Post: #1
Title: فانتازيا تاجوج .. الابداع والثوره
Author: أحمد طه
Date: 06-28-2009, 01:11 PM
لأننا نلنا استقلالنا على طبق من ذهب، تعاملنا معه كذكرى عابرة، واحمد الله بأني لا زلت أحرص على رفع علم السودان القديم (كأضعف الايمان) في سارية انجزتها خصيصاً لهذه المناسبة السنوية على بوابة منزلي بكسلا.. يرفرف فيها العلم (حولاً) كاملا حتى يبلى و(تدقو المطرة).. ويلفحه (الصهد) حتى تبهت ألوانه الثلاثة.. وبالرغم من ان هذا السلوك يرضي ضميري الاّ انني اشعر بتجني مني على العلم.. هذا بشأن جيلي الذي لا زالت عالقة بخياله اخر أيام الاستعمار.. ولكن الألق بدأ يخفت رويداً رويداً حتى كاد ان يتلاشى ويغيب.. فانتازيا تاجوج شهدت كيف يحتفل الاريتريون بعيد استقلالهم (التحرير) يحتلفون قبل العيد بأيام ويرقصون ويهزجون حتى شروق الشمس ويتفننون في الكرنفالات التي كادت ان تنقرض من أعيادنا الوطنية، والعلم الإريتري يزين الشوارع والأشجار والنوافذ وواجهة المحلات وزجاج السيارات.. يتوافدون زرافات ووحداناً نحو الاستاد يحملون الأعلام الورقية الصغيرة ليشهدوا إحتفال العام بالتحرير. في كل عام ابداع جديد.. لوحات خلفية.. وتحريك المجموعات وأعمال درامية استعراضية.. وكان العرض الرئيسي لإحتفال هذا العام من (فانتازيا تاجوج) نصبوا أشجار الدوم والفرقان على ارضية الاستاد يحملون الاعلام الورقية الصغيرة ليشهدوا احتفال العام بالتحرير. في كل عام إبداع جديد.. لوحات خلفية.. وتحريك المجموعات وأعمال درامية استعراضية على ارضية الاستاد بسرعة فائقة.. وبدأ الاستعرض الدرامي الغنائي الراقص.. وكانت (البداويت) تنداح غناء (ورقصاً).. هي نفس لغة البجا وذات الغناء ولكن اللوحة هناك تنضج بالحيوية.. وعندنا تذبح على خشبات المسارح وشاشات التلفاز برقص رتيب وحركات مكررة، في دائرة ضيقة تخنقها ازياء المشروع الحضاري. وشاهدنا مباراة في كرة القدم بين الجمال والثعالب يحكمها ملك الغابة وسيدها الجائر ورغم ظلمه انتصرت الجمال وهربت الثعالب والأسد من الملعب يجرون أذيال الهزيمة وكان عملا مفعماً بالرمزية لعبت الأزياء فيه دوراً هاماً بحبكة درامية متقنة. في مشهد أخر كان القلب القرمزي الضخم هو عنصر الديكور الرئيسي إلتف حوله المغنون وتبادلوا الغناء بعاطفة مشبوبة بحب الوطن الذي يسكن القلوب، وادمى المغني الشعبي المحبوب (ولد قبرو) القلوب والمآفي ببكاء حقيقي، وكادت ان تخنقني (العبرة) رغم عدم معرفتي بالتيقرنجا ولكني لمست معنى الغناء في وجوه الناس من حولي وفي عيونهم الدامعة. وفي تنهد مقاتلة عاصرت ايام النضال كانت بين الحضور تشهد الإحتفال بالذكرى الثامنة عشر للتحرير.. المرأة الاريترية (حديدية) و(ذهبية) يحفظ لها التاريخ دوراً بارزاً في الثورة حتى انتصرت. سبعة أرواح للثورة الاريترية (سبعة أرواح) هي: الايمان بالوطن، الإقدام الإصرار