|
|
 خامنئي يحيي اليوم ذكرى قمع الداووديين في أمريكا ، فمن هم وما مغزى ذلك ؟
|
اليوم الجمعة 19 يونيو 2009م تابع العالم خطاب مرشد الثورة الإيرانية آية الله خامنئي والذي وصف مسبقا بأنه فصل الخطاب في ما يدور من مظاهرات ومواجهات تركزت في العاصمة الإيرانية طهران.
تابعت الخطاب ، كما تابعه الملايين بكل تأكيد في هذه القرية الكونية ، وتحدث مرشد الثورة الإيرانية مطولا في خطبة الجمعة السياسية ، وفي سياق حديثه وهجومه على الولايات المتحدة الأمريكية اعتبر أن تباكيها على الديمقراطية وحرية الرأي نفاقا ، وذكر العالم بما فعلته الولايات المتحدة وما زالت تفعله بأفغانستان والعراق وما تفعله إسرئيل بفلسطين ، وأعاد إلى الأذهان ذكرى الداووديين حين قال أن أمريكا ذبحت منهم 80 من الرجال والنساء والأطفال العزل . وختم المرشد خطبته بتوجيه خطاب مباشر إلى الإمام الغائب ذرفت عنده أعين الكثيرين من الحضور.
توقفت عند ذكر المرشد الإيراني للداووديين ، وتابعت كثيرا من التحليلات على الفضائيات العربية من البي بي سي إلى الجزيرة مرورا بالعربية ، واستمعت إلى الكثير من التحليلات هدفت جميعها إلى إبقاء الكرة في الملعب الإيراني لإبقاء الإيرانيين في خانة الدفاع ، وتجاهلت جميعها محاولة المرشد الإيراني تذكير أمريكا والعالم بالداووديين.
أكتب في هذه اللحظات هذه المقالة على عجل اعتمادا على ذاكرتي دون الإستعانة بمصادر الشبكة العنكبوتية التي يمكن لمن يرغب العودة إليها بعد قراءة هذا التحليل لمن يرغب في الاستزادة.
والداووديين هم طائفة كنسية تأسست على يد داعية مسيحي أمريكي سمى نفسه ديفيد قورش ، وكان ذلك حسبما أذكر في عهد الرئيس جورد بوش الأب أو ربما العهد الأول لبيل كلنتون الديمقراطي.
وإنشقاقات الكنائس في الولايات المتحدة كثيرة جدا أكثر من أن تعد و تحصى ، وكل واحدة منها تؤسس كنيستها الخاصة بها وتقدم تفسيراتها الخاصة للعهدين القديم والجديد وتجتهد في حصد الأتباع والتبرعات وتأسيس القنوات التلفزيونية ومواقع الإنترنت والحشاش يملى شبكتو وتلك هي أمريكا.
إلا أن أمر كنيسة الداووديين بقيادة ديفيد كورش أو قورش كان مختلفا جدا وأزعج السلطات ومن خلفها المؤسسة الدينية البروتستانتية المؤيدة لإسرائيل ، ولكي نفهم لماذا ، علينا أن نتوقف قليلا حتى نشرح العلاقة بين المؤسسة الدينية البروتستانتية في أمريكا (على اختلاف وتنوع كنائسها المنشقة والمتفرعة ) وإسرائيل.
تقوم هذه العلاقة على إيمان عميق من جانب البروتستانت بحتمية وضرورة قيام دولة إسرائيل وقوتها وسلامتها كشرط لعودة المسيح المخلص .
يؤمن اليهود كذلك بقدوم المسيح المخلص ويرون أن قيام دولة إسرائيل شرط لظهوره ، ومن علامات ذلك بناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى ، وفي نفس الوقت يؤمن البروتستانت بأن عيسى بن مريم هو نفسه المسيح المخلص ( الأمر الذي لا يؤمن به اليهود بل يتعبرون عيسى بن مريم كذابا مهرطقا) وأنه قام بعد الصلب بثلاث ايام وصعد وسيعود في آخر الزمان ، ويؤمن المسلمون بأن عيسى بن مريم نبي صادق وأنه لم يصلب وأنه سيعود في آخر الزمان ليكسر الصليب ويشارك مع المهدي المنتظر في القتال ضد المسيح الدجال .
تلك هذ القصة باختصار ، ونضيف إليها قليلا من التفصيل ونقول أن المسلمين السنة يؤمنون أن المهدي المنتظر حسنى النسب وأنه لم يولد أو ربما يكون قد ولد منذ أعوام معدودة ، بينما يؤمن الشيعة الإمامية الأثني عشرية أنه حسيني النسب وأنه ولد وغاب منذ عام 264هـ وسيعود في آخر الزمان.
