لمسة وفاء بمرور أربعين يوماً على وفاة الخالة علوية عوض شبيكة

لمسة وفاء بمرور أربعين يوماً على وفاة الخالة علوية عوض شبيكة


07-09-2009, 04:33 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=240&msg=1247110398&rn=0


Post: #1
Title: لمسة وفاء بمرور أربعين يوماً على وفاة الخالة علوية عوض شبيكة
Author: حسن الطيب يس
Date: 07-09-2009, 04:33 AM

ذكرى الأربعين
لمسة وفاء بمرور أربعين يوماً على وفاة الخالة علوية عوض شبيكة
بسم الله الرحمن الرحيم
وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً
صدق الله العظيم
تقف الكلمات حائرة وتبهت وتتلاشى المعاني التي نستطيع ان نعبر بواسطتها
عن مدى الحزن والالم الذي نعانيه من فقد الوالده الفاضلة الطاهرة ذات
الاخلاق النبيلة والنفس النقية والروح عالية الشفافية السيدة
علوية شبيكة
ولا ادرى كيف سيطيب العيش وتستقيم الإمور ولا كيف سنستطيع ان نكمل
المشوار بدون الوالده الغالية الرائعة ماما علوية .
رحلت ماما علوية في هدوء تام يشبه هدوء نفسها النقيه .
رحلت ماما علويه بسرعه تذهل الاذهان وبقدر هائل من الامان والإطمئنان –
إطمئنان يحاكى قدر محبتها الخير كل الخير لناس كل الناس .
رحلت ماما علوية وخلفت ورائها الكثير من الحزن والحكمة والعديد من القيم
السامية والاخلاق الفاضلة التى يجدر بالمرء أن يتوقف عندها ويستمد منها
شعاع من الحق يعينه في مسيرة هذه الحياة الدنيا والتى هى بمثابة إمتحان
عسير وعسير جداً .
الاخ العزيز جداً ياسر عز الدين مكى شبيكة وكذلك الاخوين الشقيقين
العزيزين جداً المعز ومكى الجمري ابونوره تحدثوا عن الفقيدة بكل الصدق
والامانه وبكم هائل من المشاعر النبيلة الدافئة وبقدر وافر من الشفافية
وفي الواقع لم يتركو لى مساحة للتحدث عن الفقيدة ومآثرها ولكن تبقى هنالك
صفات نادره ذات معاني ودلالات اتوقف عندها قليلاً
الخاله علوية كانت تتمتع بصفات قلما تجتمع في شخص واحد ، كانت توصف
بالهدوء والحكمة والوعى والصبر والمحبه والعفو والشهامة والكرم والذوق
الرفيع ولكنى كما ذكرت اتوقف عند بعض الخصائص النادره :-
اولاً المحبة الصادقة المبرأة من الزيف والنفاق والمنفعة لكل الناس على
إختلاف اهوائهم ومشاربهم
من المعلوم ان الإنسان في هذه الدنيا يتدرج في محبته للاخرين ويتفاوت في
مدى تعلقه بالناس وهل يعقل آن يجتمع حب الناس كل الناس في قلب واحد ؟
ماما علوية كانت تحمل في قلبها الحب كل الحب نفس الحب لكل الناس تهتم
بقدر واحد بكل الناس وتتفقد احوال الناس جميعهم بدون فرز إبتداء من
شقيقها وشقيقاتها وابناء وبنات اعمامها وخالاتها وجميع الاهل والاصهار
والجيران والاصدقاء والمعارف بنفس القدر وبذات الدرجة كانت تتألم لآلام
الناس وتفرح لافراحهم إذا أصاب أي احد مكروه أو هم تشاطره الحزن والضيق
إلى أن تتجلى الأحزان وينكشف الضر كما تشارك الناس أفراحهم بكل التفاصيل