والروح الرابعة كانت المرأة، اما الأخريات هم الجمل، والشِدّة، والإبداع، إتخذوا من الجمل رمزاً وشعاراً للدولة رغم انه لا يعيش في المرتفعات ولكنه لعب دوراً مهماً في إنسياب الإمداد وإخلاء الجرحى وتحميل الذخائر وسحب المدافع مما قاد الثورة لدخول أسمرا ظافرة. أما (الشدّة) هي حذاء (شبط) بلاستيكي إنتعله المقاتلون طيلة فترة النضال طووا به الارض في الجبال والسهوب والوديان فوقاهم شر لهيب الشمس وقسوة حجارة الجبال ورمال القاش وبركة، صنعوا له (لطاش) وهو قطعة من قماش البل يلفونها حول اسفل الساق للوقاية في الأحراش من الهوام والشوك والحجارة، وكانت الشدة أيام النضال تصنع محلياً في مصانع داخل الكهوف في الأراضي المحررة. بعد ان تبلى ينزعون عنها (الابزيم) المعدني ويعيدون صهرها وتدويرها وتصنيعها مرة أخرى.. أكرموها وجعلوا لها مجسماً ونصباً تذكارياً ضخماً في قلب اسمرا. شاهدت الرئيس الاريتري الاسبوع الماضي في لقاء تلفزيوني مع إحدى الفضائيات الافريقية وهو بكامل هندامه واناقته وهو يحتذي (الشدة).. صنعتها شركة باتا ودفعت بها إلى سوق الحذاء السوداني في بداية الستينيات.. كنا نكمل بها زينا المدرسي في المدارس الوسطى الذي كان يتكون من جلابية (بيضا مكوية) وعمامة يلفونها لنا في البيت ونحرص عليها حتى نعود اليه.. وشدة كادت ان تصبح (بروة) من الغسيل اليومي.. كان ثمنها 49قرشاً، ولم ادري حتى الآن سر (التسعة) في اسعار شركة باتا التي دائماً ما تنقص قرشاً واحداً ولا تكمل الرقم. الابداع والثورة الفن هو سابع أرواح الثورة ولم تفلح أصوات الدانات وزخات الرصاص في حجب أنفاس الابداع، إذ شهدت الكهوف الواسعة في الاراضي المحررة مهرجانات للثقافة شارك فيها كثير من المبدعين السودانيين منهم عادل القصاص وعوضية يوسف والتشيكلي عبد الله محمد الطيب وغيرهم.. كانوا يلبون دعوة المشاركة تحت ظروف قاسية.. مهددة بقصف الطيران وويل الحرب.. وشارك كثير من المبدعين السودانيين كجنود في الثورة منهم الجيفاري المبدع الأستاذ ادريس عوض الكريم والتشيكلي الطاهر بشرى وتاج الدين نور الدايم وصديقنا الصحفي عبد المنعم رحمة والأديب بابكر عوض الكريم، وكان بين جنود الثورة مبدعون اريتريون، نشأوا وترعرعوا في السودان وتشربوا بالثقافة السوادنية أمثال الشاعر المبدع محمد محمود الشيخ (محمد مدني) وأشقاوه المبدعين الراحلين عمار وحطيم.. لله درهما وهما في رحابه، التقينا والدهم الصابر في منزل توتيل وهو أكثر إيماناً بالثورة.. وبالوطن. ومن هؤلاء ايضا، المبدع ذو الاصول الاريترية خالد محمد طه الذي لم يفارقنا في أسمرا وكان خير رفيق خلال زيارتنا والذي لم يزل يؤدي دوره المنوط به. رتل طويل من المبدعين الأريترين ساهموا بإبداعهم من خلال الفرقة الفنية لجبهة التحرير الإريترية التي طافت مدن السودان نذكر منهم المغنين تخلي كئيل (ولد قبرو) الذي