Post: #1
Title: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: wadalzain
Date: 07-19-2009, 11:02 AM
العنوان الصحيح ( 19 يوليو وقائع المحاكمات وحمامات الدم ) وقع خطأ فى كتابة كلمة المحاكمات
المقتطفات أدناه جاءت فى كتاب ( 3 أيام هزت العالم ) لمؤلفه طارق أحمد أبوبكر - الناشر دار كيمبردج للنشر - المملكة المتحدة
-----------------------------------------------------------------------------
كتب مراسل الواشنطن بوست : Washington Post Foreign Service – by Jesse W. Lewis Jr. – July 28, 1971 “Communist Leader Sentenced by Military Court
وصف المراسل محكمة عبدالخالق محجوب قائلا : -
" لقد أجريت المحاكمة فى مبنى يبدو أنه لم يستخدم لأسابيع ... أحضرت طاولة على عجل وتم تدبير الكراسى وتم وضعها على شكل مسرحى وتم دعوة المراسلين لتناول مرطبات باردة فى مبنى مجاور يبعد حوالى 300 ياردة.. تم دعوة المراسلين لمبنى ثانى عرضه حوالى 35 قدم وطوله 100 قدم .. منضدة لامعة من شجر اللوز مع ثلاث كراسى قد وضعت فى مقدمة الغرفة مع طاولتين صغيرتين مع كل واحدة كرسيين تم وضعهم فى الزوايا القائمة للمنضدة الكبيرة .. العشر دقائق الاولى لمحاكمة محجوب كانت علنية وتحت اجراءات صارمة .. جلس القضاة الثلاث لتكملة اجراءات الجلسة العلنية .. سأل رئيس المحكمة العقيد أحمد محمد حسن المتهم محجوب ما اذا كان يعترض على المحكمة التى سوف تقوم بمحاكمته ..
أجاب محجوب ..
نعم .ان اعتراضى ليس شخصيا ولكن سياسى .. أنا أعلم انك من القوميين العرب ومعاد للقوى التقدمية .. أنا لا أعرف الاثنين ألآخرين ولكن انت تستطيع التأثير عليهم .. تحرك الضابطان فى الجلسة من مقاعدهم ، قال العقيد حسن : أن المحكمة سترفع للنظر فى اعتراضات محجوب . عاد الضباط الثلاث مرة أخرى بعد 15 دقيقة وأعلن أن أجراءات المحكمة سوف تستمر ..
قرأ حسن الاتهامات الموجهة لمحجوب .. شن حرب ضد الدولة .. الغاء قرارات مجلس قيادة الثورة بالثورة المضادة .. وعقوبة هذه الاتهامات الاعدام .
الاتهامات وجهها العقيد حسن طاهر ثم خاطب المحكمة " لدينا مستندات وشهود لأثباتها "
ثم نادى طاهر على الشاهد محمد الانصارى الى غرفة المحكمة . النقيب محى الدين ابراهيم من مكتب القضاء العسكرى قال ان المحاكمة قد تأخرت لأن محجوب قد طلب بعض الوقت لتحضير القضية وتم اعطاءه ساعة لذلك . قال النقيب ابراهيم أن محجوب قد قابل ممثل الدفاع فى المجلس العميد محمد عبدالرحمن الفكى اليوم.. عندما دخل الشاهد الانصارى تسابق المصورون لالتقاط صور فوتوغرافية له بينما توقفت المحكمة حتى الانتهاء من التصوير .. - حاول الاتهام أن يربط بين الانقلاب القصير ألأجل والمحجوب فى 19 يوليو سأل الطاهر الشاهد ان كان يعلم أن محجوب متورط فى الانقلاب الذى حدث ، أجاب الشاهد بأنه لا يعرف فى تبادل المعلومات عرفنا أن زوجة الشاهد عضو فى الحزب الشيوعى الذى يترأسه محجوب قدم الاتهام خطابا قيل انه عثر عليه فى منزل الشاهد وتم تقديمه للشاهد وقال .. لا اعلم ان كان قد عثر على هذا الخطاب فى منزلى أم لا ... لقد تم تفتيش منزلى فى عدم حضورى ويمكن ان يكون قد وضع عن قصد. بدأ على ممثل الاتهام الدهشة لاجابة الشاهد سأل ممثل الاتهام الشاهد .. هل تعلم ان زوجتك عضو فى اللجنة المركزية للحزب الشيوعى رد الشاهد الناس يقولون ذلك رد ممثل الاتهام .. كيف يمكن فى مجتمع اسلامى أن الزوج لا يعلم ماذا تفعل زوجته .,.
قال ممثل الاتهام اذن يمكننا أن نعتبر هذا الشاهد ، شاهدا عدائيا بعد الاجراءات خرج الضباط من قاعة المحكمة وطلب من محجوب التحدث الى روك رولو المختص بشؤون الشرق الاوسط لصحيفة لوموند الفرنسية وقد تصافح مع محجوب وقد التفت لمواجهة المصورين وهم يلتقطون صورهم ويركضون . وجاء صحفيون آخرون الى محجوب وهم يوجهون أسئلتهم " كيف تمت معاملتك ؟ سأل أحد الصحفيين " لقد عوملت .... " ولكن لم يستطع محجوب تكملة اجابته لأن آخرين قاطعوه بأسئلتهم .. اضاف محجوب " لقد علمت بهذه المحاكمة قبل ظهر اليوم .. " وفى تلك اللحظة تدخل الملازم أول الذى يقوم بحراسة محجوب وضرب على الطاولة وقال .. " ممنوع توجيه ألاسئلة " ولكن أصر مجموعة من الصحفيين وعندها قال الضابط " هل تسمعونى أم أخرجكم .. هل تسمحون ؟ وعندها قاد الضبط محجوب الى الخارج وهو مقيد اليدين مع 5 من المظليين وهم يحملون أسلحتهم الاتوماتيكية الموجهة الى ظهره . بعد مرور بعض الدقائق أخبر المراسلون بأن بقية المحاكمة سوف تكون سرية وفى مكان مجهول .. وصرح ضابط قانونى بأن الاجراءات سوف تنشر لاحقا ..
