ حتى الموت . بل ردد البعض حكاية قصيدة عُثر عليها فى جيب أحد المشنوقين ألثوريين يقول فيها

أيتها الحبال الغلاظ

كونى حبالا للمشانق ،

كونى شرفا فى كل زقاق

لذلك تم استبدالها بهذه المقصلة الحديدية .بعدها وبعد بضعة أشهر تم ارسالى الى دولة المقاصل الحديدة ، فتدربت على على قطع الرؤووس وفصلها عن ألرقاب بهذه المقصلة الحديثة. كنت انتظر بأحر من الجمر كى أعود واقوم بتأصيلها فى سجنى العتيق .فمن المعروف حتى المقاصل لا يكون طعمها شبقا الا فى عندما يكون الجلاد أصيلا وكذ المجلود...

********

انتظرونى غدا ......سأبدى حكاية المقصلة .....آه يا مشنقتى ..كم أنا افتقدك اليوم ...

عند عودتى ، وجدتهم استبدلوا أسم وظيفتى من شنًاق الى قصًاب !! لم يعجبنى الاسم الجديد ، لأن الاول مرتبط ارتباطا شرطيا ومتماهيا مع طبيعة الحكم التى تنص على ( ألشنق حتى الموت) ..زفمهنتى هى أن أشنق المحكوم عليه بالشنق حتى الموت . لكن أليوم أنا قصاب ...فقط قصًاب ...تناقض بين المهنة واسمها ...أبديت تزمرا ، لكنى لم أكن أعلم ان مهنتى ليس بها أدب التزمر أو الاعتراض فتم ايداعى وحبسى فى ذات الزانزانة ......هكذا كنت أول من جربوا فيه المقصلة ، حيث تم فصل رأسى عن بقية جسدى وأنا اقول حوله!!

انتهتت ألقصة!!!