الدقيقة كانت واحة ظليلة وملاذ آمن يلجأ لها المرء في حالة فرحه فتشاركه
الفرح حتى يصير للفرح طعم ومعنى كما تخفف عن الشخص ضيقه وكدره حتى يطمئن !
تُرى من يخفف عنا عميق فقدك يا ماما علوية ؟
ثانياً : العفو كانت تحمل قلباً نظيفاً لا يعرف الحقد طريقاً إليه أبداً .
كانت ماما علوية تمتلك قدره عجيبة في العفو عن الناس وتجاوز زلاتهم
وغفران أخطاءهم ومهما كان الجرح عميقاً وأيً كانت حدة الموقف فقدرتها على
العفو أجل وأعمق وتحتوى كل المواقف ، كانت لها قدرة غريبة ومذهلة في
نسيان أخطاء الآخرين بل والإحسان إليهم إذا دعت الضرورة .
ثالثاً : لم يجد النفاق طريقاً إليها أبداً قد ينافق الإنسان في هذه
الدنيا للحصول على مصلحة أو لكسب ود الآخرين او لمجاملة البعض الآخر على
النقيض تماماً كانت ماما علوية ، فعلاقتها بالآخرين كانت نظيفة لا تشوبها
أي شائبة من شوائب النفاق ولا تمت المصلحة إليها بصلة كما كانت لا تجامل
عند الخطأ فعندما لا يعجبها موقف او سلوك فهي لا تجرح الآخرين بل كانت تلوذ بالصمت .
رابعاً: لم يجرى الكذب على لسانها أبداً، فقد يلجأ الإنسان للكذب كي يدرء
عن نفسه خطراً ما أو للخروج من مأزق حرج أو لمجاملة الآخرين أو لتجميل
بعض الزوايا القاسية في هذه الحياة عكس كل ذلك كانت ماما علوية فهي لم
تتفوه بكذبة قط في حياتها ... نعم لم تكذب أبداً ولو على سبيل المزاح أو
الدعابة ولا عن طريق الخطأ كانت صادقة كل الصدق ، صادقة بكل ما تحويه هذه الكلمة من ابعاد ومعاني كانت صادقة مع نفسها وفي توجهها نحو الله وفي
علاقتها مع الناس ولمسألة الصدق هذه طرفة في حياة الخالة علوية ، قبل أن
اسوقها لابد من أن نلقى قليل من الضوء على حياة ماما علوية مع زوجها طيب
الذكر المرحوم الوليد مكي شبيكة وهو الإبن الثانى للمرحوم البروفيسور مكي
شبيكة وقد تقلد العديد من الرتب في الشرطة وكانت رتبته في ذلك الوقت هي
حكمدار البوليس ، الخال الوليد أو بابا الوليد كما كنا ندعوه دائماً كان
فلته من فلتات الزمن كان طيب المعشر، حلو الحديث يحسن وفادة الآخرين
مضياف وكان منزله مفتوح لجميع الاهل والجيران والاصدقاء على إختلاف
درجاتهم وطبائعهم ، والخال له معرفه عميقة بأصول العوائل السودانية
وتاريخها القديم والحديث كان الخال يجمع مابين الأصالة والحضارة وله
علاقة جيدة مع غالبية أفراد المجتمع إن لم نقل كلهم وكان محبوب من الجميع
رغم حدة لسانه فقد كان الخال يمتلك لساناً حاداً لم ينجو منه احد تقريباً
لا صغير ولا كبير ولا غنى ولا فقير وكان كثير الدعابة والمرح ، الخال الوليد
كان دعامة من دعامات المجتمع وركن من أركان صلة الرحم .
تزوجت الخاله علوية من إبن عمها وخالتها الوليد في العام 1958م بمنزل
جدها محمد شبيكة بام درمان والذي كنفها بعد وفاة والدها عوض شبيكة ،
والسيد محمد شبيكة من رواد التعليم في السودان ومن أوائل المعلمين في
القرن العشرين والخال الوليد والخالة علوية كانا يذكران دائما أن الجد