|
Post: #2
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: wadalzain
Date: 07-19-2009, 11:06 AM
Parent: #1
نشر الصحفى ادريس حسن بجريدة الميدان بتاريخ 20 يوليو 1987 وتحت عنوان ( شاهد عيان يروى قصة محاكمة عبدالخالق قبل 16 سنة ) اصبح المتهم هو القاضى والقضاة هم المتهمون . يقول ادريس تحت عنوان " أشبه بفرسان الاساطير "
( حضرت هيئة المحكمة وكانت برئاسة العميد أحمد محمد الحسن ( من مواليد مصر وتخرج من الكلية الحربية المصرية وعمل بالجيش المصرى ثم بعد ذلك انضم للجيش السودانى وهو الذى قام بتكوين المحاكم بعد أحداث 19 يوليو 1971 ) رئيس فرع القضاء العسكرى آنذاك وعضوية عدد من الضباط بينهم المقدم منير حمد ثم شرع رئيس المحكمة فى توجيه قائمة الاتهامات وهى تتلخص فيما يلى : شن الحرب على الحكومة ، احداث تمرد فى القوات المسلحة ، ادارة تنظيم سياسى محظور ، التسبب فى مقتل عدد من الضباط والجنود . وقد اجاب عبدالخالق محجوب على كل الاتهامات بالنفى وبعد ذلك طلب من ممثل الاتهام العقيد عبدالوهاب البكرى أن يتلو مرافعته ، وكانت خطبة منبرية قاسية وصف فيها عبدالخالق بالدكتاتور المتسلط الذى أعمته شهوة الحكم عن كل شىء سواها وحمله نتيجة كل ما حدث من مآسى وكانت الخطبة متأثرة بالجو الذى كان سائدا .ز بعد ذلك اتيح لعبدالخالق وكان منظره مهيبا أشبه بفرسان الاساطير القديمة ) ويستمر ادريس حسن شاهد العيان فى محاكمة عبدالخالق محجوب فى وصف المحكمة ..
( بدأ حديثه وصوته هادىء وصاف ، فنفى الاتهام الاول " شن الحرب على الحكومة " وقال انه لا يملك أدوات تلك الحرب ، لا هو ولا التنظيم الذى يتولى قيادته ، وسرد فى هذا المضمون حديثا طويلا عن طبيعة الفكر الماركسى .. قاطعه رئيس المحكمة أكثر من مرة بلهجة مصرية صارمة بقوله " هذا الكلام لا يفيدك " تم تطرق عبدالخالق للاتهام الذى يليه " احداث تمرد فى القوات المسلحة " قال عبدالخالق ان حزبه ضد الانقلابات العسكرية وأن موقف الفكر الماركسى من هذا واضح وسبيله الى التغيير هو الثورة الشعبية وقال انه اى عبدالخالق محجوب وحزبه كانوا ضد انقلاب 25 مايو 1969 قبل حدوثه وانهم تعاملوا معه فيما بعد كأمر واقع مع تبنى أغلب شعاراتهم وعن عدم مشروعية الحزب الشيوعى قال .. ان مايو عندما تولت السلطة حظرت نشاط جميع الاحزاب ما عدا الحزب الشيوعى .. بل على العكس انها طلبت التعاون معه واختارت عددا من اعضائه وزراء فى حكومتها بصفتهم الحزبية .. وقال .. ان مايو كانت فى بدايتها تعتمد فى مسارها اليوم على " منفستو " يعده الحزب الشيوعى .. وقال انه عندما حدث الخلاف على بعض المسائل الجوهرية مع الحزب الشيوعى كانت هناك لقاءات وحوارات بين ممثلين للطرفين اشترك فيها من جانب الحزب الشيوعى الشفيع أحمد الشيخ ومحمد ابراهيم نقد ومن جانب حركة مايو الرائدان ابو القاسم محمد ابراهيم ومأمون عوض ابوزيد .. وقال ان السيد بابكر عوض الله نائب رئيس مجلس قيادة الثورة كان يحضر بعضا من هذه الاجتماعات وأضاف متسائلا كيف يمكن أن يكون الحزب الشيوعى محظورا والسلطة فى اعلى مستوياتها تتعامل معه .. وطلب شهادة اعضاء مجلس قيادة الثورة الذين ذكر أسماءهم شهودا للدفاع ولكن رئيس المحكمة رفض طلبه )
يقول عبدالخالق محجوب وهو يرد على الاتهامات .. ( أما فيما يتعلق بمقتل الضباط والجنود .. فأن الامر يبدو متعلقا بما حدث آنذاك فى بيت الضيافة وقال ان ذلك الحدث مفهوم ومعلوم .. ولا دخل لنا فيه .. وقال ان كل مافى الأمر انها تهمة يريدون الصاقها بنا للقضاء علينا )
ويمضى ادريس حسن فى سرد تفاصيل محاكمة عبدالخالق محجوب فيقول ، ان جلسة المحكمة قد تم تأجيلها وان الجولة التالية من المحاكمة سوف تكون سرية وقد بدأت فى الثانية ظهرا ويتذكر ادريس عن الجلسة السرية .. ( بدأت الجلسة السرية للمحكمة فى الساعة الثانية ظهرا وكانت عبارة عن اعادة استجواب من المحكمة لعبدالخالق محجوب ومناقشة اقواله فمثلا قال رئيس المحكمة وهو الوحيد الذى كان يتحدث مع عبدالخالق أما الآخرون من اعضاء المحكمة كان يبدو عليهم وكأن ألامر لا يعنيهم قال رئيس المحكمة .. يا عبدالخالق انت اذا ما دبرت الانقلاب .. كيف هربت من المعتقل وبهذه الكيفية وبمثل هذا التوقيت المطابق .. قائلا ان الذى يستطيع ان يهرب من معتقل القوات المسلحة يستطيع ان ينظم انقلابا رد عبدالخالق قائلا .. لقد خشيت على حياتى من الموت لأنه وأثناء وجودى فى المعتقل سمعت معلومات جعلتنى لا أطمئن قال رئيس المحكمة ما هى المعلومات التى سمعتها ؟ قال عبدالخالق سمعت انهم يدبرون لاغتيالى بعد اذاعة نبأ هروبى من المعتقل قال رئيس المحكمة فسر لنا يا عبدالخالق لماذا تم الانقلاب بعد هروبك مباشرة ؟ اليس الذين دبروا هروبك من المعتقل هم الذين قاموا بالانقلاب ؟ قال عبدالخالق اننى وكما ذكرت ان ليس للحزب الشيوعى اى كوادر داخل الجيش وان الامر كله لا يعدو ان يكون صدفة خاصة وان اى شىء كان متوقع الحدوث وعن موقف الحزب الشيوعى عن احداث الجزيرة أبا عندما سأله رئيس المحكمة عن اختلافهم مع مايو يقول عبدالخالق محجوب " ضرب الجزيرة أبا والقرارات الاقتصادية الخاصة بالمصادرة والتأميم .. قال رئيس المحكمة اليس موضوع سيطرة الدولة على وسائل الانتاج وقيام المجتمع الاشتراكى من الشعارات التى ينادى بها حزبكم وتدعوا لها النظرية الماركسية ؟ والا لازم تنفذوه انتو بس ؟ قال عبدالخالق اننا نعم ندعو لتحقيق تلك الشعارات ولكن ليس بالكيفية التىتمت بها تلك القرارات والتى تجاهلت كافة ظروف البلاد .. بل ان القلرارات نفسها جاءت غير مدروسة ومرتجبلة وخطوات سابقة لأوانها.. وقال .. اننا كنا قد أوضحنا موقفنا منها فى سلسلة من المقالات فى جريدة " أخبار الاسبوع " وأخذ عبدالخالق يفيض فى الحديث فى هذا الموضوع موضحا أخطاء القرارات وما صاحب تنفيذها من أقاويل واشاعات حول الفساد الذى حدث حقيقة فى بعض المؤسسات .. وقاطعه رئيس المحكمة قائلا بلهجته المصرية الصارمة " خلص .. خلص .. " وللحق فقد كانت هذه المرة الوحيدة التى رأيت فيها المرحوم عبدالخالق محجوب متأثرا عندما قال لرئيس المحكمة أرجو يا سيدى الرئيس أن توسع صدرك قليلا لأن المسألة بالنسبة لى بضع ساعات فقط ! وقد لاحظت أن الدهشه قد علت وجوه الحاضرين بعد سماعهم لكلمات عبدالخالق التى كانت اشارة واضحة الى انه كان يعلم سلفا بأنهم قرروا اعدامه .. لقد كان الامر أكبر من الدهشة وأعمق من الخوف .,. لقد كانت لحظة صراع رهيبه بين شخصين احدهما يريد ان يضيف الى عمره حتى لو بضع دقائق معدودة ، لعل مهجزة قد تحدث .. والآخر يريد ان يخلص نفسه بسرعة من مهمة ثقيلة حتى ولو كانت حياة انسان )
ويستمر ادريس حسن شاهد عيان محاكمة عبدالخالق محجوب فى وصف المحاكمة ( وقد لاحظت أن رئيس المحكمة تجاهل الحديث عن ضربة الجزيرة أبا على الرغم من أن عبدالخالق كان قد ذكرها ضمن اسباب خلاف الحزب الشيوعى مع مايو.. وفجأة سأله رئيس المحكمة هل لدى حزبكم أسلحة .؟ وكان رد عبدالخالق .. نعم .. وقد أرسلها لنا الرئيس جمال عبدالناصر عام 1967 عندما تعرض الحزب الشيوعى لهجمة شرسة من القوى الرجعية أدت الى طرد نوابه من الجمعية التأسيسية بسبب ما سمى بحادثة طالب معهد المعلمين العالى " شوقى محمد على " )
ويستمر الصحفى ادريس حسن فى سرد تفاصيل ما حدث بعد المحاكمة ( وفى حوالى الخامسة مساء أعلن رئيس المحكمة نهاية المحاكمة ، وقال أن المحكمة سترفع قراراهها الى القائد العام والذى كان مقيما هناك .. وذهبت الى مكتب قائد المدرعات العميد أحمد عبدالحليم والذى كان قد اتخذ منه اللواء جعفر نميرى مقرا كقيادة تنفيذ الاحكام .. وطلبت من المقدم عبدالمنعم حسن وكان يعمل بفرع القضاء العسكرى أن انتظر معه حتى يتم التصديق على الحكم وطال انتظارى حتى بلغت الساعة ما بعد منتصف الليل.. وذهبت الى الى مقر قيادة النميرى ووقفت بالقرب من النافذة لأرى عجبا ، النميرى ينهال ضربا على أحد الضباط ويسبه بألفاظ بذيئة وهو فى حالة من الهياج .,. أخرجوا الضابط وأتوا بآخر وتكرر نفس المشهد معه ومع آخرين ومن بعده ولم تتوقف هذه العملية الا عندما همس أحد الضباط فى أذن النميرى الذى رفع سماعة اتلفون وكانت محادثة من القاهرة ومع الرئيس السادلات .. عرفت هذا من ردود النميرى على محدثه ، وانتهت المحادثة التى لم تستغرق طويلا وقد بدأ النميرى بعدها سعيدا جدا ، ولم أكن أعلم مضمون المحادثة الا بعد ان حضر العميد أحمد عبدالحليم الذى بادره النميرى ضاحكا .. بل منفجرا من الضحك وقال له ان الرئيس السادات قد اتصل به منذ قليل وقال له ان الجماعة الروس طلبوا منه ان يتوسط لى لكى تبقى على حياة عبدالخالق محجوب .. ولكن الرئيس السادات قال لى " خلص عليه " ويستمر الصحفى ادريس حسن فى سرد اللحظات الاخيرة ..