سبق ذكره، وبرخت منقست آب (بركات) ابرار عثمان، ارهيت عبد الله، حسين محمد علي والصوت الملائكي سهايتو برخي.. وغيرهم. لا زال صوت سهايتو يجوب دواخلي وهي تغني أغنيتها الرمزية التي تناشد فيها السيدة حنا (ويزرو حنا) وتعني بها اثيوبيا وتطلب منها تنفيذ وعدها بالإستقلال (ويزرو حنا) حبي حبانا.. هبانا.. مضت سهايتو وتركت في وجدان الشعب الاريتري جرحاً عميقاً خلفه صوتها المبحوح الذي كان يحمل بين ثناياه غلالات من الأسى والحزن. أما في مجال الشعر يعتبر شاعرنا كجراي من أهم أصوات الثورة وهو ينتمي الى أصول اريترية، اسهم بشعر غزير بعربية فصيحة وأبدع قصائد تعتبر من أهم أدبيات الثورة وهنا يبرز صوت محمد مدني والتيجاني دفع السيد ومحمد الشيخ، اما الشعر المكتوب بالتيقرنجا، نذكر الشاعر نيقوسي هايلي منسيي. وكان للجبهة الشعبية فرقها الفنية التي كانت تقدم إبداعها للمقاتلين في الميدان وكانت ذاخرة بالمبدعين الذين لم نحظ بالتعرف اليهم ولكنهم تميزوا في إبداعهم بالثورية والتجرد.. كانت هناك فرق في الدياسبورا تجوب المهاجر وتخاطب وجدان المهاجرين وتربطهم بالوطن. عدت وفي نفسي شيء من حتى لأنني لم اذهب الى كرن وعيلا برعت حيث ينمو كل شيء.. كما لم أزُر مصوع وبحرها القرمزي ونفاسيت حيث السحب تغشى النوافذ تحمل التحية ورائحة (الطعم بنه). ////////////////////////////// خالد
|
Post: #2
Title: Re: فانتازيا تاجوج .. الابداع والثوره
Author: أحمد طه
Date: 06-28-2009, 01:46 PM
Parent: #1
فتحت هذا البوست لان بوست اسمرا الذي كان من الفروض ان يضاف له هذا الموضوع راح في حق الله
|
Post: #4
Title: Re: فانتازيا تاجوج .. الابداع والثوره
Author: عبد الناصر الخطيب
Date: 06-28-2009, 09:30 PM
Parent: #3
الجنرال / أحمد طه ------------------------------
بحضورك دوما يزدهي المكان وحينما اقرؤك دائما تلفحني النسمات الباردة من تلك البلاد العالية التي تكاد أن تكون معلقه مابين السماء والارض تعانق السحاب والجبال طيوف من حيث ما بدء لك منها مشهد
Quote: أما (الشدّة) هي حذاء (شبط) بلاستيكي إنتعله المقاتلون طيلة فترة النضال طووا به الارض في الجبال والسهوب والوديان فوقاهم شر لهيب الشمس وقسوة حجارة الجبال ورمال القاش وبركة، |
ومن منا لا يذكرها بيضاء لونها أو جاءت منها سوداوات على أخر عهدها كانت لبس طلاب المدرسة بالسودان حسب الوقت الذي ذهبت فيها لمدارس من اواخر السبعينات بوقت ما زاملها الشبط ( تموت تخلى ) ذلكم المصنوع من أطارات العربات
أخر عهدي بالسودان هذه الاشياء تلاشت ثم أصبحت نسي منسي , لا أعرف الكثير عن أرتريا وإن عرفت منها أصدقاء فلم تسعدني ظروفي بزيارتها بعد ..لكن بالتأكيد ألحظ ان التموت تخلى والشّدة بيضاؤها وسؤدوها لم تزل تنتعّل في إثيوبيا والشّدة بالذات هي لباس المزارعين التجرنجة إن ما ذهبوا للزراعة ويظل التموت تخلى أكثر إنتشار فهوا لدي سكان الارياف على مختلف قومياتهم ولهم في صنعه وعقّد سيوره طرائق
فهناك القوم وإن لم تّمن عليهم اقدارهم بالكثير تظل مهارتهم في صّنع أشياؤهم تدهش وتظل إبتسامهتم التي يقابلونك بها تثير بالنفس الكثير فما ان تّقدم عليهم بكل وقت إلا قابلوك هاشين بأشين مرحبيين وما ان تجلس حتى ياتي الطعام ... وهناك قبل القهوة لابد ان يقدم الزاد للضيف دون تقيد بمواعيد ولابد ان تجامل بأخذ لقيمات خصوصا مررت بكثيرون للسلام ولتبليغ الوصايا والامانات ... في تلك البلاد , ينكسر حاجز غربتك وتصبح واحد من اهلها دون ان تحتاج الكثير لتعرف عن أهلها يكفي معرفتك بأشياؤك ستجدها كلها بلاد وكأنك عرفتها من زمن لاتختلف إلا في اللسان , خصوصا إن جلست بأطراف دكان مرصوص شواويله ورأيت حركت الناس وسلامهم , وهزارهم مع بعضهم البعض ...ستحس إلفه لن تكون أحسستها إلا في بلادك وبين أهلك .... قصص الثورة هناك لا تختلف فقد أتي عليهم حين من الدهر عبروا فيه ليل مظالمهم على ضؤ رصاصهم ... ولم تزل ببالهم قصص يحكونها لمن يطلبها بكثير من الفخر وبقليل من المرارة واماكن لبعضهم ظلت عالقة بالذاكرة هنا أحتفلنا وهنا أطلقنا الرصاص في الهواء ويومها كانت مقدمت مسيرتهم على تخوم أديس ... طريق عبدوه بالدم والتضحيات
لم أزل أري بعضه في عيني ( ---- ) وإن تقدمت بالسن قليلا فقد كانت هي وأخوها المهاجر الان بايطاليا قد مشوا هذه المسيرة خطوة بخطوة وظل منها الكثير فيها لتحكيه كسير قديمة, بفّخر ولغة فخمة تستشعر فيها تصميم وتعالي غير خافي .. لم تزل تقاتل لكن في أتجاه أخر ... ربما المستقبل وحتى تميل الشمس للمغيب ولم يزل عيال عجاج دافوريهم بالساحة ونسوه عائدات من زيارة ضريح أو ولى أعتقدن في صلاحه أو اخريات ذاهبات ليجاملن أحداهن في دقة زار ( أمان من جن قد حَّل بها ) ورجال شعث عائدون من حقولهم يمازحون بعضهم بعض خلال وقوفهم في الدكان لشراء البن والدخان أو أخرون بالابرول من ورشهم ... وبعض صبية ينشلن الماء من البئر والتجرنجية تنساب في كل مكان تفهم ما تفّهم منها ويغيب عنك الكثير وهنا أصعب كثيرا من تجرنجية أصدقاؤك في ارتريا
لذكرهم لك ابراهيم افورقي http://www.youtube.com/watch?v=TSTpBfY8DD0
أتابعك بهتمام , فحروفك تطرب وفي ثنائها تلّوح تلك البلاد القريبة من الروّح
------------------------------------------------------------------------------- بعض الحكايات فاالكلام يجعل الكلام يستفيق وبانتظارك دوماً
=
|
Post: #5
Title: Re: فانتازيا تاجوج .. الابداع والثوره
Author: عبد الناصر الخطيب
Date: 06-29-2009, 01:03 PM
Parent: #4

***
|
Post: #6
Title: Re: فانتازيا تاجوج .. الابداع والثوره
Author: أحمد طه
Date: 06-30-2009, 12:05 PM
Parent: #5
وق علي بال مانتهي من مقال حول رحلتي الي جوبا ظهر امس
|
|