محمد شبيكة يحظى بعقلية فريدة وصاحب أفكار متجددة وبناءة ورغم انه كان
رجل علم ودين متشدد إلا انه كان صاحب روح معاصره فقد قام بتجهيز الخالة
علوية بأرقى أنواع الجهاز من غرف نوم وسفره وجلوس وكل التفاصيل الدقيقة
من ارقى الاماكن داخل البلاد وخارجها كما غادر المنزل مدة سبعة ايام وهى
ايام العرس في ذلك الزمن حتى يترك المساحة للشباب وأفراحه . والخال
الوليد يردد دائماً ان زواجه كان مهرجان حيث حضرت فرقة غنائية من الحبشة
إلى جانب الفرق المحلية وكان دائم القول للأجيال اللاحقة بأن زواجه من
الخاله علوية كان زواج محبة سامية ورغبة أكيدة ولم يكن زواجها تقليدياً
كزواج غالبية الناس في ذلك الزمن .
الخاله علوية مع زوجها الوليد كان كل منهما يُكمِّل الآخر وكانت حياتهما
مثل رائع للحياة الزوجية المستقرة والسعيدة بكل ما فيها من ود ومحبة
وإحترام إلى آخر العمر ، كانا يمتلكان أسلوب متميز في إقامة العلاقات مع
الاصدقاء أسلوب طابعه البشاشة والكرم والوفاء لذلك دامت علاقتهما مع كل
الاصدقاء إلى آخر العمر ، كان لهما ذوق رفيع في تجهيز المنزل بأرقى
المقتنيات الثمينة من أثاث وتحف وفرش إلى جانب أرقى وأجمل الملابس
والثياب النسائية الفاخرة من باريس ولندن وكانت تُعرف الخاله علوية في
ذلك الزمن بأنها من أكثر أفراد المجتمع أناقة وهندام .
والخال الوليد والخالة علوية كان لهما فن خاص في إعداد الطعام وعمل
الوجبات الجميلة الفاخرة وكان منزلهما بكلٍ من أم درمان و ملكال وكسلا
والفاشر دوحة ظليلة لكل الاهل والاصدقاء فكم من ليالي عشاء فاخره أقيمت
وكم من وجبات غداء ممتدة لكل الناس دون فرز وكان منزلهما في ملكال وكسلا
والفاشر قبلة لكل الموظفين وكان الجميع يسمى الخال و الخاله بأنهما زينة
المجتمعات وزينة المجالس وان المجلس ليس له طعم ولا يكتمل إلا بوجودهما .
نأتي إلى صدق الخالة علوية والذي له العديد من الطرائف أسوق على سبيل المثال احدها :
أثناء تجوال الخال و الخاله في أنحاء السودان المختلفة قاما بإحضار كمية
من الأخشاب النادرة إلى العاصمة وبعد الإطلاع على الموديلات في المحلات
العالمية أوكلا مهمة عمل أثاث المنزل لأحد أبناء الاهل من الكاملين وكان
يقيم معهم بالمنزل في ام درمان وهو مأمون خلف الله ، ومأمون كان ماهر
جداً في عمل الأثاث فكان أن أبدع في صنع أثاث جميل ومتميز للخال والخالة
في ذلك الزمن ، ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي والخال الوليد صاحب
مقالب مع الاهل والاصدقاء وبالطبع مع ماما علوية ، وعند زيارة الاصدقاء
لمنزل الخال والخالة قبل السلام كانوا يستفسروا عن مصدر الأثاث يجيبهم
الخال بأن الأثاث احضره والده مكي شبيكة من ايطاليا أثناء سفره إلى أوروبا
وكلما يأتي فوج من الاصدقاء ويسأل تهرب الخاله علوية إلى المطبخ وتتشاغل
بإكرام الضيوف هرباً من الإجابة ويجيب الخال نفس الإجابة الأثاث من