( وفى الثانية صباحا حضر الى مقر المدرعات المرحوم الاستاذ موسى المبارك وقد كان وقتها يعمل رئيسا لمجلس ادارة الايام واجتمع لبعض الوقت مع نميرى وعند خروجه ابلغنى وكان يبدو عليه التأثر أن النميرى قد ابلغه ان حكم الاعدام قد نفذ فى عبدالخالق )
|
Post: #3
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: wadalzain
Date: 07-19-2009, 11:08 AM
Parent: #2
ويتذكر العميد معاش عبدالوهاب البكرى عضو محكمة هاشم العطا وممثل الاتهام فى محكمتى عبدالخالق والشفيع فى لقاء معه بجريدة الرأى العام السودانية يوم 22 يوليو 2003 تحت عنوان " البكرى : لست نادما على اعدام عبدالخالق والشفيع والعطا "
( كنت ضمن مجموعة الضباط التى تمثل الدورة ألاولى فى كلية القادة وألأركان وكان بها حوالى 32 ضابطا برتبة المقدم والعقيد .. عندما قامت الاحداث كلفت هذه المجموعة بتشكيل المحاكم العسكرية للذين قاموا بتلك الاحداث .. وفى معسكر الشجرة قام رئيس القضاء العسكرى وقتها العقيد أحمد محمد الحسن بأختيار أعضاء المحاكم )
وعن محاكمة هاشم العطا يقول البكرى .. ( اول محاكمة اشتركت فيها كانت محاكمة هاشم العطا .. لا أذكر اسماء كل أعضاء هيئة المحكمة لكن كان معى ضابط جنوبى يدعى أبيل كولاتر ومعى ضابطان شماليان ، المحاكمة كانت واضحة وسريعة جدا ، المادة 115 من قانون أمن الدولة اثارة الحرب ضد الحكومة وهذه تقول " من جمع سلاحا او رجالا او مالا بنية محاربة الحكومة وازالة النظام القائم او كان له علم بذلك أو يوجد من الاسباب ما يدل الى ان له علما ولم يبلغ قبل تنفيذ النية يحاكم عند الادانة بالاعدام " قرأت عريضة الاتهام على هاشم العطا وتم سؤاله هل مذنب أم غير مذنب .. اجاب " غير مذنب " فى القضايا العسكرية التى يصل فيها الحكم بالاعدام اذا المتهم قال " انه مذنب " يسجل له " غير مذنب " حتى يسمعوا اقواله .. هاشم العطا كانت ادانته صريحة واضحة لأنه اذاع البيان )
عن تعذيب الشفيع قال البكرى
( فى تلك اللحظات جاء ابو القاسم محمد ابراهيم ومعه خمسة عساكر حاملين سلاح .. قال لى .. يا سعادتك دقيقة عاوزين الشفيع دا .. كنا فى فرندة مضيئة وكان هناك حوش مظلم .. قلت له تفضل طبعا أنا مسؤول من حماية المتهم كنا فى ذلك الوقت فى مرحلة التحرى .. ابو القاسم ذهب بالشفيع للحوش المظلم وكانوا فى مرمى بصرى ، بعد وقت سمعت جلبة .. جلاريت نحوهم وجدت الشفيع على الارض والعساكر يضربونه بالبوت .. حجزتهم وقلت .. يا ابو القاسم دا ما ممكن المتهم برىء حتى تنثبت ادانته .. المهم وجدت الشفيع على الارض وقد كسرت نظارته وجرح عمود انفه .. اخذته اغير له جلبابه الذى امتلأ بالدم واحضرت له نظارة )
|
Post: #4
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: wadalzain
Date: 07-19-2009, 11:09 AM
Parent: #3
وكتب عبدالتواب مصطفى فى كتابه " ملحمة الجنوب : قصة الديمقراطية فى السودان – الصادر عن مؤسسة اخبار اليوم المصرية – ص 62 يصف عملية تعذيب الشفيع أحمد الشيخ :
( زز أما رئيس اتحاد عمال السودان ، الشفيع أحمد الشيخ فقد قام بتعذيبه الرائد ابوالقاسم محمد ابراهيم قبل ادخاله على نميرى ، فقد كان ابو القاسم قد وصل الى اقصى درجات السكر ، واراد أن يستفرغ ما احتساه ، فخرج الى الساحة الخارجية حيث كان الشفيع يجلس فى كرسى اسفل احدى الاشجار بحراسة اثنين من الجنود وما أن شاهد ابو القاسم الشفيع حتى توجه الى احد جنود حراسته وانتزع منه بندقيته وبقعرها وجه ضربة قوية لرأس الشفيع شرخت جبهته الى قسمين ، ثم توجه بضربة أخرى بقعر البندقية الى وجه الشفيع حتى برزت عينه اليمنى عن مكانها ، وراح بعد ذلك يستخدم سونكى البندقية فى تسديد عدد من الطعنات فى كتفى الرجل وأقدامه وامتلأ جسد الشفيع بالدماء وبدأ يلفظ أنفاسه الاخيرة فأصدر النميرى أمرا بالاسراع باعدامه قبل وفاته )
