الجاهز!

الجاهز!


07-28-2009, 12:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=240&msg=1248781018&rn=0


Post: #1
Title: الجاهز!
Author: عبد الله الشيخ
Date: 07-28-2009, 12:36 PM

خط الاستواء
عبدالله الشيخ

الجاهز!
هذه البلاد ـ السودان ـ موبوءة بلعنة اسمها طلب (الجاهز)!.. صغاراً وكباراً، نطلب ونلح إلحاحاً للحصول على شيء من دلع الطفولة، وكبرنا، وكبرت أحزاننا، ومازلنا ننتظر من يلقي على (جلالتنا) شيء من دلع.. ورغباتنا في التعرّض للدلع أنتج أزماتنا وخيارنا في طلب الحلول الجاهزة!..
افتح عينيك على أبيي، هذا الموضوع الساخن الملتهب، إنّ مشروع الحل الماثل الآن في قرار المحكمة ما هو إلا مشروع هيكلي لحل مفتوح على كل الاحتمالات.. وقد أعلن طرفا النزاع ـ الحكومة والحركة ـ على قبولهما به، لكنّهما معاً ينتظران أن تأتي لاهاي لوضع قرارها موضع التنفيذ، وترسيم الخريطة على الأرض.. وهذا الحل الذي بين أيدينا ما كنا سنتحصل عليه لوحدنا ونحن نعيش هذا الوضع الحالي، ولهذا جاء الحل قمة في الإشارة إلى توخي أهل هذه البلاد ـ خاصة حكامها ـ للجاهز!..
وبحسب استعدادنا لتلقي الجاهز في أي شيء لم نبنِ مصانع، ولم نؤسس لمشروع جديد، وظللنا (نلف وندور) حول مشروع الجزيرة من أجل تخصيصه، ونتحايل على السكة حديد لبيعها بدعوى تطويرها!.. وكانت تجربتنا (الوطنية) وبالاً على الخدمة العامة.. الخ!..
مشاكلنا دائماً تحتاج إلى حل (جاهز)، تجربة المعارضة في الخارج كانت تتطلع إلى هذا الحل، والانتفاضة اتضحت مسارات حلها (الجاهز) بعد زيارة جورج بوش الأب!.. ومشاكوس كانت حلاً جاهزاً، وكان عراب بنودها دانفورث.. فتأمل الدلع الحكومي يوم جاء اتفاق كوكادام!.. وتأمل الدلع الاتحادي والدلع الرئاسي حين وُقعت اتفاقية الميرغني قرنق!.. الدلع الاتحادي تمثل في أن الاتحاديين كانوا (شايفين روحهم) وأنهم أنجزوا خارقاً، والدلع الرئاسي كان قبول رئيس الوزراء للاتفاق (بتوضيحاته)!..
ويتم الآن افتعال وتأجيج أي قضية انتظاراً لحل جاهز يأتي من الخارج!.. لقد عاشت دارفور عقوداً وعقوداً وهي تحمي الخرطوم من عاديات الدهر، ورجالها هم الذين تجيّشوا لطرد الأتراك، وهم من قبضوا على شعلة الاستقلال حية حتى الحرب العالمية الأولى.. وبدلاً من نكافئ أهلها اتجه الدلع الحكومي نحوهم الى الافتعال والتأجيج، منتظراً للجاهز من الخارج، وطالباً في نهايات مسلسل التدويل وتغيير الترويسة التي تحملها القوات "الجاهزة"!..
وليتنا نأخذ ما نطلب من حلول جاهزة بشيء من بصيرة، فهذه البلاد حين وقعت على اتفاق السلام كان يجب على قادتها أن يجعلوا من توقيع الاتفاق مناسبة لما يسميه الإمام الصادق بالتعافي الوطني، وما يسميه د. جون طيّب الله ثراه بالسودان الجديد، وما يسميه الختمية باتفاق السلام الشامل، وما يسميه الحزب الشيوعي بدولة العدالة الاجتماعية.. لكن الدلع الحكومي لم يكن وحده الذي تسبب في استفحال الأزمة!، ولطالما رأينا القيادات الصامدة المناضلة والخاشعة! هي الأخرى تطلب التعرّض لبصيص من الدلع ممثلاً في مطايب الحكم بالاقتراب كثيراً من الشريك الأكبر الذكي!..
وهل لنا في ظل هذا الدلع، وفي ظل رغباتنا المتطلعة إلى (الجاهز) أن نطمئن على المستقبل؟.. وكيف نطمئن وقد تحصلنا على حل جاهز وجزئي، والباقي مايزال مُشتعلاً؟.. ومن وراء الحل أكام وجبال من الشك حول الوحدة، وقضايا غارقة في التفاصيل.. حتى هذه الوحدة التي نتحدث عن جاذبيتها، والعمل باصرار على أن تكون كذلك.. نحن مازلنا ننتظر المانحين لنجعلها جاذبة!..
أيّها الناس!.. نحن مازلنا نتدلع.. ونطلب الحل الجاهز، ومن يطبق علينا هذا الجاهز، مع كوننا نقول كل يوم (ما حك جلدك مثل ظفرك) ..!