ايطاليا والاصدقاء مكتوون من نيران مقالب الخال ومن لسانه وكان دائماً
يذكر لأصدقائه من أفراد الشرطة وغيرهم بأنه تربّى في منزل والده بروفيسور
مكي شبيكة بالحي البريطاني وان المنزل كان به حمام سباحه وحديقة وانه درس
بالمدارس الأجنبية ، الكمبوني ويقول لهم من منكم حُظي بذلك في أربعينات
القرن ولحظ الخال العاثر في هذه المرة كان ان حضر بعض الاصدقاء للمنزل في غيابه وعند سؤال الخاله علوية التى لا تعرف الكذب ولو حرصت كان ان أخبرتهم بحقيقة الأمر أي مصدر الأثاث وكان أن سرى الخبر لكل الاصدقاء سريان النار في الهشيم واتفق الاصدقاء على رد المقلب للخال وفي ليلة من ليالي أم درمان الهادئة الجميلة في ذلك الوقت وفي منزل احد من الاصدقاء وهو من الاهل السيد محمد الطيار وزوجته أم سلمه الطيب شكاك بدأ الاصدقاء في
الإطراء على الخال وذوقه وعلى أثاثه المستورد من ايطاليا وانتشى الخال
وإنتفخت أوداجه فما كان من احد الاصدقاء إلا ان بادر الخال قائلاً جميل هو
الأثاث المستورد من ايطاليا عن طريق ميناء الكاملين واسقط في يد الخال
الذي علم بآن الخاله علوية كعادتها لا تعرف الكذب وأنها أفشت السر فما كان
منه إلا انه صاح قائلاً ان شاء الله تدخلي الجنة يا علوية يا صديقة مع
الصديقين والشهداء .
وصاح قائلاً :
تضربوا عربية الذي يعطى سره لعلوية تضربني عربية ما أعطى سرى لعلوية
تضربني عربية ما أمشي لعلوية وظل الخال يردد العبارة السابقة طوال
المسافة من منزل محمد الطيار بالثورة إلى منزله بالهاشماب ومعه الاصدقاء
ويتوعد الخالة بالثبور وعظائم الأمور وما أن دخل المنزل وأطلت الخالة
علوية بوجهها الطيب وسحنتها الجادة وبشاشتها المعهودة وقف الاصدقاء كي
يشهدوا الويل والوعيد ولكن عندما نظر الخال إلى الخالة ذات النفس النقية
الصافية صاح قائلاً اشهد الجميع بأني لا أساوى شيئاً في هذه الدنيا بدون
إبنة عمى هذه ، وضج الجميع بالضحك وقالوا للخال أين الوعيد يا سيادة المقدم.
ألا رحم الله الخال والخالة رحمة واسعة واسكنهما فسيح جناته وتجاوز عن
سيئآتهما وزلاتهما .
ألا رحم الله الخاله علوية بقدر ما قدمت وبقدر ما أعطت وبقدر ما صبرت .
تمر الأيام وتمضى السنين وتدور الحياة دورتها وتستأنف الدنيا مسيرتها دون توقف – ويبقى الحزن عميقاً ويبقى المكان شاغراً يا ماما علوية.
إنا لله وإنا إليه راجعون
لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم
الحمد لله رب العالمين
الفاتح التجاني









Post: #2
Title: Re: لمسة وفاء بمرور أربعين يوماً على وفاة الخالة علوية عوض شبيكة
Author: حسن الطيب يس
Date: 07-09-2009, 04:37 AM
Parent: #1

الف رحمة عليها

Post: #3
Title: Re: لمسة وفاء بمرور أربعين يوماً على وفاة الخالة علوية عوض شبيكة
Author: Amin Mohamed Suliman
Date: 07-09-2009, 04:39 AM
Parent: #2

أحسن الله عزائكم يا حسن ، و أسال الله أن يتقبلها قبول حسن و أن يجعل الجنه مثواها .