وهكذا كان الشفيع اول محكوم فى تاريخ السودان ينفذ فيه حكم الاعدام بربع روح
|
Post: #5
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: wadalzain
Date: 07-19-2009, 11:10 AM
Parent: #4
يقول الاستاذ محجوب عمر باشرى فى كتابه " اعدام شعب ص 150 – 151
( .. ان جعفر نميرى كان مخمورا مسطولا ، وقد غطى عينيه بنظارة سوداء ، وكان هنالك طبيبان يحقنانه كل ساعتين لينام فترة من الزمن ويستيقظ بعدها ، وقد تصبب العرق منه ، وفاحت رائحة نتنة من جسده ، وكان ذلك فى اليوم الثانى بعد فشل الانقلاب .. وقد كتف جنده هاشم العطا وضربوه ، ونميرى بعدها قدموه له وتوحش فكان يركله ويصفعه ويبصق فى وجهه ويرميه بالمناضد والمقاعد ، وهاشم لا يصرخ ولا يستغيث أما فاروق عثمان حمدالله فكان يضربه زين العابدين محمد احمد عبدالقادر وبابكر يضربه النميرى ، لم يجرؤ نميرى أن يضرب أبا شيبة وتشفى نميرى من عبدالخالق وكذلك ابو القاسم ولم يستطع عمر الحاج موسى مع انه صديقه ان يدافع عنه .
لم اشهد اهانته لعبد الخالق ولكننى عرفت أن عبدالخالق والشفيع حملا الى المشنقة وهما فى الرمق الاخير ، وكانا ينازعان ، حتى أن الضابط الذى أشرف على ىاعدامهما كان يبكى اذكر موقف بابكر النور وهو يستقبل الموت ببشاشة وسيذكره التاريخ وقد عصبت عيناه وهو يهتف عاش السودان ، اما جوزيف فكان يدخن وهو يدخل الى حجرة المشنقة لم أر سفاحا فى حياتى ولكننى رأيت جعفر نميرى )
|
Post: #6
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: أبو ساندرا
Date: 07-20-2009, 10:30 AM
Parent: #5
Quote: وعن موقف الحزب الشيوعى عن احداث الجزيرة أبا عندما سأله رئيس المحكمة عن اختلافهم مع مايو يقول عبدالخالق محجوب " ضرب الجزيرة أبا والقرارات الاقتصادية الخاصة بالمصادرة والتأميم .. قال رئيس المحكمة اليس موضوع سيطرة الدولة على وسائل الانتاج وقيام المجتمع الاشتراكى من الشعارات التى ينادى بها حزبكم وتدعوا لها النظرية الماركسية ؟ والا لازم تنفذوه انتو بس ؟ قال عبدالخالق اننا نعم ندعو لتحقيق تلك الشعارات ولكن ليس بالكيفية التي تمت بها تلك القرارات والتى تجاهلت كافة ظروف البلاد .. بل ان القرارات نفسها جاءت غير مدروسة ومرتجبلة وخطوات سابقة لأوانها.. وقال .. اننا كنا قد أوضحنا موقفنا منها فى سلسلة من المقالات فى جريدة " أخبار الاسبوع " وأخذ عبدالخالق يفيض فى الحديث فى هذا الموضوع موضحا أخطاء القرارات وما صاحب تنفيذها من أقاويل واشاعات حول الفساد الذى حدث حقيقة فى بعض المؤسسات .. وقاطعه رئيس المحكمة قائلا بلهجته المصرية الصارمة " خلص .. خلص .. " |
|
Post: #7
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: أبو ساندرا
Date: 07-20-2009, 10:39 AM
Parent: #6
مرة أخرى لأفرز الأسئلةالمتهافتة عن الأجوبة الجريئة الواضحة
Quote: وعن موقف الحزب الشيوعى عن احداث الجزيرة أبا عندما سأله رئيس المحكمة عن اختلافهم مع مايو
يقول عبدالخالق محجوب " ضرب الجزيرة أبا والقرارات الاقتصادية الخاصة بالمصادرة والتأميم ..
قال رئيس المحكمة اليس موضوع سيطرة الدولة على وسائل الانتاج وقيام المجتمع الاشتراكى من الشعارات التى ينادى بها حزبكم وتدعوا لها النظرية الماركسية ؟ والا لازم تنفذوه انتو بس ؟
قال عبدالخالق اننا نعم ندعو لتحقيق تلك الشعارات ولكن ليس بالكيفية التي تمت بها تلك القرارات والتى تجاهلت كافة ظروف البلاد .. بل ان القرارات نفسها جاءت غير مدروسة ومرتجبلة وخطوات سابقة لأوانها.. وقال .. اننا كنا قد أوضحنا موقفنا منها فى سلسلة من المقالات فى جريدة " أخبار الاسبوع " وأخذ عبدالخالق يفيض فى الحديث فى هذا الموضوع موضحا أخطاء القرارات وما صاحب تنفيذها من أقاويل واشاعات حول الفساد الذى حدث حقيقة فى بعض المؤسسات ..