نعود إلى ديفيد قورش ، والذي كما نلاحظ أنه سمى نفسه على كورش أحد الملوك العظام لفارس التاريخية. فما الذي بدأ ديفيد قورش يروج له وسط أتباعه ؟
أولا : بدأ ديفيد قورش يقول أن أرض الميعاد الممنوحة بموجب وعد الرب لأبناء إسرائيل ليست هي تلك الموجودة في فلسطين بل هي في أمريكا الشمالية والولايات المتحدة تحديدا ، وكان هذا أول الإزعاج ، إذ كان ذلك يعني أن كل الدعم العسكري والمادي حتى من تبرعات طلاب المدارس يصب في الإتجاه الخاطئ ، وكان هذا مصادما ومشوشا جدا على اليهود الذين وإن إختلفوا مع البروتستانت في تحديد شخصية السيد المسيح إلا أنهم متفقون معهم على أن قيام دولة إسرائيل وقوتها وأمنها ضروري لظهور المسيح المخلص ، وحين يظهر فإن الخلاف حوله سيحسم بواسطته هو شخصيا فيصير اليهود مسيحيين أو العكس.
ثانيا : بدأ ديفيد قورش يقول لأتباعه أن المسيح المخلص لن يكون عيسى بن مريم ، بل سيكون مسلما ، وأنه سيأتي من إيران !!! وكانت هذه ضربة قوية لأساس من أهم أسس الإيمان البروتستانتي ، وبرى بعض المحللين أن ديفيد قورش ربما يكون قد تأثر ببعض الكتابات الشيعية ، أو ببعض المفكرين الشيعة الذين قابلهم في الولايات المتحدة في مرحلة من مراحل تبلور أفكاره.
بدأت السلطات في مضايقة كورش وأتباعه ، وحدثت العديد من الملابسات التي يطول شرحها وهذا ليس الغرض من هذا المقال بأية حال ، وأنتهى الأمر إلى حصار عرف بحصار واكو ، فتم حصار ديفيد قورش وأتباعه في مركزهم في منطقة تسمى واكو ، وكانوا حوالي بضعة وثمانون من الرجال والنساء والأطفال العزل ، وتم الحصار بالمدرعات وقاذفات اللهب وبصورة تنعدم فيها أبسط مقومات التناسب بين القوتين ، وبدأت المواجهة في بلد حرية الرأي والعقيدة بالقصف بالدبابات والراجمات ، وتلك الفئة الضعيفة المعزولة التي لا تملك سوى ما تؤمن به ، وصمدوا وصمد معهم قائدهم ديفيد قورش حتى قتلوا عن آخرهم.
بعد تلك المجزرة بعامين أو ثلاث (لا أذكر تحديدا ) حدث التفجير المشهور بتفجير أوكلاهوما والذي تم فيه تفجير مقر حكومي في ولاية أوكلاهوما ومات فيه العشرات ، وأتهم المسلمون أول من أتهم ، وبعد فترة ألقت السلطات الأمريكية القبض على الفاعل وكان مواطنا أمريكيا من العرق الأبيض فهدأت الضجة الإعلامية الشرسة ، وما لم يتابعه كثيرون أن ذلك المواطن والذي كان إسمه تيموثي ماكفاي كان أحد أتباع ديفيد قورش ولم يقتل في المذبحة لأنه كان خارج المكان ، واتضح أنه قام بتفجير أوكلاهوما أنتقاما لتلك المذبحة.
صنفت كنيسة الداووديين ضمن ما يعرف في الولايات المتحدة بجماعات الكره hate groups ، وهي جماعات دينية يجمع بينها كره اليهود والإيمان بأن مقدرات الولايات المتحدة قد سرقت من قبل اليهود ، ويكرهون كذلك الأمم المتحدة ويعتقدون انها من إختراع اليهود للسيطرة على أمريكا والعالم.
تجيئ إشارة مرشد الثورة الإيرانية علي خامنيئ للداووديين محاولة ذكية لتذكير بقايا أتباع ديفيد كورش وأشباههم بأن هناك من لم يزل يذكرهم ويحس بوجودهم ، ولقلب الطاولة على الأمريكيين ، ولكن الفضائيات العربية تجاهلت هذه الإشارة تماما ، حتى كتابة هذا المقال .
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
كمال حامد
ALazhary2
بدر الدين اسحاق احمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست