لعشاق القصة القصيرة أهدي لهم (سريالزم) محبتي ..

لعشاق القصة القصيرة أهدي لهم (سريالزم) محبتي ..


07-22-2009, 08:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=240&msg=1248247786&rn=1


Post: #1
Title: لعشاق القصة القصيرة أهدي لهم (سريالزم) محبتي ..
Author: معتصم مكاوي
Date: 07-22-2009, 08:29 AM
Parent: #0

سيريالزم
قصة قصيرة نشرت عام ثمانية وثمانون وألف وتسعمائة بجريدة الحياة اللندنية
شيء من العبقرية .. قليل من خرافة ..عالم سحري يخترعه ويدخل فيه .. يعيشه في اللازمان واللامكان .. ينكفيء على ذاته وعلى تلك الطاولة الممتدة أمامه ليرسم .. لا يجد إلا وجهها .. يتوحد معها بطرف ريشته وينغمسان في قنينة الألوان ، يمارس طقوسه المجنونة .. يتسطح على الورقة البيضاء .. يتمدد .. ينام ..كأنه نام بالفعل .. لا كأنه يقظ .. يقظ بالفعل .. كأنه بين هذا وذاك ..لايدري .. حالة وسطية امتلكته ..بين بين .. كالمنطقة الحدية بين تينك العينين النعيم وذلك الصدر الحنان يرقد تحت غلالتها في هناء يُفقد الهدوء .. فبين الأبيض والأسود حالة خاصة جداً يدخل فيها عندما يخرج من ذاته ويتداخل في تلك الألوان .. الأحمر .. الأزرق .. الأخضر .. من الرمادي إلى الأسود يتلون ثم يتجرد بتسطح مريع على الورقة الممتدة أمامه أكثر فأكثر .. يتوحد معها تارة .. يراها رأي العين البصيرة ينفعل ثم لا يلبث أن يتناثر مع خيوط الضوء الساقطة من كل فج فيتكسر معها على سطح بارد .. يعود يتسامى ليتطاير مع ذرات دخان لا نهائي هنا وهناك .. يملأ الأمكنة حتى القلب كأنه الفراغ .. يبحث عن فكرة جديدة عن واقع ملموس فتهيم جوارحه .. يدخل في انقباضة الفكرة فتعتصره ويعتصرها فيكتشف أنها يداها .. يحاول أن يقبض عليها .. يقتلعها من جمجمته تتلاشى لا يبقى منه إلا نبض يبدو ورأسه المهتز مع دقات عقارب ساعة مصلوبة على الجدار وكان هو .. دبيب يسري في كل كيانه حتى نهايات العصب المتدفق وغيابات الشأن غير المتحقق .. يتدفق إلى قلبه الوهن يقول لنفسه بصوت سمع مداه عندما يرن في الفراغ فيغدو الواحد إثنان .. ينكفيء على ذات غائبة دون طائل ..
شيء من العبقرية أن تكون فناناً في هذه الحالة سوف تكون مختلفاً .. وكونك مختلفاً يعني أنك تتميز .. تتحول تتفرد .. تذكرها وتذكر ارتسام الدهشة على وجهها عبر الأسلاك .. ضحك ساعتها حتى اضمحل .. وعندما هدأ تجاوزها إلى نجوى الإبداع للفكرة التي ظلت تكبر حتى أعيته في إقناعها بممارسة الصدق للصدق فقط كأن الوقت قد توقف عنده إنه سكون له رونق عندما تطلق العنان لعينينها المساحة .. تقول عيناها إنها تفكر هي الأخرى فتتوافق ضربات القلب مع تلك النبال المنطلقة منها ذات إيقاع مجنون يزلزل الكيان .. عاد مرة أخرى ليحدث نفسه وتحدثه فقد كانت هي نفسه لا مناص .. هو آمن بذلك وما من شيء يجعله يحيد عن هذا الإيمان المطلق .. قال لها : الوقت أن أموت حياً أتلاشى فيك واختلط بك ثم انتشر عندما تنكشف الأسرار تتفكك .. فتكمن فينا الرغبة حتى تغدو كبالون يعاينها بوجد فتسكت عليها تصيخ السمع وعلها تعلك الفكرة وو.. لعلها .. فينفعل .. تقول له نفسه التي تراوح وتداور : أراك تغضب حين لا غضب .. يقول لها أنه قد انفق الكثير من الوقت دون اكتمال فكرة كأنها تمارس استعصاء الواهن ولكأن تلك الورقة البلهاء تمارس معي رعونة اختلاط ألوان واهنة واهية التي تتداخلت في الأبيض بكل درجاته اللونية فأحالت كل الألوان انفعال متدرج .. ساوره قلق العاشقين .. نظر أبيض ثم أبيض .. متوسط فأبيض خافت .. اختلاط بلا تدرج مسبب فلا الأزرق أزرقاً ولا الأحمر أحمراً ولا الأصفر كذلك .. أما الأخضر فقد أمسك بتلابيب الحزن ولم يعد كما كان .. فيسمو وحتى وهو يضاجع النجوم .. استغرقه التقاط الأنفاس لتلك اللحظة الخصبة كخصوبة من تلاشى فيها .. المتشبث بها وهي على أسلاكها .. هي تعلم أنه ليس بمقدوره أن يتنفس غيرها ومع ذلك تقول له .......... فأردف قائلاً بصهد الحب لكني وو ... لكنها لم تدعه يكمل قائلة :أرايت هذه هي البداية التي تسبق عنفوان الفكرة ثم تسطع الألوان ثم سرعان ما تتنافر وتتباين ويظل الخوف من ذلك الإنفصال وذلك التباعد الذي تبديه وأخيراً ذلك الإتحاد الصارخ .. نعم تلك هي البداية قالت له نفسه ..نعم أنها تأتي هكذا .. وجع لذيذ .. هدوء ثم موت الألوان .. باعد مابين يديه ثم عقدهما على صدره وهو يأخذ شكل المبهور من ذلك اللمس الذي يحدثه الأثير وهي في انطلاقتها الغاضبة .. قال لها : ما أقسى صراخ الألوان عندما تحتل العصب .. الشرايين .. الأطراف فتتدفق مع الدم والمخ والقلب سرعان ما تنشر في الأرجاء كلها .. ران عليه صمت كصمت القبور بعينين تدوران في المحاجر .. شعر أن جمجمته تنفلق إلى نصفين ملتحمين عند جبهته أسفل منبت الشعر .. تسمرت عيناه في بؤرة قلب أدماه مستغرقاً في لحظة الجنون وتوهج الأرق .. هم أن يقول لها ما يقول لكنها لم تجعله يواصل قائلة أعلم أن الفكرة المستعصية تطل برأسها من بؤرة الدوامة التي تتسربل فيها .. فالفكرة دوامة لا قرار لها .. أعجبه منطقها فالتفت متطامناً ليرسم بكل نبضه المنسحق تلك الدوامة .. فجعلها دوامات متدرجة متعرجة فأخذ يتتبع الفكرة وهي تنمو وفي نهم يغمس ريشته في الألوان فكان كل خط يستدعيه بخط جديد من لون الفرح وكأنه يجتثه من منبت العصب .. ثم عاد يحدث نفسه وتحدثه الألوان بحديث الود وازورار البوح .. قالت له : نعم أدري أن الفكرة قلب السر وعقله فهي تسقط عليه ذاتك القلقة في بحثك الدؤوب عن طمأنينة بعيدة عن زماننا ومكاننا هذا وو .. عندما استدارت الدوائر وكادت أن تكتمل نظر لساعته فأدرك أنه قد دخل في اليوم التالي فأغلق الأثير وتذكر رغماً عنه أنه لم يستطع الوصول معها إلى نتيجة إن كانت هي أو هو فكليهما يسكنان في كليهما .. مغمغماً : الأمر سيان إذن .. فأغلق عيناه وظن أنه قد نام .. فاكتشف إنه نوم الإغماء .. فراح معه لا يلوي على شيء ..