وقاطعه رئيس المحكمة قائلا بلهجته المصرية الصارمة " خلص .. خلص .. " |
وبرضو يجيك واحد لايقل وقاحة عن رئيس المحكمة يقول ليك ضربتو الجزيرة أبا وصادرتو ممتلكات الناس
|
Post: #8
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: محمد أبوالعزائم أبوالريش
Date: 07-20-2009, 10:54 AM
Parent: #6
ويأتي من يقول أن علينا أن نطلب الرحمة لجعفر نميري. هل تُطلب الرحمة لمثل هذا؟ ولِمَ؟ فقط لأنه مات؟ كل الناس يموتون .. فهل يكون الموت جواز مرور لوصول ترحمنا على السفاحين؟ وهل إذا ترحمت عليه أنا سيترحم عليه أبناء وأرامل من إغتالهم؟ وهل سيرحمه أصلاً الخالق العادل؟ ............. بأي هراء تأتون!
|
Post: #9
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: حسن الجزولي
Date: 07-20-2009, 02:42 PM
Parent: #8
ود الزين .. الود الزين سلام عليك
التاريخ يظل ملكاً خالصاً للأجيال القادمة، ودورناهو في تخليصة من أي شوائب تلحق به، إن بحسن نية خالصة، أو بسوء قصد مبيت، لنرويه كما هو دون زيادة أو نقصان، ولقد ظلت أحداث 19 يوليو عام 1971 - كالكثير من أحداث السودان - تشوب وقائعها الكثير الغامض من النتوئات والفجوات المربكة، نتيجة للمسكوت عنه - عادة - من قبل الذين شاركوا أو كانوا شهود عيان، لما وقع بالضبط من أحداث في تلك الأيام الكالحة. ضمن ذلك فإن الجزئية المتعلقة بالتنكيل الذي جرى للشهيد العمالي البارز الشفيع أحمد الشيخ قد شابها الكثير من الاضافات والالحاقات التي نخشى أن تتوه بين ثناياها الحقائق الدامغة والتي تقف لوحدها دليلاً كافياً على التجاوزات والانتهاكات الفظيعة التي وقعت بكل خسة ولؤم في حق نفر من أبناء هذا البلد الطيب، تم فيها إلغاء العقول والحكمة ونشدان التحاكم الانساني بقوانين العصر والقضاء المستقل النزيه والمحايد، وصدق ما صدح به المرحوم الجليل عبد الله عبد الرحمن نقد الله أحد القيادات الفذة لحزب الأمة وأحد كبارنا المجبولين على الموضوعية حينما علق على أحداث 19 يوليو بكل ألم ممض قائلاً ما يعني أن ما جرى في تلك الأيام قد أسس لنهايات عهد التسامح في ممارسة الحياة السياسية في السودان!.
ويظل أشخاصاً كأبي القاسم محمد إبراهيم وزبانيته الذين شاركوا في حفل الشواء وهم يقومون بتعذيب رجل في قامة الشفيع أحمد الشيخ، تظل اللعنات تطاردهم شقيش ما أقبلوا أو أدبروا ويظل تاريخهم الشخصي على المستوى الاجتماعي موصوم بالخسة والنذالة وغياب الرجولة الحقة والطبع السوداني الانساني النبيل!، ورغم ذلك يجب أن نحكي وقائع ما جرى من تعذيب وتنكيل لشخص الشفيع دون تهويل أو تزويقات لنحسن بها طلب التضامن وشحذ المزيد من الادانات، لأن ما وقع كما سبق وأن أشرنا يكفي وحده للعجب العجاب!
إن الحديث حول أن شهيدنا الباسل سيق إلى المشنقة (وهو نصف حي وأن رأسه قد شج إلى نصفين بعُقب بندقية!) لا أساس له من الصحة بتاتاً! حيث أن الشهيد ورغم كل ما وقع عليه من تعذيب وتنكيل إلا أنه حرص على أن يكون رابض الجأش موفور الشجاعة وسط زملائه المعتقلين من المدنيين والعسكريين في ذلك المكان الرهيب ليستمدوا منه الثبات وهو ما تم بالفعل، بحيث أننا لا نجد ونحن نقلب أوراق السيرة الذاتية لأحداث 19 يوليو ولو شاهد ملك وحيد خان أو وشى برفاقه في لحظة إنهيار أو وجل!.
ما جرى في واقعة تعذيب الشفيع بواسطة أبوالقاسم محمد إبراهيم وزبانيته هو كما يلي حسب رواية شهود عيان عدول:-
*( كان القصف ضحى يوم 23 يوليو قد همد نوعاً ما في منطقة القصر الجمهوري بالخرطوم على شاطئ النيل الأزرق، والقيادة العامة على التخوم الشرقية بين المدينة وضاحية بري، وكانت الهواتف تتبادل الأخبار والشائعات عن الانقلاب المضاد الذي عاد النميري وسط ملابساته الغامضة إلى السلطة، عندما انحنى الشفيع يسرح عينيه بحنان في وجه طفله النائم أحمد، ويخاطب زوجته المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم، عضو لجنة الحزب المركزية ورئيسة الاتحاد النسائي السوداني، والتي كانت ما تزال في طور النقاهة بعد عودتها للتو من رحلة استشفاء خارج البلاد، قائلاً:
:- فاطمة.. دا يوم الامتحان العسير، نميري ما حا يسيبنا، لكن مهما حصل ما حانفشي أسرار الحزب!
فعلق شقيقه د. الهادي الذي كانوا قد انتقلوا من مسكنهم في ضاحية بري مع بداية الأحداث مساء 19 يوليو إلى مسكنه في شارع (1) بمنطقة العمارات بالخرطوم قائلاً:
:- ولكن ماذا فعلت أنت حتى يستهدفك النميري؟!.
