الوصـول الي أمدرمــان حتي متي !!!؟؟؟ (لا تسافروا) !!!

كان الوقت خريفاً لذا لم يكن من المناسب السفر الي أمدرمان
ولكنني لم يكن بوسعي الإنتظار لشعوري بالحمي وبقايا الملاريا ،،
فتحاملت علي نفسي وحملتو أغراضي وتوجهت نحو قسم الشرطه !!!


هكذا تعود اهل تلك القريه حين يهم أحدهم للسفر!!
لم أنتظر طويلا حتي صعدت فوق الشاحنه وكم كنت سعيدا حين وجدت موطأً لقدمي ، فجلست غير متململ.


توجهت السياره وهي لا تكاد تتحرك مماتحمله من بضائع وبشر !!
لم يكن لي خيار أخر ،


سيرنا ونحن نتجه صوب (أم سياله) كما أخبرني مساعد اللوري ،،كانت الساعه تشير نحو التاسعه صباحا ،،
يتهادي اللوري يميناً وشمالاً وأنا انظر مشدوها بتلك الطبيعه الرائعه البكر وكأن الله أخذني برهةً ليريني جنته ،،


وقفنا في علي أطراف مدينه أم سياله لنأكل شيئا ولعله يكون فطورا ،،


شأت الاقدار أن أغير مكاني في تلك الرحله السائق أخبرنا بعطب عربته ولن يستطيع أن يواصل نحو أمدرمان
ولما علمو أني قدمت الي تلك الفيافي معلماً في مدارسها جعلوا لي مقعدا في مقدمة لوري آخر،،
سرنا وكانت الشمس غائمه تماماً رغم أن الساعه كانت تشير الي الواحده ظهرا،


بداء اللوري يزيد من سرعته أملا منه في الوصول الي أمدرمان قبل المغيب ...





نواصل

بدأت اتحدث مع السائق والذين بجواره فأمتعوني بظرفهم وسرعة بديهتم،،

وقفنا قي قهوة صغيره جدا لم يكن بها شئ يؤكل ولكننا شربنا فيها الشاي وهو مخلوط بعشب بلدي يسمي (المحريب)
له نكهه مميزه تطغي علي الشاي ،،،شربنا وتوانسنا لساعه من الزمن مع بعض سائقي اللواري الذين جمعتنا معهم تلك القهيوه،
كان جل حديثهم عن ذلك الوادي الكبير الممتلئ بالأمطار وطريقة تجاوزه،


سرنا ومعنا لوري أخر (هينو) متتابعين حتي نضمن العبور معاً..


كانت لحظات حتي وصلنا ، الوادي عباره عن خور كبير ممتد ومنتشر في مساحات كبيره ولكنه ليس بعميق،
توكلنا علي الله ودخلنا الي الوادي.............
ولم يتقدم اللوري سوي بضع أمتار حتي غاصت عجلاته عن أخرها في الطين والوحل،،

أمضينا ساعات ونحن نحاول إخراج اللوري من هذا الوحل ،،حفرنا في الطين وجلبنا التراب من بعيد وقطعنا الحشايش
ورميناها تحت العجلات ولم نترك شيئاً إلا فعلناه ،،

ولكن بلا جدوي ،،
حزنت أيما حزن لهذا العارض الذي حدث لأني كنت قد أعلمت أسرتي بسفري هذا وحضوري في نفس اليوم بإذن الله،،
ولاني مازلت أشعر بسخونة في جسمي لاتكاد تخفي علي أحد ،،

تناولت حبوب البندول التي كنت أحملها وأستغفرت الله وحمدته علي كل حال,,



كانت ساعتها صلاة المغرب ،،،فصلينا المغرب وجلسنا نتفاكر في هذه المشكله،،،
جاء اللوري الأخر محاولا أن يعبر ...حاول وحاول ولكنه فشل مثلما فشلنا نحن تماما...




نواصل

جلسنا في يابسه وسط الوادي ننظر الي اللوري والهينو وهما يُقبلان الوادي بعمق كأنما يعشقانه،،
كنا ننظر الي أضواء البقعه كشئ من المستحيل الذي لايمكن الوصول إليه!!!

جاء لوري قادم من الأتجاه الاخر ..وأخر جاء من حيث جئنا.... ولم يكونا أحسن حظا منا،
لم تمضي ساعة من الزمن حتي أحتضن الوادي مايقارب ثلاثين من اللواري بمختلف أنواعها،،

نظرت الي وادينا من كل الإتجاهات فإذا به ممتلئ عن أخره ،،
منظر لم أري مثله قط ...حيث كل مجموعه تجلس حيث أنتهي بهم الوحل ،،
فتقسمنا في مجموعات كثيره ،

لم تكن المسافه بين جبرة الشيخ وأمدرمان بهذا البعد
ولكن هي ذات المشكله التي يعاني منها كل من يخرج من الخرطوم
قاصدا غرب السودان لاتوجد طرق ولاتوجد كهرباء ولا ..ولا.... ربما هو من أسباب الحرب هناك،،
الحمدلله وصلنا الي أمدرمان بعد يومين !!!! ،،




تلك كانت رحله صغيره جدا بين جبرة الشيخ التي تبعد بضع الكيلو مترات فقط عن العاصمه،،
فما بال الذين يسافرون الي مناطق مثل الفاشر ونيالا وزالنجي والجنينه؟؟؟
تذكرت قول سيدنا عمر رضي الله عنه : ( لوعثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها لما لاتسوي لها الطريق ياعمر).




كردفان ياسيدي تحتاج عاجلاً وليس أجلاً الي خدمات أقلها طريق يسهل لهم التواصل فيما بينهم،،،

شكرا لكم.