|
هُدنـــة .... !!!
|
إلتقيا في زحمة الحياة ، ضبط نفسه متلبسا بنزوع مبهم تُجاهها ، كانت جنوبية فاحمة
بلون الأبنوس ونفوذه ، وكان شماليا بلون الصحراء وعطشها ، إكتشف فيها تلك الخصوصية – شيئا لا مرئيا يهزه كقرع طبول إفريقية في غابة مترامية الأطراف ، كانت تدرك أن الشماليين ليسو محض غزاة ، ولكنّهم – في الوقت نفسه – ليسو ملائكة ، وأن الله لم ينصبهم سلاطين وأوصياء على الجنوبيين ، كان يعي بنفس الحجم : أن ذلك الجفاء التاريخي بين الطرفين وراءه الكثير من الرواسب والإنطباعات المسبّقة المغلوطة ، وأنّ
الجنوبيين ليسو هم بالضرورة الأعداء الطبيعيين لسلامة الإنسان ، أقترب منها ، اشتّم
فيها رائحة الأدغال ، رآها طاغية في جمالها كشمسٍ إستوائية سألها بفضول : = نج تُونق كوجا أول ( هل تتحدثين رطانة دينكا بحر الغزال ) + إلتفت نحوه مذعورة ، كيف أ ستطاع أن يمتلك أشياءهم ، أجابته : أنجيـش ( نعم ) وأنحسرت سريعا عن شفتيها الممتلئتين تلك الإبتسامة المختصرة . = مادوشِيباك ( صباح الخير ) . + أشِنكراى ( شكرا ) . = ينا فُول قُوب ( كيف حالك ) ، كُوش فندُون آفول ؟ ( هل ألأهل بخير ) . + آفول فد أشنكراى ( الجميع بخير ) . = يى يِنقا ؟ ( ما أسمك ) ؟. + يانا شول ماري ( إسمي ماري ) . = آى منْ أبون ؟ ( هل أنت طالبة ) ؟. + أنجيش . = إيْنا قيت تُنو ؟ ( ماذا تدرسين ) ؟. + أنا قيت كمبوني ( أدرس كمبوني ) . = واتير أنا رير جنوب ( كنت في الماضي في الجنوب ). + جنوب ألنِقو ؟ ( أى منطقة في الجنوب ) . = أنا رِير بانتيو ( كنت في بانتيو ) . + فندُون كُو ؟ ( أين تسكن حاليا ) ؟ . = فندا أرارْ شندي ، يانا شُول أحمد ، ( أسكن شندي ، وإسمي أحمد ) .
وامتد الحوار كان يعرفها منذ أن كانت طفلة تجري بقدميها المتشققتين تحت أشجار المهوقني ، وكانت تشعر بشئ من الإرتياح ، لقد وجدت أخيرا من يهمه أمرها ، وتساءلت : كيف يتحدثون عن التعالي والتمييز اللوني عند العرب ، نظر اليها فرآها شامخة مثل جبال ( الأماتونج ) عجبا ، كيف يجزمون أن هناك ميلا طبيعيا للإحساس بالتضاؤل والتقزُم عند الأفارقة ، أخبرته أن والدها راحة ضحية للحرب ، أخبرها أنه فقد رجله أيضا في نفس الحالة المجنونة التي يلقبونها بالحرب ، استند عليها ومضى بخطواتٍ مختلة قليلا ، أدركا سويا أنه لابد من تشريح جسد هذا الوطن المريض ، وبين المشارط و( الكلوروفورم ) أجريا جراحة عاجلة ، ووجداه متفسّخا في نسيجه ويعاني الإنيميا، تساءلا سويا : لماذا يعيش الجميع بين المطرقة والسندان ، هذا الوطن يماهي باقة من الزهور المتنوعة – بألوان السودانيين جميعا – وأيقنا معا أن الأمر لا يتجاوز أن يكون مشكلة ثقافية ، عُقدة غير مبررة من فكرة الآخر ، وافترقا ، غابا في زحمة الحياة ......
التحية للأخ الدكتور /مُعاذ عبدالرحمن مصطفى فالتوقيع والإهداء له ،، والتحية لكل أصدقائي من الجنسين !
محبتي ,..... وصال عالم
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: هُدنـــة .... !!! (Re: مدثر محمد ادم)
|
Quote: الرائعة وصال سلامات
جميلة كتابتاتك تحمل عبق التنوع والسلام
وجيك راجع
وتسلم حروفك |
تسلم مدثر يارب !
من منا لا يريد السلام والإستقرار في هذا البلد ؟؟!!
من منا من لايريد التمازج والتعايش ؟؟!!
أتمنى أن يسود السلام والإستقرار ربوع السودان الوطن القارة !
محبتي ..... وصال عالم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: هُدنـــة .... !!! (Re: وصال عالم)
|
الأخت وصال السلام عليكم ورحمة الله ...المدخل الحواري درس مجاني لمفاتيح التحاور الحسي والنفسي بين القطبين الشمال بالمعنى الواسع للسودان الإنسان والتنوع ..والجنوب الجغرافي بالمعنى المقصود ..فالكل يحمل في دواخله ( الوحدة النفسية ) ..رغم اختلاف اليد واللسان ...تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
|