راحت فاطمة تتأمل مغزى كلمات الشفيع، على حين التفت هو إلى شقيقه طالباً منه اصطحاب فاطمة والطفل بعربته إلى منزل أسرة فاطمة بحي العباسية بأمدرمان، وبدا مصراً على قراره. وقبل أن يتحركوا بدأت أجهزة الراديو والتلفزيون تبث قرار النميري بتجريد الشفيع من وسام النيلين الذي كان قد قلده له العام الماضي في إثر نيله وسام لينين في ذكراه المئوية من الحكومة السوفيتية، مما يعني أنه يتربص به الدوائر ويضمر له الشر!.
كان محمد عبد الغفار قد حضر وقتها مسرعاً بعربته لتحريك الشفيع إلى مكان آمن أعده الحزب لاختفائه، لكن الشفيع رفض ذلك قائلاً بهدوء : إذا لم يكن من الاعتقال بد فإنه يفضل أن يتم ذلك من مكتبه بمقر اتحاد العمال، ولذا فسوف يتوجه إلى هناك فوراً! في تلك اللحظات وصل أيضاً المقدم أحمد عبدالله حريكة،أحد المشاركين في الحركة، وترجل من عربته العسكرية شاهراً مسدسه وقال للشفيع إنه جاء خصيصاً لحمايته، وأنه سوف يطلق النار على أي شخص يقترب منه! على أن الشفيع رفض ذلك أيضاً بقوله للمقدم حريكة:
:- ولماذا تطلق النار على أشخاص من المحتل أن يكونوا أبرياء؟! ثم أخذ منه المسدس ووجه محمد عبد الغفار بأن يصطحب حريكة بدلاً منه إلى مكان الاختفاء الذي أُعد له!.
***
إستقل الشفيع عربة أجرة وطلب من السائق التوجه به إلى اتحاد العمال. لكن ما كادت العربة تقطع مسافة قصيرة حتى أُوقفت عند واحدة من نقاط التفتيش الكثيرة التي كانت قد وُزعت وقتها في كل مكان، حيث أُلقي القبض على الشفيع، ونُقل على عجل إلى حراسة الشرطة بالقسم الشرقي جوار النادي الأمريكي. وهناك وجد المقدم حريكة الذي تم اعتقاله أيضاً قبل قليل. فجأة وبينما كانا جالسين على الأرض، دخل ، كما العاصفة، علي حسين اليماني، أحد ضباط الصف الذين تمت ترقيتهم استثنائياً و اتخذهم الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم بطانة له بسلاح المظلات. ودون أي مقدمات وجه اليماني إلى وجه الشفيع صفعة قوية أسقطت عمامته.. وخرج! إنفعل حريكة وهاج هياجاً شديداً، لو لا أن الشفيع أمسك به مهدئاً، وقال له: :- ما تنزعج، أنحنا زي ده متعودين عليهو، لكين أديني إسمو. وأخرج من جيبه مفكرة صغيرة كتب عليها إسم اليماني قائلاً لحريكة: لو عشت حا آخد حقي، ولو مت فكلم الأخوان.
ويقول د. الهادي أحمد الشيخ إنه استطاع التعرف على ذلك الضابط فيما بعد، فقد كان قائداً بسلاح المدرعات يسكن حي العرب ويقود حافلة الآن!.
ولم يمض وقت طويل قبل أن يتم ترحيل الشفيع إلى معسكر الشجرة، مخفوراً بحراسة مشددة وكلتا يديه مرفوعتان إلى أعلى.
***
:- الشفيع وين؟!
قذف الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم، وهو في ثلة من بطانته، بالسؤال الهستيري في وجه الشفيع، وبعد سنوات من ذلك روى د. مصطفى خوجلي لدكتور الهادي أحمد الشيخ تفاصيل تلك الواقعة وكل ما جرى للقائد العمالي التاريخي بمعسكر الشجرة.
رد الشفيع قائلاً بثقة:
:- لا أعرف .. بشرفي لا أعرف!
فصفعه أبو القاسم حتى طارت عمامته، وانفجر صارخاً في وجهه:
:- إنت عندك شرف؟!
ثم انهال عليه باللكمات والركلات في كل جزء من جسده، تعاونه في ذلك بطانته التي جر أفرادها الشفيع إلى مكان بعيد، حيث تولوا ضربه ضرباً مبرحاً، مركزين على أجزاء حساسة من جسده، على مرأى من د. مصطفى الذي واصل روايته للهادي قائلاً:
:- للأمانة نميري خرج من إحدى الغرف وتساءل: إيه البيحصل، فقالوا له: دة أبوالقاسم بيضرب في الشفيع، فالتفت نحو زين العابدين قائلاً: روح وقف الحكاية دي، وجرى زين العابدين، وبالفعل أوقف عملية الضرب!.
تم نقل الشفيع إلى حجرة بها عدد من المعتقلين كان من بينهم حامد الأنصاري الذي روى للهادي، فيما بعد، أن الشفيع عندما أُدخل إليهم كان مضرجاً بالدم، مثخناً بالجراح، ورغم ذلك شرع في تنظيف الغرفة عندما رأى أنها متسخة، قائلاً للمعتقلين: إن بقاءنا فيها قد يطول! وفي صبيحة الأحد استيغظ، وأخذ حماماً، ولبس جلباباً آخر ما لبث أيضاً أن تلوث بالدم، وأخبر المعتقلين وهو يجاهد ليحافظ على ابتسامته: عذبوني .. أبو القاسم وجماعته، لكين المعنويات عالية، وأنا ما متوقع شئ غير الاعدام، وقد رد عليه بعض الضباط المعتقلين: طبعاً إنتو ما ليكم دخل بكل الموضوع دا وما حا تجيكم حاجة، فرد عليهم بقوله: يا أبنائي نحن من سنة 1948م نتوقع الموت في أي لحظة، ولو متنا الحياة حتمشي ( ...) نحن لم نرتكب خيانة ضد الوطن وشعبه، وقفنا مع التقدم ومصالح الناس، وإذا رحنا المهم أن يحافظ الناس من بعدنا على التنظيمات الجماهيرية التي اشتركنا في بنائها مع آلاف الناس، وكان قد أخبر المعتقلين بأن معاوية إبراهيم سورج قد جئ به للمحكمة كشاهد اتهام ضده.
لم تكن فاطمة التي استقرت بمنزل أسرتها بحي العباسية بأمدرمان تعلم شيئاً عن مصير زوجها حتى اللحظة التي حضر فيها إليها شقيقها الشاعر صلاح لينقل إليها متردداً، وبصعوبة، أن أحمد سليمان اتصل هاتفياً قبل قليل من معسكر الشجرة، وقال إن الشفيع يواجه حكماً بالاعدام، مقترحاً أن تحمل فاطمة ابنها أحمد وتحضر لمقابلة النميري كي تسترحمه للابقاء على حياة الشفيع! إنفجرت فاطمة، كما توقع صلاح تماماً، وردت بحزم، وهي لا تدري أتبكي على الشفيع، في تلك اللحظة، أم على الاهانة التي يريد أحمد سليمان أن يلحقها به وبها وبطفلهما مدى الحياة: دع أحمد سليمان ينقل للنميري أن الشفيع لم يرتكب جرماً حتى تعدمه.. وأن فاطمة لن تقف أمامك ترجو رحمتك على الشفيع حتى لو قطعته إرباً إرباً أمامها!
***
:- ياالشفيع لسع ما قرينا عليك بيان الحكم!
وجه حكمدار سجن كوبر حديثه إلى الشفيع حين رآه يتوجه مباشرة، وبمجرد إنزاله من المصفحة العسكرية التي نقلته من معسكر سلاح المدرعات بالشجرة إلى سجن كوبر، ودون حتى أن ينتظر معرفة الحكم الذي صدر ضده، نحو ( الميزان ) المخصص عادة لوزن المحكومين بالشنق حتى الموت! فرد الشفيع على الحكمدار بأنه متيقن من الاعدام! ثم أضاف قائلاً: هذه أقدارنا، رغم أننا ظللنا طوال حياتنا ننادي بالتطور السلمي، وسلاحنا هو الكلمة والاقناع!
هز ثبات الرجل غير العادي حكمدار السجن، ولكنه أيضاً خفف من حرجه شيئاً، فسأله بصوت متهدج إن كانت لديه وصية، فأجاب قائلاً : قولوا لأخواني وأخواتي وأهلي، ولكل الزملاء والأصدقاء والمعارف، أن يصفحوا عني إن أسأت لأحدهم أو أخطأت.. ثم ما لبث هتافه أن تصاعد، وهو يخطو نحو غرفة التنفيذ، بحياة الشعب والوطن والحزب!.. وهنا قال له عم ميرغني: ياالشفيع إنت تحدثت في السياسة كتير، حسع قول حاجة لربك، فرد عليه الشفيع قائلاً: يا عم ميرغني أنا صليت ركعتين قبل أن أجئ إلى هنا.. بعد ذلك أخذ في ترديد الشهادة ثلاث مرات .. وقال : طيب مع السلامة.. وانتهى كل شئ في يوم السادس والعشرين من يوليو!)
* لمزيد من التفاصيل أنظر كتابنا ( عنف البادية، وقائع الأيام الأخيرة في حياة عبد الخالق محجوب، د. حسن الجزولي، تقديم د. محمد سعيد القدال، منشورات مدارك)
|
Post: #10
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: أبو ساندرا
Date: 07-21-2009, 06:52 AM
Parent: #9
Quote: يقول عبدالخالق محجوب وهو يرد على الاتهامات .. ( أما فيما يتعلق بمقتل الضباط والجنود .. فأن الامر يبدو متعلقا بما حدث آنذاك فى بيت الضيافة وقال ان ذلك الحدث مفهوم ومعلوم .. ولا دخل لنا فيه .. وقال ان كل مافى الأمر انها تهمة يريدون الصاقها بنا للقضاء علينا ) |
وحتى الأمس القريب في برنامج { متابعات } الذي يعده ويقدمه الطاهر حسن التوم في قناة النيل الأزرق ، حاول طاهر أن يلصق التهمة تارة في الحزب وتارة أخرى في الحرس وكانت اسئلته ومقاطعاته تشي برغبة طاهر التوم في ذر الرماد في عيون الحقيقة
|
Post: #11
Title: Re: 19 يوليو 1971 وقائع النحاكمات وحمامات الدم
Author: بدر الدين اسحاق احمد
Date: 07-21-2009, 10:05 AM
Parent: #10
سيد البوست ..سلام
بالله عليك الله هذا الكلام يمكن ان يدخل راس اى انسان ...
والله هــى صــدفه لكنها بتاعة وردى (( صــدفــه ))
Quote: قال رئيس المحكمة فسر لنا يا عبدالخالق لماذا تم الانقلاب بعد هروبك مباشرة ؟ اليس الذين دبروا هروبك من المعتقل هم الذين قاموا بالانقلاب ؟ قال عبدالخالق اننى وكما ذكرت ان ليس للحزب الشيوعى اى كوادر داخل الجيش وان الامر كله لا يعدو ان يكون صدفة خاصة وان اى شىء كان متوقع الحدوث |
|
|